من أنا

صورتي
صنعاء اليمن, شارع تعز 777175968, Yemen
المحامي أمين حفظ الله الربيعي محامي ومستشار قانوني وناشط حقوقي

البحوث القانونية

الأربعاء، 23 نوفمبر 2016

بحث حول الخلع في القانون اليمني



الخلع

المقدمة
لا شك أن من أعظم المقاصد الشرعية للنكاح حصول الذرية الصالحة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم) رواه أبو داود والنسائي.
وطلب الولد حق محفوظ للزوج والزوجة على حد سواء, ولذلك يحرم على الزوج أن يعزل مائه في الوطء عن المرأة الحرة إلا بإذنها.
ويعد العقم في الزوج أو الزوجة عيبا ظاهرا, ونقصا يفوت شيئا من مقصود النكاح ومصلحته, لأن العيوب التي يفسخ بها النكاح ليست معدودة على التحقيق, بل كل ما سبب نفور أحد الزوجين, أو كان مانعا من الاستمتاع, أو مفوتا لمقصد من مقاصد النكاح فهو عيب يثبت به الخيار, فقد روى عبد الرزاق في مصنفه:  أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعث رجلا على بعض السعاية فتزوج امرأة وكان عقيما فقال له عمر: أعلمتها أنك عقيم قال: لا قال: فانطلق فاعلمها ثم خيرِّها .
إن الإسلام عندما أباح الطلاق والخلع, ليس للاستهانة بقدسية الزواج, فالزواج في الإسلام هو ابديه في الأصل, بدليل انه لا يمكن تحديد مدة الزواج, وان اتفق الزوجان على توقيت لحياتهم الزوجية, فلا يعد زواج صحيح, بل هو زواج باطل, وإنما إباحة لرفع الضرر عن أي طرف من اطراف العلاقة الزوجية.
فكما أعطت الشريعة الإسلامية الحق للرجل في إنهاء الحياة الزوجية بالطلاق، أعطت في المقابل هذا الحق للمرأة بإنهاء الزواج بالخلع, وجعل من النظم والشروط التي توجب ذلك, وهذا ما سنحاول توضيحه في هذا البحث.
معنى الخلع في اللغة:
الخُلع بالضم, من الخَلع بالفتح, وهو النزع لغة, وهو مأخوذ من خلع الثوب اذا أزاله ، قال تعالى : "هن لباس لكم وانتم لباس لهن .
معنى الخلع في الفقه:
الخلع بضم الخاء تعنى إزالة ملك النكاح, وهى في اصطلاح الفقهاء افتراق بالتراضي, مقابل عوض تدفعه الزوجة عوضا لزوجها عن خسارته بسبب الطلاق .
معنى الخلع في القانون:
هو دعوى ترفعها الزوجة ضد زوجها اذا بغضت الحياه معه, ولم يكن هناك امل في استمرا الحياه بينهما, وخشيت الزوجة ألا تقيم حدود الله, فى هذه الحالة تفتدى نفسها بإرجاع المهر للزوج, والتنازل عن كافه حقوقها الشرعية.
الخلع في القانون اليمني
المــادة(72) الخلع هو فرقة بين الزوجين في مقابل عوض من الزوجة او من غيرها مالا, او منفعة ولو كان بأكثر مما يلزم بالعقد, او كان مجهولا .
المــادة(73) يتم الخلع بالرضا بين الزوجين, أو ما يدل عليه عقدا كان, أو شرطا, ويشترط في الخلع ما يشترط في الطلاق, وان تكون الزوجة حائزة التصرف بالنسبة للعوض.
المــادة(74) يعتبر الخلع طلاقا بائنا بينونة صغرى, مالم يكن مكملا لثلاث فبائنا بينونة كبرى, ويجب في الخلع الوفاء بالبدل .
حكم الخلع
للخلع ثلاثة أحكام:
الحالة الأولى : قد يكون جائزا باتفاق الفقهاء, وذلك في حالة اذا كرهت المرأة زوجها لخلقة, أو لخُلقة, أو دينة, أو نحو ذلك, وخشيت أن لا تؤدي حق الله في طاعته, جاز لها في هذه الحالة أن تخالعه بعوض تفدي به نفسها منه, والدليل قولة تعالى ( فإن خفتم أن لا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به )
الحالة الثانية : قد يكون محرما باتفاق الفقهاء, وذلك إذا عضل الرجل زوجته, وضارها بالضرب والتضييق عليها, أو منعها من حقوقها كالنفقة والقسم ونحو ذلك لتفتدي نفسها منه ففعلت, فهذا معصية ويعتبر من كبائر الذنوب, وقد اختلف الفقهاء في الخلع مع وقوع معصية.
الراي الأول:
 يرى الحنابلة أن الخلع باطل, والعوض مردود, وحجتهم قولة تعالى ( ولا يحل لكم أن تأخذوا مما أتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله ) صدق الله العظيم
الراي الثاني:
يرى الحنفية أن الخلع صحيح, ويحرم أخذ العوض ديانة, ويجوز أخذة في الحكم والقضاء.
الراي الثالث:
 راي المالكية أن الخلع يلزمه, وتبين منه المرأة, ويرد ما اخذ منها من العوض لأنه لا يحل له أخذة, وحجتهم نفس الأدلة في الراي الأول وهو الراجح لان الله تعالى نهى عن اخذ شيء مما أوتين اذا لم توجد معصية من قبلهن.
الراي الثالث:
يرى جمهور الفقهاء أنه عندما تكون الحال بين الزوجين مستقيمة, ولا يكره أحداهما الأخر, فان الخلع صحيح, مع الكراهية, ودليلهم قولة تعالى ( فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوة هنيئا مريئا) وقال بعض الفقهاء انه حرام واحتجو بقولة تعالى(تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون)
والراجح عند الجمهور انه يجوز ذلك مع الكراهة والأدلة الشرعية على ذلك:
قال تعالى( الطلاق مرتان فإمساك بمعروف او تسريح بإحسان ولا يحل لكم أن تأخذوا مما أتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله قلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون " (229 من سورة البقرة)
فالآية الكريمة أحلت للزوجة أن تفتدى نفسها من الزوج ببدل, اذا خاف الزوجان إلا يقيما حدود الله.
وفي السنة النبوية عن ابن عباس رضي الله عنهما, أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين ، ولكني أكره الكفر في الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتردين عليه حديقته ؟ قالت : نعم . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقبل الحديقة, وطلِّقها تطليقة. وفي رواية له أنه عليه الصلاة والسلام قال: فَتَرُدِّينَ عَليْهِ حَديقَتَهُ ؟ فقالَتْ : نَعَمْ . فَرُدَّتْ عَليْهِ ، وأمَرَهُ ففارَقَها . رواه البخاري
الأسباب الموجبة للخلع:
1- الضرر الذي يعود على الزوجة من جراء استمرار الزوجية بينها وبين زوجها, الذي يمكن أن يكون فيه عيب كالعقم - العجز الجنسي - سوء الخلق- أو آيا من العيوب التي لا تستطيع الزوجة معها الاستمرار في الحياة مع هذا الزوج.
2- الحالة التي قد يصل إليها الزوجين من استحالة العشرة بينهما, وخافا ألا يقوما بما يجب عليهما من حقوق الزوجية ، فاذا اتفقا على الطلاق أو الخلع يتم الفراق، أما اذا تعنت الزوج واصبح يساوم الزوجة محاولا ابتزازها, فلها أن تلجأ إلى الخلع كوسيلة لإنهاء العلاقة الزوجية, مقابل البدل.
3- تعدد الزوجات الذي يمكن أن يكون ضررا محققا على الزوجة الأولى, فإذا وجدت الزوجة الأولى نفسها متضررة من زواج زوجها مرة أخرى ، يمكن أن تفتدي نفسها وتحصل على حريتها, بان تخلع نفسها من زوجها .
4- حالة النشوز التي يمكن أن تجد المرأة نفسها فيه بحكم قضائي (حكم الطاعة) والذي تصبح فيه المرأة معلقة لا هي متزوجة ولا مطلقة, الأمر الذي يلحق بها ضررا كبيرا .
5- خوف الزوجة من التقصير, وعدم قيامها بواجبات الزوج بسبب نفورها منه, وكرهها له بالرغم من عدم تقصيره في حقها, أو إيذائه لها .
6- سوء معاملة الزوج لزوجته بمضايقتها وإيذائها, بالرغم من قيامها بواجباتها وعدم تقصيرها. .
أركان الخلع
وهي ثلاثة, الصيغة, والعاقدان, والعوض.
الركن الأول الصيغة:
فلو بذلت المرأة المال لا جل فرقتها, وقبله الزوج من غير لفظ فلا يقع الخلع, كالنكاح لا يصح بالمعاطاة, إذ لا يقوم قبض المال مقام الإيجاب, وهو الراجح رغم اختلاف العلماء في ذلك, وجب أن تكون اللفاظ الخلع واضحة, وصريحة فتكون صيغته من جانب الزوج:
 خالعتك مقابل تنازلك عن, فتقول الزوجة: قبلت.
أو أن تقول الزوجة لزوجها:
خالعني على, ويقول الزوج: قبلت.
أما اذا كان الخلع بلا بدل, وقال الزوج خالعتك فقط, فانة في هذه الحالة يكون كناية عن كلمة الطلاق الذى يقع من الزوج, ولو لم توافق علية الزوجة.
الركن الثاني العاقدان:
-         إن أهلية الرجل المتطلبة في الخلع, هي أهلية من يملك حق الطلاق, فمن كان من الرجال يملك حق إيقاع الطلاق, فهو يملك حق المخالعة, أما بالنسبة للمرأة التي تطلب الخلع فيجب أن تكون أهلا لهذا التصرف, بالغة, عاقلة, رشيدة.
-          كما أنه يجوز الخلع بواسطة وكيل, فان وكلت المرأة وكيل عنها في مخالعتها, كانت كافة التصرفات المالية ملزمة لها, وان لم تؤدى ما اتفق علية الوكيل, فلزوجها الحق أن يطالبها بما لم توفية, ولا يجوز له أن يرجع على وكيلها إلا اذا كان الوكيل نفسة ضامنا لهذا الأداء, فان لم توفى الزوجة المختلعة ما اتفق علية وكيلها, جاز لزوجها الذى يخالعها مطالبة الوكيل به, واذا وفى الوكيل يكون للوكيل الحق في أن يرجع عليها بما أوفاه.
-         ويصح التوكيل في الخلع من كل واحد من الزوجين, ومن احدهما منفردا, وكل من صح له أن يتصرف بالخلع لنفسة, جاز توكيله ووكالته.
-          ويجوز التوكيل مع تقدير العوض, ومن غير تقدير, لأنه عقد معاوضة, فيصح كالبيع والنكاح, والمستحب التقدير لأنه اسلم من الغرر والنزاع.
-         ويصح الخلع من غير الحاكم لقولة تعالى ( ولا جناح عليهما فيما افتدت به ) ولأنه قطع عقد بالتراضي جعل لدفع الضرر,  فلم يفتقر إلى حاكم كالإقالة والبيع.
الركن الثالث العوض, ويشترط فيه:
أولا: لا يصح الخلع بغير عوض.
ثانيا: يصح الخلع بالقدر الذي يتفق علية الزوجان, ولو كان اكثر مما أعطاها من المهر, وهو مذهب جمهور الفقهاء, والدليل قولة تعالى : فلا جناح عليهما فيما افتدت به.
ثالثا: يصح الخلع بالمجهول, وهو قول اكثر الفقهاء كما لو قالت له :
اخلعني على ما في يدي من المال, أو على ما في بطن غنمي, أو على ما في نحلي, وهو مذهب الحنفية والمالكية وقول في الحنابلة.
رابعا: يصح الخلع على محرم يعلمان تحريمه, كالخمر, والخنزير, والميتة, ولكن لا يستحق شيئا فيبطل العوض وينفذ الخلع, فهو كالخلع بغير عوض, لان المحرم ليس بمال, وهو راي الحنفية والحنابلة والمالكية.
خامسا: العوض في الخلع كالعوض في الصداق والبيع, فاذا كان مكيلا, أو موزونا لم يدخل في ضمان الزوج, ولم يملك التصرف فيه إلا بقبضة.
سادسا: يجوز رد عوض الخلع بالعيب, لان اطلاق العقد يقتضي السلامة من العيب, فيثبت فيه الرد, كالمبيع والصداق.
أثار الخلع
1- انه لا يتوقف على قضاء القاضي, فهو ككل طلاق يقع من الزوج .
2- انه يقع به طلاق بائن, فلا يجوز للرجل أن يرجع مطلقته المختلعة منه, ويكون للطرفين أن يتزوجا مرة أخرى بعقد ومهر جديدين, اذا اتفقا سويا.
3- لا تأثير للخلع على حضانة الصغار, ولا على نفقتهم, فالأم لها حضانة صغارها حتى السن القانونية, ونفقتهم واجبة على أبيهم, كما أن للأم اجر حضانة من الأب, لان اجر الحضانة لا يسقط بالخلع.
4- بالنسبة للميراث فأنه يشترط للتوارث بين الزوجين أن يكون الزواج قائما ، لذا فان المرأة المطلقة خلعا لا ترث ولو مات الرجل في عدتها ، أما اذا مات احد الطرفين أثناء نظر دعوى الخلع, وقبل الحكم فيجري التوارث بينهما طبقا للنصيب الشرعي لكل منهما .
7- تعتد المرأة من الخلع عدة الطلاق ممن تعتد في الطلاق ، كالمدخول بها وهي في سن الحيض ، إلا أن عدتها بائنة بثلاثة قروء(حيضان) من تاريخ الحكم بالتطليق بالخلع, فلا يجوز لها أن تتزوج خلال هذه المدة حتى تتأكد من خلو الرحم ، فاذا ما كانت حاملا فإن عدتها تتراخى حتى وضع الحمل .
8- المقصود بالخلع قطع الخصومة والمنازعة بين الزوجين ،وهذا لا يتحقق إلا بإسقاط كل حق يتعلق بالزواج ، فليس للزوجة أن تطالب بمهرها الذي لم تقبضه ، ولا بالنفقة المتجمدة لها ، وليس للزوج أن يطالبها بالمهر الذي قبضته إلا إذا كان الخلع واقعا عليه .
9- لا يبطل الخلع اذا تضمن شروط فاسدة ، كأن تشترط أن تكون لها حضانة الطفل ولو تزوجت بغير ذي رحم منه ، أو أن تسقط حضانتها له ، فالشرط يبطل وحده ويصح الخلع .
مسائل يمليها الواقع العملي, في دعوى الخلع
الحالة الأولى:
يكثر أحيانا أن يكون مقدم الصداق المسمى في عقد الزواج اقل مما دفعة الزوج, أو اكثر مما دفعة, والموثق يدون ما يملى علية من الطرفان, وبالتالي اصبح ما تم إثباته بمعرفة الموثق هو الرسمي الثابت بالكتابة, فتعرض الزوجة مبلغ ما هو مسمى بعقد الزواج, فيدعى الزوج بصورية هذا المبلغ, وانه قد دفع بأكثر منة, وتدعى الزوجة أن ما تعرضه هو ما تم دفعة بالفعل كصداق لها, وما هو مثبت كان صوريا.
هنا يكون من حق كلا من الطرفان, أن يثبت ما يخالف ما هو ثابت في وثيقة, ولا مجال للدفع بعدم جواز الإثبات بعكس الثابت بعقد الزواج, وغالبا ما تحيل المحكمة الدعوى للتحقيق, بغرض الوصل إلى حقيقة مقدم الصداق المتنازع علية .
الحالة الثانية:
 عدم تسمية عاجل صداق فى عقد الزواج, وغالبا ما يثبت الزوجين عبارة (على الصداق المسمى بيننا)
 فتعرض الزوجة مبلغ معين, ويدعى الزوج مبلغ اكثر منة , فاذا اختلف الزوجان في مقدار المهر فالبينة على الزوجة, فإن عجزت كان القول للزوج بيمينة, إلا اذا ادعى مالا يصح أن يكون مهرا لمثلها, فإذا ما حددت المحكمة المهر, وجب عليها أن تحدده للزوجة, حتى يتسنى  لها أن ترده, ليقضى لها بطلب الخلع إن شاءت.
الخاتمة
لقد جعل الله أمر الطلاق بيد الرجال, يلجأ إليه كعلاج أخير , يتخلص به من زواج رأى انه لم يؤد الغرض المقصود منه.
 كما أعطى الشرع هذا الحق للمرأة أيضا, وذلك بالخلع لتكون الحياة الزوجية قائمة على الحرية في بدئها, وعلى الحرية في استمرارها كذلك.
أن الهدف من الزواج هو إنشاء أسرة تقوم على المحبة, والمودة, والرحمة, وقيام الأسرة على أساس سليم يخلق مجتمعا سويا مترابطا, وعندما احل الشرع الطلاق والخلع إنما أحله لتحقيق التوازن بين الزوجين,  فلم يحرم أي منهما الحق في إنها الحياة الزوجية غير المتوافقة, فالطلاق والخلع كلاهما شرع لعلاج مشكلات يتعذر معها التوافق بين الزوجين, وكلاهما نظام عادل في اطار الهدف من الزواج, وهو احد جوانب العدل الإلهي للخلق..
المراجع
الوجيز في فقه الإمام الشافعي للغزالي
قانون الأحوال الشخصية اليمني
الفقه الإسلامي لوهبة الزحيلي
موقع الشيخ المنجد

ليست هناك تعليقات: