[يجب على المحكمة أن تحكم في كل طلب أو دفع قُدم إليها وفقاً للقانون، ولا يجوز لها أن تحكم بما لم يطلبه الخصوم أو لمن لم يكن طرفاً في الخصومة أو عليه]
ولما كانت الدعوى كما عرفتها المادة (70) من ذات القانون هي:
[الدعوى هي الوسيلة الشرعية والقانونية لكل ذي ادعاء أو دفاع يرفعه الى القاضي للفصل فيه وفقاً للقواعد الشرعية والقانونية]
فإنه يشترط لقبولها شكلاً ان ترفع بالإجراءات والوسيلة (الطريقة) التي رسمها القانون م(70) مرافعات الدعوى هي الوسيلة الشرعية والقانونية لكل ذي ادعاء أو دفاع يرفعه الى القاضي للفصل فيه وفقاً للقواعد الشرعية والقانونية
ولما كان الادعاء ببطلان عقد الصلح يصنف بأنه من قبيل الدعاوى لا من قبيل الدفوع، فإن الوسيلة (الطريقة) القانونية للتمسك به وتقديمه امام القضاء -بحسب الأصل- هي الدعوى الاصلية وذلك بتقديم دعوى بطلان مبتدأه امام المحكمة الابتدائية، أو بالوسيلة القانونية الاستثناء من ذلك الأصل وهي وسيلة الطلب العارض الذي يقدم من المدعى عليه إذا ما كانت هنالك دعوى منظورة امام المحكمة في مواجهته تتضمن المطالبة بتنفيذ عقد الصلح، ففي هذه الحالة بحق للمدعى عليه ان يقدم طلب عارض (مقابل) ببطلان العقد وفقاً لما قررته المادة (199)مرافعات طبقاً لأحكام القانون.
مع الاخذ بعين الاعتبار بعدم جواز اثارة دعوى بطلان العقد في عريضة الاستئناف وذلك لضرورة توجه أسباب الاستئناف نحو قضاء الحكم المطعون فيه ناهيك عن ان الدفع بالبطلان يجب ان يوجه الى موضوع ومحل الاستئناف لا الى عقد الصلح وذلك لان الدفع وسيلة يراد بها الدفع بموضوع الدعوى او الاستئناف لا الى الدليل وفقاً لما نصت عليه المادة (179) مرافعات.
فضلا عن كون الادعاء امام محكمة الاستئناف مخالف لاحكام القانون من عدة صور ابرزها
الصورة الأولى/ اهدار لمبدأ التقاضي على درجتين وفصلها في دعوى جديدة (طلب جديد) أثيرت لأول مرة في مرحلة الاستئناف:
من المبادئ الحاكمة للقضاء والتقاضي البدا المنصوص عليه في المادة (22) من قانون المرافعات والذي يقضي بأن:
[الأصل في التقاضي أن يكون على درجتين إلا ما استثني بنص القانون.]
ويعتبر مبدأ التقاضي على درجتين من الضمانات والمبادئ الأساسية في التنظيم القضائي اليمني لا تجوز مخالفته لتعلقه بالنظام العام، ويجب على المحاكم إعمال مقتضاه من تلقاء نفسها... ومن مقتضياته أنه لا يجوز لمحاكم ثاني درجة قبول دعاوى مبتدئة بإجراءات مبتدأة.... لأن في ذلك تفويتاً لدرجة من درجات التقاضي، وترتيباً على ذلك لا يجوز للخصوم أبداً تقديم طلبات جديدة أمام محاكم ثاني درجة باعتبارها محاكم استئنافية.
القاضي/ محمد نعمان الأمير: عدم نزع الاختصاص
القضائي في النظام اليمني والأنظمة الوضعية، الطبعة الأولى، 1432-2011م، ص69-70.
وذلك ما جسدته المادة(228/د) من ذات
القانون كقاعدة ضمن القواعد الأساسية المحددة لنطاق الاستئناف ونطاق سلطة واختصاص
محكمة الاستئناف بقولها:[د- لا يجوز للخصوم التقدم بطلبات جديدة في الاستئناف وتحكم المحكمة من تلقاء نفسها بعدم قبولها].
فقاعدة أو مبدأ حظر تقديم طلبات جديدة أمام محكمة الدرجة الثانية تجد تبريرها في مسألتين أساسيتين هما: احترام مبدأي التقاضي على درجتين وثبات النزاع ومفهوم وظيفة محكمة الاستئناف، فالذي يترتب على الاستئناف هو طرح الدعوى على محكمة الدرجة الثانية لكي تفحصها من جديد سواءً من حيث الواقع أو من حيث القانون، فتصدر حكماً فاصلاً في الموضوع، فهو يكون ناقلاً، بمعنى أنه بدءاً من اللحظة التي يرفع فيها، فإن الاختصاص بالنزاع يسند إلى قاضٍ أعلى،.
مبدأ
التقاضي على درجتين: د/ أحمد هنيدي، مرجع سابق، ص162.
وبالتالي لا يجوز قبول طلب جديد في
مرحلة الاستئناف لأن مثل هذا الطلب تنقصه سبق خصومة أول درجة وقبوله يعني إلغاء
الدرجة الأولى للتقاضي، وهو أمر غير مقبول ولذلك جعل المشرع قاعدة حظر الطلبات
الجديدة من النظام العام...مما يتوجب على محكمة الاستئناف [التصدي لما لم
تفصل فيه محكمة أول درجة ممنوع على محكمة الدرجة الثانية لما فيه من إخلال بمبدأ
التقاضي على درجتين، وهو مبدأ أساسي من مبادئ التنظيم القضائي].الموسوعة الذهبية لأحكام النقض: د/ حسن
الفكاهي، ج4، ص535، رقم 1005
الصورة الثانية/ عدم الاختصاص
النوعي والولائي لمحكمة الاستئناف في نظر دعاوى مبتدأه ببطلان عقد الصلح أو الفصل
فيها قانوناً:حددت المادة(88) الواردة ضمن مواد الفصل الثالث المعنون ((الاختصاص بحسب نوع الدعوى)) من الباب الأول من الكتاب الأول من قانون المرافعات وظيفة محكمة الاستئناف واختصاصها النوعي بقولها:
[يجوز إبداء الدفوع الموضوعية أمام درجتي التقاضي في أية حالة كانت عليها الخصومة، وعلى المحكمة أن تقضي فيها قبل الفصل في طلب المدعي والحكم فيه يحوز حجية الأمر المقضي به]
ونطاق حدود اختصاص وسلطة محكمة ثاني درجة في القضايا الاستئنافية التي ترفع اليها محصورة بين حدين (قيدين) قررتهما الفقرة (ب) من المادة (288) من ذات القانون بقولها:
[ يرح الأستئناف للقضية المحكوم فيها أمام محكمة الأستئناف للفصل فيها من جديد في الواقع والقانون مع مراعاة الأحكام الآتية :
أ – لا تنظر محكمة الإستئناف إلا ما رفع عنه الإستئناف فقط .
ب- يجب على محكمة الإستئناف إلاّ تنظر إلا في الوجوه والحالات التي رفع عنها الأستئناف فقط وفي حدود ما فصلت فيه محكمة الدرجة الأولى من تلك الوجوه والحالات .
ج – يجب على محكمة الاستئناف أن تنظر القضية المستأنفة على أساس ما يقدم لها من دفوع وأدلة جديدة وما كان قد قدم من ذلك أمام محكمة الدرجة الأولى.
د – لا يجوز للخصوم التقدم بطلبات جديدة في الإستئناف وتحكم المحكمة من تلقاء نفسها بعدم قبولها .
هـ- تحكم المحكمة الأستئنافية فيما يتعلق بطلب شمول الحكم بالتنفيذ المعجل أو رفضه على وجه الأستعجال دون إنتظار للفصل في الموضوع.
و – تحكم المحكمة الاستئنافية إما بتأييد الحكم المستأنف أو إلغائه أو تعديله ، وإما بإعادة القضية إلى محكمة أول درجة للفصل فيما لم يتم الفصل فيه.]
وتطبيقاً لذلك فإن محكمة الاستئناف لا تختص نوعياً بنظر دعاوى مبتدأه ببطلان عقد الصلح الا اذا كان صلحاً قضائياً وكان الطعن ينصب على الحكم القضائي الذي صادق عليه ولأسباب معينة تتعلق بالعمل القضائي (التصديق) كان يصدر عن شخص لا يتمتع بالولاية القضائية، امام دعوى بطلان الصلح غير القضائي -كما هو حال الصلح المقضي ببطلانه في قضاء الحكم المطعون فيه-فلا ينعقد الاختصاص النوعي لمحكمة الاستئناف، وينعقد لمحكمة الدرجة الأولى اذ ان الوسيلة القانونية للتمسك به هي رفع دعوى اصلية مبتدأه امام المحكمة الابتدائية.
فالمقرر أن على أن عقد الصلح لا يجوز الطعن فيه إلا بطرق الطعن المقررة للعقود وهو رفع دعوى بطلان أصلية فلا يجوز الطعن فيه بطرق الطعن المقررة للأحكام ، أما الصلح القضائي فإنه يجوز الطعن فيه بالطريقين معاً أي برفع دعوى بطلان أصلية وبطرق الطعن المقررة للأحكام في بعض الحالات ذلك لأن الصفة العقدية تشترك مع الصفة القضائية في إتمامه فيجوز الطعن فيه برفع دعوى بطلان أصلية إذا كان هناك ثمة عيب يؤدي إلى بطلان العقد محل الصلح القضائي أو إذا كان العمل قد تم التصديق عليه من قبل شخص لا يتمتع بولاية القضاء أو زالت عنه هذه الولاية كما يجوز الطعن فيه بطرق الطعن المقررة للأحكام إذا كان هذا العمل صادراً في شكل حكم).
د/الأنصاري حسن النيداني الصلح القضائي – دور
المحكمة في الصلح والتوفيق بين الخصوم دراسة تأصيلة وتحليلية صـ (137 - 140)
الصورة الثالثة/ ان
الدفع ببطلان عقد الصلح امام محكمة الاستئناف مخالف للقواعد القانونية المنظمة
لحجية واثار عقد الصلح وكيفية الفصل في الدفع بسبق الفصل:عرفت المادة (668) من القانون المدني الصلح بقولها:
[الصلح عقد يرفع النزاع ويقطع الخصومة يحسم به الطرفان نزاعاً قائماً أو يتوقيان به نزاعاً محتملاً وذلك بأن يتنازل كل منهما عن جزء من ادعائه]
ويتفق الصلح مع الحكم القضائي الحائز لحجية الامر المقضي به، ومع احكام المحكمين من حيث ان الصلح شأنه شأن الحكم (القضائي-التحكيم) يشكل مانعاً قانوني يحول دون قبول الدعوى التي سبق حسمها بالصلح اتخذتا سبق حسمها بالصلح متى اتحدتا موضوعاً وسبباً واطرافاً، لما نصت عليه المادة(677) من ذات القانون بقولها: -
(يحسم الصلح المنازعات التي تناولها ويترتب عليه انقضاء الحقوق والادعاءات التي تنازل عنها أي من الطرفين تنازلاً نهائياً)
فالمقرر انه إذا تم الصلح بين المتعاقدين ترتب عليه انقطاع الخصومة والمنازعة بينهما شرعاً فلا تسمع دعواهما بعد ذلك وتحصل البراءة عن الدعوى ووقوع الملك في بدل الصلح للمدعي والمصالح به للمدعى عليه إن كان مما يحتمل التمليك.
د/ سليمان بن فهد عيسي العيسى التصالح بين
المتداعين في الأموال مرجع سابق صـ (117)
وذلك هو عين ما جسدته المحكمة العليا كقواعد
قانونية ومبادئ قضائية استقرت عليها في العديد من احكامها ومن ذلك على سبيل
المثال:- ما قررته المحكمة العليا في القاعدة رقم(31) طعن رقم (28356)لسنة 1427هـ (مدني) بقولها:
[يمتنع على الخصم العودة الى ذات المنازعة المنتهية بالصلح المبرم بينهما المنتج لآثاره]
المرجع :القواعد القانونية والمبادئ
القضائية المدنية -المحكمة العليا في اليمن-
العدد العاشر الطبعة الثانية 2014م-1435هـ صـ94
-
كذلك ما نصت عليه القاعدة رقم(14) طعن
رقم (22912) لسنة 1425هـ جلسة 16/11/2005م بقولها:[الصلح ينشئ دفعاً بعدم القبول ويمنع تجديد الدعوى بنفس الموضوع والسبب والأطراف]
المرجع: القواعد القانونية والمبادئ القضائية
المدنية -المحكمة العليا في اليمن-
العدد
العاشر الطبعة الثانية 2014م-1435هـ صـ45
ولئن كان الدفع بعدم قبول الدعوى لسبق
الفصل فيها بصلح يختلف عن الدفع بعدم القبول لسبق الفصل فيها بحكم قضائي او حكم
تحكيم في كونه ليس من الدفوع المتعلقة بالنظام العام كما هو حال الدفع بعدم
قبول(عدم جواز نظر) الدعوى لسبق الفصل فيها بحكم الا ان الصلح اذا ما تم الدفع به او التمسك به من
قبل احد طرفيه في مواجهة الطرف الاخر بعدم قبول الدعوى لسبق الفصل فيها بالصلح،
فإنه يكسب حجية الشى المتعاقد عليه التي ترتب ذات الأثر الذي يرتبه الحكم القضائي
كمانع من موانع قبول الدعوى الذي لا ينسحب اثره على الخصوم وحسب، بل وعلى المحكمة
ايضاً اذ يتوجب عليها احترام ذلك الصلح وحجيته المانعة من قبل الدعوى شأنه شأن
الحكم القضائي وذلك بالقضاء بعدم قبول الدعوى لسبق حسمها بالصلح، وإلغاء
الحكم الابتدائي (المستأنف) لفصله في دعوى سبق حسمها بذلك الصلح لاسيما وقد ثبت في
مجلس قضائها كافة المقومات القانونية اللازمة للقضاء بذلك وهي وجود صلح قائم بين
طرفين ولم يقضي ببطلانه او الغائه منذ انعقاده وحتى التمسك به من قبل الطاعن في
مرحلة الاستئناف فكان المتعين على محكمة ثاني درجة ان تكتفي بالتحقق من تلك
المقومات فقط، دون المساس به او اهداره لان ذلك الامر يخرج عن حدود اختصاصها
النوعي والوظيفي ولان العبرة في وجود المانع من سماع الدعوى او زواله هو بتاريخ
رفع الدعوى، فإذا وجد مانع من الموانع القانونية للدعوى وكان ذلك المانع لا
يزال قائماً وقت رفع الدعوى يغني على المحكمة القضاء بعدم قبولها، باعتبار ان المانع
معنى معلوم محدد يمنع وجود الحكم، أو يمنع تحقق السبب، وذلك أنه إذا وجد السبب
الشرعي، وتحقق شرطه، فلا يترتب المسبب عليه إلا إذا انتفى المانع، لأن المانع يمنع
ترتب الحكم على السبب.،حقيقته
أنه يلزم من وجوده العدم، ولا يلزم من عدمه وجود ولا عدم. انظر: تسهيل الوصول: ص 258، إرشاد
الفحول: ص 7، جمع الجوامع مع حاشية البناني عليه: 1 ص 98، الموافقات: 1 ص 179
اعداد الأستاذ/ سليمان نبيل الحميرياشراف الاستاذ/ فهمي عقيل ناجي انعم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق