الاشتراك والتمالؤ في جريمة القتل, وفق القانون اليمني

 

الاشتراك والتمالؤ في جريمة القتل, وفق القانون اليمني 

 

تعريف الشريك في جريمة القتل في القانون:

 نصت المادة ( 23) من قانون العقوبات اليمني على:

الشريك هو من يقدم للفاعل مساعدة تبعية بقصد ارتكاب الجريمة, وهذه المساعدة قد تكون سابقة على التنفيذ أو معاصرة له، وقد تكون لاحقة متى كأن الاتفاق عليها قبل ارتكاب الجريمة ، اما المساعدة اللاحقة التي لم يتفق عليها قبل ارتكاب الجريمة,  كالإخفاء فيعاقب عليها كجريمة خاصة.

 

عقوبته:

حدد قانون  العقوبات نفسه عقوبة الاشتراك في القتل في المادة  (24) بقوله:

من ساهم في الجريمة بوصفه فاعلاً أو محرضاً أو شريكاً يعاقب بالعقوبة المقررة لها, ما لم ينص القانون على خلاف ذلك, غير أنه إذا اختلف قصد مساهم في الجريمة عن قصد غيره من المساهمين, عوقب كل منهم حسب قصده.

وقد ذكر فقهاء الشريعة الإسلامية أنه يجب قتل الجماعة بالواحد سداً للذرائع ، وعملاً بما رآه الصحابة تأييداً لفعل عمر:

 وهو أن امرأة بمدنية صنعاء غاب عنها زوجها ، وترك عندها ابناً له من غيرها ، فاتخذت لنفسها خليلاً , فقالت له ، إن هذا الغلام يفضحنا فاقتله ، فأبي ، فامتنعت منه, فطاوعها, فاجتمع على قتل الغلام خليل المرأة  ورجل أخر والمرأة وخادمها ، فقطعوا أعضائه وألقوا به في بئر ، ثم ظهر الحادث وفشا بين الناس ، فاخذ أمير اليمن خليل المرآة فاعترف ، ثم اعترف الباقون ، فكتب إلى عمر بن الخطاب ، فكتب إليه عمر ، أن اقتلهم جميعاً ، وقال : ( والله لو تمالا عليه أهل صنعاء لقتلهم جميعاً ).

 

القتل بالاشتراك في بعض الأحوال, والتمالؤ:

 يُقتل المتسبب مع المباشر كحافر بئر لشخص معين  فردّاه فيها ، ومكِره مع مكَره لتسبب الأول ومباشرة الثاني ، أو يقتل أب أو معلم لتعليم القران أو الصنعة ، أمر كل منهما صبياً بقتل إنسان فقتله ، ولا يقتل الصغير لعدم تكليفه ، ولكن على عاقلة الولد الصغير نصف الدية, وان كان المأمور كبيراً قتل وحده إن لم يكن مكرهاً ، فان كان مكرهاً قُتلا معاً كما تقدم ، ويقتل سيد أمر عبده بقتل حر فقتله ، ويقتل العبد أيضاً أن كان كبيراً ، لأنه مكلف .

ويقتل شريك صبي دون الصبي إن تمالاً معاً على قتل شخص، وعلى عاقلة الصبي نصف الدية ، لأن عمده كخطئة, فإنه لم يتمالأ على قتله وتعمدا القتل، أو تعمده الكبير فقط فعلى الكبير نصف الدية في ماله، وعلى عاقلة الصغير نفسها، فإن كان القتل خطأ من الاثنين أو من الكبير، فعلى عاقلة كل منهما نصف الدية.

 

 معنى التمالؤ:

هو التعاقد والاتفاق, وهو قصد الجميع قتل شخص وضربه ،  وحضورهم وإن لم يباشره إلا أحدهم، لكن مع استعداد أي واحد لمباشره القتل ، فإذا لم يباشر هذا لم يتركه الأخر ، فلو تمالأ اثنان فأكثر على قتل شخص واحد ، أو تعمدوا الضرب له  وضربوه ، ولم تتميز الضربات أو تميزت وتساوت قتل الجميع ، وإن تميزت الضربات  وكان بعضهم أقوى, بأن كان شأنه إزهاق الروح ، قدًم الأقوى ضرباً في القتل دون غيره إن علم ، فإن لم يعلم قتل الجميع  ، والحاصل أن التمالؤ موجب لقتل الجميع  وان وقع الضرب من البعض ، أو كان الضرب حتى مات بنحو سوط أو يد أو قضيب ، وأما تعمد الضرب  بلا تمالؤ فإنما يوجب قتل الجميع إذا لم تتميز الضربات أو تميزت وتساوت, أو لم تتساوى ، ولم يعلم صاحب الضرب الأقوى والأقدام ، وهذا إن مات المجني عليه أو صار منفوذ المقاتل .

ولا يقتل شريك المخطئ وشريك المجنون، بل عليه نصف الدية في ماله إن تعمد القتل، وعلى عاقلة المخطئ أو المجنون نصف الدية الأخر، فإن لم يتعمد الشريك القتل فيكون نصف الدية على عاقلته. 

 وهناك قولان في القصاص من الشريك في مسائل أربع، وهي ما يلي:

ـ شريك سُبع أنشب أظفاره في الشخص بالفعل، ثم جاء إنسان فأجهز عليه, نظراً لتعمده قتله .

ـ شريك جارح نفسه جرحا يكون عند الموت غالباً، ثم ضربه مكلف قاصداً قتله ، نظراً لقصده.

ـ شريك حربي لم يتمالا معه على قتل شخص، فإن تمالا معه أقتص من الشريك قطعاً.

ـ شريك المرض بعد الجرح, بأن جرحه شخص  ثم حصل للمجروح مرض ينشأ عند الموت غالباً، ثم مات ولم يدر أمات من الجرح أو من المرض.

هذه المسائل الأربع فيها قول القصاص وقول بعدم القصاص, ولكن على الشريك نصف الدية في ماله ويحبس عاماً، ويكون القول بالقصاص في المسائل الأربع بالقسامة، والقول بنصف الدية بلا قسامة، والراجح في شريك المرض القصاص في العمد، والدية في الخطأ بالقسامة

- اجتماع المباشر والمتسبب: إذا أجتمع المباشر والممسك في القتل فالقصاص عليهما معاً، فيشارك القاتل والممسك في الضمان أو القصاص، لتسبب الممسك ومباشرته القاتل.

 ومثله الدال الذي لولا دلالته ما قتل المدلول عليه ، قياسا على الممسك، ومثله أيضا الحافر والمردي يقتص من الاثنين معاً. 

وأكثر العلماء لا تجب إلا دية واحدة, وذلك حيث مات بمجموع فعلهم مباشرة أو سراية أو بالانضمام, ولذلك ثلاث صور:

الأولى:

 أن تكون كل جناية لو انفردت قتلت بالمباشرة لكنها وقعت في وقت واحد, وإن وقعت مترتبة قتل الأول فقط وحكم لجناية من بعده, لأنها على من هو كالميت.

الثانية:

أن تكون كل واحدة قاتلة في العادة بالسراية لكنها اتفقت فقتلت جميعا بالسراية, حيث مات بمجموعها ولو كانت سراية أحدها اقرب إلى الموت فهو القاتل, ويلزم الآخر أرش الجراحة .

 الثالثة:

 أن تستوي في كل واحدة منها لو انفردت لم تقتل, سواء وقعت جنايتهم معا أو مترتبة وإنما قتلت بانضمامها, وسواء وقعت في حالة واحدة أو مترتبة .

فهذه الصور كلها حكمها واحد, فمتى استوت جنايات الجماعة في تأثيرها في الموت, لزمهم القود.

وقد ذكر الإمام  الشوكاني في كتابه نيل الأوطار في باب من أمسك رجل وقتله آخر, وسنذكر ما قال من باب أنه كاشتراك أو مساهمة في القتل, حيث روى عن أبن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إذا أمسك الرجل الرجل وقتله الآخر، يُقتل الذي قتل  ويُحبس الذي أمسك ).رواه الدار قطني.

واستدلوا بقول الله تعالى ( فمن أعتدي عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ). صدق الله العظيم.

وحكى في البحر أيضا عن النخعي ومالك والليث, أنه يقتل الممسك كالمباشر للقتل لأنهما شريكان, إذ لولا الإمساك لما حصل القتل.

وفي كتاب الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي, ذكر في اشتراك جماعة بقتل شخص واحد من المسلمين, وذلك بأن كان عمل كل واحد منهم ـ لو أنفرد ـ مزهقاً للروح وقاتلاً، ثبت القصاص على كل واحد من أولئك المشتركين في قتله.

أما إذا جرحه واحد منهم وكان الجرح غير قاتل ، ثم قتله الأخر  فأجهز عليه  كان الثاني هو القاتل ، وثبت عليه القصاص ، وأما الجارح الأول فعليه ما يستحق من قصاص جرح  أو ديته ، ولو جرحه احدهما جرحاً فأنهاه إلى حركة مذبوح ، وذلك بأن لم يبق معها إبصار  ولا نطق ولا حركة اختيار ، وأصبح يقطع بموته من ذلك الجرح  ولو بعد أيام ، ثم جنى عليه شخص أخر فالأول هو القاتل, لأنه  صيره إلى حالة الموت,

ويعزر الثاني لهتكه حرمة الميت، كما لو قطع عضواً من ميت.

واستدلوا بعدة أدلة منها:

أ ـ قصة الغلام الذي قتل في صنعاء, وقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه

(لو اشترك فيها أهل صنعاء لقتلهم)

 ورواية (لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعاً) ومعنى التمالآ : أي الاتفاق والتواطئي على قتله .

ب ـ إن حد القذف يثبت للواحد على الجماعة إذا اشتركوا في قذفه ، فكذلك ينبغي أن يثبت قصاص القتل للواحد على الجماعة, إذا صدر من كل منهم من العدوان عليه, ما لو انفرد به لكان قاتلاً بحسب الظاهر، لعدم الفرق بين الصورتين .

ج ـ يتعين القصاص من الجميع سداً للذرائع ، فإن المعتدي إذا علم أن الشراكة في العدوان تنجيه وتنجي المشركين من القصاص التجأً إليها لإنفاذ جريمته ، والفرار بعد ذلك من القصاص .

قال ابن قدامه: ولأن القصاص لو سقط بالاشتراك أدى إلى التسارع إلى القتل به، فيؤدي إلى إسقاط حكمة الردع والزجر.

اجتماع المباشر والسبب في القتل: إذا اجتمع في القتل الواحد المباشر والسبب، فتارةً يُقدم السبب على المباشرة فيقتص من المتسبب ، وتارة تقدم المباشرة على السبب فيقتص من المباشر, وقد يستوي السبب والمباشرة.

ونستخلص من هذا أن جمهور فقهاء قالوا:

تقتل الجماعة بالواحد: منهم مالك وأبو حنيفة والشافعي والثوري واحمد وأبو ثور وغيرهم ، سواء كثرت الجماعة أو قلت، وبه قال عمر ، حتى روي أنه قال ، لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعاً.

 وقال داود وأهل الظاهر: لا تقتل الجماعة بالواحد ، وهو قول ابن الزبير ،وبه قال الزهري : وروى عن جابر.

وكذلك عند هذه الطائفة لا تقطع يد بيد,  أعني إذا اشترك اثنان فما فوق ذلك في قطع يد.

وقال مالك والشافعي: تقطع الأيدي باليد، وفرقت الحنفية بين النفس والأطراف فقالوا:

تقتل الأنفس بالنفس، ولا يقطع بالطرف إلا طرف واحد، فعمدة من قتل بالواحد الجماعة  النظرُ إلى المصلحة ، فإنه مفهوم أن القتل إنما شرع لنفي القتل ، كما نبه عليه الكتاب في قوله تعالي: ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب.

 فلو لم تقتل الجماعة بالواحد لتذرع الناس إلى القتل بأن يتعمدوا قتل الواحد بالجماعة ، لكن للمعترض أن يقول  إن هذا إنما كان يلزم لو لم يقتل من الجماعة أحد, فأما إن قُتل منهم واحد، وهو الذي مِن قُتله يُظنّ  إتلاف النفس غالباً على الظن، فليس يلزم أن يبُطل الحد  حتى يكون سبباً للتسليط على إذهاب النفوس .

 

المراجع: 

الفقه المالكي الميسر

 شرح الأزهار – ج4 – صـ392ــ.

[5] . نيل الأوطار الإمام محمد علي الشوكاني

نظرية الانعدام الإجرائي, في قانون المرافعات اليمني

 

 

 

نظرية الانعدام الإجرائي, في قانون المرافعات اليمني

 

 

 

المعنى القانوني لانعدام العمل الإجرائي:

عرفته المادة (55) مرافعات بأنه:

 الانعدام وصف قانوني يلحق العمل القضائي, ويجعله مجرداً  من جميع أثاره الشرعية أو القانونية.

غير أن هذا التعريف ينصرف إلى العمل القضائي الذي هو من سلطة القاضي, ولا ينصرف إلى الأعمال الإجرائية الأخرى التي ليست من عمل القاضي, وإنما تحكمها القواعد العامة في الانعدام .

وتقوم فكرة الانعدام في العمل الإجرائي على أساس أنه يوجد فرق هائل بين العمل الباطل والعمل المنعدم, كالفرق بين من يفقد شعوره بالإغماء وبين من يفقد شعوره بالموت، فالمغمى عليه كالميت من حيث فقد الشعور إلا أن الاثنين مختلفان, فكل عمل قانوني له كيانه الخاص ويتحدد تكوينه  ووجوده وفقاً لعناصر محددة، فإذا فقد عنصراً  من عناصره اختل وجوده القانوني.

 فالعمل  الباطل يستوفي جميع عناصره اللازمة لوجوده, إلا أن العيب يلحق احد تلك العناصر ، أما العمل المنعدم  فإن العيب  يتعلق  بوجوده  بحيث لا ينتج أي اثر,  لأنه غير موجود كما أنه لا يتحصن بمرور مدة الطعن كالبطلان ، ولا يحتاج إلى حكم يقرره كما الشأن في البطلان, ما لم تدع الضرورة إلى ذلك.

لقد اعتمد الفقه الإسلامي هذه الفكرة  لأن الباطل والمنعدم في عدم ترتيب الآثار الشرعية مستويان ، ولا يتحصن العمل الإجرائي بفوات ميعاد الطعن في الفقه الإسلامي, سواءً كان الحكم منعدما لاختلال شرط انعقاده, أو لاختلال  شرط من شروط صحته، ففكرة الانعدام هي الأكثر توافقاً مع الفقه الإسلامي.

 

معيار الانعدام:

الانعدام عيب يلحق العمل الإجرائي ووجوده ، فالمشرع  اليمني في المادة (55) لم يضع معياراً للعمل الإجرائي  المنعدم, إلا أنه أورد كثيراً من التطبيقات لهذه الفكرة ، فيكون بذلك قد تبني معيار النص التشريعي في الانعدام ، كما أن وضع المعيار هو علمياً وظيفة الفقه الإجرائي, وعملياً يعد من وظيفة القضاء, وأفضل معيار هو المعيار  الذي يفرق بين نوعين من أنواع الانعدام:

 

النوع الأول: الانعدام القانوني :

 وهو الذي رتبه المشرع كجزاء للعمل الإجرائي الذي لم يتحقق فيه عناصر وجوده القانونية.

 

النوع الثاني: هو الانعدام  المادي أو الفعلي :

وهو الذي يتحقق ولو لم ينص  القانون صراحة عليه، ويكون ذلك إما لعدم القيام بالعمل الإجرائي, وقد يكون العمل الإجرائي موجوداً إلا أن عنصراًَ أساسياً تم إغفاله فيه.

 

شروط الانعدام القانوني :

 أولا: انعدام الإرادة :

إذا انعدمت الإرادة فلا يكون للعمل الإجرائي وجود, لان العمل الإجرائي  لا يوجد, إلا إذا كان  صادراً في ذي إرادة، وهذه القاعدة تؤكدها  القواعد العامة في القانون .

1-  انتفاء الولاية :

 قد يكون انتفاء الولاية القضائية مطلقاً, وقد يكون نسبياً, وقد يكون شخصياً: .

اولا: الانتفاء المطلق للولاية القضائية :

 يتحقق  في الحالات الآتية :

-  إذا كان موضوع الدعوى عقاراً موجوداً في الخارج, فالولاية القضائية تكون لدولة موقع العقار، أما الولاية  القضائية للمحاكم اليمنية محصورة في حدود السيادة الإقليمية للدولة,  ولا ولاية للقضاء اليمني  خارج حدود الدولة ، وبالتالي يكون حكم أية محكمة يمنية موضوعه عقاراً في الخارج منعدماً ً

- إذا كانت الدعوى مرفوعة  على أشخاص  يتمتعون بالحصانة القضائية أو الدبلوماسية, أو على أموال تتمتع  بتلك الحصانة,  والحكم في ذلك يكون منعدماً  استناداً إلى  انتفاء الولاية  القضائية، ومصدر هذا  الانعدام القانون والمعاهدات والاتفاقيات التي وقعت عليها اليمن والعرف الدولي.

- إذا سلب القانون الولاية القضائية لسائر المحاكم عن نظر بعض الدعاوى,  وأسند الولاية القضائية  لمحكمة بعينها وقصر ولايتها على تلك الدعاوى, مثل تلك الدعاوى الخاصة بمحاكمة رئيس الجمهورية, والتي قصر القانون تلك الولاية  على الدائرة الدستورية، لذلك فان انتفاء ولاية سائر المحاكم عن نظر هذه الدعوى يكون انتفاء مطلقاً.

- وقد يكون انتفاء الولاية مطلقاً بسبب أن المحكمة مختصة  بفئة محدودة  من الناس لأسباب خاصة,  كما في المحاكم العسكرية حيث تنفي ولايتها مطلقاً في محاكمة المدنيين .

 

ثانيا: الانتفاء النسبي :

 ويكون في الحالات التي اسند القانون الولاية القضائية لغير جهات القضاء, كما في اختصاص مجلس النواب في الفصل في صحة العقوبة,  ويتحقق في نظر المحاكم المدنية للدعوى التي اسند فيها القانون الاختصاص لمحاكم ذات ولاية محدودة,  كالمحاكم العسكرية .

ثالثا: الانتفاء الشخصي للولاية  القضائية :

 ويكون ذلك في الحالات التي يصدر الحكم أو الأجراء القضائي من غير ذي ولاية  قضائية, كصدور الحكم من غير قاضي أو بعد انتهاء ولاية  القاضي بسبب عزلة أو استقالته, أو بعد فترة ندبه أو نقله إلى محكمة أخرى.

أو من قاضي في درجة لم يشغلها بعد، أو إذا كان القاضي غير صالح لنظر الدعوى, إذ تنتفي ولايته القضائية  فيكون حكمه منعدماً.

 ويقتصر ذلك على الحالات التي قرر القانون الانعدام فيها، كأن يكون قد أدى شهادة في القضية المعروضة عليه.

او إذا كان وكيلاً لأحد الخصوم في أعماله الخصوصية. المادة (128) فقرة (7)

2-  انتقاص الولاية القضائية :

ويتحقق الانتقاص إذا صدر الحكم من هيئة حكم بغير التشكيل القانوني, لأن الولاية القضائية عندئذ تعتبر منتقصة, والولاية القضائية محل لا يتجزأ .

 

شروط الانعدام  المادي أو الفعلي :

-عدم القيام بالعمل الإجرائي, كعدم الكتابة  وخلو الحكم من المنطوق

-قد يكون العمل الإجرائي موجود إلا أن عنصراً أساسياً ثم إغفاله فيه, كعدم التوقيع على الحكم ، أو عدم التوقيع على محضر الحجز .

 

 

 

 

تطبيقات قانون المرافعات للانعدام:

اولا:

نصت المادة (15) من قانون المرافعات, على أن الجزاء يكون الانعدام في الأحوال التي سبق أن نظمها المشرع, وذلك في الأحوال الآتية:

1-   إذا صدر الحكم من غير قاض أو كان ذلك القاضي غير معين, فإن الحكم يكون منعدماً.

 وهذه فكرة مسلم بها في الفقه الإجرائي, لأن الشخص الذي أصدره يكون مغتصبا للسلطة.

2-   إذا خالف القاضي حدود ولايته الزمانية والمكانية, كأن يكون أصدر الحكم بعد انتهاء فترة ندبه أو بعد إحالته إلى التقاعد, ما لم تكن القضية محجوزة للحكم, أو في غير المحكمة التي عين فيها فإن حكمه يكون منعدماً, لأنه يكون صادراً من غير ذي ولاية.

3-    إذا صدر الحكم مخالفاً للتشكيل القانوني للمحكمة, كما لو كانت المحكمة مكونة من ثلاثة قضاه وصدر الحكم من اثنين, فإنه يكون منعدماً بانتقاص الولاية.

وهذه فكرة يأخذ بها جمهور الفقه الإجرائي, وتتفق هذه الفكرة مع الفقه الإسلامي.

4-   إذا قضى القاضي في نزاع وكان قد سبق حسمه بحكم بات أو بحكم محكم, فيكون حكمه منعدماً.

 وتقرير هذا الحكم يؤدي إلى استقرار الأحكام القضائية, ويكون القاضي بفتحه نزاعا قد تجاوز ولايته القضائية, التي لا تسمح له أن يحكم في مثل ذلك النزاع, ولو كان ذلك الحكم قد صدر من المحكمة العليا.

5-   إذا كان القاضي غير صالح لنظر الدعوى, في الحالات المنصوص عليها في المادة (128/ 1 ،2 ، 4 ،6 ، 8 ،9) يضاف إلى ذلك حالة أداء الشهادة, وحالة كون القاضي وكيلاً لأحد الخصوم في أعماله الخصوصية.

6-   إذا لم تتوفر الأركان اللازمة لوجود الحكم القضائي, طبقاً للمادة (217) .

ثانيا:

هناك حالات تعتبر تطبيقا خاصا لفكرة الانعدام, كما في المادة رقم (153/3) المتعلقة ببطلان عمل القاضي إذا كان حكماً أو عملا قضائيا, نتيجة ثبوت دعوى المخاصمة, وذلك البطلان هو مرادف للانعدام لأن دعوى المخاصمة لا ترفع في ميعاد الطعن في الأحكام, كما أن هناك تطبيقين خاصين هما اقرب لفكرة الانعدام, وقد نص عليهما المشرع في المادة رقم (304/807) في باب التماس إعادة النظر, وهما حالة ما إذا كان القاضي قد حكم بما لا يطلبه الخصوم, ولم يبين ذلك إلا  عند التنفيذ، وحالة ما إذا ظهر عند التنفيذ أن أجزاء الحكم يناقض بعضها بعضا, فتلك الحالتان ما هما إلا تطبيق من تطبيق نظرية الانعدام, لان الحكم الأول يكون قد صدر بدون خصومة, ووجود الخصومة يعتبر ركناً في الحكم القضائي, كما أن الحكم الثاني يعتبر خاليا من المنطوق, ولا شك أن خلو الحكم من المنطوق يعتبر نقصا في ركن شكلي من أركان الحكم القضائي, كما أن الطعن فيهما بالالتماس غير مقيد بمدة محددة, وإنما عند اكتشاف قاضي التنفيذ ذلك, لذلك فكلا الحكمين يعد تطبيقا خاصا من تطبيقات نظرية الانعدام.

 

أثر الانعدام والتفرقة بينه وبين البطلان:

2- يترتب الانعدام بقوة الشرع والقانون, فلا يحتاج في تقريره إلى حكم قضائي لأنه لا حاجة إلى إعدام المعدوم, كما أنه لا حاجة للطعن في الحكم المنعدم للتوصل إلى إلغائه, وإنما يمكن انكار وجوده عند التمسك به، ويمكن رفع دعوى جديده بموضوع الحكم المنعدم، فهو لا يحوز حجية الأمر المقضي لأنه غير موجود, أما العمل الباطل فإنه يترتب عليه جميع أثاره القانونية حتى يحكم ببطلانه, كما أن الحكم الباطل إذا فاتت مواعيد الطعن فيها صار محصناً.

3-  لا يقبل الانعدام تصحيحاً, فهو كالموت لا يقبل شفاء, أما البطلان فقد يقبل التصحيح .

4- تقضي المحكمة من تلقاء نفسها بالانعدام, لأنه متعلق بالنظام العام, ولا تقضي بالبطلان نفسها إلا إذا تعلق بالنظام العام.

5-  لا يحتاج العمل المنعدم إلى نص تشريعي حتى يحكم به القاضي, لأن المشرع ينظم الأعمال الموجودة لا الأعمال المنعدمة, إلا أن المشرع أحياناً قد ينص على حالات يكون الجزاء فيها هو الانعدام لشيوعها ولخطورتها, وهذا ما فعله المشرع اليمني في قانون المرافعات.

 

 

 

 

استرداد ما دفع بغير وجه حق, وفق القانون اليمني

 

استرداد ما دفع بغير وجه حق, وفق القانون اليمني

 

تعريف معنى الدفـع غير المستحق:

 هو الوفـاء بدين غير واجب على من وفاه، ولكنه يعتقد أنه ملزم بالوفاء به.

، ويترتب على ذلك التزام الموفي له برد ما دفع لـه دون وجه حق إلى الموفي، لأنـه لو احتفظ به يعد ذلك اثراء على حساب غيره.

 

ويرى السنهوري أن الدفع غير المستحق: هو إثراء كان له سبب ثم انتهى إلى أن يكون بغير سبب, ومعنى ذلك أنه يمكن للموفي أن يرجع على المدين الحقيقي بدعوى الإثراء لا سبب في حالتها العـادية, أو يرجع على الموفي له بدعوى استرداد غير المستحق, غير أنه وإن كان لهذا الإثراء سبب وهو الوفاء كتصرف قانوني, فإنه لو زال سبب هـذا التصرف لأي سبب كـان، كما لو طعن الموفـي بغير حـق فـي هـذا التصرف بعيوب الإرادة، أو يتمسك بشـرط فاسـخ، أو أبطل الـعقد الذي أنشـأ الدين، فإن هـذا التصرف يصبح واقعـة مادية لا تعد سببا للإثراء, وأمكـن طلب التعويض على أساس الإثـراء بلا سبب.

 

في القانون اليمني:

نظم المشرع اليمني الدفع غير المستحق في الباب الرابع (الفعــــــل النافـــــع) الفصل الأول دفع غير المستحق, وهي المواد من المادة 318 من القانون المدني إلـى المادة322من نفس القانون:

 مادة (318) :

 كل من تسلم على سبيل الوفاء ديناً ليس مستحقاً له يلزمه رده ولو كان ما دفع بغير حق, تنفيذاً لالتزام لم يتحقق سببه أو زال سببه بعد أن تحقق, ويستثنى من ذلك الحالات الآتيــة:

1- أن يكون الدافع عالماً بأنه غير ملزم بالدفع, إلاّ أن يكون ناقص الأهلية أو مكرهاً على الدفع .

2- أن يكون الدافع قد حرم المدفوع له من سند قِبَل المدين الأصلي, أو حرمه من ضماناته .

3- أن تكون المدة التي يترتب عليها عدم سماع دعوى المدفوع له على مدينه الأصلي قد مضت .

4- إذا كان الدين الذي دفع لم يحل أجله, ولو كان الموفي جاهلاً بقاء الأجل.

مادة (319) :

 إذا كان من تسلم ما ليس حقاً له ناقص الأهلية, فلا يلزم إلاّ برد ما بقى ولم يستهلك .

مادة (320) :

إذا كان من تسلم ما ليس حقاً له كامل الأهلية, فأنه يلزم برد ما تسلم مع الفوائد والأرباح, التي جناها من يوم المطالبة بالرد .

مادة (321) :

إذا كان من تسلم ما ليس حقاً له كامل الأهلية وغير عالم بأنه تسلم ما ليس له بحق, فيلزم برد الفوائد الأصلية دون الفرعية .

مادة (322) :

 لا تسمع الدعوى باسترداد ما دفع بغير حق بعد انقضاء عشر سنوات, من اليوم الذي يعلم فيه الدافع بحقه في استرداد ما دفع مع عدم المانع .

 

شروط قيام الدفع غير المستحق:

لقيام الدفع غير المستحق وتحققه يجب توافر الشروط الآتية:

الشرط الأول : أن يكون هناك وفاء:

يقصد بالوفاء كل تصرف قانوني يقوم به الموفي يترتب عليه الوفاء بدين يعتقد أنه في ذمته, ويأخذ الوفاء عـدة صور، فيكون بتقديم عقـار أو نقود أو أشياء مثلية، أو أداء عمل، كمـا يمكـن أن يكون وفـاء بمقابل، أو تجديدا، أو مقاصة، أو إقرار جديد بالدين.

 مادة (318) :

 كل من تسلم على سبيل الوفاء ديناً ليس مستحقاً له يلزمه رده.

فالعبرة إذن حسب ما تقدم هي بحصول الوفاء مهما كان نوعه, فيؤدي إلى التزام من تلقى هذا الوفـاء يرد ما تسلمه، وإذا حصل أن أنكر الدائن دعوى المدين، فإنه يقع على هذا الأخير عبء إثبات حصول الوفاء، طبقا للقواعد العامة في إثبات التصرفات القانونيــة.

وبناء عليه إذا لم يتحقق الوفاء بالطريقة المذكورة، فإن القاعدة العامـة في الإثراء بلا سبب هـي التي تطبق، وليس قاعدة الدفع غير المستحق.

 إضافة إلى ذلك يجب أن لا يقصد الموفي بغير حق من وفائه التبرع, إذ أنه لو قصد ذلك لأعتبـر تصرفه هبة، ويكون صحيحا بها، ومن ثم فلا محل لاسترداد غير المستحـق.

 

الشرط الثاني : أن يتم الوفاء بدين غير مستحق:

نصت المادة (218) من القانون المدني:

ولو كان ما دفع بغير حق تنفيذاً لالتزام لم يتحقق سببه أو زال سببه بعد أن تحقق .

 ويتضح مـن هذا النص أن دفـع غير المستحق هو وفاء تـخلف فيه ركـن السبب، وهو أحد شروط صحته القانونية، بوصفه تصرفا قانونيا, كما لو صدر من ناقص الأهلية، أو كان مشوب بعيب من عيوب الإرادة، و السبب قد لا يتحقق أصـلا، أو قد يتحقق ثم يزول فيمـا بعد, ولـذلك فيمكن أن يحصل الوفاء بغير المستحق وقت استحقاقه, أو بعد أن يصبح غير مستحق.

 

الحالات التي  يكون فيها الدين غير مستحق, وتجوز المطالبة باسترداده:

الحالة الأولى: إذا كان الدين غير موجود أصلا:

كما لو أن وارث ينفذ وصيته لمورثة، ويتضح فيما بعد أن الموصي قد عدل عـن الوصيـة قبل موته، فيكون الدين في هذه الحالة منعدما بالنسبة للدافع وبالنسبة للمدفوع له، كما لا يكون للدين وجود إذا كان دينا وهميا أو دينا طبيعيا، أو كان مصدره عقدا باطلا، ومثـال ذلك الدين الطبيعي، وهو دين غير واجب الأداء، فإذا أداه المدين عن غلط يستطيع استـرداده, أمـا إذا أداه اختيارا فليس له أن يسترده، وهو ما ورد في المـادة 318 ق.م.

 الحالة الثانية: إذا كان الدين مؤجل الاستحقاق:

يكون الدين في هذه الحالة معلقا على شرط واقف، أو مضافا إلى أجل واقف، ويقوم المدين بالوفاء به قبل تحقق الشرط أو بعد تخلفه، فيجوز له استرداده قانونا، وهذا ما نصت عليه المادة 318/4 ق.م.

 أمـا إذا كان الدين معلقا على شرط فاسخ أو كان مقترن بأجل, فلا يمكن استردادهما إذا وفيا, وفي ذلك نصت المادة 318 ق.م

(4- إذا كان الدين الذي دفع لم يحل أجله ولو كان الموفي جاهلاً بقاء الأجل.، وفي هذه الحالة يجوز للمديـن أن يطالب فـي حدود الضرر اللاحق به، برد مبلغ الإثراء الذي حصل عليه الدائن بسبب هذا الوفاء المعجل)

 

الحالة الثالثة: اعتقاد الموفي بوجوب قيامه بهذا الوفاء :

الأصل أن لا يوفي الشخص دينا ما إلا إذا كان يعتقد بأنه مستحق وواجب الأداء، غير أنـه في حالـة دفع غير المستحق فإن الدافع يقع في غلط يجعله يعتقد وقت الدفع أنه مـلزم بأداء الدين, وقـد جعـل المشرع له قرينة قانونية، إذ أن غلطه مفترض لا يكلف بإثباته شريطة ألا يكون قد قصد بوفائه التبـرع, فيكفي أن يثبت أن لا وجود لدين مستحق وقت الدفع، كي تقوم هذه القرينة فضلا على أنه يجوز له الطعن في التصرف بعيوب الإرادة، والمطالبة بالتعويض على أساس الإثراء بلا سبب.

أمـا المـدفوع لـه فـلا يشتـرط فيـه الـغلط، فسـوء كـان حسـن أو ســيء النيــة فإنه ملزم برد ما دفع لـه دون وجه حق، غير أن المشرع مكنه من إثبات عـكس القرينة الممنوحة للدافع، فيجوز له أن يثبت علم هـذا الأخير وقت الدفع بعدم التزامه بذلك, كما نصت على ذلك المادة (320)ق.م

(إذا كان من تسلم ما ليس حقاً له كامل الأهلية, فأنه يلزم برد ما تسلم مع الفوائد والأرباح التي جناها من يوم المطالبة بالرد .

 

أحكـام الدفـع غيـر المستحـق:

إن الدفع غير المستحق كما سبقت الإشارة إليه ما هو إلا تطبيق لقاعدة الإثراء بلا سبب، وإنه في حالة دفع غير المستحق تكون قيمة افتقار الدافع (الدائن) تساوي قيمة إثراء المدفوع له (المدين) فيلـزم هذا الأخير برد ما تسلمه.

وإذا مـا توافرت شروط الدفـع غير المستحق السابقـة ذكرهـا، جـاز للدافع المفتقر أن يرفـع دعـوى على المدفوع له المثري لاسترداد مـا دفع، وهذه الدعـوى غالبا ما تكون دعـوى شخصيـة إذا كان ما دفعه نقودا أو شيئا مثليـا، كمـا يمكن أن تكون دعوى عينية إذا نقل الدافع ملكيـة شـيء معين بالذات, فيطالب فيها باستحقاق الشيء المملوك له، كما أن لهذه الدعوى أجل تسقط فيه, وهو ما سنتناوله فيمـا يأتـي:

 

دعوى استرداد غير المستحق :

دعوى استرداد غير المستحق هي الدعوى التـي تنشأ للدافع قبل المدفوع له لاسترداد ما دفعه بغير وجه حق، غير أن الأثر يختلف بحسب ما إذا كان المستلم لغير المستحق حسن النية أو سيء النية, فضلا على أن هناك حالتان خاصتان نص عليها المشرع, وهما حالة الوفاء بدين مؤجل قبل حلول أجلـه، وحالة الوفاء لناقص الأهلية.

 

الحالة الاولى: إذا كان الموفي له حسن النية:

وحسن النية مفترض في هذه الحالة، وإذا ادعى الموفي عكس ذلك فعليـه أن يثبت بكافـة طـرق الإثبات.

ويزول افتراض حسن النية إذا رفعت الدعوى، فإنه منذ تلك اللحظة يصير الموفي لـه سـيء النيـة.

وإن تقدير حسن أو سوء النية يعود لقضاة الموضوع, لأنها من مسائل الـواقع ولا رقـابة للمحكمـة العليا عليهم.

والمدفوع له حسن النية لا يلتزم إلا برد ما تسلمه إذا كـان ما دفـع لـه نقـودا أو أشيـاء مثليـة - أغلالا أو قطافا- فيرد مقدار النقود دون الاعتداء بتغيـر سعرهـا، ويـرد القدر الذي أخذه من الأشياء المثلية.

أما الثمار والفوائد فلا يلتزم بردها ما دام قد تملكهـا بالقبض وبحسن نية, فالحائز حسن النية لا يلتزم برد الثمار.

 أما إذا كان المدفوع عقارا أو منقولا معين بالذات, فإن الموفي له يلتزم برد العين إذا وجدت., مـا لم يكن قد تملكها بالحيازة أو بالتقـادم المكسب,  أمـا إذا هلكت العين أو تلفـت أو ضاعت في يده فلا يكون مسؤولا, إلا إذا وقع بخطأ منه، وعلى الدافع إثبات ذلك الخطأ.

 أمـا إذا خرجت العين من يد من دفع له إلى يد أخرى، كأن تصرف فيها بالبيع فلا يلتزم إلا بدفـع الثمن الذي تلقاه من المشتري إلى الموفي، على أنه يجب على الموفي إذا استرد العين أن يدفع للموفـي له ما أنفقه من المصروفات الضرورية والنافعة, التـي أنفقها للمحافظة على العيـن .

وإذا كان الموفي له حسن النية فلا يلزم بتعويض مقابل ما انتفع به بالشيء عند رده للموفـي, أما العلاقة بين الذي دفع والغير، فانه طبقا للقواعد العامة إذا تصرف المـدفوع له لفائدة الغيـر، فإن تصرفـه لا يحتـج به قبـل الموفي لأنـه صـدر مـن غير مالك، ويجـوز للموفي أن يسـترد العيـن مـن الغيـر بدعــوى الاستحقـــاق. .

الحالة الثانية: إذا كان الموفي له سيء النية:

يقصد بسوء النية أن يعلم من تسلم غير المستحق أنه تلقى ما ليس لـه فيه حق، وفي هذه الحالـة يقـع على الذي دفع له عبء إثبات سوء نيته، ويلتزم الموفي له سيء النيـة بالرد حسب طبيعة الشيء الـذي تسلمه المدفوع لـه.

 فإذا كان نقودا أو أشياء مثلية وجب عليه رد قيمتها وكذا الفوائد والأرباح التي جناها من يوم الوفاء, أو من اليوم الذي أصبح فيه سيء النية, وهو ما نصت عليه المادة (320) ق.م

( إذا كان من تسلم ما ليس حقاً له كامل الأهلية, فإنه يلزم برد ما تسلم مع الفوائد والأرباح التي جناها من يوم المطالبة بالرد)

أما إذا كان المدفوع عينا معينا بالذات، فـإن الموفي له سيء النية ملزم برد العين مـا دامـت قائمـة, ورد ثمارها المتولدة عنها من يوم الوفاء، ولا يجوز له استرداد المصروفات التي أنفقها علـى العين إلا في حدود ما يجوز للحائز سيء النية من استرداد.

كما أنه يكون مسؤولا عن العين إذا هلكت أو تلفت أو ضاعت على يديه و لـو حدث ذلك علـى إثر قوة قاهرة، إلا إذا أّثبت أن العين هالكة حتى ولو بقيت تحت يد مستحقها .

وإذا حدث وأن تصرف الموفي له سيء النية في العين فإنه يكون ملزما برد العين لصاحبها الموفي أو قيمتها إذا استحـال ردهـا، ويمكن لـهذا الأخير الرجوع عليـه بدعوى الاستحقاق, إلا إذا كسـب المتصـرف إليه العين بسبب آخر.

هناك حالتان خاصتان نص عليهما المشرع في المادتين  ق.م, وهاتان الحالتان هما:

حالة الوفاء بدين مؤجل, وحالـة الوفـاء لناقص الأهليـة.

 

حالة الوفاء بدين مؤجل:

إذا كان المدين يجهل قيام الأجل أو كان قد أكره على هـذا الوفاء, فلـه أن يرجع على الدائـن بدعوى غير المستحق، وفضلا عن هذا يجوز للدائن أن يقتصر على رد ما استفادة بسبب الوفاء المعجل في حدود ما لحق المدين من ضرر، وبذلك تتحقق مصلحة الدائن من اتقاء إعسـار مدينه دون إضرار بـهذا الأخير، فإذا كان الدين الذي تم الوفاء بـه نقودا، وكان قبل حلول الأجل كان للدائن أن يرد فائدة ما وفي له بالسعر القانوني أو الاتفاقي, بدلا من رد ما استوفاه.

 

حالة الوفاء لناقص الأهلية:

لم يشترط المشرع اليمني الأهلية في مـن يدفع غير المستحق، حتى أنـه لو دفع وهو غير أهل لذلك فإنه يمكنه استرداد ما دفعه، أما المدفوع له لا تشترط فيه الأهلية أصلا ، ويقوم التزامه بالرد رغم نقص أهليته لأن التزامه بالرد لا يقوم على إرادته، بل ينشأ من واقعة تسلمه ما ليس مستحقا له وتحكمه قاعدة الإثراء بلا سبب.

وبناء عليه فإن المدفوع له إذا كـان ناقص الأهلية، وتسلـم عينا بالذات فهلكت العين، أو تلـفت أو ضاعت بغير خطئه، أو تبرع بها أو حدثت قوة قاهرة، فلا يكون ملزما بأي شـيء قبل الدافع حتى ولو كان سيء النية، كما أن ما فقده دون أن ينتفع به لا يدخل في تقدير إثرائه, وفقـا للمبدأ العام في قـاعدة الإثراء بلا سبب, أما إذا كان التلف أو الهلاك أو الضياع راجع إلى خطئه, فيسأل عنه مسؤولية تقصيرية .

ويعد من أمثلة انتفاع المدفوع له ناقص الأهلية بالمدفوع، أن يوفي به دينا عليه، أو ينفقه فـي ترميـم عقاره....الـخ. وفي الإثبات إذا كان المدفوع له ناقص الأهلية فـإن عبء الإثبات يقع علـى من دفع, فيثبت مـدى إثراء ناقص الأهلية بما دفع لـه.

 

سقوط دعوى استرداد غير المستحق:

تخضع دعوى استرداد غير المستحق للقواعد العامة في انقضائها وسقوطها، ولأن استرداد غيـر المستحق من تطبيقات الإثراء بلا سبب, فإن دعواه تسقط بنفس المدة التي تسقط بها دعوى الإثراء بـلا سبب، وهي عشر سنوات من يوم علم الموفي(الدافع) بحقه في الاسترداد، غير أن هناك وجه آخر للسقوط يختلف عن دعوى الإثراء بلا سبب, ويتعلق يتجرد الموفي له حسن النية من سند الدين أو من تأميناته، أو تركه دعواه تسقط بالتقـادم. وفـي ذلك نصت المادة (322) مدني يمني :

 لا تسمع الدعوى باسترداد ما دفع بغير حق بعد انقضاء عشر سنوات من اليوم الذي يعلم فيه الدافع بحقه في استرداد ما دفع مع عدم المانع .

وفي الحالات التي نصت عليها المادة, فـإن حق الدافع في الرجوع على الدائن بدعوى استرداد غير المستحق يسقط، رغم أن الوفاء لم يتحقق سببـه، ذلك لأن الدائن حسن النية قد تجرد مـن سلاحـه ضد المدين، والعبرة في ذلك أنـه لـو أجيز لمن دفع غير المستحق أن يسترد ما وفـاه مـن الـمدفوع له الدائن بدعوى غير المستحق, لما أمكن للدائن أن يرجـع على المدين لفقده سند الديـن أو ضاع منه تأمينه...الخ.

وكأن المشرع في هذه الحالة أحاط الدائـن حسن النية بحماية خاصة, فرجح حقه على حق الموفي وألزم المدين الحقيقي بتعويضه.

 ولا يمنع مـا سبق مـن رجوع الموفي(الدافع) على المدين الذي وفي عنه الدين, لأن ذلك يعد إثراء في جانبه على حساب الموفي، غير أن الفقه يشترط في حالة السقوط بالتقادم أن تكون هناك مخـالصة تثبت وفاء الدين، وتكون ثابتة التاريخ وذلك تجنبا للغش أو التواطئي الذي قد يلجأ إليه الدائن بعد أن يـسقط حقـه بالتقادم، ويفيد ثبوت تاريخ المخالصة فـي معرفة ما إذا كان الوفاء تم قبل تقادم الدين أو بعـده.

وتجدر الإشارة إلى أن الجهل بالحق في استرداد ما دفع بوجه حق لا يمنع من سريان مدة التقادم، ومن ثم فإن هذا الجهل لا يمكن أن يكون من الموانع التي يترتب عليها وقف التقادم بعد سريانـه.

 

اعتراف المتهم والعدول عنه, وفق القانون اليمني

 

اعتراف المتهم والعدول عنه, وفق القانون اليمني

 

 

شروط صحة الاعتراف:

أن يكون الاعتراف قضائياً صادر عن المتهم على نفسه في مجلس قضاء الحكم, فهذا وحده هو الاعتراف الذي يعطي للمحكمة الرخصة في الاكتفاء باعترافه, والحكم عليه بغير سماع الشهود.

اما الاعترافات الصادرة أمام مأموري الضبط القضائي لمحاضر جمع الاستدلالات, أو أمام النيابة العامة في محاضر التحقيق الابتدائي فلا يعتبر اعترافاً بالمعني القانوني, ومع ذلك فهذه الأقوال تخضع لتقدير المحكمة ويمكنها الاستناد إليها كدليل بعد تحقيقها والاطمئنان إليها, ولكن استناد المحكمة إلى تلك الأقوال دون تحقيق منها يعيب الحكم.

 

تقدير الاعتراف:

إذا لم يستكمل الاعتراف شروط صحته فعلى القاضي أن يطرحه, لأن الاعتراف هو دليل الإثبات الأول, إلا أنه ينبغي عدم المبالغة في قيمته كثيراً فقد يكون صادراً عن دوافع متعددة.

ولذلك فمن الواجب أخذ الاعتراف بشيء من الحذر وعدم التعويل عليه, إلا إذا انعدمت الدوافع التي قد تكون وراءه غير ظهور الحقيقة.

 ويشترط أن يكون الاعتراف منسجما مع الأدلة الاخرى في الدعوى, لأن الاعتراف في المسائل الجزائية سواء كان تاماً صريحاً أم جزئياً ملتوياً, لا يخرج عن كونه من عناصر الدعوى التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير حجيتها وقيمتها الدليلي على المعترف, وللمحكمة أن تأخذ من الاعتراف ما تطمئن إلى صدقه وتنزل منه ما لا تثق به, ولقاضي الموضوع متى تحقق أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه نفسه, أن يأخذ به في إدانة المتهم سواء أكان هذا الاعتراف قد صدر لديه لأول مرة, أم كان قد صدر أثناء التحقيق, وللقاضي أن يقدر الاعتراف المسند إلى المتهم في غير مجلس القضاء التقدير الذي يستحقه, وبناءً عليه لا حرج على المحكمة إن اخذت باعتراف المتهم أمام الشرطة أو أمام النيابة, رغم عدولة عنه بعد ذلك بجلسات المحاكمة مادامت قد اطمأنت إلى صدوره عنه.

ولها الأخذ بما تراه صحيحاً منه والعدول عن المدلول الظاهر لهذه الأقوال إلى ما يراه المدلول الحقيقي عقلاً, أو ذلك المتفق مع وقائع الدعوى وظروفها, فالاعتراف في المسائل الجنائية ليس في النهاية أكثر من عنصر من عناصر الاستدلال, التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات.

 

 

قيمة الاعتراف الوارد بالتحقيقات الابتدائية :

إن المحاكم الجنائية غير ملزمة بالأخذ بما هو مدون فيها, على اعتبار أنها كسائر الاوراق الرسمية حجة بما فيها مادام لم يدع بتزويرها, فلهذه المحاكم متى اقتنعت من وقائع الدعوى أو من الأدلة التي قدمها المتهم اليها, بأن الاعتراف المنسوب له في محضر التحقيق لم يصدر عنه ألا تعتد بهذا الاعتراف بلا حاجة الى الطعن بالتزوير, ولذلك فإذا أنكر المتهم صدور الاعتراف المعزو اليه في محضر تحقيق البوليس, فإنه يجب على المحكمة أن تبحث هذا الدفاع وتقدره كما ترى, وليس لها أن تطالب المتهم بوجوب الطعن في المحضر بالتزوير

 

اعتراف المتهم:

سلطة المحكمة في الاخذ باعتراف المتهم ولو عدل عنه فيما بعد:

أن تقدير قيمة الاعتراف وقيمة العدول عنه من المسائل الموضوعية التي يفصل فيها قاضي الموضوع بلا معقب عليه من محكمة النقض, فإذا كانت المحكمة قد اقتنعت بصحة اعتراف المتهم في تحقيق البوليس, وبينت الوقائع التي ايدت لديها ذلك, ولم تابه بعدوله عنه أمام النيابة العامة, و بجلسة المحاكمة لما ظهر لها أنه عدول قصد به التخلص من المسؤولية, بعد أن تطورت حالة المجني عليه وانتهت بوفاته, فإنه لا يصح أن ينعي عليها شيء من ذلك.

 

شروط صحته:

 أن الاعتراف يخضع لتقدير محكمة الموضوع, شأنه في ذلك شأن أدلة الاثبات الاخرى التي تطرح أمامها, فلها أن تأخذ به ولو عدل عنه صاحبه, كما لها أن تطرحه ولو كان مصرا عليه.

لا يلزم أن يوقع المتهم على الاعتراف الصادر منه والمثبت بمحضر التحقيق, مادام المحضر موقعا عليه من قبل المحقق والكاتب .

 

المراجع:

شرح قانون الإجراءات الجزائية اليمني صـ501

د/ محمد محمد سيف شجاع

 

كيفية تأسيس شركة صرافة

 

كيفية تأسيس شركة صرافة

المقدمة

 

تشهد خارطة المتاجرة بالعملات في الوطن العربي تطوراً سريعاً، وذلك نتيجة لما يشهده سوق تحويل العملات من نمو  وازدهار في ظل الزيادة في عدد السكان.

لذا نجد أن إقامة شركة صرافة مشروع رابح, حيث وأنه يقوم على  شراء وبيع العملات الأجنبية, والشيكات السياحية,  والشيكات المصرفية, وتسهيل عملية شراء وبيع العملات, وتوفير جميع العملات المطلوبة بشكل دوري ومستمر, وخدمة ضمان الرواتب للعمال والموظفين..

لذا قمت بعمل هذه الدراسة ونشرها في مدونتي لفتح الطريق أمام الطامحين في الاطلاع على كيفية تأسيس شركة صرافة, في بلدان يتميّز العديد منها بديناميكية المُعاملات المالية.

وقبل الغوص في تفاصيل خطوات تأسيس الشركة أنصح بالاستعانة ايضا بخبراء مصرفيين, التزاماً بقوانين المصارف المركزية في وطننا العربي، مع إعداد دراسات جدوى حول توقعات الإيرادات خلال السنوات الثلاث المقبلة من بدء أنشاء الشركة، واستيعاب إجراءات مُكافحة غسيل الأموال جيداً.

 

المؤشرات الماليه للمشروع

توضح المؤشرات المالية مدى نجاح المشروع من خلال معدل العائد وفترة الاسترداد, وفيما يلى مثال توضيحي لمؤشرات المشروع المالية : 

لنفترض أن رأس المال : 50 مليون ريال يمني

معدل العائد: 38%

فتره الاسترداد: سنتين ونصف.

  يتضح لنا من المؤشرات المالية أن المشروع سيحقق معدل عائد مناسب, وفترة استرداد مناسبة وفقاً لرأس مال المشروع المستثمر.

تعريف بالمشروع

عبارة عن إقامة شركة صرافة  تقوم بتوفير العملات الأجنبية والعملة المحلية, بسعر الصرف العادي مضاف إليه هامش ربح بسيط.

الخدمات

تتمثل الخدمات الخاصة بمشروع شركة صرافه فى الآتى :

1:  بيع وشراء العملات الأجنبية.

2: التحويلات لجميع أنحاء العالم .

3: بيع وشراء الشيكات السياحية.

4: سحب من حسابات ضمان الرواتب.

محتويات الدراسة

اولا: دراسة الجدوى التسويقية:

2: وصف المشروع.

3: خدمات المشروع.

4: مميزات ومواصفات الخدمة المقدمة.

5: مقومات ومبررات المشروع.

6: اهداف قيام المشروع.

7: دراسة العوامل المؤثرة على حجم الطلب والعرض.

8: دراسة حجم السوق.

9: حجم الطلب المتوقع على الخدمة.

10: دراسة المنافسين.

11: استراتيجية التسويق والتوزيع.

 

 

ثانيا: دراسة الجدوى الفنية:

1: الخدمة المقدمة.

2: اشتراط المشروع.

3: مراحل العملية التشغيلية.

4: طاقة المشروع.

5: رأس المال الثابت.

6: الايجارات.

7: الإنشاءات والمباني.

8: التجهيزات.

9: السيارات.

10: الاثاث والمفروشات.

11: رأس المال العامل.

12: الايادي العاملة.

13: مستلزمات التشغيل.

14: المرافق والخدمات.

15: المصاريف العمومية.

16: مصاريف التسويق والدعاية.

 

 

ثالثا: دراسة الجدوى المالية:

1: رأس المال المستثمر.

2: الهيكل التمويلي.

3: حجم الإيرادات.

4: حجم تكاليف التشغيل.

5: حجم التكاليف الثابتة.

6: قائمة الدخل التقديرية.

7: قائمة المركز المالي للمشروع.

8: قائمة التدفقات النقدية.

9: المؤشرات المالية.