ماهية الكفالة وأركانها وكيفية اثباتها وأحقية الكفيل بالرجوع عنها.

 

بحث حول ماهية الكفالة وأركانها وكيفية اثباتها وأحقية الكفيل بالرجوع عنها.

أولا:-تعريف عقد الكفالة :-

في القانون المدني

تنص المادة (1026)بأن:-  الكفالة ضم ذمة هي ذمة الكفيل إلى ذمة هي ذمة المكفول عليه للاستيثاق فيما كفل به وتتم بلفظها  ولا تتوقف على رضاء المكفول عليه.

في القانون التجاري

تنص المادة (230)بأن:-الكفالة ضم ذمة الى ذمة في المطالبة بتنفيذ التزام وتنعقد بايجاب وقبول من الكفيل والدائن ونحوه ولا تتوقف على رضاء المكفول عليه.

أما من ناحية نوع عقد الكفالة فقد أشار المشرع اليمني بأن الكفالة من عقود التبرع كما نصت المادة(1035 من القانون المدني اليمني) بأن الأصل في الكفالة التبرع ويصح ان تكون بأجر.

ويؤخذ من هذه التعريف(أن الكفالة هي عقد بين الكفيل والدائن . أما المدين الأصلي فليس طرفاً في عقد الكفالة، بل أن كفالة المدين تجوز بغير علم المدين ، وتجوز أيضاً رغم معارضته. والذي يهم في الكفالة هو التزام هذا المدين ، إذ أن هذا الالتزام هو الذي يضمنه الكفيل ، فيجب أن يكون مذكوراً في توضيح ودقة في عقد الكفالة . وهذا الالتزام المكفول أكثر ما يكون مبلغ من النقود ، وقد يكون إعطاء شيء غير النقود ، كما قد يكون عملا أو امتناعاً عن عمل . فإذا لم يكن الالتزام المكفول مبلغاً من النقود ، ضمن الكفيل ما عسى أن يحكم على المدين الأصلي من تعويض من جراء إخلاله بالالتزام بإعطاء شيء غير النقود ، أو من جراء إخلاله بالالتزام بعمل أو بالامتناع عن عمل.

كتاب الوسيط في شرح القانون المدني الجزء العاشر  السنهوري ص 14

خصائص عقد الكفالة: أهم خصائص عقد الكفالة ما يأتي :

1– عقد الكفالة عقد رضائي، ينعقد بمجرد التراضي ما بين الكفيل والدائن، وتنعقد الكفالة بلفظها فلا حاجة في انعقادها إلى شكل خاص.

2- وعقد الكفالة عقد ملزم لجانب واحد ، هو جانب الكفيل . فالكفيل وحده هو الذي يلتزم بعقد الكفالة بوفاء الدين للدائن أن لم يف به المدين الأصلي، أما الدائن فلا يلتزم عادة بشيء نحو الكفيل( [1] ) . وهذا هو الأصل . ولكن ذلك لا يمنع من أن تكون الكفالة عقداً ملزماً للجانبين إذا التزم الدائن نحو الكفيل بدمع مقابل في نظير كفالته للدين ، فيصبح كل من الكفيل ، والدائن ملتزماً نحو الآخر ، ويكون عقد الكفالة في هذه الحالة ملزماً للجانبين .

وإذا كان الأصل أن الكفالة عقد ملزم لجانب واحد . فليس ذلك معناه أن الكفالة إرادة منفردة تصدر من جانب واحد . بل الكفالة عقد لا يتم إلا بتبادل إرادتين متطابقتين من الكفالة والدائن، ولا يتم بإرادة الكفيل وحده ولو أن الكفالة لمصلحة الدائن . فإذا أوجب الكفيل الكفالة، وكان الإيجاب غير ملزم، كان للكفيل أن يرجع في إيجابه قبل صدور القبول من الدائن.

3- والكفالة في العادة عقد تبرعي بالنسبة إلى الكفيل، فالكفيل يتبرع عادة بكفالته للدين( [2] ) . أما بالنسبة إلى الدائن المكفول فالكفالة عقد معاوضة، لأن الدائن حصل على كفالة في مقابل إعطاء الدين وإذا كان الدائن قد أعطي الدين للمدين لا للكفيل والمدين ليس طرفاً في عقد الكفالة ، فإنه ليس من الضروري في عقود المعاوضة أن يكون العوض قد أعطي لأحد المتعاقدين ، بل يكفي إعطاؤه للغير وهو هنا المدين . والعقد الواحد قد يكون معاوضة بالنسبة إلى أحد المتعاقدين وتبرعاً بالنسبة إلى المتعاقد الآخر

كتاب الوسيط في شرح القانون المدني الجزء العاشر  السنهوري ص 16-19

أركان الكفالة

16- ركنان : يمكن القول أن للكفالة ركنين : ( 1 ) التزاماً أصلياً مكفولاً ، هو التزام المدين الأصلي يضمنه الكفيل . وبدون هذا الالتزام لا تكون كفالة ، لأن التزام الكفيل هو كما قدمنا التزام تابع ، فهو يتبع الالتزام الأصلي المكفول على الوجه الذي بسطناه فيما تقدم(   ) . ( 2 ) اتفاقاً بين الكفيل والدائن لكفالة التزام المدين الأصلي ، وهذا الاتفاق هو عقد الكفالة ذاته ، فلا بد إذن من رضاء الكفيل بالكفالة ، ورضاء الدائن بأن يضمن الكفيل حقه(   ) .

كتاب الوسيط في شرح القانون المدني الجزء العاشر  السنهوري ص

التراضي بين الكفيل والدائن: ولما كانت الكفالة عقداً بين الكفيل والدائن كما قدمنا، فإنها تقتضي التراضي بين الكفيل والدائن فيتفق الاثنان على أن الكفيل يكفل المدين الأصلي . ولا يكفي رضاء الكفيل وحده ، بل يجب أيضاً حتى يتم العقد من رضاء الدائن بالكفالة ولو رضاء ضمنياً( [3] ) . وذلك حتى لو كان الكفيل متبرعاً بكفالته كما هو الغالب، وذلك عقد الهبة لا بد فيه من رضاء الموهوب له .

أما رضاء الكفيل فجوهري، لأن الكفيل هو الذي يلتزم بعقد الكفالة. ولا بد أن يرضي الكفيل بالكفالة، ويعبر عن هذا الرضاء تعبيراً واضحاً. فمجرد توصية شخص للدائن بأن يثق بمدينه لأن هذا المدين ملئ ولأنه يبادر إلى تنفيذ التزامه، حتى لو كانت هذه التوصية قد أتت بعد سؤال الدائن هذا الشخص عن حالة المدين، لا يعد رضاء من هذا الشخص بكفالة المدين إذ لا بد من أن يرضى هذا الشخص بكفالة المدين رضاء واضحاً، وأن يعقد التراضي بين الكفل والدائن : ولما كانت الكفالة عقداً بين الكفيل والدائن كما قدمنا ، فإنها تقتضي التراضي بين الكفيل والدائن فيتفق الاثنان على أن الكفيل يكفل المدين الأصلي . ولا يكفي رضاء الكفيل وحده ، بل يجب أيضاً حتى يتم العقد من رضاء الدائن بالكفالة ولو رضاء ضمنياً( [4] ) . وذلك حتى لو كان الكفيل متبرعاً بكفالته كما هو الغالب ، وذلك عقد الهبة لا بد فيه من رضاء الموهوب له .

أما رضاء الكفيل فجوهري ، لأن الكفيل هو الذي يلتزم بعقد الكفالة . ولا بد أن يرضي الكفيل بالكفالة، ويعبر عن هذا الرضاء تعبيراً واضحاً . فمجرد توصية شخص للدائن بأن يثق بمدينه لأن هذا المدين ملئ ولأنه يبادر إلى تنفيذ التزامه ، حتى لو كانت هذه التوصية قد أتت بعد سؤال الدائن هذا الشخص عن حالة المدين ، لا يعد رضاء من هذا الشخص بكفالة المدين إذ لا بد من أن يرضى هذا الشخص بكفالة المدين رضاء واضحاً

وقبل أن ينشأ الدين ، فإنه يجوز الاشتراط لمصلحة شخص غير معلوم وغير معين.

30- شكل الكفالة : الكفالة من عقود التراضي لا يشترط في انعقادها شكل خاص( [5] )  بل كل تعبير عن الإرادة يفيد الرضاء من جانب الكفيل ومن جانب الدائن يكفي لانعقادها ،وقد تقدم بيان ذلك .

غير أن هناك فرقاً بين رضاء الكفيل ورضاء الدائن ، فالكفيل عادة متبرع ، فيجب أن يكون رضاؤه واضحاً كما سبق القول ، وكثيراً ما يتورط الكفيل في التزامه بالكفالة ، ويخيل إليه عند الإقدام عليها أن المدين الذي كفله سيقوم بتنفيذ التزامه ، ثم ما يلبث أن يتبين أن المدين غير قادر على الوفاء بالتزامه ، إما من الوقت الذي أصبح فيه مديناً أو بعد ذلك لظروف جدت ، فيرجع الدائن على الكفيل ليقوم عن المدين بوفاء الالتزام . وقد يعرض الكفيل نفسه لخسارة كبيرة ، بل قد يعسر أو يفلس كنتيجة مباشرة $76 لكفالته مديناً معسراً ، لذلك تعبر الناس عن هذه الحقيقة التي تقع كثيراً في العمل بقولهم "التضامن غارم"، من أجل ذلك اشترط التقنين المدني الفرنسي أن يكون رضاء الكفيل بالكفالة رضاء صريحاً ، فلا يصح أن يستخلص رضاؤه ضمناً من الظروف فنصت المادة 2015 من هذا التقنين_ القانون المصري_ على أن "الكفالة لا تفترض بل يجب أن تكون صريحة ، ولا يجوز التوسع فيها إلى أبعد من الحدود التي عقدت الكفالة في نطاقها" ، والمقصود بالكفالة في النص هو دون شك رضاء الكفيل لا رضاء الدائن، فالكفيل هو الذي يتعرض لمخاطر الكفالة في حين أن الدائن يجني فائدتها ، لذلك اشترط التقنين المدني الفرنسي أن يكون رضاء الكفيل بالكفالة وتعريض نفسه لمخاطرها رضاء صريحاً ، ولا يكفي الرضاء الضمني ، ولم يرد في التقنين المدني المصري نص يقابل نص المادة 2015 فرنسي ، لكن لا شك في أن رضاء الكفيل بالكفالة في القانون المصري يجب أن يكون واضحاً وضوحاً كافياً كما سبق القول ، فإذا غم الأمر وجب التسليم بأن رضاء الكفيل لا يعتد به لأنه غير واضح( [6] ) .

وهذا بخلاف رضاء الدائن ، فإن الكفالة تكون عادة لمصلحته ، لذلك لا يشترط في رضائه أن يكون صريحاً، بل ولا أن يكون واضحاً، فيكفي استخلاص هذا الرضاء من الظروف والقرائن، ولذلك جاز أن يكون قبول الدائن بالكفالة قبولا ضمنياً، وقد قضي بأنه يعتبر رضاء ضمنياً من الدائن بالكفالة احتفاظه بسندها، وتنفيذ هذا السند على الكفيل( [7] ).

إثبات الكفالة – نص قانوني : تنص المادة 773 مدني على ما يأتي :

"لا تثبت الكفالة إلا بالكتابة،_ وهذا في القانون المصري أما القانون اليمني فإنها تثبت بأي من  طرق الاثبات_ ولو كان من الجائز إثبات الالتزام الأصلي بالبينة

كما يجوز الإثبات بالبينة إذا وجد مانع يحول دون الحصول على دليل كتابي أو إذا فقد الدائن سنده الكتابي لسبب أجنبي لا يد له فيه . كذلك يجوز إثبات الكفالة بالإقرار واليمين ، وهذان طريقان للإثبات جائزان حيث يجب الإثبات بالكتابة( [8] ) .

كتاب الوسيط في شرح القانون المدني الجزء العاشر  السنهوري

في أحقية الكفيل بالرجوع عنها:

وإذا كان الأصل أن الكفالة عقد ملزم لجانب واحد. فليس ذلك معناه أن الكفالة إرادة منفردة تصدر من جانب واحد . بل الكفالة عقد لا يتم إلا بتبادل إرادتين متطابقتين من الكفالة والدائن، ولا يتم بإرادة الكفيل وحده ولو أن الكفالة لمصلحة الدائن . فإذا أوجب الكفيل الكفالة، وكان الإيجاب غير ملزم، كان للكفيل أن يرجع في إيجابه قبل صدور القبول من الدائن.

كتاب الوسيط في شرح القانون المدني الجزء العاشر  السنهوري

في خيار المجلس:

نصت المادة 228 من القانون المدني بقولها:

"يثبت خيار المجلس في كل عقد معاوضة محضة واقعة على عين لازمة من العاقدين ليس فيها تملك قهري..."

فإذا كان خيار المجلس ثابت في كل عقود المعاوضة  فإنه ومن باب اولى  يكون ثابتا ً في عقود التبرع (عقد الكفالة)  خيار المجلس وعليه فإنه للكفيل التمسك بخيار المجلس كون العقد الذي إبرامه يعتبر من جهته عقد تبرعي فله حق التراجع عنه . 

هذا ما رأينا والله تعالى أعلم

 

إعداد/أيمن الشايمي.                      تحت إشراف المحامي/فهمي عقيل



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة