الجرائم البنكية
مقدمـــــــــة
تعتبر البنوك إحدى اهم
الدعامات التي يقوم عليها الإقتصاد، فهي تلعب دورا كبيرا في تجميع الاموال من
المدخرين ووضعها رهن إشارة الإستثمارات الداخلية والخارجية، وهذا الدور الكبير
الذي تلعبه البنوك في تجميع الأموال جعلها منذ القدم الأكثر إستهدافا من طرف
المجرمين ومحل طمع من قبل الكثيرين، وفي مقابل ذلك ونتيجة لدورها في الإقتصاد
الوطني اولاها المشرع عناية خاصة من خلال تنظيم آليات عملها بشكل قانوني محكم ووضع
القواعد القانونية الزجرية التي تجرم وتعاقب على المساس بها.
إلا انه رغم ذلك فإن التطورات
التي يشهدها العصر الحالي برهنت على ان النصوص القانونية وبالخصوص منها الجنائية
والتي تحكم الجرائم البنكية يجب ان تكون محل تحيين متواصل، وأن تجدد باستمرار
نتيجة تطور وسائل الجريمة البنكية وتعقدها في بعض الاحيان.
وبالإطلاع على القواعد
القانونية الحاكمة للجرائم البنكية، فإن أول ما يلاحظ هو تشتتها بين القانون
البنكي والقانون الجنائي، بل إنه في بعض الأحيان قد لا توجد نصوص خاصة تحكم
الجرائم البنكية الأمر الذي يدفع إلى اللجوء للقواعد الجنائية العامة.
وبالرجوع للقانون البنكي
المغربي يلاحظ أن الجرائم البنكية الواردة فيه يمكن تصنيفها إلى أربعة جرائم
رئيسية:
- مخالفة تعليمات البنك
المركزي
- القيام ببعض الأعمال
المحضورة
- النكول عن تقديم بيانات للبنك المركزي
- إفشاء السر المهني.
وبالتالي فإن الجريمة التي لا
تدخل ضمن هذه الانواع الأربعة يرجع بشأنها إلى قواعد القانون الجنائي، غير ان عدم
مواكبة القانون الجنائي المغربي للتطورات في ميدان الجريمة أدى إلى بقاء بعض
الجرائم خارج ميدان التجريم الشيء الذي دفعنا إلى الإستعانة بالتشريعات المقارنة
للبحث عن أساس تجريم تلك الأفعال.
ونتيجة لتنوع الجرائم البنكية
وتعدد تقسيماتها من جرائم مرتكبة من طرف المسيرين، وجرائم مرتكبة من طرف الموظفين
ومن البنك كشخص معنوي، وجرائم ماسة بالأشخاص، وجرائم ماسة بالإقتصاد الوطني...إلخ،
فقد إرتأينا وضع تصميم يجمع بين ثناياه عرضا لأغلب الجرائم البنكية، مع التعرض
لمناذج لهذه الجرائم سواء تلك الواردة في القانون البنكي، وتلك الواردة في القانون
الجنائي، أو حتى تلك الغير منصوص عليها ضمن نصوص القواعد الجنائية المغربية، لكل
هذا فقد إرتاينا أن نتسم العرض كالأتي:
المبحث الأول:
الجرائم البنكية المرتكبة ضد الأشخاص.
المبحث الثاني:
الجرائم البنكية الماسة بالإقتصاد الوطني.
المبحث الأول: الجرائم البنكية المرتكبة ضد الأشخاص
إن الجرائم التي يمكن يرتكبها
موظفي البنك لا تقتصر على تلك الماسة بالأشخاص الطبيعين بل يمكن ان تمس تلك
الجرائم بالأشخاص المعنوية التجارية منها وغير التجارية، كما ان تلك الجرائم كما
يمكن أن ترتكب في مواجهة أشخاص القانون الخاص يمكن أن تكون واقعة على أشخاص القانون العام، وذلك كله
نتيجة الموقع المتميز الذي تحله البنوك في النسيج الإقتصادي والدور الكبير الذي
تقوم به في حفظ المال العام والخاص على السواء[1].
لكل ذلك وحتى نستطيع الإلمام
بالقواعد الجنائية المنظمة للجرائم البنكية بشكل كافي كان لا بد لنا في
البدايةتحديد صفة موظفي البنك، على إعتبار ان تحديد تلك الصفة يؤدي إلى معرفة
القواعد الجنائية المطبقة عليهم، وكذلك وجب علينا دراسة الجرائم المرتكبة من طرف
هؤلاء الموظفين والتي نص عاقب عليها المشرع المغربي في النصوص العامة للقانون
الجنائي (المطلب الاول) وذلك قبل التطرق لأهم نماذج الجرائم البكية المرتبة ضد
الأشخاص والتي عاقب عليها المشرع بمقتضى النصوص الواردة في القانون البنكي وهي
جريمة إفشاء السر المهني (المطلب الثاني).
المطلب الأول:طبيعة الجرائم البنكية ضد الأشخاص
إرتأينا أن نقوم في هذا المطلب مدى
كفاية الحماية الجنائية التي أولاها المشرع لأموال العملاء (الفقرة الثانية)، لكن
قبل ذلك إرتأنيا البحث في صفة موظفي البنوك حتى نستطيع معرفة نوعيى الجرائم التي
يمكن ان ترتكب من طرفهم ونوعية العقوبات المطبقة على تلك الجرائم(الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى:
صفة
موظفي البنك
تنقسم البنوك إلى بنوك تابعة
للقطاع العام وأخرى تابعة للقطاع الخاص، ولا خلاف في أن موظفي النوع الأول من
البنوك يعتبرون موظفون عموميون وبالتالي تطبق عليهم القواعد الخاصة بالوظيفة
العمومية وهم محكومون بمقتضى القواعد القانونية للجرائم الخاصة بهم، إلا انه يطرح
التساؤل بالنسبة لموظفي النوع الثاني من البنوك؟
للإجابة عن هذا التساؤل فإنه يجب
علينا بداية تعريف الموظف العمومي، فتعريف هذا الأخير يتنازعه مفهومان أحدهما مضيق
ويتعلق بمفهوم الموظف العمومي طبقا للقانون الإداري[2]،
والثاني موسع وهو الذي يتعلق بمفهوم الموظف العمومي في القانون الجنائي.
فالموظف العمومي طبقا للفصل 224 من
القانون الجنائي المغربي هو "....كل شخص كيفما كانت صفته يعهد إليه في حدود
معينة بماشرة وظيفة أو مهمة ولو مؤقتة بأجر او بدون اجروساهم بذلك في خدمة الدولة
أو المصالح العمومية أو الهيئات البلدية أو المؤسسات العمومية أو مصلحة ذات نفع
عام، وتراعى صفة الموظف في وقت إرتكاب الجريمة ومع ذلك فإن هذه الصفة تعتبر باقية
له بعد إنتهاء خدمته إذا كانت هي التي سهلت له إرتكاب الجريمة أو مكنته من
تنفيذها"
يستفاد من هذا النص ان
موظفي الابناك الخاضعة للقطاع العام يعتبرون موظفون عموميون فعليا، أما موظفي
أبناك القطاع الخاص فإن المشرع إعتبرهم بمثابة موظفين عموميون حكما وهو ما يمكن
إستفادته من عبارة"....أو مصلحة ذات نفع عام...".
وبالتالي اعتبر المشرع أن من يمارس عملا تابعا في المؤسسات الخاصة والتي من
الممكن ان يكيف نشاطها بأنه نشاط ذو نفع عام موظفا عموميا، على الرغم من خضوع تلك
المؤسسات والتي يعملون بها سواء من حيث نشاطها او من حيث علاقتها بمستخدميها
لأحكام القانون الخاص، لذلك فإن القاضي الجنائي وهو يبحث عن مفهوم الموظف العمومي
عليه ان يرجع لمقتضيات الفصل 224 من القانون الجنائي والاخذ بالمفهوم الواسع
للموظف العمومي[3]، وبالتالي تطبيق
القواعد الجنائية الخاصة بالجرائم التي يرتكبها الموظف العمومي على جرائم موظفي
بنوك القطاع الخاص.
الفقرة الثانية: الجرائم
المرتكبة من طرف موظفي البنك
لم ترد نصوص خاصة في القانون
الجنائي لحماية أموال البنوك، وأنما تمتد الحماية الواردة في نصوص القانون الجنائي
المغربي إلى تلك الاموال، وفي هذا الصدد لا بد من الإشارة إلى انه طبقا لقواعد
القانون الجنائي المغربي فإن الموظف العمومي المرتكب لجريمة ضد المال العام يعاقب
بنفس العقوبة على إرتكابه تلك الجريمة ضد المال الخاص.
فعلى سبيل المثال نص الفصل 241 من
القانون الجنائي المغربي على انه " يعاقب بالسجن من 5 ألى 20 سنة وبغرامة من
خمسة آلاف إلى مائة الف درهم كل قاض او موظف عمومي بدد او إختلس أو إحتجز بدون حق
أو اخفى أموالا عامة أو خاصة أو سندات ......"
ومما يلاحظ من هذا الفصل ان المشرع
المغربي ساوى بين المال اعام والخص بصدد معاقبة الموظف العمومي المرتكب لجريمة
الإختلاس، على عكس ما فعل المشرع المصري والذي ميز في المعاملة بين الموظف المختلس
للأموال العامة وذلك الذي يختلس اموالا خاصة، حيث عاقب الاول بعقوبة الاشغال
الشاقة المؤقتة بمقتضى المادة 112 من قانون العقوبات، بينما عاقب الثاني بعقوبة
الحبس لمدة لا تزيد عن 5 سنوات بمقتضى المادة 113 مكرر من قانون العقوبات[4].
ومن خلال إستقرائنا لموقف كل من
التشريعين المغربي والمصري يمكن القول ان موقف المشرع المغربي اجدر بالتاييد على
إعتبار ان الاموال المودعة لدى البنوك سواء كانت عامة او خاصة يجب ان تحضى بنفس
الرعاية القانونية لما تلعبه من دور في تنمية الإقتصاد الوطني وتمويل المشروعات
المختلفة، والقول بغير ذلك يؤدي إلى عزوف جمهور المتعاملين مع البنوك عن التعامل
مع البنوك الخاصة والقضاء بالتالي على على قطاع حيوي من قطاعات الإقتصاد الوطني.
وبعد قيامنا بالتطرق بشكل مقتضب
لبعض القواعد العامة الواردة في القانون الجنائي المغربي والتي تهتم بوضع القواعد
الخاصة ببعض الجرائم البنكية المرتكبة من طرف موظفي البنك، فإننا إرتأينا القيام
بمحاولة لدراسة إفشاء السر المهني والذي يعتبر اهم الجرائم البنكية الماسة
بالأشخاص والواردة ضمن نصوص القانون البنكي كنموذج للجرائم البنكي التي نص عليها
التشريع المصرفي.
المطلب الثاني : جريمةافشاء السر المهني كنموذج
تتطلب دراستنا في هذا
المطلب مناقشة ماهية السر المهني في الفقرة الاولى ثم ننتقل الى الحديث عن المسؤولية
الجنائية الناتجة عن افشاء السر المهني و ذلك في الفقرة الثانية.
الفقرة الاولي: ماهية السر المهني
تتمتع البنوك بثقة المتعاملين معها نظرا للخدمات التي تقدمها للعملاء، و
للحفاظ على هذه الثقة يجب على البنك الحفاظ على اسرار عملائه من اجل عدم الاضرار
بمصالحهم، و كذلك بمصالح المجتمع كاملا، و بالتالى اصبحت المحافظة على هذه الاسرار
تشكل وظيفة اساسية للبنك يجب تأديتها بكل أمانة و مصداقية.
و في إطار ماهية السر
المهني لابد لنا أن نتطرق الى مفهومه و مضمونه و ذلك كنقطة أولى ثم الى أطرافه و
الاستثناءت الواردة على عدم افشاءه كنقطة ثانية.
أولا : مفهوم السر
المهني و مضمونه
لقد عرف بعض الفقه السر على
انه: ً كل أمر او واقعة تصل الى علم البنك سواء بمناسبة ممارسة نشاطه او بسبب هذا
النشاط و سواء إئتمنه الزبون بنفسه عليه أو وصل الى البنك عن طريق الغير، و يكون
للزبون مصلحة في كثمانه، و بمعنى أن تكون المعلومات المعطاة من البنك عن زبونه مما
يطمئن المستعلم1 عن مركزه المالي او ما من شأنها التخويف من التعامل معه او كسب و تقوية
الثقة فيه2 و قد عرفه البعض الآخر على انه: ً التزام يقع على عاتق البنوك و
مستخذمهم بحفظ اسرار زبنائهم، فهو التزام قانوني تتحمله البنوك، و هو التزام سلبي
لأن قوامه الامتناع عن القيام بشئ ما، و هو افشاء الاسرار المهنية ً3.
1- الاستعلام: ً هو طلب المعلومات عن شخص ملين من مصادر مختلفة،
أهمها الجهات التي يتعامل معهاً تعريف لأحمد يدوي، جريمة افشاء الاسرار و الحماية
الجنائية لعثمان المصرفي، مطبعة سعد سمك سنة 1999- صفحة 117.
2- مولاي البشير الشرفي- المسؤولية الناتجة عن خرق
الالتزام بالسر المهني في القانون البنكي المغربي- مجلة القانون المغربي- العدد1-
سنة 2002- الصفحة 21.
3- مولاي البشير- مرجع سابق- صفحة 38.
3- مولاي البشير- مرجع سابق- صفحة 38.
و في إطار
تحديد مضمون السر المهني يمكن لنا دراسته إنطلاقا من محل و مدة الالتزام بالسر
المهني. فمحل الالتزام به يكون بمثابة الاجابة عن التساؤل حول ماهية الاسرار التي
يجب على البنك الا يفضي بها؟
فالاسرار
التي يجب الاحتفاظ بها تكون مباشرة او غير مباشرة فهذه الاخيرة تصل الى علم البنك
من طرف الغير إلا أن الاولى فهي تصل الى علمه من الزبون نفسه و يذخل ضمنها: حسابات
العملاء، و ودائعهم و أمانائهم و خزائنهم و غير ذلك من المعلومات المتعلقة
بالزبون.
و
بالنظر الى المشرع المغربي نجد أنه لم يقم بتحديد مضمون السر المهني بل تركه الى
الفقه الذي اتجه إلى الأخد بنظامين مختلفين و هما: نظاما التعداد و التفرقة1.
أما
بخصوص مدة الالتزام بالسر المهني فيمكن النظر إليها إنطلاقا من زاويتين و ذلك في
إطار علاقة الموظفين2 و علاقتهم بالبنك نفسه، و بالنسبة للأولى يكون الموظف ملزم بالاحتفاظ بالسر بصفة مستمرة
حتى بعد قفل حسابه و انهاء علاقة الزبون مع البنك، أما بالنسبة للعلاقة الثانية
فان الموظفين ملزمون بحفظ الاسرار التىأطلعوا عليها بمناسبة عملهم. و هذا التزام
يبقى و لو انتهت العلاقة التي تربطهم بالبنك.
إنطلااقا
مما سبق نجد أنه يجب على البنك الاحتفاظ بالسر المهني و لا يمكنه إفشاءه لأي سبب
من الاسباب و يرد على هذه القاعدة بعض الاستتناءات و هو ما سنقوم بتناوله في
النقطة الموالية.
ثانيا : أطراف السر المهني و
الإستثناءات التي تتبع إفشاءه
بقرائتنا
للمادة 107 من القانون البنكي نجد أنها قد اشتملت على الاشخاص الذين يجب عليهم
الالتزام بالسرية داخل المؤسسة البنكية و على الاشخاص الذين يلتزمون به خارجها.
1_ نظامي التعداد و التفرقة: نظام التعداد هو نظام يعتمد
على جمع مفصل للوقائع و المعلومات التي لا يمكن أن تعتبر سرا و وضع لائحة تتعلق
بوضعية الحساب و حركاته و قد تبناه الفقه الألماني، أما نظام التفرقة فهو يقوم على
معيارين معيار موضوعي يرتكز على تحديد الوقائع الخاضعة تحت غطاء السرية. و معيار
شخصي يعتمد على إرادة الزبون في إبقاء بعض الأمور و تتضح لنا عند الأخذ بهاذين
النظامين أنهما يكملان بعضهما البعض بحيث لا يمكن أخذ احدهما دون الآخر.
2-و هم الرؤساء و أعضاء مجلس الإدارة و الرقابة و المدراء و المستخدمين سواء كانوا دائمين أو مؤقتين.
2-و هم الرؤساء و أعضاء مجلس الإدارة و الرقابة و المدراء و المستخدمين سواء كانوا دائمين أو مؤقتين.
فالأشخاص الملتزمين داخل المؤسسة البنكية يمكن
تعدادهم على الشكل التالي:
-
الرؤساء و
أعضاء مجلس الإدارة و الرقابة: فهم يطلعون على أسرار الزبناء سواء من أجل تدبير
شؤون المؤسسة أو من أجل حساب الخسائر و الأرباح و في إطار هذه السلطات الواسعة
التي يتوفر عليها فهم ملزمون بالمحافظة على أسرار الزبناء أكثر من غيرهم.
-
المدراء:
بالنظر إلى طبيعة العمل المكلفين به نجد أنهم على اتصال دائم و مباشر بالزبناء لدى
فهم على إطلاع بما يقوم به الزبناء من عمليات و صفقات1.
و هناك أشخاص
يعملون خارج البنك لكن بحكم طبيعة وظيفتهم يطلعون على اسرار العديد من الزبناء
داخل المؤسسة و هم:
- أعضاء المجلس الوطني للعملة و
الادخار: بالرجوع الى المادة 16 من القانون البنكي نجد انطلاقا من
الاختصاصات الموكولة إليه يتمكن من معرفة جميع اسرار او معظمها المتعلقة بالبنك
التي تدخل في منح الئتمان للزبناء.
- أعضاء لجنة مؤسسات الائتمان2:
المادة 20 القانون البنكي تحدد اختصاصات هذه اللجنة حيث أن المشرع يعطي لها هامشا
كبيرا للاطلاع على اسرار كثيرة بحكم ابداء رأيها في العديد من المسائل المتعلقة
بنشاط المؤسسة البنكية.
- أعضاء اللجنة التأديبية3:
يتجلى دور هذه اللجنة في بحث الملفات التأديبية و إقتراح العقوبات التي يمكن أن
يصدرها وزير المالية او بنك المغرب، إذ لا يمكن لها أن تقوم بمهمتها دون الاطلاع
على الاسرار المتعلقة بالمؤسسات البنكية.
-
المجموعة المهنية لبنوك المغرب: إستنادا الى المادة 103 من القانون البنكي. فان المجموعة المهنية لبنوك
المغرب تعتبر همزة وصل بين مؤسسات و السلطات النقدية، و بطبيعة هذا العمل فإن تطلع
على أسرار متعلقة بالمؤسسات البنكية.
انطلاقا
من كل ما رأينا نجد أن كل هؤلاء الاشخاص
ملتزمون بكثمان السر المهني انطلاقا من طبيعة المهام الموكولة إليهم و إذا كانت
هذه هي القاعدة فهناك بعض الحالات الإستثنائية اباحت إفشاء هذا السر ومنها:
1-د.محمد لفروجي. القانون البنكي و حماية حقوق
الزبناء- أطروحة لنيل دكتوراه في القانون الخاص (الجزء الأول)- جامعة الحسن
الثاني- الدار البيضاء 1996، ص 103.
2- الظهير الشريف رقم 1-92-1 الصادر في
تاريخه 6 ذي الحجة 1413، الجريدة الرسمية، عدد 4210- سنة 1993.
8- مولاي البشير الشرفي – مرجع سابق- ص 56.
v إفشاء
السر بناءا على نص قانوني:
هناك العديد من الحالات التي نص القانون على وجوب إفشاء السر المهني فيها و
ذلك من أجل المحافظة على المصلحة العامة و كذلك استمرار في عمل العديد من المؤسسات
و الادارات بشكلها الفعال دون أي عائق، ومن بين هذه الحالات:
-
صدور حكم قضائي اومحكمين.
-
الافشاء بناءا على النصوص المتعلقة بالمسائل
الضربية.
-
الافشاء في حالة الاقرار بما في
الذمة(الحجز)1.
v إفشاء
السر بناءا على موافقة صاحب السر:
السر هو ً ما يطلب المودع له أن يحافظ عليه فإدارة صاحب السر هي التي تحدد
صفته ً بما أن كتمان السر المهني يكون بناءا على ارادة الزبون فله الحق في التنازل
عليه و ذلك يكون في الحالات التالية:
-
إذن العميل و رضاه.
-
إذن ورثة العميل الموصى لهم بكل او بعض
الاموال.
-
إذن النائب القانوني للشخص المعنوي.
v
إفشاء السر بناءا على مصلحة البنك:
كإستثناء على مبدأ السر المهني يمكن للبنك إفشاء السر و ذلك من أجل الحفاظ
على مصلحته، و هذا يكون في حالتين:
-
الافشاء في حالة وجود نزاع بين البنك و
العميل.
-
الافشاء كطلب المستفيد من النك.
الفقرة الثانية : المسؤولية الجنائية الناشئة عن إفشاء السر المهني
الالتزام بالسر المهني في
القانون البنكي ضروري لاعتباره وسيلة فعالة في حماية حقوق الزبناء ضد اي معتد
محتمل، و من أجل الزيادة في هذه الحماية هذه الحقوق عمدت غالبية التشريعات
على حماية هذا الفعل،و فرض عقوبات على كل من يقوم بإفشائه، و من بين هذه التشريعات
التشريع المغربي حسب المادة 107 من القانون البنكي و التي احالتها الى الفصل 446
من القانون الجنائي.
1- ذ سميحة القيلوبي- الاسس القانونية
لعمليات البنوك التجارية- مكتبة عين شمس القاهرة، ص 225.
عند التمعن في الفصل 446 من القانون
الجنائي1نجد أنه لتحقق جنحة الافشاء يجب أن يتم الافشاء و أن يكون هناك
قصد جنائي من وراء إفشاء السر المهني و في حالة تحقق هذين الركنين نكون أمام جريمة لابد من العقاب عليه و لقد جاء
النص صريحا حيث تم التنصيص على عقوبتين و هما الحبس و الغرامة و هذا هو جزاء هذه
الجريمة.
في دراستنا لهذه الفقرة سوف
نقوم بمناقشة اركان جنحة: إفشاء السر المهني و ذلك كنقطة اولى ثم ننتقل الى النقطة
الثانية حيث سنتطرق الى الاجراءات جريمة إفشاء السر المهني.
أولا : أركان جريمة
إفشاء بالسر المهني
تعتبر جريمة إفشاء السر
المهني من الجرائم ذوي الصفة الشخصية فلا يعتد بارتكابها من اي شخص بل يجب حدوثها من قبل شخص ذو صفة
معنية2و هذا بديهي لأننا أمام نوع خاص من الجرائم و هي جرائم بنكية.
لتحقيق جريمة الافشاء لابد
من أن يتم افشاء السر المهني و هذا هو الركن المادي و يجب أن يكون هناك قصد جنائي
و هذا هو الركن المعنوي.
فيما يتعلق بالركن المادي و هو أن يتم إفشاء السر المهني و هذا ما يطرح
لدينا تساؤل عن ماهية الافشاء و طرقه؟ الافشاء هو الانتشار و منه افشاء الاسرار
حيث يقصد به كشف الاسرار3 و اطلاع الغير عليها، اذ
الجريمة تتحقق و لو كانت الواقعة التي تم افشاءها معروفة ذلك لان هذا الإفشاء يضفي
على الواقعة تأكيدا لم يكن لها من قبل. أما فيما يتعلق بالجزء الثاني من التساؤل و
هو طرق افشاء السر المهني إذ نجد أن القانون الجنائي و ذلك في الفصل 446 منه لم
يشترط وسيلة معينة من وسائل الافشاء إذ أن الجريمة تتحقق بكل الوسائل سواء عن طريق
الكتابة او المحادثة الشفوية او عن طريق الهاتف او الفاكس او المراسلة و سواء بناء
على طلب او بغير طلب و حتى و لو علم به شخص واحد. و اثبات هذه الوسائل يتم على
عائق سلطة الاتهام. فهي تثبته بجميع طرق الاثبات.
1- ينص الفصل 446 على انه ً الأطباء و
الجراحين و ملاحظو الصحة و كذا الصيادلة و المولدات، و كل شخص يعتبر من الأمناء
على الأسرار بحكم مهنتهم أو ويفته الدائمة أو المؤقتة إذا أفشى سرا أو أودع لديه،
و ذلك في غير الأحوال التي يجيز له فيها القانون أو يوجب عليه فيها التبليغ عنه،
يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة اشهر و غرامة مالية من 120 إلى 1000 درهم ......ً
2_-أسامة أبو صلام، مسؤولية إفشاء السر
المهني في البنوك التجارية – بحث لنيل الإجازة في القانون الخاص- جامعة القاضي
عياض،مراكش،2003،ص،49.
3- نوفل الريحاني، السر المهني البنكي و
مسؤولية البنوك- دراسة و مقارنة- رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون
الخاص، جامعة القاضي عياض، مراكش 1996، ص 146.
إلى جانب هذا الركن هناك ركن معنوي حيث اشترط المشرع أن يكون الافشاء صادر
عن قصد جنائي اي ان الافشاء يجب ان يكون عمديا. و يتحقق هذا العمد إذا انصرفت
إرادة الجاني إلى ارتكاب الجريمة بالشروط التي نص عليها القانون و لا عقاب على من
يفشي السرالمهني بالاهمال او عدم الاحتياط إذ ان هذا يطرح لنا تساؤل حول امكانية
تشبت الجاني بذلك ليبرء نفسه من هذه الجريمة؟
إذا
قام الجاني بإفشاء السر بشكل غير عمدي فإنه لا يعاقب عليه، و لكن هل يجب توفر
القصد الخاص في هذه الجريمة أم تكفي لتحققها القصد العام؟ فالقصد العام لهذه
الجريمة يتم عن طريق توجه الفاعل نحو إحداث النتيجة أي إفشاء سر الزبون، أما القصد
الخاص فهو أن تتوافر في الفاعل نية الإضرار بالزبون.
لقد
اختلفت الفقهاء و التشريعات بالا خد باحداهما دون الآخر إذ هناك من يؤخذ بالقصد
الخاص دون العام و هناك العكس بل هناك من التشريعات من ابتعدت إلى أكثر من هذا حيث
تنص على حدوث الجريمة و لو عن طريق الإهمال دون توفر القصدين.
النية
و القصد هما أساسا تحمل المسؤولية و لا عبرة للبواعث مطلقا في تحديد عدم
المسؤولية، لأنه لا يشكل عنصر من عناصر القصد الجنائي في جريمة إفشاء السر المهني
البنكي، و عند توفر هذين الركنين فإن المسؤولية تقع و يجب القيام بفرض العقوبة على
المسؤولين و إيقاع الجزاء عليهم.
ثانيا
: جزاءات جريمة إفشاء السر المهني
بطبيعة
الحال إذا توفرت أركان الجنحة فإن العقوبة لابد من أن تظهر من أجل معاقبة المسؤول
عن الإفشاء، و لكن قبل تطبيق هذه العقوبة يجب أن يصدر حكم قضائي بناءا على قيام
دعوى ضد المتهم فمن يقوم بتحريك الدعوى العمومية: هل هو صاحب المصلحة أي المتضرر
أم البناية العامة؟ و بالتالي الحكم على المتهم بالجزاء.
v
تحريك الدعوى
العمومية:
بالرجوع إلى القانون المغربي نجد أن تحريك الدعوى
يجب أن تصدر من صاحب الحق من اجل حماية حقه في الرجوع على البنك، و كذلك لأنها
مصلحة خاصة لا يمكن تقدير ما لحق بالزبون من ضرر بسبب الإفشاء إلا من خلاله هو.
بالنسبة
إلى القانون المقارن و خصوصا القانون السويسري نجد أن يحسم الأمر و لكن في المقابل
نجد أن المشرع اللبناني حدد وجوب صدور الشكاية من قبل الشخص المتضرر و لكي يبقى
محافظة على السرية البنكية.
v
الجزاء
الجنائي:
في القانون
المغربي جاء النص واضح حيث جعل عقوبة الحبس وجوبية بجواز غرامة مالية و هما: الحبس
من شهر إلى ستة أشهر و غرامة من 120 إلى 1000 درهم و بالتالي إلزام القاضي بالحكم
بهما معا دون أن يقوم على التفرقة بينهما و هذا عمل محمود عليه من أجل الحد من
الجرائم و التشديد عليها.
تتقادم الدعوى الجنحية كجريمة إفشاء السر المهني
كباقي الجنح بمرور 5 سنوات من يوم ارتكاب الفعل، و في الحالة التي يتكرر فيها
الإفشاء، فإن الأجل لا يسري إلا ابتداءا من آخر فعل إفشاء، و بالتالي فإن الدعوى
التي تحرك شكاية من الزبون لا تنتهي بتنازل هذا الأخير و استرداد شكا يته ما دامت
قد وضعت، فالدعوى الجنحية تتابع إلى حين البث في القضية بحكم له قوة الشئ المقضي
به.
المبحث
الثاني: الجرائم البنكية الماسة بالإقتصاد الوطني.
تعد الجرائم البنكية
الإقتصادية من أهم المشاكل الإجتماعية التي تصيب المجتمع على الإطلاق ما دام في
النفس البشرية نزوع إلى الكسب والإستفادة المادية وتتفاوت هذه المشكلة تبعا للنظام
الإقتصادي من حيث نموه وضموره، وقد حاولت التشريعات والفقهاء في شتى العصور على
إختلاف البيئات أن يجدوا حلا لهذه المشكلة للحد منها[5]،
وذلك بإصدار نصوص زجرية للحد من ظاهرة الإجرام الإقتصادي البنكي، والتي أصبحت تشكل
خطورة كبيرة إما على صحة المجتمع أو على الإقتصاد الوطني.
إن التطورات التقنية
والقانونية التي تعرفها المؤسسات المالية إن على المستوى الوطني أو على مستوى
الإرتباطات المالية والإقتصادية الدولية المذهلة جدا، كما أن ضخامة رؤوس أموالها
ومدى تحكمه في توجه الإقتصادات العالمية[6]،
وإتساع نمو المصارف المتعددة الجنسية ساهم في إزدياد نمو التجارة العالمية، فضلا
عما أصبح القطاع البنكي الخاص يلعبه من دور رائد في النسيج الإقتصادي الدولي بحكم
توسيع حقل المؤسسات البنكية وتنوع عملياتها تجاه الأشخاص الطبيعيين والمعنويين،
مما تولد عنه مفاهيم جديدة معقدة تماشيا مع ماهو متعارف عليه دوليا من نظم ساهمت
في تطويرها أجهزة المعلوميات الحديثة[7]،
وسنتطرق لماهية الجرائم الإقتصادية البنكية ( المطلب الأول)، ثم نبحث جريمة غسيل
الأموال «كنموذج» على الجرائم التي يمكن إقترافها عن طريق البنك ( المطلب الثاني).
المطلب الأول: ماهية الجرائم الإقتصادية البنكية.
إن الجريمة
الإقتصادية ظاهرة إجتماعية، عرفت مع تطور المجتمعات والحضارات البشرية، لكن
التطورات الإقتصادية التي يشهدها عالمنا المعاصر، جعلت هذه الجريمة تحتل مكانة
خطيرة وحساسة.
فمقياس قوة الدولة
في العصر الحاضر لم يعد يقتصر على القوة العسكرية، بل إن مكانة الدولة الحديثة
يرتبط إيما إرتباط بقوتها ومناعتها الإقتصادية ومدى قدرتها على التحكم في سياستها
الإقتصادية، وهكذا إزدادت أهمية القوانين والنصوص الإقتصادية الهادفة إلى حماية
الإقتصادات الوطنية، ورغبة منا في وضع الخطوط العريضة لهذا الموضوع سنناقش مفهوم
هذه الجريمة ودور القانون الجنائي والقوانين الخاصة في حماية الإقتصاد الوطني (
الفقرة الأولى)، لنتعرف بعد ذلك على الإتجاهات الجنائية بشأن حماية النظام العام
الإقتصادي ( الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: مفهوم الجريمة الإقتصادية البنكية ودور
القانون الجنائي والقوانين الخاصة في حماية الإقتصاد الوطني.
تعتبر الجريمة
الإقتصادية من السمات الأساسية للدول الرأسمالية، فطبيعة إقتصاديات هذه الدول يشجع
على تنامي هذه الجرائم فما هو مفهومها؟ ( أولا)، وكيف حاول القانون الجنائي
والقوانين الخاصة حصر ومعاقبة هذه الجرائم؟ ( ثانيا).
أولا: مفهوم الجريمة الإقتصادية
البنكية.
يذهب البعض[8]
إلى تعريف الجريمة الإقتصادية بأنها " كل عمل أو إمتناع يقع بالمخالفة
للقواعد المقررة لتنظيم أو حماية السياسة الإقتصادية إذا نص على تجريمه في قانون
العقوبات أو في القوانين الخاصة".
أما البعض الآخر[9]
فيرى أن الجريمة الإقتصادية هي « مباشرة نشاط معين، سواء تمثل في تصرف إقتصادي أو
سلوك مادي بالمخالفة للتنظيمات والأحكام القانونية الصادرة كوسيلة لتحقيق سياسة
الدولة الإقتصادية».
من خلال التعريفات السابقة
نلاحظ أن قيام المؤسسة البنكية بأي عمل أو إقناع عن عمل مخالف للمقتضيات القانونية
المنظمة للقانون المتعلق بنشاط مؤسسات الإئتمان ومراقبتها[10]،
مثل جريمة إمتناع المؤسسة البنكية عن إطلاع بنك المغرب على الوثائق والمستندات
الواجب مسكها وأفرد لها عقوبة خاصة تتلائم مع خطورتها في المادة 90 من القانون
البنكي لسنة 1993، وذلك بهدف الحفاظ على سمعة السوق البنكية المغربية وإدراكا من
المشرع لدور البنوك في الحفاظ على النمو والإستقرار الإقتصادي.
والواقع في الأمر أن متطلبات
الأخلاق أدت إلى تطور فكرة الجريمة الإقتصادية بجميع فروعها ومكوناتها وبتوسيع
مجالها الجنائي وهذا هو ما يتضح من تعريف الدوائر المجتمعة لمحكمة النقض الفرنسية
للجريمة الإقتصادية من أنها « كل ما يتعلق بالإنتاج وتوزيع وإستهلاك وتداول السلع
والخدمات، وكذلك ما يتعلق بوسائل الصرف، ويدخل فيها بصفة خاصة وسائل صرف النقود
بمختلف أشكالها، والتي تضمن إعتداء مباشر على إقتصاد الدولة حيث تضطلع الدولة
بالتوجيه والرقابة ومراعاة للظروف[11]».
إذن الجرائم
الإقتصادية هي أفعال تتعارض مع قواعد الإقتصاد بشكل عام والذي يحمي مصالح إقتصادية
معينة، فإرتكابها يتضمن عصيانا لأوامر المشرع الذي يستهدف من ورائها تحقيق مصلحة
المجتمع، لذا قيل بأن الجريمة الإقتصادية لا تتعارض مع القيم الأخلاقية السائدة في
المجتمع، لأنها من خلق المشرع ومن صنعه، فالعقاب على هذه الجرائم لا يعتمد على أسس
فلسفية، أو أخلاقية، أو إقتصادية، كما هو الحال في جرائم السرقة والقتل، وإنما لها
طابع خاص يجري وفق ظروف معينة، فما يعد في نظر الشارع جرائم إقتصادية في فترة
زمنية معينة، فإنه لا يعد كذلك بعد إنقضاء تلك الفترة المحددة لسريان القانون[12]،
ومن ثم يغلب في هذه الجرائم أن تكون جرائم وقتية يهدف المشرع من ورائها حماية
أوضاع إقتصادية معينة.
ثانيا: دور القانون الجنائي
والقوانين الخاصة في حماية الإقتصاد الوطني.
يلاحظ أن الإتساع الجنائي في
نطاق النظام العام الإقتصادي لا يقتصر على المجال التشريعي، بل إن التوسع يمتد
ليشمل المجال القضائي أيضا، ومما لا شك فيه أن هناك توسع حقيقي للنظام العام
الإقتصادي في القوانين الخاصة ويبدو ذلك جليا في تزاحم القوانين والمراسيم
والقرارات واللوائح والدوريات، فقد أدت فترات الأزمات الإقتصادية أو التغيرات
السياسية إلى ظهور نصوص جديدة متداخلة، وقد تكون متعارضة مع النصوص السابقة عليها
والتي لم تلغ صراحة[13].
وإذا رجعنا إلى النصوص
القانونية في التشريع المغربي، نجده غني ومتنوع ومرد ذلك راجع إلى أن النظام
الإقتصادي المغربي هو نظام هجين، لأنه رغم أخذه بمبادئ الحرية الإقتصادية كمبدأ
عام، إلا أن هذه الحرية ليست مطلقة بل هي مقيدة، وقد كان للأزمات والحروب التي
عرفها العالم في القرن العشرين[14]،
دورا هاما إضافة إلى التأثير الذي مارسه الفكر الإشتراكي، ومستلزمات بناء الإقتصاد
الوطني الحديث.
وهكذا فإن القانون الجنائي
المغربي يتضمن بعض الجرائم الإقتصادية كعرقلة المزايدات ( الفصل 292 منه)، والحمل
على التوقف عن العمل ( الفصل 288 )منه، كما أصدر المشرع قوانين إقتصادية خاصة تبعا
للمرحلة التي إجتازها المجتمع المغربي وما رافقها من ظروف سياسية وإجتماعية
وإقتصادية[15].
أما بالنسبة للقوانين الخاصة،
ومنها القانون رقم 99- 06 والمتعلق بحرية الأسعار والمنافسة[16]
والذي يعاقب القيام أو محاولة القيام برفع أو خفض الأسعار بشكل يتعارض ويهدد حرية
المنافسة المشروعة، بالإضافة للقانون المتعلق بنشاط مؤسسات الإئتمان ومراقبتها
والذي يجرم في العديد من مواده كل محاولة للتدليس في مواجهة الجمهور ( المادة 97
منه)، ومحاولة إنتحال صفة مؤسسة إئتمان والقيام بأعمالها دون الحصول على الإعتماد
( المادة 80) وتطلب المشرع لقيام هذه الجريمة عنصر الإعتياد، والنصوص الجنائية
للشركات والتي ترمي إلى حماية الأغيار والإدخار عن طريق جزر المخالفات المرتكبة من
طرف شركات الأسهم بمناسبة التأسيس أو الزيادة في رأس المال، أو الإدارة المالية،
وتجارة القيم المنقولة الصادرة عنها، وهناك قوانين أخرى في هذا الصدد لا يمكننا أن
ندرجها كلها في هذا العرض نظرا لكترثها، ونظرا لأهمية هذه القوانين فإنه يجب على
المشرع ومنعا للإضطراب عند تعديل أحد القوانين الإقتصادية أو إلغائه، على أن ينص
عادة في القانون الجديد على إستمرارية العمل بالقرارات التي صدرت إستنادا إلى
القانون القديم فيما لا يتعارض مع أحكام القانون الجديد.
ويلاحظ أن للقضاء
سلطة واسعة في تفسيرها، ولذلك فإن التفسير القضائي يعد مصدرا قضائيا للنظام العام
الإقتصادي، ومن تم فإنه بالرغم من أن النظام العام في قانون العقوبات والقوانين
الخاصة يجد مصدره الوحيد في التشريع فإن توسع النظام الإقتصادي إتجه إلى أن أصبح
ظاهرة قضائية أو بمعنى آخر أصبح مظهر للسياسة الجنائية[17].
الفقرة الثانية: إتجاهات
السياسة الجنائية بشأن حماية النظام العام الإقتصادي.
تحاول جل التشريعات
ومنها التشريع المغربي إفراد نظام قانوني خاص لحماية النظام العام الإقتصادي يهدف
من وراءه الحفاظ على المنظومة الإقتصادية بصقل قواعد تتلائم وخطورة هذه الجرائم.
فما هي أنواع هذه الجرائم؟ ( أولا )، وما هي طبيعتها ( ثانيا ).
أولا: أنواع الجزاءات.
إن الأثر الرادع للعقوبة
الجنائية يعد عاملا هاما في مكافحة الجرائم بصفة عامة بما فيها الجرائم الإقتصادية
البنكية والجرائم الناجمة عن النمو الإقتصادي، فمن المسلم به أن التهديد بالعقوبة
يصرف الكثيرين عن السلوك الإجرامي، كما أن توقيعها يحول دون عودة من وقعت عليه
لإرتكابها مرة أخرى، وتزيد فاعلية الأثر الرادع للعقوبة كلما إزدادات يقينية توقيع
العقوبة على مرتكب الجريمة وسرعة البت في جريمته وتنفيذ العقوبة عليه.
وسنحاول التعرض هنا لبعض
الجزاءات الجنائية لبيان مدى أهميتها في مكافحة الجريمة بصفة عامة، ثم نعرض لدور
الجزاءات غير الجنائية وضرورتها إزاء الجرائم الإقتصادية.
فالبنسبة للجزاءات الجنائية
فإنها تنقسم بدورها لقسمين أساسيين أولهما وهي عقوبة الحبس والتي لا تزال تعتبر
الوسيلة الأولى التي تلجأ إليها النظم الجنائية المعاصرة في محاولاتها للحد من
الجريمة، وإذا كا ن لايمكن الإستغناء- حاليا- عن عقوبة الحبس نظرا لأثرها الرادع
الذي ينأى بالبعض عن سلوك السبيل الإجرامي، فإنه من المؤكد أن هذه العقوبة متى
نفذت بالطريقة السائدة في النظم العقابية التقليدية، فإنها لا تحول في حالات كثيرة
من منع من نفذت عليه من العودة مرة أخرى لإرتكاب الجريمة، ومن ناحية أخرى فإن
الأثر السيء لهذه العقوبة يبدو من إرتفاع نسبة من ينفذ عليهم لمدة لا تزيد على ستة
أشهر، وهي مدة لا تكفي لتحقيق الأثر الإصلاحي للعقوبة، وتزداد المشكلة خطورة إذا
علمنا أن عدد هؤلاء ينفذ عليهم بالحبس لمدة أقل من شهر، ومن المؤكد أن العقوبة
التي لا تزيد على شهر واحد ليست لها أية فائدة إصلاحية، أما إحتمالات تحقيق أثر
رادع لها، فهو أمر مشكوك فيه كثيرا لأن قيمة عقوبة السجن هي في التلويح والتهديد
وليس في تنفيذها، وخصوصا إذا كانت متناهية القصر، ولتلافي هذه السلبيات إقترح
البعض[18]
في عدة مؤتمرات دولية حلولا لهذه المشكلة عن طريق جعل الحد الأدنى لهذه العقوبة لا
تقل عن ستة أشهر، وأن تحل عقوبات أو تدابير أخرى محلها.
وثاني تلك العقوبات وهي الغرامة
والتي تتمتع بالعديد من المزايا لعل من أهمها أنها لا تصيب الإنسان في جسده ولا
تمثل قيدا على حريته ولا تمس شرفه ولا سمعته أو تنال من مكانته الإجتماعية، وهي
تجنب المحكوم عليه بها وسط السجون المفسدة، فتحول بينه وبين الإختلاط بنزلائها،
وتمكنه من الإستقرار في مزاولة عمله أو مهمته، ومع ذلك فهي عقوبة مؤثرة لأنها
تقتطع جزء من الذمة المالية للمحكوم عليه، ولا يمكن أن يعتاد عليها الشخص خلافا
لعقوبة الحبس، وهي من أفضل العقوبات التي تقرر إزاء الجرائم التي يدفع إليها الطمع
والشجع، لأنها تصيب العامل المباشر الذي أدى إلى إرتكابها، كما أنها تمتاز بأنها
عقوبة يمكن الرجوع فيها بسهولة إذا ماتبين حدوث خطأ في توقيعها، ومع هذا فإنه يؤخذ
عليها عدة عيوب، منها أنها تتنافى مع مبدأ المساواة أمام الجزاء الجنائي، فأثرها
على الثرى جد ضئيل إذا ما قورن بأثرها على الفقير، ولا شك في أن هذا النقد له قدر
كبير من الصحة، إلا أن هذا العيب يمكن ملافاته إلى حد بعيد عن طريق الأخذ بالنظم
الحديثة للغرامة، فبعض التشريعات تقدر وجوب تناسب الغرامة مع دخل المحكوم عليه، من
ذلك ما يقرره قانون العقوبات السويسري على أن القاضي يحدد مبلغ الغرامة مراعيا
المركز المالي للمحكوم عليه[19]،
وتنص المادتان 24 و 26 من قانون العقوبات الإيطالي على أنه إذا رأى القاضي بسبب
ظروف المتهم الإقتصادية أن الغرامة التي حددها القانون غير فعالة ولو حكم بحدها
الأقصى فله أن يرفعها إلى ثلاثة أمثالها.
وفيما يتعلق بالدور الذي تلعبه
الجزاءات الغير جنائية في الجرائم الإقتصادية والمتمثلة في الجزاءات التأديبية
والجزاءات الإدارية.
فالجهة المختصة بتوقيع الجزاءات
التأديبية هي النقابات أو الهيئات التي ينتمي إليها مرتكب الجريمة الإقتصادية، ذلك
لأن الكثير من الدول تأخذ رأي النقابات في التنظيم الإقتصادي لأن هذا التنظيم متصل
بالمصالح التي ترعاها هذه النقابات، وترتيبا على ذلك كان من اللازم أن تفرض
النقابة على المنتمين إليها إحترام قواعد هذا التنظيم وأهدافه، فإذا خرج عنها كان
من حق النقابة ومن واجبها أن تعاقبه تأديبيا، وتتراوح العقوبة التأديبية التي
تفرضها النقابة بين إنذار المخالف أو توقيع غرامة مالية عليه أو حرمانه من مزاولة
مهنته مؤقتا أو مؤبدا حسب نوع وحجم وخطورة الفعل المجرم المرتكب.
وبالنسبة للجزاءات
الإدارية تتخذها السلطات الإدارية إستنادا إلى سلطتها في التنفيذ المباشر، وتهدف
هذه الجزاءات إما لمواجهة إحتمال إرتكاب جريمة إقتصادية أو الإستمرار فيها، كإغلاق
مصنع أو محل غير مستوف للشروط القانونية، أو منع شخص من مزاولة مهنة إذا كان هناك
إحتمال إقدامه على إرتكاب جريمة، وإما إلى ملافاة وضع لا يتفق مع السياسة
الإقتصادية للدولة، وتبرر الجزاءات الإدارية بأن بعض أوجه النشاط الإقتصادي يحتاج
لسرعة وحسم في مواجهة ما قد يؤدي إليه من أضرار بالمصالح الإقتصادية للمجتمع[20]،
ومن البديهي أن تخضع هذه الجزاءات لرقابة القضاء للحيلولة دون إتخاذها وسيلة للكيد
والمساس بحقوق الغير والإضرار به دون مبرر.
ثانيا: طبيعة الجزاءات
الجنائية.
حظيت المشاكل التي تثيرها
الجزاءات في القانون الجنائي الإقتصادي بإهتمام بالغ في المحافل الدولية والوطنية
وتتميز الجزاءات المقررة لمخالفة القوانين الإقتصادية بعدة مميزات منها:
1. قسوة الجزاءات: لا سبيل إلى
تحقيق السياسة الإقتصادية إلا إذا دعمت القوانين الإقتصادية بالجزاءات، وأشد هذه
الجزاءات هي العقوبات[21].
والواقع في الأمر أن قسوة
الجزاءات لا ينتج فحسب من تشدد معدل الجزاءات بل من خلال الأثر المانع للجزاءات
التهديدية، ومن خلال ذلك تتحقق صفة الإكراه التي يتسم بها النظام العام الإقتصادي
والتخفيف من الصفة الصناعية لكثير من النصوص الجنائية، وقد أدرك المشرع المعاصر أن
من حسن السياسة ألا يلجأ إلى العقوبات الشديدة، إذ أن ذلك يضر بفاعليتها، وأن
المبالغة في قسوة الجزاءات ينتج من الإجراءات غير المباشرة والتي تكفل فاعلية
الجزاء، وفيما يلي أهم تلك الإجراءات:
أ- التضييق
من نطاق وسائل التخفيف.
ب- عدم
تطبيق قاعدة القانون الأصلح للمتهم.
إن مبدأ عدم رجعية النص الجنائي
يطبق على النصوص الجنائية الموضوعية، دون النصوص الشكلية أو المسطرية، والتي
تطبقها المحاكم بأثر فوري، أي بمجرد صدورها على جميع الأشخاص الذين يحاكمون أمامها
بغض النظر عن تاريخ إرتكابهم للأفعال التي يتابعون عنها. [22]
يسود الفقه والقضاء المقارن[23]،
إتجاه نحو إستثناء القوانين الإقتصادية من تطبيعه قاعدة القانون الأصلح للمتهم،
والهدف من ذلك أنه تطبيق أحكام القانون بأثر مباشر حتى كان أصلح للمتهم يشكل خطر
على السياسة الإقتصادية بالنظر لسرعة تطور القانون الإقتصادي وخصوصا فيما يتعلق
بتجديد الأسعار ونسب الفائدة.
ج- الخروج على مبدأ شخصية
العقوبة: فالراجح في فقه القانون الجنائي الإقتصادي هو ضرورة توقيع الجزاء ليس
فحسب على الشخص الطبيعي، بل والشخص المعنوي كذلك[24]،
وإذا طالعنا القانون الجنائي المغربي نجده ينص صراحة على المسؤولية الجنائية
للأشخاص المعنوية، وقررت لها أحكاما خاصة رغم وجود النص العام في الفصل 127 من
القانون الجنائي وهي معدودة على رؤوس الأصابع، وأهمها:
* قانون تنظيم الأثمان
ومراقبتها وشروط إمساك المنتوجات والبضائع وبيعها.
* مدونة الجمارك والضرائب غير
المباشرة.
* قانون زجر الجرائم المخالفة
لضوابط الصرف.
2- تعديل وظيفة
العقوبة: تعتبر من أهم الآثار الظاهرة للتطورات التي لحقت قانون العقوبات على إثر
تطور النظام العام الإقتصادي في القانون الجنائي، فبينما يبدو من المقرر لدى
غالبية الفقه الجنائي أن الوظيفة المتميزة للعقوبة يتعين أن تكون إصلاح للمذنب،
إلا أن المشرع الإقتصادي تحت تأثير الإهتمام بفاعلية الجزاء إتجه إلى غرض ردع
الأفراد لذلك تتجه التشريعات على إختلاف نظمها إلى تشديد العقوبة الإقتصادية، وكما
أشرنا إلى ذلك فإنه لا يسمح للقاضي بإستعمال الرأفة المعروفة كوقف التنفيذ ومراعاة
الظروف المخففة، فالمجرم في الجريمة الإقتصادية مدفوع بالأنانية لتحقيق ربح غير
مشروع يستهين بخطورة فعله بالنسبة للمجتمع فيلزم تخويفه بعقوبة رادعة، والواقع أن
إستعمال الشدة في العقاب على الجرائم الإقتصادية للوصول إلى الردع لا يخلو من
النقد، لأن التذرع بجزاءات شديدة يفرض وجوبا التقيد بمقتضيات القانون الإقتصادي
والتي لا يؤمن الجمهور بلزوم العقاب عليها، لذلك يجب أن تتطور جزاءات القوانين الإقتصادية
إلى المرحلة التي يألف الناس مراعاة أحكامها، وذلك عندما يصل الجمهور إلى درجة وعي
يكفي لإدراك أهمية إحترام القوانين الإقتصادية، وإلى أن يحين ذلك يجب أن تتوسل
التشريعات الإقتصادية في ذلك بإستعمال الشدة.
المطلب الثاني:
جريمة غسيل الأموال « نموذجا».
إدراكا منا لمدى
خطورة الجرائم التي ترتكب من طرف أو عن طريق البنك، ومدى تشعبها وتشتتها، سنقتصر
في عرضنا هذا على دراسة أهم الجرائم البنكية على الإطلاق وهي جريمة غسيل أو تبييض
الأموال، والتي تعد بحق من التعبيرات التي تداولت مؤخرا على كافة المستويا
العالمية أو المحلية، نظرا لسرعة إنتشارها وخطورة آثارها على إقتصاديات الدول
المختلفة، فقد أخذت عمليات غسيل الأموال طابعا مخيفا في السنوات الأخيرة الماضية[25]،
وتصاعدت المخاوف من هذه الظاهرة وذلك لإرتباطها الوثيق بأخطر الجرائم وأشدها
تدميرا للمجتمعات، وهي جرائم المخدرات والمؤثرات العقلية[26]
إلخ....، مما أدى إلى تزايد الإهتمام العالمي بهذه الظاهرة في محاولة للقضاء
عليها، وسوف نقسم دراستنا لهذا المطلب إلى مفهوم وأركان جريمة غسيل الأموال (
الفقرة الأولى)، ثم أثرها على الإقتصاد الوطني ( الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: مفهوم وأركان
جريمة غسيل الأموال.
لدراسة جريمة غسيل
الأموال لا بد من التطرق لمفهومها ( أولا )، ثم معرفة الأركان التي تتكونه منها
هذه الجريمة ( ثانيا).
أولا: مفهوم جريمة غسيل
الأموال.
يقصد بعملية غسيل الأموال، كما
هو ظاهر من إسمها، أنها عملية تطهر من خلالها أموال لم يكن بالإمكان التعامل فيها
إلا من خلال إضفاء صفة المشروعية عليه، بسبب أنها كانت ناتجة عن عمل غير مشروع،
ومخالف لقوانين الإقليم الواقع فيه، ومن أمثلة ذلك الإتجار غير المشروع بالمواد
المخدرة والأنشطة الإرهابية، وأنشطة البغاء والدعارة، الإتجار في السلاح والعملات،
وتهريب السلع المستوردة إلى الدول دون دفع الرسوم الجمركية المقررة، والدخول
الناتجة عن الوظيفة العامة بطريقة غير مشروعة[27]
إلخ....، ولا شك أن إضفاء صفة المشروعية هذه يستوجب القيام بعمليات إقتصادية
ومالية تهدف إلى تسييل الأموال بصورة مشروعة ومرنة، ولذلك يمكن أن نحدد لعملية
غسيل الأموال تعريفين:
1- تعريف إقتصادي: وهي عملية
تحويل الأموال نقدية أو عينية من خلال تمويهمصدرها وصولا إلى إظهاره بصورة مشروعة[28].
2- الناحية القانونية: يمكن
تعريف غسيل الأموال بأنها عملية يتم من خلالها تحويل أو نقل المال المستمد من
جريمة بغرض إخفاء المصدر غير المشروع له وإظهاره بصورة مخالفة للحقيقة، أو مساعدة
أي شخص متورط في إرتكاب جريمة للتهرب من النتائج القانونية التي تترتب على سلوكه[29].
كما يمكن تعريفها على ما جاء في
المادة الثالثة من إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الإتجار غير المشروع في المخدرات
والمؤثرات العقلية التي إعتمدها المؤتمر السادس في جلسته العامة المنعقدة في فيينا
في 20 ديسمبر 1988 [30]والتي
جرمت الأعمال التي من شأنها تحويل الأموال أو نقلها أو إخفاؤها أو تمويه حقيقتها
أو حقيقة مصدرها أو مكانها أو طريقة التصرف فيها أو حركتها أو الحقوق المتعلقة بها
أو ملكيتها أو إكتسابها أو حيازتها أو إستخدامها وقت تسليمها، مع العلم بأنها
مستمدة من إحدى جرائم المخدرات والإشتراك بمثل هذه الجرائم، وذلك كله بهدف إخفاء
أو تمويه المصدر غير المشروع للأموال أو مساعدة أي شخص متورط في إرتكاب إحدى هذه
الجرائم على الإفلات من العقاب.
وتتم عملية غسيل الأموال عبر
البنوك أو القنوات المصرفية- وتمر عادة بثلاثة مراحل متتالية تتمثل فيما يلي:
- المرحلة الأولى: مرحلة
الإيداع النقدي، وفي هذه المرحلة يقوم أصحاب الدخول غير المشروعة أو من ينوب
عنهم بإيداع أموالهم في أحد البنوك سواء في داخل الدولة أو خارجها.
- المرحلة الثانية: مرحلة
التمويه، وفي هذه المرحلة يعمل أصحاب الأموال غير المشروعة على القيام بالعديد
من العمليات المصرفية على ودائعهم بغرض التمويه أو إخفاء المصدر غير المشروع
للأموال مع تدعيم ذلك بالمستندات التي تساعد على تضليل الجهات الرقابية أو
الأمنية، أي أن الهدف من هذه المرحلة هو الفصل بين مصدر الأموال والحصيلة.
- المرحلة الثالثة: مرحلة
التكامل أو الإندماج، وفي هذه المرحلة يتم دمج الأموال غير المشروعة في النظام
المالي المشروع، أي إضفاء صفة المشروعية عليها وجعلها إحدى عناصر الأموال المشروعة
في الدولة، كما لو كانت ناتجة عن أنشطة إقتصادية مشروعة[31].
وأمام إنعدام النص القانوني
الجنائي المغربي الخاص الذي يجرم مثل هذه الأعمال، يمكن الرجوع إلى نص الفصلين 571
و 572 من القانون الجنائي والذي يعاقب على جريمة إخفاء الأشياء المتحصلة من جريمة،
والتي تصل عقوبتهما القصوى في الجنح إلى خمس سنوات وغرامة، ما لم يكن فعل المشاركة
معاقب عليها بعقوبة جنائية، وفي هذه الحالة تطبق على المخفي للأشياء المتحصلة من
الجناية نفس العقوبة المطبقة على مرتكب الجريمة، إذا ثبت أنه يعلم وقت الإخفاء
والظروف التي إستوجبت ذلك، غير أن عقوبة الإعدام تعوض بالنسبة للمخفى بعقوبة السجن
المؤبد[32]،
وهنا يمكن تطبيق الركن المادي على هذه الجريمة إذا كان مرتكبها شخص معنوي"
بنك على الخصوص" لكن بتغيير نوع العقوبة من العقوبة الحبسية إلى العقوبات
المالية والعقوبات الإضافية طبقا لنص الفصل 127 من القانون الجنائي.
ولذلك يجب لإكتمال
صورة غسيل الأموال أن تمر من خلال مرحلتين، تشكل كل منهما جريمة: الأولى: ترتكب
فيها جريمة يستمد منها مال غير مشروع، والثانية: تتم فيها عملية غسيل الأموال
السابقة ذكر مراحلها، بمعنى أننا يجب أن نكون أمام جريمتين بينهما رابط قوي،
فالأولى تمهد لقيام الثانية، والثانية تجد محل قيامها في الأولى، مع المحافظة على
كامل الإستقلالية بينهما، ولذلك نحن لا نتفق مع من يقول بأن الجريمة الثانية تعتبر
جريمة فرعية، بل هي جريمة مستقلة تبعية[33].
ثانيا: أركان جريمة غسيل
الأموال.
من المعلوم أن المغرب بصدد
تحضير قانون خاص لمكافحة تبييض الأموال، وفي إنتظار ذلك لم نجد بدا من الإستعانة
بالتشريعات العربية المقارنة ومنها القانون الإتحادي لدولة الإمارات العربية
المتحدة رقم 4 لسنة 2002 المتعلق بمكافحة غسيل الأموال والتي وضحت في المادة 2 منه
أركان هذه الجريمة بنصه على أن أركان جريمة غسيل الأموال هي:
1- يعد مرتكبا جريمة غسيل
الأموال كل من أتى عمدا أو ساعد في أي من الأفعال التالية بالنسبة للأموال
المتحصلة من أية جريمة من الجرائم المنصوص عليها في البند (2) من هذه المادة:
أ- تحويل المتحصلات أو نقلها أو
إيداعها بقصد إخفاء أو تمويه المصدر غير المشروع لها؛
ب- إخفاء أو تمويه حقيقة
المتحصلات، أو مصدرها، أو مكانها أو طريقة التصرف فيها أو حركتها أو الحقوق
المتعلقة بها أو ملكيتها؛
ج- إكتساب أو حيازة أو إستخدام
تلك المتحصلات.
2- لأغراض هذا القانون تكون
الأموال هي المتحصلة من الجرائم الآتية:
أ- المخدرات والمؤثرات العقلية؛
ب- الخطف والقرصنة والإرهاب؛
ج- الجرائم التي تقع بالمخالفة
لأحكام قانون البيئة؛
د- الإتجار غير المشروع في
الأسلحة النارية والذخائر؛
ه- جرائم الرشوة والإختلاس
والإضرار بالمال العام؛
و- جرائم الإحتيال وخيانة
الأمانة وما يتصل بها؛
ز- أية جرائم أخرى ذات الصلة
والتي تنص عليها الإتفاقيات الدولية والتي تكون الدولة طرفا فيها.
ومفاد هذا النص أن جريمة غسيل
الأموال جريمة عمدية، وكأية جريمة عمدية أخرى لا بد لوجودها من توفر ركنيها المادي
والمعنوي.
ü الركن المادي:
من المسلم به أنه لا جريمة بدون
ركن مادي، لأنه المظهر الخارجي لها، وبه يتحقق الإعتداء على المصلحة المحمية
قانونا، وعن طريقه تقع الأعمال التنفيذية للجريمة، ومن أجل هذا لا بد من توفر
ركنها المادي وهو الشرط الأساسي للبحث في مدى توافر الجريمة من عدمه[34].
وطبقا لنص المادة (2) من
القانون الإتحادي السالف الذكر، يتخد الركن المادي لجريمة غسل الأموال ثلاث صور من السلوك تهدف جميعها
إلى تضييق الخناق على كافة الأشخاص المرتبطين بعملية الغسيل وهي:
- الصورة الأولى: تحويل أو نقل
أو إيداع.
وتتمثل هذه الصورة في تحويل أو
نقل أو إيداع عائدات إحدى الجرائم المنصوص عليها في النبد (2) من المادة (2) من
قانون تجريم غسل الأموال، وذلك بقصد إخفاء أو تمويه المصدر غير المشروع لهذه
العائدات أو بقصد مساعدة أي شخص متورط في إرتكاب مثل هذه الجرائم على الإفلات من
العقاب، وفي هذه الصورة يبرز دور المصرف الفعال في مدى قدرته على القيام بعمليات
التحويل والنقل بكل حرية لمجموع الأموال المتحصلة من الجرائم، ويمكن أن يتم هذا
التحويل إما داخل مصارف داخلية وطنية، وإما من المصرف الوطني إلى مصارف أجنبية.
-
الصورة الثانية: الإخفاء أو
التمويه.
وتتمثل في إخفاء أو تمويه حقيقة
المتحصلات أو مصدرها أو مكانها أو طريقة التصرف فيها أو حركتها أو الحقوق المتعلقة
بها أو ملكيتها، وتبدو هذه الصورة ملائمة لحقيقة الوسائل المتطورة والتقنيات
المصرفية بالغة التعقيد التي تساهم على نحو أواخر في عملية غسيل الأموال وتيسر لها
دون أن تندرج تحت الصورة الأولى.
أ-الإخفاء: وهو يشمل كل عمل من
شأنه منع كشف الحقيقة للمصدر غير المشروع، وبأي شكل وبأية وسيلة، سواء كان هذا
الإخفاء مستورا أو علنيا، فلا عبرة يكون الإخفاء قد جرى سرا، كما لا يهم سبب
الإخفاء، فيتوافر فعل الإخفاء ولو كان بطريقة مشروعة بطريق الهبة أو الوديعة أو
المعاوضة أو الإجارة أو غير ذلك[35]
ب- التمويه: ويقصد به إصطناع
مصدر مشروع غير حقيقي للأموال غير المشروعة، كإدخال هذه الأموال في صلب الأرباح
الناتجة عن إحدى الشركات القانونية، فتظهر هذه الأموال وكأنها أرباح مشروعة ناتجة
عن النشاط المشروع للشركة القانونية.
ج- محل الجريمة أو الإخفاء أو
التمويه: محل الجريمة الذي يرد عليه السلوك المادي بصورة السابقة، يشمل الأموال
والمتحصلات الناتجة عن أية جريمة من الجراتئم المنصوص عليها في البند 2 من المادة
2 من القانون الإتحادي المتعلق بمكافحة جريمة غسيل الأموال، ويقصد بالأموال الأصول
أيا كان نوعها، مادية كانت أم غير مادية، منقولة أو ثابتة وكذلك المستندات
القانونية أو الصكوك التي تثبت تملك هذه الأصول أو أي حق متعلق بها.
أما المتحصلات فهي أية أموال
ناتجة بطريق مباشر أو غير مباشر عن إرتكاب جريمة من الجرائم المنصوص عليها في
البند 2 من المادة 2 من نفس القانون[36]،
ويسمح هذا التعبير بإستيعاب كل صور المتحصلات دون قصرها على الأموال النقدية أو
المنقولة فقط.
ü الركن المعنوي:
يمثل القصد الجنائي أكثر
العناصر تعقيدا في المجال الجنائي بإعتباره متصلا بالحالة الذهنية التي كان الجاني
حين أقدم مختارا على إتيان الفعل المؤشر قانونا، وهو أدخل إلى العوامل الشخصية
التي يتعين تمييزها عن العوامل الموضوعية التي تعكس مادية الفعل، أو الأفعال التي
إرتكبها، والتي يمكن الرجوع إليها وتقييمها، كاشفا عادة عما عناه منها وقصد إليه
من مقارنتها، فالفرق بين الجريمة العمدية وغير العمدية، دائرا أصلا حول النتيجة
الإجرامية التي أحدثتها، فكلما أرادها الجاني وقصد إليها موجها جهده لتحقيقها،
كانت الجريمة عمدية، فإذا كان إحداثها غير مقصود، بأن كان لا يتوقعها أو ساء
تقديره بشأنها، فلم يتحوط لدفعها ليحول دون بلوغها، فإن الجريمة تكون غير عمدية[37].
وقد تطلبت المادة 3 من إتفاقية
فيينا سنة 1988 على ضرورة توفر الركن المعنوي في جريمة غسيل الأموال فنصت على أن
يكون الفعل بهدف إخفاء أو تمويه المصدر غير المشروع للأموال مع العلم بأنها مستمدة
من جريمة.
ولذلك حرصت التشريعات التي جرمت
عمليات غسيل الأموال ومنها التشريع الإماراتي موضوع دراستنا على النص صراحة في
المادة (2) من قانون مكافحة غسيل الأموال، على أن هذه الجريمة عمدية بكل صورها،
ويترتب على ذلك أن يشترط على الجاني بالمصدر غير المشروع للعائدات أو المتحصلات
وأنه يجري غسل الأموال الناشئة عن جريمة من الجرائم المشار إليها في البند 2 من
المادة 2، فالجريمة لا تقوم إلا إذا إنصرفت إرادة الجاني إلى إرتكابها، ويضاف إلى
ذلك ضرورة علم الجاني بطبيعة النشاط الذي يقترفه[38].
وتعتبر جريمة غسيل الأموال من
الجرائم المستمرة، وبالتالي فهي تقوم قانونا متى قصد الجاني عمليات الإخفاء أو
التمويه، وتوافر علمه بمصدر الأموال غير المشروع، حتى ولو كان حسن النية لحظة
إكتساب الأموال أو المتحصلات، أو البدء في إستخدامها.
وإدراكا من المشرع
الإماراتي لخطورة وأهمية البنك في مثل هذه الجرائم، فقد أفرد نص المادة(3) من
القانون الإتحادي المتعلق بمكافحة غسيل الأموال للتأكيد على مسؤولية المؤسسات
والمنشآت المالية، والمنشآت المالية الأخرى والتجارية والإقتصادية العاملة في
الدولة الجنائية عن جريمة غسل الأموال إذا إرتكبت بإسمها أو لحسابها عمدا وذلك دون
الإخلال بالجزاءات الإدارية المنصوص عليها في القانون.
الفقرة الثانية: أثر غسيل الأموال على الإقتصاد الوطني.
رغم الإيجابيات التي
تنطوي عليها عملية غسيل الأموال على المستوى الظاهري كالرفع من المستوى المعيشي
لبعض الفئات القليلة في المجتمع، فإنه على المستوى الواقعي تشكل هذه الظاهرة كارثة
حقيقية على الإقتصاد الوطني، فالأموال غير المشروعة العائدة من المخدرات وغيرها من
الأعمال الإجرامية والتي لا تدخل ولم تسجل في الحسابات الوطنية للدولة أدت إلى
حدوث آثار سلبية سواء على الدخل الوطني (أولا)، أو على الإستهلاك والإدخار وكذا
الإستثمار والبطالة( ثانيا).
أولا: أثر غسيل الأموال على
الدخل الوطني وتوزيع الدخل.
يجب التمييز هنا بين الأموال
غير المشروعة الناتجة عن الرشوة والإختلاس والتهرب الضريبي وإستغلال النفوذ، وبين
الأموال العائدة من تجارة المخدرات وتزييف العملة.
ففيما يتعلق
بالأنشطة الأولى فإن الأموال المحصلة فبها يتم تهريبها إلى الخارج، وهذا يشكل نزيف
للإقتصاد الوطني، فالشخص الذي يحصل على جانب مهم من الدخل الوطني الحقيقي
والمشروع، كان من المفروض أن يتم إستثماره على أرض الوطن وبالتالي زيادة في الدخل
القومي بدل إقتطاع جزء مهم، بالإضافة إلى أن غسيل الأموال الناتج عن التهرب
الضريبي لها إنعكاس سلبي على الخزينة العامة بحيث تحرم هذه الأخيرة من مبالغ كانت
ستوجه لتمويل برامج الدولة، وحرمان الخزينة من هذه المبالغ يؤدي إلى عجز في
الميزانية العامة وإنخفاض الدخل القومي، وأمام هذا الإنخفاض الناتج عن غسيل
الأموال تلجأ الدولة إلى فرض ضرائب جديدة أو الزيادة في العبء الضريبي الموجود
فعلا وهذا ينعكس سلبا على نفسية الملزم ويشجعه إلى المزيد من التهرب الضريبي[39]،
وإما أن يلتجئ أصحاب هذه الدخول غير المشروعة إلى الزيادة في معدلات الإستهلاك
كشراء السيارات الفاخرة والعقارات والذهب والمجوهرات.... وهذا يؤدي إلى إنخفاض
الإدخار.
ثانيا: أثر غسيل الأموال.على
التضخم وقيمة العملة الوطنية
تؤثر عمليات غسيل الأموال سلبيا
على معدلات التضخم، فهذه العمليات سواء تمت في صورة نقدية عبر البنوك والقنوات
المصرفية، أو في صورة عينية عن طريق شراء الذهب والعقارات والسلع المعمرة، فهي
تؤدي في جميع الحالات إلى رفع معدلات التضخم في الإقتصادات التي تنتشر فيها، ويرجع
ذلك إلى أن هذه العمليات تغرق السوق بكميات كبيرة من الأموال التي تجد طريقها إلى
تيار الإنفاق الإستهلاكي من خلال شراء السلع المعمرة والعقارات، ويؤدي ذلك إلى ضغط
على المعروض السلعي بواسطة أصحاب الأموال المخولة، وهي فئات تتسم في الغالب بعدم
الرشد والعشوائية في الإنفاق مما يؤدي إلى زيادة جانب الطلب الكلي في المجتمع[40]،
ومن تم زيادة المستوى العام للأسعار مع ما يرتبه ذلك من آثار سلبية أخرى تتمثل في
تدهور القوة الشرائية للنقود.
كما تؤثر عمليات غسيل الأموال
سلبا على قيمة العملة الوطنية نظرا للإرتباط الوثيق بين هذه العمليات وتهريب
الأموال إلى الخارج، كما أن عمليات تؤدي إلى زيادة الطلب على النقد الأجنبي الذي
يتم تحويل الأموال المهربة إليه، بقصد إيداعها في البنوك الخارجية أو الإستثمار في
شراء الأوراق المالية في الخرج وغيرها. وتؤدي زيادة الطلب على النقد الأجنبي، وما
يعنيه ذلك من زيادة المعروض من العملة الوطنية إلى إنخفاض قيمة العملة الوطنية في
سوق الصرف الأجنبي، وعند عودة الأموال المغسولة إلى الدولة فإنها تؤدي إلى إحداث
ضغوط تضخيمية داخل الإقتصاد الوطني[41]،
مما يؤدي إلى تدهور القوة الشرائية للنقود وإنخفاض قيمة العملة الوطنية بالمقارنة
بالعملات الأجنبية.
لكل ما سبق نرى أنه لابد من
تضافر مجهودات المشرع والقضاء، الأول في خلق قانون مكتمل لمكافحة غسيل الأموال،
والثاني في تضييق الخناق وتوقيع أشد العقوبات على كل من إرتكب مثل هذه الجرائم..
تم
بحمد الله وتوفيق منه
أولا .الكتب .
1. بضراني
نجاة . القانون الجنائي القسم العام . الجزء الثانى . دار النشر الشرقية .
وجدة طبعة 1992.
2. سليمان
عبد المنعم . مسؤولية المصرف الجنائية عن الأموال غير النظيفة. دار النشر
الجديدة . الأسكندرية 1999.
3. سميحة
القليوبي .الأسس القانونية لعمليات البنوك التجارية. مكتبة عين شمس القاهرة
1998.
4. عبد
الواحد العلمي . شرح القانون الجنائي . القسم العام .مطبعة النجاح الجديدة.
الدارالبيضاء. طبعة 2002.
5 . عبد
الله حداد . المرافق العامة الكبرى . دار توبقال للنشر طبعة 2002 .
6 . عبد
الحق الدهبى . طاهر كركادي . جرائم المال العام . مطبعة النجاح الجديدة .
الدار البيضاء . طبعة 1 . 2005 .
7. عبد
الرؤوف مهدي .المسؤولية الجنائية عن الجرائم الأقتصادية. منشأة المعارف
الأسكندرية 1976.
8 . غادة
عماد الشربيني. المسؤولية الجنائية للأعمال البنكية بدون مكان . طبعة 2000 .
9. محمود مصطفي. الجرائم الأقتصادية في
القانون المقارن .الجزء الأول طبعة 1979 .
ثانيا. الرسائل والأطروحات.
1. محمد
الفروجي. القانون البنكي وحماية حقوق الزبناء. اطروحة لنيل دكتوراة دولة
في القانون الخاص. جامعة الحسن الثاني. الدار البيضاء. 1996.
2. نوفل
الريحاني . السر المهني البنكي ومسؤلية البنوك . دراسة مقارنة. رسالة لنيل
دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص . جامعة القاضي عياض. مراكش.
1996.
ثالثا . أبحاث ومقالات .
أ . الأبحاث .
1. زهير الزبيدي . التعريف بجرائم التهريب في الوطن العربي . أبحاث
الندوة العلمية السادسة . دار النشر بالمركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب.
الرياض 1988 .
2 . سعود عبد العزيز المريشيد . جرائم غسيل الأموال . مؤتمر القانون
وتحديات المستقبل في العالم العربي . كلية
الحقوق. جامعة الكويت . 1999 .
3 . نادر عبد العزيز شافي . مكافحة تبييض الأموال . بحث مقدم الي
مؤتمر الجديد في اعمال المصارف من الوجهتين القانونية والأقتصادية. كلية الحقوق .
جامعة بيروت العربية. الجزء الثالث . 2003 .
4 . خالد حلمي. ظاهرة غسيل الأموال وأثارها علي الأقتصاد الوطني.
بحث مقدم الى مؤتمر القانون وتحديات المستقبل في العالم العربي. كلية الحقوق .
جامعة الكويت 1999.
- ظاهرة غسيل الأموال ومسؤولية
البنوك في مكافحتها . بحث مقدم الي مؤتمر الأعمال المصرفية الألكترونية بين
الشريعة والقانون المنعقد من 10 الي 12 ماي 2003. كلية الشريعة والقانون جامعة
الأمارات العربية المتحدة. المجلد الثالث.
5 . زغلول محمد البلشي . المسؤولية الجنائية عن جرائم غسيل الأموال.
بحث مقدم الي مؤتمر الأعمال المصرفية الألكترونية بين الشريعة والقانون المنعقد من
10 الي 12 ماي 2003. كلية الشريعة والقانون جامعة الأمارات العربية المتحدة.
المجلد الخامس.
6 . صفوت عبد السلام عوض الله . الأثار الأقتصادية لعمليات غسيل
الأموال ودور البنوك في مكافحة هده العمليات. بحث مقدم الي مؤتمر الأعمال المصرفية
الألكترونية بين الشريعة والقانون المنعقد من 10 الي 12 ماي 2003. كلية الشريعة
والقانون جامعة الأمارات العربية المتحدة. المجلد الرابع.
ب . المقالات .
1 . أحمد عبد العزيز الألفي. تنوع الجزاءات وأهميته في مكافحة
الجرائم الأقتصادية. منشور بمجلة الوقاية من الجرائم الناجمة عن النمو الأقتصادي.
سلسلة الدفاع الاجتماعي .عدد 7 الطبعة الأولى 1983 .
2 . ادريس بلمحجوب . دور الأجهزه القضائية والمؤسسات المالية في
مكافحة غسيل الأموال. مجلة القضاء والقانون. العدد 151 .
3 . بيترج كوريك . غسيل
الأموال وأثرها على الاقتصاد الوطني. مقال منشور بمجلة التمويل والتنمية الصادرة
عن صندوق النقد الدولي 1997 .
4 . عادل على المانع . البنيان القانوني لجريمة غسيل الأموال. مجلة
الحقوق . جامعة الكويت .العدد 1 . السنة 29 مارس 2005 .
5 . عبد الرسول خضر الجصاني . دور أجهزة العدالة الجنائية في
الوقاية من الجرائم الاقتصادية . منشور بمجلة الوقاية من الجرائم الناجمة عن النمو
الأقتصادي. سلسلة الدفاع الاجتماعي .عدد 7 الطبعة الأولى 1983 .
6 . مولاي البشير الشرفي .المسؤولية الناتجة عن خرق الالتزام بالسر
المهني في القانون البنكي المغربي. مجلة القانون المغربي. العدد 1. السنة 2002 .
فـــــــــــــــهــــــــــــــــــرس
مقدمة.............................................................................................1
المبحث الأول : الجرائم البنكية
المرتكبة ضد الأشخاص..............................................3
المطلب الأول: طبيعة الجرائم البنكية ضد
الاشخاص..................................................3
الفقرة الأولى: صفة موظفي البنك........................................................................3
الفقرة الثانية: الجرائم المرتكبة من طرف
موظفي البنك.............................................4
المطلب الثاني: جريمة إفشاء السر المهني
كنموذج....................................................6
الفقرة الأولى: ماهية السر المهني........................................................................6
الفقرة الثانية: المسؤولية الجنائية الناشئة
عن إفشاء السر المهني...................................9
المبحث الثاني: الجرائم البنكية الماسة
بالإقتصاد الوطني............................................13
المطلب الأول: ماهية الجرائم الإقتصادية
البنكية.......................................................13
الفقرة الأولى: مفهوم الجريمة الإقتصادية
البنكية ودور القانون الجنائي والقوانين الخاصة في حماية الإقتصاد الوطني...................................................................................14
الفقرة الثانية: إتجاهات السياسة الجنائية
بشأن حماية النظام العام الإقتصادي....................16
المطلب الثاني: جريمة غسيل الأموال « نموذجا».....................................................19
الفقرة الأولى: مفهوم وأركان جريمة غسيل
الأموال..................................................19
الفقرة الثانية: أثر جريمة غسيل الأموال على
الإقتصاد الوطني....................................23
لائحة المراجع................................................................................................25
[5] - زهير الزبيدي. التعريف بجرائم التهريب في الوطن
العربي، أبحاث الندوة العلمية السادسة. دار النشر بالمركز العربي للدراسات الأمنية
والتدريب. الرياض. 1988. ص: 13.
[7] - إدريس بلمحجوب. دور الأجهزة القضائية والمؤسسات
المالية في مكافحة غسيل الأموال. مجلة القضاء والقانون. العدد 151 ص: 26.
[9] - عبد الرؤوف مهدي. المسؤولية الجنائية عن الجرائم
الإقتصادية. منشأة المعارف بالإسكندرية. 1976. ص: 60
[13] - والمثال البارز على ذلك بيع النبيد بثمن غير مبرر
في فرنسا والمنصوص عليها في القانون الصادر في 24 ديسمبر 1934 والذي ينص في المادة
18 منه على أحكام خاصة بالتجريم تختلف في عناصرها عما يتضمنه المرسوم الصادر في 30
يونيو 1945 بشأن جريمة الإرتفاع غير المشروع بالأسعار لإختلاف السياسة الإقتصادية
التي صدر في ظلها كل من التشريعين. أورده عبد الرؤوف مهدي.م.س. ص: 90.
[14] - راجع ظهير 13 شتنبر 1938 والمتعلق بالتنظيم العام
للبلاد زمن الحرب بالجريدة الرسمية بتاريخ 16 شتنبر 1939 المنظم لتصدير رؤوس
الأموال وعمليات الصرف وتجارة الذهب في زمن الحرب والصادرة بالجريدة الرسمية
بتاريخ 24 ماي 1940 ص: 459.
[15] - سامي النصراوي. الخطأ الجنائي في الجرائم
الإقتصادية طبقا لأحكام القانون الجنائي المغربي. ملخص محاضرات ألقيت على طلبة
دبلوم الدراسات العليا المعمقة. جامعة محمد الخامس. كلية الحقوق الرباط 1983 ص: 2.
[16] ظهير
شريف رقم 225- 00- 1 بتاريخ 5 يونيو 2000. الجريدة الرسمية عدد 4810 بتاريخ 6
يوليوز 2000 ص: 1941.
[18] - أحمد عبد العزيز الألفي. تنوع الجزاءات وأهميته في
مكافحة الجرائم الإقتصادية. منشور بمجلة الوقاية من الجرائم الناجمة عن النمو
الإقتصادي. سلسلة الدفاع الإجتماعي، عدد 7. الطبعة الأولى 1983. ص: 160.
[20] - عبد الرسول خضر الجصاني. دور أجهزة العدالة
الجنائية في الوقاية من الجرائم الإقتصادية. منشور بمجلة سلسلة الدفاع الإجتماعي.
عدد 7. الطبعة الأولى 1983 ص: 192.
[21] - راجع على سبيل المثال الفصل 35 من قانون تنظيم
الأثمان ومراقبتها، والفصل 217 من مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة.
[22] -أستاذنا عبد
الواحد العلمي.شرح القانون الجنائي المغربي، القسم العام، مطبعة النجاح الجديدة،
الدارالبيضاء، طبعة 2002، ص: 89.
[24] - بضراني نجاة. القانون الجنائي القسم العام. الجزء
الثاني. دار النشر الشرفية. وجدة طبعة 1992. ص: 75.
[25] - خالد حلمي. ظاهرة غسيل الأموال ومسؤولية البنوك في
مكافحتها. بحث مقدم إلى مؤتمر الأعمال المصرفية الإلكترونية بين الشريعة والقانون
المنعقد من 10 إلى 12 مايو 2003 في كلية الشريعة والقانون، جامعة الإمارات العربية
المتحدة. المجلد الثالث ص: 1365.
[26] - زغلول محمد البلشي. مسؤولية البنك الجنائية عن
جرائم غسل الأموال. بحث مقدم إلى مؤتمر الأعمال المصرفية الإلكترونية بين الشريعة
والقانون المنعقد ما بين 10 و 12 ماي في كلية الشريعة والقانون، جامعة الإمارات
العربية المتحدة. المجلد الخامس. ص: 1915.
[27] - خالد حلمي. ظاهرة غسيل الأموال وآثارها على
الإقتصاد الوطني. مؤتمر القانون وتحديات المستقبل في العالم العربي. كلية الحقوق.
جامعة الكويت. الجزء الثاني. 1999 ص: 607.
[28] - عادل علي المانع. البنيان القانوني لجريمة غسيل
الأموال. مجلة الحقوق. جامعة الكويت. العدد 1. السنة 29 مارس 2005 ص: 77.
[29] - سعود بن عبد العزيز المريشيد. جرائم غسيل الأموال
مؤتمر القانون و تحديات المستقبل في العالم العربي. كلية الحقوق. جامعة الكويت
1999 ص: 859 وما بعدها.
[30] سليمان
عبد المنعم. مسؤولية المصرف الجنائية عن الأموال غير النظيفة. دار الجامعة
الجديدة. الإسكندرية. 1999 ص: 116.
[35] - نادر عبد العزيز شافي.مكافحة تبييض الأموال. بحث
مقدم إلى مؤتمر الجديد في أعمال المصارف من الوجهتين القانونية والإقتصادية. كلية
الحقوق. جامعة بيروت العربية. الجزء الثالث 2003. ص: 184.
[37] - الأحكام التي أصدرتها المحكمة الدستورية العليا
(المصرية). من أول يوليو 1993 حتى آخر يونيو 1995. الجزء السادس. ص: 29.
[39] - بيترج كوريك. غسيل الأموال وأثرها على الإقتصاد
الوطني. مقال منشور بمجلة التمويل والتنمية الصادرة عن صندوق النقد الدولي مارس
1997. ص: 8.
[40] - صفوت عبد السلام عوض الله. الآثار الإقتصادية
لعمليات غسيل الأموال ودور البنوك في مكافحة هذه العمليات. بحث مقدم إلى مؤتمر
الأعمال المصرفية الإلكترونية بين الشريعة والقانون المنعقد ما بين 10 و 12 ماي
2003 كلية الشريعة والقانون جامعة الإمارات العربية المتحدة. ص: 1554.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق