من أنا

صورتي
صنعاء اليمن, شارع تعز 777175968, Yemen
المحامي أمين حفظ الله الربيعي محامي ومستشار قانوني وناشط حقوقي

البحوث القانونية

الأربعاء، 1 نوفمبر 2023

أثر عدم توقيع أحد العدول على التقارير الصادرة عنهم

 

أثر عدم توقيع أحد العدول على التقارير الصادرة عنهم

المقدمة:

تعتبر مهنة الخبرة من أهم المهن وأخطرها, فالخبير هو عون القاضي يضع تحت تصرفه خبرته وتجاربه ويكشف له ما خفي أو أشكل من الأمور, وينير ويهيئ له الطريق للفصل في النزاع المعروضة عليه على أساس سليم، ولما كانت الأمور التي تتطلب الاستعانة بأهل الخبرة قد تشعبت واتسع نطاقها بأتساع ميادين الحياة وازدياد مجالات العمل، فإن لخبرة هي الاستشارة الفنية التي يستعين بها القاضي في تكوين عقيدته واقتناعه في المسائل القضائية التي يحتاج تقديرها الي معرفة أو داريه خاصة.

 

ماهية تقارير الخبراء:

هي الوثائق التي تتضمن نتائج اعمال الخبراء في المسائل الفنية التي يكفلها القضاء بإبداء خبرتهم فيها.

الاستعانة بالخبراء: (العدول)

الاستعانة بالخبراء (العدول) هي وسيلة من وسائل الإثبات, حيث وان شهادة الخبراء ولاستعانة بها وباقولهم ليست شهادة مباشرة في اثبات الحق أو نفيه, وإنما هي قرينة قضائية يتوصل بها القاضي في إثبات الحق أو نفيه مع وجود أدلة مباشرة في القضية أو بدونها، وتكون الاستعانة بالخبير في المسائل التي تتطلب الخبرة الخاصة التي لا تتوفر أساسا في القاضي أو المحقق وكدلك في المسائل المراد التعرف فيها مما يدق فهما، حيث نصت المادة (165) من قانون الإثبات بقولها (:على المحكمة في المسائل الفنية كمسائل الطب والهندسة والحساب وغيرها مما يدق فهمه أن تعين خبيرا (عدلا) أو اكثر من المؤهلين علميا وفنيا  أو ممن لهم خبرة خاصة المشهورين بذلك لتستعين بهم في كشف الغامض من هذه المسائل مما يفيد إثبات الواقعة المراد إثباتها ويجب على المحكمة أن تذكر في قرارها بيانا دقيقا لمأمورية الخبير والأجل المضروب لإيداع تقريره فيه ويكلف الخبير بتقديم تقرير بما أدت إليه أبحاثه في الموعد المحدد ، ويجوز أن يتفق الخصوم على خبير (عدل ) أو اكثر تعينهم المحكمة بناء على طلبهم كما يجوز أن يختار كل من الخصمين خبيرا (عدلا ) على أن تختار المحكمة خبيرا (عدلا مرجحا).

لقد منح المشرع المحكمة سلطة تعيين الخبير أو أكثر, سواء من تلقاء المحكمة أو بناء على طلب الخصوم متى رأت ضرورة ذلك وفقا للنص المادة (167) من قانون الإثبات بقولها: {يكون تعيين الخبراء (العدول) من تلقاء نفس المحكمة أو بناء على طلب الخصوم...} وباستقراء نص المادة سالفة الذكر يتبين بأن عمل الخبير لمباشرته للمهمة بغير ندب من المحكمة يكون باطل ويجب على صاحب المصلحة التمسك بهذا البطلان.

أوجب القانون على المحكمة أن تذكر في قرارها بيانا دقيقا لماورية الخبير والأجل المضروب لإيداع تقريره فيه وتكلف الخبير بتقديم تقرير بما أدت إليها أبحاثة في الموعد المحدد، وفيما يرفعه الخبير من تقارير حسب خبرته كل فيما يخصه، فالنتيجة التي توصل إليها الخبير وتطمأن إليها المحكمة تكون دليلا في المسائل التي يتعينون فيها، وفقا ما نص عليه قانون الإثبات في المادة (175) بقولها: (تعتبر النتيجة التي توصل إليها الخبير أو الخبراء وتطمئن إليها المحكمة دليلا كاملا في المسائل التي يعينون فيها).

واجبات الخبير:

1ـ أن يكون مختصا في المهمة التي وكل فيها.

2ـ أداء اليمين القانونية قبل أداء المأمورية.

3ـ أداء المأمورية المكلف بها بالذمة والأمانة والصدق.

3ـ استدعاء الخصوم عند أداء المهمة.

4ـ تحرير محضرا بالإجراءات التي تمت، موقعا عليه مع الخصوم الحاضرين ويثبت غياب من غاب منهم واستدعائه له.

5ـ تقديم تقرير بما أدت إليه ابحاثه في الميعاد الذي حددته المحكمة موقعا عليه.

 أقسام تقارير الخبراء:

أولا: المقدمة: وتشمل على اسم الخبير وعلى المأمورية التي كلف بها نقلا عن القرار الصادر بذلك.

ثانيا: محاضر الاعمال: وتشمل على جميع الإجراءات والمباحث والتحقيقات التي آجراها الخبير.

ثالثا: النتيجة: وتشمل على رأي الخبير في المسائل التي ندب لها.

 فعندما يقدم الخبير التقرير إلى القاضي فإنه يؤشر عليه بإرفاقه بملف القضية بعد أن يقوم بمراجعته, فإن رأي أن النتيجة التي خلص إليها تتفق ووقائع الدعوي فإنه يستطيع أن يتصرف على ضوئه فأما أن يتصرف في أوراق الدعوى أو يواجه من سئلوا في التحقيق بنتيجة تقرير الخبير، وأما إذا رأى القاضي أن النتيجة التي خلص إليها الخبير غير حاسمة في الدعوى أو أنها لم تعرض صراحة للنقطة أريد تعرف الرأي فيها فإن القاضي يستوفى النقص, وفي هذه حالة اما أن يعيد الأوراق إلى الخبير مبينا النقص الذي يريد استكماله أو أن يدعو الخبير لمناقشته فيما أنتهى إليه من رأي وبهذا يستوفي النقص.

أجرة الخبير:

نصت المادة (163) من قانون الإثبات اليمني أنه: (يقدر أجر الخبير بناء على طلبه بأمر يصدر من المحكمة، يكون نافذا على الخصم طالب الإثبات. الخ.) 

تعيين الخبير:

نصت المادة (167) من قانون الإثبات بأنه: (يكون تعين الخبراء(العدول) بقرار من تلقاء نفس المحكمة أو بناء على طلب الخصوم، وتعين المحكمة الخصم الذي يلزم بأداء الأمانة(العدال) التي تقررها لصرف أتعاب الخبراء منها، ويجب على الخصم الذي عينته المحكمة أن يدفع الامانة في الميعاد الذي تحدده المحكمة، فإن لم يفعل سقط حقه في الاستشهاد بالخبراء ما لم يقم خصمه بدفعها، ويجوز أن تقتسم الأمانة بين الخصوم.)

 وباستقراء النصوص القانونية السالفة الذكر نجد أن قانون الإثبات نظم أجرة الخبير في ثلاث نقاط وهي كالتالي:

النقطة الأولى:

أجرة الخبير ملزم بتوريدها مقدماً الخصم الذي يطلب تعين أهل الخبرة، ويودعها خزانة المحكمة كأمانة أو "عدال" يستوفي الخبير مستحقاته منها.

النقطة الثانية:

 أجرة الخبير تندرج تحت مسمى المصروفات القضائية مثلها مثل أتعاب المحاماة، والرسوم ويتحملها الشخص الذي يحكم عليه بالمصروفات باستثناء النيابة العامة إذا كانت خصماً في الدعوى، فلا تلزم بدفع أجرة الخبير.

النقطة الثالثة:

 للمحكمة سلطة تقدير أجرة الخبير وتقديمه جزء منها، كما عليها صرف الأجور مقدماً وأن تقدرها، فسلطتها في ذلك كاملة

 الأسباب التي تؤدي لبطلان التقارير الفنية:

1ـ عدم قيام الخبير بأداء اليمين القانونية قبل أداء المأمورية.

2ـ عدم قيام الخبير بتنفيذ أحد البنود الموضوعة المكلف به من قبل المحكمة.

3ـ عدم قيام الخبير باستدعاء الخصوم.

4ـ عدم قيام الخبير بأخطار الخصوم بإيداع التقرير بالمحكمة. (طعن رقم 808لسنة 48ق)

5ـ عدم قيام الخبير بتحرير محضر بالإجراءات التي تمت.

6ـ قيام الخبير بتغيير الموعد المحدد الذي ارسله لطرفي النزاع دون اخطارهم مرة أخري.

7ـ قيام الخبير بالبحث عن نقاط لم يكلف بها.

8ـ عدم اثبات كل ما يرد في التقرير.

9ـ قيام الخبير بالبحث عن مسائل قانونية لا تدخل في تخصصه الفني.

10ـ إذا شاب التقرير تناقض أو قصور أو فساد الاستدلال.

يتعين لكي تعتمد المحكمة على تقرير الخبير ما يلي:

1ـ أن يكون الخبير قد تم تعيينه من المحكمة أو من أطراف النزاع.

2ـ أن يكون التقرير مقدما بصدد الدعوي التي تنظرها المحكمة.

3ـ أن يكون ندب الخبير قد حصل في مواجهة سائر خصوم الدعوي.

حجية تقارير الخبراء:

تقارير الخبراء عبارة عن طريقة أو وسيلة من وسائل الإثبات, النتائج التي ترد فيها ليست ملزمة للقاضي للحكم بموجبها، فللقاضي أن لا يحكم بموجبها ولا يأخذ بها وله يعمل ببعضها ويطرح بعضها الآخر ومحل كل هذا عندما يكون التقرير صحيحا، شريطة أن يذكر القاضي في الأسباب حكمة أسباب طرحه للنتائج الواردة في تقرير الخبير، وكذلك الحال حينما يأخذ بالنتائج الواردة في تقرير الخبير فعلي القاضي أن يبين أسباب اخذه بتلك النتائج ومن هذا المنطلق جاءت قاعدة (القاضي خبير الخبراء) وبالتالي لا يملك الخصوم النعي علي الحكم بانه لم يأخذ بتقرير الخبير طالما أن القاضي بين أسباب عدم اخذه بتلك النتائج، وفقا لما نصت عليه المادة (173) اثبات بقولها:{ للمحكمة أن تأخذ بتقرير الخبراء أو الخبير الذي تطمئن إليه مع بيان الأسباب إذا خالف التقرير الذي أخذت به تقريراً آ خر ولها أن تستمع إلى مناقشات الخصوم في شان التقارير المقدمة وملاحظاتهم عليها وان تكلف الخبير أو الخبراء مرة أخرى لاستكمالها أو تصحيحها إذا لزم الأمر أو ترفض طلبات الخصوم.}

وجوب مناقشة المحكمة لتقرير الخبير:

طالما أن النتائج التي يتضمنها تقرير الخبير ظنية وليست يقينية وغير ملزمة للقاضي، إلا أنه يجب علي القاضي في كل الأحوال أن يناقش ذلك في تسببيه وأن يبين الاسانيد التي جعلته يطمئن للنتائج الواردة في التقرير وأن يأخذ بها، ومناقشة القاضي لتقرير الخبير على هذا النحو واجبة ولازمة ويتأسس هذا الوجوب على التأكد بأن الحكم القضائي مجرد ونزيهة عن الهوى والمزاج وانه قد استند على مبررات واسانيد شرعية وقانونية ومنطقية.

 أسباب تناقض تقارير الخبراء امام القضاء:

1ـ عدم تحديد مهمة الخبراء بدقة.

2ـ عدم إلزام القاضي للخبراء بتقديم تقرير اولي.

3ـ اختلاف مناهج وطرق وثقافات الخبراء في عرض التقارير واعداده.

4ـ تفاوت الخبرة من حيث المستوي العلمي والخبرة المكتسبة.

5ـ ميل الخبراء الي الخصوم والمختارين من قبلهم.

أثر عدم توقيع أحد العدول على التقارير الصادرة عنهم:

المعلوم قانونا أن تقارير الخبراء تعد أحد طرق الإثبات التي اخذ بها القانون الإثبات اليمني وفقا لنص المادة (13) من قانون الإثبات بقولها: (طرق الإثبات هي: 8ـ تقارير الخبراء (العدول)...)

ولحيث أن للمحكمة مطلق الحق في تقرير ما أدلى به الخبير من آراء فلها أن تأخذ بما ادلى به ولها الا تأخذ به ومحل كل هذا عندما يكون تقريره صحيحا, اما إذا كان تقرير الخبير باطلا فلا تملك المحكمة بناء الحكم عليه والا أصبح مبنيا على اجراء باطل ولا يجدي في جوار الاعتماد على التقرير الباطل فالقول بان مرده على المحكمة التي لها الراي الأعلى في تقدير نتيجة الخبراء في المسائل المتنازع عليها، اذ أن سلطة المحكمة في تقدير اراء الخبراء محلها أن تكون هذه الآراء قدمت لها في تقرير صحيح.

 فتوقيع الخبير على التقرير المقدم منه ليس الا اجراء من الإجراءات الشكلية المتوجبة على الخبير حيث نصت المادة (172) من قانون الإثبات على: (: على الخبير أو الخبراء تقديم تقاريرهم في الميعاد الذي حددته المحكمة ويجوز للخبراء إذا تعددوا تقديم تقرير مشترك متفق عليه بينهم وموقع عليه منهم كما يجوز لكل منهم أن يقدم تقريراً مستقلاً برأيه موقعا عليه منه)

 فعدم توقيع الخبير على التقرير المقدم منه ليس إلا نقص في الإجراءات الشكلية للتقرير, وبالتالي فلا يتم قبوله ومناقشته وتعيد المحكمة الأوراق إلى الخبير وتأمره باستكمال الإجراءات الواجبة على الخبير استكمالها وهو التوقيع.

*المصادر:

1: قانون الإثبات اليمني.

2: مقال قانوني للدكتور عبد المؤمن تاج الدين.

3: مدونة الربيعي ـ بحث أجرة الخبير.

إعداد المحامي/ نوح محمد بن محمد الحداء

ليست هناك تعليقات: