التلفظ بالفسخ في دعاوى الفسخ, في القانون
اليمني
المقدمة:
نظراً
لأهمية التلفظ في المعاملات بين الناس ، سواءً من ناحية الإثبات والنفي ، وفي طلب
الشيء والتراجع أو التنازل عنه، كان لابد من التلفظ بما يفيد الرضاء و إرادة الشيء
كأصل عام.
ولا يتم اللجوء إلى الكتابة أو الإشارة المفهمة
إلا إذا استحال تلفظ من طلبت منه.
فقد تشترط بعض القوانين والفقه التلفظ في بعض
العقود والمعاملات, وقد يحجم البعض الآخر عن هذا الشرط، لذا سيكون موضوع حديثنا هو
التلفظ بالفسخ في دعاوى الفسخ ، من حيث اشتراط بعض القوانين التلفظ بالفسخ, والبعض
الآخر اكتفى بحكم القاضي بذلك.
تعريف
الفسخ لغة:
فسخ الشيء
يفسخه فسخاً فانفسخ ، نقضه فانتقض ، وفسخه فسخاً, أفسده ، ويقال : فسخت البيع بين
البيعين والنكاح, فانفسخ البيع والنكاح ، أي نقضته فانتقض.
الفسخ
في الفقه:
هو حلّ
ارتباط العقد, وهو حل عقد الزواج ورفعه, وجعله كأن لم يكن.
الفسخ في القانون اليمني:
لم يعرف القانون اليمني الفسخ, وإنما ذكر في
المادة(43) إن الفسخ هو: أحد الطرق التي تنهي الزواج.
ونصت
المادة (44) بأن الشرط اللازم للفسخ هو التلفظ به, أو بما يدل عليه.
التلفظ
بالفسخ في دعاوى الفسخ, في القانون اليمني:
نصت المادة
(44) أحوال شخصية على:
(يشترط في الفسخ لفظه, أو ما يدل عليه)
يتضح هنا أن اللفظ في الفسخ شرط لقيامه ، وبناءً على ذلك
فإن كل حكم بالفسخ بدون لفظ يعتبر غير صحيح وعرضةً للنقض.
لقد اختلف
علماء القانون في تفسير هذا النص كالتالي :
-
من يقول بأن تتلفظ المرأة طالبة الفسخ بلفظ الفسخ أو ما
يدل عليه, ثم بعد ذلك يحكم القاضي بصحة هذا الفسخ, وذلك براءةً للذمة من أن يحل أي
نزاع في المستقبل بشأن طلب المرأة ذلك الفسخ، وبهذا ما يتم العمل به من قبل بعض
القضاة .
-
من يقول بأن القاضي يحكم بفسخ عقد الزوج دون الحاجة إلى
تلفظ من طلبت الفسخ، لأنها وفقا لقانون الأحوال الشخصية اليمني ليست طرفا في عقد
الزواج حتى تفسخه ، وإنما المقصود بالفسخ من قبل القاضي هو استعمال الألفاظ الدالة
على الفسخ, مثل إنهاء عقد الزواج في حالة الفسخ للكراهية, لأن عقد الزواج نشاء
صحيحا مكتمل الأركان, فطرأت الكراهية التي استدعت إنهاء عقد الزواج ، لأن الفسخ
يعني نقض العلاقة الزوجية التي تنشأ غير صحيحة، وقد استدل أصحاب هذا القول بأن
المادة (44 ) أحوال شخصية نصت على أن
الفسخ يقع بلفظه أو ما يدل عليه ، فهذا النص حسب قولهم يقرر أن لفظ (الفسخ) يكون
من قبل العاقد نفسه اذا كان سبب الفسخ سابقا أو ملازما لإنشاء عقد الزواج ، في حين
تستعمل الألفاظ الدالة على الفسخ بحسب وقت إنهاء علاقة الزوجين ،و بأن الألفاظ الدالة
على فسخ عقد الزواج هي (الإزالة والإنهاء والرفع و النقض والحل.
-
وحسماً للخلاف الحاصل في تفسير النص القانوني ، فقد قضت
المحكمة العليا فـي جلسة 16/5/2002م
الدائرة الشخصية ، في الطعن الشخصي رقم (182) لسنة1422هـ, أنه:
(وبعد التداول والتأمل ودراسة ملف القضية والطعن
والرد عليه, اتضح أن محكمة أول درجة حكمت بعجز الزوج عن الوطء ولا تناكر بشأن ذلك,
كما أن الشعبة الشخصية بمحكمة الاستئناف قد توصلت إلى النتيجة ذاتها وبموجبها فقد
أيدت محكمة الاستئناف حكم محكمة أول درجة بفسخ نكاح مدعية الفسخ, ولكن شاب هذا
الحكم قصور من حيث أن مدعية الفسخ لم تتلفظ أمام المحكمة بلفظ الفسخ المعتبر ثم
تحكم المحكمة بصحة فسخها, وذلك إعمالاً للقواعد والمادة (44) من قانون الأحوال
الشخصية, ولما أشرنا ناسب الإرجاع لسماع الفسخ وإجراء اللازم في أسرع وقت ممكن)
التلفظ
بالفسخ في دعاوى الفسخ, في الفقه المقارن:
من خلال
بحثنا في بعض كتب الفقهاء، لم نجد ما يدل على التلفظ بالفسخ في دعاوى الفسخ, عدا المذهب
الزيدي ، والتالي بيانه:
( ....، ولعل فسخ العيوب ، وفسخ الصغيرة إذا
بلغت ، والأمة إذا عتقت ونحو ذلك لا يفتقر إلى قبول من الآخر، إذ ليس فيه اعتبار
قبض لصحة الفسخ ، ولابد من لفظ في الفسخ ، نحو : ردد النكاح ، أو فسخته ، أو
أبطلته ، أو رفعته ..)
المصادر
والمراجع:
-
لسان العرب ـ
المجلد الثالث.
-
قانون الأحوال الشخصية اليمني ـ رقم (20) لسنة 1992م وتعديلاته حتى رقم
(34)لسنة 2003م .
-
لأشباه والنظائر على مذهب ابي حنيفة النعمان.
-
الدكتور/ سعيد
خالد علي جباري الشرعبي ـ أستاذ ورئيس قسم قانون المرافعات ـ كلية الشريعة
والقانون ـ جامعة صنعاْ ـ (عند سؤاله ـ من قبل الباحث ـ عن سبب اشتراط القانون
اليمني التلفظ بالفسخ أو ما يدل عليه في المادة (44) أحوال شخصية.
-
تعليق على حكم في إجراءات فسخ الزواج للكراهية ـ
للدكتور/ عبد المؤمن شجاع الدين.
-
المنتزع المختار
من الغيث المدرار المعروف بـ شرح الأزهار ـ المجلد الخامس.
إعداد/ يوسف احمد صالح الكميم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق