النفاذ المعجل للأحكام في القانون اليمني
مقدمة:
يعبر تنفيذ الأحكام هو
الهدف الذي يسعى إليه المتقدم بالدعوى, حتى يتمكن من الانتفاع بحقوقه أو حمايتها,
ولما للتنفيذ من أثر كبير ليس فقط على الأشخاص بل على كامل المجتمع بما يشيعه من
شعور بالعدل والإنصاف.
إلا أن الملاحظ في المحاكم هو تأخر تنفيذ الأحكام لكثرة القضايا والمواعيد,
والمدد في القانون المنصوص عليها لإعطاء الخصم فرصته للعلم والرد, ولمعالجة ذلك كان
النفاذ المعجل لاختصار تلك المواعيد لحماية صاحب الحق من الخطر المحدق, وللظروف
الخاصة التي لا تتحمل التأخير, مع وجود ضمانات تعالج الغاء الحكم أو تعديله بعد
تنفيذه.
النفاذ في اللغة : هو جواز الشيء عن الشيء,
والخلاص منه
المعجل: المسرع (وعجلت اليك
ربي لترضى) صدق الله العظيم
النفاذ المعجل اصطلاحا : هو الزام من صدر
عليه حكم بتنفيذه فور صدوره دون انتظار نهايته, وهو استثناء من القواعد العامة في
تنفيذ الأحكام، فهو تنفيذ للحكم بالرغم من أنه قابل للطعن فيه بالاستئناف وبالرغم
من الطعن فيه فعلا ، ولهذا لا يجوز الحكم به في غير الحالات التي نص عليها القانون.
وعرفت المادة(334) من قانون المرافعات والتنفيذ المدني اليمني التنفيذ المعجل
( تنفيذ حكم أو أمر
أداء استثناء من القاعدة العامة التي تقضي (بعدم جواز تنفيذ سند تنفيذي مادام
الطعن فيه بالاستئناف جائزاً
)
والجدير بالذكر هنا أنه وجدت نظرية
النفاذ المعجل لكى تسمح لنا بالشروع في التنفيذ الجبري المبكر للأحكام الابتدائية
قبل حيازتها لقوة الأمر المقضي, فهو نفاذ مبكر قبل صيرورة الحكم نهائي.
والنفاذ المعجل لا يعمل به إلا في خصومة الدرجة الأولى, وأيضاً لا يعمل به إلا
بالنسبة لأحكام الإلزام الابتدائية
الصادرة من أول درجة من المحاكم الوطنية دون الأجنبية.
وفى منظومة النفاذ المعجل يحاول المشرع التوفيق بين صالح الدائن المحكوم له
والمدين المحكوم عليه, وذلك باعتناقه فلسفات تؤدى إلى هذا التوفيق, وتتمثل هذه
الفلسفة في تحديد المشرع لحالات محددة للنفاذ المعجل وفى فرض إيداع كفالة مالية أو
غيرها قبل الشروع في التنفيذ المعجل .
الحالات التي يحكم بها بالنفاذ المعجل
·
النفاذ المعجل بقوة القانون (الحتمي)
·
النفاذ المعجل بحكم
المحكمة, ويسمى القضائي أو الجوازي.
أولا
النفاذ المعجل بقوة القانون:
النفاذ المعجل الحتمي يواجه حكماً
بإلزام صادراً من محاكم الدرجة الأولى, سواء في الأساس أو بمسألة وقتية .
ويكون بطبيعته مشمولاً بالنفاذ المعجل لأن القانون نص على ذلك فلا يحتاج
الحكم فى هذه الحالة إلى تصريح من المحكمة بشموله بالنفاذ المعجل ولا يحتاج لطلب بذلك
من المحكمة ولا حكم يصدر فى هذا الطلب .
ويلاحظ أنه لا يوجد رابط بين حيازة الحكم للحجية وشموله بالنفاذ المعجل ,
فهناك أحكام لها حجية ولا يجوز شمولها بالنفاذ المعجل , لأنها لا تتمتع بالقوة
التنفيذية , مثال ذلك الأحكام المقررة والأحكام المنشئة , وهناك أحكام ليس لها
حجية ورغم ذلك يكون لها قوة تنفيذية , مثال الأحكام المستعجلة وهذه تعتبر مشموله
بالنفاذ المعجل بقوة القانون, وبالنسبة لهذا النوع من النفاذ المعجل الحتمي لا
يكون للقاضي أي سلطة تقديرية فيه .
حالات النفاذ المعجل بقوة القانون في قانون المرافعات اليمني:
نظمتها المادة (335) مرافعات يمني, حيث جعلت
بعض الأحكام والأوامر واجبة التنفيذ المعجل بقوة القانون فور صدورها, وهي:
1.
الأحكام الصادرة في المسائل التجارية, بشرط الكفالة
2.
الأوامر الأداء الصادرة في المسائل التجارية, بشرط
الكفالة
،
وهنا لا يشترط أن يطلب النفاذ المعجل صاحب المصلحة, كما لا يشترط أن تصرح المحكمة
به, والكفالة في هاتين الحالتين وجوبية
عكس جميع حالات النفاذ المعجل الأخرى, فالكفالة جوازيه تخضع للسلطة التقديرية
للمحكمة .
3.
الأحكام الصادرة بالنفقة.
ويقصد بأحكام النفقة تلك الأحكام التي تصدر بتقرير نفقة والإلزام بها أو
زيادتها , أما الأحكام التي تسقط النفقة عن المكلف بها فهي لا تشمل بالنفاذ المعجل
.
4.
الأحكام الصادرة بسكن المحكوم له بها
5.
الأحكام الصادرة بأجرة الحضانة
6.
الأحكام الصادرة بالرضاعة
7.
الأحكام الصادرة بتسليم الصغير لأمه أو وليه
8.
الأحكام الصادرة ببراءة الصغير لأمه أو وليه
وهذه الأحكام تشمل بالنفاذ المعجل بقوة القانون,
والإعفاء من الكفالة فيها وجوبي , أي لا يجوز للمحكمة أن تقرنها بالكفالة حتى وإن
ألغيت في الاستئناف.
والجدير بالذكر هنا أن المحكمة لا تملك صلاحية مخالفة
النص أو التوسع في تطبيقه, فليس لها أن تضيف حالات للتنفيذ المعجل غير ما ذكر ولا أن
تستبعد منها, وإن خالفت كان قرارها باطل يستوجب نقضه بقوة القانون د/عبدالكريم
الطير مبادى التنفيذ المدني الطبعة الأولى
ثانيا: المعجل
بحكم المحكمة جوازاً ):النفاذ المعجل
القضائي )
النفاذ المعجل القضائي لابد أن يطلبه صاحب المصلحة الذى يقدر أنه سيفوز
بالحكم لصالحه , ويجب أن يطلب هذا النفاذ المعجل أثناء قيام خصومة أول درجة وقبل
صدور الحكم في الموضوع , فلا يجوز الانتظار إلى أن يصدر الحكم ثم يطلب النفاذ
المعجل بالعودة إلى نفس المحكمة مرة ثانية , كما لا يجوز طلب النفاذ المعجل من
محكمة الاستئناف , كما لا يجوز رفع دعوى مبتدأه لطلب شمول الأحكام النفاذ المعجل .
وعلى ذلك فلابد أن يُطلب شمول الحكم النفاذ المعجل في ذات صحيفة الطلب الأصلي
أو العارض, أو يطلب بصفة تابعة للطلب الأصلي, أي لا يوجد طلب مستقل بالنفاذ المعجل
وحده .
وإذا أمرت المحكمة بالنفاذ المعجل فعليها تسبب حكمها, لأن هذا النفاذ يكون
على خلاف القواعد العامة التي تشترط أن يكون حكم الإلزام حكماً نهائياً .
أما إذا رفضت شمول حكم الحكم بالنفاذ المعجل فلا يجب عليها بيان سبب الرفض
لأن ذلك هو القاعدة العامة في تنفيذ حكم الإلزام, أي أن يكون نهائياً .
ويكون ذلك في الحالات
التي وردت في المادة (336) مرافعات والتي اجازت للمحكمة أن تشمل حكمها بالنفاذ
المعجل وهي:
1. إذا كان المحكوم عليه قد أقر نشأة الالتزام, أو
جزء منه
يشترط في هذه الحالة أن يكون المحكوم عليه قد أقر
أمام المحكمة شفاهية أو كتابة في مذكرات
قدمت إليها، بأصل الالتزام الذي تبني عليه الدعوى.
2.
.إذا كان الحكم قد صدر بنا على سند محرر رسمي لم يطعن
بتزويره
وهذه الحالة تفترض ما يلى :
-أن يكون الحكم الابتدائي بإلزام الذى سوف يصدر, ويطلب شموله بالنفاذ
المعجل مبنى على سند رسمي لم يدعى بتزويره.
-إلا يكون قد طعن على السند الرسمي بالتزوير, ويكفى مجرد الادعاء بالتزوير
ولو تم رفضه .
-يشترط أن يكون المحكوم عليه - في الحكم الابتدائي المطلوب شموله بالنفاذ
المعجل - طرفاً في السند الرسمي .
-إذا كان الحكم
قد صدر بنا على سند عرفي لم تقم بشأنه منازعة
وتفترض هذه الحالة ما يلى :
1)
حكم ابتدائي مبنى على سند عرفي مقدم في الدعوى, وغير منكر أو مجحود من
المحكوم عليه .
3)
المحكوم عليه طرف في السند العرفي
4)
الورقة العرفية تثبت التزام على المدين, وعليها توقيعه أو بصمته أو ختمه
5)
الحكم الابتدائي بإلزام مبنى على الورقة العرفية وحدها .
6)
عدم أنكار المحكوم عليه أن الورقة العرفية قد صدرت منه .
3.
إذا كان الحكم الصادر في مرتب, أو معاش أو اجر أو
تعويض
4.
إذا كان يترتب على تأخير تنفيذ الحكم ضرر جسيم
وحالات النفاذ المعجل القضائي تعد تطبيقات
مختلفة لمعنى الضرر الجسيم الذي يترتب على تأخير التنفيذ, ويمكن رد هذه الحالات إلى
اعتبارين :
1.
حاجة الاستعجال أو السرعة في التنفيذ
2.
قوة سند الحق المحكوم به
.حيث يرى
المشرع من هذا الاحتمال تأييد الحكم إذا طعن فيه بالاستئناف, ومع ذلك فقد حمى المشرع حق المنفذ ضده حيث اشترط على
طالب التنفيذ في حالات معينة, تقديم كفالة تضمن حقوق المنفذ ضده في حالة نقض الحكم
من الاستئناف, وهذه الكفالة نبينها كالتالي:
الكفالة في
النفاذ المعجل: هي ما يقدمه المحكوم له إلى
المحكمة من ضمانات قبل أن يبدأ في التنفيذ الحكم تنفيذا معجلا, ضمانا لإعادة الحال
إلى ما كانت عليه إذا الغي الحكم من محكمة الاستئناف, أو الغي أمر الأداء من
المحكمة التي قدم إليها التظلم منه.
حالات
تقديم الكفالة :
1.
عند تنفيذ الأحكام وأوامر الأداء الصادرة في
المسائل التجارية
2.
عند تنفيذ الأحكام معجلا بحكم قضائي في المسائل
المحددة في الماد,0336من قانون المرافعات سابقة الذكر
صور
تقديم الكفالة :
نصت
المادة (339) مرافعات تكون كفالة التنفيذ المعجل مما يأتي
:-
1-تقديم كفيل مقتدر
.
2-إيداع مبلغ نقدي أو شيك مقبول
الدفع, لدى خزينة المحكمة أو بنك معتمد.
3-إيداع ما يحصل من التنفيذ لدى
خزينة المحكمة .
4- تسليم الشيء المأمور بتسليمه في
الحكم الأوامر, إلى حارس أمين مقتدر.
وتحديد كفاية الكفالة
من عدمه متروك لتقدير المحكمة بالنظر إلى الضرر الذي يحتمل أن يصيب المحكوم علية,
ولا يلزم أن تكون الكفالة مساوية لقيمة الحق الذي يراد التنفيذ لاقتضائه.
وقف
النفاذ المعجل:
من قبيل الموازنة بين
مصالح الخصوم اجاز المشرع للمحكوم عليه أن يطالب وقف تنفيذ الحكم المشمول بالنفاذ
المعجل, وقرر المشرع أن الأمر يخضع لتقدير محكمة الاستئناف وبشروط خاصة وهي:
1- أن يطعن المحكوم عليه
في الحكم بالاستئناف
2- تقديم طلب بوقف
النفاذ من المحكوم عليه (الطاعن) ولو على استقلال عن الطعن
3- أن يطلب بوقف التنفيذ
قبل تمامه, أما ما تم فلا يوقف وإنما يلغى .
وقد بينت المادة (337)
من قانون المرافعات والتنفيذ المدني الأحكام السابقة, كما بينت اجراءات القضاء
المستعجل, كما اجازت للمحكمة أن تأمر بتقديم كفالة من طالب وقف التنفيذ, وذلك صيانة
لحق طالب التنفيذ المحكوم له أو من صدر الأمر لصالحة.
ووقف التنفيذ المعجل
من المسائل الموضوعية لمحكمة الاستئناف, متى ما توفرت اسبابه د/عبدالكريم الطير
المرجع السابق
الفرق بين الحكم المستعجل, والحكم المشمول بالنفاذ
المعجل:
الحكم المستعجل يختلف اختلافا كليا عن الحكم المشمول بالنفاذ المعجل.
-الحكم المستعجل يصدر في دعوى مستعجلة, وينفذ تنفيذ فوري.
-بينما الحكم المشمول بالنفاذ المعجل هو حكم صادر في دعوى عادية وليست
مستعجلة, اللهم أن القاضي يقضي في منطوق حكمه أن حكمه مشمول بالنفاذ المعجل.
لذلك فإن الأحكام المستعجلة لها نظام تنفيذ خاص, يمكن أن أطلق عليه التنفيذ
الفوري وليس تنفيذ معجل.
النفاذ المعجل هو نظام خاص بتنفيذ بعض الأحكام العادية غير المستعجلة, التي
تصدر في مسائل عادية حددها القانون
اما التنفيذ الفوري الخاص بالأحكام المستعجلة فهو نظام خاص ومستقل عن
النفاذ المعجل ولا يشبهه, وهو تنفيذ جبري من أول لحظة ولا توجد فيه مدة امهال,
لذلك فإن التنفيذ الفوري يختلف عن التنفيذ المعجل من حيث :
♦ أن التنفيذ الفوري يقع بقوة القانون, دون أن ينص عليه الحكم.
♦ التنفيذ الفوري لا يحتاج إلى مقدمات تنفيذ, فلا يشترط اعلان بالتنفيذ الاختياري,
ولا تذييل بالصيغة التنفيذية ولا توجد مدة إمهال.
♦ لا يشترط أن يوجد الحكم, بل يتم التنفيذ من واقع مسودة القاضي مصدر الحكم
مباشرة.
♦اما التنفيذ المعجل فهو نظام مختلف تماما خاص بالأحكام العادية وليس
المستعجلة,
إذ أن التنفيذ المعجل يكون خاص بالأحكام الابتدائية, التي يكون الطعن فيه بالاستئناف
جائزا.
- كما أن التنفيذ المعجل يشترط الاتي:
️أن يسبقه إعلان بالتنفيذ الاختياري.
️أن يتم تذييل الحكم بالصيغة التنفيذية.
️أن تكون فترة التنفيذ الاختياري ثلاثة أيام عملا بنص المادة(331) مرافعات.
️كما أن المادة (342) مرافعات نصت
بقولها (يلزم في التنفيذ المعجل اتباع مقدمات التنفيذ المنصوص عليها في هذه
المادة, وهذا خلاف ما نصت عليها المادة(243) مرافعات الخاصة بتنفيذ الأحكام
المستعجلة, التي نصت بقولها (ويكون الحكم واجب النفاذ من واقع مسودته دون اتباع
مقدمات التنفيذ).
إذ الحكم المستعجل يتم تنفيذه تنفيذ فوري بقوة القانون, دون اتباع مقدمات
التنفيذ.
️ والتنفيذ المعجل لابد أن تسبقه مقدمات التنفيذ, فإذا كان الحكم الابتدائي
حكما مستعجلا, فيفترض أنه ينفذ تنفيذ فوري بقوة القانون, دون أن ينص القاضي على
تنفيذه تنفيذا معجلا.
ولذلك من الخطأ أن يتقدم المحامي بدعوى مستعجلة, ويجعل ضمن طلباته مثلا
((شمول الحكم بالنفاذ المعجل ))
ومن المعيب جدا أن يصدر القاضي حكما مستعجلا وينص في منطوقه بقوله: ((شمول
الحكم بالنفاذ المعجل))
المراجع
: قانون المرافعات
والتنفيذ المدني
مبادى التنفيذ
المدني د عبدالكريم الطير
مدونة القاضي امين الشيباني
اعداد: أ/ حمدان السامعي