استعمال السلطة سبباً
من أسباب الإباحة, والإعفاء عن المسؤولية الجنائية
تعريف اسباب الإباحة / عرف فقهاء القانون
اسباب الإباحة بأنها ظروف معينة نص عليها المشّرع, من شأنها إذا توافرت في الفعل غير
المشروع أن تخلع عنه صفة المشروعية, وتعيده إلى اصله من المشروعية والإباحة فلا يعتبر جريمة ولا يرتب أي مسؤولية جنائية
أو غير جنائية .
وقد حصر المشرع اليمني اربعة اسباب للإباحة منها استعمال السلطة, وفقاً لما
نصت علية المادة (26) من القانون الجرائم والعقوبات:
{لا جريمة إذا وقع الفعل استعمالاً لحق مقرر بمقتضى القانون, أو قياماً بواجب
يفرضه القانون أو استعمالاً لسلطه يخولها }.
ومن خلال النص نجد أن المشرع اليمني قد اعتبر أداء الواجب سبباً من اسباب
الإباحة, يسري على جميع الجرائم التي تقع تنفيذاً لهذا الواجب أياً كان طبيعتها أو
نوعها.
لمادة (308) مدني :
(لا يكون الموظف العام مسؤولا عن عمله الذي الحق الضرر بالغير إذا قام تنفيذاً
لإمر صدر إليه من رئيس متى كانت طاعة هذا الأمر واجبه عليه شرعاً, أو كان يعتقد أنها
واجبه عليه وأثبت أنه كان يعتقد مشروعية العمل الذي وقع منه وإن اعتقاده مبني على اسباب
معقولة شرعا, وأنه راعى جانب الحيطة في عمله ويسأل الأمر إذا توافر في امره صفات الفعل
غير المشروع.
والفرض أن هؤلاء الاشخاص يقومون بواجبات الزمهم القانون, بها بحيث يكون استعمالهم
للسلطة المخولة لهم قد جاء بتكليف من القانون .
ومعلوم أن الفعل إذا اصبح واجباً فلا تصح مساءلة فاعله عن نتائجه المعتادة
، وهذا يعني أن الإباحة ثابته لكل فعل أمر به القانون، وتستند هذه الإباحة إلى رعاية
المصلحة العامة لا تستقيم امور الحياة إلا بها, وهي تفوق في اهميتها الاهمية التي تتمتع بها المصالح الخاصة.
حالات مشروعية الإباحة:
1- تنفيذ احكام الشريعة الاسلامية
:
ومقتضى هذا أنه لا تجوز مساءلة أحد من هؤلاء الافراد عن اعمالهم التي يقومون
بها تنفيذاً لتلك الاحكام, حتى وإن ترتب عليها ضرر خاص لبعض الافراد.
وتنفيذ احكام الشرع والقانون تتم بصورتين :
الاولى :أن يكون القائم بالعمل ملزماً بها على سبيل التحديد، وهنا يتحدد الاختصاص
الوظيفي لهذا الشخص, كما تتحدد شروط ذلك العمل وقيوده وفق احكام الشرع مباشرة .
الثانية :أن يكون القائم بالعمل
مرخصاً له به ، وهنا يستطيع الشخص القيام بهذا العمل كما يستطيع العدول عنه إلى غيره
وفق سلط تقديرية منحه الشارع, وتكون هذه السلطة في إطار الواجب الوظيفي العام.
وفي كلا الحالتين يكون المكلف بالعمل مؤديا للواجب، ويكون فعله مشمولاً بحكم
الإباحة مادام ملتزماً حدود الواجب.
شروط الإباحة في تنفيذ احكام الشريعة والقانون:
تشترط لتوافر حالة الإباحة شروط اهمها:
-
المطابقة: يشترط ابتداءً أن
يكون الفعل مطابقاً لأحكام الشريعة أو القانون ملتزماً حدودها .
فيجب أن يكون هذا الفعل
مطابقاً لهذا الأمر ذاته, فإن كان محدداً حدود الفعل ومبيناً شروطه فإن المطابقة تتم
بمراعاة تلك الحدود والشروط ،إذ لامجال للرأي عندئذٍ، ولا صعوبة في معرفة الحكم في
هذه الحالة .
-
حسنُ النية: إذا قام المكلف بواجبه
ملتزماً حدوده ، وهذا يعني أن جوهر حسنُ النية هو الرغبة الصادقة في تنفيذ أمر الله
كما شرع ولما شرع ، ومن ثم يكون المكلف معاقباً إذا ساءت نيته فقصد الإيذاء والإضرار
لتحقيق اغراض خاصة غير غرض الشارع, حتى ولو كان ملتزماً الحدود الموضوعية للواجب .
- إطاعة أمر الرئيس:
يقتضي حسن العمل أن يكون لبعض العاملين سلطة الأمر و التوجيه والرئاسة على
غيرهم، فيكون واجباً على بعض المأمورين أن يطيعوا أمر هؤلاء الرؤساء, وتكون الطاعة
في هذه الحالة قائمة وفق احكام الشرع .
ولكي يكون فعل المرؤوس مباحاً لابد أن يتحقق فيه شرطان:
1-أن يكون الأمر قد صدر من رئيس مختص بإصدار الأمر
:
فإذا اصدر الرئيس امراً إلى المرؤوس
وكان موضوع الأمر واقعةً لا تدخل في اختصاصه ، أو إنها تدخل ولكن ليس ذلك المرؤوس هو
المعنى بتنفيذها فإن هذا الشرط لا يتحقق ومن ثم لا تتوافر حالة الإباحة ، أي أن فعل
المرؤوس إذا اطاع أمر رئيس غير مختص بإصدار ذلك الأمر لا يكون مباحاً، وكذلك لو أن
المرؤوس نفسه غير مكلف شرعاً أو قانوناً بتنفيذ ذلك الأمر.
2-أن يكون الأمر مشروعاً:
ويكون الأمر مشروعاً إذا لم يخالف
حكماً شرعياً فإن خالفه فلا يكون مشروعاً، وفي هذه الحالة لا يكون المأمور ملزماً بالتنفيذ,
فإن نفذ فقد خالف الشرع واقترف محظوراً وذلك
لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
مقدم البحث / سامي مسعود
محمد العميسي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق