جريمة القتل العمد :
أركان جريمة القتل العمد :
أولا: الركن المادي: وقد عبر عنه المشرع ب " التسبب في قتل شخص
للغير " وهذا الركن في الحقيقة لا يختص بجريمة القتل العمد وحدها وإنما يتطلب
توافره في جميع صور القتل عمدا كانت أم نتيجة خطأ فقط.
ثانيا: الركن المعنوي: ومفاده أن يكون إتيان الركن المادي – أي التسبب
في قتل الغير – جاء عن قصد ونية إجرامية وهذا الركن يميز بواسطته بين القتل العمد
والقتل نتيجة إهمال أو خطأ عموما .
الركن المادي لجريمة القتل:
يتطلب السلوك الإجرامي لجريمة القتل العمد ارتكاب الجاني فعلا ماديا
وإيجابيا يكون هو السبب في إزهاق روح الضحية ، ولا يهم شكل أو وسيلة العنف المادي
المجرم هنا وهذا يعني ضرورة توفر ثلاثة عناصر تقليدية في الركن المادي للجريمة
بصفة عامة، وتتمثل في فعل الاعتداء على الحياة يؤدي إلى نتيجة إجرامية هي وفاة
المجني عليه، وقيام العلاقة السببية بين الفعل الإجرامي.
النشاط الإجرامي.
وترتيبا لذلك فالقتل يتطلب سلوكا إراديا ملموسا في العالم الخارجي من
شأنه إحداث الموت فإذا تحققت النتيجة ( الوفاة) كانت جريمة القتل تامة. وكل ما يهم
في الفعل أن يكون صالحا لإحداث الوفاة حيث لا تهم الوسيلة المستخدمة لإحداث القتل
لقيام الجريمة فمثلا من يلطم شخصا على وجهه فيموت لا يصح أن نسأله عن جريمة القتل
إن أنكر ذلك يسأل عن ضرب أفضى إلى الموت ، ولو أن هذا الفعل لا يؤدي عادة إلى
إزهاق الروح، كما أن استعمال سلاح أبيض أو ناري أو حارق أو آلة الإطلاق غاز خانق
أو تسليط جراثيم فتاكة على دم المجني عليه أو إلقاءه من مكان عال بقصد قتله … الخ
تعتبر كلها أفعالا مكونة للركن المادي في القتل العمد لأنها كلها تؤدي إلى إزهاق
الروح عادة .
ومتى كان نشاط الجاني كاف عادة لأحداث الموت فإنه يعتبر قرينة على
وجود نية القتل ما لم يثبت المتهم العكس أما إذا كانت وسيلة الاعتداء على الضحية
غير كافية عادة لأحداث الوفاة وترتب عنها مع ذلك الموت فإن على النيابة العامة
لإثبات وجود نية القتل لدى الجاني وإلا كانت الجريمة مجرد ضرب أو جرح أو عنف أفضى
إلى موت .
النتيجة الإجرامية :
تتمثل النتيجة الإجرامية التي تتم بوقوعها جريمة القتل في وفاة المجني
عليه .
ولا يشترط حصول الوفاة عقب السلوك الإجرامي مباشرة وإنما قد يتحقق ذلك
إثر النشاط وقد يتراخى تحقيقه زمنا ، وفي حالة وقوع هذه النتيجة فعلا فإنه ليس ثمة
ما يمنع من اعتبار الواقعة قتلا عمدا مادامت العلاقة السببية بين النشاط والنتيجة
قائمة ومادام قصد القاتل ثابتا.
العلاقة السببية :
ارتباط النتيجة الإجرامية وهي موت الضحية بنشاط الجاني ارتباط المعلول
بعلته بحيث يكون ذلك النشاط هو الذي نشأ عنه موت الضحية .
الركن المعنوي:
الركن الثاني في جريمة القتل العمد هو القصد الجنائي ومعناه أن تتجه
إرادة الجاني إلى إتيان النشاط الصادر منه (إيجابيا كان أم سلبيا) وإلى النتيجة
الإجرامية المقصودة من ذلك النشاط التي هي إزهاق روح المجني عليه. فجناية القتل
العمد لا تقدم قانونا ولا يعاقب عليها إلا إذا ارتكبت عن قصد وعمد.
إذن فالقصد الجنائي هو قوام الركن المعنوي في جريمة القتل العمد
وبانتفائه تنتفي الجريمة بهذا الوصف، فبواسطته يمكن التمييز بين حالات القتل العمد
والقتل الخطأ والإيذاء المفضي إلى الموت حيث أن الفعل الذي يفضي إلى إزهاق الروح
يتأثر بمدى اتجاه إرادة الفاعل إلى إحداث النتيجة أم لا .
عناصر القصد الجنائي:
يقوم القصد الجنائي على عنصرين :
أولهما : هو العلم بجميع
الوقائع والظروف التي أحاطت بارتكاب الجريمة أي أن يكون الجاني محيطا إحاطة تامة
بحقيقة الواقعة المجرمة واقعيا وقانونيا وهذا يقتضي علمه بأنه يوجه فعل الاعتداء
إلى إنسان حي وأن هذا الفعل يشكل خطورة على حياة المجني عليه وأن من شأنه إحداث
الوفاة .
ثانيهما : الإرادة أي أن
يهدف الجاني إماتة الشخص يمنع القانون قتله ولابد أن تكون إرادة الإنسان حرة حتى
تترتب المسؤولية الجنائية .
القتل الخطأ
من المسلم به أن القتل العمد يتفق والقتل الخطأ الذي يسمى أحيانا
بالقتل " غير العمدي " في أن محل الجريمة في كل منهما هو الإنسان الحي،
كما يتفقان في إن النشاط الذي يقوم به الجاني يفضي في كل الأحوال إلى وفاة المجني
عليه ، فالنتيجة الإجرامية هي واحدة، سواء القتل عمدا أو خطأ، ولكن التشابه لا
يتجاوز هذه الوجوه التي ذكرنها، حيث سرعان ما يبدو الاختلاف صريحا وواضحا في الركن
المعنوي، فبينما يوجه الجاني إرادته في جرائم القتل العمد إلى الفعل وإلى النتيجة
الإجرامية الناتجة عن فعله وهي الوفاة . فهو في جرائم القتل الخطأ يريد الفعل
،ولكنه لا يريد النتيجة ولا يرغب في إحداث الوفاة. ففي النوع الأول يتجلى الركن
المعنوي في القصد الجنائي وفي النوع الثاني ينتفي القصد ويسأل الفاعل عن الخطأ
الذي ارتكابه بإهمال أو عدم احتياطه أو لمخالفته للنظم والقوانين، ما أدى أو أفضى
إلى ما لم يكن يريده من نتيجة ضارة .
جريمة القتل غير العمدي وكما تدل عليه تسميته فعل يرتكبه الجاني
بغير أن يقصد الموت ، ولكنه يكون في وسعه تجنبه إذا تصرف باحتياط وحذر،
فالفرق بينه وبين القتل العمد وكما أسلفنا الذكر ينحصر في أن القاتل عمد يستخدم
إرادته في إحداث الوفاة أما القاتل خطأ فينعدم عنده القصد الجنائي أي الركن
المعنوي بحيث نكون أمام خطأ جنائي.
: أركان القتل الخطأ
الركن المادي:
الركن المادي هو قتل الجاني المجني عليه أي هو فعل الاعتداء الصادر عن
الجاني (أولا) يكون هو السبب في النتيجة الإجرامية ( ثانيا) التي هي الوفاة أي
وفاة المجني عليه الإنسان . وقيام علاقة سببية بين الفعل والنتيجة ( ثالثا)
أولا : فعل الجاني ( النشاط الإجرامي)
لا قيام لأي جريمة بدون نشاط خارجي يصدر من الجاني وتدركه الحواس
والذي يكون العنصر الأول في الركن المادي للقتل الخطأ ينسحب إلى كل نشاط إرادي
يؤدي إلى وفاة الضحية ، لكن دون قصد إحداث النتيجة ويستتبع هذا القول بأن النشاط
الذي يأتيه الشخص غير إرادة لا يمكن معه المساءلة ولوادي إلى إزهاق روح المجني
عليه .
ثانيا : النتيجة الإجرامية( الوفاة)
النتيجة الإجرامية التي تكون أحد عناصر الركن المادي ما هي إلا ما
يشخصه ذلك الاعتداء من تغيير في العالم الخارجي وما يمثله من انتهاك لأحد حقوق
الجماعة فجريمة القتل غير العمدية لا تتحقق أبدا ما لم يمت المجني عليه بسبب نشاط
المتابع مهما كان الخطأ الذي ارتكبه هذا الأخير من الفداحة والجسامة .
ثالثا : العلاقة السببية بين النشاط والنتيجة .
لكي يقوم الركن المادي في جريمة القتل الخطأ لا بد وأن تتوافر رابطة
السببية بين نشاط القاتل والنتيجة الإجرامية التي هي الوفاة ، بمعنى أن يكون هذا
النشاط هو السبب المباشر لحصول النتيجة ، وإن انتفت هذه العلاقة انتفت الجريمة .
: الركن المعنوي
إن قوام الركن المعنوي في جريمة القتل الخطأ هو القصد الجنائي
تعريف القصد الجنائي
إخلال المتهم بواجبات الحيطة والحذر التي يفرضها القانون وعدم حيلولته
تبعا لذلك دون أن يفضي تصرف إلى حدوث النتيجة الإجرامية في حين كان ذلك في
استطاعته ومن واجبه " .
عناصر القصد وصوره
أولا-عناصر القصد.
لقيام ركن الخطأ في جريمة القتل غير العمدي ينبغي توافر شرطان
أولهما هو عدم مراعاة الجاني لمقتضيات الحيطة والحذر في سلوكه الذي تسبب في
وقوع الجريمة، بان يكون قد أتى السلوك على غير ما كان يجب عليه ان يأتيه به.
يجب أن نلاحظ هنا الفرق بين السلوك وبين طريقة إتيانه الفعل ، فالسلوك
في حد ذاته قد يكون مباحا ومصرحا به قانونا .ولكن الجاني لم يأت به على النحو الذي
رسمه القانون أو أقرته الخبرة الإنسانية العامة في هذا المجال .
أما الشرط الثاني وهو العلاقة النفسية التي تربط بين الفاعل
وحدوث النتيجة هذه العلاقة النفسية تأخذ أحد الصورتين، إما أن الجاني لم يتوقع
النتيجة مطلقا حينما أتى فعله، وبالتالي لم يبذل الجهد الكافي للحيلولة دونها في
حين انه كان في إمكانه ذلك وكان من واجبه وهو ما يطلق عليه " بالخطأ بدون
تبصر " كمن يقود سيارة وهو غير ملم إلماما كافيا بالقيادة ، أما الصورة
الثانية فتتجلى في أن يتوقع الجاني حدوث النتيجة ولكنه لا يرغب في حدوثها ويعتمد
على مهاراته أو قدراته في تلافي حدوثها، كمن يقود سيارة بسرعة غير عادية في طريق
مزدحم بالمارة ، فيرد على ذهنه إمكانية إصابته لبعض المارة ولكنه يثق في قدرته على
إمكانية تلافي ذلك وهو ما يسمى " بالخطأ مع التبصر" .
ثانيا-صور الخطأ:
1-عدم التبصر :
تقوم هذه الصورة من صور القصد الجنائي كلما أبان تصرف الفاعل عن سوء
تقدير الأمور، أو كون الشخص تنقصه المهارة والبراعة الجسمانية فإذا كان تصرف
الإنسان العادي إزاء موقف معين يتطلب منه نوعا من الرؤية والحذر لتقدير نتائج ذلك
التصرف نجد الجاني في هذه الحالة يندفع عند أول خاطر يحول بذهنه دون إعمال ذلك
التقدير . وهذا النوع من الخطأ غالبا ما يرتكب في إطار مهني فني من طرف الأطباء
والصيادلة وغيرهم ممن يتسببون في قتل إنسان نتيجة عدم قيامهم بعملهم كما يجب
أوجهاهم لقواعد المهنة التي لا يجوز لمثلهم جهلها أو عدم القيام بها كما ينبغي .
2- عدم الاحتياط وعدم الانتباه
وهما صورتان للخطأ الذي ينطوي عليه نشاط إيجابي ويتحققان عندما يقدم
الفاعل على تصرف يدرك خطورته وما يترتب عليه من نتائج ضارة ورغم ذلك لا يتخذ
الإحتياطات اللازمة التي تكفل درئ المخاطر وتلافي حصولها .
وقد يعتبر عدم الاحتياط نوعا من عدم الانتباه لأنه في كافة الأحوال
تصرف من الجاني على نحو ينبغي فيه الحرص والحيطة ومع ذلك يتميز بعامل الاندفاع
الذي يعبر عنه بالطيش وقلة التحرز للنتائج خطيرة التي قد تترتب من فعل من الأفعال
كالشخص الذي يسوق سيارة في مكان آهل بالمارة بسرعة كبيرو غير مناسبة لظروف الزمان
والمكان ، فيصدم أحد المارة ويقتله حيث كان بإمكانه تجنب النتيجة لولا تهوره وعدم
انتباهه .
3- الإهمال :
ويظهر في الموقف السلبي لشخص في مواجهة بعض الأوضاع التي تفرض عليه
الحذر وهو الامتناع عن القيام بعمل يفرضه القانون كترك واجب أو الامتناع عن تنفيذ
أمر ما أو الامتناع عن اتحاد العناية والوقاية اللازمتين لتجنب حصول .
جريمة الضرب والجرح المفضي إلى الموت :
تنص المادة مادة(241):ـ من قانون العقوبات (( يعاقب بالدية المغلظة
والحبس مدة لا تزيد على خمس سنوات من اعتدى على سلامة جسم غيره بأية وسيلة ولم
يقصد من ذلك قتلاً ولكن الاعتداء أفضى إلى الموت))
إن الفرق بين هذه الجريمة وجريمة القتل العمد هو أنه
إذا كان الضرب والجرح عمديا فإن الفاعل لم يكن قصده قتل المعتدي عليه أو تسبب
وفاته بل إن الوفاة حصلت كنتيجة غير مقصودة من قبل المعتدي عكس ما هو عليه الأمر
في جريمة القتل العمد الذي يكون المعتدي قاصدا موت أو إيذاء المعتدى عليه . إلا
أنه يلاحظ أنه تشترك معها في الأركان التي تتكون منها وهي الركن المادي ( نشاط
الجاني النتيجة الإجرامية – علاقة السببية ) والركن المعنوي أو القصد الجنائي الذي
هو تعمد الجاني إيذاء إنسان في جسمه أو صحته مع العلم بحقيقة ما يقدم عليه .
أركان جريمة الضرب والجرح المفضي إلى الموت:
فعل الإيذاء :
الضرب: كل اعتداء لا ينشأ عنه جرح وفيه مساس بسلامة الجسم وقد يترك
أثرا كاحمرار الجلد أو الكمدات أو لا يترك أثرا مطلقا ذلك يسمى في اصطلاح القانون
ضربا وعلى ذلك فالضرب يدخل فيه كل أثر يحدث بجسم الإنسان ناشئ عن استعمال أداة غير
قاطعة كعصا ويوجد الضرب ولو لم يترك وراءه أثرا ظاهرا من كدم أو اختناق أو غيرهما
وهو بمعناه الواسع يدخل فيه كل صور الصدم والجدب العنيف والضغط على الأعضاء والخنق
وضربة واحدة كافية وقد يكون الضرب بغير استعمال أداة خاصة كاللطم بالكفوف أو بجمع
اليد أو الضرب بالقدم .
الجرح : هو تمزيق مادة الجسم وشق أنسجته فالجسم مجموعة من الخلايا
متجاورة ومتلاحقة بدقة بالغة والجرح يفصم هذا التلاحم ويبعد ما بين الخلايا
والجروح أنواع منها السطحي والعميق ومنها الضيق والعريض وقد يكتفي بشق نسيج الجسم
كوخزه بإبرة أو طعنه بسكين وقد يتجاوز ذلك إلى نزع جزء منه كما في التسلخات أو إلى
إتلاف كما في الحروق .
العمد الجنائي
أي انصراف إرادة الفاعل إلى ارتكاب الجريمة على ما عرفها
القانون، ولذلك لا يشترط توفر القصد الخاص المطلوب توفره في القتل العمد. لذلك
يعاقب إذا كان يعلم أن ضربه أو فعله يهدف المساس بسلامة المجني عليه فأقدم مختارا
وهذه المعرفة هي النية أي العمد الجنائي كذلك إذا قام الفاعل بالنشاط المؤدي عن
قصد إلا أنه لم يستهدف المساس بسلامة جسم إنسان أو صحته ونحو ذلك أن يقذف شخص
طائرا أو حيوانا بحجر ظنا منه أنه لا أحد في المكان الذي يتواجد به الطائر أو
الحيوان لكن يتصادف بوجود إنسان فيه فيجرحه او يقتله فلا يمكن القول في هذه الحالة
ولا في سابقتها أن الفاعل قد ارتكب جريمة إيذاء عمدية وذلك لان الركن المعنوي لهذه
الأخيرة غير قائم لغياب القصد الجنائي عند الفاعل أصلا لأنه في المثال الأول قام
بالنشاط المؤدي بدون قصد بأن لم يوجه إرادته لإتيانه وفي المثال الثاني قام
بالنشاط المؤدي عن قصد لكنه لم يوجه هذا القصاص إلى المساس بسلامة شخص ما في جسمه
أو صحته ومع ذلك يمكن القول في الحالتين أنه ولو امتنعت مساءلة المتابع عن جريمة
إيذاء عمدية فإنه من المحتمل مسائلته عن جريمة إيذاء غير عمدية في صورة القتل أو
الإصابة خطأ إذا ثبت عليه عدم التبصر أو عدم الاحتياط أو عدم الانتباه .
العلاقة السببية
الركن الأخير في الجريمة هو ثبوت العلاقة السببية بين أعمال العنف
والإيذاء الصادر من المتهم وبين الموت.
ومتى وجدت الإرادة ووجد العمد عوقب الفاعل دون النظر إلى الاعتبارات
الأخرى فلو ضربه للانتقام منه أو ضربه ممازحا او مفاخرا أو مصارعا او هو يؤدي
تأديبه وإصلاحه فإنه يعاقب على فعله .
الأعذار المخففة والظروف المشددة لجريمة الضرب والجرح المفضي إلى الموت .
وظروف التشديد.
يتضح من خلال ما سبق أن المشرع شدد على جريمة الضرب المفضي الى الموت
إذا توفر سبق الإصرار والترصد ونجد أن سبق الإصرار والترصد ظروف راجعة إلى خطورة
الجاني .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق