من أنا

صورتي
صنعاء اليمن, شارع تعز 777175968, Yemen
المحامي أمين حفظ الله الربيعي محامي ومستشار قانوني وناشط حقوقي

البحوث القانونية

الاثنين، 20 ديسمبر 2021

 

تقادم الحقوق العمالية

إعداد/ نوح محمد

مقدمة:

مصطلح "التقادم" من المصطلحات التي تتكرر في المجال القانوني نظراً لأهميته في تحديد الفترة التي تكسب أو تسقط الحقوق والإلتزامات. ويعرف التقادم في القانون بعدة تعريفات تتفق جميعها على أن التقادم هو: نظام قانوني يشكل الزمان فيه عنصراً أساسياً لتحديد الفترة الزمنية المعينة التي تكون الدعوى فيها مسموعة. وبالتالي عدم سماع الدعوى بانقضاء هذه المدة المحددة. وتختلف فترات التقادم باختلاف الحقوق والالتزامات. والغاية من قانون التقادم هي تحقيق الاستقرار الاجتماعي في المجتمع وعدم تعكير الأحوال المعتاد عليها وأيضا تخفيف العبء على مختلف المحاكم.

وقد نظم القانون موضوع التقادم من عدة جوانب فمثلا من حيث نوعه قسمه إلى نوعين: تقادم مكسب للحقوق، وتقادم مسقط للحقوق والالتزامات. والنوع الثاني (التقادم المسقط للحقوق والإلتزامات) هو ما سنركز عليه في موضوع بحثنا هذا ونختص فيه بتقادم حقوق العامل استناداً إلى نصوص القانون التي حددت أنواع الحقوق والمدد القانونية التي بعد مضيها يمنع سماع دعاوى الحقوق العمالية. في كلاً من قانون التأمينات الاجتماعية وقانون العمل والقانون المدني وقانون الاثبات.

حيث نجد أن هذه المواد قد قسمت الحقوق العمالية إلى نوعين، منها ما يسقط بمرور سنة ومنها ما يسقط بمرور خمس سنوات وسنبين كل نوع على حدة كالتالي:

 

أولا/ الحقوق التي تسقط بمرور سنة على نشوئها:

من المعروف أن أغلب دعاوى العمال ترتكز على المطالبة بأجور ساعات العمل الإضافية وأيضا ما قاموا به من أعمال خلال أوقات الراحة أو خارج الدوام أو أيام الإجازات وغيرها من الأعمال الإضافية طوال فترة عملهم. ومن هنا بينت المادة (22) إثبات على أن:

((لا تسمع الدعوى من حاضر بعد مضي سنة من تاريخ الاستحقاق في الأحوال الآتية:

٣- حقوق العمال والخدام والإجراء من أجور يومية وغير يومية أو ثمن ما قاموا به من توريدات لمخدوميهم)).

- والمادة (21) إثبات على:

((لا تسمع الدعوى من ذي مهنة حاضر كالطبيب وغيره بحق من حقوق مهنته او مصروفات تكبدها في أدائه بعد مضي سنة من وقت أداء العمل)).

- والمادة (96) من قانون التأمينات الاجتماعية والتي تنص على:

((1-يسقط حق المؤمن عليه أو المستحقين عنه في تعويضات العجز المؤقت وفي المنح والإعانات بمرور سنة واحدة من تاريخ الإصابة والوفاة والزواج دون تقديم طلب صرفها))

 

ومن خلال الإطلاع على هذه المواد نجد أنها قد تناولت أغلب الحقوق العمالية وأكثرها شيوعا في المطالبة بها وأخضعتها لأحكام التقادم السنوي (سنة واحدة). يتم احتسابها من تاريخ نشوء الحق وفقا للمادة (444) مدني. وتتلخص هذه الحقوق في التالي:

1/ حق العامل من أجور عن أدائه لأعماله الرسمية أو الإضافية.

2/ حق العامل أو المستحقين عنه في تعويضات العجز المؤقت.

3/ حق العامل أو المستحقين عنه في المنح والإعانات.

4/ الحق في التعويض عن المصروفات التي تكبدها أثناء تأديه عمله.

 

ثانياً/ الحقوق التي تسقط بمرور خمس سنوات على نشوئها:

تنص المادة (96) من قانون التأمينات الاجتماعية على:

((2-يسقط الحق في المعاش إذا لم تتم المطالبة به أو لم يتم صرفه لمدة خمس سنوات من تاريخ آخر صرف تقاضاه)).

-والمادة (97) من نفس القانون والتي تنص على:

((1-لا تقبل دعوى المطالبة أو التعويض إلا إذا طولبت المؤسسة بها كتابة خلال خمس سنوات من التاريخ الذي تعتبر فيه المستحقات واجبة الأداء)).

ولكن هذه المواد المذكورة سابقاً. سواء التي تحدد مدة التقادم بسنة أو بخمس سنوات لم تشمل جميع الحقوق التي قد تنشأ للعامل لذا في حالة نشوء حق لم يرد بشأنه نص فيجب العودة إلى نص المادة (23) بصياغتها المعدلة بالقانون رقم (30) لسنة 1996م من القانون المدني التي تنص على:

((لا تسمع الدعوى من حاضر بسائر الحقوق التي لا تتعلق بعقار ولم يرد ذكرها في المواد الأربع السابقة بعد مضي خمس سنوات من تاريخ الاستحقاق مع عدم المطالبة ...))

فهذه المادة تفيد تحديداً شاملاً لجميع الحقوق التي لم يذكر بها نص صريح وتحدد مدة خمس سنوات لانقضائها وسقوطها بالتقادم. وعليه فإن الحقوق التي تسقط بمرور خمس سنوات على نشوئها تتمثل في الآتي:

1/ الحق في المعاش إذا لم تتم المطالبة به أو لم يتم صرفه لمدة خمس سنوات من تاريخ آخر صرف تقاضاه.

2/ دعوى المطالبة او التعويض إذا لم تقدم الى المؤسسة العامة للتأمينات كتابة خلال خمس سنوات من التاريخ الذي تعتبر فيه المستحقات واجبة الأداء.

3/ سائر الحقوق التي لا تتعلق بعقار ولم يرد ذكرها بنص قانوني خاص.

ولكن هناك استثناء حدده القانون يجيز لطالب الحق التقدم والمطالبة بحقه حتى بعد انقضاء المدة المحددة وسقوط الحق بالتقادم وهو العذر الشرعي، حيث جاء في نص المادة (443) من القانون المدني بأن العذر الشرعي هو:

((غياب صاحب الحق ومرضه المانع أو كونه عديم الأهلية أو ناقصها إذا لم يكن له ولي أو وصي ويزول العذر بحضور أو بلوغ القاصر رشيداً أو زوال سبب انعدام الأهلية أو نقصها إذا كان بالغا...)).

 ويستفاد من هذا النص انه إذا كان صاحب الحق الذي مضى الزمن لسماع دعوته صاحب عذر ممن حددهم النص فانه يحق له بعد زوال العذر تقديم دعواه مطالبا بحقه متمسكا بعذره الشرعي.

 

انقطاع مدة تقادم حقوق العامل فإن الدكتور:

من المعروف أن أي فعل أو تصرف يصدر من العامل في سبيل الوصول إلى حقه يعد قاطعا للتقادم وهذا ما نصت عليه المادة (446) مدني:

((ينقطع سريان المدة التي يترتب عليها عدم سماع الدعوى في الأحوال الآتية:

- المطالبة القضائية ولو رفعت إلى محكمة غير مختصة.

- تكليف المدين بالوفاء تكليفاً رسمياً.

- الحجز على مال المدين.

- تقدم الدائن بطلب بقبول حقه في تفليس أو توزيع.

- إشعار من الدائن لمدينه إثناء نظر إحدى الدعاوى بينهما

- إقرار المدين بحق الدائن إقرارا صريحاً أو ضمنياً)).

وعليه فأنه إذا أراد العامل التمسك بحقه فينبغي عليه قطع مدة التقادم المسقطة لحقه، فيجب عليه أن يقوم قبل مضي مدة السنة على تاريخ استحقاق حقه أن يقوم بتكليف صاحب العمل بالوفاء بحقه خلال مدة معينة تكون في الغالب خمسة عشر يوماً.

والمقصود بالتكليف الرسمي هو أن يتم تنفيذه وفقاً لقواعد الإعلان الرسمية إما عن طريق محضر المحكمة أو عاقل الحارة أو قسم الشرطة للتأكيد على جدية العامل في المطالبة بحقه، وهذا التكليف يقطع التقادم.

كما ينقطع التقادم إذا ما قام العامل بتقديم دعواه المتضمنة المطالبة بحقه حتى ولو تم تقديمها إمام محكمة غير مختصة بنظر النزاع نوعياً أو مكانياً،

 كما تنقطع مدة التقادم إذا قام صاحب العمل بتقديم طلب شهر إفلاسه أو توزيع أمواله على دائنيه، فالعامل في هذه الحالة يعد من دائني صاحب العمل وطبقاً لقانون العمل يكون حق العامل لدى صاحب العمل ممتازاً أي تكون له الأولوية في استيفاء حقه قبل بقية الدائنين. وتنقطع مدة التقادم في هذه الحالة بمجرد طلب صاحب العمل شهر إفلاسه من دون حاجة إلى إي إجراء آخر من قبل العامل.

كذلك تنقطع مدة التقادم بالنسبة لحق العامل إذا قام صاحب العمل في إثناء رفع العامل لدعواه بإشعار العامل بأحقيته في دعواه ففي هذه الحالة تنقطع مدة التقادم، لأن ما صدر من صاحب العمل في هذه الحالة يكون بمثابة إقرار أو اعتراف من صاحب العمل بحق العامل.

وكذا تنقطع مدة التقادم بالنسبة لحق العامل في حالة إقرار صاحب العمل صراحة أو ضمناً بحق العامل سواء كان الإقرار شفوياً أو كتابياً وسواء أكان الإقرار صريحاً أم ضمنياً.

وكذا تنقطع مدة التقادم بالنسبة لحق العامل إذا تم الحجز على صاحب العمل أو المشروع الذي يملكه، فبمجرد الحجز على صاحب العمل تنقطع مدة التقادم بالنسبة للعامل دون حاجة إلى أي إجراء أخر من قبل العامل تجاه صاحب العمل، ويكون للعامل في هذه الحالة الأولوية في استيفاء حقوقه لان قانون العمل قد صرح بأولوية حقوق العامل. (١)

 

الوجه الرابع: الآثار المترتبة على انقطاع مدة التقادم بالنسبة لحق العامل:

بينت هذه الآثار المادة (447) مدني التي نصت على انه (يترتب على انقطاع المدة سقوط المدة السابقة ولزوم مدة مماثلة للمدة الأولى تبدأ من وقت زوال الأثر المترتب على سبب الانقطاع) فمن خلال استقراء هذه المدة نجد أنها تقرر صراحة سقوط المدة السابقة على سبب الانقطاع ويتم احتساب مدة تقادم جديدة بدء من تاريخ زوال سبب الانقطاع. (١)

 

ختاماً:

فإن القانون قد كفل حقوق العامل وأحاطها بالكثير من الضمانات ومنح العامل الكثير من المزايا القضاية  كونه العامل هو الحلقة الأضعف في علاقة العمل وبما يشجعه على المطالبة بحقوقه. ومن هذه الميزات القضائية:

1/ الاعفاء من الرسوم القضائية، مادة (157) من قانون العمل اليمني الجديد.

2/ نظر الدعاوى العمالية على وجه السرعة، مادة (137) من قانون العمل اليمني الجديد.

3/ جواز الحكم في الدعوى العمالية بالنفاذ المعجل، مادة (136) من قانون العمل اليمني الجديد.

 

المصادر:

القانون المدني اليمني.

قانون الاثبات اليمني.

قامون التأمينات الاجتماعية.

المراجع:

(١) - تقادم حقوق العامل د. عبد المؤمن شجاع الدين.

- شرح أحكام قانون العمل اليمني أ.د. عبد الله الخياري.

- تقادم الحقوق العمالية أ. عبد الله المرير.

ليست هناك تعليقات: