من أنا

صورتي
صنعاء اليمن, شارع تعز 777175968, Yemen
المحامي أمين حفظ الله الربيعي محامي ومستشار قانوني وناشط حقوقي

البحوث القانونية

الاثنين، 20 ديسمبر 2021

 

رسائل WhatsApp هل تعتبر من أدلة الإثبات؟

 

إعداد/ نوح محمد

المقدمة:

اشتهر تطبيق – WhatsApp في العقد الأخير وأصبح معظم الناس مشتركين بهذا التطبيق، وقد شاع واشتهر الاستعمال اليومي له بين عامة الناس، ومن الناس من يحسن الاستعمال ومنهم من يسيء ذلك، وهذا ما أثار عدة تساؤلات حول ما إذا كان يؤخذ بمحادثات (الواتس آب) كدليل أمام المحكمة وهل تعتبر دليل إلكتروني، ومدى حجيتها في الإثبات. وما هي شروط قبولها لتكون صالحة للإثبات، وكيفية إثباتها. وهذا ما سنحاول توضيحه في هذا البحث.

 

أولا/ التعاريف:

الدليل في القانون:

يعرف الدليل في الاصطلاح القانوني بأنه الحجة والبرهان وما يستدل به على صحة الواقعة. ويعرف بعض فقهاء القانون الدليل بأنه: الوسيلة التي يستعين بها القاضي للوصول للحقيقة التي ينشدها. والمقصود في الحقيقة في هذا السياق هو كل ما يتعلق بالوقائع المعروضة على القاضي لإعمال حكم القانون عليه.

دليل الإثبات:

وأدلة الإثبات تعرف بأنها: تلك الأسس والأساليب التي تساعد في تحويل الادعاءات أو الاعتقادات المزعومة إلى افتراضات مثبتة.

ومن الأخطاء الشائعة في الأدلة المادية التي تجعل الدليل غير مقبول للمحكمة أنه تم الحصول عليه دون ترخيص أو تفويض، إذ يتطلب البحث وضبط الدليل إذن من السلطة المختصة ويستثنى من ذلك المشاهدة الواضحة، الموافقة أو الرضي، أو عند الضرورة أو في الظروف الطارئة.

 

الأدلة الجنائية الرقمية أو الإلكترونية:

يقصد بالأدلة الجنائية الرقمية: البيانات الرقمية المخزنة في أجهزة الحاسب الآلي وملحقاتها أو المنقولة عبر شبكات الاتصال التي يمكن أن تكتشف وقوع جريمة أو تثبت وجود علاقة بين الجاني والجريمة أو الجريمة والمتضرر. والبيانات الرقمية هي مجموعة الأرقام التي تمثل مختلف المعلومات بما فيها النصوص المكتوبة، الرسومات، الخرائط، الصوت أو الصورة.

ويعرف الدليل الإلكتروني: بأنه أي معلومات ذات قيمة في الكشف عن الحقيقة سواء أكانت مرسلة أو مخزنة في شكل رقمي، وقد يعتمد عليها في المحكمة.

 ووفقا لهذا التعريف فإن رسائل (الواتس آب) تعتبر من قبيل الأدلة الإلكترونية.

 

ثانياً/ حجية رسالة الواتس آب في الإثبات:

من المعروف أن للقاضي سلطة واسعة في تقدير الأدلة واستنباط القرائن وما تحمله الوقائع من دلالات، شريطة أن يكون الدليل ثابت بيقين ومرتبطا بالواقعة الرئيسية، فمن الطبيعي أن يقاس هذا الرأي على الأدلة الإلكترونية أو الرقمية في حالة تمكن القاضي من الاستناد عليها في قراره، فيكون لها الحجية في الإثبات. وباعتبارها أحد أقسام الأدلة المادية العملية.

ويمكن تمسك المرسل إليه الرسائل التي تم إرسالها له من الخصم واعتبارها دليل إثبات، من أجل دعم موقفه في المحكمة، أو في الخصومة، التي تكون بينه وبين الشخص المرسل، إذا تضمنت هذه الرسالة البيانات التي تدعم الموقف، وتؤكده في المحكمة أمام القاضي، إلى جانب يمكن اعتبارها دليل إذا كانت هذه الرسائل تتضمن إقرار ببراءة ذمة، ويمكن الحق في استعمال هذه الرسائل كدليل إثبات إلى الأشخاص الورثة للمرسل إليه بعد ذلك.

فحجية هذه الأدلة لا تثير أي صعوبات لمدى حرية تقديم هذه الأدلة لإثبات الجرائم، ولا لمدى حرية القاضي الجنائي في تقرير هذه الأدلة.

هل تعتبر محادثات الواتس آب دليل في المحكمة؟ أو هل تقبل المحكمة رسائل

الواتس؟

للشخص أن يقدم ما يريد أمام المحكمة من أدلة لإثبات ادعاءاته، وللمحكمة أن تأخذ ما تراه مناسباً وأن ترفض ما دون ذلك استناداً إلى سلطتها التقديرية في تقدير الأدلة، وعليه فأن رسائل (الواتس آب) تعتبر أدلة إلكترونية في حالة تقديمها للمحكمة لإثبات واقعة. وتأخذ كغيرها من القرائن شرط أن يقررها القاضي.

وقد يتم أخذها كدليل أمام المحكمة في حالة عدم وجود أي دليل مادي غيرها، كما أنها تعتبر قرينة في حالة قيام الشخص بتوجيه الاتهام إلى فرد آخر، ويتم ذلك عن طريق حلف اليمين.

ولكن هناك شروط يجب توافرها حتى يكون لهذه الرسائل حجية في الإثبات.

 

ثالثا/ شروط قبول الدليل الرقمي / الإلكتروني ورسائل الواتس اب؟

ولما صارت الأجهزة الإلكترونية من أحد الأدوات الخاصة بارتكاب الجرائم، فيمكن أن تكون أيضاً أدلة لاستخدامها في إثبات وتوثيق حدوث جريمة تقليدية، أما بالنسبة إلى الدليل الرقمي فإنه يهتم بإثبات إذا وقعت جريمة، أو إذا وقعت حالة معينة، سواء كانت هذه الجريمة معلوماتية أو غير معلوماتية، مثل إثبات حدوث واقعة تحرش أو حدوث جريمة سرقة، أو غيرها من الجرائم الأخرى.

ويكون للدليل الرقمي برهان ومصدر في الإثبات، ولكن في حال خلوه من أي عوارض ويكون ذلك متفاوت طبقاً إلى الواقعة وإلى الأحداث، وإلى ما يكون حولها من قرائن، فيمكن أن يكون الدليل قوي ويمكن أن يعتبر دليل ضعيف. والمقصود بمعنى السلامة من العوارض أي اعتبارها دليل سليم من جميع التغييرات أو التعديلات، وأن يعتبر دليل موثوق.

لكي يصح الإثبات بواسطة رسائل (الواتس آب)، يجب أن يكون الدليل المتحصل عليه مشروعا،

ولا يعتبر الدليل مشروعاً إلا إذا تم الحصول عليه بالشروط التالية:

١ –مبدأ المشروعية:

إن من أهم أهداف للدستور هو صيانة كرامة الإنسان وحماية حقوقه الشخصية، حيث تضمن الدستور اليمني نصوصا تنظم القواعد الأساسية في الاستجواب والتوقيف والتفتيش وغيرها، بحيث يتقيد بها عند وضع قانون الإجراءات الجزائية وعدم الخروج عنها، تعتبر جميع المراسلات البريدية والبرقية والمخاطبات الهاتفية وغيرها من وسائل الاتصال سرية لا تخضع

للمراقبة أو الاطلاع أو التوقيف أو المصادرة إلا بأمر قضائي وفق أحكام القانون.

لذلك فإن إجراءات الحصول على الأدلة يجب أن تكون ضمن الإطار العام الذي حدده القانون، وإلا كانت مخالفة لأحكامه بشكل يجعلها باطلة، وتكون من حق كل ذي مصلحة أن يثيره، كما يكون للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها.

٢ –مبدأ اليقين:

يشترط أن تكون هذه الأدلة غير قابلة للشك حتى يمكن الحكم بالإدانة، حيث لا مجال لدحض قرينة البراءة وافتراض عكسها إلا عندما يصل القاضي إلى حد الجزم واليقين.

 

رابعاً/ خصائص الدليل الإلكتروني:

أ- إمكانية النسخ الإلكتروني للدليل والتعامل مع النسخة كأنها أصل، والتأكد من أن النسخة التي استخدمت في التحقيق الإلكتروني عند الفحص لم تتغير أو تعدل بعد مقارنتها بالأصل.

ب- الدليل الإلكتروني من الصعب تحطيمه مقارنة بالأدلة المادية، حيث إنه عند مسح ملف أو إعادة تهيئة قرص توجد تقنيات تقوم باستعادة البيانات المحذوفة.

ج- الدليل الإلكتروني ناتج من جرائم مستحدثة تتميز عن التقليدية بحداثتها في الأدوات المستخدمة فيها وأساليب التنفيذ.

خامساُ/ المشاكل التي تؤثر على الحصول على الأدلة الإلكترونية:

هناك إشكاليات في الحصول على الدليل الإلكتروني، كون إثبات الجريمة الإلكترونية يعتبر من المسائل الشائكة نظرا لاعتبار أن هذا النوع من الأدلة يعتبر معنوي. ومن المشاكل التي تؤثر على الحصول على الأدلة الإلكترونية:

١-غياب الدليل المرئي، يكون دليل الإثبات في الجريمة التقليدية مرئيا كالسلاح المستعمل فيها، فيمكن هنا رؤية الدليل المادي وملامسته، هذا بخلاف الأمور المعنوية.

٢-سهولة إخفاء الدليل.

٣-إعاقة الوصول إلى الدليل.

٤-صعوبة فهم الدليل المتحصل من الوسائل الإلكترونية.

 

هل يختلف استخدام دليل مستخرج من برنامج الواتس اب عن غيره من برامج

التواصل؟

كما أسلفنا فإن الدليل الإلكتروني يعرف بأنه: أي معلومات ذات قيمة في الكشف عن الحقيقة سواء أكانت مرسلة أو مخزنة في شكل رقمي، وقد يعتمد عليها في المحكمة. ووفقا لهذا التعريف فإن أي رسائل إلكترونية سواءً كانت عبر برنامج الواتس آب أو عبر أي برنامج آخر مشابه له مثل الإيميل أو رسائل المسنجر أو رسائل الإيمو أو غيرها من وسائل التواصل أو التراسل الإلكتروني، يكون لها نفس الحكم أمام القضاء. حيث تعتبر كقرائن قضائية يعود تقديرها للسلطة التقديرية للقاضي.

 

ختاماً:

فإن رسائل (الواتس آب) وغيرها من الرسائل الإلكترونية لا تفقد كل قيمة لها في الاثبات فيجوز أخذها كقرينة قانونية يمكن تقويتها بقرينة أو قرائن أخرى.

وكذلك الوضع بالنسبة للمحادثات الصوتية لتطبيق (واتس آب) فهي تعتبر قرينة يعتد بها أمام القاضي سواء الجنائي او المدني ولكن بطبيعة الحال طالما تلك المحادثات محصورة في نطاق القرائن فإنها تخضع لسلطة القاضي التقديرية وبالتالي فإن تقدير حجية المحادثات والرسائل الصوتية لتطبيق واتساب في الإثبات سوف تختلف من قاض الى آخر وعلى حسب وقائع كل قضية على حدة.

بالإضافة إلى أن اعتبار الدليل الرقمي دليل في المحكمة أصبح موجود في العديد من الدول، كما أنه أصبح من الأدلة القطعية في الكثير من القضايا، ولكن ذلك في حالة خلو الدليل الرقمي من جميع العوارض، بل إنه في الكثير من الأوقات يعتبر أكثر موثوقة من كثير من الوسائل التقليدية للإثبات، سواء كانت اعتراف أو حتى شهادة الشهود. أن الأدلة الرقمية من المراسلات والمحادثات الصوتية والمرئية أصبحت جزءًا من منظومة أدلة الإثبات التي تباشر المحكمة المختصة فحصها واستنتاج الحكم النهائي منها بالإدانة والثبوت من عدمه.

 

قائمة بأهم المراجع:

بحث بعنوان: الإثبات بواسطة رسائل الواتس اب.

الإثبات الإلكتروني في المواد الجنائية والمدنية. د. خالد ممدوح إبراهيم.

هل تعتبر محادثات الواتس آب دليل في المحكمة. الباحثة/ نجوى.

 

 

ليست هناك تعليقات: