مخالفة القانون
والخطأ في تطبيقه وفي تأويله.
-
الخطأ قد يكون
موضوعياً وقد يكون إجرائيا فالحكم الذي يصدره القاضي على النزاع المعروض عليه قد
يكون نزاعا اجرائيا وقد يكون نزاعا
عقابياً لعدم توافر اركان الجريمة أو الامتناع للعقاب أو توافر سبب الإباحة
والخطأ الإجرائي يشوب الإجراءات التي يباشرها القاضي أما الخطأ في القانون فإنه
يشوب قضاء المحكمة في الدعوى وكل خطأ من القاضي في الفصل في هذا النظام سواء تعلق
بقانون العقوبات أو بقانون الإجراءات الجنائية هو خطأ في القانون ولا يشترط في
النزاع الذي يفصل فيه القاضي أن يتمسك به أحد الخصوم فقط بل كل ما يجب على القاضي
اثارته من تلقاء نفسه.
ماهية الخطأ:
-
يتخذ الخطأ في
القانون ثلاث صور هي مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والخطأ في تأويله وجميع هذه
الصور تفيد عدم أعمال القانون على وجهه الصحيح الأمر يقتضي تدخل محكمة النقض لكي
تراقب سلامة الحكم المطعون فيه بالنظر إلى القانون الواجب التطبيق.
-
ومخالفة القانون هو
الخطأ المباشر في القانون ويتحقق بتجاهل القاعدة القانونية الواجبة التطبيق وعدم
اعمال الحكم القانوني الذي تنص عليه مثل عدم الحكم بعقوبة تكميلية وجوبية أو أغفال
تطبيق القانون الأصلح للمتهم أو عدم اعمال قاعدة الارتباط الذي لا يقبل التجزئة
وغيرها (1)
-
أما الخطأ في تطبيق
القانون فيتحقق بأعمال نص قانوني على الواقعة أو على اجراءات الخصومة الجنائية مثل
الحكم بعقوبة جريمة غير التي دين المتهم بها .
-
أما الخطأ في تأويل
القانون فهو أنه عند تطبيق المحكمة للقانون تعطي له معنى غير معناه الحقيقي أي
تسيء تفسير مثل الخطأ في تفسيره معنى السلاح والليل كظرفين مشددين في السرقة أو
الإكراه كظرف مشدد في السرقة.
-
والخطأ في الصور
المتقدمة يجب أن يكون واضحا في منطوق الحكم المطعون فيه حتى يكون النقض مقبولا
فإذا كان المنطوق صحيحا في القانون فلا قيمة للأخطاء القانونية التي وردت في
اسبابه مادامت هذه الاسباب لم تؤثر في منطوقه .
-
ولا قيمة للاسباب
القانونية غير السليمة طالما كان المنطوق متفقاً مع القانون سواء لاستناده إلى
أسباب سليمة في الحكم المطعون فيه أو بناء على اعتبارات قانونية صحيحة رأتها محكمة
النقض دون أن ترد في الحكم المطعون فيه.
-
ومن واجب محكمة
النقض أن تجد مدى مطابقة الحكم للقانون بأمرين
-
أولهما أن يكون ذلك
بناء على الوقائع الثابتة في مدونات الحكم المطعون فيه، وثانيهما ألا يكون هناك
دفاع جوهري التفتت عنه المحكمة.
-
ومن أمثلة على
الخطأ في القانون، عدم الاختصاص، فيجوز الطعن على الحكم الصادر في الموضوع بأنه
جاء مشوباً بالخطأ في القانون فيما يتعلق بقواعد الاختصاص، ويجوز لمحكمة النقض أن
تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها أن المحكمة قضت خطأ
باختصاصها بنظر الدعوى ومن الدفاع أيضاً عدم القبول ، فكل حكم صادر في موضوع
الدعوى ينطوي حكماً ولزوماً على حكم ضمني بقبولها شكلاًَ ، ولذلك يجوز الطعن على
هذا الحكم بالخطأ في القانون.(1)
تطبيقات قضائية :-
-
قضاء محكمة
الجنايات بعدم اختصاصها بنظر الدعوى لعدم تبينها وجود تقرير الاتهام من بين مرفقات
الدعوى خطأ في القانون وإذا صدر من المحكمة الاستئنافية حكمان نهائيان متعارضان في
دعوى واحدة أحدهما بإعتبار المعارضة كأن لم
تكن والأخر بإلغاء الحكم المستأنف و أعادة القضية لمحكمة الدرجة الأولى
لنظر معارضة المتهم من جديد فهذا خطأ في تطبيق القانون نشأ عن تجزئة الدعوى
الواحدة بالفصل في استئناف النيابة وأخرى في استئناف المتهم فأن ذلك مما يعيب
الحكمين ويستوجب نقضهما ومناط الطعن بالنقض في أمر التصحيح أن تجاوز المحكمة حقها
في تصحيح الأخطاء المادية بما في ذلك تصحيح أسم المتهم ولقبه .
-
إذا حرصت المحكمة
في أسباب الحكم بأنها تقصد أن يكون وقف التنفيذ شاملاً للعقوبة الأصلية والعقوبات
التبعية والآثار الجنائية المترتبة على الحكم ولكنها قضت في منطوقة بوقف التنفيذ
بالنسبة إلى العقوبة الأصلية وحده فهذا الحكم يكون متخاذلاً متعيناً نقضه .
-
والمعول عليه للقول
بوجود خطأ في تطبيق القانون وأنما هو الوقائع التي يثبتها قاضي الموضوع في حكمه لا الوقائع التي
ترد على ألسنة الخصوم أو المدافعين عنهم أو الشهود في التحقيقات ومحاضر الجلسات إذ
هذه الوقائع الأخيرة ليست سوى مجرد دعاوى لم تفحص ولم يعتبرها القانون عنواناً
للحقيقة .
-
وإذا قضت المحكمة
في الدعوى بتأييد حكمين متناقضين كان ذلك خطأ في تطبيق القانون .
التمييز بين الواقع
والقانون :-
-
كل ما يعد من قبيل
الوقائع في الدعوى يخرج عن أختصاص محكمة النقض ويعد قضاء محكمة الموضوع في شأنه
نهائياً فلا يحق لمحكمة النقض أن تناقش قضاءها في هذا الشأن أو تنسب أية خطأ أو
تجري فيه تعديلاً ما .
-
فالمنوط بها يقتصر
على مجرد النظر في مدى صواب تطبيق القانون على هذه الوقائع والوقائع تعني الأحداث
,أي كل ما حصل وكان له كيان ذاتي فيعد من الوقائع عناصر الركن المادي من فعل
ونتيجة وعلاقة سببية , وما قد يلحق به من ظروف وشروط عقاب وعناصر مفترضة ويعد من الوقائع الركن المعنوي للجريمة سواء
كان قصداً أو خطأ .أما الركن الشرعي وما يتصل به من تجريم وإباحة وتكييف فيمثل
جانب القانون في الجريمة والدعوى الجنائية فلا يصلح وجهاً للنقض الجدل حول ما إذا
كانت الواقعة ثابتة أم غير ثابتة أو حصول الواقعة أو كيفية حصولها ,أو أن القصد
الجنائي قد توافر لدى المتهم استخلاصاً من قرائن واقعية محددة .
ويخرج أيضاً قواعد الإثبات عن أختصاص محكمة النقض لأنها متعلقة بموضوع
الدعوى ووقائعها ويتعلق بحق أو الاقتناع القضائي الذي يطلق لقاضي الموضوع أن يستمد
اقتناعه من أي دليل بيد أن هذه السلطة المطلقة يحدها بعض القيود فأخضعها لرقابة
قضائية ,فمثلاً إذا استمد القاضي اقتناعه من دليل غير مشروع أو لم تتوافر شروط
الدليل ,فأن محكمة النقض تراقب قضائه فيلزم أن يكون استنتاجه متفقاً مع المنطق
السليم ,فأن جافاه كان لمحكمة النقض أن ترد إلى الاستنتاج السليم .
واثبات حصول الواقعة وكيفية حصولها وما لها من خصائص واقعية يمثل جانب الموضوع
في الدعوى أما نسبة وصف قانوني إليها وتكييفها على وجه قانوني محدد واستخلاص
النتائج المترتبة على هذا التكييف فهو جانب القانون فيها , فالقول بأنه صدر عن
المتهم فعل معين هو فصل في الوقائع ,أي فصل في الموضوع ,ولكن القول بأن هذا الفعل
يصلح ليقوم به الركن المادي لجريمة قضية هو فصل في القانون والقول بتوافر القصد
لدى المتهم في القضية الجنائية استخلاصاً من قرائن قضية هو فصل في الواقع ولكن
القول بأن هذا القضية هو ما يفيد به القانون في جريمة معينه هو فصل في القانون .(*)
أحكام النقض
1- مخالفة القانون :-
لما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة الطاعن بعقوبة مستقلة عن كل من
جريمتي التعدي على موظف عام والشروع في السرقة اللتين دان بهما الطاعن على الرغم
مما تنبئ عنه صورة الواقعة كما أوردها الحكم من أن الجريمتين المسندتين إلى الطاعن
مرتبطتان ببعضهما البعض ارتباطا لا يقبل التجزئة ,وذلك أن الطاعن لم يعتدي على
المجني عليه ويحدث به الإصابة موضوع التهمة الأولى إلا بقصد الخلاص من جريمة
الشروع في السرقة موضوع التهمة الثانية ,مما يوجب اعتبارهما معاً جريمة واحدة
والحكم بالعقوبة المقررة لأشدهما وذلك عملاً بالفقرة الثانية من المادة (32) من
قانون العقوبات ,وإذا كانت العقوبة لكل من الجريمتين في الحبس أو الغرامة دون
الجمع بينهما ,ومن ثم فأن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعقوبة الحبس والغرامة يكون قد
أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه نقضه جزئياً وتصحيحه بألغاء عقوبة الغرامة
والاكتفاء بعقوبة الحبس عن التهمتين .
"نقض 20/2/1982م س33صـ237"
-
لما كانت عقوبة جريمة القتل الخطأ – وهي الجريمة ذات العقوبة الأشد التي
دين بها ا لمطعون ضده – كنص الفقرة الأولى
من المادة (283) من قانون العقوبات هي الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر و الغرامة التي لا تجاوز
مائتين جنيه أو أحدى هاتين العقوبتين ولما كان الحكم المطعون فيه نزل بالعقوبة عن الحد الأدنى المقرر قانوناً إذ
قضى بحبسه ثلاثة شهور فأنه يكون قد اخطأ في تطبيق القانون .(*)
"نقض 21/1/1973م س24صـ84"
2- الخطأ في تطبيق القانون
- من المقرر أن القول بوحدة الجريمة أو بتعددها هو من التكييف القانوني
الذي يخضع لرقابة محكمة النقض .
"نقض 2/12/1982م س33صـ947"
- جرى قضاء محكمة النقض على أنه وأن كان الأصل أن تقدير قيام الارتباط في
الجرائم هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع إلا أنه متى كانت
وقائع الدعوى كما أوردها الحكم لا تتفق قانوناً مع ما انتهى إليه من عدم الارتباط
بين الجرائم وتوقيعه عقوبة مستقلة عن كل منها ,فأن ذلك يكون من قبيل الأخطاء
القانونية التي تستوجب تدخل محكمة النقض لإنزال حكم القانون على وجهه الصحيح .
نقض 27/10/1981م س 32 صـ 757.
- المصادر الوجوبية تقتضي أن يكون
الشيء محرماً تداوله على الكافة سوء منهم المالك والحائز والمحرز .ولما كان
السلاح المرخص به ليس من هذا القبيل ,فأن القضاء بمصادرة السلاح المرخص به الذي لم
يسهم صاحبه في الجريمة يكون خطأ في تطبيق القانون .
"نقض 16/3/1983م س34صـ74"
3- الخطاء في تأويل القانون :-
-
اشترط الحكم المطعون فيه في جريمة تسهيل تعاطي الغير للمخدرات – تولي
الجاني تهيئة أو تخصيص مكان لتعاطي المخدرات أو تعاطيه أجراً نظير ذلك , خطأ في
تطبيق القانون وتأويله .
"نقض 23/2/1983م س34صـ54
-
استناد الحكم في أثبات توافر قصد الاتجار إلى القول بأن مجرد قيام الطاعن بتصريف المواد المخدرة بمقابل
لحساب تجارة أخرى يتحقق معه قيام هذا القصد خطأ في تأويل القانون وقد حجب هذا
الخطأ الحكم عن مواجهة عناصر الدعوى الخاصة بقيام أو عدم قيام قصد الاتجار لدى
الطاعن بما يعيبه ويوجب مع النقض الاحاله.
"نقض
24/5/1983م س34 صـ136"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق