من أنا

صورتي
صنعاء اليمن, شارع تعز 777175968, Yemen
المحامي أمين حفظ الله الربيعي محامي ومستشار قانوني وناشط حقوقي

البحوث القانونية

الثلاثاء، 19 أكتوبر 2010

بحوث في الدفوع الجنائية الدفع بالإخلال بحق الدفاع- الدفع بعدم الاختصاص

بسم الله الرحمن الرحيم

بحث في الدفوع الجنائية
(الدفع بالإخلال بحق الدفاع- الدفع بعدم الاختصاص)


يطلق على:
- الدفع بمعناه العام: على جميع وسائل الدفاع التي يجوز للمتهم أن يستعين بها للتوصل إلى تبرئته من الاتهام المسند إليه سواء كان الدفع شكلياً متعلقاً بالإجراءات أو موضوعياً متعلقاً بموضوع الاتهام.
- وهو حق أصيل للدفاع.
- والقضاء يوفر له كافة الضمانات اللازمة لكفالته ومنها وجوب رد المحكمة على الدفع الجوهري والطلبات الجازمة.
- وفيما عدا ذلك من أوجه الدفاع فإنه لا يستأهل من المحكمة رداً.
- وإغفال الرد عليه إن لم تجبه المحكمة لا يعد إخلالاً بحق الدفاع.
- شروط الدفع:
1) أن يقرع سمع المحكمة.
2) أن يصر عليه مقدمة في طلباته الختامية.
3) أن يشتمل على بيان ما يرمي إليه به.
4) أن يكون ظاهرة التعلق بموضوع الدعوى ومنتجاً فيها.
5) أن يكون صريحاً في بيانه.
- فالدفع إذن هو الطلب الجازم وما هو إلا وجه من أوجه الدفاع الجوهرية التي تلتزم المحكمة الجنائية بإجابته والرد عليه.
- أهم الدفوع القانونية الهامة الشهيرة التي تعرض في العمل دائماًَ:
1- الدفع بالإخلال بحق الدفاع.
2- الدفع بعدم الاختصاص
3- الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها.
4- الدفع بتقادم الدعوى الجنائية.
5- الدفوع المتعلقة بالإجراءات.
6- الدفوع المتعلقة بالأعذار القانونية.
7- الدفوع المتعلقة بالإثبات.
8- الدفع ببطلان الحكم.
- التزام المحكمة بالرد على الدفاع الجوهري ومنها:
- الطلب الجازم:
فيشترط لكي تكون محكمة الموضوع ملزمة بالرد على أوجه الدفاع الموضوعية التي تثار على وجه الجزم في أثناء المدافعة وقبل أقفال بابها أن يكون الدفاع ظاهرة التعلق بموضوع الدعوى المنظورة أمامها أي أن يكون الفصل فيها لازماً للفصل في الموضوع ذاته ومنتجاً فيه والمحكمة غير ملزمه بإجابة طلب المتهم أو الرد عليه إلا إذا كان طلباً جازماً أما الطلبات التي تبدي من باب الاحتياط فللمحكمة إن شاءت أن تجيبها وإن رفضت أن تطرحها دون أن تكون ملزمه بالرد عليها كما أن المحكمة لا تلتزم بالرد على دفاع لم يبدأ أمامها ويجب أن يكون الطلب الجازم طلباً صريحاً.
-أن التساؤل لا يعد طلباً جازماً حيث أن تساؤل المدافع عن المتهم وعن معاينة النيابة لمكان الحادث لا يعد طلباً جازماً إذ هو لا يعد وأن يكون تعييباً لتحقيق النيابة بما يراه فيه من نقص دون أن يتمسك بطلب استكماله.
- كما أنه إذا صيغ الطلب بصيغه رجاء فإنه لا يكون طلباً جازماً.
- وكذلك فإن الطلب الذي يكون القصد منه أثاره الشبهة في أدلة الإثبات ولا يتجه مباشرة إلى نفي الفعل المكون للجريمة أو إثبات استحالة حصوله فإنه لا يكون طلباً جازماً.
- وإذا كان موضوع الطلب غير لازم للفصل في موضوع الدعوى المنظورة وغير منتج فيها فإنه لا يعد طلباً جازماً.
- وإذا كان الطلب مجهولاً فهو طلب غير جازم وقد قضت محكمة النقض على ذلك بأنه متى كان الثابت من الإطلاع على محضر الجلسة أن الدفاع عندما طلب ضم التحقيقات الإدارية التي نوة عنها لم يبين سبب هذا الطلب ومرماه منه فإنه يغدو طلباً مجهلاً لا تثريب على المحكمة أن هي سكتت عنه إيراداً له ورداً عليه مادامت قد أطمأنت إلى ما أوردته من أدلة الثبوت في الدعوى.
- وإذا كان الطلب على سبيل الإمكان وليس القطع ولم يكن مصمماً عليه فإنه يعد طلباً جازماً.
- وإذا لم يصر الدفاع في طلباته الختامية على طلبه فإنه لا يعد طلباً جازماً.
-إذا طلب الدفاع خبيراً لمناقشته- وامتدت المرافعة إلى اليوم التالي ولم يصمم على طلبه هذا في ختام مرافعته فإنه يعد طلباً غير جازم.
إن تعييب الدفاع لإجراء معين بما يراه فيه من نقص دون التمسك بطلب استكماله لا يعد طلباً جازماً.
أولاً: الدفع بالإخلال بحق الدفاع:
- ماهية الإخلال بحق الدفاع:
الإخلال بحق الدفاع هو حرمان المتهم من إبداء أقوالة بكامل الحرية أو إهمال الفصل في طلب صريح من طلباته الحقيقة أو في الدفوع الفرعية التي يبديها أو في دفاع جريمة خاص بعذر قانوني(الأعذار المبيحة أو المانعة من العقاب)
- ومن التطبيقات العملية القضائية ما يلي:
1) وإذا كانت المحكمة قد أدانت المتهم في جريمة زرع شجرات الحشيش وأثبتت في حكمها أن المتهم قد تمسك في أقواله التي اعتمدت عليها بصفة أصلية في القضاء بإدانته بأنه لم يكن يعلم أن الشجيرات هي لنبات الحشيش ومع ذلك لم تتعرض لهذا الدفاع المهم وتفنده وترد عليه من واقع الأدلة المقدمة في الدعوى فإن حكمها يكون قاصر بالإخلال بحق الدفاع.
2) وإذا كان المتهم قد تمسك في دفاعه ببطلان التفتيش لوقوعه قبل صدور الأذن به إذ الإذن قد صدر في ساعة معينة به بعد أن كان التفتيش قد تم وطلب تعيين خبير لتحقيق ذلك فإدانته المحكمة بأنه حكمها على ما تحصل من هذا التفتيش دون أن ترد على هذا الدفاع فهذا منها قصور يستوجب نقضه.
- ومتى كان الحكم قد استند في الإدانة على اعتراف المتهم في النيابة دون أن يتعرض لما قاله المتهم أمام المحكمة من أن الاعتراف كان وليد أكراه وأنه لم يعترف تلقائياً وهو دفاع جوهري كان يجب على المحكمة أن تحققه لتبين مدى صحته وأن تعني بأن تُضمن حكمها رداً عليه – فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور.
- ومتى كان إبداء الدفاع عن المتهم بجلسة المحاكمة يتضمن معني للإشارة إلى قيام حالة الدفاع الشرعي عن النفس – وإن كان لمصلحة قدرها فلم ير إبداء الدفاع بعبارته المألوفة – وكان أسباب الحكم فوق ذلك ترشح لقيام هذه الحالة ولكن الحكم لم يناقش هذا الدفاع على وجه سليم يثبت قيام حالة الدفاع الشرعي أو ينفيها- فإنه يكون قاصراً متعيناً نقصه.
* حكم محكمة النقض المصرية:(نقض 9/3/1980السنة 31 صـ484ـ)
- من المقرر أن التأخير في الإدلاء بالدفاع لا يدل حتماً على عدم جديته مادام منتجاً ومن شأنه أن تندفع به التهمة أو يتغير به وجه الرأي في الدعوى كما أن استعمال المتهم حقه المشروع في الدفاع عن نفسه في مجلس القضاء لا يصح البتة أن ينُعت بعدم الجدية ولا أن يوصف بأنه جاء متأخراً لأن المحاكمة هي وقته المناسب الذي كفل فيه القانون لكل متهم حقه في أن يدلي بما يحق له من طلبات التحقيق وأوجه الدفاع وإلزام المحكمة فيه وتحقيقه وتحليليه للحقيقة وهداية للصواب وإذا كان الحكم المطعون فيه على ما سلف بيانه قد خالف هذا النظر في الرد على الدفع المشار إليه اكتفاء ساقه من رد قاصر لا يسوغ به رفضه فإنه يكون معيباً فضلاً عن قصوره بالفساد في استدلاله بما يستوجب نقضه والإحالة بغير حاجة لمناقشة أوجه الطعن الأخرى.

* ما لا يعتبر إخلالاً بحق الدفاع:
- وإذا كانت المحكمة بعد أن نظرت الدعوى وسمعت الدفاع قد أجلتها إلى جلسة أخرى لسماع شهود وفي هذه الجلسة لم يترافع المحامي بل أحال على ما أبداه في الجلسة السابقة فلا يصح القول بان المتهم لم يستوف دفاعه إذ أن تلك الإحالة معناها أن المحامي لم يرد جديداً يضيفه إلى الدفاع السابق إبداؤه.
- وجود خصومة بين المتهم والعمدة الذي ضبطه متلبساً بجريمته فمثل هذا الطلب لا يقتضي من المحكمة عند رفضه رداً صريحاً مستقلاً مادام الدليل الذي قد يستمد منه ليس من شأنه أن يؤدي إلى براءة أو ينفي القوة التدليلية للأدلة الأخرى القائمة في الدعوى.
- وإذا كان الدفاع عن الطاعن لم يطلب سماع الطبيب الشرعي لتحقيق ما يدعيه فليس له أن يعيب على المحكمة سكوتها عن إجابته إلى طلب لم يبده أو الرد على دفاع ظاهر الفساد.
- حكم محكمة النقض المصرية:(نقض8/6/1980السنة31صـ718)
- من المقرر أنه يشترط في الدفاع الجوهري كيما تلتزم المحكمة بالالتفات إليه والرد عليه أن يكون مع جوهريته جدياً لا ينفك مقدمة عن التمسك به والإصرار عليه وأن يشهد له الوقائع ويسانده ما إذا لم يصر عليه وكان عارياً عن دليلة فلا تثريب على المحكمة إن هي التفتت عنه لما ارتأته من عدم جديته وعدم استناده إلى واقع بظاهرة ولا يعيب حكمها خلوة من الرد عليه وحسبه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لدية على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى الطاعن.
- (نقض 9/10/1980السنة31 صـ870) الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم الذي تري انطباقه عليها….
ثانياً: الدفع بعدم الاختصاص:
1- قواعد لاختصاص:
أ- فكرة الاختصاص:
أن القاضي الجنائي تتقيد ولايته بالوظيفة المنوطة به وفي حدود هذه الولاية تخصص وظيفة القاضي بقدر معين ويطلق عليه(الاختصاص) فالقانون يحدد ولاية القضاء العادي (الجنائي والمدني) ولكنه يخصص قدراً معيناً لمباشرة ولايته القضائية في نطاق معين ومن هنا يبرر التمييز بين ولاية القضاء والاختصاص فالأولى تضفي على القاضي الصلاحية المجردة لمباشرة جميع إجراءات الخصومات المدنية والجنائية والثانية تقصر هذه الصلاحية على أنواع معينة من هذه الإجراءات في حدود معينة.
ب- معيار الاختصاص:
ينقسم معيار الاختصاص القضائي الجنائي بنظر إجراءات الخصومة وفقاً لمعايير محددة هي:
1- نوع النشاط القضائي بالنسبة إلى مراحل الخصومة الجنائية(التحقيق- الإحالة- المحاكمة- وتنفيذ الأحكام) وهو يحدد الاختصاص الوظيفي.
2- نوع الجريمة (جناية – جنحه – مخالفة) وهو يحدد الاختصاص النوعي.
3- عناصر شخصية الجاني(كالسن) وهو يحدد الاختصاص الشخصي.
4- مكان وقوع الجريمة- وهو يحدد الاختصاص المحلي.
ج- طبيعة قواعد الاختصاص:
- تعتبر قواعد الاختصاص في المسائل الجنائية من النظام العام
- ويترتب على ذلك أن مخالفة قواعد الاختصاص الجنائي يترتب عليها بطلان متعلق بالنظام العام – ويجوز التمسك بها لأول مرة أمام محكمة النقض.
د- قواعد الاختصاص:
1)الاختصاص الوظيفي:
خصص القانون لكل مراحله من مراحل الخصومة الجنائية قاضٍ معين يختص بمباشرة أحدى هذه المراحل وذلك على النحو الآتي:
1- قاضي التحقيق: ويختص بالتحقيق الابتدائي.
2- قاضي الحكم : ويختص بالفصل في الدعاوى الجنائية المرفوعة أمامه وكذا الدعاوى المدنية التبعية.
- ويترتب على مخالفة هذا الاختصاص بطلاناً الإجراء بطلاناً متعلقاً بالنظام العام.
2) الاختصاص النوعي:
يتحدد الاختصاص النوعي للمحاكم وفاقاً لجسامه الجريمة التي وقعت بها الدعوى.
3) الاختصاص الشخصي:
يتحدد هذا الاختصاص بالنظر إلى الحالة الشخصية للمتهم ويتحقق ذلك بالنظر إلى سن المتهم أو وظيفته أو غير ذلك من عناصر الشخصية.
-ويتحدد اختصاص محكمة الأحداث تبعاً لسن المتهم وقت ارتكاب الجريمة لا وقت تحريك الدعوى الجنائية وهو من النظام العام.



4) الاختصاص المحلي:
عالج المشرع الاختصاص المحلي للقضاء بأن حدد لكل جهة من جهات القضاء مجالاً جغرافياً معيناً لا يجوز الخروج عنه وقد اعتمد على عناصر معينة وهي مكان وقوع الجريمة أو إقامة المتهم أو القبض عليه.
- وأن سلطة المحقق تتسع لمباشرة إجراءات التحقيق خارج دائرة اختصاصه المحلي وفق لظروف التحقيق ومقتضياته.
* اختصاص المحاكم الجنائية بالفصل في المسائل التي يتوقف عليها الفصل في الدعوى الجنائية:
- المبدأ العام الذي يحكم الفصل في الدعوى الجنائية هو أن المحكمة الجنائية تختص بالفصل في جميع المسائل التي يتوقف عليها الحكم في الدعوى الجنائية المرفوعة أمامها ويستوي بعد ذلك أن تكون هذه المسائلة ذات طبيعة جنائية أم مدنية أم كانت من مسائل الأحوال الشخصية كقاعدة.
- المسائل الجنائية العارضة:
يختص القاضي الجنائي بالفصل في المسائل الجنائية العارضة والتي يتوقف عليها الفصل في الدعوى الجنائية ولو لم تدخل في اختصاصه النوعي أو المكاني كذلك يختص بالفصل فيها حتى ولو كانت من اختصاص محاكم استثنائية غير أن ذلك مشروط بشرطين:
الأول: هو أن تكون المسائلة العارضة يتوقف عليها الحكم في الدعوى الجنائية الأصلية المنظورة أمامه.
الثاني: هو ألا تكون المسألة العارضة قد حركت بشأنها الدعوى الجنائية أو كانت منظورة أمام المحكمة المختصة.
- المسائل العارضة المدنية:
يختص القاضي الجنائي بالفصل في جميع المسائل المدنية والإدارية والتجارية التي يتوقف عليها الفصل في الدعوى وكذلك مسائل المرافعات المتعلقة بصفة الخصوم في الدعوى المدنية المرفوعة تبعاً للدعوى الجنائية.
- المسائل العارضة المتعلقة بالأحوال الشخصية:
طرح المشرع على قاعدة اختصاص القاضي الجنائي بالفصل في المسائل التي يتوقف عليها الفصل في الدعوى الجنائية بالنسبة لمسائل الأحوال الشخصية ومن أجل ذلك أوجب المشرع على القاضي الجنائي وقف الدعوى الجنائية بشروط معينة إلا أن القاضي الجنائي رغم ذلك يجوز له الفصل في المسائل العارضة المتعلقة بالأحوال الشخصية بالنسبة لحالات الوقف الوجوبي إذا تخلف أحد شروطها وهي:
1- إذا كانت المسألة العارضة معروضة فعلاً على قضاء الأحوال الشخصية وذلك في دعوى مرفوعة أمام ذلك القضاء فيتعين على القاضي الجنائي وقف الدعوى الجنائية حتى تفصل محكمة الأحوال الشخصية في المسائلة المعروضة عليها.
2- أن تكون المسألة العارضة لم ترفع عنها الدعوى أمام محكمة الأحوال الشخصية وهنا أيضاً يتعين على القاضي الجنائي وقف الدعوى ويحدد للمتهم أو المدعي بالحقوق المدنية أو المجني عليه على حسب الأحوال أجلاً.
لرفع المسائلة المذكورة إلى الجهة ذات الاختصاص ويشترط لوقف الدعوى هنا:
1) أن يدفع صاحب المصلحة بضرورة الفصل في المسألة العارضة حتى ولو لم يطلب وقف الدعوى.
2) أن تكون المسألة العارضة تحتاج إلى الفصل فيها بحكم من الجهة المختصة.
3) أن يرى القاضي الجنائي أن الفصل في المسألة العارضة ضروري للحكم في الدعوى الجنائية.
- حكم محكمة النقض المصرية: (الطعن رقم(1168)لسنة 36ق.جلسة 25/10/1966س17 صـ1519ـ)
تقول" تختص المحكمة الجنائية بموجب المادة(221) من قانون الإجراءات الجنائية بالفصل في جميع المسائل التي يتوقف عليها الحكم في الدعوى الجنائية المرفوعة أمامها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك دون أن تتقيد بالأحكام المدنية التي صدرت أو تعلق قضائها على ما عساه أن يصدر من أحكام بشأن نزاع مدني قائم على موضوع الجريمة ومن ثم فإنه كان متعيناً على المحكمة وقد تبينت لزوم الفصل في ملكية الأرض محل النزاع للقضاء في الدعوى الجنائية المرفوعة أمامها- أن تتصدي بنفسها لبحث عناصر هذه الملكية والفصل فيها، فإن استشكل الأمر عليها استعصى استعانت بأهل الخبرة وما تجريه هي من تحقيقات مؤدية حتى ينكشف لها وجه الحق أما وأنها لم تفعل فإن حكمها يكون معيباً بما يستوجب نقضه والإحالة.
* امتداد الاختصاص:
1- عدم التجزئة:
قد يأتي الجاني فعلاً واحداً وتتكون منه عدة جرائم كما قد يرتكب عدة جرائم تنفيذاً لغرض واحد وتكون مجموعاً غير قابلة للتجزئة مثل ارتكاب جريمة هتك عرض في الطريق العام فهي تكون في ذات الوقت فعل علني فاضح وكتزوير شخص لمستند ثم استعماله في دعوى ففي هذه الصور جميعاً وقعت جريمتان بينهما ارتباط غير قابل للتجزئة يجمعهما غرض واحد فتعتبر كل واحدة منهما متممة للأخرى.
- فإذا طرحت الدعوى على المحكمة المختصة بنظر الجريمة الأشد وقضى فيها بالإدانة ثم اكتشف بعد هذا الجريمة الأخف فإنه يمتنع رفع الدعوى الجنائية ضد المحكوم عليه لأنه بالحكم في الجريمة الأشد يفترض أن عقوبة الجريمة الأخف قد أنطوت داخل العقوبة المقضي بها.
- ويختلف الحال لو رفعت الدعوى عن الجريمة الأشد وقضى فيها بالبراءة فيجوز عند اكتشاف الجريمة الأخف تقديم المتهم فيها إلى المحاكمة.
2- الارتباط البسيط:
قد ترتكب عدة جرائم وتكون بينهما رابطة لا تصل إلى حد اعتبارها مجموع غير قابل للتجزئة أي أن يكون بينهما ارتباط بسيط يتمثل وقوعها في زمن واحد أو أنها من نوع واحد كوقوع عدة سرقات من أفراد مشتركين في إضراب أو مظاهرة فيقضي تحقيق العدالة في مثل هذه الصور بوجوب نظر الدعاوى عن الجرائم المرتبطة أمام محكمة واحدة لأن ظروف بعض تلك الجرائم قد يلقي ضوءاً على بعضهما الأخر وتكوين المحكمة لرأيها في أحداهما يساعدها على تفهم باقيها.
- حكم محكمة النقض المصرية :(الطعن رقم(61) لسنة28 ق جلسة 22/12/1958م)
قولها: (تتماسك الجريمة المرتبطة وتنظم بقوة الارتباط القانوني إلى الجريمة الأصلية وتسير في مجراها وتدور معها في محيط واحد في سائر مراحل الدعوى في الإحالة والمحاكمة إلى أن يتم الفصل فيهما).
- حكم محكمة النقض المصرية في الدفع بعدم الاختصاص:
تقول (قواعد الاختصاص في المواد الجنائية من النظام العام بحيث تجوز إثارته الدفع بمخالفتها لأول مرة أمام محكمة النقض متى كانت عناصر المخالفة ثابتة بالحكم وإذن فإذا كان المتهم حدثاً وكانت محكمة الجنايات قد أحيلت إليها الدعوى قبل العمل بقانون الإجراءات الجنائية الذي ينص في الفقرة الأولى من المادة(344) على أن تختص محكمة الأحداث بالفصل في الجنايات والجنح والمخالفات التي يتهم فيها الصغير لم يبلغ من العمر خمسة عشرة سنة كاملة قد نظرت الدعوى وأصدرت فيها حكمها في ظل هذا القانون بعد أن أصبحت غير مختصة بنظرهما فهذا الحكم يكون واجباً نقضه).
(الطعن رقم(1087) لسنة22ق. جلسة 22/12/1952م)

المرجع: د/ عبد الحميد الشواربي – الدفوع الجنائية ط2002
- بعض المواد المتعلقة بالدفع في قانون المرافعات اليمني رقم(40) لسنة2002م
مادة(179) الدفع دعوى يبديها المدعى عليه أو الطاعن اعتراضاً على موضوع الدعوى أو الطعن أو شروط قبولهما أو أي إجراء من إجراءاتهما.
مادة(180) على الدافع أن يبين وقائع دفعه وأحواله وأدلته والوجه القانوني الذي يستند إليه فإذا كان الدفع متعلق بالنظام العام فعلى المحكمة إرجاء السير في الدعوى الأصلية والنظر في الدفع على نحو ما تسير في الدعوى الأصلية والفصل فيه استقلالاً بحكم مسبب وفيما عدا ذلك من الدفوع فيجوز للمحكمة ضم الدفع إلى الموضوع وعليها حينئذ أن تبين ما حكمت به في الدفع.
مادة(181) يسقط الحق في الدفع بعدم الاختصاص المكاني وفي الدفع ببطلان الإعلان أو الاستدعاء وفي الدفع يطال إحالة الدعوى إلى محكمة أخرى لقيام نفس ذات النزاع أمامها أو لارتباطها بدعوى أخرى مرفوعة أمامها وكذلك إبداؤه منها دفعه واحدة قبل الدخول في موضوع النزاع ويجب إبداء جميع الوجوه التي بنى عليها الدفع المتعلق بالإجراءات معاً وإلا سقط الحق فيما لم يبد منها ويحكم في كل دفع منها استقلالاً بقرار مسبب ما لم تقرر المحكمة في الجلسة ضمه للموضوع وعليها حينئذ أن تبين ما حكمت به في كل منهما على حده.
مادة(183) على المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها المكاني أو النوعي أن تقرر إحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة وأن تحدد موعداً لحضور الخصوم أمامها وتلتزم المحكمة التي أحيلت إليها الدعوى بنظرها.
مادة(186) تعتبر من النظام العام الدفوع التالية:
1- الدفع بعدم اختصاص المحكمة بسبب نوع الدعوى.
2- الدفع بعدم صحة الدعوى لفقدان شرط من شروطها.
3- الدفع بعدم توجه الدعوى لكون أحد المتداعيين ليس خصماً شرعياً له ولاية التقاضي عن غيره فيها أو ليس أهلاً للتقاضي.
4- الدفع بعدم سماع الدعوى لتقدم ما يكذبها محضاً.
5- الدفع بعدم قبول الطعون التي لها مواعيد لعدم تقديمها في مواعيدها المحددة.
6- الدفع بعدم جواز الدعوى لسبق الفصل فيها.
7- الدفع بعدم دستورية القانون.

بحث حول دعوى استرداد ما دفع بغير وجه حق في القانون اليمني دفع غير المستحق - الإثراء بلا سبب

بحث حول دعوى استرداد ما دفع بغير وجه حق في القانون اليمني
 دفع غير المستحق - الإثراء بلا سبب
نظم المشرع اليمني الدفع غير المستحق في الباب الرابع (الفعــــــل النافـــــع) الفصل الأول دفع غير المستحق وهي المواد من المادة 318 من القانون المدني إلـى المادة322من نفس القانون مادة (318) : كل من تسلم على سبيل الوفاء ديناً ليس مستحقاً له يلزمه رده ولو كان ما دفع بغير حق تنفيذاً لالتزام لم يتحقق سببه أو زال سببه بعد أن تحقق ويستثنى من ذلك الحالات الآتيــة
1- أن يكون الدافع عالماً بأنه غير ملزم بالدفع إلاّ أن يكون ناقص الأهلية أو مكرهاً على الدفع .
2- أن يكون الدافع قد حرم المدفوع له من سند قِبَل المدين الأصلي أو حرمه من ضماناته .
3- أن تكون المدة التي يترتب عليها عدم سماع دعوى المدفوع له على مدينه الأصلي قد مضت .
4- إذا كان الدين الذي دفع لم يحل أجله ولو كان الموفي جاهلاً بقاء الأجل.
مادة (319) : إذا كان من تسلم ما ليس حقاً له ناقص الأهلية فلا يلزم إلاّ برد ما بقى ولم يستهلك .
مادة (320) : إذا كان من تسلم ما ليس حقاً له كامل الأهلية فأنه يلزم برد ما تسلم مع الفوائد والأرباح التي جناها من يوم المطالبة بالرد .
مادة (321) : إذا كان من تسلم ما ليس حقاً له كامل الأهلية وغير عالم بأنه تسلم ما ليس له بحق فيلزم برد الفوائد الأصلية دون الفرعية .
مادة (322) : لا تسمع الدعوى باسترداد ما دفع بغير حق بعد انقضاء عشر سنوات من اليوم الذي يعلم فيه الدافع بحقه في استرداد ما دفع مع عدم المانع .
ويفهم من هذا النص أن الدفـع غير المستحق هو الوفـاء بدين غير واجب على من وفاه، ولكنه يعتقد أنه ملزم بالوفاء به، ويترتب على ذلك التزام الموفي له برد ما دفع لـه دون وجه حق إلى الموفى، لأنـه لو احتفظ به يعد ذلك اثراءا على حساب غيره.
ويرى السنهوري، أن الدفع غير المستحق هو إثراء كان له سبب ثم انتهى إلى أن يكون بغير سبب ومعنى ذلك أنه يمكن للموفي أن يرجع على المدين الحقيقي بدعوى الإثراء لا سبب في حالتها العـادية أو يرجع على الموفى له بدعوى استرداد غير المستحق غير أنه وإن كان لهذا الإثراء سبب وهو الوفاء كتصرف قانوني فإنه لو زال سبب هـذا التصرف لأي سبب كـان، كما لو طعن الموفـي بغير حـق فـي هـذا التصرف بعيوب الإرادة، أو يتمسك بشـرط فاسـخ، أو أبطل الـعقد الذي أنشـأ الدين، فإن هـذا التصرف يصبح واقعـة مادية لا تعد سببا للإثراء وأمكـن طلب التعويض على أساس الإثـراء بلا سبب. ويشمل التعويض هنا استرداد ما دفع بغير بحق(1).
وبعد هذه النظرة على الدفع غير المستحق، نتناول بالدراسة في مطلبين مستقلين شروط قيام الدفع غير المستحق، وأحكامه.
المطلب الأول
شروط قيام الدفع غير المستحق
لقيام الدفع غير المستحق وتحققه يجب توافر الشروط الآتية:
- أن يكــون هنــاك وفــــــاء.
- أن يتــم الوفــاء بديـن غير مستحق.
- أن يعتقد الموفي بوجوب قيامه بهذا الوفاء.
الشرط الأول : أن يكون هناك وفاء:
يقصد بالوفاء كل تصرف قانوني يقوم به الموفي يترتب عليه الوفاء بدين يعتقد أنه في ذمته ويأخذ الوفاء عـدة صور، فيكون بتقديم عقـار أو نقود أو أشياء مثلية، أو أداء عمل، كمـا يمكـن أن يكون وفـاء بمقابل، أو تجديدا، أو مقاصة، أو إقرار جديد بالدين، ولهذا جاءت المادة (318) : كل من تسلم على سبيل الوفاء ديناً ليس مستحقاً له يلزمه رده .
فالعبرة إذن حسب ما تقدم هي بحصول الوفاء، مهما كان نوعه فيؤدي إلى التزام من تلقى هذا الوفـاء يرد ما تسلمه، وإذا حصل أن أنكر الدائن دعوى المدين، فإنه يقع على هذا الأخير عبء إثبات حصول الوفاء، طبقا للقواعد العامة في إثبات التصرفات القانونيــة.
وبناء عليه إذا لم يتحقق الوفاء بالطريقة المذكورة، فإن القاعدة العامـة في الإثراء بلا سبب هـي التي تطبق، وليس قاعدة الدفع غير المستحق.
 إضافة إلى ذلك يجب أن لا يقصد الموفى بغير حق من وفائه التبرع إذ أنه لو قصد ذلك لأعتبـر تصرفه هبة، ويكون صحيحا بها، ومن ثم فلا محل لاسترداد غير المستحـق، وهو مـا نصت عليـه المـادة 318/1- أن يكون الدافع عالماً بأنه غير ملزم بالدفع إلاّ أن يكون ناقص الأهلية أو مكرهاً على الدفع .
___________________________________
(1)- د/عبد السيد تناغو-المرجع السابق، ود/علي علي سليمان-المرجع السابق-فقرة 161.
الشرط الثاني : أن يتم الوفاء بدين غير مستحق.
نصت المادة 318 ق.م "ولو كان ما دفع بغير حق تنفيذاً لالتزام لم يتحقق سببه أو زال سببه بعد أن تحقق " ويتضح مـن هذا النص أن دفـع غير المستحق هو وفاء تـخلف فيه ركـن السبب، وهو أحد شروط صحته القانونية، بوصفه تصرفا قانونيا. كما لو صدر من ناقص الأهلية، أو كان مشوب بعيب من عيوب الإرادة(1)، و السبب قد لا يتحقق أصـلا، أو قد يتحقق ثم يزول فيمـا بعد ولـذلك فيمكن أن يحصل الوفاء بغير المستحق وقت استحقاقه أو بعد أن يصبح غير مستحق.(2)
وهناك عدة حالات يكون فيها الدين غير مستحق وتجوز المطالبة باسترداده، وذلك في الحالات الآتيـة:
أ/إذا كان الدين غير موجود أصلا:
كما لو أن وارث ينفذ وصيته لمورثة، ويتضح فيما بعد أن الموصى قد عدل عـن الوصيـة قبل موته(3)، فيكون الدين في هذه الحالة منعدما بالنسبة للدافع وبالنسبة للمدفوع له، كما لا يكون للدين وجود إذا كان دينا وهميا، أو دينا طبيعيا، أو كان مصدره عقدا باطلا، ومثـال ذلك الدين الطبيعي، وهو دين غير واجب الأداء، فإذا أداه المدين عن غلط يستطيع استـرداده أمـا إذا أداه اختيارا فليس له أن يسترده، وهو ما ورد في المـادة 318 ق.م.
 ب/إذا كان الدين مؤجل الاستحقاق:
يكون الدين في هذه الحالة معلقا على شرط واقف، أو مضافا إلى أجل واقف، ويقوم المدين بالوفاء به قبل تحقق الشرط أو بعد تخلفه، فيجوز له استرداده قانونا، وهذا ما نصت عليه المادة 318/4 ق.م، أمـا إذا كان الدين معلقا على شرط فاسخ أو كان مقترن بأجل فلا يمكن استردادهما إذا وفيا وفي ذلك نصت المادة 318 ق.م "4- إذا كان الدين الذي دفع لم يحل أجله ولو كان الموفي جاهلاً بقاء الأجل.، وفي هذه الحالة يجوز للمديـن أن يطالب فـي حدود الضرر اللاحق به، برد مبلغ الإثراء الذي حصل عليه الدائن بسبب هذا الوفاء المعجل".
 _________________________________________
(1)- نقض مدني فرنسي.17/07/1984.دالوز.1985. 298.
(2)- انظر حكم محكمة باتنة الصادر بتاريخ 26/11/1996.في قضية رفم1337/93.الملحق
(3)- ومن أمثلة الدين الذي لا وجود له، تقاضي شريك أرباحا لا يستحقها من الشركة أو أن مصلحة الضرائب تقاضت ضريبة لا تستحقها أو أكثر مما تستحق.
كمـا في العقد الباطل(1)، ومثل ذلك قيام المورث في حياته بالوفاء بالدين، ولم يعثر الوارث على مـا يثبت وفـاء مورثه فيوفيه مرة أخرى. ويلاحظ أنه في حالة الوفـاء بدين غير مستحق، لا يتصور فيه غلط الموفي لأنه حين وفـى كـان ملتزما بذلك، ومن ثم تقوم له قرينة على هذا الغلط تعفيه من عبء إقامة الدليل عليه(2)
ج/إذا وجد الدين ولكنه انقضى قبل الوفاء به بأحد أسباب الانقضاء:
كأن ينقضي الدين بالمقاصة، أو التقادم أو باتحاد الذمة...أو إذا زال سببه بأثر رجعـي،
الشرط الثالث : اعتقاد الموفي بوجوب قيامه بهذا الوفاء :
الأصل أن لا يوفي الشخص دينا ما إلا إذا كان يعتقد بأنه مستحق وواجب الأداء، غير أنـه في حالـة دفع غير المستحق، فإن الدافع يقع في غلط يجعله يعتقد وقت الدفع أنه مـلزم بأداء الدين وقـد جعـل المشرع له قرينة قانونية، إذ أن غلطه مفترض لا يكلف بإثباته شريطة ألا يكون قد قصد بوفائه التبـرع فيكفي أن يثبت أن لا وجود لدين مستحق وقت الدفع، كي تقوم هذه القرينة فضلا على أنه يجوز له الطعن في التصرف بعيوب الإرادة، والمطالبة بالتعويض على أساس الإثراء بلا سبب.
أمـا المـدفوع لـه فـلا يشتـرط فيـه الـغلط، فسـواءا كـان حسـن أو ســيء النيــة فإنه ملزم برد ما دفع لـه دون وجه حق، غير أن المشرع مكنه من إثبات عـكس القرينة الممنوحة للدافع، فيجوز له أن يثبت علم هـذا الأخير وقت الدفع بعدم التزامه بذلك كما نصت على ذلك المادة (320)ق.م إذا كان من تسلم ما ليس حقاً له كامل الأهلية فأنه يلزم برد ما تسلم مع الفوائد والأرباح التي جناها من يوم المطالبة بالرد .

المطلب الثاني
أحكـام الدفـع غيـر المستحـق
إن الدفع غير المستحق كما سبقت الإشارة إليه ما هو إلا تطبيق لقاعدة الإثراء بلا سبب، وإنه في حالة دفع غير المستحق، تكون قيمة افتقار الدافع (الدائن) تساوي قيمة إثراء المدفوع له (المدين) فيلـزم هذا الأخير برد ما تسلمه.
وإذا مـا توافرت شروط الدفـع غير المستحق السابقـة ذكرهـا، جـاز للدافع المفتقر أن يرفـع دعـوى على المدفوع له المثرى لاسترداد مـا دفع، وهذه الدعـوى غالبا ما تكون دعـوى شخصيـة إذا كان ما دفعه نقودا أو شيئا مثليـا، كمـا يمكن أن تكون دعوى عينية إذا نقل الدافع ملكيـة شـيء معين بالذات فيطالب فيها باستحقاق الشيء المملوك له، كما أن لهذه الدعوى أجل تسقط فيه، وهو ما سنتناوله فيمـا يأتـي.


الفرع الأول : دعوى استرداد غير المستحق :
دعوى استرداد غير المستحق هي الدعوى التـي تنشأ للدافع قبل المدفوع له لاسترداد ما دفعه بغير وجه حق، غير أن الأثر يختلف بحسب ما إذا كان المستلم لغير المستحق حسن النية أو سيء النية فضلا على أن هناك حالتان خاصتان نص عليها المشرع وهما حالة الوفاء بدين مؤجل قبل حلول أجلـه، وحالة الوفاء لناقص الأهلية وسنورد كل الحالات فيما يلـي:
أ/إذا كان الموفي له حسن النية:
وحسن النية مفترض في هذه الحالة، وإذا ادعى الموفي عكس ذلك فعليـه أن يثبت بكافـة طـرق الإثبات. ويزول افتراض حسن النية إذا رفعت الدعوى، فإنه منذ تلك اللحظة يصير الموفى لـه سـيء النيـة.
وإن تقدير حسن أو سوء النية يعود لقضاة الموضوع لأنها من مسائل الـواقع ولا رقـابة للمحكمـة العليا عليهم(1).
والمدفوع له حسن النية لا يلتزم إلا برد ما تسلمه إذا كـان ما دفـع لـه نقـودا أو أشيـاء مثليـة - أغلالا أو أقطافا- فيرد مقدار النقود دون الاعتداء بتغيـر سعرهـا، ويـرد القدر الذي أخذه من الأشياء المثلية(2).
أما الثمار والفوائد فلا يلتزم بردها ما دام قد تملكهـا بالقبض وبحسن نية فالحائز حسن النية لا يلتزم برد الثمار.
 أما إذا كان المدفوع عقارا أو منقولا معين بالذات فإن الموفى له يلتزم برد العين إذا وجدت مـا لم يكن قد تملكها بالحيازة أو بالتقـادم المكسب  أمـا إذا هلكت العين أو تلفـت أو ضاعت في يده، فلا يكون مسؤولا إلا إذا وقع بخطأ منه، وعلى الدافع إثبات ذلك الخطأ.
 أمـا إذا خرجت العين من يد من دفع له إلى يد أخرى، كأن تصرف فيها بالبيع فلا يلتزم إلا بدفـع الثمن الذي تلقاه من المشتري إلى الموفي، على أنه يجب على الموفي إذا استرد العين أن يدفع للموفـي له ما أنفقه من المصروفات الضرورية والنافعة التـي أنفقها للمحافظة على العيـن .
وإذا كان الموفى له حسن النية فلا يلزم بتعويض مقابل ما انتفع به بالشيء عند رده للموفـي أما العلاقة بين الذي دفع والغير، فانه طبقا للقواعد العامة إذا تصرف المـدفوع له لفائدة الغيـر، فإن تصرفـه لا يحتـج به قبـل الموفـى لأنـه صـدر مـن غير مالك، ويجـوز للموفي أن يسـترد العيـن مـن الغيـر بدعــوى الاستحقـــاق. .
___________________________
(1)- قرار المجلس الأعلى.غ.م 27/10/1987 سبق ذكره.
(2)- د/السنهوري.مرجع سابق.ص 1320.
ب/إذا كان الموفى له سيء النية :
يقصد بسوء النية أن يعلم من تسلم غير المستحق أنه تلقى ما ليس لـه فيه حق، وفي هذه الحالـة يقـع على الذي دفع له عبء إثبات سوء نيته، ويلتزم الموفى له سيء النيـة بالرد حسب طبيعة الشيء الـذي تسلمه المدفوع لـه.
 فإذا كان نقودا أو أشياءا مثلية وجب عليه رد قيمتها وكذا الفوائد والأرباح التي جناها من يوم الوفاء أو من اليوم الذي أصبح فيه سيء النية(1).وهو ما نصت عليه المادة (320) ق.م إذا كان من تسلم ما ليس حقاً له كامل الأهلية فأنه يلزم برد ما تسلم مع الفوائد والأرباح التي جناها من يوم المطالبة بالرد.
أما إذا كان المدفوع عينا معينا بالذات، فـإن الموفى له سيء النية ملزم برد العين مـا دامـت قائمـة ورد ثمارها المتولدة عنها من يوم الوفاء، ولا يجوز له استرداد المصروفات التي أنفقها علـى العين إلا في حدود ما يجوز للحائز سيء النية من استرداد.
كما أنه يكون مسؤولا عن العين إذا هلكت أو تلفت أو ضاعت على يديه و لـو حدث ذلك علـى إثر قوة قاهرة، إلا إذا أّثبت أن العين هالكة حتى ولو بقيت تحت يد مستحقها .
وإذا حدث وأن تصرف الموفى له سيء النية في العين فإنه يكون ملزما برد العين لصاحبها الموفى أو قيمتها إذا استحـال ردهـا، ويمكن لـهذا الأخير الرجوع عليـه بدعوى الاستحقاق إلا إذا كسـب المتصـرف إليه العين بسبب آخر.
ج/حالتان خاصتان نص عليهما المشرع في المادتين  ق.م.
وهاتان الحالتان هما: حالة الوفاء بدين مؤجل وحالـة الوفـاء لناقص الأهليـة.
حالة الوفاء بدين مؤجل:
أما إذا كان المدين يجهل قيام الأجل، أو كان قد أكره على هـذا الوفاء فلـه أن يرجع على الدائـن بدعوى غير المستحق، وفضلا عن هذا يجوز للدائن أن يقتصر على رد ما استفاده بسبب الوفاء المعجل في حدود ما لحق المدين من ضرر، وبذلك تتحقق مصلحة الدائن من اتقاء إعسـار مدينه دون إضرار بـهذا الأخير، فإذا كان الدين الذي تم الوفاء بـه نقودا، وكان قبل حلول الأجل كان للدائن أن يرد فائدة ما وفي له بالسعر القانوني أو الاتفاقي بدلا من رد ما استوفاه.
___________________________
(1)- قضي في مصر" بأن الموفى له يعتبر سيء النية من تاريخ علمه بأن ما تسلمه غير مستحق له أو من تاريخ إعلامه بالطعن في الحكم أو القرار المشمول بالنفاذ المعجل والذي استوفى المال المطلوب استرداده نفاذا له" نقض في 27/03/1969، رمضان أبوالسعود. المرجع السابق.ص481.
وإن كان الدين الذي تم الوفاء به قبل حلول الأجـل، مثلا بناء التزم المقاول بتسليمه كان للدائن بدلا من رد البناء أن يرد للمدين قيمة إيراد البناء خلال المدة المتبقية أو قيمة النفقات الإضافية التي تكبدهـا هذا الأخير في سبيل تسليم البناء في التاريخ الذي سلم لـه(1).
حالة الوفاء لناقص الأهلية:
لم يشترط المشرع اليمني الأهلية في مـن يدفع غير المستحق، حتى أنـه لو دفع وهو غير أهل لذلك فإنه يمكنه استرداد ما دفعه، أما المدفوع له لا تشترط فيه الأهلية أصلا ، ويقوم التزامه بالرد رغم نقص أهليته لأن التزامه بالرد لا يقوم على إرادته، بل ينشأ من واقعة تسلمه ما ليس مستحقا له وتحكمه قاعدة الإثراء بلا سبب.
وبناء عليه فإن المدفوع له إذا كـان ناقص الأهلية، وتسلـم عينا بالذات فهلكت العين، أو تلـفت أو ضاعت بغير خطئه، أو تبرع بها أو حدثت قوة قاهرة، فلا يكون ملزما بأي شـيء قبل الدافع حتى ولو كان سيء النية، كما أن ما فقده دون أن ينتفع به لا يدخل في تقدير إثرائه وفقـا للمبدأ العام في قـاعدة الإثراء بلا سبب. أما إذا كان التلف أو الهلاك أو الضياع راجع إلى خطئه فيسأل عنه مسؤولية تقصيرية .
ويعد من أمثلة انتفاع المدفوع له ناقص الأهلية بالمدفوع، أن يوفي به دينا عليه، أو ينفقه فـي ترميـم عقاره....الـخ. وفي الإثبات إذا كان المدفوع له ناقص الأهلية فـإن عبء الإثبات يقع علـى من دفع فيثبت مـدى إثراء ناقص الأهلية بما دفع لـه.
الفرع الثاني
سقوط دعوى استرداد غير المستحق
تخضع دعوى استرداد غير المستحق للقواعد العامة في انقضائها وسقوطها، ولأن استرداد غيـر المستحق من تطبيقات الإثراء بلا سبب فإن دعواه تسقط بنفس المدة التي تسقط بها دعوى الإثراء بـلا سبب، وهي عشر سنوات من يوم علم الموفي(الدافع) بحقه في الاسترداد، غير أن هناك وجه آخر للسقوط يختلف عن دعوى الإثراء بلا سبب ويتعلق يتجرد الموفى له حسن النية من سند الدين أو من تأميناته، أو تركه دعواه تسقط بالتقـادم.وفـي ذلك نصت المادة (322) مدني يمني : لا تسمع الدعوى باسترداد ما دفع بغير حق بعد انقضاء عشر سنوات من اليوم الذي يعلم فيه الدافع بحقه في استرداد ما دفع مع عدم المانع .
 ___________________________
(1)- د/ بلحاج العربي.مرجع سابق.ص،د/موريس نخلة.الكامل في شرح القانون المدني.ج3، د/عبد الناصر توفيق العطار.مصادر الالتزام.ص224.

وفي الحالات التي نصت عليها المادة  ق.م، فـإن حق الدافع في الرجوع على الدائن بدعوى استرداد غير المستحق يسقط، رغم أن الوفاء لم يتحقق سببـه، ذلك لأن الدائن حسن النية قد تجرد مـن سلاحـه ضد المدين، والعبرة في ذلك أنـه لـو أجيز لمن دفع غير المستحق أن يسترد ما وفـاه مـن الـمدفوع له الدائن بدعوى غير المستحق لما أمكن للدائن أن يرجـع على المدين، لفقده سند الديـن أو ضاع منه تأمينه...الخ.وكأن المشرع في هذه الحالة أحاط الدائـن حسن النية بحماية خاصة فرجح حقه على حق الموفي وألزم المدين الحقيقي بتعويضه.
 ولا يمنع مـا سبق مـن رجوع الموفى(الدافع) على المدين الذي وفي عنه الدين لأن ذلك يعد إثراءا في جانبه على حساب الموفي، غير أن الفقه يشترط في حالة السقوط بالتقادم أن تكون هناك مخـالصة تثبت وفاء الدين، وتكون ثابتة التاريخ وذلك تجنبا للغش أو التواطىء الذي قد يلجأ إليه الدائن بعد أن يـسقط حقـه بالتقادم، ويفيد ثبوت تاريخ المخالصة فـي معرفة ما إذا كان الوفاء تم قبل تقادم الدين أو بعـده.
وتجدر الإشارة إلى أن الجهل بالحق في استرداد ما دفع بوجه حق لا يمنع من سريان مدة التقادم، ومن ثم فإن هذا الجهل لا يمكن أن يكون من الموانع التي يترتب عليها وقف التقادم بعد سريانـه.

المحامي / أمين حفظ الله محمد الربيعي
2/6/2010م الموافق19 جما ثانيــ1431هـ