الحكم بعدم القبول شكلا لا يعد سبقا في الفصل في الموضع ولا يحسم الموضوع

 من المبادئ الأساسية المنظمة لولاية القاضي وحدودها المبدأ المنصوص عليه في المادة (12) من قانون المرافعات والتي تقضي بأن:
((لا يجوز للقاضي ان يفتح نزاعا حسم بحكم قائم صدر من ذي ولاية قضائية او من محكم مالم ينص القانون على خلاف ذلك))
كما حددت المادة (77) من ذات القانون ذلك المبدأ وبينت شروطه بقولها:
((لا تقبل دعوى صدر فيها حكم قائم وتعتبر هي نفس الدعوى التي سبق الحكم فيها اذا اتحد الخصوم بصفاتهم القانونية واتحد الموضوع وهو الحق المطالب به واتحد السبب وهو العمل القانوني الذي يستند اليه للمطالبة بالحق ذاته كما لا تقبل الدعوى اذا وجد اي مانع قانوني آخر منصوص عليه في القوانين النافذة)).
ويجد ذلك المبدأ أساسه من قاعدة ثبات واستقرار الأحكام ومؤداها ما دام وأن الحكم قد حسم الخلاف بين الخصوم ، فإن الوضع الطبيعي أن يستقر ويبقى ويحوز الحجية ، أي أنه يعد عنوان للحقيقة والصحة.
ولقد وضع المشرع بالفعل قرينة قانونية لا تقبل إثبات العكس مقتضاها أن الأحكام تصدر دائماً صحيحة من ناحية الشكل ، وعلى حق من ناحية الموضوع ، حتى يضع حداً للخصومة فلا تتأبد.
ومتى صدر الحكم صحيحاً امتنع عن الذي أصدره أن يعدله أو يرجع عنه ، ولا يملك المحكوم عليه التخلص منه ولا يجوز لأية محكمة أخرى أن تعيد النظر فيه تلك هي قاعدة حجية الأمر المقضي به المقررة للإحكام القضائية بالمادة (159) من قانون الإثبات الشرعي وتعديلاته التي نصت عليها بقولها:
((الحكم الحائز لقوة الامر المقضي به حجة على اطرافه وفي موضوعه وسببه (اصلة) قرينة قاطعة (قانونية) لا تقبل اثبات العكس)).
ولما كانت هذه القرينة القانونية خطيرة فقد أحاط المشرع الأحكام بعناية خاصة ضماناً لحقوق الخصوم ، فإذا أصبح الحكم غير قابل للطعن عد في نظر المشرع عنواناً للحقيقة وأغلق كل سبيل لإعادة النظر فيه.
د/ أحمد أبو الوفاء – نظرية الأحكام في قانون المرافعات – طـــــ1989م ، صــــــ26.
وتعرف الحجية بأنها: قرينة – لاتقبل اثبات العكس- مؤداها أن الحكم صدر صحيحاً من الناحية الشكلية وعلى حق من الناحية الموضوعية ، فهو حجة على ما قضى به .
وبمعنى آخر فإن الحجية تعني: أن القرار القضائي يجب احترامه سواءً أمام المحكمة التي أصدرته أو أمام المحاكم الأخرى بحيث إذا رفع أحد الخصوم نفس الدعوى نفس الدعوى – التي فصل فيها الحكم – مرة أخرى تعين عدم قبولها وذا اثير ما قضى به أمام القضاء وجب التسليم به دون بحث مجدداً.
والحكمة من إقرار حجية الأمر المقضي به هي تحقيق الاستقرار القانوني للحقوق والمراكز ، ولا يتحقق ذلك إلا إذا كانت الحجية ذات أثر دائم ، وهذه الصفة أكثر وضوحاً في الفقه الإسلامي الذي يعتبر الحكم باتاً منذ صدوره ، لا يجوز التعرض له بأي سبيل مادام موافقاً للشرع ، ولو صدر حكم يناقض الحكم السابق كان الحكم الجديد منعدماً.
أ.د/ سعيد خالد علي جباري الشرعبي – الموجز في أصول قانون القضاء المدني ، طــ2 ، صــــــــ553.
والغاية من تلك الحجية للإحكام القضائية حتى يتم وضع حد نهائي للنزاع حتى لا يتكرر ومنعاً من تناقض الأحكام في الخصومة القضائية الواحدة فالأحكام التي حازت حجية الأمر المقضي به تكون حجة بما فصلت فيه من الحقوق ولا يجوز قبول دليل يناقض هذه الحجية كما ورد في نص المادة (233) مرافعات.
ولهذا يكون للحجية أثران متميزان في المجال الاجرائي أحدهما سلبي والأخر إيجابي :
فالأثر السلبي لحجية الأمر المقضي:
 يتمثل في عدم جواز إعادة نظر الدعوى التي صدر فيها الحكم القضائي سواءً أمام نفس المحكمة التي أصدرته أو أمام محكمة أخرى حيث يمنع القانون الخصوم من رفع نفس الدعوى مرة أخرى بعد الفصل فيها وفقاً لنص المادة (77) مرافعات كما يمنع المحكمة من قبولها.
والأثر الإيجابي لحجية الأمر المقضي:
  يتمثل في احترام ما قضت به الأحكام الحائزة لحجية الأمر المقضي واحترام هذه الاحكام من قبل الخصوم والقضاء نفسه وعدم مناقشتها من جديد واعتبار الحكم وما قضى به من المسلمات ، ويتم التمسك بحجية الأمر المقضي عن طريق الطلب أو الدفع أو الطعن.
د/ إبراهيم الشرفي – قانون المرافعات- صــــــــــــــــــــــــــــــــــــ231-232.
وإذا كان المشرع قد جعل حجية الأمر المقضي للأحكام الصادرة في الدعاوى الإدارية حجية مطلقة على الكافة ، استثناءً من قاعدة نسبية أثر هذه الحجية المنصوص عليها في المادة (234) من قانون المرافعات بقولها:
((تقتصر حجية الاحكام على اطراف الخصومة وموضوعها وسببها وتستثنى من ذلك الاحكام الآتية لكونها ذات حجية مطلقة وهي:
1-.......2- الاحكام الصادرة في دعاوى الغاء القرار الاداري )).
إلا أن المشرع لم يكسب كافة الأحكام القضائية حجية الأمر المقضي به ، وإنما قصرها على نوع منها فقط هي الأحكام القطعية الفاصلة في الموضوع ، وذلك ما نصت عليه صراحتاً المادة (233) مرافعات بقولها:
((تحوز الاحكام القطعية الفاصلة في الموضوع حجية الامر المقضي به بمجرد صدورها وفقا للشرع والقانون)).
والحكم الفاصل في الموضوع ، هو ذلك الحكم الذي يحسم النزاع في أصل الحق المدعى به ، ويصدر إما بصحة الدعوى والحكم للمدعي أو برفض الدعوى ، على النحو الذي بينته المادة (167) من قانون المرافعات بقولها:
((اذا اعترف المدعى عليه او انكر او سكت واثبت المدعي ما انكره او لم يثبته وطلب يمين المدعى عليه ونكل عنها قضي للمدعي، وان عجز المدعي عن اثبات دعواه او اعتبر عاجزا او لم يطلب يمين المدعى عليه او طلبها وحلفها حكم برفض الدعوى  )).
أما الحكم الذي لا يصدر في أصل الحق المدعى به ، كالحكم الذي يحسم نزاعاً ما في شكل الدعوى أو في شروط قبولها وسماعها كالصفة والمصلحة ، فلا يعد حكماً فاصلاً في الموضوع وإنما قرارات يفترض صدورها قبل الخوض في الموضوع وذلك ما عبرت عنه المادة (166) من ذات القانون بقولها:
((في الجلسة المحددة لنظر الدعوى تقبل المحكمة من الخصوم المستندات التي لم يسبق لهم تقديمها مرفقة بعريضة الدعوى والجواب عنها، وتملي ما فيها على خصومهم، واذا كانت الدعوى مستوفيه شروط صحتها يسال القاضي المدعى عليه الجواب عنها، ويجيب على كل وقائعها اجابة خاصة بها مبينا صراحة ما ينكره وما يقر به من غير ابهام وتحدد المحكمة ما اقر به الخصم وما انكره وتكلف المدعي اثبات ما انكره المدعى عليه وتسمع ادلته وشهوده  )).
فالمادة السابقة فرقت بين مرحلتين :
الأولى / مرحلة قبول الدعوى :
وهي المرحلة السابقة لنظر موضوع الدعوى ، وفيها تقوم المحكمة بفحص الدعوى والتأكد من استيفائها لشروط قبولها (بما فيها شرطي الصفة والمصلحة)، فاذا وجدت أنها مستوفيه سارت في إجراءات نظرها وسماع الرد عليها ، أما اذا وجدت أنها غير مستوفيه أمرت المدعي باستيفائها ، فان عجز حكمت بعدم قبولها على النحو الذي فصلته المادتين (71، 72) مرافعات.
والثانية / مرحلة نظر الدعوى:
وهي المرحلة التالية على المرحلة السابقة ، وفيها تسير المحكمة في إجراءات نظر الدعوى وتحقيقها بسماع الرد عليها والبينة عليها (اثبات أو نفي).
أما المادة (167) من ذات القانون سالفة الذكر فقد بينت ماهية الحكم الموضوعي بانه الذي يفصل في موضوع النزاع اما بصحة الدعوى أو بعدم صحتها على ضوء نتيجة التحقيق الذي أجرته المحكمة وأدلة الاثبات التي طرحت أمامها ، وبينت حالة الحكم بصحة الدعوى وشروطها في الشطر الأول منها بقولها:
[اذا اعترف المدعى عليه او انكر او سكت واثبت المدعي ما انكره او لم يثبته وطلب يمين المدعى عليه ونكل عنها قضي للمدعي...].
أما الشطر الثاني منها فقد بين حالة الحكم بعدم صحة الدعوى (رفضها) وشروطها بقولها:
[.... وان عجز المدعي عن اثبات دعواه او اعتبر عاجزا او لم يطلب يمين المدعى عليه او طلبها وحلفها حكم برفض الدعوى  ]
وبذلك يتبين: أن الحكم الصادر  في موضوع الدعوى على ذلك النحو هو الحكم الذي يحوز حجية الامر المقضي به أما الحكم بعدم قبول الدعوى ليس حكماً موضوعياً وبالتالي / لا يتمتع  بتلك الحجية.
ذلك إن الحجية هي وصف قانوني يلحق العمل القضائي بالمعنى الدقيق ، وهو الذي يحقق الحماية القضائية التأكيدية للحقوق والمراكز القانونية ، ويتمثل ذلك في الحكم الموضوعي بعناصره الثلاثة ( التقريري ، والمنشئ ، وحكم الإلزام) وبناءً على ذلك فالحجية لا تلحق الأعمال التالية (1-.......2- لا ترد على جميع أعمال السلطة القضائية ، فهناك طائفة كبيرة لا ترد عليها الحجية منها:
أ-........ج- لا ترد الحجية على الأحكام الإجرائية ، سوءً كانت متعلقة بالاختصاص أو بعدم القبول ، أو متعلقة بالخصومة سقوطاً ووقفاً وانقضاءً وتركاً.
أ.د/ سعيد خالد جباري – الوجيز في أصول قانون القضاء المدني – طــ(3) 2004- 2005م ، صـــ553-554
المحامي / فهمي عقيل ناجي انعم + أ- علي العرشي+

الفرق بين القرار الاداري والعقد الاداري.... والفرق بين العقود الادارية والعقود المدنية والتجارية

 

أ- الفرق بين العقد الإداري والقرار الإداري:

 القرار الإداري والعقد الإداري هما أداتان قانونيتان تستخدمهما الإدارة العامة، لكن لكل منهما خصائصه ووظيفته. فيما يلي توضيح الفرق بينهما:
1
من حيث التعريف:
 • القرار الإداري: هو عمل قانوني يصدر عن إرادة منفردة من جهة الإدارة بهدف إحداث أثر قانوني معين، سواءً كان ذلك بتعديل أو إنهاء وضع قانوني قائم أو بإنشاء وضع قانوني جديد.
 • 
العقد الإداري: هو اتفاق بين طرفين (عادةً ما يكون أحدهما جهة إدارية)، يهدف إلى تحقيق مصلحة عامة، ويخضع لبعض القواعد الخاصة التي تختلف عن قواعد العقود المدنية.
2
من حيث الإرادة:
 • القرار الإداري: يعتمد على إرادة واحدة، وهي إرادة الجهة الإدارية فقط، دون الحاجة لموافقة الطرف الآخر.
 • 
العقد الإداري: يتطلب إرادتين متطابقتين، حيث يتفق الطرفان (الجهة الإدارية والطرف المتعاقد) على الشروط والأحكام.
3
من حيث الهدف:
 • القرار الإداري: يهدف إلى تنظيم أو تسيير مرفق عام أو تعديل وضع قانوني معين، كإصدار قرار تعيين موظف أو تعديل لائحة تنظيمية.
 • 
العقد الإداري: يهدف إلى تحقيق مصلحة عامة عبر توفير خدمة أو إنجاز مشروع مثل إنشاء بنية تحتية، ويتضمن عادة حقوقًا والتزامات متبادلة.
4
من حيث القابلية للطعن:
 • القرار الإداري: يمكن الطعن فيه أمام القضاء الإداري إذا كان مخالفًا للقانون أو ينطوي على إساءة استعمال السلطة.
 • 
العقد الإداري: يمكن الطعن في بنوده أو تنفيذه أمام القضاء الإداري عند النزاع، ولكن بطريقة تختلف عن القرارات الإدارية؛ فهو يخضع لشروط العقد والالتزامات
التعاقدية.
5
من حيث آثار مخالفة القانون:
 • القرار الإداري: إذا صدر بشكل مخالف للقانون، يمكن أن يتم إلغاؤه من قِبل الإدارة أو القضاء، ويعتبر باطلًا.
 • 
العقد الإداري: في حالة الإخلال، قد يتم فسخه أو تعديله، ويترتب عليه تعويض للطرف المتضرر حسب الشروط التعاقدية وقواعد القانون الإداري.
6
من حيث طبيعة السلطة:
 • القرار الإداري: يمثل مظهرًا من مظاهر السلطة العامة، ويعكس قدرة الإدارة على فرض قراراتها دون الحاجة لموافقة الطرف المتأثر.
 • 
العقد الإداري: يعكس نوعًا من التعاون والشراكة لتحقيق المصلحة العامة، مع بقاء الإدارة محتفظة بسلطات استثنائية لضمان سير العمل وتقديم الخدمات العامة

د/ مطيع جبير – القضاء الإداري – ط2018م – ص243 – 250.

د/ احمد عبد الرحمن شرف الدين – الوجيز في القانون الإداري اليمني – ط1996- ص159 - 200.

ب- الفرق  بين العقد الإداري والعقد المدني والعقد التجاري:

: (أ)- من حيث التعريف:
يعرف العقد الإداري بأنه : هي اعمال قانونية شارك في صنعها قانوناً إرادتان متكاملتان ، إرادة الإدارة وإرادة الفرد المتعاقد مع الإدارة:

د/ احمد عبد الرحمن شرف الدين – الوجيز في القانون الإداري اليمني – ط1996- ص185.

وتعرف العقود المدنية بأنها: هي العقود التي تم إبرامها ما بين أشخاص عاديين في المجتمع، سواء كانوا أشخاص طبيعيين أو اعتباريين، ولا يحملون صفة التاجر، وليس لهم صفة عامة، وتخضع أحكام هذه العقود لنظام المعاملات المدنية، ويظهر فيها العقود المسماة أو الشائعة مثل عقد البيع وعقد الإيجار
وتعرف العقود التجارية بأنها: هي العقود التي تم إبرامها ما بين تجار مع بعضهم البعض، سواء كانوا أشخاص طبيعيين أو اعتباريين، وذلك لغاية تنفيذ أعمال تجارية بطبيعتها أو بذاتها، وتخضع لأحكام القانون التجاري.

د/ صادق مطيع حسن السدعي - اساسيات القانون الإداري والتجاري اليمني – ط2020م 

(ب)- من حيث القانون الذي ينظم العقد والقضاء المختص بالمنازعة الناشئة عنه:
·        العقد الإداري: إن عقود الإدارة لا تخضع كلها لنظام قانوني واحد، حيث تنقسم عقود الإدارة إلى قسمين:
القسم الأول: عقود الإدارة التي تخضع للقانون العام : وهي التي يطلق عليها اصطلاحاً " العقود الإدارية" وهي العقود التي يبرمها شخص معنوي من أشخاص القانون العام بقصد إدارة مرفق عام  بمناسبة تسييره وفي هذه العقود تظهر الإدارة  نيته في الأخذ بأسلوب القانون العام، وذلك بتضمين العقد شرطاً أو شروطاً غير مألوفة في عقود القانون الخاص .
     
وهذا النوع من العقود يخضع لأحكام القانون الإداري ، وينعقد الإختصاص بنظر الدعوى للقضاء الإداري بالنسبة للقضايا الواقعة في نطاق إختصاصها ، أما بالنسبة للمناطق التي لا يوجد فيها محكمة إدارية فينعقد الإختصاص للمحاكم ذات الولاية العامة بشرط أن ينظر الدعوى الإدارية رئيس المحكمة.
 
القسم الثاني: عقود الإدارة التي تخضع للقانون الخاص: وهي العقود التي تبرمها جهة الإدارة (شخص معنوي عام) إلا أنها تفقد أحد الأركان الثلاثة المشروطة في العقد الإداري الذي يخضع لأحكام القانون الإداري ، وفي هذه الحالة يعتبر العقد تجاري أو مدني كلاً على حسب تكييفه العقد والغرض منه.
     
وهذا النوع من العقود التي تبرمها جهة الإدارة يخضع لأحكام القانون المدني أو التجاري ، وينعقد الإختصاص للمحاكم ذات الولاية العامة أو التجارية كلاً على حسب تكييف العقد والغرض منه.
·        العقود المدنية: تخضع لأحكام القانون المدني ، وينقد الإختصاص للقضاء المدني ذات الولاية العامة .
·        العقود التجارية: تخضع لأحكام القانون التجاري ، وينعقد الإختصاص للقضاء التجاري ، أما بالنسبة للمناطق التي لا يوجد بها محاكم تجارية فينعقد الإختصاص للمحاكم ذات الولاية العامة.
ويلاحظ من ذلك أنه ليس كل عقد تبرمه الإدارة مع فرد أو هيئة خاصة يعتبر حتماً عقداً إدارياً، مع أن الأصل العام في عقود الإدارة العامة أنها عقود إدارية تخضع بهذه الصفة لأحكام القانون الإداري التي تختلف عن القانون المدني والقواعد التي تضمنها بالنسبة لعقود الأفراد فيما بينهم، لأنه هناك إلى جانب  العقود الإدارية قد تبرم السلطات الإدارية عقوداً مدنية خاصة أي غير عادية، تماماً مثلها في ذلك مثل أي عقد مدني أو تجاري بين فرد وفرد آخر، فقد تستأجر جهة الإدارة أحد العقارات أو الشقق بعقد إيجار مدني عادى و قد تبيع بعض محاصيل مزرعة خاصة تابعة للدولة ( من أموال الدولة الخاصة ). وهذه العقود المدنية أو الخاصة للإدارة لا تعتبر عقوداً إدارية بالمعنى الدقيق ولا ينطبق عليها كأصل عام النظام القانوني للعقد الإداري طبقاً للقانون الإداري وإنما ينطبق عليها القانون المدني

د/ احمد عبد الرحمن شرف الدين – الوجيز في القانون الإداري اليمني – ط1996- ص185- 189.                              

أوجه التشابه بين العقود التجارية والمدنية والإدارية:
تتفق العقود الثلاثة التجارية والمدنية والإدارية في الأركان اللازمة لانعقادها والمتمثلة بالإيجاب والقبول.
تتفق أيضاً العقود الثلاثة في شروط الصحة، المتمثلة بتوافر الأهلية اللازمة في المتعاقدين، وشرط الرضا أي ألا يكون هناك إكراه لأحد الأطراف، بالإضافة لشرط مشروعية المحل والسبب.
تتفق العقود الثلاث في أنها من العقود التي ينتج عنها التزامات متبادلة ما بين الطرفين.
تتفق العقود الثلاثة في ضرورة ظهور إرادة المتعاقدين في إبرام تلك العقود، وذلك بضرورة توقيعها من الأطراف
ليس كل عقد تبرمه الإدارة مع فرد أو هيئة خاصة يعتبر حتماً عقداً إدارياً، مع أن الأصل العام في عقود الإدارة العامة أنها عقود إدارية تخضع بهذه الصفة لأحكام القانون الإداري التي تختلف عن القانون المدني والقواعد التي تضمنها بالنسبة لعقود الأفراد فيما بينهم، لأنه هناك إلى جانب  العقود الإدارية قد تبرم السلطات الإدارية عقوداً مدنية خاصة أي غير عادية، تماماً مثلها في ذلك مثل أي عقد مدني أو تجاري بين فرد وفرد آخر، فقد تستأجر جهة الإدارة أحد العقارات أو الشقق بعقد إيجار مدني عادى أي قد تبيع بعض محاصيل مزرعة خاصة تابعة للدولة ( من أموال الدولة الخاصة ). وهذه العقود المدنية أو الخاصة للإدارة لا تعتبر عقوداً إدارية بالمعنى الدقيق ولا ينطبق عليها كأصل عام النظام القانوني للعقد الإداري طبقاً للقانون الإداري وإنما ينطبق عليها القانون المدني، أي أن الإدارة  يمكنها أن تبرم عقوداً مدنية تخضع للقانون المدني، وتبرز أهمية التفرقة بين العقود الإدارية وعقود الإدارة المدنية في أن  عقود  الإدارة المدنية تخضع لقواعد القانون الخاص ويختص بنظرها القضاء العادي والقانون الخاص، في حين تخضع العقود الإدارية لأحكام القانون الإداري وتخضع عند حدوث منازعات بشأنها لاختصاص  القضاء الإداري.

بحث بعنوان الفرق بين العقود المدنية والعقود التجارية والإدارية https:llaw-hb.com.sa

بيان أركان العقد الإداري:
أن تمييز العقد الإداري يأتي من خلال اشتماله على شروط معينة، بحيث إذا تخلف واحد منها فقط لا يصبح العقد إدارياً بل عقدا مدنياً من عقود القانون الخاص، وهذه الشروط الثلاثة هي على التوالي:
1-   أن يكون أحد طرفي العقد شخصاً معنوياً عام
2-   أن يتعلق العقد بإدارة مرفق عام
3-    وأخيراً أن يتضمن العقد شروطاً غير مألوفة في عقود القانون الخاص
وهذه الشروط الثلاثة تكون في مجموعها معيار العقد الإداري، ولم يستقر على معيار واحد منها للتمييـز بـين العقد الإداري وغيره من عقود القانون الخاص، وإنما استند القضاء الإداري في ذلك إلى الثلاثة الأركان، فإذا توافرت هذه الاركان مجتمعة كان العقد إدارياً وإذا تخلفت جميعها أو أحدها كان العقد مدنياً، ويمكن القول بأن أركان العقد الإداري هي عناصر التمييز بين العقد الإداري وغيره من العقود، ونشرح كل ركن من هذه الأركان على حده بالتفصيل كما يأتي :
أولاً: أن يكون أحد طرفي العقد شخصاً من أشخاص القانون العام:
أمر طبيعي أن تكون الإدارة أحد أطراف العقد ويعتبر هذا العنصر من البديهيات، ذلك أنه لا يجوز أن يوصف عقـد بأنه إداري، إلا إذا كان أحد أطرافه على الأقل جهة إداريـة، وإذا كـان مـن الجائز والمقبول أن تكون الإدارة طرفاً في عقد مدني غير إداري، فإنه ليس من المقبول أن يوصف عقد بأنه إداري، حالة أن جميع أطرافه من أشخاص القانون الخاص، فالعقد الذي لا يكون أحد أطرافه من أشخاص القانون العام، لا يجوز اعتباره عقداً إدارياً على الإطلاق.
وينتج عن هذا الشرط الأول أن العقود التي يكون أطرافها جميعاً من أشخاص القانون الخاص ( أفراد-شركات-جمعيات-نوادي- نقابات-مؤسسات خاصة) ، فإن هذه العقود لا تكتسب أبداً صفة العقود الإدارية حتى ولو تصورنا أن موضوع العقد تعلق بمرفق عام وحتى لو كان أحد طرفيه هيئة خاصة تخضع لرقابة قوية من الدولة.
وإدارياً هناك حالة استثنائية واحدة فقط يمكن أن يكون العقد المبرم بين شخصين من أشخاص القانون الخاص عقداً إدارياً، وهي حالة ما إذا كان أحد طرفي هذا العقد قد أبرم العقد ليس لحسابه الخاص وإنما لحساب شخص معنوي عام، فهنا يعتبر العقد إدارياُ على أساس أن المتقاعد الخاص كان بمثابة وكيل عن الشخص العام والأمر، والواقع أن الأمر ليس استثناء حقيقياً، لأن العقد في النهاية لن يترتب آثاره في ذمة المتقاعد وإنما سيرتبه إيجابياً أو سلبياً في ذمة الشخص العام الذي أبرم العقد لحسابه.
ثانيا: أن يتعلق العقد بإدارة مرفق عام:
 ويتحصل هذا الشرط في أن موضوع العقد يجب أن يتصل بمرفق عام، وحكمة هذا الشرط أن ضرورات أو مقتضيات المرافق العامة وسيرها بانتظام وباضطراد هي التي تبرر النظام القانوني الاستثنائي أي أن المتغير للعقود الإدارية ذلك النظام الذي يختلف عن القانون الخاص في كثير من نواحيه سواء في حقوق الإدارة المتعاقدة أم في حقوق والتزامات المتعاقد معها، والمرفق العام الذي يجب أن يتصل به العقد يأخذ التعريف أو المعنى المحدد له في القانون الإداري كنشاط تتولاه الإدارة إدارته ويستهدف تحقيق النفع العام مباشرة، لكن اتصال العقد الإداري بالمرفق العام ليس له صورة بذاتها: فقد يتصل العقد بتنظيم المرفق واستغلاله أو تسييره أو بالمعاونة في تسييره وإدارته عن طريق توريد مواد أو خدمات أو غير ذلك من صور الاتصال، ويعتبر عنصر تعلق العقد بمرفق عام من أهم العناصر المميزة للعقـد الإداري عن غيره مما تعقده الإدارة من عقود.
ثالثاً: أن يتضمن العقد شروطاً استثنائية غير مألوفة في عقود القانون الخاص:
رأينا أن عنصر كون الدولة أحد أطراف العقد لا يكفي وحده للقول بأن العقد إداري، وذلك لأن الدولة أو الإدارة قد تتعاقد بأساليب القـانون الخاص وتخضع نفسها وعقدها لقواعد وأحكام القانون الخاص ورأينا كذلك أن اتصال العقد بمرفق عام، لا يصلح وحده كذلك للقـول بأن العقد إداري، وذلك للتطور الكبير الذي تعرض له القانون الإداري، والذي أدى إلى العدول عن الفكرة التي اتخذت من المرفق العام، أساساً لكل علاقـات ومبادئ وأفكار ونظريات القانون الإداري، وذلك بعد أن دخل في عداد المرافق العامة التقليدية، مرافق عامة اقتصادية، فرضت طبيعتها على الإدارة أن تديرها بأحكام ومبادئ القانون الخاص المدني، وهكذا لم يعد عنصر اتصال العقد بمرفق عام عنصراً مميزاً للعقد الإداري. ولهذآ استقر القضاء الإداري في كل من مصر وفرنسا، واتفـق الفقـه كذلك، على أن العنصر المميز الرئيسي، من بين العناصر الثلاثة المميزة للعقد الإداري، هو العنصر المتمثل في أخذ الإدارة في العقد بوسائل القـانون العـام وأساليبه، وهو ما يعني تضمن العقد لشروط استثنائية، غير مألوفة في مجـال عقود القانون الخاص، وهذه الشروط الاستثنائية غير مألوفة هي عبارة عن شروط يحتويها العقد المبرم بين الإدارة والمتعاقد معها والتي لا يجوز قانوناً للأفراد في القانون الخاص ارتضاها وقبولها أي حتى إذا لم تكن محرمة في القانون الخاص ” وغير مألوفة” لديهم فهذه الشروط الاستثنائية هي إذن بإيجاز إما شروط غير جائزة في القانون الخاص أو جائزة ولكنها غير مألوفة ونادرة في عقود الأفراد الخاصة.
ومن أمثلة هذه الشروط الاستثنائية أو الغير مألوفة: أن تعطي الإدارة نفسها الحق في تعديل العقد وشروطه في أي وقت أو الحق في فرض جزاءات على المتعاقد معها في بعض الحالات أو الحق في إلغاء العقد في أي وقت وبدون إنذار أو حتى بدون تعويض.

د/ احمد عبد الرحمن شرف الدين – الوجيز في القانون الإداري اليمني – ط1996- ص187- 188.

عدم تقيد المحكمة باسباب وموضع الدعوى يجعل حكمها باطلاً

 

فلا يجوز للقاضي أن يغير موضوع الطلب أو ان يتجاوز في حكمه حدود الموضوع المطروح عليه بأن يحكم بغير ما طلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه كما لا يجوز له أن يصدر في حكمه عن سبب غير سبب الطلب إذ يعتبر حكماً بغير طلب وكذلك لا يجوز له أن يحكم لمصلحة أو ضد شخص ليس طرفاً في الخصومة، وهو ما قررته المادة(221) مرافعات بقولها:

(يجب على المحكمة ان تحكم في كل طلب او دفع قدم اليها وفقا للقانون، ولا يجوز لها ان تحكم بما لم يطلبه الخصوم او لمن لم يكن طرفا في الخصومة او عليه ).

والمقصود بالطلب في هذا الخصوص هو الطلب الذي يقدم من أحد الخصوم الى المحكمة ابتغاء صدور حكم بتأكيد وجود حق او مركز قانوني أو نفيه أو ترتيبه لأثاره قبل خصمه.

ويشترط للاعتداد بهذا الطلب أن تكون عباراته صريحة وجازمة بحيث تعبر عن مضمونه أما إذا لم تكن العبارات جازمة في التعبير عن مضمون الطلب فلا يعتبر طلباً قضائياً ولا تلتزم المحكمة بالفصل فيه.

كما يشترط أن يكون موضوع الطلب معيناً تعييناً نافياً للجهالة فإذا كانت المطالبة بمبالغ من النقود وجب بيان نوعها

" د. الانصاري حسن النيداني :القاضي والجزاء الاجرائي في قانون المرافعات/– ط1 -1999م – صـ 8  ، 9".

فالطلب القضائي باعتباره وسيله لاستعمال الحق في الدعوى فإنه يتضمن ادعاء قانوني يطرح على المحكمة بهدف الحصول على الحماية القضائية له.

هذا الادعاء يتكون من موضوع وسبب واشخاص.

وهذا الادعاء ذاته يحمله طلب قضائي له شكل معين وعلى ذلك فعناصر الطلب القضائي يجب أن تفهم على انها عناصر الادعاء الكامن في هذا الطلب.

د. نبيل إسماعيل عمر :أصول المرافعات المدنية والتجارية/– ط1- 1986م.- ص490.

ويقصد بموضوع الادعاء الكامن في الطلب القضائي المحل المطلوب حمايته قضائيا ومقدارها.

فقد يهدف المدعي الى مجرد الحصول على حكم يقرر وجود حقه او انشاء مركز قانوني جديد او الزام خصمه باتخاذ اجراء معين أو القيام بأداء معين.

وعلى ذلك فموضوع الادعاء هو الحق أو المركز القانوني المطالب به أمام القضاء.

فيقصد بسبب الادعاء مجموع الوقائع المكونة للحق أو المركز القانوني المطلوب حمايته وهذا السبب يقدمه المدعي الى القاضي الذي يقوم بتقديره واعطائه وصفا قانونياً يسمح له بإنزال حكم القانون عليه محققاً بذلك الحماية القضائية للمدعي.

ولا يجوز للقاضي تغيير السبب مفهوماً بهذا المعنى والا يكون قد خرج عن حدود الطلب القضائي وتجاوز حدود وظيفته.

لأن السبب وفقاً للتعريف المعتمد له بإعتباره مجموعة الوقائع المولدة للحق المدعى به يرتبط برباط لا يقبل الفصم بموضوع الادعاء واي تغيير لأحدهما يتبع تغييراً في الآخر؛ لأنه بما أن موضوع الادعاء هو المطالبة بحق او بمركز قانوني وبما أن السبب هو مجموع الوقائع المولدة لهذا الحق او ذاك المركز القانوني فإن أي تغيير في أحدهما يؤدي الى تغيير مقابل وموازي للآخر.

د/نبيل اسماعيل عمر – المرجع السابق- صـ 496-497.

خلاصة ما سبق:

إن تحديد نطاق القضية يُلزم الخصوم والقاضي فمن ناحية ليس لأي من الخصمين ان يخرج عن نطاق الطلب الاصلي في أي عنصر من عناصره الا في الحدود التي يجوز فيها تقديم طلبات عارضة ويمتد هذا المنع ليس فقط الى تقديم الطلبات وانما ايضا الى ما يتعلق بأوجه الدفاع أو الدفوع أو تقديم ادلة الاثبات فهذه يجب أن تكون متعلقة بما قدمه من طلبات.

ومن صور التزام القاضي أنه ليس للقاضي الفصل خارج ما قدم له من طلبات سواء بتغير مضمون الطلبات او استحداث طلبات جديدة لم يطرحها عليه الخصوم.

ولــــــــــــهذا: ليس للقاضي أن يغير في السبب الذي اقيمت عليه الدعوى او في محلها او أن يفصل في الدعوى في مواجهة شخص لم يختصم فيها.

وعلى المحكمة الالتزام بحدود الطلبات المطروحة عليها من الخصوم وبما تتضمنه من وقائع يقوم عليها الطلب وليست ملزمه بتكييف الخصوم لهذه الوقائع او الطلبات.

د, فتحي والي :الوسيط في قانون القضاء المدني- 1980م- صـ 512-513.

ويترتب على التزام القاضي بإحترام مبدأ الطلب عدة أمور أهمها التزام المحكمة بالا تفصل فيما لم يطلب منها أو بما يتجاوز حدود ما طلب منها فإن خالفت المحكمة هذا الالتزام وحكمت بشيء لم يطلبه الخصوم او بأكثر مما طلبوه فإن حكمها يتعرض للطعن فيه بطرق الطعن المقررة.

" د/ الانصاري حسن النيداني: المرجع السابق - صـ13"

الدفع بجهالة الدعوى ليس دفعا ً شكليا

الدفع بجهالة الدعوى لا يعد دفعاً شكلياً بل دفعاً موضوعياً لتعلقه ببيان محل الدعوى وبقواعد الإثبات وحقوق الدفاع:

وبالتالي/ فهو دفعاً متعلقا بالنظام العام شأنه شأن الدفع بعدم سماع الدعوى لتقدم ما يكذبها محضاً؛ او الدفع بالتناقض واللذين تتحد أحكامهما من حيث أن:

1)   كل من الجهالة والتناقض يوجبان عدم قبول الدعوى.

2)   من حق الخصوم إثارة أي من الدفعين في أية مرحلة تكون عليها الدعوى.

3)   من حق المحكمة إثارة هذين الدفعين من تلقاء نفسها وعدم قبول الدعوى إذا تحقق وجود الجهالة أو التناقض في الدعوى.

فالدفع بالجهالة من النظام العام لأنه يتعلق بإجراءات الخصومة، لذلك للمحكمة أن تتصدى له من تلقاء نفسها، فلا يجوز السير في الدعوى ما دام أن بعض بنودها فيه غموض أو إبهام، وللمحكمة أن تكلف الخصم المعني؛ أي المدعي بالنسبة للائحة؛ الدعوى والمدعى عليه بالنسبة للائحة الجوابية؛ بتوضيح لائحته وإزالة الغموض فيها قبل الشروع في نظر الدعوى

د.عثمان التكروري الكافي في شرح قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية /المكتبة الاكاديمية- فلسطين/ ط 2019م ص283

والمقرر انه لما كان الحق المجهول لا يمكن حمايته...لذلك اشترط القانون تعيين ووصف وتحديد كافة البيانات الجوهرية المؤثرة في لائحة الدعوى؛ وأجاز لأي من الخصوم اثارة أي دفع يتعلق بالجهالة في أي مرحلة من مراحل الدعوى؛ كما منح المشرع القاضي سلطة التعرض لموضوع الجهالة؛ واباح للمحكمة اثارته من تلقاء نفسها.

"المرجع:محمد عمر داوود أبو هلال :الجهالة وأثرها في الدعوى:ط2013؛ مركز الكتاب الأكاديمي؛ صـ 147

وفي هذا السياق جاءت احكام المحكمة العليا مؤكدة على جوهرية الدفع بالجهالة وتعلقه بالنظام العام؛ ومن ذلك على سبيل المثال حكمها الصادر في الطعن رقم (639) لسنة 1979م والذي قالت المحكمة العليا اليمنية فيه بأنه : يشترط في صحة الدعوى من حيث الإثبات والإجابة عليها تعيين الحق المدعى فيه بحد أو لقب أو وصف، حيث إن هذه الدعوى قد جاءت خالية من تعيين الأرض المدعى بها بأحد الأوصاف الثلاثة المحددة في قانون الإثبات فإنها لذلك غير صحيحة لتخلف شرط من شروط صحتها، وأن بناء الحكم على هذه الدعوى مع اكتناف الجهالة بها يعتبر باطلاً.. ويلغى ما ترتب عليه وهو الحكم الاستئنافي.

ونخلص مما سبق إلى أن تحديد المدعى فيه بكامل شروطه يعتبر من أركان الدعوى؛ التي يترتب على إغفالها بطلان الحكم وما بني عليه، وهو الأمر الذي يستدعي من السلطة القائمة بتطبيق القانون الحرص على أن لا تقيد الدعوى في سجلات المحكمة إلا بعد أن تكون وقائع المدعى فيه كاملة؛ لما يترتب على ذلك من وجوب مطابقة الإثبات لما ورد في الدعوى من الوقائع، وأهم من كل ذلك أن النتيجة وهي الحكم لابد أن تكون مبنية على وقائع خالية من الجهالة والغموض وإلا كان الحكم برمته باطلاً، والعهدة في الاستيفاء يقع على محكمة الموضوع وهيئات الادعاء وقضاة التحقيق.

" د محمد ابن حسين الشامي :الوجيز في شرح قانون الإثبات اليمني الجيل الجديد ناشرون" صـ٣٥"

مما لا شك فيه ان الطلب القضائي باعتباره وسيله لاستعمال الحق في الدعوى فإنه يتضمن ادعاء قانوني يطرح على المحكمة بهدف الحصول على الحماية القضائية له.

وهذا الادعاء ذاته يحمله طلب قضائي له شكل معين وعلى ذلك فعناصر الطلب القضائي يجب أن تفهم على انها عناصر الادعاء الكامن في هذا الطلب.

د. نبيل اسماعيل عمر :أصول المرافعات المدنية والتجارية، مرجع سابق- ص490.

كما يشترط أن يكون موضوع الطلب معيناً تعييناً نافيا للجهالة فإذا كانت المطالبة بمبالغ من النقود وجب بيان نوعها ومقدارها.

" د. الانصاري حسن النيداني :القاضي والجزاء الاجرائي في قانون المرافعات ،مرجع سابق صـ 8  ، 9".

إن محل الاثبات في الفقه الإسلامي هو المدعى به ويشترط فيه ان يكون معلوماً؛ لأن فائدة الاثبات هي الالزام من القاضي؛ ولا يتحقق الالزام في المجهول.

المرجع: أ. د سعيد خالد علي جباري الشرعبي: حق الدفاع؛ امام القضاء المدني؛ مكتبة الصادق رقم الإيداع بدار الكتب الوطنية صنعاء (166/1998م)، صـ560

ومن الشروط المتطلبة قانوناً في الدليل ان يكون موافقاً للدعوى: فيجب ان يكون موافقاً للدعوى؛ أي يجب ان يكون مطابقاً لها لينتج أثره في الحكم بموجبه؛ فإن خالف الدليل الدعوى؛ فإنه لا يقبل لعدم توفر الربط بينهما لأن الدليل إذا خالف الدعوى فقد كذبها؛ والدعوى الكاذبة لا تقبل ولأن مخالفة الدليل للدعوى يؤدي الى التناقض مع تعذر الجمع بينهما.

فمن ادعى شيئاَ معيناً بالزمان او المكان او الوصف فقامت البينة بخلاف ذلك فلا تقبل تلك البينة للتناقض بين الدعوى والشهادة وكذلك إذا ذكر المدعي سباً للملك وذكرت البينة سبباً اخر فلا تقبل الدعوى للتناقض.

وإذا خالف الدليل الدعوى من كل وجه؛ فإنه لا يقبل ولا قضى به حيث تكون في هذه الحالة دعوى بلا بينة وبينة بلا دعوى كأن يدعي عمرو على بكر انه اغتصب منه ساعة ذهبية فيشهد الشهود انها ساعة فضية

حق الدفاع /مرجع سابق ص562

المحامي فهمي عقيل ناجي انعم