بحث حول تناقض الدليل الفني مع شهادة الشهود



بحث حول تناقض الدليل الفني مع شهادة الشهود

القاعدة أن الاثبات بالشهادة هو الأصل لأنها تنص على وقائع مادية ولها أهمية كبرى.
"وأن الشهادة تنصب على ما يدركه الشاهد بحواسه وأهما البصر والسمع والشم الشهادة لها قوة مطلقة في الاثبات.
تلعب الشهادة دوراً خطيراً في المسائل الجنائية فهي لها قوة مطلقة في الاثبات الجنائي ومع ذلك فهي تخضع لسلطة القاضي التقديري لأنه يمارس بالنسبة لها سلطة واسعة.
الشهادة حجة مقنعة متعددة:
تعتبر الشهادة حجة مقنعة أي غير ملزمة فهي تخضع لتقدير القاضي ويكون له كامل السلطة في تقديرها .(*)
الخبرة من الناحية القانونية:
الخبرة هي الاستشارة الفنية التي يستعين بها القاضي أو المحقق في مجال الاثبات لمساعدته في تقدير المسائل الفنية.
والرأي الغالب في الفقه أن الخبرة وسيلة اثبات تهدف إلى التعرف إلى وقائع مجهلة من خلال الواقع المعلوم وسيلة اثبات خاصة تنقل الى جنح الدعوى دليلا يتعلق باثبات الجريمة او اسنادها المادي او المعنوي الى المتهم .
حيث يتطلب هذا الاثبات معرفة او دراية لا تتوافر لدى عضو السلطة القضائية نظراً الى طبيعة ثقافته وخبرته العليمة كما قد يتطلب الأمر اجراء ابحاث خاصة او تجارب عملية تستلزم وقتا لا يتسع له عمل القاضي أو المحقق .
أثار تقرير الخبير:
التقرير له في الاثبات قوة الاوراق الرسمية بمعنى انه لا يجوز انكار ما اشتمل عليه من وقائع اثبتها الخبير باعتبار انه راها او سمعها او عملها في حدود اختصاصه الا بطريق الطعن بالتزوير والتقرير حجة بما اشتمل عليه من تاريخ وحضور الخصوم او غيابهم .
ومن المقرر ان تقرير آراء الخبراء والفصل فيها فيما يوجه الى تقاريرهم من اعتراضات مرجعة قاضي الموضوع.
خرة في أن تأخذ في ادانة المتهم بما تطمئن اليه من تقارير الاطباء المقدمة في الدعوى وتدع ما لا يطمئن اليه منها ولا معقب عليها في ذلك.(**)
الاصل انه ليس بلازم ان تطابق اقوال لشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي كما اخذت به المحكمة غير متناقض مع الدليل الفني تناقضا يستعصي على الملاءمة والتوفيق وكان مؤدى ما حصلة الحكم في ان الطاعة كان يحمل مسدسا يطلق منه الاعيرة النارية يقصد الارهاب فاصابت طلقة صدر المجني عليه عندما اصبح في مواجهتة لا يتعارض بل يتطابق مع ما نقله الحكم عن التقرير الطبي الشرعي ان اصابه المجني عليه بيمين الصدر هي اصابة نارية جائزة الحدوث من عيار ناري لم يستقر من مثل السلاح المضبوط وفي تاريخ معاصر لتاريخ الحادث وان السلاح المضبوط مع الطاعن مرخص وقد اطلق في وقت قد يعاصر تاريخ الحادث فان ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد ولما كان ذلك وكان من المقرر ان لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم اليها والفصل فيما يوجه اليه من اعتراضات انها لا تلتزم باستدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته ما دام ان الواقعة قد وضحت لديها ولم ترى هي من جانبها حاجة الى اتخاذ هذا الاجراء او كان الامر المطلوب تحقيقة غير منتج في الدعوى وطالما أن استنادها الى الرأي الذي انتهى اليه الخبير هو استناد سليم لايجافي المنطق والقانون فلا يجوز مجادلتها في ذلك ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله.
 من صـ200- 217.
الاثبات الجنائي في ضوء القضاء والفقه د/ عبدالمجيد الشواربي سنة 1996م.
الشهادة عي تقرير المراد بما راه وسمعه وهي طريقة اثبات ضعيفه وخطره لانها ترتكز على حواس وذاكرة الشهود وهي عرضه للزلل وكما ان المصلحة كثيرا ما تدفع الشاهد الى أن يحيد عن قول الحق ولكنها على أي حال هي الطريقة العادية لاظهار الحقيقة واثباتها في المواد الجنائية.
مطابقة اقوال الشهود مضمون الدليل الفني وغير ملازم ما يكفي في هذا الصدد من المقرر انه ليس بلازم ان تطابق اقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضا يستعصي على الملاءمة والتوفيق لما كان ذلك وكان مؤدي اقوال شهود الاثبات واعترافات المتهمين وما اورده الحكم في ضبط عدد الكيشهات هي التي استعملت في عمليات الطبع فان معنى الطاعن بوجود تعارض بين الدليل الفني والدليل القولي يكون ولا محل له .
طعن 2082لسنة 48 11-6-1979. من صـ88-110
التقارير الطبية –دليل مؤيد لاقوال الشهود:
التقارير الطبية وأن كانت لا تدل بذاتها على نسبة احداث الاصابات الى المتهم الا انها تصلح كدليل مؤيد لاقوال الشهود في هذا الخصوص واذا كان الحكم المطعون فيه قد استظهر ما ورد من شك في أقوال الشهود فانه لا يعيبه التفاته عن طلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته فيما اذا كانت اصابة الطاعن تحدث وفق تصوير الشهود ما دام لم يأخذ بهذا التصوير وبذلك ينحسر عنه عيب الاخلال بحق الدفاع .
طعن رقم (192) لسنة   2/6/1969م صـ 129. ضوابط الاثبات الجنائي المستشار عمرو عيسى الفقي رئيس محكمة -1999م.



من قانون الاثبات اليمني رقم (20) لسنة 1996م:
مادة (26) اثبات ( الشهادو اخبار في مجلس القضاء من شخص بلفظ الشهادة لاثبات حق لغيره على غيره).
مادة (165) على المحكمة في المسائل الفنية  ...ان تعين خبيرا في كشف الغامض من هذه المسائل مما يفيد اثبات الواقعة المراد اثباتها.
والملاحظ من خلال البحث.
أولا: الشهادة :
تعتبر الشهادة هي الاصل لانها تنصب على وقائع مادية ولها اهمية كبرى وهي لها القوة المطلقة في الاثبات الجنائي ولكن ما يعيب عليها انهى طريقة اثبات ضعيفة وخطرة لانها ترتكز على الحواس وذاكرة الشاهد وهما معرضة للزوال وايضا تهمة المصلحة في اخفاء وزيادة في الحقيقة .
والاصل ان للمحكمة لها تقدير قبول او رفض الشهادة.
ثانيا: التقرير الفني:
هي استشارة فنية من أهل الخبرة يطلبها القاضي أو الخصوم.
والتقارير الفنية لا تدل بذاتها على نسبة احداث الاصابة الى المتهم كما في الشهادة ولكن تكون مضمونها تقرر اسباب الوفاة او اسباب احداث الاصابات الاصل انها دليل مؤيد لاقوال الشهود والاصل انه ليس لازم ان تطابق اقوال الشهود مع الدليل الفني.
والراجح ان يأخذ بأقوال الشهود اذا رجحت واطمأنت المحكمة للشهادة.
وهذا ما بدا لي والله الموافق،،





(*)  من صفحة 88 الى 112
(**)  نقض 17/5/1983م.

المساهمة في القتل بطريق التمالؤ - القانون اليمني



المساهمة في القتل بطريق التمالؤ:
جاء في المادة(21) النص على أنه (يعد فاعلاً من يحقق بسلوكه عناصر الجريمة ويشمل ذلك المتمالئ الموجود على مسرح الجريمة وقت حدوثها:
فالتمالؤ: إذا صورة خاصة من صور المساهمة تتميز بشروط ثلاثة هي:
-         الاتفاق على الاشتراك في ارتكاب الجريمة (معنى التمالؤ).
-         الوجود الفعلي في مسرح الجريمة وقت حدوثها.
-         الاستعداد لمباشرة العمل التنفيذي للجريمة).
وكان مشروع القانون الشرعي للجرائم والعقوبات عرف المتمالئ تعريفا مفصلاً جمع هذه الشروط فقال في المادة(21) "المتمالئ هو من يتفق مع غيره على ارتكاب الجريمة ويتواجد في مكان حدوثها مستعداً لارتكابها بحيث إذا تركها أحد المتمالئين معه لم يتركها هو وإنما يكون تركه لها اكتفاء بمباشرة الأخر مادام معضوداً بوجوده ولو كان رقيبا بشرط ان يكون مستعداً لتنفيذ ما اتفق عليه".
1- شرط الاتفاق:
الاتفاق على القتل يعني تلتقي إرادات المساهمين على ارتكاب هذه الجريمة وأبرز صورة له أن يلتقي المساهمون فيعقدون العزم على التعاون على ارتكاب الجريمة أي يتأمروا على ذلك العمل ويخططوا له قبل البدأ فيه وأدنى صور الاتفاق أن يكون كل واحد من هؤلاء المساهمين عالماً بأنه ليس وحده معنيا بأمر ارتكاب تلك الجريمة أي يعلم بأنه يفعل الفعل مع غيره ولا يلزم بالضرورة أن يجلس المساهمون في مجلس واحد يتأمرون أو يخططون لها وإن كان ذلك هو الأصل وإنما يكفي أن يحس كل واحد بأنه لا يرتكب الجريمة بمفرده فإذا انتفي العلم فلا يصح القول بوجود اتفاق حتى وأن المساهم نفسه يفعل الفعل مع غيره وإنما هو توافق وليس من شروط العلم الذي يقوم به الاتفاق أن يكون المساهم محيطا بعدد الأشخاص الذين يشتركون معه أو نوع الدور الذي يقوم به كل واحد منهم.
والعلم حالة شخصية يجب توافرها لدى المساهم ذاته ومن ثم فلا يغني عنها علم الآخرين بوجوده معهم إذا كان هو غير عالم بوجودهم معه وهذا يعنى أنه يصح أن يشترك عده أشخاص في ارتكاب الجريمة فيتوافر شرط الاتفاق في حق بعضهم دون البعض الأخر كأن يعلم بعض الأشخاص بعزم زيد على قتل عمر فيذهبون لمعاونته ومعاضدته وهو لا يعلم بوجودهم معه ولا يحس بمشاركتهم له.
والأصل في الاتفاق أن يكون سابقاً على ارتكاب الجريمة ولكن لا يعني أنه لابد من أن يكون بينه وبين البدء زمن معين إذ يصح أن يكون قبل البدء مباشرة بل يصح أن يتوافر حال البدء في التنفيذ.
وصورته أن يعلم الجاني ساعة قيامه بارتكاب الجريمة أن هناك من يشاركه فيها فيستأنس به ويزداد عزيمة ومضاء أو على الأقل قبولا.


2- شرط الوجود في مكان حدوث الجريمة ساعة ارتكابها:
أي ان يكون المساهم حاضراً في مكان الجريمة ساعة ارتكابها والحضور يكفي لقيامه الوجود الفعلي في مسرح الجريمة وزمن الحضور يكفي فيها أن يشهد المساهم الفعل التنفيذي الذي تقوم به الجريمة أي أن يتوافر حضوره الفعلي في ذات الوقت الذي تقترف فيه الجريمة.
وتعتبر الجريمة مرتكبة في كل لحظة تم فيها الفعل التنفيذي لها كله أو بعضه ومن ثم يكفي لقيام شرط الوجود أن يكون الحضور قد تم في مرحلة من مراحل ارتكاب الجريمة مادام فعلها التنفيذي لم ينته بعد فإن كان قد انتهى فلا قيمة لذلك الحضور لأن المساهمة تقتضي الحضور الذي تصح به المشاركة في ارتكاب الجريمة أي اقتراف فعلها التنفيذي فإن انتهي فإن المشاركة فيه بعد ذلك مستحيلة، ولا يقدح في صحة هذا القول أن يكون الحضور اللاحق قد ساعد على أخفاء معالم الجريمة أو محو أدلة إثباتها أو إخفاء جثة القتل لأن كل ذلك ليس جزاء من الجريمة وإنما هو جريمة مستقلة بذاتها.
ومن جهة فإن الوجود السابق على ارتكاب الجريمة لا يكفي لقيام حالة التمالؤ مادام قد انتهي قبل البدء في التنفيذ.
ولا يغني عن ذلك أن يكون الشخص قد قام بعمل سهل ارتكاب الجريمة أو مهد لوقوعها ولو كان ذلك الفعل قد تم حسب الخطة المتفق عليها بينه وبين زملائه المساهمين فالذي يداهم المجني عليه ويشد وثاقة أو يحبسه ثم يغادر المكان ويأتي زملاؤه بعد ذلك حسب الخطة المتفق عليها معهم لتنفيذ جريمة القتل  لا يعتبر متمالئا معهم لكون التمالؤ يقتضي الوجود على هيئة تمكن الشخص من مباشرة ارتكاب الجريمة مع غيره ساعة الاحتياج إليه أي تجعله مستعداً للمساهمة المباشرة فيها عند اللزوم كما سيأتي في الشرط الثالث من شروط التمالؤ.
مكان ارتكاب الجريمة:
لابد أن يتوافر الحضور الذي تقوم به حالة التمالؤ في مكان محدد معين هو مكان حدوث الجريمة والمكان الذي يشترط الحضور فيه هو كل بقعة يقع فيها العمل التنفيذي للجريمة ولكنه لابد أن يكون صالحاً لان تتم فيه الأعمال التنفيذية وما تستلزمه من ممهدات ومسهلات ومتممات.
فإذا كانت جريمة القتل قد تمت في منزل واقع في وسط الحقل فإن مكان ارتكاب الجريمة ليس قاصراً على ذلك المنزل وإنما يمتد إلى ما يلحق به من الأماكن التي يوجد فيها المنفذون لتلك الجريمة ومن ثم يعتبر موجودا في مكان ارتكاب الجريمة ذلك الذي يقف على أطراف الحقل أو على أسواره يحرس رفاقه وهم يقتلون المجني عليه مادام بوجوده في ذلك المكان يقدر على أن يباشر على الفور إذا طلب منه ذلك.
والحجة في هذا التفسير هي أن أي مكان تمكين فيه الشخص من المساهمة مساهمة تنفيذية في أي فعل من الأفعال المكونة للجريمة فهو داخل في مكان حدوثها ولو لم يفعل الموجود فيه شيء من ذلك مادام كان يقدر بسبب موقعه المكاني أن يفعل.
3- شرط الاستعداد لمباشرة الجريمة:
لا يكفي الوجود الفعلي في مكان الجريمة لقيام حالة التمالؤ ولو كان الموجود قد حضر تنفيذا لخطة سابقة بينه وبين زملائه بل ولو كان حضوره أمراً لا غنى عنه في تقديره وتقدير زملائه كان يكون دوره الرقيب أو المشجع وإنما لابد وأن تقترن بذلك الوجود الفعلي نية المشاركة في الأعمال التنفيذية للجريمة وأن يجعل القتل قضيته التي لا يمكنه تركها أو التراجع عنها وأنه إنما جاء ليقترف الجريمة لا ليقوم بعمل ثانوي متعلق بها وهذا يعني أن المتمالئ إما أن يباشر العمل التنفيذي للجريمة فيسمى "مباشراً" وأما أن لا يباشر وفي هذه الحالة الأخيرة يكون عدم المباشرة راجعاً إلى كونه قد اكتفي بمباشرة غيره ومن ثم لا يزال مستعدا للمباشرة إن لزم الأمر بحيث لو ترك المباشر أو تراجع أو لم تكف مباشرته فإنه لا يتردد في مباشرة العمل التنفيذي فهو مستعد للمضي في العمل الإجرامي إلى نهاية ولو تركه زملاؤه.
وهذا يعني أنه لو اتفق المساهمون في جريمة القتل على توزيع الأدوار بينهم وكان دور أحدهم الحراسة أو التموية أو جلب السلاح أو قطع خطوط الاتصال أو نحو ذلك وعلم أن لا شأن له بالعمل التنفيذي للجريمة المراد اقترافها وهي القتل فإنه لا يكون متمالئاً أي لا يكون مساهما في تلك الجريمة بطريق التمالؤ وإنما شريكاً بطريق المساعدة وهي أقل خطراً من التمالؤ ولكنه يكون متمالئا إذا علم أن هذا الدور ثانوي وأنه مطلوب منه إلى جانب ذلك المساهمة الفعلية في الجريمة إن لزم الأمر بحيث يظل منتظرا الإشارة لينطلق في الوقت المناسب ليرتكب عملا تنفيذيا من الأعمال التي تقوم بها تلك الجريمة.
" صـ56..60 شرح قانون الجرائم والعقوبات اليمني "القسم الخاص" د/علي حسن الشرفي"








حقيقة القتل شبه العمد:"الضرر المفضي إلى الموت":
قد بين قانون الجرائم والعقوبات أحكام شبه العمد تحت عنوان "الاعتداء الذي يفضي إلى الموت" ووضع هذه الأحكام في م(241) منه ونصها: (يعاقب بالدية المغلظة والحبس مدة لا تزيد على خمس سنوات من اعتدى على سلامة جسم غيره بأية وسيلة ولم يقصد من ذلك قتلاً ولكن الاعتداء أفضي إلى الموت).
والأصل في بيان جريمة القتل شبه العمد وتحديد عناصرها هو قول الرسول صلى الله عليه وسلم : "إلا أن قتيل الخطأ شبه العمد قتيل السوط والعصى...."
وظاهر الحديث يشير إلى أن حقيقة شبة العمد قائمة على الأداة المستخدمة في القتل ومن أجل ذلك فقد جعل الفقهاء شبه العمد قائما على قصد العدوان على الشخص بما لا يقتل غالبا كالسوط والعصي ونحو ذلك وهو ما سار عليه مشرع الفانون الشرعي الذي كانت تستأنس المحاكم الجزائية بأحكامه قبل صدور قانون الجرائم والعقوبات إذ نص في مادته(221) تحت اسم القتل شبه العمد على أن : "يعاقب بالدية المغلظة من اعتدى على جسم مسلم بما لا يقتل مثله عادة كالسوط والعصا ولكن الاعتداء أفضي إلى الموت"
ولكن يلاحظ أن استناد صفة "شبة العمد" إلى الأداة المستخدمة في الجريمة فقط هو إغفال لعنصر النية الذي هو جوهر القصد وهو أداة التمييز بين العمد والخطأ الأمر الذي جعل شبة العمد لا يرتبط بأي منها بل جعله في بعض الحالات دون الخطأ إذا ان الخطأ إذا أغفلنا عنصر النية هو قتل الإنسان بأداة تقتل غالبا فالذي يرمي هدفا ما بأداة قاتلة ولكن يصيب إنسانا لم يكن يقصده يعتبر مرتكبا لجريمة قتل خطا أفيكون في حالة شبة عمد لو أن الاداة التي استخدمها غير قاتلة عادة ؟ ولا يغير من الأمر شيء إضافة عبارة "قصد الشخص" أي قصده بالعدوان مادام الحكم مرتبطا بنوع الأداة المستخدمة لأن مقتضى الإضافة أن شبه العمد يتحقق إذا قصد المجني عليه أي أراد العدوان عليه واستخدم في ذلك اداة لا تقتل غالبا فلا يزال الأمر محل سؤال؟ هل كان قصد الجاني ساعة الاعتداء قتل المجني عليه أم إيذاؤه؟
ومعلوم أنه لو كان يقصد قتله لتحققت صورة العمد ولو كانت الوسيلة غير قاتلة عادة إذ العمد يقوم على قصد الأمانة أي إزهاق الروح أما لو كان يقصد إيذاء فقط فمات فهذا هو شبه العمد مهما كانت الوسيلة التي استخدمها.(1)
ويظهر أن جمهور الفقهاء وهم يربطون شبه العمد بالأداة غير القاتلة فالسوط والعصا يخلصون إلى أن استخدام أداة غير قاتلة عادة كالسوط هو من قبيل شبة العمد إلا إذ ضرب الجاني المجني عليه بها عدة ضربات حتى مات فإنه عمد وذلك أن تتابع الضرب يدل على نية القتل وهذا يعني أن الأداة ليست هي ضابط التمييز بين العمد وشبة العمد وإنما الضابط في الأرادة.
ومن ثم نرى أن شبه العمد يقوم على قصد الأدمي بالإيذاء ولكن النتيجة تجاوزت قصد الجاني فأحدثت الوفاة وإنما اتخذ الفقهاء من عجز الأداة عن إحدث الموت عادة قرينة على قصد الإيذاء وعدم قصد القتل ومن ثم أن الأداة المستخدمة في القتل ليست عنصراً فيه ولكنها قرينة تساعد على إثبات بعض عناصره فيكون معيار شبة العمد هو إرادة الإيذاء ومعيار العمد هو إرادة القتل والفارق بين العمد وشبة العمد منحصر في إرادة النتيجة أو عدم إرادتها فالموت مقصود للجاني في حالة العمد والإيذاء فقط مقصود في حالة شبة العمد.
وتكون من ثم فائدة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم المذكور أنفا هي أنه وضع قرينة ظاهرة تدل على القصد الباطن.(2)
فالأصل عدم اعتبار الألة في إزهاق الروح بل ما أزهق الروح أوجب القصاص (2) فالذي يستخدم في العدوان أداة غير قاتلة كالسوط أو العصا لا يكون في العادة قاصداً القتل إذ لو كان يقصد لاستخدم أداة قاتلة أي أن هذه القرينة تمثل الأصل في إثبات شبة العمد ومع ذلك فهي قرينة ليست قاطعة إذ يصح إثبات عكسها فإذا قام الدليل على أن الشخص استخدم تلك الوسيلة يقصد القتل فلا يجوز إهمال ذلك الدليل والتعلق بالقرينة الظاهرة وهي الأداة وإن كانت تمثل الأصل إذ أن تلك القرينة يسقط معناها بالدليل المثبت لخلافها ويكون عبء إثبات ذلك الدليل على من يدعي خلاف الأصل.
وبهذا نرى أن قانون الجرائم والعقوبات كان مصيبا عندما أطلق ولم يقيد شبه العمد الآلة والوسيلة في نص المادة(241)
ومعلوم أن جريمة القتل شبة العمد تسمى في القوانين الحديثة بالاعتداء المفضي إلى الموت وهي التسمية التي أخذ بها قانون الجرائم والعقوبات.
"شرح قانون الجرائم والعقوبات "القسم الخاص" د/علي حسن الشرفي وجرائم الاعتداء على الأشخاص صـ166...169"
- استخلاص عناصر شبة العمد في الآتي:
1-  العلم : يعلم الجاني بخطورة فعله وأنه يمس جسم المجني عليه ويحدث له الإيذاء غير أنه لا يتوقع بان فعله سوف يحدث نتيجة أكبر هي الوفاة غير أن القانون يلزمة بذلك حسب نص م(10) إذا بذل عناية وحرص أكبر من قانون الجرائم والعقوبات اليمني رقم(12) لعام 94م.
2-  الإرادة تنحصر في هذه الجريمة بإرادة الفعل وإرادة النتيجة (الإيذاء الجسماني) غير أنه لا يريد النتيجة التي لم يتوقعها وهي الوفاة غير أنه كان ملزم باجتنابها.
ولذلك فإنا نستدل على قيام جريمة القتل شبة العمد عن طريق الوسيلة أما أن تكون وسائل مميته بطبيعتها ووسائل غير مميته فإذا عرضنا للسلاح الناري والابيض (الخناجر والسكاكين وما شابه) والمفرقعات والسموم القاتلة فإن هذه تعد قاتلة بطبيعتها وما يسعى إليه الجاني إلى إعدامه (إزهاق الروح وإحداث الوفاة) ووسائل لا تحمل طبيعة قاتلة كالعصا والسوط والحجر الصغير فإن الغالب فيها أن تكون جرائم على ما دون النفس(كالإيذاء الجسماني وإحداث الجراح غير أن هذه الأدوات قد يحدث أن تقتل) وإن استخدم العصا ومتابعة ضرب المجني عليه بشكل مستمر وفي أماكن حساسة دليل على قيام العمد أو استخدم إبرة في مكان مميت يحقق القتل العمد....الخ.
ولتحقق هذه الصورة هو تتبع نية الفاعل بغض النظر عن الوسيلة المستخدمة.
"شرح قانون الجرائم والعقوبات اليمني "القسم الخاص" د/عبد الرحمن سلمان عبيد صـ171... ط2003م".
- المقصود بالقتل شبة العمد أن يقصد الجاني الاعتداء على المجني عليه دون أن ينصرف قصده إلى القتل إلا انه ترتب على الاعتداء قتل المجني عليه فالقتل شبة العمد يقابل الضرب المقضي إلى الموت في القانون الجنائي.
-         أراء فقهاء الشريعة:
-         رأي الإمام مالك "أن القتل نوعان : قتل عمد وقتل خطأ ولا ثالث لهما.
-         رأي ابو حنيفة :
يعرفه : بأنه ما تعمدت ضربه بالعصا أو السوط أو الجمر أو اليد أو غير ذلك مما يفضى إلى الموت.
-         رأي الشافعي: بأنه ما كان عمداً في الفعل خطأ في القتل.
ويري بعض الشافعية: (أن القتل شبة العمد هو قصد الإصابة بما لا يقتل غالبا فيموت منه ولا تجب عقوبة القتل العمد لأن الجاني لم يقصد القتل).
 وفيصل التفرقة هو الآلة المستخدمة أو الوسيلة التي استعملت في الاعتداء فإذا كانت الآلة مما تقتل غالباً فالفعل قتل عمد ما لم يثبت الجاني أنه لم يقصد القتل أما إذا كانت الآلة مما لا يقتل غالبا فالفعل قتل شبة العمد.
"صـ650 شرح قانون العقوبات د/عبد الحميد الشواربي ط1990 الناشر منشأة المعارف بالإسكندرية".
الضرب المفضي إلى الموت:
418- إن الجاني يسال بصفته فاعلاً في جريمة الضرب المفضي إلى الموت إذا كان هو الذي أحدث الضربة أو الضربات التي أفضت إلى الوفاة أو ساهمت في ذلك أو أن يكون هو قد اتفق مع غيره على ضرب المجني عليه ثم باشر معه الضرب تنفيذ للغرض الإجرامي الذي اتفق معه عليه ولو لم يكن هو محدث الضربة أو الضربات التي سببت الوفاة بل كان غيره ممن اتفق معهم هو الذي أحدثها.
(9/4/1979م أحكام النقض س30 ق98 صـ461)
419- للمحكمة أن تعتبر المتهمين فاعلين أصليين في الضرب الذي أحدث الوفاة ولو كانت بعض الضربات لم تؤثر في القتل متى ثبت أن الضربات التي نشأت عنها الوفاة كانت أزيد من عدد الضاربين.
(4/12/1931 مجموعة القواعد القانونية ج2 ق303 صـ371)
420- إذا اتهم عدة أشخاص بارتكاب جريمة ضرب أفضي إلى موت مع سبق الإصرار وكانت وفاة المجني عليه ناشئة عن ضربة واحدة من ضربات متعددة واستبعدت المحكمة سبق الإصرار فإنه يصبح واجبا عليها عندئذ أن تعين من بين المتهمين من هو الذي ضرب المجني عليه الضربة المميتة.
(2/11/1931 مجموعة القواعد القانونية ج2 ق280 صـ348)
421- إذا اشترك عدة اشخاص في ارتكاب فعل مكون لجريمة اعتبر القصد مشتركا بينهم وأصبح كل منهم مسئولا عن نتائج هذا الفعل كما لو أنفرد في ارتكابه فإذا ضرب عدة أشخاص رجلا ضربا لم يقصدوا منه قتله ولكن أفضي إلى موته جاز معاقبتهم جميعا بوصف كونهم مرتكبين للجريمة المنصوص عليها في م(200) عقوبات.
"صـ145 المرصفاوي في قانون العقوبات د/حسن صادق المرصفاوي الناشر منشأة المعارف ط2001م"


(1) جاء في الروض النظير ج4 صـ254 النص على أن شبه العمد الحجر والعصا والمراد به مالا يقصد به القتل ولا يقتل مثله ، قال الفقهاء إذا قصد به القتل كانت جناية عمد ولزمه القود وإن كان لا يقتل مثله عادة".
(2) سبل السلام ط3 صـ1191 الإمام محمد إسماعيل الأمير
(2) سبل السلام ط3 صـ1191 الإمام محمد إسماعيل الأمير

بحث قانوني حول جريمة الاختلاس في القانون اليمني



تعريف الموظف العام في القانون:
نصوص القانون:
نص قانون الجرائم والعقوبات اليمني رقم (12) لسنة 1994م الباب الرابع الجرائم الماسة بالوظيفة العامة – الفصل الأول- جرائم الموظفين العامين ومن في حكمهم – الفرع الثاني الاختلاس والإخلال بواجبات الوظيفة – صور الاختلاس.
م(162) يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سبع سنوات كل موظف عام :
1-   أختلس مالاً وجد في حيازته بسبب وظيفته.
2-   استغل وظيفته فأستولى بغير حق على مال للدولة أو إحدى الهيئات أو المؤسسات العامة أو الوحدات التابعة لها أو سهل ذلك لغيره.
وإذا لم يصحب الفعل المنصوص عليه في الفقرتين السابقتين نية التملك بأن كان يقصد استعمال المال ثم رده تكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات .
- وقد عرفت المادة (1) من هذا القانون الموظف العام بقولها:
مادة (1) يكون للكلمات والعبارات التالية المعاني الواردة أمام كل منها ما لم يقضي السياق بخلاف ذلك أو دلت القرينة على معنى آخر.
الموظف العام ومن في حكمه: يعد وفقا لأحكام هذا القانون موظفاً عاماً رئيس الجمهورية ونائب الرئيس وأعضاء مجلس الوزراء وكل من تولى أعباء وظيفة عامة بمقابل أو بغير مقابل بصرف النظر عن صحة قرار تعيينه فيها ويشمل أعضاء السلطة القضائية وأفراد القوات المسلحة والشرطة وأعضاء الهيئات العامة وأعضاء المجالس النيابية العامة أو المحلية المنتخبين منهم والمعنيين والمحكمين والخبراء والعدول والوكلاء والمحامين والحراس القضائيين الذين تعدل لديهم الأموال وأعضاء مجالس إدارة الشركات والبنوك وموظفيها التي تسهم الدولة في رأس مالها .
- تعريف قانون الإجراءات الجزائية اليمني رقم (13) لسنة 1994م في المادة (2) الموظف العام بأنه:
أ‌-      القائمون بأعباء السلطة العامة والعاملون في الدولة والمؤسسات التابعة لها.
ب‌- رجال السلطة القضائية وأفراد القوات المسلحة والأمن كما يشمل أعضاء المجالس النيابة العامة أو المحلية أثناء فترة ولايتهم.
- تعريف قانون الخدمة المدنية رقم (19) لسنة 1991م للموظف العام حيث نصت المادة (2) على أن الموظف العام " هو الشخص المعين بقرار من السلطة المختصة للقيام بعمل مهني أو ذهني أو حرفي أو غيره تنظمه وظيفة مصنفة أو معتمدة في الموازنة العامة للدولة والذي يعتبر بمجرد تعيينه في مركز نظامي سواء كانت الوظيفة دائمة أو مؤقتة بموجب هذا القانون واللوائح المنفذة والقوانين والقرارات الأخرى النافذة.
كيفية إثبات الوظيفة العامة

يستفاد من النص السابق المشار اليه : أنه يستوي أن يكون الموظف قائما بعمل دائم أو مؤقت والمهم هو أن يشغل وظيفة في مرفق عام عبر عنه القانون بـ (المركز النظامي) أي أن القانون اليمني في تعريفه الموظف العام يشترط له إصدار قرار تعيين وأن تكون الخدمة هي خدمة دائمة أو مؤقتة في صالح مرفق عام ويدخل في هذا المعنى موظفوا السلطة القضائية والتنفيذية والمؤسسات العامة ورجال القوات المسلحة والأمن والمستخدمون في المصالح التابعة للحكومة أو الموضوعة تحت رقابتها وأعضاء مجلس النواب وأعضاء المجالس المحلية وكل شخص مكلف بخدمة عامة .
انظر الجرائم الماسة بالوظيفة العامة للقاضي/حسين بن محمد المهدي-ط  2003- صـ19
تعريف الموظف فقهاً وقضاءاً:
الموظف العام : الشخص الذي يعهد إليه بعمل دائم في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام.
انظر الوجيز في القانون الإداري للدكتور/ أحمد عبدالرحمن شرف الدين- صـ276.
الموظف العام هو : من يعهد إليه بعمل دائم في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام الأخرى عن طريق شغله منصبا يدخل في التنظيم الإداري لذلك المرفق.
محكمة النقض المصرية جلسة 15/2/1966م.
1-   تعريف الاختلاس وبيان صورة تعريفا وتمثيلا لكل صورة:
الاختلاس:  يعرف الاختلاس لدى أئمة اللغة العربية بأنه عبارة عن أخذ المال مخاتلة من غير حرز.
وقد عرفه فقهاء الشريعة الإسلامية بأنه أخذ شئ خفية من غير حرز.
القاضي حسين محمد المهدي مرجع سابق صـ 77
الاختلاس : تصرف الحائز في الشئ المملوك لغيره منتويا إضافته إلى ملكه ويقع الاختلاس تاما متى وضحت نية المختلس في أنه يتصرف في الشئ الموكل بحفظه تصرف المالك بحرمان صاحبه منه.
محكمة النقض المصرية جلسة 5/6/1956م .
                                                                              انظر التعليق على قانون العقوبات – الجزء الأول- د/ عبدا لحكم فوده . ط 1989- صـ 436.
الاختلاس: فعل يباشر به المختلس على المال سلطات لا تدخل في نطاق سلطات المالك أو هو سلوك المختلس إزاء الشئ الذي بحوزته سلوك المالك,  أي أن يظهر باستعمال المال او التصرف به في سلوك لا يتصور أن يصدر الا عن المالك .
                                                                  انظر شرح قانون الجرائم والعقوبات اليمني القسم الخاص/د: عبدالرحمن سلمان عبيد ط2003- صـ 90.



صور الاختلاس:
وضع المشرع اليمني صورتين للاختلاس هما:
1- التصرف بالمال 2- استعماله (الاختلاس)
الاستيلاء أي أخذ المال عنوة بالحيلة أو خلسة
ولم يستعمل المشرع اليمني سوى لفظ اختلاس, استيلاء غير أننا قد وجدنا كتب الفقه تشير على مدلول لفظ الاختلاس بالتصرف أو الاستعمال أو تغير  النية تجاه المال الذي يقع تحت  حيازة الموظف العام.
مرجع سابق صـ 89
الاختلاس في جريمة اختلاس المال العام هو بذاته الاختلاس في جريمة خيانة الأمانة:- فهو فعل يباشر به المختلس على المال سلطات المالك أو في تعبير آخر ((هو سلوك إزاء الشئ مسلك المالك )) ويعنى ذلك أن جوهر الاختلاس أنه تغيير لنية المتهم .
فنيته تتجه الى تحويل حيازته الناقصة الى حيازة كاملة ولكن الاختلاس باعتباره الركن المادي للجريمة لا يقوم بمجرد تغيير النية إذ لا بدله من ماديات ,ومن ثم فلا بد من صدور فعل عن المتهم يعبر عن هذه النية ونستطيع إجمال فكرة الاختلاس في أنه:( فعل يعبر في صورة قاطعة عن تحويل الحيازة الناقصة الى حيازة كاملة ) ويعني ذلك أنه استعمال او تصرف في المال لا يتصور ان يصدر الا من المالك .
أمثلة الاختلاس:
أهم أمثلة الاختلاس ان يسحب الموظف المال العام من الخزينة ويودعه باسمه في احد المصارف او يدعي أنه لم يتسلم المال أو أن ينقل الأشياء المؤتمن عليها إلى مسكنه ثم ينكر أنه فعل ذلك حينما يطالب بالرد أو يدعي أنها مملوكة له أو يعرض المال للبيع مدعيا أنه ملك له.
                                                      مرجع سابق صـ94, وكذا انظر شرح قانون العقوبات القسم الخاص د/ محمود نجيب حسني ط1988م صـ 101.
كذلك يثبت فعل الاختلاس بإضافة الجاني ما وجد بحيازته من مال بسبب وظيفته إلى ملكه فيتصرف فيه تصرف المالك من بيع وشراء وهبه ونحوها فتتغير عند ذلك نيته من حيازة ناقصة إلى حيازة كاملة وتصرف المالك في ذلك يكشف عن نيته.
 ولما كان الأمر كذلك فإنه لا سبيل لمعرفة نية الجاني وكشفها وإنما تتحصله المحكمة من خلال وقائع الدعوى وظروفها فمثلاً:
-         عرض الموظف أدوات ومنقولات وجدت في حيازته بسبب وظيفته للبيع يكشف عن سوء نيته.
-         وكذا قيام الموظف برهن سيارة وجدت بحوزته بسبب وظيفته يكشف أيضا عن سوء نيته.
-         وكذا قيام الموظف في وزارة الدفاع ببيع أو رهن أسلحة وجدت لديه بسبب وظيفته.
-         وكذا قيام أمين صندوق إحدى المؤسسات الحكومية أو في البنك ببيع أو شراء عقارات أو نحوها أو ممارسة نشاط استثماري بالمال الموجود لديه بسبب وظيفته.
-         وكذا قيام موظف البنك بتحويل ما وجد بحوزته من مال من أرصدة الدولة إلى أرصدته الخاصة أو أرصدة أشخاص آخرين في غير الأحوال المصرح بها.
أنظر الجرائم الماسة بالوظيفة العامة للقاضي حسين بن محمد المهدي ط2003م صـ87
- هل يشترط لقيام الاختلاس ضم المتهم المال إلى ملكه أم يكفي تبديدة وما معني التبديد و أمثلته؟
- لا يكون التبديد للمال إلا بعد اختلاسه فإذا قام المتهم بتبديد المال فإنه يكون مختلسا كذلك وهذا ما بينته كتب الفقه وأحكام القضاء على النحو الآتي:
قد يصل نشاط الجاني إلى حد تبديده الشيء ، والتبديد يتضمن بالضرورة اختلاسا، لأن التصرف لا يباح إلا للمالك أو من يعمل باسمه ، فإذا أنفق الموظف النقود أو أقرضها أو باع أثاث مكتبة أو وهبه فهو مختلس له.
                                          "أنظر شرح قانون العقوبات القسم الخاص د/محمود نجيب حسني
                                                                  ط1988 صـ101"
التبديد:
يقصد بالتبديد فضلا عن تغيير الحائز ليده على المال من حيازة ناقصة إلى كاملة ، إخراج المال من حوزته بالتصرف فيه بأي نوع من التصرفات سواء أكان التصرف قانونيا كبيع أو مقايضة أو هبه أو نحوه أم كان التصرف ماديا باستهلاك المال فيتحقق التبديد بفعل ظاهر سواء أكان التصرف ماديا أو قانونيا ليسهل إثباته ويستوي أن ينصب التبديد على كل المال موضوع الامانة أو على جزء منه فقط.
والتبديد على الصورة سالفة البيان يتضمن بداءة قيام الاختلاس وقلنا أنه عبارة عن تغيير نية الحائز من حيازة مؤقتة إلى حيازة كاملة ولذلك كان لفظ الاختلاس يغني في قيام الجريمة عن لفظ التبديد، لان إخراج المال من حوزة المؤتمن عليه يفترض بداءة وبالضرورة أن نية الحائز قد انصرفت إلى تملك ذلك المال.
                              "أنظر المرصفاوي في قانون العقوبات الخاص د/حسن صادق المرصفاوي
                                                                  ط1991م صـ545"
أحكام النقض:
-         من المقرر أن جريمة التبديد لا تتحقق إلا بتوافر شروط من بينها أن يكون الشيء المبدد غير مملوك لمرتكب الاختلاس..
"6/2/1994م أحكام النقض س45 ق29 ص195"

-         التبديد لا يتحقق إلا باستهلاك الأمانة أو بالتصرف فيها للغير والتخلي له عن حيازتها.
" 12/12/1929م مجموعة القواعد القانونية ج1 ق357 ص405"
                                                      أنظر المرصفاوي في قانون العقوبات تشريعاً وقضاء في
                                                      مائة عام د/حسن صادق المرصفاوي ط2001 صـ1535
التبديد :
فعل يخرج به المتهم الشيء من حيازته على نحو يفقد به المجني عليه الأمل في استرداده أو على الأقل يضعف إلى حد بعيد هذا الأمل. وهذا الفعل يكشف بجلاء عن نية تغيير الحيازة ويتضمن التبديد بالضرورة اختلاسا إذ يفترض فعلا لا يصدر إلا من المالك ويتحقق التبديد بالتصرف القانوني في الشيء أو التصرف المادي فيه.
"أنظر شرح قانون العقوبات الخاص د/محمود نجيب حسني ص1205"
هل يشترط أن يكون المال المختلس مالاً عاماً؟ فإذا كانت الإجابة غير ذلك فهل تمتلك النيابة والمحكمة مباشرة الدعوى الجنائية دون أن يطالب مالك المال أو يحضر للادعاء؟
موضوع جريمتي الاختلاس والاستيلاء "المال"
جاء في نص المادة(162) فقرة(1) اختلس مالا...الخ ولم يحدد المشرع اليمني نوع هذا المال فيما إذا كان مالا عاما أو خاصا أو منقولا ومن مراجعة كتب الفقه وجدنا أن المال المقصود في هذه الجريمة يستوي أن كان مالا عاما أو خاصا ذلك أن المال الذي يدخل في حيازة الموظف العام يكون في يد الدولة وبالتالي يتمتع بحمايتها.
فلا فرق بين أن تسلم الدولة مالا للموظف العام لغرض إنفاقه على بعض المشاريع أو الخدمات وبين المال الذي يستولى عليه الموظف العام عنوة من أيدي المواطنين إذا كان من اختصاصه  ذلك ووفقا للقانون كذلك المال الذي يسلمه  المواطن للدولة لحفظه أو إيداعه في المؤسسات المالية...الخ.
                                                      "أنظر شرح قانون الجرائم والعقوبات اليمني القسم الخاص                                                                           د/عبد الرحمن سلمان عبيد ط2001 صـ92"
ولقد استقر القضاء على أنه يستوي أن يكون المال أميريا أو مملوكا لأحد الأفراد لأن العبرة هي بتسليم المال إلى الجاني ووجوده في عهدته بسبب وظيفته.
 وأموال الدولة الخاصة وأموال الدولة العامة هي في الحالتين من أموال الدولة التي قصد الشارع حمايتها ولا يعتبر المال أيا كان وصفة الذي يصدق عليه في القانون قد دخل في ملك الدولة إلا أذا كان قد آل إليها بسبب صحيح ناقل للملك ، فإذا خلا الحكم من استظهاره كان قاصر البيان.
                                                                  "أنظر المرصفاوي في قانون العقوبات                                                                 الخاص د/ حسن صادق المرصفاوي ط1991 صـ84"
سواء أن يكون المال عاما أو خاصا: تفترض جريمة اختلاس المال العام أن المال في حيازة الموظف بسبب وظيفته والأصل في هذا المال أن يكون عاماً ولكنه قد يكون خاصاً  ووجد مع ذلك في حيازة الموظف بسبب وظيفته ، فإن اختلسه طبق عليه نص الاختلاس, ذلك أن عله التجريم ليست فحسب حماية أموال الدولة أو الأشخاص المعنوية العامة، بل حماية الثقة فيها التي يزعزعها أن يستولى موظف خائن على مال سلمه إليه مالكه ثقة فيه وفي الدولة التي يعمل بأسمها.
"أنظر شرح قانون العقوبات القسم الخاص  د/ محمود نجيب حسني ط1988م ص98"

جناية الاختلاس الحاث من العاملين في الجهات الخاصة ذات النفع العام .
تنص المادة (183) مصري مكرراً من قانون العقوبات على أن كل رئيس أو عضو مجلس إدارة إحدى شركات المساهمة أو مدير أو عامل بها أختلس أموالاً أو أوراقاً أو غيرها وجدت في حيازته بسبب وظيفته.
وهذه الجناية تتميز بصفة خاصة في فاعلها هي أنه رئيس مجلس إدارة أو عضوية أو مدير أو عامل بشركة مساهمة.
والركن المادي لها هو بعينه الركن المادي في جناية الاختلاس الحادث من موظف عمومي أو من في حكمه.
إجراءات:
تتحقق جناية الاختلاس بمجرد ارتكاب الفعل المادي المكون لها مقرونا بقصد التملك, ولو لم يكن قد ثبت بعد رسميا ما في عهده الفاعل من عجز, ولو لم يكن قد نبه عليه بعد بوفاء ما في عهدته ولا يلزم لتحريك الدعوى العمومية عن جناية الاختلاس رأي الجهة الإدارية التابع لها الموظف ولا رأي الجهاز المركزي للمحاسبات وانما يجوز لمحكمة الجنايات وقف السير في الدعوى إلى أن تظهر النتيجة النهائية لتصفية حساب المتهم وذلك لتفادي التضارب الذي قد يحدث بين هذه النتيجة وبين الحكم الجنائي بالإدانة.
انظر بعض الجرائم المنصوص عليها في المدونة العقابية ، الجرائم المضرة بالمصلحة العمومية د/ رمسيس بهنام صـ75.
وجود المال في حيازة المختلس بسبب وظيفته المطلوب فيه:
أ‌-       هل تعتبر من عناصر الركن المادي لجريمة الاختلاس أم أنه شرط مفترض لقيام الجريمة .
ب‌- ما المقصود بالوظيفة في النص هل الوظيفة العامة أم غيرها.
ج- كيف يحوز الشخص مالاً بسبب وظيفته؟ مع إيراد أمثلة .
د- كيف تثبت الوظيفة لفلان من الناس.
أ- نعم يعتبر وجود المال في حيازة الموظف بسبب وظيفته من عناصر الركن المادي في شروح القانون اليمني ونبين ذلك بالآتي:
الركن المادي لجريمة الاختلاس:
يشتمل الركن المادي لجريمة الاختلاس على عناصر ثلاثة:
1-   فعل الاختلاس 2- المال المختلس3- وجود المال المختلس في حيازة الموظف بسبب وظيفته.
-         وجود المال المختلس في حيازة الموظف بسبب وظيفته.
من المعلوم أنه يجب التثبت من أن المال المختلس قد وجد في حيازة الموظف بسبب وظيفته سواء كان قد وجد لديه بالتسليم المادي أو الحكمي وكان ذلك من مقتضيات العمل وداخلا في اختصاص المتهم الوظيفي استنادا إلى قانون أو قرار إداري أو أمر من رئيسه وهو ما اتجه اليه القضاء المصري.
 ولا عبرة بعد تسلم المتهم المال  أن يكون قد أدخله خزانة الدولة بعد تحصيله أو كان مسلماً اليه بإيصال أو بغير إيصال كأن يختلس موظف الضرائب أو الجمارك أو الواجبات مالاً وجد لديه كان قد سلم اليه تسليما ماديا من غير أن يقوم بإدخاله خزينة الدولة أو من غير إيصال أي أنه لم يدرجه في الأوراق الرسمية.
وللمحكمة استظهار أدلة الإثبات على وقوع الفعل المكون للجريمة من أي دليل أو قرينة تقدم اليها وقد قضت محكمة النقض المصرية بأنه ( لما كان ما نصت عليه مواد لائحة المخازن من تشكيل لجنة التحقيق أو الجرد من غير موظفي القسم التابع له الموظف أو المستخدم المسؤل وذلك في حالة فقد أو تلف أصناف في عهدته وهو من قبيل القواعد التنظيمية التي تدعوا المشرع إلى مراعاتها بقدر الإمكان دون أن يترتب جزاء على عدم التزامها وأن تشكل لجنة الجرد ممن يتولون الإشراف على عمله بفرض صحته لا يترتب عليه بطلان أعمال تلك اللجنة ".
انظر الجرائم الماسة بالوظيفة العامة / للقاضي حسين بن محمد المهدي ط،2003 صـ 90 ،91.
كما جاء في كتب الفقه المصري ما يلي:
الركن المادي: اختلاس مال وجد في حيازة الموظف بمقتضي وظيفته.
 ونتعرض هنا لفعل الاختلاس ومحل الاختلاس.
محل الاختلاس: يكون محل الاختلاس هنا كل مال وجد في حيازة الموظف بسبب وظيفته فيجب أن يكون محل الاختلاس مال وقد عبر المشرع عن ذلك في المادة (112) عقوبات باشتراطه أن يكون موضوع الجريمة أموالاً أو أوراقا أو غيرها ويلزم وجود المال في حيازة الموظف بسبب وظيفته بصرف النظر عن كيفية دخول هذا المال الى حيازته وأيا كان مصدر اختصاص الموظف بحيازة المال وإذا وجد المال في حيازة الموظف بسبب وظيفته فلا أهمية بعد ذلك لما إذا كان قد قيد هذا المال بدفاتره أم لم يقيده تسلمه بإيصال عرفي أو بدون إيصال ولا تقوم جريمة الاختلاس إذا كان المال قد دخل في حيازة الموظف  بمناسبة وظيفته وليس بسببها كما لو سلم المال إلى الموظف بناء على ثقة شخصية وضعها المسلم فيه.
                                                      انظر قانون جرائم التزييف والتزوير والرشوة واختلاس المال العام من الوجهة القانونية والفنية /د: أحمد أبو الروس ط 1997- صـ 845.
 كما اعتبر الدكتور محمود نجيب حسني حيازة الموظف العام المال بسبب وظيفته أحد أركان جريمة الاختلاس.
أركان اختلاس المال العام :
1-   صفة الجاني كموظف عام:
2-   حيازة الموظف العام المال بسبب وظيفته تفترض هذه الجريمة أن المال وجد في حيازة الجاني بسبب وظيفته, ويقتضي ذلك أن تكون صفته الرسمية هي التي أتاحت له حيازة المال ويعني ذلك أن يكون مختصا على نحو ما بهذه الحيازة,  فهو أما مكلف بجبايته باسم الدولة أو بالاستيلاء عليه عنوة باسمها كذلك أو بمجرد المحافظة عليه, أو بإنفاقه في أوجه معينة تهم الدولة
ولا يشترط أن يكون الاختصاص الوحيد أو الأصلي للموظف هو حيازة المال لحساب الدولة, وإنما يكفي أن يكون ذلك أحد الاختصاصات المرتبطة بوظيفته ولو كان اقلها شأناً .
ويترتب على ذلك أن جريمة اختلاس المال العام لا تقوم إذا انتفت عن المتهم صفة الموظف العام, بل تعد جريمة خيانة أمانة او سرقة أو نصب حسب نوع الفعل الذي ارتكبه ويجب أن تتوافر صفة المتهم كموظف مختص وقت ارتكابه فعل الاختلاس .
أنظر شرح قانون العقوبات القسم الخاص د/ محمود نجيب حسني ط 1998- صـ 96.
ب-ما المقصود بالوظيفة في النص هل الوظيفة العامة أم غيرها؟
المقصود بالوظيفة في النص هي الوظيفة العامة حيث جاء في الكتاب الأول – الباب الرابع- من قانون الجرائم والعقوبات ما يلي:
الباب الرابع : الجرائم الماسة بالوظيفة العامة:
ج -كيف يحوز الشخص مالاً بسبب وظيفته؟ مع إيراد الأمثلة:-
سبب الحيازة:
الحيازة قانوناً هي ما كانت الوظيفة سببها ,فإذا انتفت هذه العلاقة فإن استيلاء الموظف على المال لا يكون اختلاساً. وتكون الوظيفة سبباً كلما استوجبت أعمالها أو سوغت للموظف قانونا تلقي المال من غيره أو وضع يده عليه بأي وجه من الوجوه.
وتبدو علاقة السببية واضحة حين يقع التسليم لموظف مختص وبناء على إجراء كملت مقوماته فاستوفى شكله وصح سببه وبرئ من كل ما من شأنه أن يشوب التصرف الإداري من عيوب, ويتحدد الإختصاص الوظيفي إما بقانون أو لائحة أو نظام مقرر أو بأمر يصدر من رئيس مباشر أو من سلطة عامة كالقضاء بل أن العرف الإداري يمكن أن يكون أداة من أدوات تحديد الإختصاص الوظيفي ما دام هذا العرف لا يخالف القانون.
 وليس من اللازم ان يكون وجود المال في حيازة الموظف من مقتضيات وظيفته التي عين فيها, بل يصح  أن يكون ذلك نتيجة ندبه للقيام بعمل يقتضي وجود المال في يد من يقوم به, وسواء تم الندب كتابة أو شفاهة ويدق الأمر حين يقع التسليم لموظف غير مختص سواء كان عدم اختصاصه راجعا الى المكان أو الزمان أو الموضوع ,ويدق كذلك حينما يكون الموظف مختصا لكن التسليم يقع مشوبا بما يعيبه شكلا أو سببا. والرأي عندنا أن ما يخالط التسليم في الأحوال السابقة من عيوب لا يحول دون انطباق المادة (112) إذا اختلس الموظف شيئا مما تسلمه لأن المادة (112) لا تشترط في الحيازة التي تقوم عليها جريمة الاختلاس غير شرط واحد هو أن تكون الوظيفة سببا. وهذه العلاقة تتحقق كلما اعتمد الموظف في استلام المال على سلطات وظيفته سواء وافق مسلكه أصول الوظيفة أو خالفها ويبدوا أن هذا هو مذهب النقض فقد حكمت بصحة انطباق المادة (112) على رجل من رجال الضبط القضائي اختلس أموالا آلت إليه بناء على تفتيش باطل أجراه.
نقض 25 مارس 1940 مجموعة القواعد القانونية ج 5 ص160 رقم 88,
انظر الجرائم المضرة بالمصلحة العمومية للأستاذ الدكتور عوض محمد. صـ 134، 135.
الوجود في الحيازة بسبب الوظيفة: يكفي لتوافره بالنسبة لموظف أن يكون من خصائص وظيفته وجود المال في متناول حيازته المادية, فلا يلزم أن يكون المال بين يديه هو وإنما يكفي أن يكون من اختصاص وظيفته وصول يديه إلى المال. ولا تهم الوسيلة التي تم بها تسليم المال في البداية, فقد يكون المال مسلما الى الموظف قهراً عن صاحبه بمقتضى سلطة تبرر ذلك لتفتيش المتهم بجريمة مثلا وقد يكون المال مسلماً الى الموظف من صاحبه مباشرة أو عن طريق الإدارة التي يعمل بها هذا الموظف كل ما يلزم هو أن تكون الحيازة المادية للمال من مقتضيات وظيفة الحائز .
الأمثلة : تتوافر الجريمة في حق معاون مكتب البريد الذي يفتح خطابا مسجلا سلم اليه ويختلس منه نقوداً ورقية يحتويها.
المأذون الذي يختلس رسما قدم اليه لتحرير زواج لم يحرره مفضلاً قيد الرسم في الدفتر المخصص لذلك.
الموظف الذي يستولي لنفسه على قطعة أو أكثر من أثاث مكتبة الحكومي .
موظف البريد الذي يصرف لصاحب الشأن من حواله قيمتها الف قرش مبلغ مائة قرش فقط محتفظا لنفسه بالباقي.
راجع د/ رمسيس بهنام مرجع سابق صـ 63 ،64.
التسليم بسبب الوظيفة:
معناه أن تقضي القوانين أو اللوائح أو النظم الخاضعة لها الوظيفة بأن يحوز الموظف المال الذي تسلمه وأن يقدم عنه الحساب أمام السلطة العامة أي أن يكون من خصائص الوظيفة ومن أعمالها حيازة الموظف ماديا للمال الذي سلم اليه.
مرجع سابق صـ 63
على أنه لا يلزم أن يقع اختلاس المال أثناء تأدية الموظف لوظيفته بل يكفي أن يكون المال قد وجد في حياته بسبب وظيفته وأن يستولي عليه ولو أثناء انقطاعه عن العمل بسبب إجازة رخص له بها.
مرجع سابق صـ65
ولا ينفي أن مالاً موجوداً في حيازة الموظف بسبب وظيفته, كون هذا المال تحت يد مرؤوس له لا تحت يديه هو فما دامت له على حائز المال سلطة إشراف وما دام من أعمال وظيفته أن يصل المال إلى يديه إذا شاء فيعتبر المال في حيازته هو الآخر بسبب وظيفته.
مرجع سابق صـ 66

ومن أمثلة الاختلاس:
الذي يقع به جريمة أن يبيع الموظف المال الذي سلم اليه بحكم وظيفته أو يرهنه أو يعرضه للبيع أو يقرضه للغير أو يهبه أو ينفقه في شؤونه الخاصة أو يودعه باسمه في مصرف أو يستهلكه او يهلكه او يحتجزه لدية ثم يدعي هلاكه أو ضياعه أو سرقته, فمسلك الموظف في هذه الأمثلة يفصح عن اتخاذه موقفا واضحا من المال وهو موقف المالك إزاء ما يملكه وهذا عين الاختلاس.
أما إذا كان فعل الموظف محتملا ًأي قابلا للتأويل في ذاته فإنه لا يعد اختلاسا الا بقرينة تنفي الاحتمال او التأويل بحيث لا يبقى للفعل غير وجه واحد هو وجه الاختلاس.
ولهذا  فالرأي متفق على أن وجود نقص في عهدة الأمين لا يعد اختلاساً بالضرورة كما أنه لا يعد كذلك تقاعس الأمين عن رد ما لديه في الموعد المقرر بل ولا استحالة هذا الرد فقد يكون النقص أو التراخي أو العجز المطلق عن الرد ناشئاً عن إهمال أو عن قوة قاهرة كالسرقة أو التلف ولهذا فإنه يلزم تقصي الحقيقة في كل حالة على حده قبل الجزم بوقوع الاختلاس .
انظر الجرائم المضرة بالمصلحة العامة /أ.د عوض محمد – صـ127.
الركن المعنوي لاختلاس المال العام:
تمهيد:
اختلاس المال العام جريمة عمدية في كل حالاتها ويتخذ القصد المتطلب فيها صورة القصد الخاص ولا يرقى الخطأ مهما كان جسيماً إلى مرتبة العمد فإذا قصر الموظف في المحافظة على المال الذي يحوزه بسبب وظيفته فهلك أو سرق فلا يطبق عليه نص الاختلاس.
عناصر القصد العام:
يتطلب القصد العام علم المتهم أن المال في حيازته الناقصة, وأن ذلك بسبب وظيفته ,وأنه في غير ملكيته, وأن القانون لا يجيز له أن يسلك إزاءه على النحو الذي فعله ، ويتطلب القصد العام كذلك اتجاه إرادته إلى فعل الاختلاس : فإذا جهل المتهم أن المال في حيازته الناقصة كما لواعتقد أن النقود جزء من مرتبه الذي وضعه مع النقود المؤتمن عليها في خزانة واحدة, أو أعتقد أن المال في حيازته الناقصة لسبب لا يتصل بوظيفته كما لو ظن أن صاحب المال قد أعطاه له كوديعة خاصة ,وإذا أنفقه في مصرف عام معتقداً أن القانون يأمره أو يرخص له بذلك, ففي جميع هذه الحالات لا يتوافر القصد ولا يتوافر القصد كذلك إذا اعتقد أن أمر الرئيس له بالتصرف في المال على وجه معين هو أمر مشروع ولا عبرة بكون ذلك منطويا على غلط في القانون طالما أنه ليس قانون العقوبات .
عناصر القصد الخاص:
يعني القصد الخاص نية تملك المال المختلس ، أي نية المتهم إنكار حق الدولة على المال ونيته أن يمارس عليه جميع سلطات المالك ولا ينفي هذا القصد نية الجاني ان يرد المال فيما بعد أو أن يعوض الدولة تلقائيا عن كل ما أصابها من ضرر نتيجة لفعله أو – من باب أولى – ان يحرر على نفسه إقرار يلتزم فيه بذلك .
ويتلازم القصد والاختلاس في منطق الأشياء : فإذا كان الاختلاس يعني سلوك المتهم إزاء المال مسلك المالك فإن ذلك يفترض بالضرورة اتجاه نيته إلى هذا المسلك ، وهو ما يعنيه  بالذات القصد الخاص في هذه الجريمة ويخضع القصد في جريمة اختلاس المال العام لقاعدة أن البواعث ليست من عناصره : ولو كانت نبيلة كما لو استهدف المتهم بالاستيلاء على المال إعانة محتاج أو مساعدة مشروع خيري فالقصد يعد مع ذلك متوافر لديه .
د: محمود نجيب حسني – مرجع سابق- صـ103



أحكام النقض
مدلول لفظ الأمين على الودائع لا ينصرف إلا لمن كانت وظيفته الأصلية ومن طبيعة عمله المحافظة على الودائع وأن يسلم اليه المال على هذا الأساس .
17/10/1999م أحكام النقض س47 ق 148 صـ 1041.
صفة الجاني:
إن صفة الجاني أو صفة الوظيفة بالمعنى الواسع الذي أخذ به قانون العقوبات هي الركن المفترض في جناية الاختلاس تقوم بقيامها في المتصف بها – ولا يشترط أن يثبت الحكم توافر العلم بها لدى الجاني كيما يكون مستأهلاً للعقاب ، اعتبارا بأن الشخص يعرف بالضرورة ما يتصف به من صفات .
 (10/6/1968 النقض س 19 ق138 صـ 679)
-         إذا كانت الخدمة العسكرية هي من الخدمات العامة بالقوات المسلحة فإن المتهم "بوصفه جنديا في الجيش " يعتبر من المكلفين في الخدمة العامة يخضع لحكم المادة (112) عقوبات ويصبح مسؤلا عما يكون تحت يده من أموال سلمت إليه بسبب وظيفته يستوي في ذلك أن يكون مالا عاما أم لا .
17/11/1958م أحكام النقض س 9 ق 226 ص 925
                                                      المرصفاوي في قانون العقوبات تشريعا وقضاء في مائة عام /د: حسن صادق المرصفاوي – ط2001- صـ 434، 435
-         تتحقق صفة مأمور التحصيل متى كان تسليم المال للموظف حاصلا بمقتضى وظيفته لتوريده لحساب الحكومة ,سواء كان تكليفه بهذا التحصيل بمقتضى قانون أو قرار أو لائحة أو مرسوم أو تعليم أو تكليف كتابي أو شفوي, بل يكفي عند توزيع الأعمال في المصلحة الحكومية أن يقوم الموظف بعملية التحصيل وفي قيامه بذلك وتسلمه دفاتر قسائم التحصيل ما يكسبه هذه الصفة ما دام لم يدع بأنه اقحم نفسه على العمل وأنه قام متطفلاً أو متفضلا او فضوليا سواء بتعاون من رؤسائه او زملائه أوباعفاء منهم  .
4/4/1961 أحكام النقض س12 صـ 137 مرجع سابق صـ 437
-         إن المادة (112) من قانون العقوبات إذ عاقبت الموظف العمومي المأمور بالتحصيل بعقوبة الجناية المغلطة الواردة فيها, إذا اختلس مالا سلم اليه بمقتضى وظيفته وبصفته هذه فقد دلت على أن العبرة في تحقيق الجناية هي بالوقت الذي سلم اليه فيه المال على هذا الأساس, فإذا كان قد تسلمه أثناء قيامه بالخدمة في جهة معينة ثم نقل منها, فأختلس ما كان قد حصله بصفته الوظيفية المذكورة كان فعله جنايه مغلظة في الحالين بنص المادة المشار اليها, الا إذا كانت يد المتهم فقد تغيرت بعد ذلك من كونه امينا عاما الى كونه أمينا خاصا فلا يندرج فعله عندئذ تحت هذا الوصف.
(3/11/1969 أحكام النقض س 20 ق242 صـ 1212)
مرجع سابق صـ 441
-         إذا كان الحكم المطعون فيه لم يستظهر أن الأشياء المختلسة قد أودعت عهدة المتهم أو سلمت اليه بسبب وظيفة بل اكتفى في معرض تحصيله لواقعة الدعوى بذكر أن المتهم يشغل وظيفته مساعد بمبنى قسم السفريات بهيئة البريد المحفوظة الرسائل المختلسة وأن المتهم اعترف بأنه اختلس الرسائل من قسم الصادر قبل ختم طوابعها, فإن ما اورده الحكم فيما تقدم لا يتوافر به التدليل على تحقيق ركن التسليم بسبب الوظيفة والذي لا تقوم جريمة المادة (112/1) عقوبات الا بتوافره مما يعيب الحكم بالقصور.
(29/4/1968م أحكام النقض س 19ق- 94 صـ 493مرجع سابق صـ 442
الركن المادي:
فرض القانون العقاب في المادة (112) من قانون العقوبات على عبث الموظف بما يؤتمن عليه مما يوجد بين يديه بمقتضى وظيفته بشرط انصراف نيته باعتباره حائزًا له إلى التصرف فيه على اعتبار أنه مملوك له وهو معنى مركب من فعل مادي هو التصرف في المال ومن عامل معنوي يقترن به وهو نية إضاعة المال على ربه.
(26/4/1966م النقض س  17 ق 94 صـ 491)
تتم جريمة الاختلاس قانونا بمجرد إخراج الموظف العمومي أو المستخدم للمهمات الحكومية من المخزن او المكان الذي تحفظ فيه بنية اختلاسها .
 (2/12/1958 أحكام النقض س 9 ق 247 صـ 1020) مرجع سابق صـ 447
القصد الجنائي:
من المقرر أن مجرد وجود عجز في عهدة الموظف العمومي لا يمكن أن يكون بذاته دليلا على الاختلاس وأنه يشترط لتوافر القصد  الجنائي في جناية الاختلاس ان يكون الموظف المتهم قد تصرف في المال عهدته بسبب وظيفته على اعتبار انه مملوك له.
11/1/1988م ط 4530 لسنة 75 مرجع سابق صـ 452