الغبن وفق القانون اليمني

 

 

الغبن وفق القانون اليمني

 

 

تعريف الغبن:

هوعدم التعادل في القيمة وقت إبرام العقد, بين ما يقدمه كل متعاقد وما يأخذه في عقود المعاوضة.

أو عدم التعادل في العوض الذي يقدمه أحد المتعاقدين, مع العوض الذي يقدمه الطرف الآخر.

ومثاله أن يبيع شخص شيئا قيمته مليون ريال بسبعمائة ألف ريال, أو أن يشتري هذا الشي بمليون وأربعمائة ريال.

الغبن في القانون:

لمادة (181) مدني:

 الغبن هو أن يكون أحد العوضين غير متعادل مع العوض الآخر.

ويؤخذ من هذا التعريف أن الغبن أمر مادي يتمثل في خسارة مالية تلحق أحد المتعاقدين من العقد , وأن هذه الخسارة يجب أن تتحقق وقت إبرام العقد, ولذلك فلا نكون بصدد غبن إذا ارتفعت قيمة أداءات أحد الطرفين عند تنفيذ العقد .

ولا يتصور العقد إلا في العقود المحددة دون العقود الاحتمالية, لأن هذه العقود  الأخيرة تنطوي بطبيعتها على غرر أي واقعة مستقبلية غير مؤكدة هي التي ستحدد في المستقبل ما إذا كان العقد يسفر عن كسب أو خسارة لأي من المتعاقدين.

كما لا يتصور الغبن إلا في عقود المعاوضة دون عقود التبرعات, إذ أن أحد المتعاقدين في هذه العقود يقدم أداء بدون مقابل.

 

 

 

الغبن والإستغلال:

الغبن – وفقاً لتعريفه- عيب مستقل قائم بذاته , وهو عيب يقع في العقد لا في الرضا , فهو لا ينتج عن عيب من عيوب الرضا من تدليس أو غلط , إذ لو كان  ناشئاً عن أي من هذه العيوب لكان في استطاعة المتعاقد المغبون التمسك بالعيب الذي شاب رضاه لإبطال العقد, فإذا كان الغبن ناشئا –مثلاً- عن غلط وقع فيه المتعاقد في قيمة الشيء , استطاع أن يطلب إبطال العقد للغلط.

فالغبن –وفقا لهذا التصوير المادي له- يعتبر بذاته سبباً للطعن في العقد على أساس الاختلال بين العوضين , وهو لا يقوم عندئذ إلا في عقود المعاوضة المحددة .

على أن الاتجاه الحديث هو عدم الاعتداد بالغبن إلا على اعتبار أنه عيب من عيوب الرضا , وهذا هو منطق النظرية الشخصية في الغبن , فلا بد لكي يبطل العقد على أساس الغبن أن يكون عدم التعادل بين الأداءات مظهراً لحالة نفسية عند الطرف المغبون , ضعف معين عنده استغله الطرف الآخر ويعبر عن الغبن في هذه الحالة بالإستغلال  , حيث لا يكتفي فيه بعدم التعادل المادي , بل لا بد من إثبات وجود ضعف معين لدى الطرف المغبون استغله الطرف الآخر .

 ووفقاً لهذا الاتجاه  فإنه يمكن الطعن في جميع العقود, سواء أكانت معاوضة أو تبرعات وسواء أكانت محددة أو احتمالية.

والقانون اليمني لم ياخذ بنظرية الإستغلال,  ولكن اخذ بالتصوير المادي للغبن.

                                     مصادر الالتزام /د. محمد يحيى المطري

 

موقف القانون المدني من الغبن:

يعتد القانون المدني بالغبن المجرد في حالات خاصة , نصت عليها المادة (181) والغبن المصحوب بتغرير, أي الغبن كعيب من عيوب الرضا بالنسبة للشخص كامل الأهلية, الذي يتعاقد بصفته أصيلا عن نفسه.

فالقانون المدني اليمني لم يأخذ بنظرية الإستغلال ,كما انه لم يأحذ بالغبن المادي على إطلاقه, وإنما أخذ به في الحالات التي أشرت إليها في المادة (181) , مما يعني أنه لم ير مبررا للأخذ بعيب الإستغلال  نضراً لقلة التطبيقات العملية للاستغلال ,ولأن في النصوص المنظمة لعيوب الرضا ما يغني عن وضع نصوص خاصة تعالج مسألة الإستغلال .

على أن ما يؤخذ على نص المادة (181) هو الغموض في صياغتها , فهذه المادة تقضي بأنه لا تأثير للغبن على صحة العقد من البالغ العاقل إلا إذا كان فاحشاً ,وأن العقد يتأثر بالغبن دائماً إذا وقع على مال وقف او صغير أو من في حكمه .

 وهذه الصياغة توهم أن الغبن ولو كان يسيراً يؤثر على العقد في هذه الحالات الخاصة, مع أن المقصود بالغبن المؤثر هو الغبن الفاحش, ولهذا كان الأولى أن يحدد المشرع اليمني معيار الغبن المؤثر بعد تعريفه مباشرة, ثم يبين آثر الغبن الفاحش في العقد.

وقد أزالت هذا الغموض المذكرة الإيضاحية لنص المادة (187) من القانون المدني القديم المطابقة لنص المادة (181) حيث قضت:

  (...ويتأثر العقد بالغبن الفاحش إذا وقع على مال وقف او صغير أو من في حكمه كالمجنون والسفيه أو وقع على المتصرف عن غيره)

ومعيار الغبن الفاحش وفقاً لنص المادة (181) هو الغبن الذي يبلغ عشر قيمة المعقود عليه وقت التصرف.

 

آثر الغبن الفاحش:

ميز القانون المدني في المادة (181) بين فرضين في بيانه لمدى تأثير الغبن الفاحش , الأول وفيه يصدر التصرف من شخص كامل الأهلية وباعتباره أصيلاً عن نفسه , فلا تأثير للغبن الفاحش على العقد الصادر من هذا الشخص.

والثاني وفيه يصدر التصرف من شخص كامل الهلية لكنه ليس أصيلا عن نفسه, وإنما يبرم العقد عن غيره وينطبق هذا على الننائب القانوني ولياً, كان هذا النائب أو وصياً أو ناظر وقف, وينطبق أيصاً على النائب الاتفاقي وعلي الفضولي , فيؤثر الغبن الفاحش على العقد فيجعله قابلاً للإبطال لمصلحة الطرف المغبون.

وقد أجاز القانون المدني للمغبون أن يقتصر على طلب إزالة الغبن , كما أجاز للطرف المستفيد أن يتوقى دعوى الإبطال إذا هو عرض إزالة الغبن الفاحش , ولكن يشترط قبول المغبون هذا العرض , فقد جعل الخيار للطرف المغبون في قبول هذا العرض .

 

تقادم دعوى الغبن:

في القانون المدني اليمني لا تسمع دعوى الغبن بعد مضي ثلاث سنوات من تاريخ إبرام العقد مع عدم المانع.

                           (مصادر الالتزام /مرجع سابق ص 80,81,82)

 

مقدم البحث/ عبدالقوي حُميد

 

الشروط التي يجوز فيها إسقاط الحضانة, وفق القانون اليمني

 

 

 

الشروط التي يجوز فيها إسقاط الحضانة, وفق القانون اليمني

 

 

تعريف الحضانة:

الحضانة بفتح الحاء وكسرها وفتحها اشهر, مأخوذة  من الحضن بكسر الحاء وهو الجنب وهو ما دون الابط إلى الكشح, ويقال حضنت المرأة ولدها, وحاضنة الصبي هي التي تقوم في تربيته. 

 

الحضانة في الشرع :

 هي حفظ الصغير أو العاجز كالمزمن والمجنون والمعتوه مما يضرهم, والقيام  بما يحتاجون إليه من طعام ولباس وتنظيف ونحو ذلك.  

 

الحضانة في القانون:

 الاحوال الشخصية اليمني الحضانة  نصت المادة (138) من قانون الأحوال الشخصية على أن:

 الحضانة هي حفظ الصغير الذي لا يستقل بأمر نفسه وتربيته,  ووقايته مما يهلكه أو يضره بما لا يتعارض مع حق وليه ، وهي حق للصغير فلا يجوز النزول عنها وإنما تمتنع بموانعها وتعود بزوالها.

 

بحكم الحضانة:

الحضانة واجبة لأنه يهلك بتركها الطفل ومن في حكمه, فوجب حفظه من الهلاك كما يجب الانفاق علية وانجاؤه من المهالك, والقانون جعل الحضانة حق للصغير ولا يحوز النزول عنها, حيث نصت المادة (138) احوال شخصية بقولها :

(.......وهي حق للصغير فلا يجوز النزول عنها....) وبالتالي فهي واجبة.

 

مدة الحضانة:

يرى الحنفية و الهادوية:

  أن الحضانة بالنسبة للغلام مرحلتان : مرحلة للنساء وتنتهي بالاستغناء عنهن, فيأكل ويشرب وحده ويلبس وحده ويستنجي وحده, وقدروا ذلك بسبع أو ثمان سنوات, ثم بعد  ذلك تنتقل إلى الرجال وتستمر إلى البلوغ, لأن ولاية الرجال على الصغار إلى البلوغ, أما الجارية فأمها احق بها حتى تحيض وتنتقل إلى الأب أو نحوه من الاولياء المحارم مادام انها بكر فلا يخلى سبيلها, لأنها مطمع لكل طامع ولم تختبر الرجال فلا يؤمن عليها من الانزلاق والخداع

وير ى المالكية :

أن الحضانة تنتهي بالنسبة للغلام إلى  أن يبلغ, وبالنسبة للجارية إلى أن تتزوج ويدخل بها زوجها كما هو الحال في النفقة عندهم, ولا خيار للغلام ولا للجارية إذا اختلف الأبوان فيهما قبل البلوغ في مذهب الحنفية والمالكية والهادوية,  واستدلوا بحديث عمرو بن شعيب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

 ( انت احق به مالم تنكحي ,ولم يخير )

ولأن تخيير الصبي ليس بحكمة لأنه لغلبة هواه يميل إلى اللذة الحاضرة والكسل والهرب من التعليم ومعالم الدين, فيختار شر لأبوين وهو الذي يهمله ولا يؤذيه,

وقالوا في حديث ابي هريرة الذي استدل به الشافعية والحنابلة :بان المراد بالتخيير فيه في حق البالغ لان المرأة قالت : بان ولدها نفعها وسقاها من بئر أبي عنبه, ومعنى ذلك أنه كسب  عليها والكسب لا يقدر عليه الا البالغ. 

ويرى الشافعية والحنابلة :

 أن مدة الحضانة إلى سبع سنين, واعتبر الشافعية التمييز وهو في الغالب يكون بعد سبع سنين وقد يكون في اقل أو في أكثر, فإذا ميز انتهت الحضانة الاجبارية, ثم بعد التمييز عند الشافعية وبعد السبع عند الحنابلة يخير الغلام والجارية بين ابويهما في مذهب الشافعية, فإن اختار الغلام أمه فهي أولى به, وإن اختار أباه فهو أولى به وكذلك الجارية.

 ولا تخير الجارية بعد السبع السنين في مذهب الحنابلة, وإنما يكون الأب أحق بها من الأم, لأن الغرض من الحضانة الحفظ والأب هو الذي يقدر على حفظها وصيانتها بخلاف الأم’ فإنها محتاجة إلى من يحفظها فكيف تحفظ غيرها, بخلاف الغلام فإنه لا يحتاج إلى الحفظ والتزويج كحاجة الجارية قبل سن البلوغ .

واستدلوا على تخيير الغلام المميز إذا تنازع فيه  الأبوان بحديث ابي هريره :

أن النبي صلى الله عليه واله وسلم خير غلام بين أبيه وأمة. رواه احمد وابن ماجة والترمذي وابو داوود وصححه الترمذي وابن حبان

وفي رواية : أن امرأة جاءت فقالت : يا رسول الله أن زوجي يريد  أن يذهب بابني وقد سقان من بئر ابي عنبه وقد نفعني,  فقال رسول الله صلى الله علية وسلم:

 ( استهما عليه ) فقال زوجها : من يحاقني في ولدي ؟ فقال النبي صلى الله علية وسلم " هذا ابوك وهذه امك فخذ ايهما شئت " فأخذ بيد امه فانطلقت به رواه ابو داوود بنحو هذا الفظ

ورجح الدكتور علي القليصي في كتابة احكام الأسرة مرجع سابق بقولة :

 والظاهر أن القول بالتخيير هو الراجح وأنه لا فرق بين الذكر والانثى, لحديث أبي هريرة وغيرة ,وإذا كان الأبن عند امه ليلا ويأخذه الأب نهارا ليعلمه ويؤدبه.

 

 

وقد نص القانون مادة (139) على :

مدة الحضانة تسع سنوات للذكر واثنى عشر للأنثى, ما لم يقدر القاضي خلافه لمصلحة المحضون .

وجعل القانون الأم أولى بحضانة ولدها بشرط ثبوت اهليتها للحضانة, وإذا اسقطت حقها فلا يسقط إلا إذا قبل الولد غيرها, وإلا اجبرت لأن الحق للصغير ولا يجوز لزوجها الآخر منعها, ولا يمنع سوء خلقها من حقها في الحضانة حتى يبلغ الصغير الخامسة من عمره .وفقا لنص المادة (141) احوال شخصية

 

شروط  الحضانة:

1-العقل:

فلا حضانة لمعتوه ولا مجنون, لأنه لا يقدر عليها  وهو محتاج إلى من يكفله فكيف يكفل غيرة.

2-البلوغ :

 فلا حضانة لغير بالغ ولو كان مميزا, لأنه في حاجة إلى من يتولى أمره

3-العدالة والاخلاق الحميدة :

 فلا حضانة لفاسقة أو فاسق لأنه لا يوثق بفاسق في اداء الواجب من الحضانة, لأنه قد ينشأ على اخلاقه وطريقته,  واشتراط العدالة مذهب جمهور الفقهاء  

قال بعض الفقهاء المعاصرين أنه تشترط العدالة والأمانة عندما يكون للطفل حاضنان أحدهما ابعد والاخر أقرب وهو فاسق, فيسقط حق الأقرب لفسقه وتنتقل إلى الابعد إذا كان عدلا, أما إذا لم يوجد للطفل إلا حاضن واحد فلا يشترط فيه العدالة لتعذر من يقوم مقامة في رعاية الطفل وحفظة . (احكام الأسرة للدكتور علي القليصي )

4-الاسلام :

فلا حضانة لكافر ولو كان ذميا, وهذا مذهب جمهور الفقهاء.

ويرى الحنفية وبعض فقهاء المالكية والشافعية أنه لا يشترط في الحاضن الاسلام مالم يكن مرتدا, فإنه ليس له حق فيها.

5-إذا كان الحاضن رجلا يشترط فيه أن يكون من الوارثين, فلا حضانة للخال وابن البنت وابن الاخت لأنهم غير وارثين, ولا تجب عليهم نفقه.

قانون الاحوال الشخصية اليمني حسم الأمر بنص المادة (142) من قانون الاحوال الشخصية:

  إذا ماتت الأم أو بطلت حضانتها انتقلت الحضانة إلى أمهاتها وإن علون, ثم خالات الصغير ثم الأب المسلم ثم أمهات الأب وان علون, ثم أمهات أب الأم ثم الأخوات ثم بنات الخالات ثم بنات الأخوات ثم بنات الأخوة, ثم العمات ثم بناتهن ثم بنات العم ثم عمات الأب ثم بناتهن ثم بنات أعمام الأب ، وإذا انعدم النساء انتقلت الحضانة إلى الأقرب فالأقرب من الذكور العصبة المحارم, فان لم يوجد فالأقرب من ذوي الرحم المحارم, فان عدموا فالعصبة غير المحارم فإن عدموا فذوي الأرحام المحارم ، ويقدم في كل درجة ذو السببين على ذي السبب الواحد, ثم ذوي الأم على ذوي الأب, فإذا كانا على سواء كانت الحضانة للأصلح, فان تساويا في الصلاح يرجع للقاضي, ويجوز للقاضي أن يتجاوز عن الترتيب في الحضانة إذا رأى في ذلك مصلحة الصغير.

 

الشروط الني تسقط بها الحضانة:

بالنسبة للأم إذا تزوجت على ثلاثة اقوال:

1-يسقط حقها في الحضانة, وهذا قول الشافعية والحنابلة  واستدلوا بحديث عمرو ابن شعيب عن ابيه عن جده عبدالله ابن عمرو : أن امرأة قالت : يا رسول الله أن ابني هذا كان بطني له وعاء وحجري له حواء وثديي له سقاء وزعم أبوه أنه ينزعه مني, فقال النبي صلى الله علية وسلم انت احق به مالم تنكحي.

2-أن حضانتها لا تبطل مطلقا: هذا قول الظاهرية واحتجوا بحديث أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وبقي ولدها في كفالتها, وهذه القصة رواها النسائي في الصحيح

3-أن حقها يسقط إذا تزوجت بغير محرم للطفل, وهذا مذهب المالكية والحنفية والهادوية 

 

 

ونصت المادة (143) أحوال شخصية على الشروط التي تسقط بها الحضانة وتنتقل من الحاضن إلى من يليه بنصها:

 ( تنتقل الحضانة من الحاضن إلى من يليه بأحد أمور هي:

الجنون ونحوه من المنفرات كالجذام وكذا العمى والإهمال والفسق وترك حفظ الصغير والزواج, إلا أن يكون بذي رحم للصغير)

وهذه  الشروط لم يجانب القانون فيها احكام الشريعة الاسلامية  في الحضانة

1-إذا كانت امرأة الا تكون مرتدة عن الاسلام, فإذا كانت مرتدة سقط حقها في الحضانة

2-ألا تمسكه عند من يبغضه, وبالتالي يجوز اسقاط الحضانة إذا كانت تمسكه عند من يبغضه

3-وألا تنشغل عن الحضانة خارج  البيت  إلا إذا وجد من يقوم بحاجته,

وإن كان رجلا فيشترط فيه اضافة إلى النصوص العامة اتحاد الدينين.

 

اعداد أ/ عزام حاتم الدوه

اختصاص القضاء العسكري بالحجز على الأموال, وفق القانون اليمني

 

 

اختصاص القضاء العسكري بالحجز على الأموال, وفق القانون اليمني

 

 

تعريف القضاء العسكري:

هو قضاء جزائي خاص مواز للقضاء العام في الجمهورية اليمنية, يختص بفئة معينة من موظفي الدولة هم العسكريين, كما هو الحال في القانون العماني حيث تنص  المادة (62) على أن:

 يرتب القانون المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، ويبين وظائفها واختصاصاتها، ويقتصر اختصاص المحاكم العسكرية على الجرائم العسكرية التي تقع من أفراد القوات المسلحة وقوات الأمن ولا يمتد إلى غيرهم إلا في حالة الحكم العرفي وذلك في الحدود التي يقررها القانون.

 

أما بالنسبة للقضاء اليمني فيتميز بخصوصية, حيث أن المحاكم العسكرية في اليمن هي محاكم نوعية تختص بنظر النزاعات التي ترتكب من فئة العسكر, وفقا لقانون العقوبات العسكري وقانون الاجراءات الجزائية العسكرية, ولكن تلك المحاكم كغيرها من المحاكم النوعية المتخصصة تخضع لإشراف مجلس القضاء الأعلى ولرقابة المحكمة العليا, وإن كانت تختص بها دائرة عسكرية.

 

 اختصاص المحاكم العسكرية:

الاختصاص النوعي والوظيفي:(الشخصي)

الأصل العام :- هو أن المحاكم الابتدائية العادية أو العامة ذات اختصاص وولاية عامة في نظر جميع القضايا وبالنسبة لجميع الأشخاص ، وهذا ما نص عليه قانون السلطة القضائية في المادة (47) بقوله :

 (تكون للمحكمة الابتدائية الولاية العامة للنظر في جميع القضايا )

والمادة (9):

 (المحاكم هي الجهات القضائية التي تختص بالفصل في جميع المنازعات والجرائم ، ويبين القانون الاختصاص النوعي والمكاني للمحاكم )

وقد بينت القوانين العسكرية اختصاص النيابات والمحاكم العسكرية .

بيد أن المشرع ولاعتبارات عملية وتخصصية أخرج بعض الفئات أو الأشخاص وكذلك بعض الجرائم من اختصاص المحاكم العادية, وأناطهم بمحاكم متخصصة بحسب أشخاص المتهمين أو نوعية الجرائم أو الدعاوى, وهذا ما أكده قانون السلطة القضائية في المادة (8) بقوله:

 ( ب- يجوز بقرار من مجلس القضاء الأعلى بناءً على اقتراح وزير العدل إنشاء محاكم قضائية ابتدائية متخصصة )– وبالنظر إلى النيابات والمحاكم العسكرية فقد أنشئت بقوانين .

ذلك أن مقتضيات تحقيق العدالة تتطلب النظر بعين الاعتبار إلى نوعية الجرائم ، وإلى صفات أو فئات المتهمين من حيث السن وطبيعة وموضوع الوظائف التي يشغلوها ، وبالتالي أخرج المشرع بعض الفئات من الخضوع للقضاء العام، وأناطها بمحاكم متخصصة وهي:

 

1-  فئة التجار:

حيث جعل لهم المشرع أوضاع قانونية إجرائية وموضوعية خاصة, من خلال سن القانون التجاري وقانون السجل التجاري  وكذا قانون الشركات التجارية وغيرها, ومن خلال إنشاء محاكم متخصصة  نوعية  هي المحاكم التجارية.

وبالتالي لا يصح تطبيق القانون المدني على الأعمال التجارية التي يقومون بها إلا فيما لم يرد به نص, كما لا يصح أن تنظر المحاكم المدنية قضاياهم المتعلقة بأعمالهم التجارية.

2-  فئة موظفي السلطة التنفيذية العليا :

حيث جعل لهم المشرع أوضاع قانونية إجرائية خاصة يتبين ذلك من خلال سن القانون رقم(6) لسنة 1995م بشأن إجراءات اتهام ومحاكمة شاغلي وظائف السلطة التنفيذية العليا في الدولـــة, الذي خصهم بأوضاع إجرائية خاصة عند الاتهام أو المحاكمة.

فلا يتم إحالتهم إلى التحقيق أو المحاكمة إلا بناءً على طلب من مجلس النواب ، كما أن الذي يمارس سلطة الاتهام هم ثلاثة من أعضاء المجلس القانونيين ، والمحكمة المختصة هي المحكمة العليا(الدائرة الدستورية)

وبالتالي لا يصح تطبيق قانون الإجراءات الجزائية العام عليهم ، كما لا يصح أن تنظر المحكمة الجنائية قضاياهم المتعلقة بأعمالهم التنفيذية العليا, فالاختصاص ينعقد وفقاً لقانونهم للمحكمة العليا (الدائرة الدستورية )

3-   فئة الأحداث:

حيث جعل لهم المشرع أوضاع قانونية “موضوعية وإجرائية  خاصة بهم, من خلال سن قانون الأحداث رقم (26)لسنة 1997م الذي خصهم بإجراءات معينة فضلاً عن خصوصية قواعد مساءلتهم جنائياً, وما يرتبط بذلك من طبيعة خاصة بالجزاءات المقررة عليهم, ومن خلال إنشاء محاكم متخصصة بقضايا الأحداث.

4-   فئة أفراد وضباط القوات المسلحة:

 حيث خصهم المشرع بأوضاع قانونية موضوعية وتنظيمية وإجرائية خاصة, يتبين ذلك من خلال سن العديد من القوانين العسكرية منها:

أ‌- قانون الخدمة في القوات المسلحة رقم(67) لسنة 1991م :– لذلك لا يسري عليهم قانون الخدمة المدنية الذي يسري على معظم موظفي الدولة, والذي نص في المادة: (3/ب) على (ب-لا تسري أحكام هذا القانون على : 1- العسكريين في القوات المسلحة والأمن)

ب‌- قانون الجرائم والعقوبات العسكري رقم(21) لسنة 1998م: الذي شمل جرائم القانون العام كما جرم واعتبر بعض الأفعال والسلوكيات جرائم عسكرية – منها جرائم الاختلاس وإساءة استخدام السلطة – ، وجعل لها عقوبات اشد ولذلك لا يسري على العسكريين قانون الجرائم والعقوبات العام وذلك في الجرائم المتعلقة بأعمالهم العسكرية إلا فيما لم يرد به نص.

ج‌- قانون الإجراءات الجزائية العسكرية رقم(7) لسنة 1996م ، والذي خص العسكريين بإجراءات اتهام ومحاكمة خاصة – تخالف إجراءات اتهام ومحاكمة الموظفين العموميين – من حيث بعض الإجراءات ، ومن حيث النيابات والمحاكم المختصة وهي النيابات والمحاكم العسكرية فيما يتعلق بالجرائم المرتكبة بسبب ومناسبة تأديتهم لأعمالهم العسكرية. . وبالتالي لا يصح تطبيق قانون الإجراءات الجزائية العام على العسكريين – إلا فيما لم يرد به نص أو في حالات الإحالة - كما لا يصح أن تنظر النيابات والمحاكم الجنائية العادية قضاياهم المتعلقة بأعمالهم العسكرية ، فالاختصاص ينعقد للنيابات والمحاكم العسكرية وفقاً لقانوني العقوبات والإجراءات العسكري. مـن خـلال مـا سبق يتبين أن لأفـراد القـوات المسـلحة أوضاع قـانونـية موضـوعية وتنظـيمية إجرائية وعقابية خاصة ، خصهم بها المشرع من خلال إصدار العديد من تلك القوانين العسكرية .

يتبين لنا أنه عندما ُتنشئ محكمة متخصصة بجرائم معينة أو طائفة معينة, فإنها تكون هي صاحبة الاختصاص الأصيل في نظر تلك القضايا التي أناطها بها قانون إنشاءها ، ولا يجوز لأي محكمة عامة أو متخصصة أن تنازعها في اختصاصها الأصيل .

فالمحاكم المتخصصة تمارس اختصاصاتها فقط تجاه مجموعة خاصة محددة من الجرائم أو القضايا وأنماط معينين من الجناة أو المدعين,  وهذا ما أقرته المادة (89) من قانون المرافعات بقولها :

[2- إنشاء محكمة ابتدائية متخصصة لنظر نوع معين من الدعاوى يجعل ولايتها قاصرة على ذلك النوع ، فلا يجوز لها النظر في غيره من الدعاوى ] والنوعية قد تكون مرتبطة بطبيعة العمل أو بالجرائم.

 

لـــذلك فإن عدم إخضاع الجرائم الواقعة على المال العسكري من قبل العسكريين بسبب ومناسبة وظائفهم للنيابات والمحاكم العسكرية ، ونقل الاختصاص لنيابات ومحاكم الأموال العامة يعد مخالفة صارخة لتلك القوانين العسكرية النافذة ، ومخالفة لإرادة وغاية المشرع التي ابتغاها من خلال وضعه لتلك التشريعات العسكرية.

كما أن في هذا المسلك تعطيل لنصوص قانوني العقوبات والإجراءات العسكري بدون سند ، ثم أنه سيؤدي إلى عدة إشكاليات وارتباكات قانونية وعمليه إجرائية وموضوعية, تجعل من السهل الطعن فيها وإبطالها.

 فلو افترضنا أن نيابات ومحاكم الأموال العامة نظرت قضايا العسكريين, فما هو القانون الإجرائي والموضوعي الذي ستطبقه نيابات ومحاكم الأموال العامة على العسكريين ؟.

هل ستطبق قانوني العقوبات والإجراءات العسكري ؟ أم ستطبق قانوني العقوبات والإجراءات العام ؟

 فإذا ما طبقت قانوني الإجراءات والعقوبات العام فان ذلك سيكون عرضة لدفع جوهري بالبطلان للخطأ في تطبيق القانون ، حيث أن العسكريين يخضعون للقوانين العسكرية.

أما إذا طبقت قانوني الإجراءات والعقوبات العسكري, فان ذلك سيكون عرضة لدفع جوهري بالبطلان لعدم الاختصاص, حيث أن المختصين بتطبيق ذلكما القانونين هي النيابات والمحاكم العسكرية استناداً لنصوص المواد التالية :

 أولاً:-  بعض مواد قانون الإجراءات الجزائية العسكري :

المادة (30) :

تباشر النيابة العسكرية التحقيق في الجرائم الآتية فور إبلاغها إليها:

الجرائم المنصوص عليها في قانون الجرائم والعقوبات العسكري .

جرائم القانون العام الداخلة في اختصاص المحاكم العسكرية

الجرائم العسكرية المرتبطة بجرائم القانون العام

الجرائم العسكرية المحالة إليها من الجهات المختصة.

المادة (31):

 تختص النيابة العسكرية برفع الدعاوى الداخلة في اختصاصاها ومباشرتها على الوجه المبين في هذا القانون.

المادة (32):

 تتولى النيابة العسكرية تحريك الدعاوى في الجرائم العسكرية.

المادة (49):

  تختص المحكمة الابتدائية العسكرية بالفصل في جميع الجرائم المنصوص عليها في قانون الجرائم والعقوبات العسكرية, التي تقع في دائرة اختصاصها المحلي.

فعندما قصر المشرع تطبيق قانون العقوبات العسكري على المحاكم العسكرية كان ذلك لأن المحاكم العسكرية والقضاة العسكريون يراعى عند تعيينهم شروط معينة, منها أن يكونوا من العسكريين وذلك لأن القاضي المدني لا يتصور ولا يعرف طبيعة الحياة العسكرية والحكم على الشيء فرع عن تصوره.

ثانياً / بعض مواد قانون الجرائم والعقوبات العسكري:

المادة(4) :

[تسري أحكام هذا القانون على كل من يرتكب إحدى الجرائم الآتية :-

 3- الجرائم التي ترتكب من الأشخاص الخاضعين لأحكامه متى وقعت بسبب تأديتهم أعمال وظائفهم .

المادة (6):

 في غير الدعاوى الشخصية والمدنية تقضي المحاكم العسكرية بالعقوبات التالية :-

1- الإعدام. 2- الرجم.. 7- الحبس 10- الغرامة ….. كما تقضي المحاكم العسكرية بالعقوبات الأصلية الآتية :- 1- الطرد من الخدمة 2- تنزيل الرتبة.

المادة(8):

يحرم المتهم متى تثبت إدانته بحكم واجب النفاذ من محكمة عسكرية من خدمته وراتبه عن كلي يوم من أيام الهروب أو الغياب.

المادة (9):

كل من يحكم عليه بحكم من محكمة عسكرية بعقوبة الحبس مدة لا تقل عن خمس سنوات, يجوز الحكم عليه بإحدى العقوبات الآتية:-

الحرمان من الأقدمية الرتبة:

تنزيل الرتبة لرتبة أدنى منها

الطرد من الخدمة في القوات المسلح.

كما جعل قانون العقوبات العسكري على المحكمة العسكرية أن تحكم برد المال المختلس.

 كما أن ا لجرائم العسكرية المنصوص عليها في قانون الجرائم والعقوبات العسكري, تخضع لعقوبات تتميز عن العقوبات المنصوص عليها في القانون العام.

فالمحكمة العسكرية لها – وفقاً لقانون العقوبات العسكري – أن تحكم بالإضافة إلى العقوبات المنصوص عليها في القانون العام بعقوبات أخرى, كالطرد أو الفصل من الخدمة وتنزيل الرتبة والحرمان من الأقدمية.

المفهوم القانوني لنص المادة (37) من قانون مكافحة الفساد:

نصت المادة (37) على:

 (ينعقد الاختصاص للنظر في قضايا جرائم الفساد لنيابات ومحاكم الأموال العامة. ولكي نستكشف ونستوضح مفهوم هذه المادة ومجال إعمالها سنُعمل ونطبق طرق التفسير القانونية, وهي متعددة ومنها التفسير القانوني والتفسير القضائي والتفسير الفقهي وذلك كالتالي:-

أولاً التفسير القانوني :-

القواعد القانونية عندما تصدر تخرج في شكل قوالب ومجموعات أو موضوعات معينة , كقانون العقوبات ، والقانون المدني ، وقانون العمل وهكذا .

وتلك المجموعات أو القوالب تعد كلاً منها وحدة موضوعية واحدة تكمل وتفسر بعضها البعض .

أي أن القانون يفسر ويوضح ويكمل بعضه البعض ، فما نقص أو أبهم في إحدى قواعده أو مواده كملته المادة الأخرى ، وما عُمم في إحدى قواعده خصصته ووضحته قواعد آخري, سواءً كانت في ذات القانون أو في قانون آخر نافذ في إطار المنظومة التشريعية السارية في الدولة .

ولتطبيق ما سبق في موضوع بحثنا فإن المادة (37) المذكورة أعلاه يتحدد مفهومها ومجال إعمالها بحسب الوحدة الموضوعية للقانون المندرجة فيه, وعند الاطلاع على قانون مكافحة الفساد نجد المواد التالية:

مادة (36) :

( تطبق بشأن إجراءات الضبط والتحقق والمحاكمة في جرائم الفساد, القواعد المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية ، والقوانين النافذة ذات العلاقة)

مادة (42):

 (للهيئة بالتنسيق مع الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة جمع الأدلة والمعلومات المتعلقة بالفساد وإحالة المتهمين إلى النيابة العامة, لاتخاذ الإجراءات القانونية وفقاً للقوانين النافذة )

فعندما نقرأ المواد (36، 37، 42) مع بعض نخرج بمفهوم تكاملي مفاده أن نظر قضايا جرائم الفساد وما يستلزمه ذلك النظر من إجراءات جمع أدلة ومعلومات وضبط وتحقيق ومحاكمة تكون وفقاً لقانون الإجراءات الجزائية ووفقا للقوانين النافذة ذات العلاقة , وهذا يعني أن قانون مكافحة الفساد لم يلغ, أي قوانين آخري بل أنه أحال عليها وحث على العمل وفقها وبموجبها .

 وبتطبيق مفهوم هذه المواد على موضوع بحثنا سنجد أن القوانين النافذة ذات العلاقة هي قانون الجرائم والعقوبات العسكري, وبالأخص المواد (9،8،6،4) وكذا قانون الإجراءات الجزائية العسكري, وبالأخص المواد (30 ، 31 ، 32 ، 49) وهي المواد السابق بيانها أعلاه والتي تقصر الاختصاص بالنيابات والمحاكم العسكرية في اتهام العسكريين ومحاكمتهم في الجرائم العسكرية . .

 ولأن قانون مكافحة الفساد قد نص على إجراء النظر في قضايا الفساد (من جمع أدل ومعلومات وضبط وتحقيق و محاكمة) وفقاً لقانون الإجراءات الجزائية والقوانين النافذة ذات العلاقة .

ولما كانت القوانين النافذة ذات العلاقة (الإجراءات ، والعقوبات العسكرية)– كما رأينا في المواد السابق ذكرها – قد نصت على اختصاص النيابات والمحاكم العسكرية بنظر قضايا العسكريين وجرائمهم التي يرتكبونها بمناسبة أعمالهم ووظائفهم ، وبالتالي فإن الاختصاص ينعقد وبدون أدنى شك للقضاء العسكري

والقول بغير ذلك تلاعب بالنصوص القانونية واستدلال ببعضها في غير محلها وإهمال بقية النصوص القانونية , وهذه هي المزاجية والانتقائية والهوى وعدم التجرد والاحتكام لحكم القانون .

حل اشكالية توهم وجود تنازع بعض نصوص قانون مكافحة الفساد, مع قانوني الإجراءات والعقوبات العسكري.

إن المفهوم التكاملي الذي أوردناه قبل قليل للقوانين السابق ذكرها قد لا يوافق هوى البعض ويرى أن نص المادة (37) من قانون مكافحة الفساد التي قالت:

 (ينعقد الاختصاص للنظر في قضايا جرائم الفساد لنيابات ومحاكم الأموال العامة) تتنازع أو تتعارض مع نصوص قانوني الإجراءات العسكري ومنها

المادة (32):

 (تتولى النيابة العسكرية تحريك الدعاوى في الجرائم العسكرية …)

 والمادة (49):

 (تختص المحكمة الابتدائية العسكرية بالفصل في جميع الجرائم المنصوص عليها في قانون الجرائم والعقوبات العسكرية, التي تقع في دائرة اختصاصها المحلي)

وإذا سلمنا بذلك التنازع – جدلاً – و جب علينا البحث عن كيفية حل هذا التنازع ، لقد وضع فقهاء القانون عدة قواعد ومبادئ لحل التنازعات بين القوانين ، من تلك القواعد والمبادئ المعمول بها والغير مختلف عليها, ما ذكرها عميد كلية الحقوق بجامعة الإسكندرية أ/د سمير عبد السيد  تناغو في كتابه النظرية العامة للقانون (ص 419) قاعدة:

  (الحكم الحديث العام يتقيد بالحكم القديم الخاص ولا يلغيه)

 فعندما يتضمن التشريع الحديث حكماً عاماً ، بينما يتضمن التشريع القديم حكماً خاصاً ففي هذه الحالة لا يتأثر التشريع القديم بصدور التشريع الحديث, بل أن التشريع القديم هو الذي يؤثر في التشريع الحديث ويقيده .

 فالخاص يقيد العام ولو كان الخاص هو القديم, وبهذا يحل التنازع المتوهم , حيث لا يجوز إهدار القانون الخاص لإعمال القانون العام لما في ذلك من منافاة صريحة للغرض الذي من أجله وضع القانون الخاص .

ولما كان قانون الجرائم والعقوبات العسكري يعرف بأنه ( القانون الجنائي الخاص الذي يحمي المصلحة العسكرية ) ولما كانت الجريمة العسكرية تعرف بأنها  (كل فعل أو امتناع عن فعل يصدر عن شخص مسئول جنائياً يتمتع بالصفة العسكرية ويشكل إخلالاً بالمصلحة القانونية ذات الصفة العسكرية, أو يعرض هذه المصلحة للخطر ، ويقرر له المشرع جزاء جنائياً)

  د/ إبراهيم الشرقاوي ص 145 من كتابة النظرية العامة للجريمة العسكرية.

 ولما كان اختلاس المال العسكري ، من قبل الشخص المتمتع بالصفة العسكرية ، وبسبب ومناسبة عمله ووظيفته العسكرية يكيف بأنه جريمة عسكرية, فإن القوانين الخاصة والواجبة التطبيق هي القوانين العسكرية ، وأن النيابات والمحاكم المختصة هي النيابات والمحاكم العسكرية.

 

اختصاص المحاكم العسكرية بالحجز على الأموال:

اما فيما يتعلق بالإجابة على السؤال موضوع بحثنا, وهو مدى اختصاص القضاء العسكري بالحجز على الأموال ؟

لما كان قانون الإجراءات الجزائية هو المرجع فيما لا يوجد بشأنه نص في قانون الإجراءات الجزائية العسكري,  فان قانون الإجراءات الجزائية العام أجاز للمحكمة في الأحوال التي يعد المتهم فيها فارا من وجه العدالة, أن تأمر بالحجز على أمواله ويمنع التصرف فيها  او إقامة دعوى , ويعتبر باطلا كل تعهد او التزام على خلاف ذلك وفقا للمادة (290أ-ج)ويتبع في إدارة أموال المتهم الفار من وجه المحجوز عليها القواعد المقررة لإدارة أموال المحجوز عليه ماده (291أ –ج) وتقرر المحكمة نفقة شهرية تدفع من إيرادات أموال وحقوق المتهم  .

الخلاصة:

 القضاء العسكري لا يختص بالحجز على الأموال,  إلا فيما يتعلق بالحجز على أموال المتهم الفار من وجه العدالة,  وفقا لنصوص للمواد 290-291- 292 إجراءات جزائية 

إعداد / عزام الدوه