الاثبات بالمحررات الالكترونية
المحور الأول: مفهوم الكتابة الالكترونية وخصائصها -
يتضمن المحرر الإلكتروني مجموعة من المعلومات والبيانات مدونة على دعامة مادية بشكل دائم، بحيث يسهل قراءتها مباشرة عن طريق الإنسان أو باستخدام آلة مخصصة لذلك.

وقد يكون هذا المحرر عبارة عن مستند عرفيا أو رسميا، ينصرف إلى أي رمز يعبر عن الفكر والقول ومن تم ليس هناك ما يلزم بالاعتقاد أن الكتابة بهذا المفهوم لا تكون إلا فوق الورق أو يمكن أن تتخذ الكتابة شكل مخطوطة يدوية أو أي شكل آخر حيث أظهرت الكتابة الإلكترونية بأن يتم وضع المعلومات في صورة رقمية ويتم تخزينها كبيانات إلكترونية على أقراص cd أو على أقراص مدمجة بذاكرة قراءة فقط CDROM ويتم تخزين المعلومات الإلكترونية تخزينا دائما أو للفترة التي يريدها المتعاقد في قواعد بيانات أجهزة الكمبيوتر.

ومعنى هذا أن فكرة المحرر التي ارتبطت في أذهاننا بالورقة المكتوبة لم يعد يقتصر مفهومها على المفهوم القانوني التقليدي السائد، فلا يوجد في أصلها ما يدل على معناها في ما هو مكتوب على نوع معين من الدعامات سواء كانت ورقية أو غير ذلك، ومن تم نستطيع أن نقول أن كلمة المحرر بهذا المعنى تشمل المحرر الكتابي والإلكتروني على حد سواء. وتتأكد هذا المعنى لدى بعض الشراح الفرنسيين حيث ذهبوا إلى القول بأن المشرع لم يحل إلى دعامة من نوعية معينة عن حديثه عن الكتابة.

ويتميز المحرر الالكتروني بالعديد من الخصائص التي لا تتوافر في المحرر التقليدي ومن بين تلك الخصائص الرئيسية للمحرر الالكتروني التي تتيح تمييزه عن المحرر التقليدي استخدام لغة ثنائية في انشائه وارساله وعدم وجود دعامة مادية ووجود بيانات وصفية وأخيرا انفصاله عن بنية دائمة ونتعرض لتلك الخصائص على النحو التالي:
1-استخدام لغة ثنائية:
يتميز المحرر الالكتروني كما بين ذلك المجلس الدولي للأرشيف بأن البيانات التي يحتوي عليها توجد على دعامة الكترونية في شكل لغة ثنائي كما ان هذه البيانات ليست قابلة للقراءة أو الفهم الا بواسطة أدوات وتقنيات الكترونية وينطبق ذلك على المحرر الرقمي الذي لا يمكن أن يفهمه الإنسان الا اعتباراً من لحظة انشاء طريقة للترجمة من لغة الحاسوب المبهمة الغامضة الى لغة واضحة مفهومة.
2- عدم وجود دعامة مادية:
تعتمد الخاصية الثانية للمحرر الالكتروني على عدم وجود أي دعامة مادية على عكس المحرر التقليدي المودع عادة على دعامة ورقية.
وفي هذا الصدد نلاحظ انه يوجد دائما ارتباط وثيق الصلة بين المضمون في المحرر التقليدي والدعامة (أداة التخزين غالبا قطعة ورق) المدون عليها المعلومات ولا يمكن للمضمون أن يكون منفصلا عن هذا الوسط بينما يفترض المحرر الالكتروني نوعا من استقلال المعلومات الواردة فيها عن أي دعامة (أيا كان شكلها) ويرجع ذلك الى أن مضمون المحرر الالكتروني يسجل على دعامة محددة (قرص صلب او مرن، قرص ضوئي....الخ) ولكنه من وقت لأخر ينفصل عن أداة التخزين الرئيسية وينتقل من أداة الى أخرى وهي غالبا نموذج مختلف من أدوات التخزين فعندما نسترجع المحرر من الحاسوب ونسجله على قرص مرن أو مدمج يختلف وسط التخزين وعندما تتقادم التكنولوجيا تنتقل التسجيلات الى وسط جديد ضمن قواعد بيانات جديدة ونظم تشغيل جديدة.
3- وجود بيانات وصفية:
هي بيانات تقنية عن المحررات الالكترونية غالبا ما تكون مخفية فهي تصف تنظيم المحررات وبنيتها الداخلية والقواعد التي تحكم إضافة وإلغاء المحررات او تغيرها او تحديد هوية الوسائط التي ستخزن فيها البيانات لذا يطلق عليها أيضا حول البيانات.
4-عدم الارتباط ببنية محددة:
تعتبر بنية المحرر الورقي ملموسة ومرئية بالنسبة للمستخدم فهي جزء كامل صحيح من أية وثيقة ورقية وهي أحد المعايير الأساسية لتقييم الثقة والأمان فيها وتقديم الدليل على انها أصلية، وعلى النقيض من ذلك نجد ان بنية المحرر الالكتروني تكون معقدة وغير مرئية للمستخدم.
المحور الثاني: القيمة القانونية للمحررات الالكترونية في بعض التشريعات:
يلعب التوثيق الإلكتروني دورًا أساسيًا في أمن المعاملات الإلكترونية، فلا يمكن تحقيق نتائج عملية في مجال المعاملات الإلكترونية بدون رفع مستوى رفع ثقة المواطن بأمن النظام الإلكتروني، وكذلك بمستوى الحماية القانونية للتعاملات الإلكترونية في القوانين والتشريعات خاصة التي تنفذها الحكومات والدول لتأمين المعاملات لدعم الثقة التجارية.
وقد اعترف المشرع المصري بإمكانية إنشاء المحررات الإلكترونية، في المادة (17) من قانون التوقيع الإلكتروني التي تنص على أن: “تسري في شأن إثبات صحة المحررات الإلكترونية الرسمية والعرفية والتوقيع الإلكتروني والكتابة الإلكترونية، فيما لم يرد بشأنه نص في هذا القانون أو لائحته التنفيذية، والأحكام المنصوص عليها في قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية“.
وإذا كان المحرر الرسمي التقليدي-وفقًا للمادة (10) من قانون الإثبات المصري- هو ذلك الذي يثبت فيه موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة ما تم على يديه، أو من تلقاه من ذوي الشأن، وذلك طبقًا للأوضاع القانونية وفي حدود سلطته واختصاصه، فإنه يمكن تعريف المحرر الرسمي الإلكتروني الرسمي؛ بأنه: “المحرر الإلكتروني، أو الكتابة الإلكتروني التي يتولى موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة، إثبات ما تم على محرر إلكتروني، أو ما تم على يديه، أو من تلقاه من ذوي الشأن، وذلك طبقًا للأوضاع القانونية وفي حدود سلطته واختصاصه”.
وقد ظهر اتجاه قوي يساوي المحرر الإلكتروني بالمحرر العادي من حيث القيمة الثبوتية، وقد انعكس ذلك على التشريعات الدولية والداخلية، حيث تنص المادة ) من قانون الأونسترال النموذجي المتعلق بالتوقيع الإلكتروني على (1- حيثما يشترط القانون وجود توقيع من شخص يعد ذلك الإشتراط مستوفي بالنسبة لرسالة البيانات إذا استخدم توقيع الكتروني موثوق به بالقدر المناسب للغرض الذي أنشئت من أجله رسالة البيانات في ضوء كل الظروف بما في ذلك أي اتفاق ذي صلة.
حيث يعطي هذا النص لرسالة البيانات نفس القيمة القانونية للمستند الورقي الذي يقترن بتوقيع، إذا اقترنت رسالة البيانات بتوقيع الكتروني موثوق به، حيث يمكن نسبة الرسالة لصاحبها، ويتحقق ذلك إذا كانت بيانات إنشاء التوقيع خاضعة لسيطرة الموقع، وكان بالإمكان اكتشاف أي تغيير يطرأ على المحرر بعد ربطه بهذا التوقيع وفق الفقرة (3) من المادة (6) من قانون الأونسترال.
ونصت المادة (5) من التوجيه الأوروبي المتعلق بالتوقيع الإلكتروني لسنة 1999م ذات القيمة القانونية للتوقيع الإلكتروني مثل التوقيع الخطي، وقد بينت المادة الثانية من ذات التوجيه شروط موثوقيته وهي:
أ‌-       أن يرتبط التوقيع بالموقع وحده.
ب‌- أن يمكن من تحديد هوية الموقع.
ج‌-   أن ينشأ بوسائل تمكن الموقع من ابقائه تحت رقابته.
د‌-     أن يرتبط بالمعطيات التي يتضمنها بالشكل الذي يمكن من اكتشاف أي تعديلات تطرأ على المحرر.
ونصت المادة (323) مكرر من القانون المدني الجزائري على أن: يعتبر الإثبات بالكتابة في الشكل الالكتروني كالإثبات بالكتابة على الورق بشرط إمكانية التأكد من هوية الشخص الذي أصدرها وأن تكون معدة ومحفوظة في ظروف تضمن سلامتها) والملاحظ على النص أن المشرع الجزائري ساوى بين المحرر الورقي والإلكتروني في القيمة الثبوتية بشرط أن يكون منسوبًا للشخص الذي أصدره.
كما اشترط كذلك المشرع الفرنسي أن تكون الأحرف أو الأرقام أو الرموز التي تعبر عن البيانات التي يتضمنها المحرر الإلكتروني (دليل إثبات) ذات دلالة تعبيرية واضحة ومفهومة عند عرضها على الشخص المقرر أن تقدم إليه ويعتبر ذلك فإن الكتابة الإلكترونية تفقد صفتها كعنصر من عناصر الإثبات، وهو نفس الأمر الذي أخر به قانون إمارة دبي الخاص بالمعاملات التجارية الإلكترونية حيث نص على: " لا يعتبر تفقد المعلومات التي تشير إليها الرسالة الإلكترونية دون تفصيل أثرها القانوني أو قابليتها للتنفيذ متى كان الاطلاع على تفاصيل تلك المعلومات متاحًا ضمن النظام الإلكتروني الخاص بمشيئتها".
المحور الثالث: الاثبات بالمحررات الالكترونية في التشريع اليمني:
أولاً: تعريف المحرر الالكتروني في التشريع اليمني: -
لقد عرف القانون اليمني في المادة(2) من قانون أنظمة الدفع الالكترونية والمالية والمصرفية السند الالكتروني وهو مصطلح رديف للمحرر الالكتروني: [هو أي بيان أو رسالة أو قيد أو علمية أو معلومة أو عقد أو توقيع أو برنامج أو سجل أو إجراء أو شهادة أو رمز أو توثيق أو أية أوراق مالية أو تجاري يتم الحصول عليها بوسيلة إلكترونية]. ويدخل في إطار هذا النص معنى ومفهوم المحرر الالكتروني بمفهومه الشامل.
كما عرف المشرع اليمني رسالة البيانات بأنها: [مجموعة من الأوامر والأرقام التي تحتاج إلى معالجة وتنظيم، أو إعادة تنظيم لكي تتحول على معلومات، وقد تأخذ شكل نص أو أرقام أو أشكال أو رسومات أو صور أو تسجيل أو أي مزيج من هذه العناصر].
وعرف رسالة المعلومات بأنها: [هي عبارة عن بيانات تمت معالجتها بواسطة نظام معالجة المعلومات فأخذت شكلاً مفهوماً].
ويبنى على ذلك أن المحررات الالكترونية صارت محدودة ومعلوم ماهيتها بهذا النص على الرغم من أن المشرع ليس من مهامه سرد التعريفات وتركها للفقه غير أنه أورد معنى رسالة البيانات ورسالة المعلومات حتى لا تظل الآراء متباينة حول ماهية هذه المحررات وطبيعتها وشكلها وأعطى لها مفهوما ومدلولا واسعا يدخل في نطاقه كل ما تتخيله من محررات أي كانت لغة وطريقة وشكل الكتابة الالكترونية،
وينبي على ذلك أيضاً اعتبار كافة المراسلات التي يتم تبادلها عبر البرامج الالكترونية محررات الكترونية سواء كان ذلك البرنامج بريدا الكترونيا او غيره من البرامج المستخدمة في التواصل عن بعد لإجراء التصرفات وابرام العقود.
ثانياً: شروط المحرر الالكتروني ليكون صالحاً للاحتجاج به أمام القضاء في التشريع اليمني:
1-شرط الكتابة:
ويشترط في الكتابة الالكترونية لتؤدي دورها في الاثبات ما يلي:
1-أن تكون مقروءة وذا معنى ومنسوباً لصاحبه.
2-أن يتصف المحرر بالاستمرار.
3-عدم قابلية المحرر الالكتروني للتعديل والتغيير وإمكانية الاحتفاظ به في شكله الأصلي وإمكانية استرجاعه.
وقد نص المشرع اليمني على هذه الشروط في المادة(11) من قانون أنظمة الدفع الالكترونية التي تنص على الاتي: -
[1-يعتبر السجل الالكتروني سجلاً قانونياً ويكون له صفة النسخة الأصلية إذا توافرت فيه الشروط التالية: -
‌أ- أن تكون البيانات والمعلومات الواردة في ذلك السجل قابلة للاحتفاظ بها وتخزينها بحيث يمكن في أي وقت الرجوع إليها.
‌ب- إمكانية الاحتفاظ بالسجل الإلكتروني بالشكل الذي تم به انشاؤه أو إرساله أو تسلمه أو بأي شكل يسهل به إثبات دقة البيانات والمعلومات التي وردت فيه عند إنشائه أو إرساله أو تسلمه.
‌ج- دلالة البيانات والمعلومات الواردة في السجل على من ينشؤه أو يتسلمه وتاريخ ووقت إرساله وتسلمه .
2- لا تطبق الشروط الواردة في الفقرة(1)من هذه المادة على المعلومات المرافقة للسجل التي يكون القصد منها تسهيل إرساله وتسلمه.
3- يجوز للمنشئ أو المرسل أليه إثبات الشروط الواردة في الفقرة (1) من هذه المادة بواسطة الغير].
2-شرط التوقيع الالكتروني:
يتعين أن يستوفي التوقيع الالكتروني شروط وجوده قانوناً ليؤدي وظيفته بإثبات الارتباط بين صاحب التوقيع والمحرر الالكتروني وهي كالاتي:
1-   أن يكون التوقيع خاصا بالشخص الموقع ومرتبطا به دون غيره.
2-   أن يمكن من معرفة الشخص الموقع ويحدد هويته.
3-   أن يكون التوقيع خاضعا للموقع.
4-   ارتباط التوقيع بالرسالة الالكترونية بصورة لا تسمح بإجراء أي تعديل عليها بعد توثيقه.
وقد نص المشرع اليمني على هذه الشروط في المادة(33) فقرة(1) من قانون أنظمة الدفع الالكترونية التي تنص على الاتي: -
[إذا تبين أن نتيجة تطبيق إجراءات التوثيق المستخدمة معتمدة أو مقبولة تجارياً أو متفقاً عليها بين الأطراف فيعتبر التوقيع الإلكتروني موثقاً إذا أتصف بما يلي: -
أ‌-تميز بشكل فريد بارتباطه بالشخص صاحب العلاقة.
ب‌-كان كافياً للتعريف بشخص صاحبه.
ج-تم إنشاؤه بوسائل خاصة بالشخص وتحت سيطرته.
د-ارتبط بالسجل الذي يتعلق به بصورة لا تسمح بإجراء تعديل على القيد بعد توقيعه دون إحداث تغيير في التوقيع أو ترك أثر مادي ملموس].
ثالثاً: وسائل تأمين المحررات الالكترونية وحمايتها في التشريع اليمني: -
لا ترجع ثقة المتعاملين بالمحررات الالكترونية لقواعد الاثبات بل لكفاءة التقنية المستخدمة بتأمينها وسلامة التوقيع عليها وقد سعى الخبراء لإيجاد وسائل تقنية توفر الأمان للتوقيع وتجنب مخاطر التغيير والتحريف وأهم تلك الوسائل هو التشفير والاستعانة بطرف ثالث للمصادقة على صحة التوقيعات.
1-   التشفير:
لقد أجاز التشريع اليمني عملية التشفير للبيانات والمعلومات التي يتم التعامل بها وتدوينها او تسجيلها عبر الوسائط الالكترونية وفقاً لنص المادة(44)  فقرة(2): [يصدر محافظ البنك الأنظمة والتعليمات والقرارات المتعلقة بأنظمة وإجراءات المدفوعات وبصفة خالصة ما يلي:- 2- تنظيم إصدار شهادات التوثيق من الجهة المختصة بوضع وتسويق برامج الحاسب الآلي وبما يكفل وضع ضوابط تحفظ سرية استخدام الشفرة الخاصة بالتوقيع الإلكتروني من الشخص المعني واتخاذ الضمانات المناسبة لذلك، وتخضع مسئولية الجهة المذكورة وفقاً للقواعد العامة في المسئولية المدنية أو المسئولية الجنائية].
 
 وبالتالي بات التشفير وسيلة حتمية للمحافظة على سرية البيانات والمعلومات التي تحويها المراسلات الالكترونية ويتم تشفير الرسائل وتحويلها لبيانات غير مفهومه للآخرين بعدة طرق منها:
·       التشفير المتماثل: في هذه الصورة يتم استخدام الرمز السري ذاته في تشفير الرسالة الالكترونية وفي فك تشفيرها ومطالعتها فالرمز السري الذي يستخدمه منشئ الرسالة ومستقبلها هو ذات الرمز.
·       التشفير غير المتماثل: في هذه التقنية لا يتم استخدام الرمز ذاته في تشفير المراسلات بل يستخدم رمزان سريان لذلك لا يمكن قراءة أي محرر الكتروني او رسالة مشفرة الا بعد مطابقة المفتاحين العام والخاص معا لان أحدهما يستخدم للتشفير والأخر لفك التشفير.
 
2-التصديق على الرسائل الالكترونية:
يأتي تصديق المعاملات الالكترونية كبديل للوسائل التقليدية في توثيق العقود والتصرفات القانونية امام جهات التوثيق بالمحاكم والسفارات.
وقد بين المشرع اليمني في المادة(2) بأن التوثيق هو عبارة عن: [إجراءات التوثيق: الإجراءات المتبعة للتحقق من أن التوقيع الإلكتروني أو السجل الإلكتروني قد تم تنفيذه من شخص معين، أو لتتبع التغيرات والأخطاء التي حدثت في سجل إلكتروني بعد إنشائه بما في ذلك استخدام وسائل التحليل للتعرف على الرموز والكلمات والأرقام وفك التشفير والاستعادة العكسية أو أي وسيلة أو إجراءات أخرى تحقق الغرض المطلوب.
شهادة التوثيق: الشهادة الصادرة عن الجهة المختصة لإثبات نسبة توقيع إلكتروني إلى شخص معين استناداً إلى إجراءات توثيق معتمدة.
الجهة المختصة: هي كل شخص قانوني مصرح من قبل الجهة المسئولة في الدولة يقوم بتسليم شهادات توثيق للجمهور أو يقدم خدمات مرتبطة بالتوقيعات الإلكترونية].
فأوضحت هذه المادة الإجراءات التي يتم اتباعها ليكون التوقيع مؤمناً او موثقاً او محمياً واتاحت استخدام أية وسيلة تحقق تأمين التوقيع والمحرر الالكتروني وتصدر بذلك شهادة تصديق من الجهة المعنية وفقا للمادة(34) من القانون ذاته والتي تنص أنه: [يعتبر السجل الإلكتروني أو أي جزء منه يحمل توقيعاً إلكترونياً موثقاً، سجلاً موثقاً بكامله أو فيما يتعلق بذلك الجزء، حسب واقع الحال، إذا تم التوقيع خلال مدة سريان شهادة توثيق معتمدة وكان متطابقاً مع رمز التعريف المبين في تلك الشهادة.]
وبذلك يعد التوثيق للتوقيع او المحرر قرينة على صحته وحجة بما جاء فيه وبدون التوثيق لا حجية له وفقاً للمادة (33) الفقرة(3) من القانون ذاته التي تنص: [3-إذا لم يكن السجل الإلكتروني أو التوقيع الإلكتروني موثقاً فليس له أي حجية].
رابعاً: القيمة القانونية للمحررات الالكترونية في التشريع اليمني: -
لقد ساوى المشرع اليمني بين المحرر الورقي والمحرر الالكتروني من حيث الزاميته وحجيته وصار المحرر الورقي والالكتروني بالدرجة ذاتها في الاثبات والحجية والقبول.
فجاء نص المادة(10) من قانون أنظمة الدفع على أنه: [يكون للسجل الإلكتروني والعقد الإلكتروني ورسالة البيانات والمعلومات الإلكترونية والتوقيع الإلكتروني نفس الآثار القانونية المترتبة على الوثائق والمستندات والتوقيعات الخطية من حيث إلزامها لأطرافها أو حجيتها في الإثبات.]
وبذلك تتساوى المحررات العادية بالمحررات الالكترونية في التشريع اليمني طالما تحققت شروطها القانونية، ونصل لنتيجة مفادها ان المحررات الالكترونية دليل اثبات كتابي كالمحررات الورقية على حد سواء.
1-   المحررات الالكترونية الموقع عليها:
تعتبر هذه المحررات الممهورة بتوقيع الكتروني ذا حجية كاملة في الاثبات يعتد بها القاضي كدليل كتابي كامل سواء في اثبات التعاملات المدنية او التجارية أو غيرها.
2-   المحررات الالكترونية غير الموقع عليها:
أن خلو المحرر الإلكتروني من التوقيع يثير تساؤلاً، عن إمكانية الإثبات به والاستناد إليه رغم انتفاء شرط التوقيع ويختلف الحال تبعا للمجال الذي استخدمت فيه وذلك على النحو الاتي:
أ‌-      إثبات التعاملات التجارية:
 
يسود في المعاملات التجارية مبدأ حرية الإثبات وفقا للمادة (1/69) من قانون التجارة اليمني)، ويكون معه للأطراف إقامة الدليل من خلال المراسلات الإلكترونية المتبادلة فيما بينهم، طالما كانوا من التجار ولغرض التجارة. ومن هنا اتفق الفقه الحديث على جواز الإثبات في المواد التجارية بالوسائل الإلكترونية الحديثة ولو لم تتوافر فيها مقومات الدليل الكتابي الكامل كالتوقيع.
وقد أخذ المشرع اليمني بحرية الإثبات في المواد التجارية أياً كانت قيمتها، وبناء عليه، إذا كان برنامج الواتس مثلا مستخدما بين تاجرين لأعمال تجارتهما، فإن المبدأ هو حرية الإثبات لتلك التعاقدات، ما لم يوجد اتفاق مغاير، ويكون للقاضي سلطة وزن ذلك الدليل وقبوله إذا اطمئن إليه ضميره، وتم إعداده في ظروف تضفي عليه المصداقية وصحة ما جاء فيه، بما في ذلك المراسلات الإلكترونية البسيطة.
 
ب‌-  اتفاق الأطراف على اعتبار المراسلات الإلكترونية غير الموقع عليها حجة في الإثبات:
-الاتفاق الصريح:
يرى غالبية الفقه جواز الاتفاق على ما يخالف القواعد الموضوعية المتعلقة بمحل الاثبات وطرقه وعبئه دون القواعد الإجرائية لعدم تعلقها بالنظام العام وبناء على ذلك يكون للأطراف الاتفاق على الحجة التعاقدية المقبولة فيما بينهم من أجل ابرام التزامات متبادلة او انقضائها لسد ثغرات القانون وقصوره.
والاستناد الى محرر الكتروني غير موقع عليه إلكترونياً، لا يعني أنه محرر غير مقبول كدليل للإثبات، لأنه مع عدم التوقيع عليه قد يكون محل إقرار في إنشائه وإرساله من الخصم في الدعوى، وحينها يكون ما حواه ذلك المحرر حجةً بكل ما تضمنه من وقائع، كما أنه قد يكون محل اتفاق على اعتباره حجة.
وقد سار على هذا المسلك المشرع اليمني بالمادة (35) من. ق. أ. د. م. ك . باعتماد شهادة التصديق إذا كانت صادرة عن جهة وافق أطراف المعاملة على اعتمادها فقرة (3)، وبما أقره صراحة بالمادة (2/13) بأنه:
 [يتم إثبات صحة التوقيع الإلكتروني ونسبته إلى صاحبه، إذا توافرت طريقة لتحديد هويته والدلالة على موافقته على المعلومات الواردة في السجل الإلكتروني الذي يحمل توقيعه، إذا كانت تلك الطريقة مما يعول عليها لهذه الغاية في ضوء الظروف المتعلقة بالمعاملة، بما في ذلك اتفاق الأطراف على استخدام تلك الطريقة].
ويمكن الاستناد إلى هذا النص للأخذ بالاتفاق وقبوله إذا كان محله الاحتجاج بالمراسلات الإلكترونية البسيطة أو الموقع عليها توقيعاً عادياً،
ومن هنا يتضح بأن التشريع أجازا اتفاق الأطراف، وجعل له أثراً بيناً على قواعد الإثبات، دون تفرقة بين الدليل التقليدي والإلكتروني.
-الاتفاق الضمني:
وإذا كان من الجائز الاتفاق صراحة على الاعتداد بالمحررات الالكترونية باتفاق مستقل او بشرط في عقد فإن من الجائز الاعتداد بها ضمنيا كما لو تقدم خصم بمحرر الكتروني لإثبات ادعائه فسلم به الخصم الاخر ولم يدفع بعدم جواز ذلك عندئذ يعتبر السكوت تنازلا ضمنيا منه يسقط معه الدفع تأسيساً على عدم تعلق القاعدة التي توجب الاثبات بالدليل الكتابي بالنظام العام.
وإذا كان الحال كما سلف، وكانت أغلب قواعد الإثبات غير متعلقة بالنظام العام، فإنه يجوز للخصوم الاتفاق على ما يخالفها سواء بتيسير عبء الإثبات أو بتشديده أو بالاتفاق على الإثبات بمحررات إلكترونية لا تتوافر فيها الشروط التي تطلبها القانون أو استبعادها من الإثبات رغم حجيتها.
ج-قبول المحرر الإلكتروني غير الموقع كمبدأ ثبوت بالكتابة:
 
وذلك حينما لا يوجد أصل ذلك المحرر على الدعامة الإلكترونية كما في حال تلفها، أو عدم توافر شروط صحتها المعتبرة للأخذ بها قانوناً، ففي هذه الحالة من شأن تلك الكتابة أن تجعل الالتزام المدعى به أو الواقعة المراد إثباتها قريبة الاحتمال والحدوث، ويجوز اصاحب المصلحة من الخصوم استكمال ذلك الدليل بشهادة الشهود أو القرائن أو الخبرة أو بها جميعاً لإثبات ما ادعاه وبتظافر تلك الأدلة يكون للمحرر المستخرج إلكترونيا قيمة قانونية تخضع في تقديرها لقاضي الموضوع.
خامساً: العقود والتصرفات التي لا يقبل اثباتها بالمحررات الالكترونية: -
هناك تعاملات قانونية وتصرفات تخرج عن نطاق الاثبات بالأدلة الالكترونية حتى مع اعتبارها دليلا كاملا وذلك لخطورة التصرف كتلك التي استلزم المشرع لها شكلية محددة وما أخرجه بنصوص صريحة عن احكام التعاملات الحديثة وأهم هذه الاعمال القانونية معاملات الاحول الشخصية والعقود الشكلية كـ
(بيع المتجر ورهنه-بيع الطائرات ورهنها-بيع السفينة ورهنها-التصرفات المتعلقة بالعقارات)
وهو ما أكد عليه المشرع اليمني في المادة(5) من قانون أنظمة الدفع التي تنص: [لا تسري أحكام هذا القانون على العقود والمستندات والوثائق التي تنظم وفقاً لقوانين خاصة بشكل معين أو تتم بإجراءات محددة غير الكترونية وتحدد اللائحة أنواعها].
 
وفي نهاية البحث نخلص الى ان المشرع اليمني لم يقنن الاثبات بالمحررات الالكترونية بشكل كاف وملبي لتطورات العصر التي أصبحت تحتم علينا التعاملات الالكترونية في كل وقت وحين ونوصي المشرع اليمني بإدخال تعديلات على قانون الاثبات وتنظيم اثبات المحررات الالكترونية بصورة أكثر تفصيلاً.
المراجع:
1-   المحررات الالكترونية كدليل اثبات لـحنان براهمي مجلة الفكر العدد التاسع.
2-   حجية المحررات الالكترونية كدليل اثبات في معاملات التجارة الالكترونية لسليمة غول مجلة دراسات وابحاث المجلة العربية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.
3-   قانون رقم (40) لسنة 2006م بشأن أنظمة الدفع والعمليات المالية والمصرفية الالكترونية.
4-   ورقة عمل حول الاثبات بالمحررات الالكترونية في المنازعات المدنية قانونا وقضاء للدكتور والقاضي شمسان حزام الذيب، 2023م.
5-   كتاب الاثبات الالكتروني وأثره في المسائل المدنية والتجارية دراسة مقارنة، للمحامي أسامة محمد عبد الرقيب السقاف، الطبعة الأولى،2021م.
 
اعداد/سمر عبد السلام العريقي