من أنا

صورتي
صنعاء اليمن, شارع تعز 777175968, Yemen
المحامي أمين حفظ الله الربيعي محامي ومستشار قانوني وناشط حقوقي

البحوث القانونية

الاثنين، 20 ديسمبر 2021

 

 شرط الإعذار لفسخ العقد

 

إعداد/ نوح محمد

المقدمة:

يعتبر العقد من أهم مصادر الالتزام، فأغلبية المعاملات التي تربط الفرد مع غيره مصدرها العقد. وهذا الأخير لابد له من أركان لانعقاده ومن شروط لصحته. فالأصل فيه أنه يلزم عاقديه بكل ما يجيء فيه فهو يتضمن قوة تحتم على طرفيه الرضوخ والإذعان له في كل ما يحتويه، وفي حدود العلاقة التي يحكمها القانون. فلا يستطيع أحدهما أن يستقل بنقضه ولا بتعديله، ما لم يصرح له القانون أو الاتفاق بذلك ويطلق على هذا بالقوة الملزمة للعقد.

غير أنه قد يخل أحد المتعاقدين بتنفيذ التزاماته التعاقدية، أو تحدث ظروف تجعل التزامه بالتنفيذ مستحيلاً، مما يضطر معه الطرف الآخر إلى المطالبة بفسخ العقد وإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل نشوء الحالة التعاقدية.

مـادة (٢١٩) مدني: ((يجوز فسخ العقد بخيار من الخيارات أو بسبب من الأسباب الموجبة للفسخ طبقاً للقانون ويترتب على الفسخ إعادة العاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد، فإذا استحال ذلك جاز الحكم بتعويض من غرم.))

 

تعريف الفسخ:

هو حل الرابطة العقدية بناءً على طلب أحد طرفي العقد إذا أخل الطرف الآخر بالتزاماته. فالفسخ جزاء إخلال العاقد بالتزاماته ليتحرر العاقد الآخر نهائيا من الالتزامات التي يفرضها عليه العقد.

كما يعرف بأنه جزاء يترتب على امتناع أحد المتعاقدين عن تنفيذ ما التزم به.

وفي تعريف آخر: هو حق كل عاقد في العقد الملزم للجانبين في أن يطلب متى لم يقم العاقد الآخر بتنفيذ التزاماته، حل الرابطة العقدية وزوال آثارها بأثر رجعي، فيتخلص من الالتزامات التي فرضتها عليه.

وعلى الدائن حتى يطلب بفسخ العقد، بأن يعذر المدين مطالبا إياه بالتنفيذ. فمجرد حلول الأجل لا يعد إعذارا للمدين بل على الدائن إن يرفع دعوى بفسخ العقد وأن يقوم بإعذار المتعاقد الآخر.

والإعذار كشرط لفسخ العقد هو موضوع بحثنا هذا، وسنتطرق فيه لمعرفة تعريف الاعذار وماهيته والغرض منه وتنظيمه القانوني في القانون المدني اليمني.

 

تعريف الإعذار:

يُقصد بإعذار المدين: "وضعه قانونًا في حالة المتأخر في تنفيذ الالتزام المترتب بذمته بموجب العقد المبرم بينه وبين الدائن، وذلك بمجرد حلول الأجل الذي نص عليه العقد، فلا يكفي وضع المدين في هذا الوضع القانوني، بل لا بد من إعذاره بالطرق التي نص عليها القانون"، وفي هذه الحالة سوف يُصبح المدين ملزمًا بتنفيذ التزامه بشكل فوري، وعليه فإن كل تأخير في تنفيذ الالتزام هذا سوف يستوجب التعويض لصالح الدائن.

ولهذا فإن القانون استوجب إعذار المدين ومطالبته بتنفيذ التزاماته من قبل الدائن، والدائن لن يستحق التعويض إلا بعد أن يقوم بإعذار المدين، كما ويجب أن يتم الإعذار بموجب إجراءات محددة بنص القانون.

 

الغاية من الإعذار:

فائدة الإعذار تظهر في أمرين:

1- أن القاضي يكون أسرع في إجابة الدائن لطلبه بالفسخ.

2- أن القاضي بالإضافة إلى الحكم بالفسخ يكون أقرب إلى الحكم بالتعويض للمدين.

 

التنظيم القانوني للإعذار وفق نصوص القانون المدني اليمني:

يجب على المتعاقد الدائن قبل أن يرفع دعوى الفسخ أن يقوم باعذار المتعاقد الآخر المدين وهو ما نصت عليه المادة (٣٣٥) من القانون المدني حيث نصت على:

((لا يجبر المدين على الوفاء إلا بعد إعذاره بمطالبته بالوفاء بما عليه اختياراً أو إنذاره بإقامة الدعوى عليه لـدى القـضاء لإجباره على الإيفاء، ويكون ذلك بإعلانه على الوجه المبين في قانون المرافعات ويجوز الاتفاق مقدماً على أن يكون رفع الدعوى عند حلول الأجل دون حاجة إلى إجراء آخر.))

فإذا لم يوف أحد المتعاقدين بالتزامه جاز للمتعاقد الآخر بعد إعذاره المدين أن يطالب بتنفيذ العقد أو فسخه. كما يجوز أن يكون مترتبا على اتفاق يقضي بأن يكون المدين معذرا بمجرد حلول الأجل ودون حاجة إلى أي إجراء آخر كما نصت عليه المادة السابقة.

 إن الأصل في التعامل وما استقرت عليه التشريعات القانونية هو لزوم إعذار المدين، وهذا الأمر يجب أن يتم من قبل الدائن في بداية الأمر ولا يعفى المتعاقدان من هذا الشرط حتى لو اتفقا على حالات يكون العقد فيها مفسوخا تلقائياً في حال قيامها. مثل الاتفاق على ان يكون العقد مفسوخا من تلقاء نفسه عند عدم الوفاء. ولكن هناك استثناء أوردته المادة (٢٢٢) من القانون المدني تعفي المتعاقدين من شرط الإعذار في حالة اتفاقهما المسبق على الإعفاء منه، حيث نصت على:

((يجـوز الاتفاق على أن يعتبر العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه بمجرد عدم الوفاء بالالتزامات الناشئة عنه ودون حاجة إلى حكم قضائي ولكن هذا الاتفـاق لا يعفي من اختار الفسخ من الإعذار للطرف الأخر إلا إذا اتفق المتعاقدان صراحة على الإعفاء منه ويجب على القاضي إذا ترافعا إليه أن يحكم بالفسخ إذا تحققت شروطه.))

 

الحالات التي لا يلزم الإعذار فيها لفسخ العقد:

بالإضافة إلى الاستثناء السابق الذي نصت عليه المادة (٢٢٢) من القانون المدني والذي يعفي المتعاقدين من ضرورة الإعذار، هناك حالات لا يلتزم فيها الدائن باعذار المدين وهي حالات استثنائية نص عليها القانون المدني نوردها كالآتي:

- مادة (٥٥٥):

((في بيع العروض وغيرها من المنقولات إذا اتفق على ميعاد لدفع الثمن وتسليم المبيع وحل الميعاد دون أن يدفع الثمن فللبائع دون إعذار أو طلب أن يفسخ البيع مالم يوجد اتفاق يقضي بغير ذلك.))

- مادة (٣٣٦):

((لا ضرورة لإعذار المدين وإنذاره في الأحوال الآتية:

١- إذا أصبح تنفيذ الالتزام غير ممكن أو غير مجد بفعل المدين.

٢- إذا كان الحق ناشئاً عن عمل غير مشروع.

٣- إذا كان المدعى به شيئاً يعلم المدعى عليه أنه مسروق أو أنه تسلمه دون حق.

٤- إذا صرح المدين بأنه متمرد عن الوفاء))

 

الخاتمة:

وفي الأخير فإن توجيه الإعذار من الدائن إلى المدين لا يعد كافيا لوحده لفسخ العقد فعلى الدائن أن يقوم إلى جانب ذلك برفع دعوى يطلب فيها فسخ العقد. وهي دعوى خاصة لها أركانها وشروطها وآثارها ولها تنظيمها القانوني الخاص. والإعذار ما هو إلا إجراء سابق لهذه الدعوى الغرض منه جعل المدين ملزماً بتنفيذ التزاماته وإشعاره بنية الدائن للجوء إلى التنفيذ العيني للعقد. 

 

المصادر:

القانون المدني اليمني

 

المراجع:

الفرق بين الإعذار والإنذار – مها دحان.

من إجراءات الفسخ القضائي إعذار المدين – جوهري سعيد

 

ليست هناك تعليقات: