مدى
جواز سماع شهادة شهود أقارب الخصوم, وفق القانون اليمني
مقدمة
كانت الشهادة
ولا تزال أهم وسيلة من وسائل الاثبات وأعظمها مكانة وأقدمها استعملا وذلك لما لها
مكانة رفيعة ومنزلة عظيمة في الشريعة الاسلامية.
فان الله تعالى
نسبها الى نفسه وشرف بها ملائكته ورسلة وأفاضل خلقة، وامرنا جل وعلا بأدائها في أكثر
موضوع في كتابة العزيز دستور الأمة الاسلامية القران الكريم.
الشهادة في اللغة
مصدر شهد يشهد،
يقال شهد شهودا على كذا أخبر به خبرا قاطعا فهو شاهد. ومن معاني
الشهادة في اللغة: الاطلاع على الشيء ومعاينته فتقول شهدت الشيء بمعنى أطلعت عليه
وعاينته. (1)
الشهادة في قانون الاثبات اليمني
الشهادة إخبار
في مجلس القضاء من شخص بلفظ الشهادة للإثبات حق لغيرة على غيرة. ماده (27)
الشهادة في الدعوى الجنائية: وسيلة إثبات بمقتضاها يدلي الشاهد عادة بمعلوماته عما شاهده، أو
سمعه، أو أدركه بحواسه عن واقعة معينة، أو ظروف خاصة بالجريمة، أو عن الجريمة
برمتها أمام سلطة التحقيق.
شروط قبول الشهادة في قانون الإثبات اليمني:
ورد في
نص المادة (41) منه على شروط قبول الشهادة وذلك بالقول:
1-
ان تكون في مجلس القضاء في حضور المشهود عليه او وكيله او المنصوب
عنه.
2-
ان تؤدى بلفظ أشهد.
3-
أن تتقدمها دعوى شاملة لها
4-
ألا تكون بالنفي الصرف إلا إذا اقتضى الإثبات وألا يكذبها الواقع
وتراعى الاحكام المبينة في المواد التالية:
5-
ألا يؤدي الخلاف فيها الى بطلانها وهذا ما نص علية قانون الإثبات
اليمني على الاختلاف الذي لا يبطل الدعوى حيث نصت المادة (49) منه بما نصة:( لا
تبطل الشهادة في الاحوال والشروط التالية:
أ-
اختلاف الشاهدين في الالفاظ إذا اتفقت في المعنى.
ب-
اختلاف الشاهدين في زمان ومكان الإقرار وإلا نشاء إذا احتمل التعدد
ت-
اختلاف الشاهدين في مقدار المشهود به، ويصح منه ما اتفقا عليه في
المعنى ويستثنى من ذلك مقدار عوض العقد إذا كان العقد مجحودا فيبطل الشهادة اختلاف
الشاهدين فيه.
ث-
اختلاف الشاهدين في صفة المشهود به، وتكتمل شهادة من تطابق شهادته للدعوى
شاهد اخر أو يمين المدعي.
شروط الشاهد
1-
أن يكون الشاهد مكلفا
2-
أن يكون الشاهد مسلما
3-
ان يكون الشاهد عدلا
4-
ان لا يكون الشاهد متهما في شهادته: وفية تفصيل
ألا يكون الشاهد متهم في شهادته وذلك لوجود الشك
والريبة في صحة شهادته على وجه يرجح كذبة، والتهمة تتحقق عند الفقهاء إذا كانت
الشهادة تجلب للشاهد نفعا أو تدفع عنه ضررا، فإذا كان الشاهد متهما في شهادة
لأي سبب من الاسباب التي تثير الشك والريبة كوجود خصومة أو عداوة أو قرابة...الخ
فإن شهادته في الحالة ترد ولا تقبل.
وبناء
على ذلك: لا تقبل عند جماهير الفقهاء شهادة الآباء للأبناء ولا شهادة العدو على
عدوة ولا الخصم على خصمة ولا شهادة الوكيل للأصيل ولا شهادة أحد الزوجين للأخر ولا
شهادة السفيه لمدينة المحجور عليه بالإفلاس.... الخ.
أما
بقية الاقارب عدا الاباء والأبناء كالأخ لأخيه والعم فشهادة بعضهم لبعض جائزة
وتقبل حجتهم في ذلك قالوا: لأنه لم يجعل نفس أحدهما كنفس الأخر ولا ماله كماله في
المنفعة، وقالوا: ولا يصح القياس على الوالد والولد، لأن بينهما بعضيه وقرابة قوية
بخلاف الأخ. (2)
موقف القانون من الشرط الرابع
وبقول الجمهور
في اشتراط هذا الشرط وهو ان لا يكون الشاهد متهما في شهادته لأي سبب من الأسباب
التي تثير الشك والريبة كوجود خصومة او عداوة او قرابة، وغيرها مما يجر لنفسه نفعا
او يدفع عن نفسه ضررا.
أخذا قانون
الإثبات اليمني رقم (21) لسنه 1997م ونص على ذلك صراحة في المادة رقم (27) في
الفقرات التالية:( د. ه. و) وذلك على النحو التالي:
د- ألا يجر
لنفسه نفعا أو يدفع عنها ضررا.
ة- ان لا يكون
خصما للمشهود عليه
و- ان لا يشهد
على فعل نفسه مع مضنه التهمة.
هل يجوز سماع شهود الأقارب؟
بين القانون اليمني في الشرط الرابع من شروط
الشاهد أنه لا تسمع شهادة الأقارب إذا كان يجر لنفسه نفعا أو يدفع عنها ضررا، أو
يكون خصما للمشهود علية. وغالبا ما يطعن الخصم الاخر في مذكرة دفاعه على أقوال
الشهود كونهم من أقارب المشهود له ويؤسس كامل دفاعه على الطعن في شهادتهم بانها
قائمة على المجاملة والمحاباة.
وللمحكمة سلطة
وزن أقوال الشهود واستخلاص واقع الأحداث منها، ولا يفرق في ذلك أن يكون الشاهد
قريبا للخصم من عدمه.
ولكن إذا تبين
من وقائع الدعوى وأورقها عدم صحة أقوال هؤلاء الشهود أو تناقض اقوالهم مع ادله
اخرى اطمأنت لها المحكمة، فإنها تلتفت عن هذه الاقوال وتطرحها لعدم الاطمئنان لصحتها.
(3)
وقد ذهب جمهور الفقهاء: إلى عدم قبول شهادة
الأصول للفروع، وشهادة الفروع للأصول، سواء كانوا ذكوراً، أو إناثا، وذلك لأن
العادة جرت على أن ينتفع الأصول بمال الفروع والفروع بمال الأصول، ومن ثم فإن
شهادة كلٍ منهم تتضمن معنى النفع، فيكون الشاهد بذلك متهماً في شهادته، والاتهام
في الشهادة يؤدي إلى عدم قبولها، قال صلى الله عليه وسلم: “لا تقبل شهادة الوالد
لولده ولا السيد لعبده ولا العبد لسيده ولا الزوجة لزوجها ولا الزوج لزوجته”، وقال
صلى الله عليه وسلم: “لا شهادة لجار المغنم ولا الدافع المغرم.
وذهب الظاهرية، والزيدية: إلى قبول
شهادة كل منهما للآخر، وذلك لأن من ثبتت له العدالة تقبل شهادته بغض النظر عن وجود
القرابة لعموم قوله تعالى: (وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ) فالآية
وردت بلفظ العموم فُيعمل بعمومه.
كما ذهب الحنابلة في رواية ثانية لهم:
إلى قبول شهادة الأبن لأبيه، وعدم قبول شهادة الأب لأبنه، وذلك لأن مال الابن في
حكم مال الأب، لقوله صلى الله عليه وسلم: “أنت ومالك لأبيك” وذهبوا في رواية ثالثة
لهم إلى قبول شهادة كل منهما للأخر فيما لا تهمة فيه كالنكاح، والطلاق لأن كل واحد
منهما لا ينتفع بما يثبت فيهما للأخر.
أما بالنسبة لشهادة الأصول على
الفروع، وشهادة الفروع على الأصول، فهي مقبولة في جميع الحقوق عند كافة أهل العلم،
لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ
شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ).،
ما عدا الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: فقد ذهب إلى عدم قبول شهادة الولد على
والده في إيجاب القصاص وحد القذف، لأنه لا يقتل بقتله، ولا يُحد بقذفه فلا يلزمه
ذلك.
وأما شهادة سائر الأقارب غير الأصول
والفروع لبعضهم البعض: فهي مقبولة عند جمهور الفقهاء، كشهادة الأخ لأخيه، وشهادة
الشخص لأخواله، وأعمامه، وشهادة الأخوال لأولاد أخواتهم، وشهادة الأعمام لأولاد
أخوتهم، وهكذا بقية الأقارب، وذلك لأن هؤلاء ليس لبعضهم تسلط في مال البعض لا
عرفاً ولا عادة، فأُلْحِقوا بالأجانب، ما عدا الإمام مالك رحمه الله تعالى: فإنه
يرى عدم قبول شهادة الأخ لأخيه، إذا كان منقطعاً إليه في صلته، وبره لأنه متهم في
حقه، كما حكى ابن المنذر عن الثوري: عدم قبول شهادة كل ذي رحم محرم،
هذا وأما شهادة الوالد من الرضاع
لولده من الرضاع، وشهادة الولد من الرضاع لوالده من الرضاع، فلا خلاف بين الفقهاء
في قبول شهادتهما لبعض، وذلك لأنه لم تجر العادة بانتفاعهما بمال بعضهما، فهما
كالأجانب.
المراجع
(1)
- لسان العرب 7/223
(2)
الدعوى والاثبات في الفقه الاسلامي مع المقارنة في القانون اليمني
للدكتور اسماعيل بن عبد لله الوظاف
(3)
المحامي حمدي وهدان
أعداد/أ. حمدان
الذيباني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق