الإعسار والافلاس, والفرق بينهما وفق القانون
اليمني
الإعسار
في اللغة:
العسر ضد
اليسر, وهو الضيق والشدة والصعوبة قال الله تعالى{ سيجعل الله بعد عسر يسرا } وعسر
عليه الأمر أي أختلط.
الإعسار اصطلاحاً:
لم يبرز
الفقهاء معنى الإعسار كما أبرزوا معنى الإفلاس, وإنما ذكروا معنى للإعسار يتناسب
مع المعنى اللغوي, وعرفوه بأنه
عدم القدرة على النفقة أو أداء ما عليه بمال ولا كسب , وقيل هو زيادة خرجة
عن دخله.
الإعسار
في القانون اليمني :
لم يبين القانون المدني اليمني تعريف الإعسار
وإنما تطرق إلى تعريف المعسر ,حيث نصت المادة (359) مدني على أن:
( المعسر هو من لا يملك شيئا غير ما استثني له
مما لا يجوز الحجز عليه أو بيعه, وهو ما يحتاجه من مسكن وثياب صالحين لمثله وآلة
حرفته إذا كان ذا حرفة وكتبه إذا كان ذا علم وقوته ومن تلزم نفقته من الدخل إلى
الدخل )
أحكام
الإعسار في القانون اليمني:
نظم المشرع
اليمني أحكام الإعسار في القانون المدني في المواد (361, 363, 364, 365)
وفي ضوء هذه
النصوص نجد أن أحكام الإعسار كالتالي :
1_ إذا كان
المدين معسراً فلا يجبر على أن يستأجره بدينه , ولكن عليه أن يسعى بأي طريقة
لإبراء ذمته من الدين. (361)مدني
2_ يلزم
المدين المعسر قبول الهبة عند تضييق الدائن عليه.(361)مدني
3_ لا يلزم
المدين المعسر أخذ ارش جناية العمد الموجب للقصاص. (361)
4_ لا تلزم
المرأة المعسرة التزوج لقضاء دينها , ولا تلزم _كذلك_ التزوج بمهر مثلها , ولها أن
تتزوج بأقل منه (( اي أقل من هر المثل ))(361)مدني
5_ من كان
ظاهر حاله الإعسار قبل قوله بيمينه , ويحلف كلما ادعى ايساره ومضت مدة يمكن فيها
الإيسار عادة. (363)مدني
6_ في حالة
الالتباس بين ايسار الشخص واعساره تسمع البينة على ايساره أو إعساره ,ويرجح الحاكم
وتقدم البينة المثبتة على النافية. (364)مدني
7_ يحال
بين المدين المعسر وبين دائنه إذا ثبت اعسار المدين بحكم قضائي, وتستمر هذه
الحيلولة إلى أن يثبت إيساره. (365)مدني
الإفلاس
وأحكامه في القانون اليمني :
الإفلاس في اللغة :
أفلس الرجل
صار ذا فلوس بعد أن كان ذا دراهم, بحيث يقال ليس معه فلس, ويفلس إفلاسا مفلسا
كأنما صارت دراهمه فلوسا وزيوفاً, والفلس عدم النيل من أفلس إذا لم يبق له مال .
الإفلاس
في الاصطلاح:
ذكر
الفقهاء عدة تعاريف للإفلاس وسنذكر منها تعريف فقهاء المالكية, الذين قسموا الإفلاس
إلى نوعين هما :
التفليس
الأعم : قيام غرماء المدين عليه أو هو قيام ذي دين حل على مدين ليس له ما يفي به.
التفليس
الأخص : حكم الحاكم بخلع المدين من ماله لغرمائه.
الإفلاس
في القانون اليمني :
لم يتطرق
القانون اليمني لتعريف الإفلاس, وإنما تطرق إلى بيان معنى المفلس حيث نصت المادة
(359) مدني أن:
( المفلس هو من لا يفي ماله بديونه )
وكذلك نصت
المادة (570) تجاري على:
( كل تاجر اضطربت أعماله المالية , حتى توقف عن
دفع ديونه التجارية , يجوز شهر إفلاسه بعد التأكد من ذلك )
قواعد الإفلاس
التجاري في القانون التجاري اليمني :
سنتناول
تقسيم المشرع اليمني لأحكام الإفلاس التجاري, مركزين على بعض وأهم المواد التي تؤكد
على أن هذه الأحكام الخاصة بالإفلاس التجاري وانها تطبق على التجار أفرادا أو
شركات تجارية.
أولا: شهر
الإفلاس وأثاره:
مادة(570):
(كل تاجر اضطربت أعماله المالية حتى توقف عن دفع
ديونه التجارية ,يجوز شهر إفلاسه بعد التأكد من ذلك )
مادة
(571):
( لا تنشأ
حالة الإفلاس إلا بحكم يصدر بشهر الإفلاس , ولا يترتب على الوقوف عن دفع الديون
قبل صدور هذا الحكم أي أثر مالم ينص القانون على خلاف ذلك)
مادة
(572):
(يشهر إفلاس التاجر بناء على طلب أحد دائنيه أو
بناء على طلبه, ويجوز للمحكمة ان تقضي بشهر إفلاس التاجر بناء على طلب النيابة
العامة أو من تلقاء ذاتها )
مادة
(577):
( يجوز شهر
إفلاس التاجر الذي وقف عن دفع ديونه التجارية حتى بعد وفاته أو اعتزاله التجارة
...ويجوز لورثة التاجر طلب شهر الإفلاس بعد وفاته خلال السنتين التاليتين للوفاة000)
نستنتج من
ذلك أن المشرع اليمني نظم أحكام الإفلاس والصلح في القانون التجاري , وان هذا النظام خاص
بالتجار.
إدارة
التفليسة:
مادة (683):
( تسري على
إفلاس الشركات التجارية نصوص الإفلاس بوجه عام , وتجري بوجه خاص النصوص الآتية )أي
المواد (من 683-697)تجاري يمني
وهذا يدل على أن نظام الإفلاس التجاري ينطبق على
الشركات التجارية عدا شركات المحاصة.
قواعد الإفلاس
المدني في القانون اليمني :
مادة (71):
( يحجر على المدين المفلس : وهو ممن يعج عن دفع
ديونه الحالة , ويكون الحجر بحكم من محكمة موطن المفلس , بناء على طلب أحد دائنيه
الحالة ديونهم , أو بناء على طلب المفلس نفسه ,ويترتب على الحجر منع المفلس من
التصرفات في ماله الموجود وقت الحجر , وما يستجد له من مال في مدة الحجر , وقسمة
المال بين الدائنين قسمة غرماء)
الفرق
بين الإعسار والإفلاس :
الفرق
بين الإعسار والإفلاس عند الفقهاء:
إن مفهوم الإعسار
يتفق مع المفهوم اللغوي والشرعي للإفلاس إذ كلاهما في هذه الحالة يقصد بهما من لا
مال لديه, إلا أن مفهوم الإعسار يختلف عن مفهوم الإفلاس عند الفقهاء في الآتي :
1-الإعسار
يحصل بالدين وبغيره كما لو أعسر عن نفقة نفسه وولده , بينما الإفلاس لا يكون إلا
بالديون الحالة لصالح الغير إّذا زادت عن موجودات المفلس .
2-يرجع في
مفهوم الإعسار إلى العرف كما ذكره ابن حجر والإمام العيني ,بينما يرجع في الإفلاس إلى
حكم الحاكم كما اتضح من تعريف الفقهاء للإفلاس .
3-المعسر
هو من لا يملك شيئاً من المال , بينما المفلس قد يكون غنيا غلا أن ماله لا يفي
بسداد ديونه
4-من حيث
الأثر فإن المفلس يطبق عليه ما ذكره الفقهاء من الحجر عليه , ومنعه من التصرف
بأمواله وحبسه إن استدعى الأمر ذلك , بينما المعسر لا يطبق عليه شيء من ذلك
5-الإعسار
سبب لتأجيل الديون الحالة لقوله تعالى ْ{فإن كــان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة} ,
بينما الإفلاس سبب لتعجيل حلول الديون المؤجلة.
الفرق بين الإعسار والإفلاس في القانون اليمني:
إن فكرة الإفلاس
تختلف عن فكرة الإعسار اختلافا جوهريا, فنجد أن الإعسار كما عرفه القانون المدني
هو عدم كفاية أموال المدين للوفاء بديونه المستحقة الأداء, فهو خلل يطرأ على
الذمة.
أما الوقوف
عن الدفع فهو مجرد عجز المدين عن أداء ديونه في مواعيد مستحقاتها, ولا عبرة في
تقديره لحالة المدين من حيث اليسر والعسر لهذا يترتب على هذا الأصل نتيجتان:
1)لا يجوز
شهر الإفلاس مادام أن المدين يقوم بأداء ديونه في مواعيد استحقاقها ولو ثبت عسر
ذمته, كما إذا اقترض أو باع بعض أمواله ليدفع ديونه.
وإذا لجأ إلى
وسائل غير مشروعة أو تدابير تنطوي على الغش لإخفاء حقيقة مركزه المالي, فمن واجب
المحكمة أن تعتبره في حالة وقوف عن الدفع وشهر إفلاسه.
2)يجب شهر الإفلاس
متى عجز المدين عن أداء ديونه في مواعيد استحقاقها ولو كانت ذمته موسرة, وينشأ هذا
العجز عن أسباب كثيرة مثل عقارات يصعب بيعها بسرعة للحصول على نقود لدفع الديون.
والسبب
الذي من أجله لم يشترط المشرع لشهر الإفلاس إذ يكون المدين معسرا هو ما لاحظه من
أن المعاملات التجارية تحث على الائتمان, وأنه لا سبيل إلى تنشيطه لأداء ديونهم في
مواعيد استحقاقها, وأن عدم الوفاء في هذه المواعيد قد يحدث من الضرر بقدر ما ينجم
عن التغلب عن الدفع أصلا فليس مما يعني الدائنون من التجار أن يكون المدين موسرا
أو معسرا, وإنما يعنيهم أن يقوم بالدفع ليتمكنوا بدورهم من مواجهة التزاماتهم فإذا
واظب المدين على الوفاء فلا محل لتفليسه ولو كان معسرا, وإذا عجز عنه وجب الإسراع إلى
تصفية أمواله ولو كان موسرا.
-وكذلك من
أهم الفوارق التي نجدها بين الإفلاس والإعسار هو أن حكم شهر الإفلاس ينزع يد
المدين من التصرف بأمواله وإدارتها, وأما المدين غير التاجر فيجوز له رغم الحكم
بشهر إعساره أن يتصرف في ماله ولو بغير رضا الدائنين.
-لا يؤثر
حكم شهر إعسار المدين غير التاجر على حقوقه السياسية, في حين إن شهر إفلاس التاجر
يؤثر على هذه الحقوق ولا يستفيد التاجر من حقوقه السياسية كاملة إلا بعد إعادة
الاعتبار.
-ليس
للمدين في حالة الإعسار أن يستفيد من صلح تقرره أغلبية دائنيه لإجبار الدائنين
الذين لم يقبلوا بهذا الصلح على الإذعان لشروطه, حتى يشهر إفلاس المدين المتوقف عن
الدفع لابد على القاضي أن يتحقق من توافق شروطه, في حين أن القانون منح هذا الحق
للمدين التاجر.
-على
المحكمة التي يتبعها موطن المدين أن تأخذ بعين الاعتبار قبل تقدير إعسار المدين
جميع الظروف التي أحاطت به سواء كانت هذه الظروف عامة أو خاصة، فتنظر إلى موارده
المستقبلية ومقدرته الشخصية ومسؤوليته عن الأسباب التي أدت إلى إعساره ومصالح دائنيه الحق للمحكمة أن ترفض شهر الإعسار ولو
كانت أموال المدين لا تكفي للوفاء بديونه, إذا ما ما تبين لها أن المدين لا يستحق
هذه المعاملة.
أما الإفلاس
إذا كان التاجر قد توقف عن دفع ديونه ولو بسبب قوة قاهرة أو ظروف طارئة فيجب شهر
إفلاسه.
المراجع:
- تعثر
المؤسسات المالية والطرق المقترحة لمعالجته. د. عصام خلف العنزي
-صحيفة
السلطة القضائية العدد (156)/ الإفلاس التجاري والإفلاس المدني(أو الإعسار) دراسة
مقارنة / د .عبدالرحمن عبدالله شمسان
-شبكة
منتدي الفقه والقانون اليمني تقدم: سلسلة البحوث والدراسات القانونية رقم (89)
بعنوان: دراسة وبحث قانوني متميز عن الإفلاس
مقدم البحث /عبد القوي حُميد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق