الإكراه كعيب من عيوب الإرادة, في القانون اليمني

 

 

 

 

الإكراه كعيب من عيوب الإرادة, في القانون اليمني

  

الإكراه في اللغة:

 مشتق من الكره, والكره ينافي المحبة. 

 الإكراه في الاصطلاح:

 هو حمل الغير على أن يفعل ما لا يرضى, ولا يختار مباشرته لو خُلي سبيله. 

الإكراه في القانون اليمني:

الإكراه هو حمل القادر غيره على ما لا يرضاه قولاً أو فعلاً, بحيث لو خلى ونفسه لما بأشرة, ويكون بالتهديد بإتلاف نفس أو عضو أو بعض عضو أو بإيذاء جسيم, أو بالتهديد بما يمس العرض أو الشرف أو بإتلاف المال. مادة(175) مدني. 

أنواع الإكراه:

اكراه ملجي, أي تام:

ويكون بالتهديد بإتلاف جميع المال أو بقتل من يهم الإنسان أمره.

 وسمي هذا النوع من الإكراه بالكره الملجي ,لأن المكره يضطر على مباشرة الفعل من فوات النفس أو العضو أو المال, وهو يفسد الاختيار لانهما متلازمان, فإذا فات أحدهما فات الأخر. 

الإكراه غير الملجي, أي ناقص:

 فيكون بالضرب والحبس ونحو ذلك، أي يكون بالتهديد بما دون إتلاف النفس أو العضو أو المال, وهو يختلف باختلاف الأشخاص, وهو يعدم الرضاء ولكنه لا يفسد الاختيار, لعدم الأضرار على مباشرة ما اكره عليه لتمكنه من الصبر على ما هدد به, بخلاف الإكراه الملجي.

 شروط الإكراه:

الشرط الأول:

خطر جسيم محدق بالنفس أو بالمال, يهدد المتعاقد نفسه:

نصت المادة (176) من القانون المدني على:

 (لا يعتبر الإكراه إلا إذا كانت ظروف الحال تصور للطرف الذي يدعي الإكراه أن الخطر الجسيم الذي يهدده محدقاً به, او بمن يهمه أمرهم كالزوجة واصلها وفرعه حال قيامه بما اكره عليه, ويراعي في الإكراه جنس من وقع عليه وسنة وحالته الاجتماعية والصحية, وكل ظرف أخر من شانه يؤثر في جسامه الإكراه, وقد يقع الإكراه من المتعاقد معه أو غيره)

إذا فالخطر يجب أن يكون جسيما, والعبرة في جسامة الخطر بحالة المكره النفسية, فلو كانت وسائل الإكراه التي استعملت غير جدية ولكنها مع ذلك أوقعت الرهبة في نفس المكره, وصورت له أن خطراً جسيماً يهدده, فإن هذا يكفي لإفساد الرضاء.

والخطر يجب أن يكون محدقاً, أي وشيك الوقوع, فلو كان التهديد بخطر يتراخى وقوعه إلى اجل يتمكن معه المتعاقد من اتخاذ الحيطة لنفسه, فإن هذا التهديد ليس من شأنه عادة أن يوقع في النفس الرهبة  التي تفسد الرضاء.

على أن الأمر منوط بحالة المتعاقد النفسية, فقد تبعث في نفسه رهبة من التهديد بخطر بعيد الأجل فيكفي هذا الإفساد الرضاء, فالعبرة إذا بوقوع الرهبة حالاً في نفس المتعاقد, لا بأن الخطر حالاً أو محدقاً.

والخطر أما أن يصيب المتعاقد في جسمه أو نفسه, أو أن يقع على شرفه واعتباره بين الناس, وأما أن يقع على ماله كأن يهدد في بإتلاف زرعه, فالخطر الذي يقع على أي شيء يحرص المتعاقد على سلامته, يكفي لتحقيق الإكراه.

وليس من الضروري أن يهدد الخطر المتعاقد المكره نفسه, فقد يهدد شخصاً غيره ممن يهمه أمرهم فيعتبر الإكراه متحققاً بذلك. 

الشرط الثاني:

رهبة تدفع إلى التعاقد:

وهذا هو الشرط المهم في الإكراه, فالعقد يبطل لفساد الرضي, والرضي بسبب ما بعثه الإكراه في نفس المتعاقد من خوف أو رهبة, كانت هي الدافعة له على التعاقد.

فلا بد أولاً أن تكون وسائل الضغط غير المشروع قد ولدت في نفس المتعاقد رهبة وخوفاً.

 يجب أن تدخل في هذا الشرط كل العوامل التي يكون من شانها تكييف نفسيته, فالتقدير هو تقدير ذاتي أو شخصي ينظر فيه إلى المتعاقد نفسه, لا إلى الشخص المعتاد.

لذلك نص القانون المدني اليمني في المادة (176) على أنه:

  (يراعي في تقدير الإكراه جنس من وقع عليه هذا الإكراه, وسنة وحالته الاجتماعية والصحية, وكل طرف أخر من شانه أن يؤثر في جسامة الإكراه)

بل يجب فضلاً عن الاعتداد بالحالة الشخصية للمكره, الاعتداد  بالظروف والملابسات التي أحاطت بأعمال الإكراه, كون المكان أهلا من السكان أو بعيداً عن العمران، وكون الزمان نهاراً أو ليلاً.

ويجب من ناحية أخرى أن تكون هذه الرهبة هي الدافعة إلى التعاقد, أما إذا لم تكن الرهبة هي السبب الذي حمل العاقد على إبرام العقد، بل وجدت له مصلحة في إبرامه هي التي دفعته إلى التعاقد بغض النظر عن الإكراه، فإن العقد لا يكون قابلاً للإبطال.

ويلاحظ أن الخطر إذا كان يهدد المال فالمفروض أنه لا يؤثر في إرادة المتعاقد, إلا إذا كان المال الذي يتعرض للخطر أكثر مما يفقده الشخص من وراء التعاقد الذي اكره عليه.

 وقد يكون التهديد بالاستيلاء على المال غصباً سبباً لإفساد الرضاء, حتى لو كان صاحب المال يستطيع استرداده بعد غصبه, ما دام التهديد قد اثر في إرادته

 الشرط الثالث:

 نصت المادة (177) من القانون المدني على أنه:

 (لا يصح العقد الصادر من شخص مكره عليه, ويجب على من وقع منه الإكراه إرجاع ما كان الإكراه عليه)

وهذا النص يفيد أن العقد المبرم تحت تأثير الإكراه لا يعيب الرضاء فحسب وإنما يعدمه, والقانون اليمني يأخذ بوحدة التلازم بين الرضاء والاختيار, ولذلك يجب على من وقع منه الإكراه إرجاع ما كان الإكراه عليه, لانعدام الإرادة حال التعاقد. 

عبء إثبات الإكراه:

إثبات الإكراه وفقاً للقاعدة العامة التي تقضي بأن الأصل هو سلامة الإرادة, يكون على من يدعي وقوع إكراه أفسد أرادته أن يثبت وجوده وتوافر شروطه, فعليه أن يثبت أن هناك وسيلة ضغط غير مشروعة استعملت ضده, وأن هذه الوسيلة ضغط غير مشروعه لإرهابه, وأنها هي التي دفعته إلى التعاقد.

 واثبات الإكراه هو إثبات لوقائع مادية, لذلك فإن هذا الإثبات جائز بجميع الطرق.

وتقدير ما إذا كان الإكراه مؤثراً أو غير مؤثراً، وما إذا كانت الرهبة الناشئة منه هي الدافعة إلى التعاقد أم لا, مسألة واقعية تدخل في سلطة قاضي الموضوع, دون رقابة عليه من محكمة النقض. 

المراجع:

-القانون المدني اليمني

-المدخل لدراسة الشرعية الاسلامية للدكتور عبد الكريم زيدان

-النظرية العامة للالتزامات في القانون المدني اليمني  للدكتور محمد بن حسين الشامي .

أجرة الخبير أو العدل, وفق القانون اليمني

 

 

 

 

أجرة الخبير أو العدل, وفق القانون اليمني 

 

كثيراً ما يتوقف الأمر للفصل في قضية معينة على عمل معين, أو رأي يقوم به أو يدلي به شخص من ذوي الخبرة الفنية, سواء تعلق ذلك بأعمال المساحة أو التقويم (التثمين) او فحص الخطوط أو أي جانب فني يتطلب خبره معينة.

ففي كثير من القضايا يتم  اللجوء إلى الخبرة, وهو ما يطلق على القائمين بها(العدول)

 ذكر القاضي حسين بن محمد المهدي في اجرة الخبير في كتابة عمدة المسير المجلد الثالث صـ277-278 أن:

الخبرة بلا شك من أهم طرق الإثبات المباشر التي تطلع القاضي على الحقيقة, خاصة إذا لم يكن هناك وسيلة إثبات أخرى, وأن على القاضي  في مثل هذه الحالة أن يندب خبير أو خبيرين بحسب الحال, ولو لم يطلب الخصوم ذلك. 

أجرة الخبير:

نصت المادة(163) من قانون الإثبات اليمني أنه:

يقدر أجر الخبير بناء على طلبه بأمر يصدر من المحكمة, يكون نافذا على الخصم طالب الإثبات..الخ. 

تعيين الخبير:

نصت المادة(167) من قانون الإثبات بأنه:

 يكون تعين الخبراء(العدول) بقرار من تلقاء نفس المحكمة أو بناء على طلب الخصوم, وتعين المحكمة الخصم الذي يلزم بأداء الأمانة(العدال) التي تقررها لصرف أتعاب الخبراء منها, ويجب على الخصم الذي عينته المحكمة أن يدفع الامانة في الميعاد الذي تحدده المحكمة, فإن لم يفعل سقط حقه في الاستشهاد بالخبراء ما لم يقم خصمه بدفعها, ويجوز أن تقتسم الأمانة بين الخصوم.

والأمانة التي وردت في النص القانوني هي عبارة عن مبلغ من المال, تقدره المحكمة لحساب مصروفات الخبير أو الخبراء, وتلزم أحد الخصمين أو كليهما بإيداعه مقدماً خزانة المحكمة. 

وقد حرص القانون اليمني على تقرير قاعدة بمجرد دفع الأمان, تستدعي المحكمة الخبير وتعرض عليه المهمة, فإن قبلها تحلفه اليمين أن رأت ذلك, بان يؤديها بالذمة والامانة والصدق.

وتقدر المبلغ الذي يصرف له مقدما إن لم تكن قدرته من قبل, ويكون صرفه له في الحال, وتصرح له بكل ما يلزم من انتقال وإطلاع وغيره لأداء المهمة المكلف بها.  مادة(169) إثبات يمني. 

وفي القانون المصري نصت المادة(12) من قانون الخبراء على أنه:

تقدر المحكمة أجور الخبراء باعتبار الوقت الذي يقضونه في أداء مهمتهم, ويجوز للمحكمة أن تنقص عدد الأيام والساعات المبينة بالكشف المقدم من الخبراء, إذا كانت غير متناسبة مع العمل الذي قام به, كما يجوز أن تقدر للخبراء أتعابا إضافية بسبب أهمية النزاع وطبيعته, ومؤدي ذلك إن واجب القاضي عند التقدير أن يراجع مدة العمل الذي قام به الخبير كما بينها في تقريره, فإذا وجد فيها مغالاة خفضها إلى القدر الذي يرى فيه الكفاية لأداء العمل, واتخاذ ذلك أساسا لتقدير الأجر . 

وذكر الدكتور نبيل إسماعيل عمر, في مؤلفه أصول المرافعات المدنية والتجارية صـ865:

تقوم المحكمة التي نابت الخبير بتقدير أتعابه ومصروفاته بمجرد صدور الحكم في موضوع القضية المنتدب فيها, كما يجوز ذلك قبل صدور الحكم إذا لم يصدر خلال الثلاثة الأشهر التالية لإيداع التقرير لسبب لا دخل للخبير فيه, ويتم تقرير الأتعاب والمصروفات بأمر يصدر على عريضة مقدمه من الخبير إلى رئيس الدائرة التي عينته, أو القاضي الجزائي الذي عينه, ويستوفي الخبير مستحقاته من الأمانة المودعة لحسابه, ويكون أمر التقدير فيما زاد عليها واجب التنفيذ على من طلب تعيينه من الخصوم, وعلى الخصم الذي طلب قضى بإلزامه بالمصروفات.

 وقررت المادة(233) من قانون المرافعات المصري, على أن تقرير أجرة الخبير يكون نافذا على الخصم الذي طلب تعين أهل الخبرة, ومن بعد صدور الحكم في الدعوى يكون نافذا أيضاً على من حكم عليه المصروفات. 

وخلاصة ما تقدم حول أجره الخبير أو العدل نوضح النقاط الآتية:

النقطة الأولى:

أجرة الخبير ملزم بتوريدها مقدماً الخصم الذي يطلب تعين أهل الخبرة, ويودعها خزانة المحكمة كأمانة أو "عدال" يستوفي الخبير مستحقاته منها.

النقطة الثانية:

 أجرة الخبير تندرج تحت مسمى المصروفات القضائية مثلها مثل أتعاب المحاماة, والرسوم ويتحملها الشخص الذي يحكم عليه بالمصروفات, باستثناء النيابة العامة إذا كانت خصماً في الدعوى, فلا تلزم بدفع أجرة الخبير.

النقطة الثالثة:

 للمحكمة سلطة تقدير أجرة الخبير وتقديمه جزء منها,  كما عليها صرف الأجور مقدماً وأن تقدرها, فسلطتها في ذلك كاملة. 

قوانين الرسوم القضائية للدكتور/ معوض عبده التواب صـ130"