حقوق وواجبات الشهود في القانون اليمني





تعريف الشهادة:
هي تقرير يصدر عن شخص في شأن واقعة عاينها بحاسة من حواسه، والـشهادة دليـل مباشـر, باعتبارها تنصب على الواقعة مباشرة، وهي دليل شفوي باعتبار أن الشاهد يدلي بشهادته  شفويا أمام السلطة المختصة لسماع شهادته.
موضوع الشهادة:
الموضوع الذي تنصب عليه الشهادة هو واقعة ذات أهمية قانونية، ولما كانت الشهادة في نطـاق الدعوى الجزائية, فإن الواقعة موضوع الشهادة تستمد أهميتها من حيث دلالتها على وقوع الجريمة ونسبتها إلى المتهم.
 فلا يجوز أن يكون موضوع الشهادة رأيا وتقييماً، ولذلك فإن إبداء الـشاهد رأيا في شأن مسئولية المتهم أو خطورته أو مدى استحقاقه للعقوبة يعد خارج نطاق الشهادة.
قيمة الشهادة في الإثبات:
القيمة التي تحظى بها  الشهادة كدليل في الدعوى الجزائية كبيرة,. إذ البحث فيها يرد على وقـائع مادية والوسيلة الأساسية لإثبات هذه الوقائع هي الشهادة.
ولكن قد تتعرض قيمـة الـشهادة  للضعف، فقد تكون حاسة الشاهد التي عاين الواقعة ضعيفة, كشاهد عيان ضعيف البصر، وقد تكون قدرة الشاهد على الملاحظة واستجماع صورة متكاملة عن الواقعة محدودة، وقد تـضعف ذاكرة الشاهد عند مضي زمن بين حصول الواقعة وأداء الشاهد لشهادته, فلا يـستطيع إمـداد القاضي بصورة واضحة ودقيقة عن الواقعة,  كما تعتمد قيمة الشهادة على أخلاق الـشاهد وحرصه على ذكر الحقيقة كاملة. ولكن العيوب السابقة لا تنفي عن الشهادة قيمة كدليل إثبات.
سلطة المحقق في تعيين الشهود أو استدعائهم:
للشهادة أهمية كبيرة في التحقيق الابتدائي, فالاستماع للشهود أهم إجراءاته, فالجريمة واقعة ماديـة ومن ثم كانت الشهادة أهم دليل على ارتكابها, أوعلى تحديد مرتكبها .
وتملك سلطة التحقيق الحرية في أن تسمع من ترى لزوم سماعهم من الشهود, وقد حدد قانون الإجراءات الجزائية كيفية ممارسة هذه السلطة على النحو التالي:
١ – نص المادة (١٦٥) : تقوم النيابة العامة بإعلان الشهود الذين يتقرر سماعهم ويكون تكليفهم بالحضور بواسطة المحضرين أو رجال السلطة العامة.
٢ - نص المادة(١٦٦) :يسمع المحقق شهود الإثبات الذين حضروا بناء على طلبـه أو طلب الشاكي أو من تلقاء أنفسهم ويسمع شهود المتهم الذين يطلب سماعهم مـتى كانت لشهادتهم فائدة للتحقيق.
 وعليه أن يتحقق من شخصية الـشاهد ثم يـسأله ويثبت أقواله في المحضر ويناقشه فيها, ثم يسمح للخصم بمناقشته إذا كان ذلك يفيـد التحقيق, وتوجه الأسئلة دائمًا عن طريق المحقق وله الكلمة النهائية في رفض أي شاهد لا فائدة من سماعه, وكذلك رفض توجيه أي سؤال غير منتج أو لا علاقة له بموضوع التحقيق, أو يكون في صيغته مساس بالغير.
وللمحقق أن يقدر قيمة الشهادة بعد أداءها, فله أن يأخذ الشهادة كدليل وله أن يهدرها وله أن يأخذ ببعض أقوال الشاهد دون بعض, وإذا تعدد الشهود وتناقضت أقوالهم أو تعارضت شهاداتهم, فلـه أن يرجح بينها وفق ما يمليه عليه محض اقتناعه.
حقوق الشاهد:
-حق الشاهد في الاستماع إلى أقواله منفردًا:
(يؤدي كل شاهد شهادته منفردًا ولا يجوز مقاطعته أثناء شهادته). المادة(٣٥٢ ) قانون الإجراءات الجزائية
(يسمع المحقق كل شاهد على انفراد وله أن يواجه الشهود بعضهم ببعض وبالمتهم). المادة(١٦٧) إجراءات جزائية
(للقاضي أن يفرق بين الشهود قبل سماع شهادتهم, وعلى كل شاهد أن يؤدي شهادته عل ى انفـراد بغـير حضور باقي الشهود الذين لم تسمع شهادتهم, ويكون ذلك في الحقوق والحدود). المادة(٦٦) قانون الإثبات
 (يسمع المحقق كل شاهد على انفراد وله أن يواجه الشهود بعضهم ببعض وبالمتهم) مادة(١٦٧) إجراءات جزائية

حق الشاهد في الحماية من كل ما يؤذي شعوره أثناء أداء الشهادة:
على المحكمة أن تمنع توجيه أسئلة إلى الشهود ليست لها علاقة بالقضية ولا فائدة فيها، أو إذا كانت فيها محاولة للتأثير على الشهود أو الإيحاء إليهم, وأن تحميهم من العبارات والتعليمات والإرشادات ومن أي محاولة أخرى يحتمل أن ترهبـهم أو تشوش عليهم، كما عليها أن تمنع توجيه أي سؤال ذي طبيعة فاضحة أو مؤذية للشعور، إلا إذا كانت الأسئلة المذكورة تنصب مباشرة على وقائع جوهرية تفيد في التقريـر الـصحيح لوقـائع الدعوى, أو يتوقف عليها الحكم فيها. مادة(٣٦٥)إجراءات جزائية
حق الشاهد في الحصول على المصاريف والتعويضات:
(يقدر المحقـق بناءً على طلب الشهود المصاريف والتعويضات التي يستحقوا بسبب حضورهم لأداء الشهادة). مادة(١٧١ ) قانون الإجراءات الجزائية
حضور الشهود أمام النيابة أو المحكمة:
يكلف الشهود بالحضور بناء على طلب الخصوم بواسطة أحد المحضرين أو أحد رجال الضبط قبل الجلسة بأربع وعشرين ساعة غير مواعيد المسافة, إلا في حالة الجريمة المشهودة والجرائم التي تنظر بإجراءات مستعجلة, فإنه يجوز تكليفهم بالحضور في أي وقت ولو شفهيًا, بواسطة أحد مـأموري الضبط القضائي أو أحد رجال الضبط, ويجوز أن يحضر الشاهد الجلسة بغير إعلان بناء على طلب الخصوم, وللمحكمة أن تسمع أي إنسان يحضر من تلقاء نفسه لإبداء معلومات في الدعوى, وإذا تخلف الشاهد عن الحضور أمام المحكمة بعد تكليفه, يجوز للمحكمـة إذا رأت أن شـهادته ضرورية أن تؤجل الدعوى لإعادة تكليفه بالحضور، ولها أن تأمر بإحضاره.
وللمحكمة أثناء نظر الدعوى أن تستدعي وتسمع أقواله أي شخص, ولو بإصدار أمر بضبطه وإحـضاره إذا دعـت الضرورة لذلك، ولها أن تأمر بتكليفه بالحضور في جلسة أخرى بواسطة محضري المحكمة أو رجال السلطة العامة, وإذا حضر الشاهد بعد تكليفه بالحضور مرة ثانية, أو من تلقاء نفسه وأبدى عذرًا مقبول جاز بعد سماع أقوال النيابة العامة إعفاءه من الغرامة، وإذا لم يحضر الشاهد في المرة الثانية للمحكمـة أن  تأمر بضبطه وإحضاره في نفس الجلسة, أو جلسة أخرى تؤجل إليها الدعوى
(للمحكمة والنيابة العامة ومأموري الضبط القضائي أن يصدر كل منهم بحسب الأحوال ووفق الصلاحيات المخولة له أمرًا بحضور أي شخص إذا ما كان ذلك ضروريا للتحقيق أو التحريات). مادة(٦٤ ) إجراءات جزائية
(إذا تخلف من صدر له الأمر بالحضور في الموعد المحدد جاز للمحقق أن يصدر أمرًا بإحضاره قهرًا متهما كان أو شاكيًا أو شاهدًا). مادة(٦٨ )
-حق الخصم في مناقشة الشاهد:
وكفل هذا الحق بنص المادة(١٦٦ ) إجراءات جزائية, حيث ألزمت المحقق بالتحقق من شخصية الشاهد ثم يسأله ويثبت أقواله في المحضر، ويناقشه فيها ، ثم يسمح للخصم بمناقشته إذا كان ذلك يفيد التحقيق, وتوجه الأسئلة دائمًا عن طريق المحقق وله الكلمة النهائية في رفض أي شاهد لا فائدة من سماعه ، وكذلك في رفـض توجيـه أي سؤال غير منتج أو لا علاقة له بموضوع التحقيق أو يكون في صياغته مساس بالغير.
-مواجهة الشهود بعضهم ببعض والمتهم:
وهذا الحق كفلته المادة(١٦٧ ) إجراءات جزائية وهذه المواجهة من شئنها الـسماح للمتـهم بإبداء الملاحظات حول الشهود وشهادتهم, وبيان أي غموض أو ل بس فيما حوتـه أقـوالهم, وهو ما يتيح للخصم مجال إضافي للدفاع أو لإثبات دعواه إذا كان مجنيًا عليه.
-حق الخصوم في إبداء ملاحظات على أقواله الشاهد:
 (عند الانتهاء من سماع أقوال الشاهد يجوز للخصوم إبداء ملاحظاتهم عليها، ولهم أن يطلبوا من المحقق سماع أقوال الشاهد عن نقطة أخرى. المادة(١٧٠)

إتاحة المجال أمام المتهم للاعتراض على أقوال الشاهد أمام المحكمة :
(تستمع المحكمة إلى شهود الإثبات ويسأل القاضي الشاهد عند انتهائه من أداء الشهادة هـل المتهم الحاضر هو المقصود بشهادته، ثم يسأل المتهم هل له اعتراض عليها) المادة(٣٥٤ )
حق توجيه الأسئلة للشهود:
فقد أعطت المادة السابقة لكل من النيابة العامة والمدعي الشخـصي والمـدعي المـدني والمتـهم والمسئول عن الحقوق المدنية الحق في توجيه الأسئلة للشهود.
وأجازت الفقرة (ب) من نفس المادة للمحكمة أن تسمح بإعادة سؤال الشاهد من قبل أي طرف من أطراف الدعوى وذلك لتوضيح أي وقائع جديدة أوردها في شهادته أو عند مناقشته.
شهادة الطفل:
نصت المادة(٢٧ )من قانون الإثبات على أن يشترط في الشاهد أن يكون بالغًا عاقلاً مختارًا عدلاً وهو ما يشير إلى عدم أهلية الطفل لأداء الشهادة.
إلا أن المادة(٣١ )من قانون الإثبات نصت على أن الطفل المميز غير أهل للشهادة ولكن تسمع أقواله فيما شاهد كقرينة.
وأجازت المادة(٣٢ )من قانون الإثبات قبول شهادة الصبيان على بعضهم (تقبل شهادة الصبيان بعضهم على بعض فيما يحدث بينهم ما لم يختلطوا بغيرهم من الكبار مع غلبة الظن بصدقهم)
شهادة المريـض:
من لا قدره له على الكلام يؤدي الشهادة إذا أمكن أن يبين مـراده بالكتابة أو بالإشارة المفهومة فيما يجوز فيه ذلك. مادة (٦٥ )
لا تقبل شهادة الأعمى فيما يحتـاج إثباته إلى الرؤية. مادة(٢٩ ) إثبات

كفالة الطفل في الفقه الإسلامي



معنى الكفالة في الفقه:
 الكافل هو العائل ، فيقال كفله يكفله ، وقد ذكر الله سبحانه وتعالى كفالة النبي زكريا لمريم عليهما السلام بقوله تعالى (وكفلها زكريا) أي تكفل زكريا بالقيام بأمرها.
والكافل هو الذي يكفل الطفل فيعوله وينفق عليه ، وفي الحديث (الربيب كافل) والربيب هو زوج الأم التي لها صغير , ومعنى هذا الحديث أن زوج الأم يتكفل بنفقة طفلها اليتيم .

مدة  كفالة الطفل في الفقه:
تبدأ الكفالة على الطفل من السنة السابعة عند الشافعية والحنفية والحنابلة بالنسبة للذكر ، أما الأنثى فتبدأ من السنة السابعة عند الشافعية والحنابلة في حين ذهب الحنفية إلى القول بأن كفالة الأنثى تبدأ من السنة التاسعة .
وأما المالكية فلا يفرقون بين الحضانة والكفالة حيث تبدأ مدتهما من ولادة الطفل إلى أن يبلغ الذكر وتتزوج الأنثى .

شروط كافل الطفل:
1-   أن يكون الكافل بالغاً عاقلاً, فلا يكون الولي على الطفل طفلاً ولا مجنوناً, فالولاية أساسها المصلحة, والمجنون والطفل لا يستطيع أن يعرف مصلحة نفسه , وتبعاً لذلك فلا يستطيع معاونة غيره في تحقيق أوجه المصلحة.
2-   الإسلام, فلا تجوز كفالة الطفل لغير المسلم , وهذا شرط متفق عليه بين أهل الفقه.
3-    ألا يكون كافل الطفل محجوراً عليه لسفهه , لأن الغاية من كفالة الطفل إصلاح الطفل وحفظه وصيانته ورعايته.
4-    أن يكون كافل الطفل قادراً على حفظ الطفل وصيانته.
5-   أن يكون كافل الطفل عدلاً أميناً حتى يؤمن في حق غيره , ولأن غير العدل يكون مسخوطاً عليه , وأي سخط أشد من أن يكون الإنسان عاصياً لله غير عادل.
6-    
لمن تكون كفالة الطفل:
اختلف الفقهاء بشأن هذه المسألة فذهب بعض الفقهاء إلى أن تقرير الكفالة تكون للطفل نفسه عند بلوغه سبع سنين فللطفل اختيار من شاء من الوالدين لكي يكون كافلاً له , فإن اختار الطفل الأب فتكون الكفالة للأب وأن اختار الأم فتكون الكفالة لها وقد ذهب إلى هذا القول الشافعية والحنابلة ، أما الأنثى فتكون كفالتها للأب في الكفالة عند الحنابلة .
وأما الحنفية فلم يجعلوا الأمر بيد الطفل في اختيار من يكفله وإنما قالوا إذا انتهت مدة الحضانة في الذكر فإن الطفل ينتزع ويُسلم إلى أبيه فتكون الكفالة للأب.
 وقالت المالكية أن الكفالة تكون للأم ، أما الزيدية فجعلوا كفالة الطفل بالنسبة للذكر للأب, وتكون كفالة الأنثى للأم.

انتهاء مدة كفالة الطفل:
تنتهي الكفالة على الطفل الذكر ببلوغه رشيداً, وليس لأبيه ولا لغيره من الأولياء إجباره على البقاء عنده إذا بلغ رشيداً إن أراد الانفراد، أما إذا بلغ غير رشيد فإن ولاية الأب والجد وغيرهما من العصبات تكون مستمرة.

 الحدود بين مدة كفالة الطفل ومدة حضانته:
اختلف الفقهاء في تحديد مدة الطفل, ومدة حضانته على النحو الآتي :
أولاً: مذهب الحنفية :
مدة الحضانة في الذكر سبع سنين وفي الأنثى تسع سنين ، وعلى ذلك فإن مدة الحضانة تنتهي في خلال هذه الفترة وما بعدها تسمى كفالة ويكون الولد فيها عند الأب .
ثانياً مذهب المالكية:
مدة الحضانة في الذكر إلى أن يبلغ وفي الأنثى إلى أن تتزوج .
ثالثاً مذهب الشافعية :
مدة الحضانة تمتد إلى أن يصير الطفل مميزاً فإذا صار الطفل مميزاً فإنه يحق له الاختيار وبعد الاختيار تسمى هذه المدة كفالة وليس حضانة .
رابعاً مذهب الحنابلة :
مدة الحضانة في الذكر والأنثى وهي سبع سنين وبعدها للولد الخيار ، على ذلك فإن مدة الحضانة تنتهي بانتهاء هذه الفترة وما بعدها تكون كفالة .
خامساً مذهب الزيدية :
لم يحدد الزيدية سن معين للحضانة وإنما قالوا تستمر الحضانة إلى أن يصير الطفل يعرف ما ينفعه ويتوقى مما يضره .
وعليـه فإن مدة الحضانة سبع سنين عند الجمهور ، أما المالكية فإنه لا يوجد عندهم حد دقيق بين الحضانة والكفالة وهم يفرقوا بينهما وإنما جعلوا الأمر واحداً فهم جعلوا مدة الحضانة في الذكر إلى أن يبلغ والأنثى إلى أن تتزوج وهذه المدة تشمل الحضانة والكفالة .

الولاية على الطفل, في الفقه الاسلامي والقانون اليمني




تعريف الولاية على الطفل في الفقه:
الولي في اللغة هو الناصر و المعين ومن ذلك قوله تعالي (الله ولي الذين أمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور) وكل من وليّ أمر واحدٍ فهو وليه, وتولى العمل أي تقلده.
أما عند الفقهاء فإن المقصود بالولاية على الطفل هي القيام بأمر الطفل وتلبية احتياجاته كافة وتربيته, والولاية تثبت على المولود الضعيف لأنه يحتاج إلى من يقوم على غذائه وفراشه ولباسه يغديه وينميه ويلبسه , كما يحتاج عندئذ إلى من يحميه ويرعاه.

تعريف الولاية على الطفل في القانون اليمني:
(العناية بكل ماله علاقة بشخص الطفل) مادة (41) من قانون الطفل

مدة الولاية على الطفل في الفقه:
تنتهي الولاية على الطفل بزوال السبب الذي لأجله ثبتت الولاية على الطفل, والصغر ينتهي بالبلوغ , والبلوغ قد يكون بالسنين وقد يكون بالعلامات, أما بالسنين فسن البلوغ هو خمس عشرة سنة عند الشافعي والزيدية - وذهب أبو حنيفة والزمخشري إلى إنها ثمان عشرة سنة في الابن وسبع عشرة سنة في البنت.

مراتب الأولياء على الطفل في الفقه:
اختلف الفقهاء في ذلك خلافاً واسعاً متشعباً مبسوطاً في المراجع الفقهية – ونكتفي بالإشارة إلى بعض هذه الأقوال الفقهية , حيث يجعل الفقهاء الولاية للعصبات بدءً بالأصول ومنع الفقهاء الولاية عن الفروع , حيث يستحيل أن يكون هؤلاء أولياء للطفل فليس له فروع , وبيان مراتب الأولياء على الطفل عند الفقهاء على النحو الآتي:
1-     الأصول – وأولهم الأب ثم يليه الجد (أبو الأب) وإن علا- وذلك لتميز هؤلاء (الأصول) بالشفقة على الطفل ورعاية مصالحه قياساً بالأخوة الأشقاء أو الأخوة لأب.
2-     وبعد الأصول يأتي الأخوة في ترتيب الولاية على الطفل حيث يقدم الأخوة الأشقاء ثم الأخوة لأب, كما يتقدم في الولاية على الطفل أولاد الأخوة على الأعمام لتقديم جهة الأخوة على جهة العمومة وهذا قول غالبية الفقهاء ومنهم الشافعية والزيدية والحنفية.
3-     وبعد الأخوة تأتي مرتبة الأعمام في الولاية على الطفل ثم سائر العصبات من جهة الأعمام وبحسب ترتيبهم في الميراث, ثم بعد ذلك يأتي ترتيب العصبة السببية.
4-     كافل اليتيم وإن كان أجنبياً عنه, وكذا تكون الولاية على الطفل للملتقط الذي التقطه, وهذا ترتيب قويم جدير بالاعتبار , لأنه إذا كان أهل الطفل قد أهملوه أو تركوه فقد قطعوا ما أمر الله به أن يوصل لذلك سقط عنهم سلطان الولاية على الطفل, ويكون الشخص الأجنبي الذي تبرع بالكفالة والتربية هو الجدير بالرعاية والحفظ والصون للطفل.
5-     الحاكم أو السلطان أو الوالي, وهو ولي من لا ولي له, وتثبت له الولاية على الطفل عندما يختلف الأولياء بشأن الولاية على الطفل أو يمتنعوا عن القيام بها (العضل) تطبيقاً لقوله صلى الله عليه وسلم (فإن عضل فالسلطان ولي من لا ولي له) كما تثبت هذه الولاية على الطفل إذا كان وليه الشرعي قد غاب غيبة تحول دون رعايته للطفل وحفظه وتوجيهه , وللسلطان أن ينيب عنه في الولاية على الطفل من يراه أصلح لرعاية وحفظ وتربية الطفل.
6-     إذا كان الطفل في منطقة خارجة على سيطرة الدولة أو في دولة غير الدولة الإسلامية فتكون الولاية لمن يتبع الدولة ولمن يوجد من المسلمين في الدولة غير الإسلامية بحسب صلاح هؤلاء وقدرتهم على تربية الطفل وحفظه ورعايته .

ترتيب الأولياء على الطفل في القانون اليمني:
(الولاية على النفس للأب, وللعاصب على ترتيب الإرث وفقاً للقوانين النافذة) مادة (42) من قانون حقوق الطفل
بينت المواد من (315) وحتى المادة (321) ترتيب العاصب في الإرث , حيث نصت المادة (315) على أن (العصبة من النسب ثلاثة أنواع :
 1-عاصب بنفسه 2-عاصب بغيره 3-عاصب مع غيره)
وقد فصلت العصبات المادة (316)التي نصت على أن:
 (للعصبة بالنفس : جهات أربع مقدم بعضها على بعض في الإرث ، على الترتيب الاتي:
1- الابن ثم ابن الابن وان نزل 2- الأب ثم الجد الصحيح وان علا 3-الإخوة الأشقاء ثم الإخوة لأب ثم بنو الإخوة الأشقاء ثم الأب وان نزل كل منهم 4- العم لأبوين ثم لأب ثم ابن العم لأبوين ثم لأب وان بعدوا)
وكذا نصت المادة (317) على أنه:
 (كل من كان أقرب إلى الميت درجة من العصبة بالنفس فهو أولى بالميراث كالابن والأب وكل من كان ذا قرابتين فإنه أولى من ذي قرابة واحدة سواء كان ذو القرابتين ذكراً أو أنثى فإذا اتحدوا في الجهة والدرجة والقوة كان الإرث بينهم )
 كما نصت المادة (318) على أنه:
(العصبة بالغير : ‌أ- البنات مع الأبناء ب- بنات الابن وان نزلن مع أبناء الابن وان نزلوا إذا كانوا في درجتهن مطلقا أو كانوا انزل منهن إذا لم يرثن بغير ذلك ‌ج- الأخوات لأبوين مع الإخوة لأبوين والأخوات لأب مع الإخوة لأب مع مراعاة أن يكون الإرث في هذه الأحوال للذكر مثل حظ الأنثيين )
 في حين نصت المادة (319) على أن:
 (العصبة مع الغير : الأخوات لأبوين أو لأب مع البنات أو بنات الابن وان نزلن مع مراعاة أن يكون لهن الباقي في التركة بعد الفروض وفي هذه الحالة تعتبر الأخوات لأبوين كالإخوة لأبوين والأخوات لأب كالإخوة لأب ويأخذن أحكامهم بالنسبة لباقي العصبات في التقديم بالجهة والدرجة أو القوة)
 في حين نصت المادة (320) على أن:
 (أ- إذا اجتمع ( الجد العصبي) مع الإخوة والأخوات لأبوين أو لأب فانه يقاسمهم كأخ ما لم تنقصه المقاسمة عن السدس فيرد إليه إن كانوا ذكورا أو ذكورا وإناثا أو إناثا عصبهن البنات أو بنات الابن ب- إذا كان الجد مع أخوات لم يعصبن بالذكور ولا مع البنات أو بنات الابن فانه يستحق الباقي بعد أصحاب الفروض بطريق التعصيب وأما إذا كانت المقاسمة أو الإرث التعصيب على الوجه المتقدم تحرم الجد من الإرث أو تنقصه عن السدس اعتبر صاحب فرض بالسدس)
 وكذا نصت المادة (321) على أنه:
(أ‌-               إذا اجتمع الأب أو الجد مع البنت أو بنت الابن وان نزلت استحق الجد السدس فرضا والباقي بطريق التعصيب ب- إذا اجتمع الأب أو الجد مع الابن أو ابن الابن فليس له إلا السدس فرضا والباقي للورثة تعصيبا ج- إذا انفرد الأب أو الجد بنفسه فانه يأخذ المال كله بالتعصيب)
 وأهم ما نلاحظه في هذا الشأن أن القانون في إحالته لترتيب الأولياء في الولاية على الطفل إحالته إلى ترتيب الورثة قد جعل ترتيب الأولياء على الطفل أكثر تعقيداً , علماً بأن القانون لم يخالف ترتيب الأولياء على الطفل في الفقه الإسلامي ولو اتبع القانون اليمني طريقه الفقهاء في ترتيب الأولياء على الطفل لكان أفضل لسهولة ترتيب الفقهاء للأولياء على الطفل .

شروط الولي على الطفل:
1-     أن يكون الولي بالغاً عاقلاً, فلا يكون الولي على الطفل طفلاً ولا مجنوناً, فالولاية أساسها المصلحة, والمجنون والطفل لا يستطيع أن يعرف مصلحة نفسه , وتبعاً لذلك فلا يستطيع معاونة غيره في تحقيق أوجه المصلحة.
2-     الإسلام, فلا تجوز ولاية غير المسلم على المسلم , وهذا شرط متفق عليه بين أهل الفقه, ولأن الولاية تتبع الميراث , وثبوت الميراث شرطه اتحاد الدين .
3-     الذكورة, يذهب كثير من الفقهاء إلى أنه يشترط في الولي أن يكون ذكراً في حين يذهب أبو حنيفة إلى إثبات الولاية للأم والأخت وغيرهما من النساء وذلك بناءً على مذهبه في أن الولاية تكون لعامة الأقارب ذكوراً وإناثاً.
4-     ألا يكون الولي على الطفل محجوراً عليه لسفهه , لأن الغاية من الولاية على الطفل إصلاح الطفل وحفظه وصيانته ورعايته فلا يمكن أن تثبت الولاية على الطفل إلا لرشيد رزين قادر على تدبير أموره وأمور غيره.
5-     أن يكون الولي على الطفل قادراً على حفظ الطفل وصيانته فإذا كان قريب الطفل شيخاً هرماً ضعيفاً لا يستطيع المحافظة على نفسه ويحتاج هو إلى من يحافظ عليه ويرعاه فلا تكون لهذا الشيخ الهرم ولايةً على الطفل على الأقل فيما يتعلق بالحفظ والصيانة.
6-     أن يكون الولي على الطفل عدلاً أميناً حتى يؤمن في حق غيره , ولأن غير العدل يكون مسخوطاً عليه , وأي سخط أشد من أن يكون الإنسان عاصياً لله غير عادل.

شروط الولي على الطفل في القانون اليمني:
(يشترط في الولي والوصي أن يكون كل منهما كامل الأهلية بالغاً عاقلاً أميناً حسن التصرف والسلوك قادراً على القيام بمقتضيات الولاية فإن أختل شرط من ذلك فللقاضي عزل الولي والوصي وعمل ما فيه المصلحة) مادة (43)  قانون حقوق الطفل.

أنـــواع الولايـــة علـــى الطفل:
لا شك أن الطفل تكون أحواله على مراحل, مرحلة يكون فيها فاقد التمييز وفي هذه المرحلة لا تكون تبعية القيام بأمر الطفل ملقاة على الولي بل تشاركه فيها الحاضنة فهي تستمر مع الطفل إلى سن التمييز وإلى ما بعدها على اختلاف الفقهاء في تقدير هذه السن وعلى مقدار سلامة جسم الطفل وقدرته واستعداده للاستغناء عن خدمة النساء ورعايتهن , وعمل ولي الطفل في هذه الفترة المشاركة في الرعاية.
  فالحاضنة تكون مسئولة عن الرعاية اليومية للطفل في إعداد غذائه وتغذيته وإلباسه وتنظفيه وتلبية احتياجاته اليومية.
أما الولي على الطفل فيتمثل دوره في حماية الطفل وتربيته وتهذيبه وعلاجه إن مرض والحماية له من مخاطر الحياة وأشرارها ويحفظ عليه دينه وأخلاقه ويراقب الحاضنة في ذلك لينشأ الطفل نشأةً حسنةً.
هذا شـأن الطفل في مرحلة عدم التمييز أما المرحلة الثانية وهي مرحلة التمييز, ففي هذه المرحلة يكون دور الولي هو الواضح , وتتنوع الولاية على الطفل إلى الأعمال الآتية:
أولاً: ولاية التعليم والتأديب:
روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (غذ ولدك سبعاً وأدبه سبعاً وصاحبه سبعاً
ثم أترك حبله على غاربه) وهذا تقييم حسن يتفق مع طبائع السن في هذه الواجبات الثلاث , وهو في ذاته حكمة بالغة والسبع السنين الأول يشترك فيها الولي مع الحاضنة والسبع الثانية تكون فيها التبعة الكبرى على ولي الطفل ولكن يكون للحاضنة دور في تسهيل وتيسير مهمة الولي إذا كان الطفل لا يزال في يدها.
ثانيــاً: ولاية حفظ الطفل ورعايته :
الطفل يولد ضعيفاً لذا يجب على الحاضنة والولي على الطفل أن يتعاونا في المحافظة على جسم الطفل ونفسه وأبعاده عن كل ما يتلف جسمه ونفسه, فإذا قصر في ذلك فيسقط حقه في الولاية على الطفل , لأن هذه الولاية مقررة لمصلحة الطفل فإن ترتبت عليها مضرة فإن يد الولي تنزع.
ثالثـــاً: ولاية المحافظة على مال الطفل:
الولي على الطفل لا يتعدى اختصاصه إلى مال الطفل إذا لم يكن هو الولي على مال الطفل ولم يكن وصياً على المال , فإن على الولي على الطفل عندئذ أن يحافظ على نفس الطفل في حين يتولى الولي على مال الطفل المحافظة على المال واتخاذ الوسائل المختلفة لتنميته واستغلاله واستثماره وإدارته.
فإذا اعتدى معتدٍ على الطفل واستحق أُرشاً فإن الذي يتولى الدعوى هو الولي على نفس الطفل , لأن ذلك من قبيل المحافظة على النفس ومنع الاعتداء عليها , ولكن الذي يتولى قبض المال وإدارته وتنميته هو الوصي أو القيم المالي.
رابعــاً: منع الطفل من الاعتداء على غيره:
منع الطفل من الاعتداء على الغير, في ذلك أيضاً حماية لأموال الطفل من أن يُحكم بمبالغ منها تعويضاً لمن يعتدي الطفل عليهم , لأن مال الطفل يضمن التعويض المالي عن الاعتداءات التي قد يرتكبها الطفل في حق الغير .
فالجرائم التي يرتكبها الطفل لا يكون مسئولاً عنها لقوله صلى الله عليه وسلم
(رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون حتى يفيق وعن النائم حتى يستيقظ) أما الأضرار التي يحدثها الطفل للغير فإن كان للطفل مال فيتم دفع التعويض من مال الطفل وأن لم يكن له مال فعاقلة الطفل (عشيرته وأقاربه) هي التي تدفع الديات والأروش التي يحدثها الطفل بغيره إعمالاً للقاعدة التي تنص على أن (عمد الصبي خطأ تضمنه عاقلته).

عزل الولي على الطفل في القانون اليمني:
(إذا اختل أي شرط من شروط الولي على الطفل السابق ذكرها فللقاضي عزل الولي. المادة (43)  قانون الطفل
إلا أن القاضي قطعاً لا يقوم بعزل الولي من تلقاء نفسه, ومن غير دعوى أو طلب ولم يبين القانون اليمني الشخص الذي يرفع دعوى العزل وكيفية رفعها والمحكمة المختصة بذلك وحالات العزل وتفاصيلها.