مدى جواز تقسيم أموال الوقف بين الذكور والإناث, وفق القانون اليمني
المقدمة:
لما كان لابد من استعمال أموال الوقف للحفاظ على عينها من التلف ولتحقيق
الغاية المنشودة الذي شرع لأجله الوقف فإنه لابد من تداولها وانتقالها من شخص لآخر
ومن جيل إلى جيل فتثور بسبب ذلك مسائل أهمها جواز تقسيم أموال الوقف وكيفية تقسيمه
بين الذكور والإناث بالنسبة للوقف الذري وكذلك تقسيم منفعة الوقف بين ورثة
المستأجر من الاوقاف
الوقف شرعاًً: هو حبس العين عن تمليكها لأحد من العباد والتصدق بالمنفعة على
مصرف مباح
وجاء في القانون اليمني:
مادة (3) : الوقف هو حبس مال والتصدق بمنفعته أو ثمرته على سبيل القربة
تأبيداً وهو نوعان :
1-
وقف أهلي .
2- وقف خيري .
مادة (4) : الوقف الأهلي هو ما وقف على النفس أو الذرية
، والوقف الخيري هو ما وقف على جهات البر العامة والخاصة
المحور الثاني
تقسيم أموال الوقف في الفقه الإسلامي
ذهب الفقهاء إلى أنه يتبع شرط الواقف في قسمة غلة الموقوف على الموقوف
عليهم من تسوية أو تفضيل بينهم أو تقديم أحد على أحد وهكذا ...أما إذا كان الموقوف
دارا للسكنى مثلا أو أرضا موقوفة للزراعة وكانت الدار أو الأرض لا تستوعب الموقوف
عليهم فقد ذهب جمهور الفقهاء ـ الحنفية والمالكية والشافعية ـ إلى أن قسمة أعيان
الوقف بين المستحقين لا تجوز، لأن الموقوف عليه لا ملك له في العين الموقوفة عند
هؤلاء الفقهاء، إنما حقه في منفعة الموقوف، فإذا جازت القسمة على الموقوف عليهم
فإنما تجوز في المنافع، أما عند الحنابلة فالمشهور عندهم أن الملك في الموقوف يكون
للموقوف عليه، وفيما يلي تفصيل أقوال الفقهاء في ذلك، قال الحنفية: إذا قضى قاض
بجواز وقف المشاع ونفذ قضاؤه وصار متفقا عليه كسائر المختلفات، فإن طلب بعضهم
القسمة فعند أبي حنيفة لا يقسم ولكن يتهايئون.... ، وذهب الشافعية إلى أن قسمة
الوقف بين أربابه ممتنعة مطلقا لأن فيه تغييرا لشرط الواقف، ولا مانع من مهايأة
رضوا بها كلهم، إذ لا تغيير فيها لعدم لزومها، والمعروف عند الحنابلة أن الملك في
الموقوف إنما هو للموقوف عليه، ولذلك أجازوا قسمة عين الموقوف على الموقوف عليهم
إلا أنهم اختلفوا في جواز ذلك إذا كان الوقف على جهة واحدة، فقد جاء في شرح منتهى
الإرادات: يصح قسم موقوف ولو كان موقوفا على جهة واحدة واختاره صاحب الفروع، قال
عن شيخه تقي الدين: صرح الأصحاب بأن الوقف إنما تجوز قسمته إذا كان على جهتين،
فأما الوقف على جهة واحدة فلا تقسم عينه قسمة لازمة اتفاقا لتعلق حق الطبقة
الثانية والثالثة، لكن تجوز المهايأة بلا مناقلة، ثم قال: والظاهر أن ما ذكره
شيخنا عن الأصحاب وجه، يعني كغيره من الوجوه المحكية، قال: وظاهر كلام الأصحاب أنه
لا فرق بين كون الوقف على جهة أو جهتين، وفي المنهج: لزومها إذا اقتسموا بأنفسهم،
ومعلوم أن قسمة المهايأة التي يقول بها جمهور الفقهاء إنما تكون إذا كانت على قوم
أو جماعة معينين.1 انتهى.
1(المكتبة القانونية القضائية في
المملكة العربية السعودية0https://www.facebook.com/pages/category/Personal-Blog/المكتبة-القانونية-القضائية-101277588141822)
المحور الثالث
الموقف القانوني من قسمة أموال
الوقف
وفيه تفصيل نوجزه في عدة أوجه
الوجه الأول : مدى جواز قسمة أموال الوقف بين ورثة المستأجر من الوقف:
من المقرر شرعا وقانونا ان مالك الرقبة للوقف هو الله تعالى وان الوقف حق
لله الى ان يرث الله الارض ومن عليها حسبما يرد في عبارات الواقفين في وقفياتهم,
وبما ان الله تعالى هو المالك للوقف وهو مالك الملك فلا بد من ادارة للأشراف على
هذه الاوقاف وهذا ما تقوم به الجهة المختصة قانونا وهي وزارة الاوقاف التي تقوم
بالإشراف على استغلال الاوقاف وقبض عائداتها وصرفها في المصارف التي حددها
الواقفون, ومن ضمن اوجه الاستغلال لأموال الوقف تقوم وزارة الاوقاف بتأجير اموال
الوقف للمواطنين بموجب عقود ايجار تحدد حقوق وواجبات المستأجر من الاوقاف, ولذلك
فان حق المستأجر من الوقف قاصر على الانتفاع
بالعين المؤجرة في الغرض المتفق عليه كالسكن وغيره, ولذلك لا يدخل الوقف
ضمن تركة المستأجر من الوقف فلا تجوز قسمته بين الورثة الا معايشة حسبما حدد
القانون فقد نصت المادة (38) من لائحة تأجير الوقف على انه (اذا مات المستأجر او
المنتفع فلا يجوز لورثته قسمة الاوقاف
المؤجرة له الا معايشة (الحقوق والمنافع) ويجب عليهم قبل اجراء القسمة الرجوع الى
متولي الوقف المختص للاذن لهم بذلك رسميا بعد التأكد مما يأتي 1- من حالة العين
الموقوفة وهل تقبل القسمة لمعايشة بدون ضرر على الوقف 2- التأكد من توفر مصلحة
للوقف ومراعاة شروط الواقفين . 3- التزام الورثة بتقديم ما يثبت انحصار وراثتهم
والتزامهم بتجديد العقد وتقديم الضمانات الكفيلة بالوفاء بالمحافظة على العين
وتسديد مستحقات الوقف كل عن حصته المحددة والتي يجب ان ينص عليها العقد) ومن خلال
استقراء هذا النص نجد انه قد قرر ان الاصل عدم جواز قسمة الوقف واستثناء من هذا
الاصل فقد اجاز النص قسمة منافع الوقف او منفعة الوقف بشروط ملزمة حسبما ورد في
النص .
الوجه الثاني : الحكمة من منع قسمة الوقف :
ان الحكمة من منع قسمة الوقف ان مجرد القسمة وتراضي الورثة على قسمة الشي
يعني انهم قد تعاقدوا فيما بينهم على تقسيم تركة والدهم وان كل قسم او فرز قد ال اليهم أي ان القسم او
النصيب قد صار من الحق الخاص بكل وارث
يتصرف به كيفما يشاء وفي أي وقت يشاء.
كما انه عندما تتم قسمة تركة الميت تجمع وتحصر امواله كلها وقفا وحرا دقيقها وجليلها حيث تقسم بين الورثة
وعندئذ يختلط الحر بالوقف فيضيع الوقف, وبالفعل فقد ضاعت اوقاف كثيرة بسبب القسمة
من جيل الى جيل حتى ضاعت الاوقاف وضاعت شهرتها بانها من الوقف .
الوجه الثالث : اجراءات قسمة منفعة الوقف :
سبق القول ان القانون قد اجاز \على سبيل الاستثناء قسمة منفعة الوقف بضوابط
وشروط معينة تضمنتها المادة (38) من لائحة تأجير الاوقاف السابق ذكرها في الوجه
الاول, ويمكن تلخيص هذه الشروط والضوابط على النحو الاتي :
استخراج حكم انحصار ورثة المتوفي المستأجر من الاوقاف : قررت المادة (38)
من اللائحة المشار اليها وجوب استخراج هذا الحكم, ووثيقة انحصار الوراثة من ضمن
المستندات الواجب تقديمها الى الاوقاف للحصول على الاذن الرسمي بقسمة منفعة الوقف,
والغرض من هذه الوثيقة ان تتأكد وزارة الاوقاف ان الوثيقة المشار اليها قد تضمنت
كل ورثة المستأجر من الاوقاف وانه ليس هناك ورثة
اخرون قد يطالبوا الاوقاف باية التزامات او تبعات مترتبة على عقد الايجار
المبرم فيما بين مورثهم المستأجر والاوقاف التي اجرته مثلما حصل في القضية التي
تناولها الحكم محل تعليقنا, وحتى لا تكون قسمة منفعة الوقف مثار الخلاف بين اقرباء المستأجرين فيتعطل بسبب
ذلك الانتفاع بالعين او تتعطل العين الموقوفة وبذلك يحصل الضرر للوقف .
الاذن الرسمي بالقسمة من قبل وزارة الاوقاف : وهو اهم الشروط بل ان الشروط الاخرى ماهي الا
متطلبات للحصول على هذا الاذن فالأوقاف لا تصدر الاذن الا اذا تحققت الشروط الاخرى
. وقد اشترطت الاذن بأجراء قسمة منفعة الوقف المادة (38) من لائحة الاوقاف ,
واشترطت ان يكون هذا الاذن رسميا وذلك يعني
ان يكون مكتوبا في ورقة رسمية وعليها توقيع الموظف المختص قانونا وختم
الجهة المعنية بالأوقاف, لان الاذن الرسمي يجب ان يكون صادرا من الموظف المختص
قانونا وبالورقة الرسمية التي عليها شعار الدولة وختم الجهة المعنية , وبناء على
ذلك فلا مجال لقبول الموافقة الشفوية ولو كانت ثابتة بالشهادة وكذلك لا مجال لقبول
الاذن الصادر من غير الاوقاف ولو كانت الجهة التي وافقت او اذنت جهة رسمية كهيئة
الاراضي, والغرض من الاذن هو ان تتأكد وزارة الاوقاف من توفر الشروط الاخرى للاذن
.
ان تكون القسمة قسمة منفعة وان تكون عين الوقف المطلوب قسمتها قابلة لقسمة
الانتفاع من غير ضرر بالوقف : وقد اشترط اللائحة ذلك حسبما ورد في المادة (38)
السابق ذكرها حيث اشترطت صراحة ان تكون القسمة قسمة منفعة او قسمة معايشة أي ان
يكون غرض المقاسم من القسمة هو انتفاعه بنفسه بجزء من العين فلا يكون قصده من ذلك
البيع للعين او التنازل عنها او التصرف فيها على نحو يخالف ما تم الاتفاق عليه
فيما بين المورث والاوقاف وفي هذا الشأن يشترط ايضا ان تكون العين المطلوب قسمة
منفعتها قابل لقسمة منفعتها كان تكون ارض زراعية واسعة قابلة لانفصال الورثة في
الانتفاع بها كمستأجرين من الاوقاف كل القسم الذي صار له او تكون دار قائمة على
ارض الوقف مكونة من شقق وطوابق تسمح لكل واحد من الورثة بان يستأجر من الاوقاف
طابق او شقة وهكذا, كما يشترط ان لا يترتب على القسمة ان يلحق الضرر بالوقف , وذلك
يعني ان لا يترتب على القسمة انقاص القيمة الإيجارية او بقاء اجزاء غير قابلة
للإيجار او يترتب عليها تجديد ايجار كان قد اوشك على الانتهاء, او اثقال العين
المراد قسمة منفعتها بالتزامات واعباء.
توفر مصلحة الوقف : وقد ورد هذا الشرط ضمن المادة (38) من اللائحة السابق
ذكرها, وتتوفر المصلحة بإقرار الورثة بالمحافظة على العين وعلى الاجزاء القابلة
للقسمة والتي ستؤول اليهم بموجب قسمة المنافع وكذا تتحقق منفعة الوقف ايضا بزيادة
القيمة الإيجارية كما تتحقق بقيام الورثة المقتسمين لمنفعة العين
بتحسينها واضافة تحسينات واصلاحات فيها وغير ذلك .
مراعاة شروط الواقفين : فكل عين موقوفة ومؤجرة من قبل وزارة الاوقاف لها
واقف حدد شروط العين الموقوفة فقد يكون الواقف قد حدد وجه الانتفاع بالعين وطريقة
دفع الغلول.....ولا شك انه يجب مراعاة شروط الواقف عملا بقاعدة (شرط الواقف كشرط
الشارع) .
التزام الورثة بتجديد عقد الايجار : فتقسيم منفعة العين الموقوفة على
الورثة يعني تعدد التزامات الورثة, فلم يعد المستأجر واحدا كما كان الحال في حياة
المورث, ولذلك فقد صار كل وارث بمثابة مستأجر جديد من الاوقاف .لذلك يجب ان يتحقق
فيه وصف المستأجر ولا يتحقق هذا الوصف والصفة الا بان يقوم كل واحد من الورثة
بإبرام عقد ايجار واحد فيما بين الورثة جميعا وبين وزارة الاوقاف حيث تتضمن ديباجة العقد أسماء
الورثة وصفاتهم كطرف واحد والاوقاف طرف وذلك اذا كانت العين الموقوفة كاملة ينتفع
بها كل الورثة واذا كانت العين قابلة للقسمة والانفصال فيجب ان يقوم كل وارث
بإبرام عقد ايجار بالجزء او القسم الذي ال اليه بموجب قسمة المنافع, وابرام عقود
ايجار جديدة فيما بين الورثة والاوقاف له اهمية بالغة في اقرار الورثة بانهم مجرد
مستأجرين وليسوا ملاك للعين وذلك يحافظ على الوقف من العبث والضياع, واذا كانت
القسمة بفصل اجزاء العين الى اقسام تسلم للورثة فلا يتم ابرام العقد الا بعد تمام القسمة .
تقديم الورثة للضمانات المطلوبة للمحافظة على العين وسداد الايجارات
للأوقاف : وزارة الاوقاف مؤتمنة على نظارة الاوقاف العامة والاشراف عليها
ومتابعتها والمحافظة عليها حسبما قرر الحكم محل تعليقنا, وفي حالات كثيرة تضطر
وزارة الاوقاف الى تكليف المستأجرين للوقف بان يقدموا لوزارة الاوقاف الضمانات
الشخصية والمالية المناسبة للوفاء بالإيجارات والغلول المستحقة للأوقاف والمحافظة
على العين الموقوفة وتطلب الاوقاف هذه الضمانات عندما تتعاقد مع اشخاص غير معروفين
او مجهولين, والورثة المقتسمون للمنفعة هم حديثو عهد بالتعامل مع الاوقاف ولذلك من
حق الاوقاف ان تطلب تقديم الضمانات المناسبة والكافية للمحافظة على العين او
الاجزاء التي الت الى كل واحد منهم وان يسدد الايجارات او الغلول في المواعيد المتفق
عليها .
يجب ان يكون عنوان وثيقة القسمة هو (قسمة منافع العين الموقوفة المؤجرة
لمورثنا) كما يجب ان تتضمن هذه الوثيقة التصريح بان القسمة ماهي الا لمنفعة العين
الموقوفة التي استأجرها المورث من وزارة الاوقاف ناظرة الوقف العام وان الورثة
مقرون ومعترفون بان العين ملك لله سبحانه وتعالى وان المتولي للعين الموقوفة
المؤجرة هو وزارة الاوقاف, وكذا يجب ان تتضمن وثيقة القسمة التقرير بانه لا يحق
لأي من الورثة التصرف فيما ال اليه من العين الموقوفة المؤجرة لمورثهم الا بأذن
وزارة الاوقاف, 2
2.د. عبد المؤمن شجاع الدين قسمة
منفعة الوقف بحث منشور
بمدونته الشخصية بتاريخ 1\6\2021
اخيرا كيفيه تقسيم أموال
الوقف بين الذكور والإناث
استقر
القضاء اليمني منذ1999م، على مبدأ عام وموجز هذا المبدأ حسبما استخلصته المحكمة
العليا في أحد أحكامها هو أن (الوقف الذري الخاص يكون استحقاق الذكر والأنثى فيه
على السواء ).
هذا المبدأ الذي أرساه هذا الحكم يوافق المادة
(23) من الدستور التي تنص على أن (حق الإرث مكفول طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية
ويصدر به قانون) وكذا المادة (31) من الدستور التي تنص على أن (النساء شقائق
الرجال ولهن من الحقوق وعليهن من الواجبات ما تكفله وتوجبه الشريعة وينص عليه
القانون) فضلاً عن أن المبدأ أو القاعدة المشار إليها التي أرساها هذا الحكم توافق
الاتفاقيات الدولية التي توجب المساواة بين الرجال والنساء.3
3)من صفحة المستشار
الٌقانوني علي المحمدي على face book )
إعداد: حمدان السامعي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق