وضع (كفالة)لتنفيذ الحكم, وفق القانون اليمني
تعريف الكفالة:
كل ما يقدمه طالب
التنفيذ قبل الشروع فيه من ضمانات بالشكل
المحدد في القانون ، لاعادة الحال إلى ما كانت عليه ولتعويض المنفذ ضده ، ولتعويض
المنفذ ضده ، إذا ألغي الحكم عند الطعن فيه بالاستئناف.
أهمية وضع كفالة لتنفيذ الحكم المعجل:
إن مصلحة المحكوم له
تقتضي سرعى إستيفاء حقه وعدم الانتظار لحين اكتساب الحكم الصفة النهائية ، ولكن في
المقابل تقتضي مصلحة المحكوم عليه عدم إجباره على تنفيذ حكم غير مستقر وقابل
للالغاء ، ولذا فإن الكفالة في التنفيذ المعجل تُعد إحدى الوسائل الهامة للموازنة
بين المصالح المتعارضة لطرفي ذلك التنفيذ.
مدى وجوب الكفالة في التنفيذ المعجل:
يلاحظ بداية أنه لا
تلازم في القانون اليمني بين طبيعة التنفيذ المعجل وبين طبيعة الكفالة في ذلك
التنفيذ ، فقد يكون التنفيذ المعجل جوازياً في حين تكون الكفالة في ذلك التنفيذ
وجوبية, وقد يكون التنفيذ المعجل وجوبياً
في خين تكون الكفالة فيه جوازية، فالكفالة في جميع حالات التنفيذ المعجل الجوازي
وجوبية ، في حين قد تكون جوازية في بعض حالات التنفيذ المعجل الوجوبي كالكفالة في
تنفيذ الأحكام المستعجلة.
وعلى كل فالكفالة في
التنفيذ المعجل إما أن تكون وجوبية يشترطها القانون مباشرة ولا يترك للمحكمة
بشأنها أي تقدير ، وقد تكون جوازية يمنح القانون المحكمة سلطة تقديرية في اشتراطها
أو الإعفاء منها.
أنواع
الكفالة في التنفيذ المعجل
1-الكفالة
الوجوبية:
وهي الكفالة التي
يستلزم القانون بنص مباشر تقديمها كشرط للتنفيذ المعجل ، فيُلزم طالب التنفيذ
المعجل بتقديمها ولو لم ينص عليها الحكم؛ لأنها متطلبة بنص القانون ،وليس للمحكمة
سلطة تقديرية في الاعفاء منها.
وتكون الكفالة وجوبية
وفقاً لقانون المرافغات اليمني في حالة واحدة من حالات التنفيذ المعجل بقوة
القانون ، ففي كل الحالات التالية التي سيتم ذكرها لايجوز البدء في التنفيذ المعجل
إلا بعد تقديم الكفالة ، وإذا جرى التنفيذ قبل تقديمه كان باطلاً وهي كالآتي:
أ-الأحكام وأوامر
الأداء الصادرة في المسائل التجارية.
ب-إذا كان المحكوم
عليه قد أقر بنشأة الالتزام أو جزء منه.
ج-إذا كان الحكم قد
صُدر بناءً على سند رسمي لم يطعن بتزويره أو سند عرفي لم تقم بشأنه منازعة.
د-إذا كان الحكم
صادراً في مرتب أو معاش أو أجر أو تعويض.
و-إذا كان يترتب على
تأخير تنفيذ الحكم ضرر جسيم.
2- الكفالة الجوازية:
هي الكفالة التي أجاز
القانون للمحكمة أن تأمر بنفسها أن تأمر بتقديمها كشرط للتنفيذ المعجل أو أن تعفي
منها ، بحيث يُلزم طال التنفيذ بتقديمها إلا إذا نص عليها الحكم، فإذا خول القانون
المحكمة اشتراط الكفالة فلها أن تأمر بها ولو لم يطلب المحكوم عليه ذلك ؛لانها
تستعمل سلطتها التقديرية وهي لا تتوقف في استعمالها لتلك السلطة على مسلك الخصوم.
وتكون الكفالة جوازية
في التنفيذ المعجل للأحكام المستعجلة ، حيث نصت المادة (243) مرافعات على أن :
( للمحكمة أن تشترط
لتنفيذ الحكم تقديم كفالة تقدرها بحسب الأحوال فإذا لم تنص في حكمها على تقديم
الكفالة كان الحكم واجب النفاذ بدون كفالة)
أما التنفيذ المعجل
للأخكام الصادرة بالنفقة أوبسكن المحكوم له أو بأجرة الحضانة أو الرضاعة أو تسليم
الصغير لأمه أو وليه أو إراءته أياً منهما فيكون بدون كفالة ، كما نعتقد؛ لأن القانون لم
ينص صراحة على وجوب الكفالة، كما فعل في الأحكام الصادرة في المسائل التجارية ،
ولم ينص أيضاً على تخويل المحمة سلطة اشتراطها، كما فعل في الأحام الصادرة في
المسائل المستعجلة.
كما يكون التنفيذ
المعجل بدون كفالة أيضاً في الأحكام
الصادرة في دعوى أصخاب حقوق الأولوية أو الامتياز ، وليس للمحكمة أن تشترط تقديمها
لعدم وجود نص صريح يخولها ذلك.
ووصف الكفالة بأنها
جوازية إنما هو تحديد لمدى سلطة المحكمة في اشتراطها أو الاعفاء منها ، أما بعد أن
تأمربها فإنها تصبح كفالة وجوبية شانها في ذلك شأن الكفالة التي نص القانون على
وجوب تقديمها كشرط للتنفيذ المعجلز
صور
الكفالة:
عندما تكون الكفالة
واجبة بنص القانون أو بأمر المحكمة، فإن على طالب التنفيذ تقديمها لإمكانية الشروع
في التنفيذ المعجل ، وفد وضع القانون اليمني أربع صور لكفالة التنفيذ المعجل ، وهي
واردة على سبيل الحصر فلا يجوز الاتفاق على غيرها وتلك الصور وفقاً لنص
المادة(339) مرافعات وهي كالآتي:
الصورة
الأولى: تقديم كفيل مقتدر:
الإقتدار يعني اليسار
الذي يُمكن المنفذ ضده من الرجوع على الكفيل إذا أُلغي الحكم، ويستوي أن يكون
الكفيل شخصاً طبيعياً أو اعتبارياً طالما كان مقتدراً ، واقتدار الكفيل يخضع
لتقدير محكمة التنفيذ إذا نازع المنفذ ضده في ذلك.
ووفقاً لهذه الصورة
فإن على طالب التنفيذ أن يُقدم كفيلاً يتعهد أمام المحكمة التنفيذ بقبول الرجوع عليه
إذا ألغي الحكم ، وإن يثبت ذلك التعهد في محضر.
ويتعين على المقنن
اليمني أن يُحدد طريقة تقديم الكفيل على النحو السابق وأن ينص كذلك على أن يكون
للمحضر الذي يثبت تعهد الكفيل صفة السند التنفيذيز
الصورة
الثانية:إيداع مبلغ نقدي أو شيك مقبول الدفع لدى خزانة المحكمة أو بنك معتمد:
لم يشترط القانون
اليمني كفاية المبالغ النقدية في هذه الصورة من صور الكفالة ، ومع ذلك فهذا شرط
مفترض لأن الهدف من الكفالة ضمان إعادة الحال إلى ماكانت عليه قبل التنفيذ، وعلى
ذلك فيجب أن تكون المبالغ النقدية كافية لإعادة الحال إلى ما كانت عليه إذا أُلغي
الحكم الذي يجري أو جرى تنفيذه وذلك بصرف النظر عن قيمة الحق المحوم به ، فلا يلزم
أن يكون المبلغ المقدم ككفالة مساوياً لقيمة المحوم فيه.
الصورة
الثالثة: إيداع مايتحصل من التنفيذ لدى خزانة المحكمة:
قد لا يتمكن المحكوم
له من تقديم أي من صورتي الكفالة السابقتين،ولذا فقد أجاز له القانون صورة أخرى لا
تتطلب الاستعانة بالغير أو إيداع نقود ، وتلك الصورة تتمثل في أن يقبل بإيداع ما
يتحصل من التنفيذ لدى خزانة المحكمة ويُفترض لاختيار المحكوم له هذه الصورة من صور
الكفالة، أن يكون التنفيذ غير مباشر ؛ لأن مايودع خزانة المحكمة لا يكون إلا
نقوداً.
الصورة
الرابعة: تسليم الشيء المأمور بتسليمه إلى حارس أمين مقتدر:
في هذه الصورة من صور
الكفالة عللى المحكوم له أن يقبل بتسليم الشيء المأمور بتسليمه بموجب الحكم غلى
حارس أمين مقتدر ، ولا يتصور الأخذ بهذه الصورة إلا في الحالات التي يكون الأداء
الذي تضمنه الحكم المراد تنفيذه لزام بتسليم شيء معين.
ويُلاحظ أن التنفيذ
المعجل في الصورتين الثالثة والرابعة للكفالة لا يكتمل، فإجراته لا تصل إلى مرحلة
استيفاء الحق توزيع حصيلة التنفيذ ، حيث تظل تلك الحصيلة إما في خزانة المحكمة أو
لدى الحارس ولا تُسلم إلى طالب التنفيذ، وذلك فإن فاعلية هاتين الصورتين بالنسبة
للمنفذ ضده تقترب من فاعلية نظام وقف التنفيذ، ولكن التنفيذ المعجل الذي يجري بأي
من الكفالتين السابقتين بالنسبة لطالب التنفيذ .
اختيار
الكفالة:
إذا كان التنفيذ
المعجل مشروطاً بتقديم كفالة بنص القانون أو بنص الحكم، فإن المحكوم له لا يلزم
بتقديمها إلا إذا أبدى رغبته في استعمال حقه في التنفيذ المعجل ، أما إذا قرر
الانتظار حتى يصير الحكم نهائياً ، فإنه سيباشر إجراءات تنفيذه وفقاً للقاعدة
العامة دون كفالة.
فإذا قرر المحكوم له
استعمال حقه في التنفيذ المعجل فيجب عليه أولاً اختيار احدى صور الكفالة التي
حددها القانون ،وأن يعلن اختياره بورقة مستقلة إلى قاضي التنفيذ ، وبدوره يقوم قاضي
التنفيذ بإبلاغ ذلك الخيار إلى المحكوم عليه ، وذلك وفقاً لنص المادة (340)مرافعات:
(يكون إعلان الخيار من الملزم بالكفالة بأي صورة
من صورها المذكورة في المادة السابقة إلى قاضي التنفيذ بورقة مستقلة ، وعلى القاضي
إبلاغ من له المصلخة بذلك الخيار خلال يومين من تاريخ إعلان الخيار) والهدف من
إلان المنفذ ضده بالكفالة التي اختارها طالب التنفيذ ، تمكينه من المنازعة في
كفاية الكفالة إذا أراد.
والقاعدة أن لطالب
التنفيذ الحرية في اختيار إحدى صور الكفالة ، كما صرحت بذلك المادة السابقة،
وبناءً على ذلك لا يجوز الزامه بتقديم اخدى تلك الصور على سبيل التعيين، ومع ذلك
فإن حريته في الاختيار تظل محصورة في نطاق صور الكفالة الأربع ، فلا يعتد بكفالة
لا تتدرج في إطار تلك الصور ، كما لو اختار على سبيل المثال تقديم أوراق مالية
(أسهم) سندات.
وقد
أجازت المادة (243)مرافعات للمحكمة عند إصدار الحكم المستعجل:
( أن تشترط لتنفيذه
تقديم كفالة تقدرها بحسب الأحوال) فإذا حددت صورة معينة للكفالة، فلا مجال لتطبيق
المادة (341) مرافعات ، ويتعين على طالب التنفيذ المعجل تقديم صورة الكفالة التي
حددها الجكم ، أما إذا أمرت بتقديم كفالة دون تحديدها،فللمحكوم له الحرية في
اختيار احدى صور الكفالة المبينة في المادة (339).
المنازعة
في الكفالة:
إذا كان القانون قد
أعطى طالب التنفيذ الحق في أن يختارصور الكفالة التي سيقدمها ، فإنه في المقابل
منح المنفذ ضده الحق في أن ينازع في تلك الكفالة ، وذلك تحقيقاً للموازنة بين مصالحهما المتعارضة ، فنصت المادة
(341)مرافعات على أنه (لذي الشأن خلال ثلاثة أيام من إبلاغه لالخيار المذكور في
المادة السابقة ، وأن ينازغ في اقتدار الكفيل أو كفاية المال المودع أو أمانة
الحارس ، ويكون الحكم الصادر في المنازعة غير قابل للطعن)
وبناءً على ذلك فيجوز للمنفذ ضده أن ينازع في الكفالة
التي اختارها طالب التنفيذ خلال الثلاثة الأيام التالية للتبليغ بذلك ، ويجب أن
تنصب المنازعة إما على كفاية المبالغ النقدية ، أو على اقتدار الكفيل ، أو على
أمانة الحارس ، حسب الأحوال، ولكم لا مجال للمنازعة إذا كانت الكفالة التي اختارها
طالب التنفيذ هي إيداع ما يتحصل من التنفيذ لدى حزانة المحكمة.
فاذا رفع المنفذ ضده
منازعة في الكفالة ، فلا يجوز البدء في
إجراءات التنفيذ إلا بعد الفصل فيها؛ لأنه لا يجوز البدء في التنفيذ المعجل
المشروط بكفالة إلا بعد تقديمها فغلاً ، فلا يكفي إعلان الخيار بها ، ولذلك فيجب
انقضاء الميعاد المحدد لرفع المنازعة أو صدورجكم فيها إن رفعت ، وكل ذلك مالم تكن
الكفالة التي اختارها طالب التنفيذ ( إيداع مايتحصل من التنفيذ لدى المحكمة) فهذه
الصورة كما سبق لا يجوز المنازعة فيها ، وبالتالي يمكن الشروع في التنفيذ بعد
إعلانها إلى المنفذ ضده.
وخلافاً للقواعد العامة في الإثبات ، فإن على طالب
التنفيذ إثبات اقتدار الكفيل أو كفاية المبالغ المودعة أو أمانة الحارس.
والمنازعة في الكفالة
منازعة تنفيذية موضوعية، فتخضع من حيث إجراءات رفعها لإجراءات رفع المنازعات
التنفيذية الموضوعية، أما الحكم الصادرفيها فلا يقبل الطعن وفقاً لنص المادة (339)
مرافعات، خلافاً للأحكام الصادرة في منازعات التنفيذ الموضوعية التي تقبل الطعن
كأصل عام وفقاً لنص المادة (502) مرافعات يمني.
إن المنازعة في
الكفالة المؤسسة على عدم اقتدار الكفيل أوعدم كفاية النقود المودعة أو عدم أمانة
الحارس ، هي التي تنطبق عليها الأحكام المقررة في المادة (339) وتحديد معيار
رفعها، وعدم قابلية الحكم الصادر فيها للطعن) وبناءً على ذلك إذا نازع المنفذ ضده
في الكفالة لغير تلك الأسباب ، كما لو لم تكن الكفالة المقدمة احدى الصور التي
حددها القانون ، فإن الأحكام المقررة في المادة السابقة لا تنطبق عليها ، فيجوز
رفعها دون التنفيذ بميعاد الثلاثة أيام ، ويكون الحكم الصادر فيها قابلاً للطعن
إعمالاً للقواعد العامة في المنازعات الموضوعية.
استرجاع الكفالة:
كفالة التنفيذ المعجل
عبارة عن ضمانة من مخاطر إلغاء التنفيذ، فالهدف منها ضمان إعادة الحال إلى ما كانت
عليه إذا أُلغي الحكم عند الطعن فيها بالاستئناف ، ولذلك فإن علة الإلزام بها تزول
بصيرورة الحكم نهائياً وغير قابل للطعن بالاستئناف.
فإذا أصبح الحكم
نهائياُ بعد السير في إجراءات التنفيذ المعجل ، فيستطيع طالب التنفيذ سحب الكفالة
التي قدمها ، باسترداد المبالغ النقدية أو الشيك ، أو سجب تعهد الكفيل ، أوقبض
حصيلة التنفيذ المودعة في خزانة المحكمة ، أو استلام الشيء الذي سُلم إلى الحارس حسب
الأحوال.
المصادر
والمراجع:
1-قانون المرافعات
والتنفيذ المدني اليمني.
2- كتاب (التنفيذ
الجبري وفقاً لقانون المرافعات اليمني ) للدكتور/ عادل علي محمد النجار.
إعداد/غالب حُميد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق