عمالة الأطفال
مقدمة
تعد ظاهرة تشغيل
الاطفال ظاهرة خطيرة تمس كيان المجتمع، وهي من الظواهر التي أسالت مداد العديد من
الكتاب، وأثارت جدلا دوليا واسعا في إظهارها على ارض الواقع بالرغم من تعقدها
وتفاوت مسبباتها التي تتفاعل في تكوينها عوامل متعددة ومتنوعة، ففي المجتمعات الفقيرة يكون عمل الأطفال مورود
دخل الأسر، مما يؤدي الى تراتبية حتميه يكون الطفل أول ضحاياها، لأنه ولا بلا شك
سيحرم أولا من متابعة تعليمة وسيدخل ميدانا غريبا عنه وغير متناسب مع قدراته.
أهمية البحث:
تتجلى أهمية
البحث في الإحاطة بظاهرة عماله الاطفال وبعدها غير المشروع وظروفها غير الصحية،
ومحاولة التعرف على أبعادها التنموية والاجتماعية والاقتصادية في المجتمع، انها
ظاهرة معقدة يصعب تحليها ومحاربتها بصورة فعالة وكامله.
أهداف البحث:
1-
التعرف على ظاهرة عمالة الاطفال، والوقوف الفعلي على أسبابها
ونتائجها.
2-
المساهمة في نشر الوعي لدى المجتمع والاسرة وإيجاد ضمانات فعالة
لحماية الطفولة ومنع الإساءة إليها.
3-
حلول مشكلة ظاهرة عمالة الاطفال عربيا
التعريف بعمالة الاطفال
يعرف صندوق
الأمم المتحدة للأطفال unicef عمالة الأطفال على أنها:
كل عمل ضار بصحة الطفل أو بنموه أو رفاهيته، بحيث
تستثنى تلك الاعمال النافعة التي تتناسب مع أعمارهم والتي تساعد على تطورهم
الجسماني والعقلي والروحي والأخلاقي والاجتماعي دون أن تؤثر على دراستهم أو راحتهم
أو متعتهم، إذ لا يوجد ما يمنع من عمل الأطفال في هذه الفرص.
ما هي أبرز الأسباب والعوامل التي فاقمت مشكلة عمالة الأطفال
عالمياً؟
من المعروف منطقياً أن أي مشكلة اجتماعية واجهت أو تواجه العالم لم تخلق من
العدم، بل ظهرت تدريجياً بعد انتشار أسباب وعوامل معينة طبيعية أو مفتعلة، بحيث
تركت هذه الأسباب أثرها الواضح في لب المجتمع قبل أن تؤدي لظهور هذه المشكلة،
سنتعرف فيما يلي عن أهم الأسباب التي أدت لانتشار ظاهرة العمالة عند الأطفال.
·
عدم المساواة الاجتماعية: تبيّن أن عدم المساواة الاجتماعية بين الأطفال (إعارة الاهتمام
للأذكى والأجمل والأكثر قدرة على الاندماج في المجتمع, وإهمال من هم عكس ذلك)
كذلك التفرقة العنصرية وسوء المعاملة، (الأسرية أو
داخل المدرسة والمجتمع الخارجي) وخاصة في الدول أو المدن التي تحوي خليط من السكان
الأصليين والأفراد المهجرين أو النازحين من مدن أو بلدان أخرى، من الأسباب
الرئيسية لانتشار عمالة الأطفال ووصولها للحد الذي بلغته الآن في هذه الدول.
·
الفقر: يعتبر الفقر من العوامل المهيمنة والمؤدية لانتشار العمالة عند الأطفال،
فبوجود الأسر الفقيرة أو التي تعيش تحت خط الفقر في بعض الدول النامية، يضطر بعض
الأطفال لزيادة مدخول الأسرة لتأمين أبسط متطلبات الحياة المتمثلة في الطعام.
·
الحالة الاقتصادية للدول: إن وجود الأزمات
الاقتصادية الطاحنة التي تضرب غالبية الأسر في دول معينة (نتيجة الحروب أو ضغوطات
أخرى) تدفع بعض الآباء لإرسال فلذات أكبادهم وبأعمار صغيرة قد تقل عن 7 سنوات
للعمل بهدف الحصول على مصدر دخل إضافي للمساعدة في مصروف
الأسرة, إلا أن ما يفعله هؤلاء الآباء غير مبرر له وغير منطقي طبعاً، فأعلى
المسؤوليات التي ينبغي على الطفل تحمّلها في عمر كهذا هي الدراسة لتأسيس مستقبله.
تبيّن أنه حتى هذه اللحظة يوجد أكثر من 70
مليون طفل في الدول الفقيرة حول العالم
يعملون في الزراعة والمناجم وحقول التبغ.
·
اندلاع الحروب: مع اندلاع الحروب
تتضاعف معاناة الجميع، إلا أن حصة الطفولة من المأساة تصل إلى حد مدمّر، حيث يزداد
التحاق الأطفال بسوق العمل، ومع زيادة تهجير الأسر المفككة يفقد الآباء أعمالهم
ومصادر دخلهم، فيضطر بعض الأطفال للعمل لتأمين بعض حاجيات الأسرة الأساسية، وهذا
ما نراه للأسف في وسط المجتمعات التي تعاني من حروب أو المجتمعات التي هاجر إليها
الهاربون من الحرب، ويوضّح التاريخ أنه خلال الحرب العالمية الثانية ازدادت نسبة
الأطفال الذين تركوا المدارس من أجل العمل بشكل غير قانوني في معامل ومصانع داخل
الولايات المتحدة الأمريكية.
·
الجهل يدفع الأطفال لترك
التعليم من أجل العمل: ينتشر الجهل بشكل كبير في البيئات البسيطة وغير المتعلمة، فانعدام المعرفة
الكافية والثقافة اللازمة التي حرمت منها بعض الأسر نتيجة عادات اجتماعية بالية أو
أسباب اقتصادية معينة، وبهذا تنتشر ظاهرة العمالة على أنها واجب على الأطفال لبناء شخصيتهم وتعزيزها
والمشاركة بشكل فعال
في أسرهم، دون التطرق إلى آثارها السلبية على نفسية الطفل وحياته، حيث تبيّن أنه
يوجد 65 مليون فتاة، و56 مليون فتى لا يحصلون على حقهم الضروري في التعليم حول
العالم.
·
ما هي أخطر الآثار
والنتائج والأضرار الناتجة عن عمالة الأطفال؟
يترتب على الظواهر
الاجتماعية السلبية مثل عمالة الأطفال نتائج كثيرة تؤثر على الأطفال بشكل خاص،
وتفكك الروابط الأسرية، وتخرب بنيان المجتمع بشكل عام. حيث لا يمكن التهرب من هذه
النتائج أو إنكارها إلا بالقضاء على أسباب المشكلة وحلّها، سنستعرض فيما يلي أهم
النتائج الملموسة لعمالة الأطفال، تابعوا معنا قرائنا الأعزاء.
·
أضرار نفسية وجسدية: تسببت عمالة الأطفال
في الكثير من الأضرار الجسدية بحق الأطفال، مثل هذه الأخطار كانت ناتجة عن الأعمال
الخطيرة التي لا تناسب سن هؤلاء الأطفال (كالعمل على آلات ثقيلة أو العمل باستخدام
وسائل حادة)، بالإضافة للأضرار النفسية التي سيعاني منها الأطفال نتيجة الاستغلال
والجهد والإرهاق نتيجة العمل وعدم توفر استقرار نفسي لهم, مثل أقرانهم من الأطفال
غير العاملين، والأهم نتيجة خسارتهم طفولتهم والقدرة على تأسيس مستقبل حقيقي من
خلال الدراسة في المدارس والجامعات، أي خسارتهم أبسط حقوقهم الإنسانية.
·
الحرمان من التعليم: كما أوضحنا سابقاً
أن عمالة الأطفال أحد الأسباب الرئيسية لحرمان الأطفال من التعليم، وسبب أساسي
للتسرب من المدارس، حيث أنه كلما زادت نسبة الأطفال العاملين، زادت نسبة التسرب من
المدارس وقل عدد الأطفال المتمتعين بأبسط حقوقهم ألا وهو التعليم برغم جهود بعض
الدول في جعل التعليم في مرحلته الأساسية مجانياً.
·
الاستغلال الجنسي: تبين أن معظم ضحايا
الاستغلال الجنسي هم من الأطفال العاملين، حيث بلغ عدد الأطفال الذين تم استغلالهم
من قبل المؤسسات أو الأفراد 4،5 مليون طفل، مستغلين خجل الأطفال من الإبلاغ عنهم
وجهلهم بما يحدث وخوف الأطفال من خسارة العمل الذي لن يستطع تأمين لقمة العيش إلا
من خلاله.
·
زواج القاصرات : إن أحد أخطر نتائج
عمالة الأطفال هو زواج القاصرات، حيث تبين أنه كلما انتشرت العمالة أكثر، ازدادت
نتائجها خطورة، حيث يتم استغلال حاجة الآباء للمدخول الإضافي لعقد صفقات تتضمن
الزواج من القاصرات لقاء مبلغ معين من المال. كما ترى الفتاة القاصر في الزواج
خلاصها من شروط العمل الصعبة والضغوطات الأسرية المرعبة، جاهلة نتائج زواجها
المبكر.
·
أطفال الشوارع (عصابات الأطفال): في سياق آخر، تؤدي ظاهرة عمالة
الأطفال إلى استغلال الأطفال جسدياً ونفسياً من قبل جماعات اجرامية بهدف القيام بعمليات السرقة والنشل، مستغلين حاجة
الأطفال للمال وجهل الأهل بما يحدث، خاصة في الدول النامية أو دول العالم الثالث،
معرضين حياة الأطفال للخطر الجسدي والنفسي الكبير، وفي أسوأ الحالات إلى الموت.
إليكم أحدث
الإحصائيات عن نسب البطالة في بعض بلدان الوطن العربي.
في يومنا هذا يوجد 9.2 مليون طفل يعمل في الشرق الأوسط وشمال
أفريقيا أي 8.4% من نسبة الأطفال العاملين في العالم.
إضافة إلى ذلك، وعلى الرغم من تناقص نسب العمالة
بين الأطفال (حيث انخفضت نسبة عمالة الأطفال الإناث بنسبة 40% مقارنة مع انخفاض
عمالة الذكور بنسبة 25% منذ عام 2000م)، لاتزال توجد أعداد هائلة من الأطفال
العاملين في الكثير من الدول العربية.
وعلى سبيل المثال،
بلغ عدد الأطفال العاملين في اليمن 1.3 مليون طفل من أصل 7.7 مليون طفل بمعدل 21%
من مجمل الأطفال في اليمن، في حين أنه في سوريا تبيّن أن نسبة الأطفال المشاركين
في النشاطات الصناعية والاقتصادية وصلت إلى 17.8% من عدد الأطفال الإجمالي.
تنظيم رعاية الطفل العامل في قانون حقوق الطفل
اليمني:
·
بين القانون اليمني من حيث حدود
السن القانوني لتشغيل الأطفال، أيضا تضمن ابرام العقود معهم وفقا لنماذج العقود
المعدة من الوزارة.
·
كفل القانون اليمني للطفل الحق
بالعلاج والتعويض اللازم وفقا للقوانين النافذة أيا كان بسبب الإصابة
·
اجراء الكشف الطبي اللازم قبل
التحاقهم بالعمل للتأكد من مدى لياقتهم البدنية والصحية للعمل مع اجراء الكشف
الطبي الدوري, ولا يتحمل الطفل أي نفقات مالية مقابل الكشف الطبي.
·
لا يجوز ان تزيد ساعات العمل
اليومي للطفل عن ست ساعات متواصلة, ولا يجوز تشغيل الطفل ساعات إضافية أو في أيام
الراحة الأسبوعية, وفي جميع الأحوال يمنع تشغيل الطفل ليلا فما بين الساعة السابعة
مساء والسابعة صباحا.
·
على صاحب العمل الذي يستخدم
أطفالاً عاملين أن يضع سجلاً بالأطفال العاملين وأوضاعهم الاجتماعية والمهنية, يبين
فيه أسم الطفل العامل وعمـره، وولي أمره، وتاريخ مباشرة العمل ومحل إقامته وأي
بيانات أخرى تعتمدها الوزارة.
· يستثنى
من هذا الأطفال العاملون الذين يعملون في أعمال عائلاتهم تحت إشراف رب الأسرة،
وعلى أن يتم العمل في هذه الأحوال وفق شروط صحية واجتماعية ملائمة.
حلول
مشكلة عمالة الأطفال عربياً:
أكدت منظمة الأمم المتحدة United
Nations طلبها من جميع الدول العربية التعاون فيما بينهم
لمعالجة آثار عمالة الأطفال والقضاء على الأسباب المؤدية لظهور هذه المشكلة،
وطالبت الدول بوضع جدول زمني وأجبرتهم على الالتزام به بحيث يتم التخلص من هذه
المشكلة بأسرع وقت. كما أوضحت منظمة الأمم المتحدة من خلال مجلس حقوق الإنسان
التابع لها United Nations Human Rights Council أهمية محاربة عمالة الأطفال
ووضع القوانين اللازمة لضبط هذه المشكلة ومحاسبة الدول التي لا تلتزم بهذه
القوانين، كما بيّنت الحد الأدنى للسن القانوني للعمل، حيث سلّطت الضوء على الأمور
الواجب مراعاتها لحماية الطفولة من الاستغلال، وتم اعتماد هذه الاتفاقية بشكل رسمي
عام 1976م.
وضع القوانين والأنظمة
والعقوبات الصارمة على أرباب العمل الذين يحاولون تشغيل الأطفال دون السن
القانوني.
تحسين الظروف المعيشيّة للأطفال الذين يعانون من
الفقر؛ من خلال خدمات الإعانة، والزكاة، والمساعدة بين الحين والآخر.
مُتابعة الأطفال في المدارس
للحيلولة دون تسربهم أو تركهم للدراسة، والتركيز على التعليم المهني الذي يعلم
الأطفال الضعيفين في الدراسة الأكاديميّة مهناً تقيدهم في المستقبل.
تقديم الخدمات النفسيّة للأطفال
الذين يعانون من التفكك الأسري والمشاكل الأسريّة، ومحاولة حلّ مشاكلهم بكل سريّة
وخصوصيّة.
توفير الأعمال المناسبة لأعمار الأطفال في فترات
العطل من المدرسة، سواءً لمُساعدتهم في تحصيل مصروفهم، أو لقضاء أوقات الفراغ
لديهم، وبالتالي يكونون بحالة نشاط عند عودتهم للدراسة، بحيث تكون هذه الأعمال تحت
رعايةٍ حكوميّة للمحافظة على سلامة الأطفال.
في النهاية، نرى أن العمالة مشكلة حقيقية تواجه
مجتمعاتنا، ولابد لنا من محاربتها والقضاء على أسباب حدوثها.
إن
هذه المشكلة سوف تبقى العائق الأساسي أمام تقدم المجتمع العربي وتطوره، ولابد لنا
من التعاون من أجل تخفيف الآثار التي تخلفها عمالة الأطفال، وإعادة الطفولة لمن هم
أمل المستقبل والمساعدة بمنح هؤلاء الأطفال كل حقوقهم التي حرموا منها بشكل أو
بآخر.
المراجع والمصادر
قانون رعاية الاحداث اليمني
الدكتور ماهر سلامة
الدكتورة ميساء حموري
الدكتورة سراء فاضل الانصاري.
إعداد/أ. حمدان الذيباني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق