تعريف مسودة الحكم:
اختلفت تعريفات شراح القانون
لمسودة الحكم من حيث ألفاظها ومدها وإن كانت متفقة في مضمونها ومعناها .
فيرى بعض شراح القانون اليمني
ان المسودة عبارة عن الورقة التي تحرر عقب انتهاء المداولة وتشمل على منطوق الحكم وأسبابه
ويوقع عليها جميع القضاة الذين اصدرو الحكم
الموجز في أصول قانون القضاء
المدني
د/ سعيد خالد على جباري ط97 ص
224
كما عرفها بعضهم بتوسع مسودة
الحكم هي عبارة عن ورقة تحضير الحكم ويتم كتابتها بخط احد القضاة ولا يجب ان تشتمل
الا على منطوق الحكم اي القرار الذي توصلت اليه المحكمة بخصوص الدعوى المعروضة
ويسبق المنطوق في المسودة كتابة الأسباب التي بنى عليها القاضي او القضاة الحكم
ويوقع عليها القضاة
الوجيز في شرح قانون المرافعات
المدنية والتجارية
د/ ابراهيم محمد الشرفي ط97
ص224
اما بالنسبة لشراح القانون
المصري فأرى من وجهة نظري انهم كانوا افضل من سابقيهم باضفائهم صفة رسمية بكل
نتائجها على المسودة حيث عرفها بعضهم قائلا( المسودة هي ورقة من اوراق الموافعات
تشتمل على منطوق الحكم واسبابة وتوقيع جميع القضاة الذين اصدروة وتاريخ ايداعهم
ملف القضية والمسودة ورقة رسمية بكل النتائج المترتبة على رسمية الورقة ويتم
اعدادها بعد تمام المداولة وهذه الاخيرة تعتبر ممفترض للاولى كما تعتبر ورقة
لتحضير نسخة الحكم الاصلية)
قانون المرافعات المدنية
والتجارية
د/احمد هندي ط2007م ص487
اهمية المسودة وبياناتها وجزاء
مخالفتها
من استقراء نص المادة (225) من
قانون المرافعات اليمني لسنة2002م التي تصتعل:
(1- بعد تمام المداولة وقبل
النطق بالحكم يجب أن تعد المحكمة مسودة الحكم مشتملة على الأسباب التي بني عليها
الحكم ثم المنطوق وأن يوقع القضاة المشتركون في الحكم على هذه المسودة وإلا كان
الحكم باطلاً .
2 - يجب أن تحرر مسودة الحكم الصادر
من هيئة متعددة القضاة بخط أحد قضاتها وفي كل الأحوال يجب أن تودع مسودة الحكم في ملف القضية وإلا تعرض
المتسبب في مخالفة ذلك للمساءلة التأديبية ويراعى عند إيداع مسودة الحكم في ملف
القضية حفظ صورة منها في ملف خاص بالمسودات بعد مطابقتها على الأصل بمعرفة رئيس
المحكمة .)
يمكننا الحديث ...مضمونها من
خلال عدة محاور
المحور الاول : اهمية المسودة
وتتمنثل في ثلاث امور
اعداد مسودة الحكم
ارى ان المشرع اليمني بداء نص
المادة السابقة بجملة (بعد تمام المداولة وقبل النطق بالحكم )
لا اهيمة هذه الجملة فهي تحدد
الفترة الزمنية التي تحرر فيها المسودة فلا .... المسودة اكلها ولا تؤدي الغرض
المنشود الا اذا كاتبت في هذه الفترة الزمنية التي تحرر فيها المسودة فاشتراط
المشرع هذه الفترة لإعداد مسودة الحكم مشتملة على اسبابة ومنطوقة وتوقيع القضاة
دليل على أن تكوين الرأي القانوني بالحكم الصادر لم يأتي استجابة لأهواء القضاة أو
تلبية لرغباتهم وانما جاء بعد مداولة ودراسة قانونية مستفيضة وفق منهج قانوني
ومنطق قضائي أدى إلى تكوين هذا الرأي القانوني واصدار الحكم به.
وكتابة أسباب الحكم ومنطوقه في
المسودة دليل على أن هذه الاسباب والتي بني عليها الحكم هي التي اسفرت عنها
المداولة واستقرت عليها عقيدة القاضي أو اتفق القضاة عليها.
وهذا هو ما ذكره الدكتور
عبدالحكم فوده ندما قال ( والقانون لا يستلزم تسبيب الأحكام فحسب بل هو موجب ايضا
أن تكون هذه الاسباب واضحة في ذهن القاضي او متفقا عليها بين القضاة قبل النطق
بالحكم وبعبارة أخرى استلزم القانون ضرورة استقرار عقيدة القاضي أو القضاة على ما
جاء فيه قبل النطق به ولهذا أوجب ايداع مسودة الحكم في مواعيد قصيرة حتى يضمن أن
القضاة قد نطقوا به بعد المداولة في اسبابه واتفقوا عليها واستقرت عقيدتهم على
اساس فيها).
مرجع سابق/ عبدالحكم فوده-
صـ175.
فالمسودة إلا انعكاس لما تولدت
من قناعة لدى القاضي أو القضاة بعد المداولة ودراسة القضية ودراسة جادة وقانونية
ادت إلى اصدار حكمها فيها بناء على الاسباب التي اتفق عليها وتم كتابتها في
المسودة سابقا والتوقيع عليها.
1- أن
تحرير المسودة وايداعها في الوقت المحدد لها قانوناً تعد ضمانة ... مفادها أن
الأحكام التي صدرت في قضائهم صادرة بعد مداولة ودراسة مسبقة ولاسباب قانونية تولدت
قناعة القضاة بها قبل النطق بالحكم والدليل على وجود هذه الضمانة هي المسودة التي
تم تحريرها بعد المداولة وقبل النطق بالحكم .
ما جعل المشرع اليمني يشترط أن
تكون نهاية الفترة الزمنية لتحرير المسودة وإعدادها هي ( قبل النطق بالحكم) لأن
اعداد المسودة بعد النطق بالحكم يؤكد صدور الحكم بدون مداولة وقبل اسباب واضحة في
ذهن القاضي او متفقاً عليه يتم القضاة مما يجعله باطلاً وهذا ما طرح به الدكتور
سعد الشرعبي بقوله ( يجب ان تتم المداولة...
كما أن توقيع القضاة على مسودة
الحكم دليل على وجود الضمانة المتمثلة في صدور الحكم بعد مداولة وهو ما أكده
الدكتور عبدالحكم فوده بقوله (صـ178
ملاحظة: وإن كان الواضح من خلال
نص المادة السابقة الفقرة الأولى منه إنه يجب على المحكمة قبل النطق بالحكم واعداد
مسودة للحكم مشتملة على اسبابه ومنطوقه وبتوقيع القضاة على هذه المسودة والا كان
الحكم باطلا إلا أنه من الملاحظ في الواقع العملي أن بعض الاحكام يصدرها بعض
القضاة في الجلسة التي تم فيها قفل باب المرافعة مما يطرح تساؤلات عدة هل قاعدة
بطلان الحكم بصدوره قبل اعداد المسودة خاص بحالات معينة كما في قانون المرافعات
جائز في غيره في القانون ام هو عام ترد عليه بعض الخصوصيات والاستثناءات وهل يعتبر
محضر جلسة النطق بالحكم مسودة له في حالة النطق بالحكم في الجلسة وعدم وجود مسودة
والتي تأمل ان يتم التوجيه باستكمال البحث للإجابة عنها.
2- بالاضافة لما تمثله المسودة
في الأهمية باعتبارها ضمانة كما سبق ذكره تأتي الحاجة الى في الجانب العملي
القضائي كضرورة ملحة ومستند قانوني له أهمية بالغة.
فبعض الاحكام تكون واجبة
التنفيذ بمجرد صدورها والنطق بها فيتم تنفيذها من واقع المسودة ولا ينتظر لحين
صدور النسخة الاصلية من الحكم لما قد يترتب على هذا الانتظار والتأخير من اضرار
وهذا ما هو معمول به في المسائل المستعجلة وما نصت عليه المادة (243) من قانون
المرافعات بقولها:
( ... يصدر الحكم... دون اتباع
مقدمات التنفيذ الجبري).
وهذا ايضا ما ذكره الدكتور نجيب
أحمد عبدالله بقوله ( الأحكام الصادرة في المواد المستعجلة يلزم تنفيذها بقوة
القانون فور صدورها وبمسودتها ودون اتباع مقدمات التنفيذ الجبري).
د/نجيب أحمد عبدالله- قانون
التنفيذ الجبري- صـ 72- ط2005م.
كما هو ورد ايضا في القانون
المصري وهو ما أكد عليه الدكتور أحمد هندي بقوله ( كما أن تنفيذ الحكم يتم في بعض
الاصول بموجب مسودته وفقا لنص المادة (286) في المواد المستعجلة والاحوال التي
يكون التأخير فيها ضاراً).
مرجع سابق –صـ487.
3- كما توجب أهمية أخرى للمسودة
تتمثل في انها تتيح للأطراف الفرصة في الاستعداد للطعن في الأحكام الصادرة بحقهم
وذلك من خلال اطلاعهم عليها بعد النطق بالحكم ودون الحق في تصويرها لا شئ لها على
منطوق الحكم واسبابه كون بعض الاحكام تبدأ فترة الطعن فيها من تاريخ النطق بها
بالرغم من تأخر تحرير النسخ الاصلية لهذه الاحكام وتسليمها للخصوم.
وقد ذكر شراح القانون المصري
هذه الأهمية للمسودة في حين اغفلها شراح القانون اليمني.
وفيها ما ذكره الدكتور/ أحمد
هندي بقولها ( والمقصود من ايداع المسودة هو تمكين الخصوم في الاطلاع عليها واعداد
طعونهم المحتملة خاصة أن ميعاد الطعن يبدأ كقاعدة عامة من تاريخ النطق به وقبل
تحرير النسخة الاصلية له).
مرجع سابق-د. أحمد هنيدي. صـ
487
أما الدكتور/ عبدالحكم فوده فقد
قال بهذا الشأن ( والمقصود من ايداع المسودة تمكين الخصوم فور النطق بالحكم من
الاطلاع عليه وعلى اسبابه استعداداً للطعن فيه إذا لهم ذلك (م 177).
عبدالحكم فوده – مرجع سابق- صـ
175.
4- كما رأى بعض شراح القانون
اليمني ومنهم الدكتور سعيد الشرعبي ان مسودة الحكم وايداعها يمنع حدوث تزوير
وتغيير في الاحكام بعد النطق بها لأنها ستكون مخالفة للمسودة وذكر ذلك بمفهوم
المخالفة قائلاً الواقع العملي تغيير في منطوق الحكم بعد النطق به مادام أن
المسودة لم تودع في الجلسة).
وأظن أن ما دفعه لأخذ مثل هذا الرأي وعدم اهتمام أمثاله في المصريين يمثل
ما قاله المرجع من وجهة نظري إلى الفارق في نزاهة القضاء وبين البلدين ونزاهة
موظفيه.
المحور الثاني: بيانات المسودة وجزاء إغفالها :
يتضح من نص المادة (225) مرافعات أنها في الفقرات الأولى منها ذكرت
البيانات التي يجب أن تشتمل عليها المسودة وهي ذكر الأسباب التي بني عليها الحكم
يليه منطوق الحكم وكذا توقيع القضاة المشتركون في الحكم على هذه المسودة ورتب المشرع
على مخالفة هذه البيانات أو أغفال ذكرها.
في مسودة أي حكم جزاء ببطلانه وفق فقرته الثانية أوجبت ان تكون بخط أمين
القضاء وإن كان شراح القانون اليمني لم يتطرقوا الذكر هذه البيانات الا ضمناً فمن
خلال الاشارة اليها في تعريفهم للمسودة فقط ولم يعطوها حقها من الأهمية بخلاف
نظرائهم من المصريين والذين تناولوها تفصيلاً وافردوا لها عناوين خاصة بها ومسائل
جزئية متفرعة عنها.
وهذا المحور له تشعبات يطول ذكرها وهي خارجة عن موضوع البحث ولكن نأمل
استكمالها لآحقاً.
المحور الثاني : ايداع المسودة ( وقته – وجزاء مخالفته).
أ- وقت
الأيداع :
أوجب المشرع اليمني أن تودع المسودة في ملف القضية وفقا لما نص عليه في
الفقرة الثانية من المادة (225) مرافعات بقولها (2.... وفي كل الأحوال يجب أن
تودع مسودة الحكم في ملف القضية...).
ويلاحظ أن المشرع أغفل ذكر التوقيف الذي
.... فيه هذا الإجراء يعتبر صحيحا ومع ذلك كان له مزية لا بد من ذكرها وهو
التو... أن يكون هناك ملف خاص بالمس... تحفظ فيه صور منها عند حفظ اصولها بملفات
القضايا بنظر المحكمة ومطابقها وهو ما يمكن الرجوع اليه في حال تلف المسودة
الاصلية او فقدانها.,
اما بالنسبة للقانون المصري فقد جعل تاريخ ايداع ضمن بيانها وهو ما ذكرنها
التعريفات السابقة للمسودة .
وهو ايضا ما ذكره فوده بقوله ( فالمادة 175 تشير إلى أن المسودة تشمتل على
اسباب الحكم ويوقع عليها الرئيس والقضاة ويحدد بها تاريخ ايداعها).
فودة – مرجه سابق – صـ176.
والحد الأقصى لإيداع مسودة الحكم
في ملف القضية هو عقب النطق بالحكم والا تعرض الحكم وهو ... عليه المشرع المصري قد
رأى الدكتور سعيد الشرعبي أنه يجب أن يأخذ القانون اليمني لهذا الحكم ولو لم يرد
فيه نص معللاً أن القانون اليمني قد أوجب الا يصدر حكم والا بعد مداولة والتي
يستدل عليها بوجود المسودة وهذا في شرحه للموضوع قائلاً ( يجب أن يتلو النطق
بالحكم ايداع المسودة ملف القضية... وتنص بعض القوانين الاجرائية كالمصري على أن
مخالفة هذا الحكم تؤدي إلى البطلان لأن تأخر الايداع قرينة على أن الحكم قد صدر
دون مداولة وأن كتابة اسبابه ومنطوقه قد تمت بعد النطق به ونرى أنه يجب الأخذ بهذا
الحكم في القانون اليمني ولو لم يرد فيه نص لأن هذا القانون قد أوجب الا يصدر حكم
الا بعد المداولة).
سعيد الشرعبي – صـ 539- مرجع
سابق.
وهو ايضا ما اكده الدكتور فوده
بقوله ( وحكم بأنه إذا استبان في الاطلاع على مسودة الحكم انها موقع عليها من
القاضي الذي اصدر الحكم ومؤرخة في يوم كذا ( وهو يوم النطق بالحكم) فإن الإجراء
التي تكون صحيحة ما لم يثبت بطريق رسمي غير ذلك بأن يقدم الخصم شهادة رسمية من قلم
الكتاب تفيد أن المسودة لم تودع عقب النطق بالحكم).
فوده- مرجع سابق- صـ177
كما ذكر ايضا في موضع آخر ما
نصه ( فقد أوجب في جميع الأحوال – اي سواء نطق بالحكم بعد المرافقة أو في جلسة
أخرى حددت للنطق به- أن تودع مسودته المشتملة على اسبابه موقعاً عليها في الرئيس
والقضاء عند النطق بالحكم .
م(175) فوده – مرجع سابق-
صـ179.
ب) جزاء المخالفة بعدم الايداع
أو التأخر عنه:
بالنسبة لما ورد في نص المادة
(225) السابق ذكرها.
فقد .... الدكتور / الشرعبي الا
أن اجزاء المترتب على عدم الايداع المسودة الحكم في نفس اليوم الذي تم النطق فيه
بالحكم هو بطلان هذا الحكم بقوله (يجب أن تتم المداولة قبل النطق بالحكم القضائي ولهذا
يجب أن تكتب اسباب الحكم ومسودته وتودع في نفس اليوم الذي تم فيه النطق بالحكم
فإذا لم تودع في نفس اليوم الذي تم فيه النطق بالحكم كان ذلك أته على صدور الحكم
دون مداولة مما يجعله باطلاً).
الشرعبي – مرجع سابق- صـ534.
إن ما ذكره في هامش نفس الصفحة
المشار اليها أكد أن البطلان المذكور غير معمول به في القانون اليمني وأنما استقاه
من القانون المصري وذلك عند ما قال في الهامش (إلا أن المشرع اليمني لم ينص على
البطلان وإنما نص على المسألة التأديبية).
واظن أن هذا يرجع إلى عدم
الوضوح في السابق في القانون اليمني .
هامش صـ 534-535 مردع سابق.
اما القانون المصري فكان موقفه
من هذه النقطة واضحاً وجلياً فقد قرر بطلان الاحكام جزاءاً مترتباً على عدم ايداع
مسودتها مطلقاً أو لا يداعها بعد فوات وقتها اي بعد يوم النطق بالحكم.
وهو ما أكده الدكتور فوده بقوله
( وإذا لم تودع المسودة على وجه الاطلاق أو اودعت في غير يوم النطق بالحكم ( اي
بعده) كأن الحكم باطلاً عملاً بالمادة (175).
فوده – مرجع سابق- صـ 179
وهو ايضا ما اورده د/
.......... عندما قال ( وإذا لم تودع المسودة على الإطلاق في ملف القضية او أودعت
في غير الوقت المحدد لها وهو قبل النطق بالحكم اي تم ايداعها بعد هذا النطق كان
الحكم باطلا وفقا للمادة (175) من قانون المرافعات .
د. هندي- مرجع سابق- صـ 488
وكما قررت المادة (225) مرافعات
يمني بنصها صراحة على تعرض المتسبب في مخالفة ايداع المسودة للمساءلة التاديبية
فإن المادة (175) من قانون المرافعات المصري الزمت المتسبب بمخالفة ذلك بالتعويضات
وهذا هو ما ذكره الدكتور فوده قائلاً وتنص المادة (175) على أن المتسبب في البطلان
المتقدم لعدم ايداع المسودة يوم النطق بالحكم يكون ملزماً بالتعويضات أن كان لها
وجه).
فوده مرجع سابق- صـ 180
رأي شخصي:
بما يخص الجزاء المترتب على
مخالفة نص المادة (225) امكانية الجمع بين البطلان والمساءلة التأديببة على عدم
ايداع المسودة من وجه نظري تتمثل في اشتمال نص المادة على جزائين احدهما يلحق
الحكم الذي لم تودع مسودة والثاني يلحق الشخص المتسبب في ذلك وافصلها كالتالي:
أولا: الجزاء المترتب على عدم
ايداع المسودة الجزاء الذي يلحق الحكم.
ارى أن الجزاء الذي يلحق الحكم
عند عدم ايداع مسودته في ملف القضية هو بطلان هذا الحكم لأن هذا هو ما جاء في نص
المادة (225) من قانون المرافعات اليمني بخلاف الرأي الدكتور/ سعيد الشرعبي الذي
جانبه الصواب ولو من وجهة نظري عندما قال أن القانون اليمني لم ينص على البطلان
وانما ينص على المساءلة التأديبية واوضح ذلك في ما يلي:
1- نصت المادة (225) مرافعات يمني في القوة
الأولى منها على أنه (يجب أن تعد المحكمة مسودة الحكم مشتملة على الاسباب التي بني
عليها الحكم ثم المنطوق وأن يوقع القضاة ... وإلا كان الحكم باطلاً).
فالبطلان هنا ليس جزاء على نقص
بيان من بيانات المسودة فقط كما يفهمه البعض وانما هو جزاء يترتب في حالة عدم
اعداد المسودة اصلاً فمن الناحية العقلية وإذا كان المشرع قد جعل بطلان الحكم
جزاءا ترتب على تخلف بيان في بيانات المسودة فمن باب اولى أن يجعله جزاءاً يترتب
على عدم وجود المسودة بذمتها وتخلفها بكافة بيانها وكما لأن مخالفة الوجوب تقتضي
البطلان.
2- لا تحقق المسودة المقصود
منها إذا لم تودع في ملف القضية وما أوجب المشرع على المحكمة اعدادها اصلاً إلا لتودع
في ملف القضة وتؤدي المقصود منها.
فمثلاً يترتب على عدم اعدادها بطلان الحكم يترتب
ايضا على عدم ايداعها في ملف القضية لأن وجودها بدون ايداع مثل عدمه فلافائدة
منها.
3- نصت المادة السابقة في
الفقرة الثانية منها بقولها (... وفي كل الأحوال يجب أن تودع مسودة الحكم في ملف
القضية وإلا تعرض المتسبب في مخالفة ذلك المسأئلة التأديبية..).
ولي هذا النص عدة ملاحظات وهي :
أ)
ورد لفظ ( وفي كل الأحوال ) تدل
على أن الايداع اموالاً.. في كل الاحوال وبدون استثناء وما كان خلاف ذلك فهو باطل
.
ب) لفظ
يجب ومخالفة الوجوب تقتضي البطلان.
ج) ورود جملة وتعرض
المتسبب في مخالفة ذلك للمساءلة التأديبية ..
تدل على عظم جرم الشخص المشار
اليه وهو أنه تسبب في بطلان الحكم.
هـ) ورود لفظ " يراعى عند
ايداع المسودة يدل على وجوب المسودة الذي يقتضي مخالفتة البطلان ونية المشرع الى
أنه يراعى عند ايداع هذه المسودة حفظها في ملف خاص بالمسودات بعد مطابقتها على
الأصل بمعرفة رئيس المحكمة وسياق نص المادة
يدل وجوه هذا الايداع في كل الاحوال.
د) أن المشرع كان ينوي النص على
بطلان الحكم لعدم مسودته بعد عبارة في ملف القضية دل على ذلك الالفاظ التي وردت
قبل وبعد الموضع المحدد ولكنه اسقطها سهواً لانشغاله بوضع حكم للمتسبب في هذا
البطلان.
بما أن القانون اليمني مستقى من
القانون المصري فإن ما يؤكد صحة ما تم طرحه هو كون المادة (225) مرافعات يمني
مقابلة المادة (175) مرافعات مصري والتي نص فيها المشرع المصري بطلان الحكم لعدم إيداع
مسودته تم ذكر جزاء المتسبب في هذا البطلان ومخالفته الإيداع ولكن ليس بالمساءله
التأديبية وإنما يتحمل التعويضات أن كان لها وجه اما المشرع اليمني فذكر الجزاء
الذي يلحق بشخص .... الجزاء الذي يلحق الحكم هذا كانت بعض النقاط التي استحضرتها
على عجالة وغيرها يحتاج الى دراسة وتفكير.
ثانيا: الجزاء الشخصي لعدم
ايداع المسودة الجزاء الذي يلحق بالمتسبب كما ذكرنا سابقاً من المادة (175)
مرافعات مصري قد الزمت المتسبب في بطلان الحكم بتحمل التعويضات إن كان لها وجه وقد
يكون هذا المتسبب هو القاضي ذاته او أحد موظفي المحكمة.
فإن القانون اليمني ايضا في
المادة (225) مرافعات في الفقرة الثانية منه قررت تعرض المتسبب في عدم ايداع
المسودة للمساءلة التأديبية.
... المسودة:
إذا فقدت المسودة في الملف
فهناك احد افتراضين الأول أن يكون قد تم ايداع هذه المسودة في الملف ثم ضاعت منه
والافتراض الثاني أن هذه المسودة لم تودع الاصل وفي كلا الحالتين إذا انكر خصم
ايداعهما فإن الحكم يكون باطلاً إذا لم يتم اثبات هذا الايداع وهذه في الحالات
التي يتحمل فيها المدعي عليه عبء الاثبات وهذا ما اشار اليه الدكتور/ هندي بقوله (
إذا فرض وفقدت المسودة من ملف الدعوى بعد ايداعها الميعاد القانوني فإن نسخة الحكم
الاصلية .. عنها لأنها هي الاصل المعتد بها في هذا الشأن أما إذا فقدت مسودة الحكم
وأنكر خصم ايداعها في الميعاد القانوني ولم يثبت هذا الايداع فإن الحكم يكون
باطلاً عملاً بالمادة (175) مرافعات .
هنري- مرجع سابق- صـ494.
ويمكن للخصم أن يثبت بطلان
الحكم ايداع المسودة أو ايداعها في غير يوم النطق بأن يحصل على افادة من قلم كتاب
المحكمة تفيد هذا البطلان وهذا ما اورده الدكتور عبدالحميد الشواربي عندما قال (
وإذا لم توجع تودع المسودة على وجه الاطلاق او اودعت في غير يوم النطق بالحكم كان
الحكم باطلاً ويحصل الخصم على شهادة في قلم الكتاب تفيد ذلك .
طرق الطعن في الأحكام المدنية
والجنائية/د.عبدالحميد الشواربي-صـ 25 – ط1996.
وبالنسبة للمشرع اليمني فقد
أوجد حلاً من الجانب التشريعي يتفادى مشكلة فقدان المسودة عندما نود في الفقرة
الثانية من المادة (225) مرافعات أن على المحكمة عند ايداع المسودة في ملف القضية
ان تراعي القيام بحفظ صورة من هذه المسودة وهو ما يفيد المذكرة سابقا بما نصه:
(...2-
ويراعى عند ايداع مسودة الحكم
في ملف القضية صورة منها في ملف خاص بالمسودات بعد مطابقتها على الاصل بمعرفة رئيس
المحكمة.
الحكم الذي تودي مسودته وكيفية
تقرير بطلانه:
من المعلوم كما ذكرنا آنفاً أن
الحكم الذي لم تودع مسودته في ملف القضية يعتبر حكماً باطلاً ولكن هذا الحكم
المعيب يظل من الناحية القانونية سليماً ومنتجاً لكافة آثاره القانونية ما لم يتم
صدور حكم ببطلانه .
فالبطلان في أي عمل اجرائي لا
يعتد به ولا ينتج هذا البطلان آثاره الا إذا تقرر بحكم قضائي وهذا هو ما قررته
المادة (50) من قانون المرافعات إذ نصت على :
(يعتبر العمل الاجرائي منتجا
لآثار حتى يحكم ببطلانه .).
ويتم التوصل الى هذا الحكم الذي
يقضي ببطلان الحكم المعيب المراد بطلانه عن طريق الطعن بالبطلان هذا الحكم وهذا هو
ما ذكره الدكتور سعيد الشرعبي عندما قال( إذا ورد البطلان على حكم في الاحكام فإن
التمسك به يتم عن طريق الطعن في الحكم المعيب بالبطلان.
مرجع سابق-د. الشرعبي.-ص301
مما يعني أنه يستوجب للحكم
بالبطلان الطعن في الحكم المراد بطلانه الى المحكمة المختصة وبالطريقة المناسبة
ولا يجوز التقدم بدعوى مبتدأه الى المحكمة الابتدائية بطلب الحكم بالبطلان .
وهذا ما اكده الدكتور فوده عند
ذكره البطلان لإخلال المتمثل بعدم ايداع المسودة عندما قال ( ويحصل التمسك به عن
طريق الطعن في الحكم بطريق الطعن المناسب ولا يجوز رفع دعوى مبتدأه بطلبه).
مرجع سابق- د. فوده- صـ179.
وإن كان شراح القانون اليمني قد
اغفلوا الحديث عن بطلان الحكم لعدم ايداع مسودته وكيفية تقرير هذا البطلان والوصول
اليه وإن كان المصريون قد اعطوا هذا الموضوع بعض حقه عندما تحدثوا عنه بإختصار.
ويقدم الطعن بالبطلان لعدم
ايداع المسودة الى محكمة الاستئناف حتى وإن كان هذا الحكم قد صدر من المحكمة
الابتدائية محاكم الدرجة الأولى بصفة نهائية وهذا ما اكده الدكتور الشواربي بقوله
( ويحصل التمسك بالبطلان عن طريق الطعن في الحكم بطريق الطعن المناسب ولا يجوز رفع
دعوى مبتدأه بطلبع كما أن الحكم الباطل يجوز استئنافه ولو كان صادرا بصفة انتهائية
من محاكم الدرجة الأولى.
الشواربي- مرجع سابق.
وذلك اعمالاً لنص المادة (221)
من قانون المرافعات المصري وهو ما اكده الدكتور فوده قائلاً ( ويلاحظ أن الحكم
الباطل يجوز استئنافه ولو كان صادرا بصفة انتهائية من محاكم الدرجة الأولى وذلك
عملاً لنص المادة (221) .
مرجع سابق – فوده- صـ180
وتنص المادة (221) من قانون
المرافعات المصري:
الحكم الابتدائي الذي لم تودع
مسودته واثره على الحكم الاستئنافي المريد له:
إن بطلان الحكم الذي لم تودع
مسودته يفتقر فقط على الحكم الابتدائية فقط لكن هذا البطلان ....
ليشمل الحكم الإستئنافي الذي
قضى بتأييد هذا الحكم الباطل واحال الى اسبابه وذلك لأن هناك قاعدة فقهية معروفه
تقول ( مابني على باطل فهو باطل) كما أن هناك قاعدة قانونية استنبطت من القاعدة
السابقة تقول ( إن بطلان العمل الاجرائي يؤدي الى بطلان الاعمال اللاحقة المرتبطة
به دون االاعمال المستقلة عنه).
وكون الحكم الاستئنافي الذي
تقضي بتأييد الحكم الابتدائي يعد من الاعمال الاجرائية اللاحقة والمرتبطة بالعمل
الاجرائي السابق وهو الحكم الابتدائي ارتباطاً قانونياً بموجب بطلان الحكم
الإستئنافي الذي يقضي بتاييد الحكم الابتدائي الباطل لأن الحكم الاستئنافي عمل
لا... مرتبط بالاجراء الباطل وهو الحكم الابتدائي الذي لم تودع مسودته وهذا ما
قررته احكام النقض التي تذكر بعضها:
(- بطلان الحكم الابتدائي المستأنف
قضاء محكمة الاستئناف بتأييد والاحالة الى اسبابه اثره بطلان الحكم الإستئنافي
- قضاء محكمة الاستئناف بتأييد
حكم باطل واحالتها الى اسبابه يبطل حكمها بما يستوجب نقضه:
طعن رقم (1216) سنة 48ق جلسة
18/4/1982م.
طعن رقم (1138) سنة 50 ق- جلسة
9/6/1981م .
الطعن رقم (101) سنة 38 ق- جلسة
7/11/1973م.
الفصل في الاستئناف وسلطة
المحكمة الإستئنافية :
مما لا خلاف فيه أن محكمة
الاستئناف هي محكمة موضوع مما يخولها حق الخوض في موضوع النزاع الفصل فيه لحكم
صادر عنها.
تتغير سلطة المحكمة في نظر
موضوع النزاع من قضية إلى أخرى بحسب الحكم الابتدائي الصادر من محاكم الدرجة
الاولى وهو ما يرجع الى نوع هذا الحكم هو موضوعي او اجرائي قطعي أو غير قطعي منهي
للخصومة أو غير منهي للخصومة وتأثير كل نوع من هذه الانواع على استنفاذ ولاية
المحكمة التي اصدرت الحكم من عدمه.
وإن كانت محكمة اول درجة لم
تتقيد ولايتها في نظر موضوع النزاع من قضية إلى أخرى بحسب الحكم الإبتدائي الصادر
من محاكم الدرجة الأولى وهو ما يرجع الى نوع هذا الحكم هل موضوعي او اجرائي قطعي
او غير قطعي منهي للخصومة ام غير منهي للخصومة.
وتأثير كل نوع من هذه الانواع
على استنفاذ ولاية المحكمة التي اصدرت الحكم من عدمه.
فإن كانت محكمة أول درجة لم
تتقيد ولايتها في نظر القضية او كان فذلك بمنع محكمة الاستئناف النظر في موضوع هذا
النزاع وانما عليها ان تعيد القضية لمحكمة اول درجة للفصل في موضوع النزاع
واستنفاذ ولايتها في نظر النزاع لما في ذلك من اخلال بمبدا التقاضي على درجتين.
ومثال هذا ما اورده الدكتور
الشرعبي قوله( إذا كانت محكمة الدرجة الأولى لم تفصل في الموضوع وانما حكمت بعدم
اختصاص او بطلان المطالبة القضائية او بعدم قبول الدعوى مثلا فإنها لا تكون قد
استنفذت سلطتها في الموضوع فإذا الغت محكمة الاستئناف الحكم بعدم الاختصاص مثلا
فإن عليها ان تعيد القضية الى محكمة الدرجة الأولى للفصل في موضوعها ولا يجوز
لمحكمة الاستئناف التصدي للموضوع لأنها بذلك تكون منتهكة لمبدأ التقاضي على
درجتين.
الشرعبي- مرجع سابق- صـ605
فما دام الحكم الصادر من محاكم
الدرجة الأولى لم يستفيد ولاية هذا المحاكم في نظر موضوع النزاع الامر الذي لا
يجوز معه نظر المحاكم الاستئنافية لموضوع هذا النزاع والفصل فيه ولو كان ذلك
باتفاق الخصوم الماضي ذلك من مخالفة واخلال بمبدأ التقاضي على درجتين وهذا هو ما
اكداه ايضا الدكتور الشواربي عندما قال " تفصل محكمة الاستئناف في موضوع
النزاع اذا كانت محكمة الدرجة الأولى قد استنفذت ولايتها اما اذا كانت لم تسنفذ
ولايتها في شأنها فإن محكمة ثاني درجة لا يجوز لها أن تنظر موضوع الدعوى ولو
باتفاق الخصوم وذلك حتى لا تخل بمبدأ التقاضي على درجتين ).
الشواربي- مرجع سابق –صـ250
اما إذا كانت محكمة الدرجة
الاولى قد استنفذت ولايتها في نظر النزاع باصدارها حكمها من موضوع هذا النزاع
فإنها تخرج بهذا الحكم النزاع من ولايتها ويضع النزاع في ولاية المحاكم الدرجة
الثانية حتى وإن كان هذا الحكم معيباً.
وبهذا الصدد اشار الدكتور
الشواربي الى ذلك قائلا ( فإستئناف الحكم في الموضوع ينقل موضوع النزاع الى محكمة
ثاني درجة نقلاً يجعلها هي المختصة به دون محكمة الدرجة الأولى ما دامت هذه
الأخيرة قد استنفذت ولايتها في شأنها بحكمها المطعون فيه بالاستئناف ولو كان ذلك
الحكم باطلا او كان مبيناً على اجراء او اجراءات باطلة.
فإذا رأت محكمة الاستئناف ان
الحكم المستأنف باطل بعيب شكلي او اجراء غير صحيح فيتعين على المحكمة الاستئنافية
الا تقف عند حد تقرير هذا البطلان والقضاء به بل يجب عليها ان يمضي في الفصل في
موضوع الدعوى بحكم جديد تراعى فيه الاجراء الصحيح الواجب الاتباع).
الشواربي- مرجع سابق- ص250
وهذا ما ينطبق على موضوعنا الذي
نحن بصدده وهو بطلان الحكم لعدم ايداع مسودته فإن على محكمة الاستئناف التي تقضي
بالبطلان ان تفصل في موضوع النزاع بحكم جديد ولا تكتفي بتقرير هذا البطلان.
وهذا هو ما اكده كلا من الدكتور
فوده والدكتور الشواربي في نهاية كلامهما عن ايداع المسودة والبطلان الذي يلحق
الحكم كجزاء لعدم ايداع المسودة ونذكر ما قاله كلا منهما على حده.
فوده ( ويلاحظ ان المحكمة
الاستئنافية عند الحكم الباطل يطرح عليها النزاع برمته في حدود ما رفع عنه
الاستئناف وتفصل في موضوع الدعوى الجديد ولا تعيد الدعوى إلى محاكم الدرجة الأولى
عند الحكم بالبطلان. لأن هذه استنفذت ولايتها
فوده- مرجع سابق صـ180
الشواربي- مرجع سابق- صـ25
وفي ختام هذه الاسطر التي كتبها
على ... من أمرى ارجو أن أكون قد اعطيت هذا الموضوع بعض حقه من الاهمية التي اغفلها
شراح القانون اليمني وإن لم يكن بالوجه المطلوب لعدم استكماله في بعض الجوانب كون
هذا ما استعطت بحقي... بفصل الي..
فإن احسنت فمن الله وإن اخطات
فمن نفسي والشيطان وصلى الله وسلم سيدنا محمد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق