الأثر
المترتب على هذه الجريمة:
لما
كان المجني عليه في هذه القضية هو الأب والمتهم فيها بعض أبنائه مما يعنى وجود
عقوبة إضافية فضلاً عن عقوبة القصاص الشرعي لمن تثبت إدانته هذه العقوبة لإضافية
هي الحرمان من الميراث لمن تثبت مسئوليته عن ارتكابها فضلاً عن المسئولية الجنائية
مما يقتضى بيان الحكم الشرعي والقانوني في هذا الخصوص.
وسنعرض
لهذا الأمر من حيث بيان أن القتل مانعاً من الإرث ومن ثم بيان منهم الذين يجب
حرمانهم هل يقتصر الحرمان على المباشر لفعل القتل العمد فقط أم أنه يمتد يشمل غيره
من أنواع القتل كالقتل الخطأ وشبه العمد وما الحكم بالنسبة لمن يثبت تسببه في حصول
واقعة القتل وذلك على النحو التالي:
القتل
المانع من الإرث:
أتفق
الفقهاء على أن القتل مانع من الإرث فلا يرث القاتل من قتله لقوله(ص) (ليس
لقاتل ميراث)وقال (لا يرث القاتل شيئاً) ولا خلاف بين الفقهاء في أن
القتل مانع من الميراث ولكن القتل أنواع كما سبق فهل كل نوع يمنع من الميراث.
قال
الشافعي:
القتل بجميع أنواعه مانع من الإرث، واستدل بأن الأخبار الواردة بمنع القاتل عامة
تشمل كل قاتل سواء كان القتل عمداً أو غير عمد بل ولو كان القتل بحق أو بعذر حتى
لو حكم القاضي على مورثة بالإعدام لارتكابه ما يستوجب ذلك فإنه لا يرثة.(1)
مذهب
الحنابلة:
القتل المانع من الإرث هو القتل الذي يوجب القصاص أو الكفارة أو الدية.
فيدخل
في ذلك القتل العمل سواء كان بالمباشرة أو التسبب والقتل شبة العمد والقتل الخطأ
والقتل من غير المكلف كالصبي والمجنون فإنه يجب فيه الدية.(2)
*
ولا يدخل في القتل المانع القتل بحق لأنه غير محظور كالقتل قصاصاً أو حداً أو
دفاعاً عن نفسه كالصائل أن لم يندفع إلا بالقتل.
مذهب
أبو حنيفة:
القتل المانع من الميراث هو القتل الذي يستوجب القصاص أو الكفارة وهذا يصدق على
أنواع أربعة (العمد وشبة العمد والخطأ والجاري مجرى الخطأ).(3)
لان
العمد يستوجب القصاص والثلاثة الأخرى تجب فيها الكفارة.
أما
الأنواع التالية لا تمنع من الميراث وهي:
1)
القتل بحق كالقتل
فوداً أو القتل حداً لأنه لا يجب على القاتل شيء من قصاص أو كفارة أو دية.
2)
الغير أهل للمسئولية
الجنائية كالصبي والمجنون وإن كان يجب عليه الدية.
3)
إذا كان القتل
بالتسبب: كأن حفر الوارث بئر في طريق مؤرثة وشهادة زور أدت للقتل.
4)
ولا يدخل في القتل
المانع من الإرث القتل لعذر.
مذهب المالكية:
يرى فقهاء المذهب المالكي أن القتل الذي يمنع
من الميراث نوع واحد وهو القتل العمد والعدوان سواء قتل القاتل مورثة بالمباشرة أو
بالتسبب.
والقتل الخطأ لا يمنع من الميراث عندهم غير أن
القاتل لا يرث من الدية فهو يرث في تركه مورثة سوى الدية.
*لا يمنع من الإرث ما إذا كان القتل بحق قصاصاً
أو حداً أو كان القتل بعذر كالقتل دفاعاً عن النفس أو المال أو العرض وممن ليس
أهلاً للمسئولية الجنائية كالصبي والمجنون.(4)
_ القانون المصري أخذ بالمذهب المالكي في هذه
المسألة وجاء في المادة مصري ما نصه (من موانع الإرث قتل المؤرث عمداً سواء كان
القاتل فاعلاً أصلياً أم شريكاً أم كان شاهد زور أدت شهادته إلى الحكم بالإعدام
وتنفيذه إذا كان القتل بلا حق ولا عذر، وكان القاتل عاقلاً بالغاً من العمر خمس
عشرة سنة ويعد من الأعذار تجاوز حق الدفاع الشرعي).(5)
ويرى
بعض الفقهاء أن الراجح من هذه الآراء الفقهية هو رأى المالكية في اعتبار العمد
والعدوان مانعاً من الإرث سواء كان بالمباشرة أم بالتسبب لأنه هو المعنى المقصود
الذي يناسب العقوبة والحرمان من الإرث معاملة للقاتل بنقيض مقصودة أما القتل الخطأ
فينتفي فيه القصد، فلا يحرم من الميراث في المال دون الدية وذلك لأن الدية لو
أداها كاملة فإنه يرث جزءاً منها وهذا إذا كانت الدية على القاتل (أي على نفسه)
أما القتل بعذر أو بوجه حق كالحد والقصاص أو صدر الفعل من غير مكلف شرعاً فإن
الحرمان عقوبة شرعية وهي لا تكون إلا على من قصد القتل عمداً وعدواناً، وهذا ما
اخذ به القانون المصري.(6)
_
موقف القانون اليمني:
تنص
المادة(305) من قانون الأحوال الشخصية على: (القتل مانع من الميراث إلا أن يكون
منفذاً لحد أو قصاص شريطة أن يكون القاتل عند ارتكابه الفعل عاقلاً بالغاً سن
المسئولية الجنائية).
ومؤدى
هذا النص أن القتل بشكل عام مانع من موانع الإرث سواء كان بالمباشرة أم بالتسبب أم
خطأ لعمومية النص.
ولم
يشترط المشرع في النص السابق للمنع من الإرث أن يكون القتل عمداً وعدواناً وأقتصر
المشرع للمنع من الإرث شرطي العقل وبلوغ سن المسألة الجنائية والتي هي في القانون
اليمني(18) سنة – وإلى جانب ذلك الشرط استثنى من المنع القتل تنفيذاً لحد أو قصاص
أما فيما دون ذلك فإن القتل يكون مانعاً من الإرث بشكل عام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق