التقارير الطبية ودورها فى الإثبات وتقديرها كدليل فى القضايا


    تختلف التقارير الطبية باختلاف كاتبها واختلاف زمن كتابتها. من حيث الكاتب فقد يكون محرر التقرير هو طبيب الاستقبال أو الطبيب الإخصائي وبذلك يسمي ذلك تقريرا طبيا , أو قد يكون محرر هذا التقرير هو الطبيب الشرعي وبذلك يسمي تقرير الطب الشرعي. أما من حيث زمن كتابته فقد يكون تقرير طبي ابتدائي وهو الذي يكتب بمعرفة طبيب الاستقبال عند مناظرته للمصاب أول مرة بالمستشفي وقبل إجراء أي فحوص أو أشعات علي جسد المصاب , وقد يكون تقرير طبي نهائي وهو التقرير الذي يكتب بمعرفة طبيب أخصائي بالقسم الذي كان يعالج فيه المصاب ويكتب فيه وصف كامل لحالة المصاب منذ لحظة دخوله المستشفي وما أتبع نحوه من فحوص تشخيصية وإجراءات علاجية وحالة المصاب عند خروجه من المستشفي.
التقرير الطبي الابتدائي :-

    التقرير الطبي الابتدائي هو أخطر التقارير الطبية وأكثرها أهمية للأسباب التالية:
(1) أنه يمثل المشاهدة الأولي للإصابات بجسد المصاب علي طبيعتها وقبل حدوث أي تغيرات التئامية أو تداخلات جراحية , أي إنه يمثل الواقع الفعلي للإصابات علي حالتها الأولي.
(2) أنه يمثل العمود الفقري الذي يبني عليه الطبيب الشرعي رأيه في الإصابات ، وذلك لأن الطبيب الشرعي يوقع الكشف علي المصاب بعد تمام التئام جروحه وبعد كل التداخلات الطبية والجراحية التي قد يحتاجها المصاب لإنقاذ الحياة. وبالتالي إذا كانت المعلومات الواردة بالتقرير الطبي الابتدائي خاطئة فإن الرأي الذي سيصل إليه الطبيب الشرعي سيكون رأيا خاطئا بناء علي تلك المعلومات الخاطئة , وأيضا إذا كانت المعلومات الواردة بالتقرير الطبي الابتدائي ناقصة فإن الطبيب الشرعي قد لا يستطيع أن يصل لرأي واضح في طبيعة الإصابات وكيفية حدوثها والأداة المستخدمة في إحداثها. لكن من حسن حظ المصاب أن الطبيب الشرعي لا يبني رأيه العلمي فقط علي التقرير الطبي الابتدائي بل يعتمد الطبيب الشرعي أيضا علي فحص الملابس وأدوات أخرى تعينه إلي حد كبير في التغلب علي بعض المعلومات الخاطئة وبعض نقص المعلومات في التقرير الطبي الابتدائي.
(3) أن حوالي 95% من المصابين يعرضون علي المحكمة بموجب التقرير الطبي الابتدائي دون أخذ رأي الطبيب الشرعي في ذلك , وبذلك يكون هذا التقرير هو المستند الفني الوحيد أمام القاضي فى قضايا الضرب البسيط والإصابة الخطأ ومن هنا تكمن خطورته وأهميته.
دقة التقارير الطبية الابتدائية
    عادة تخرج التقارير الطبية الابتدائية غير دقيقة للأسباب التالية:
(1) يهتم طبيب الاستقبال المعالج بعلاج المصاب ومحاولة إنقاذ حياته اهتماما كبيرا , وغالبا لا يعير وصف الإصابات الوقت الكافي لأن علاج المصاب يأتي في المقام الأول لهذا الطبيب المعالج.
(2) قلة خبرة طبيب الاستقبال المعالج في وصف الإصابات وذلك لأن دراسة الطب الشرعي في كليات الطب هي دراسة نظرية , ولا يوجد تعاون وثيق بين كليات الطب ومصلحة الطب الشرعي بوزارة العدل للتدريب العملي. هذه الخبرة القليلة تؤدي إلي حدوث أخطاء كثيرة في التقارير الطبية الابتدائية , وكذلك تؤدي إلي كتابة تقارير ناقصة لمعلومات وبيانات هامة.
(3) عدم وجود أدوات مساعدة للطبيب مثل الرسوم التوضيحية لجسم الإنسان والتقارير المطبوعة الجاهزة لمليء الفراغات. وجود الرسوم التوضيحية يجعل الطبيب يرسم علي هذه الورقة موضع الإصابة ونوعها ثم يقوم بتفريغها بعد علاج المصاب في تقرير طبي متكامل وهي طريقة عملية للتغلب علي مشكلة ضيق الوقت أمام الطبيب لسرعة إنقاذ المصاب.
مكونات التقرير الطبي الابتدائي :-

(1) معلومات عن مكان وزمان توقيع الكشف
هذه المعلومات تملأ بسرعة عن طريق موظف الاستقبال المختص بتسجيل المعلومات.
      * اسم المستشفي.
      * اسم الطبيب الذي قام بتوقيع الكشف.
      * الدرجة الوظيفية للطبيب0
      * يوم توقيع الكشف.
      * تاريخ توقيع الكشف.
      * ساعة الكشف: يتم تحديدها بالدقائق.
(2) معلومات عن المريض
      * الاسم.
      * الجنس.
      * العمر.
      * الوظيفة.
      * رقم البطاقة.
      * العنوان.
   هذه المعلومات يقوم بكتابتها موظف الاستقبال المختص بتسجيل البيانات من واقع بيانات المصاب الموجودة بالبطاقة , وفي حالة فقد المصاب لوعيه تؤخذ هذه المعلومات من المرافق له. في حالة عدم وجود بطاقة تؤخذ بصمة إصبع الإبهام الأيسر. لابد من وجود خانة بأسفل التقرير يوضح بها اسم هذا الموظف وتوقيعه حتى يتحمل مسئولية أي معلومات خاطئة تكتب في هذا التقرير , ولكي يتم السيطرة علي التقارير التي تصدر مجاملة للأصدقاء والأقارب وما إلي ذلك يجب أن يكون كل تقرير يحمل رقم مطبوع ليحاسب الموظف علي كل تقرير موجود عنده في دفتر التقارير من خلال المراجعة الدقيقة لهذا الدفتر لمنع التلاعب. ويمكن أن تؤجل هذه المعلومات قليلا من الوقت حتى يتم الانتهاء من الإسعافات الأولية.
(3) معلومات عن الحالة الإصابية
      * رواية المصاب عن الواقعة (التاريخ الإصابي الحالي).
      * عدد الإصابات.
      * نوع الإصابات.
      * أماكن تواجدها.
      * أبعاد كلا منها.
      * الأداة المحدثة لها.
  هذه المعلومات يقوم بتسجيلها الطبيب بنفسه ويفضل أن يرسمها علي مطبوعات الرسوم التوضيحية التي يجب توفيرها في استقبال كل مستشفي ثم تكتب في التقرير بعد أن يتم الانتهاء من الإسعافات الأولية بمعرفة طبيب إخصائي وليس طبيب مقيم. ويمنع منعا باتا طبيب الامتياز أو أفراد هيئة التمريض من كتابة هذه البيانات. يجب أن يكتب الطبيب اسمه الثلاثي وتوقيعه وذلك حتى تحدد المسئوليات. من خلال التجربة العملية فإننا نلاحظ أن الأطباء خوفا من المسئولية ولكي يبتعدوا عن استدعاء النيابة يكتبوا أي توقيع غير واضح ، وبالتالي تضطر النيابة في بعض الأحيان إلي استدعاء كل أطباء النوبتجية في وقت محدد لتحديد كاتب هذا التقرير. 
(4) درجة وعي المريض
      * واعي.
      * غير واعي.
      * شبه واعي.
      * يمكن استجوابه. في هذه الحالة يجب أن يحصل الطبيب من المصاب عن معلومات قليلة عن الواقعة من خلال أسئلة مختصرة قصيرة مثل كيفية الاعتداء عليه ونوع الأداة المستخدمة في الاعتداء ويثبت هذه الأقوال في التقرير الطبي. هذه المعلومات قد تكون في غاية الأهمية وخاصة عندما يكون المصاب ستتضاعف حالته وقد تنتهي بالوفاة دون أن يتكلم بعد ذلك. هذه المعلومات تمثل التاريخ الإصابي الحالي الذي يجب أن يثبته الطبيب في كل تقرير. أحيانا يذكر المصاب اسم المتهم ومعلومات عن الواقعة ثم يدخل في غيبوبة ويتوفى ، لذلك فإن الطبيب مسئول أمام ضميره أن يثبت تلك المعلومات التي سمعها ويفضل لو كان ذلك في حضور الممرض أو الممرضة أو طبيب الامتياز. إن الطبيب قد يكون هو الشخص الوحيد الذي توصل إلي اسم المتهم وبالتالي فهو يحمل أمانة توصيل الشهادة من خلال تدوين هذه المعلومات في التقرير ، وكذلك الإدلاء بها أمام الشرطة والنيابة والمحكمة.
      * لا يمكن استجوابه الآن. في هذه الحالة تبلغ نقطة الشرطة بالمستشفي فور تحسن حالة المصاب بإمكانية استجوابه. لوحظ من خلال التجارب العملية أن الغالبية العظمي من الأطباء يكتبون أن (حالة المصاب خطيرة ولا يمكن استجوابه) ، اعتقادا منهم أن ذلك يحميهم من المساءلة القانونية إذا حدثت مضاعفات للمريض أو توفي. إن كتابة هذه العبارة في غير موضعها الصحيح تمنع المحقق من سؤال المصاب وقد تضيع فرصة سؤال المصاب نهائيا إذا تدهورت حالته بعد ذلك وتوفي دون أن يتكلم ، وقد تؤدي لحفظ القضية نظرا لعدم القدرة علي التوصل لشخصية المتهم من خلال التحقيقات. 
(5) الإجراءات الطبية المتخذة حيال المريض
      * يعرض علي أخصائي معين (جراحة عامه مثلا).
      * يوضع في الاستقبال تحت الملاحظة.
(6) الأشياء التي تم التحفظ عليها
      * حرز الملابس.
      * مقذوف بين طيات الملابس أو مقذوف مستخرج من المصاب.
      * عينة من القيء.
      * عينة غسيل المعدة.
  إن ملابس المصاب تعتبر أثر مادي في غاية الأهمية بالنسبة لفحوص الطب الشرعي والأدلة الجنائية وقد تكون هي الفيصل في بعض القضايا ، لذا يجب أن يعمل طاقم التمريض علي الحفاظ علي ملابس المصاب والابتعاد عن تمزيقها عند محاولة إسعاف المصاب بل تقص بعيدا عن مواضع الإصابات ثم تجفف وتحرز تمهيدا لإرسالها للنيابة المختصة. يجب أن تكون هناك دفاتر في كل مستشفي خاصة بهذه المتعلقات وتسلم هذه المتعلقات لشخص محدد يقوم بالتوقيع عليها حتى تتحدد المسئوليات.                                                             
  لابد أن تكتب الشهادات والتقارير الطبية بحذر ودقة مع اثبات المعلومات الصحيحة فقط حتى لا يقع الطبيب تحت طائلة القانون , وذلك كما ورد بالمادة 222 من قانون العقوبات المصري والتي تنص علي ((كل طبيب أو جراح أو قابلة أعطي بطريق المجاملة شهادة أو بيانا مزورا بشأن حمل أو مرض أو عاهة أو وفاة , مع علمه بتزوير ذلك يعاقب بالحبس أو بغرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه مصري , فإذا طلب لنفسه أو لغيره أو أخذ وعدا أو عطية للقيام بشيء من  ذلك أو وقع الفعل لرجاء أو توصية أو وساطة يعاقب بالعقوبات المقررة في باب الرشوة , ويعاقب الراشي والوسيط بالعقوبة المقررة للمرتشي)).
ويجب علي كل طبيب قبل تحرير شهادة طبية أو تقرير طبي ملاحظة الآتي:ـ
    (1) لا يعطي الشهادة الطبية أو التقرير الطبي لشخص غير المريض نفسه ، إلا إذا كان المريض قاصرا فتعطي الشهادة للشخص المسئول عنه قانونا كالأب أو الأم أو الوصي عليه بحكم قضائي. إن إعطاء التقرير الطبي لشخص غير صاحبه بدون إذنه قد يعرض الطبيب لقضية إفشاء سر المريض طبقا للمادة 310 من قانون العقوبات المصري والتي تنص علي: ((كل من كان من الأطباء أو الجراحين أو الصيادلة أو القوابل أو غيرهم مودعا إليه بمقتضي صناعته أو وظيفته سر خصوصي أو أؤتمن عليه فأفشاه في غير الأحوال التي يلزمه بها بتبليغ ذلك يعاقب بالحبس مدة لا تزيد علي ستة أشهر أو بغرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه)).
    (2) لا يجوز للطبيب أن يمتنع عن تحرير شهادة طبية أو تقرير طبي لأي مريض أو مصاب بناء علي طلب النيابة. في هذه الحالة لا يسأل الطبيب عن سرية المهنة حيث إن هذه البيانات قد أعطيت بناء علي طلب النيابة. إذا أساء المصاب أو المريض استخدامها يكون هو الذي أذاع سره وليس الطبيب.
    (3) يجب أن تحتوي الشهادة الطبية علي الحقائق والمعلومات الصادقة عن حالة المريض المرضية والإصابية. هذه المعلومات يجب أن تقتصر علي حالة المريض التي يراها الطبيب أمامه ولا يتأثر الطبيب بأي معلومة يحاول المريض أو المصاحبين له إملاءها عليه حتى لا يعتبر شريكا في الخداع أو الغش.
    (4) التأكد من شخصية طالب التقرير الطبي أو الشهادة الطبية: كل طبيب عليه التأكد من شخصية المريض أو المصاب الذي يحرر له الشهادة حتي لا يقع فريسة للغش أو الخداع بانتحال المريض أو المصاب شخصية آخر للحصول علي تقرير عن نفسه ويضع عليه اسم شخص آخر. التأكد من شخصية المريض أو المصاب تتم من خلال البطاقة الشخصية أو جواز السفر فقط ، ولا يجب اعتبار كارنيه الكلية أو النادي أو ما شابه ذلك مستند رسمي في الاستعراف. إذا كان المريض أو المصاب لا يحمل بطاقة شخصية أو جواز سفر تؤخذ بصمة أصبع الإبهام الأيسر أو الأيمن ويكتب تحت البصمة (بصمة اصبع الإبهام الأيسر مثلا) ، ويفضل الحصول علي صورة شخصية من المريض أو المصاب إذا كان يحمل صورة معه. إن التأكد من شخصية المصاب أو المريض تبعد عن الطبيب فكرة المشاركة في الخداع أو الغش.
    (5) الحذر كل الحذر من إعطاء شهادة طبية أو تقرير طبي عن مريض أو مصاب دون أن يراه مجاملة لقريب أو زميل أو صديق. لو ثبت للمحكمة أن الطبيب أصدر تقريرا طبيا عن حالة شخص دون أن يراه فتعتبره المحكمة أهمل في أداء واجبه ويستوجب العقاب لإصداره تقريرا غير صحيح.
تزوير الشهادات الطبية:-

(1) شهادات الإعفاء من خدمة عامة
    تنص المادة 222 من قانون العقوبات المصري رقم 58 لسنة 1937م علي: ((كل طبيب أو جراح أو قابلة أعطي بطريق المجاملة شهادة أو بيانا مزورا بشأن حمل أو مرض أو عاهة أو وفاة مع علمه بتزوير ذلك يعاقب بالحبس أو بغرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه مصري ، فإذا طلب لنفسه أو لغيره أو أخذ وعدا أو عطية للقيام بشيء من ذلك أو وقع الفعل نتيجة لرجاء أو توصية أو وساطة يعاقب بالعقوبات المقررة في باب الرشوة. ويعاقب الراشي والوسيط بالعقوبة المقررة للمرتشي أيضا)).               
أركان تزوير هذه الشهادة الطبية ثلاثة وتشمل:ـ
      (أ) أن تكون الشهادة صادرة عن طبيب أو جراح أو قابلة مرخص له (أو لها) بمزاولة مهنة الطب.
      (ب) أن تنص الشهادة كذبا علي إثبات أو نفي واقعة حمل أو مرض أو عاهة أو وفاة علي خلاف الحقيقة.
      (ج) توافر القصد الجنائي وهو أن يكون الجاني عالما بأنه يثبت في الشهادة ما يخالف الحقيقة. فإذا كان الطبيب قد أصدر البيانات الواردة بالشهادة الطبية عن طريق جهله العلمي أو إهماله في تحري الحقيقة فلا تقع عليه تهمة تزوير شهادة طبية.
نص القانون السابق يوضح أن هناك فارقا بين ما إذا كانت الشهادة أعطيت لصاحبها عن طريق المجاملة فإن العقوبة تكون الحبس أو الغرامة بمبلغ لا يزيد عن 500 جنيه ، وبين أن تكون أعطيت تحت تأثير الوعد له بشيء أو إعطائه هدية أو عطية وفي هذه الحالة الأخيرة يحكم بعقوبة الرشوة وهي الأشغال الشاقة المؤبدة وغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد علي ما أعطي أو وعد به.
(2) الشهادات المقدمة للمحاكم
    أحيانا يطلب متهم من الطبيب أن يعطيه شهادة طبية مزورة تفيد مرضه وقت ارتكاب المتهم فيها أمام المحكمة ، أو يطلب شاهد من الطبيب منحه شهادة مرضية مزورة ليمتنع بعذر عن الذهاب للمحكمة أو بقصد التخلص من غرامة حكم بها عليه لتخلفه عن الحضور للشهادة بالمحكمة. إذا ثبت للمحكمة تزوير الشهادة الطبية فإن الطبيب يحاسب ويعاقب بالتزوير وذلك طبقا للمادة 223 من قانون العقوبات التي تنص علي ((العقوبات المبينة بالمادتين السابقتين (أي المادتين 221 ، 222) يحكم بها أيضا إذا كانت تلك الشهادة معدة لان تقدم إلي المحاكم)). لم تحدد محكمة النقض نوع مرض معين يكتبه الطبيب بل يكفي أن تكون المعلومات الواردة بالشهادة الطبية غير صحيحة. أوردت محكمة النقض في أحد أحكامها ما يلي ((يكفي أن تكون الشهادة معدة لأن تقدم لإحدى المحاكم ولو لتعزيز طلب التأجيل حتى يحق العقاب علي تزويرها لأن تأجيل القضايا لسبب ظاهره شرعي وباطنه تدليسي فيه إضرار بمصلحة المتقاضين وبالمصلحة العامة التي تقتضيها سرعة إجراء العدل بين الناس وعدم التمهل فيه إلا لأسباب شرعية ظاهرا وباطنا)).
(3) الشهادات الخاصة بالأمراض العقلية
    ينص القانون علي عقاب أي طبيب أثبت عمدا في شهادته ما يخالف الحالة العقلية لشخص ما. علي الطبيب أن يتروى لخطورة هذه الشهادات التي تحد من حرية الشخص وقدرته علي التصرف. وعلي الطبيب أن يدرك أن أهل المريض طالبي الشهادة قد يتوافر لديهم سوء النية بالنسبة للمريض , وفي هذه الحالة يعاقب الطبيب إذا أعطي الشهادة بناء علي أقوالهم دون فحص كاف.
ضوابط إعداد التقارير الطبية
    صدر قرار وزير الصحة رقم 187 لسنة 2001م بشأن ضوابط إعداد التقارير الطبية وهو ينص علي:ـ
مادة 1
يراعي في إعداد التقارير الطبية ما يلي:
أولا – التقارير الطبية التي تصدر في الحالات الجنائية
تخضع هذه التقارير للقواعد والإجراءات التالية:
1ـ بالنسبة للتقارير الطبية الابتدائية:
(أ) يتم توقيع الكشف الطبي علي المصاب بناء علي خطاب إحالة صادر من الشرطة ويتضمن كافة البيانات الخاصة به.
(ب) يتم عرض المصاب – بعد التأكد من شخصيته – علي الأخصائي أو مساعد الأخصائي لإثبات ما به من إصابات , وتحديد المدة اللازمة لعلاجها , علي أن يوقع التقرير من الأخصائي أو مساعد الأخصائي ومدير الاستقبال.
(ج) يكون تحديد مدة العلاج بأقل من 21 يوماً في الحالات التي لا تحدث فيها مضاعفات , أما إذا تخلف عن الإصابة عاهة: فتحدد مدة العلاج ونسبة العجز الناجم عنها وفقا لما يتضمنه التقرير الطبي النهائي.
(2) بالنسبة للتقارير الطبية النهائية
(أ) تصدر هذه التقارير بعد أن يتقرر خروج المصاب نهائياً من المستشفي , ومن واقع البيانات المدونة بتذكرة علاجه.
(ب) يوقع التقرير النهائي من لجنة مكونة من الإخصائي أو مساعد الإخصائي ورئيس القسم ومدير المستشفي بعد الإطلاع علي تذكرة المريض وسجل التقارير الطبية وتوقيع الكشف النهائي باستخدام كافة وسائل التشخيص.
(ج) يكتب التقرير النهائي بخط واضح , ويتضمن بيان الإصابات والتشخيص النهائي ومدة العلاج وتخلف عاهة من عدمه والتوصية الطبية اللازمة , علي أن يكون الحكم النهائي للطبيب الشرعي , ويرسل التقرير إلي النيابة العامة بناء علي طلبها بعد أن يقدم المندوب المفوض باستلام التقرير خطاباً رسميا بذلك.
ثانيا: التقارير الطبية التي تعد في الحالات المرضية
(1) لا تصدر هذه التقارير إلا بناء علي خطاب رسمي من جهة ذات صفة أو بناء علي طلب من صاحب الشأن بخطاب موقع منه وموجه لمدير المستشفي.
(2) يحرر التقارير بواسطة لجنة تشكل من الإخصائي أو مساعد الإخصائي ورئيس القسم ومدير المستشفي , ويتضمن: تاريخ الدخول والخروج , والتشخيص , والتوصية الطبية وذلك من واقع تذكرة المريض , وبعد استخدام الفحص الإكلينيكي ووسائل التشخيص المختلفة.
ثالثا: تسجيل التقارير وتسليمها لأصحاب الشأن
    ينشأ بكل مستشفي ومنشأة صحية سجل خاص للتقارير الطبية الابتدائية والنهائية , وتوضع به جميع البيانات ويكون عهدة موظف مختص , ويناظر هذا السجل ويعتمد يومياً من مدير المستشفي.
    ولا يتم التعامل في الأحوال الخاصة بالجنح والجنايات مع المحامين أو ذوي الشأن إلا بناء علي أمر من النيابة المختصة , وفي كل الأحوال يتم التوقيع بالاستلام بعد أخذ بيانات المستلم وبصمته.
مادة 2
    تشكل بكل مديرية من مديريات الشئون الصحية لجنة طبية عليا للنظر في التظلمات المقدمة بشأن التقارير الطبية , ولا يعد التقرير نهائياً إلا بعد البت في التظلم , وإذا لم تستطع اللجنة المذكورة البت في التظلم فيحال إلي لجنة عليا تشكل بديوان عام وزارة الصحة والسكان للبت النهائي.
مادة 3
    في حالة صدور تقارير طبية مخالفة للحقيقة يتم إبلاغ النيابة العامة بذلك ويحرم الطبيب الذي صدر عنه التقرير أو شارك فيه من حق إصدار التقارير أو الشهادات الطبية , وذلك مع عدم الإخلال بمسئوليته الجنائية.
مادة 4
   ينشر هذا القرار في الوقائع المصرية ويعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره..

تقدير القاضي الجنائي للدليل الفني :-
تقرير الخبير هو مجرد رآي في شأن دليل إثبات و بعباره أخرى فان التقرير يتضمن بيان هذا الدليل وتفصيل عناصره ثم اقتراحاً من وجهه نظر فنيه لما يمكن أن يكون له من قيمه في الإثبات وتطبيقً لمبداء الاقتناع القضائي فإنه يتعين أن تكون للقاضي السلطه في تقدير قيمه هذاالتقرير فمن ناحيه هو مجرد دليل . فتقدير قيمتهه من شأن قاضي الموضوع تطبيقاً للقواعد العامه . ومن ناحيه ثانيه فإن ما يقترحه الخبير من إثبات الواقعه على نحو معين هو قول من وجهه نظر فنيه بحته .وفي غياب وجهه النظر القانونيه التي لاإختصاص للخبير بها ومن ثم كانت مهمه القاضي الرقابه القانونيه للراي الفني .( وكان القاضي هو الخبير الأعلى في الدعوى )
وتطبيفاً لذلك فإن للقاضي أن يأخذ بكل ما جاء في تقرير الخبيرو له ان يطرحه كله وله أن يأخذ بعناصره التي  يطمئن إليها ويطرح ما لا يطمئن إليه منها وان تعددوا كان للقاضي أن يأخذ برأى بعضهم دون البعض.ومع ذلك فمهما اتسعت سلطه القاضي االتقديريه في رقابه تقرير الخبير واقتناعاته منه فأن لهذه السلطه حدود :فالقاضي لايستعمل هذه السلطه تحكماً وإنما يتحرى ويتبع القاضي في ذلك أساليب الاستدلال المنطقي التي يقرها العلم ويجري بها العمل القضائي .وثمه ضوابط تعين القاضي على صواب استعمال القيمه الحقيقيه لتقرير الخبير .ومن أهم هذه الضوابط  انه إذا كان له في الدعوى أدله إثبات أخرى  كشهاده او إعتراف فان على القاضي أن يستعين بها لتقدير قيمه التقرير ويقدر ما يكون بينهما وبين التقرير من اتساق بقدر ما يدعم ذلك الثقه في التقرير.

حجيه الدليل الفني أمام القضاء الجنائي:-
يقال في الفقه إن سلطه القاضي الجنائي في تقدير الادله محكومه بمبداء حريه القاضي الجنائي في الاقتناع وإن هذا المبداء يؤدي بطريقه مباشره أو غير مباشره إلى نتيجيتين الأولى هي حريه القاضي الجنائي في قبول الدليل على نحو تكون فيه جميع طرق الإثبات مقبوله من حيث المبداء –في المواد الجنائيه أما الثانيه فهي إن الدليل الجنائي يخضع لمطلق تقدير القاضي .صفوه القول إن القاضي الجنائي يستطيع أن يبني اقتناعه الذاتي وان يؤسس حكمه على أي عنصر من عناصر الإثبات فإذا كانت في معنى البراءه اصدر حكمه بها واذا كان اقتناعه بالعكس قد تأسس في معنى الإدانه اصدر حكماً بها .لكن هناك بين هذين المعنيين المتناقضين وضع وسط هو الشك الذي يحول بين القاضي وبين تأسيس اقتناعه ويفرض المنطق البحت على القاضي في هذا الوضع أن يصدرحكمه بالبراءه ,لان وجود هذا الشك معناه انه يقتنع بالإدانه .وهذا الاقتناع شرط لصحه صدورها . وهو أمر قد يوحي بأن مبداء الشك يفسر لصالح المتهم هو نتيجه من نتائج مبداءحريه القاضي الجنائي في الاقتناع ,فإذا كان القاضي مقتنعاً تماماًبثبوت المسؤليه على المتهم دون أن تكون الإدله المقامه ضده فإن حكمه ببرءه المتهم يكون راجعاً إلى مبداء ان الشك يفسر لصالح المتهم لاإلى مبداء حريه القاضي الجنائي في الإقتناع.وهنا تظهر أهميه قرينه البراءه باعتبارها ضمانه للفرد ضد صدور حكم الإدانه دون دليل جازم برغم اقتناع القضاه.
-وهذا معناه أن سلطه القاضي في تقدير الدليل لاتخضع فقط لمبداء حريه القاضي الجنائي في الاقتناع وانما تخضع كذلك لمبداء إن الشك يفسر لصالح المتهم باعتبارهما معاً العنصران اللذان يتحكمان في سلطه القاضي في تقدير الدليل.

تقديم الوثائق على التقرير الفني :-
من المقرر إن أدله الدعوى تخضع في كل الأحوال لتقدير القاضي و لو كانت أوراق رسميه مادام هذا الدليل غيرمقطوع بصحته ويصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقه التي استخلصها القاضي من باقي الادله . ولقد اصبحت الكتابه تحتل المرتبه الأولى بين أدله الإثبات فعن طريق الكتابه يتحدد مركز الشخص تحديداً واضحاً والأوراق او المحررات المكتوبه والتي تستخدم كاداه للإثبات تنقسم إلى قسمين  محررات رسميه وهي التي يقوم بتحريرها موظف عام مختص وفقا للأوضاع  المقرره ومحررات عرفيه وهي التي يقوم الأفراد بتحريرها فيما بينهم وتختلف المحررات الرسميه عن العرفيه من ناحيه الشكل والحجيه و قوه كل منهما في التنفيذ
من حيث الشكل :-يلزم المحرر الرسمي أن يقوم بتحريره موظف عام مختص وفقاً لأوضاع مقرره . أما المحررات العرفيه فالشرط الوحيد لصحتها هو توقيع المدين أذا كانت معده للإثبات  أما إذا لم تكن معده للإثبات فلا ضروره للتوقيع.
من حيث الحجيه "-يعتبر كل محرر حجه على الكافه من حيث صدوره من موقعه ولاتسقط حجيه المحررات الرسميه إلاعن طريق الطعن بالتزوير بالنسبه لما قام به الموظف أو وقع من ذي الشأن في حضوره أما المحرر العرفي فيمكن إثبات عكس ما  جاء فيه.
 من حيث القوه :- المحررات الرسميه يمكن التنفيذ عليها مباشره بعكس المحررات العرفيه.
   في المسائل الجنائيه :
لم يعين القانون للمحاكم الجنائيه طرق مخصوصه للاستدلال لابد منها بل جعل للقاضي مطلق الحريه في أن يقرر بنفسه الحقيقه التي يقتنع بها  استمداد من الإدله المقدمه في الدعوى مادام لقضائه وجه محتمل ومأخذ صحيح فمن المقرر أن القاضي في حل من الأخذ بالدليل المستمد من أيه ورقه رسميه ما دام هذا الدليل غير مقطوع بصحته ويصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقه التي استخلصها القاضي من باقي الإدله.نخلص من كل ما تقدم أن ما جاء في القانون من حجيه الأوراق الرسميه والآحكام المقرره للطعن فيها محتمله الإجراءات المدنية والتجاريه حيث عنيت الادله ووضعت قواعدها التي يلتزم القاضي بأن يجري في قضائه على مقتضاها.
اذاً فكل كتابه تصح ان تكون مبداء ثبوت بالكتابه اياً كان شكلها واياً كان الغرض منها ما دام من شأنها أن تجعل الأمر المراد إثباته قريب الاحتمال وتقدير الورقه المراد اعتبارها مبداء ثبوت الكتابه هو ما يستقل به قاضي الموضوع .فالبطاقه الشخصيه تعتبر دليلاً على صحه البيانات الوارده فيها طبقاً للقانون المصري...
التقارير الطبية....ودورها فى الإثبات ...وتقديرها كدليل .....فى القضايا ....

    تختلف التقارير الطبية باختلاف كاتبها واختلاف زمن كتابتها. من حيث الكاتب فقد يكون محرر التقرير هو طبيب الاستقبال أو الطبيب الإخصائي وبذلك يسمي ذلك تقريرا طبيا , أو قد يكون محرر هذا التقرير هو الطبيب الشرعي وبذلك يسمي تقرير الطب الشرعي. أما من حيث زمن كتابته فقد يكون تقرير طبي ابتدائي وهو الذي يكتب بمعرفة طبيب الاستقبال عند مناظرته للمصاب أول مرة بالمستشفي وقبل إجراء أي فحوص أو أشعات علي جسد المصاب , وقد يكون تقرير طبي نهائي وهو التقرير الذي يكتب بمعرفة طبيب أخصائي بالقسم الذي كان يعالج فيه المصاب ويكتب فيه وصف كامل لحالة المصاب منذ لحظة دخوله المستشفي وما أتبع نحوه من فحوص تشخيصية وإجراءات علاجية وحالة المصاب عند خروجه من المستشفي.
التقرير الطبي الابتدائي :-

    التقرير الطبي الابتدائي هو أخطر التقارير الطبية وأكثرها أهمية للأسباب التالية:
(1) أنه يمثل المشاهدة الأولي للإصابات بجسد المصاب علي طبيعتها وقبل حدوث أي تغيرات التئامية أو تداخلات جراحية , أي إنه يمثل الواقع الفعلي للإصابات علي حالتها الأولي.
(2) أنه يمثل العمود الفقري الذي يبني عليه الطبيب الشرعي رأيه في الإصابات ، وذلك لأن الطبيب الشرعي يوقع الكشف علي المصاب بعد تمام التئام جروحه وبعد كل التداخلات الطبية والجراحية التي قد يحتاجها المصاب لإنقاذ الحياة. وبالتالي إذا كانت المعلومات الواردة بالتقرير الطبي الابتدائي خاطئة فإن الرأي الذي سيصل إليه الطبيب الشرعي سيكون رأيا خاطئا بناء علي تلك المعلومات الخاطئة , وأيضا إذا كانت المعلومات الواردة بالتقرير الطبي الابتدائي ناقصة فإن الطبيب الشرعي قد لا يستطيع أن يصل لرأي واضح في طبيعة الإصابات وكيفية حدوثها والأداة المستخدمة في إحداثها. لكن من حسن حظ المصاب أن الطبيب الشرعي لا يبني رأيه العلمي فقط علي التقرير الطبي الابتدائي بل يعتمد الطبيب الشرعي أيضا علي فحص الملابس وأدوات أخرى تعينه إلي حد كبير في التغلب علي بعض المعلومات الخاطئة وبعض نقص المعلومات في التقرير الطبي الابتدائي.
(3) أن حوالي 95% من المصابين يعرضون علي المحكمة بموجب التقرير الطبي الابتدائي دون أخذ رأي الطبيب الشرعي في ذلك , وبذلك يكون هذا التقرير هو المستند الفني الوحيد أمام القاضي فى قضايا الضرب البسيط والإصابة الخطأ ومن هنا تكمن خطورته وأهميته.
دقة التقارير الطبية الابتدائية
    عادة تخرج التقارير الطبية الابتدائية غير دقيقة للأسباب التالية:
(1) يهتم طبيب الاستقبال المعالج بعلاج المصاب ومحاولة إنقاذ حياته اهتماما كبيرا , وغالبا لا يعير وصف الإصابات الوقت الكافي لأن علاج المصاب يأتي في المقام الأول لهذا الطبيب المعالج.
(2) قلة خبرة طبيب الاستقبال المعالج في وصف الإصابات وذلك لأن دراسة الطب الشرعي في كليات الطب هي دراسة نظرية , ولا يوجد تعاون وثيق بين كليات الطب ومصلحة الطب الشرعي بوزارة العدل للتدريب العملي. هذه الخبرة القليلة تؤدي إلي حدوث أخطاء كثيرة في التقارير الطبية الابتدائية , وكذلك تؤدي إلي كتابة تقارير ناقصة لمعلومات وبيانات هامة.
(3) عدم وجود أدوات مساعدة للطبيب مثل الرسوم التوضيحية لجسم الإنسان والتقارير المطبوعة الجاهزة لمليء الفراغات. وجود الرسوم التوضيحية يجعل الطبيب يرسم علي هذه الورقة موضع الإصابة ونوعها ثم يقوم بتفريغها بعد علاج المصاب في تقرير طبي متكامل وهي طريقة عملية للتغلب علي مشكلة ضيق الوقت أمام الطبيب لسرعة إنقاذ المصاب.
مكونات التقرير الطبي الابتدائي :-

(1) معلومات عن مكان وزمان توقيع الكشف
هذه المعلومات تملأ بسرعة عن طريق موظف الاستقبال المختص بتسجيل المعلومات.
      * اسم المستشفي.
      * اسم الطبيب الذي قام بتوقيع الكشف.
      * الدرجة الوظيفية للطبيب0
      * يوم توقيع الكشف.
      * تاريخ توقيع الكشف.
      * ساعة الكشف: يتم تحديدها بالدقائق.
(2) معلومات عن المريض
      * الاسم.
      * الجنس.
      * العمر.
      * الوظيفة.
      * رقم البطاقة.
      * العنوان.
   هذه المعلومات يقوم بكتابتها موظف الاستقبال المختص بتسجيل البيانات من واقع بيانات المصاب الموجودة بالبطاقة , وفي حالة فقد المصاب لوعيه تؤخذ هذه المعلومات من المرافق له. في حالة عدم وجود بطاقة تؤخذ بصمة إصبع الإبهام الأيسر. لابد من وجود خانة بأسفل التقرير يوضح بها اسم هذا الموظف وتوقيعه حتى يتحمل مسئولية أي معلومات خاطئة تكتب في هذا التقرير , ولكي يتم السيطرة علي التقارير التي تصدر مجاملة للأصدقاء والأقارب وما إلي ذلك يجب أن يكون كل تقرير يحمل رقم مطبوع ليحاسب الموظف علي كل تقرير موجود عنده في دفتر التقارير من خلال المراجعة الدقيقة لهذا الدفتر لمنع التلاعب. ويمكن أن تؤجل هذه المعلومات قليلا من الوقت حتى يتم الانتهاء من الإسعافات الأولية.
(3) معلومات عن الحالة الإصابية
      * رواية المصاب عن الواقعة (التاريخ الإصابي الحالي).
      * عدد الإصابات.
      * نوع الإصابات.
      * أماكن تواجدها.
      * أبعاد كلا منها.
      * الأداة المحدثة لها.
  هذه المعلومات يقوم بتسجيلها الطبيب بنفسه ويفضل أن يرسمها علي مطبوعات الرسوم التوضيحية التي يجب توفيرها في استقبال كل مستشفي ثم تكتب في التقرير بعد أن يتم الانتهاء من الإسعافات الأولية بمعرفة طبيب إخصائي وليس طبيب مقيم. ويمنع منعا باتا طبيب الامتياز أو أفراد هيئة التمريض من كتابة هذه البيانات. يجب أن يكتب الطبيب اسمه الثلاثي وتوقيعه وذلك حتى تحدد المسئوليات. من خلال التجربة العملية فإننا نلاحظ أن الأطباء خوفا من المسئولية ولكي يبتعدوا عن استدعاء النيابة يكتبوا أي توقيع غير واضح ، وبالتالي تضطر النيابة في بعض الأحيان إلي استدعاء كل أطباء النوبتجية في وقت محدد لتحديد كاتب هذا التقرير. 
(4) درجة وعي المريض
      * واعي.
      * غير واعي.
      * شبه واعي.
      * يمكن استجوابه. في هذه الحالة يجب أن يحصل الطبيب من المصاب عن معلومات قليلة عن الواقعة من خلال أسئلة مختصرة قصيرة مثل كيفية الاعتداء عليه ونوع الأداة المستخدمة في الاعتداء ويثبت هذه الأقوال في التقرير الطبي. هذه المعلومات قد تكون في غاية الأهمية وخاصة عندما يكون المصاب ستتضاعف حالته وقد تنتهي بالوفاة دون أن يتكلم بعد ذلك. هذه المعلومات تمثل التاريخ الإصابي الحالي الذي يجب أن يثبته الطبيب في كل تقرير. أحيانا يذكر المصاب اسم المتهم ومعلومات عن الواقعة ثم يدخل في غيبوبة ويتوفى ، لذلك فإن الطبيب مسئول أمام ضميره أن يثبت تلك المعلومات التي سمعها ويفضل لو كان ذلك في حضور الممرض أو الممرضة أو طبيب الامتياز. إن الطبيب قد يكون هو الشخص الوحيد الذي توصل إلي اسم المتهم وبالتالي فهو يحمل أمانة توصيل الشهادة من خلال تدوين هذه المعلومات في التقرير ، وكذلك الإدلاء بها أمام الشرطة والنيابة والمحكمة.
      * لا يمكن استجوابه الآن. في هذه الحالة تبلغ نقطة الشرطة بالمستشفي فور تحسن حالة المصاب بإمكانية استجوابه. لوحظ من خلال التجارب العملية أن الغالبية العظمي من الأطباء يكتبون أن (حالة المصاب خطيرة ولا يمكن استجوابه) ، اعتقادا منهم أن ذلك يحميهم من المساءلة القانونية إذا حدثت مضاعفات للمريض أو توفي. إن كتابة هذه العبارة في غير موضعها الصحيح تمنع المحقق من سؤال المصاب وقد تضيع فرصة سؤال المصاب نهائيا إذا تدهورت حالته بعد ذلك وتوفي دون أن يتكلم ، وقد تؤدي لحفظ القضية نظرا لعدم القدرة علي التوصل لشخصية المتهم من خلال التحقيقات. 
(5) الإجراءات الطبية المتخذة حيال المريض
      * يعرض علي أخصائي معين (جراحة عامه مثلا).
      * يوضع في الاستقبال تحت الملاحظة.
(6) الأشياء التي تم التحفظ عليها
      * حرز الملابس.
      * مقذوف بين طيات الملابس أو مقذوف مستخرج من المصاب.
      * عينة من القيء.
      * عينة غسيل المعدة.
  إن ملابس المصاب تعتبر أثر مادي في غاية الأهمية بالنسبة لفحوص الطب الشرعي والأدلة الجنائية وقد تكون هي الفيصل في بعض القضايا ، لذا يجب أن يعمل طاقم التمريض علي الحفاظ علي ملابس المصاب والابتعاد عن تمزيقها عند محاولة إسعاف المصاب بل تقص بعيدا عن مواضع الإصابات ثم تجفف وتحرز تمهيدا لإرسالها للنيابة المختصة. يجب أن تكون هناك دفاتر في كل مستشفي خاصة بهذه المتعلقات وتسلم هذه المتعلقات لشخص محدد يقوم بالتوقيع عليها حتى تتحدد المسئوليات.                                                             
  لابد أن تكتب الشهادات والتقارير الطبية بحذر ودقة مع اثبات المعلومات الصحيحة فقط حتى لا يقع الطبيب تحت طائلة القانون , وذلك كما ورد بالمادة 222 من قانون العقوبات المصري والتي تنص علي ((كل طبيب أو جراح أو قابلة أعطي بطريق المجاملة شهادة أو بيانا مزورا بشأن حمل أو مرض أو عاهة أو وفاة , مع علمه بتزوير ذلك يعاقب بالحبس أو بغرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه مصري , فإذا طلب لنفسه أو لغيره أو أخذ وعدا أو عطية للقيام بشيء من  ذلك أو وقع الفعل لرجاء أو توصية أو وساطة يعاقب بالعقوبات المقررة في باب الرشوة , ويعاقب الراشي والوسيط بالعقوبة المقررة للمرتشي)).
ويجب علي كل طبيب قبل تحرير شهادة طبية أو تقرير طبي ملاحظة الآتي:ـ
    (1) لا يعطي الشهادة الطبية أو التقرير الطبي لشخص غير المريض نفسه ، إلا إذا كان المريض قاصرا فتعطي الشهادة للشخص المسئول عنه قانونا كالأب أو الأم أو الوصي عليه بحكم قضائي. إن إعطاء التقرير الطبي لشخص غير صاحبه بدون إذنه قد يعرض الطبيب لقضية إفشاء سر المريض طبقا للمادة 310 من قانون العقوبات المصري والتي تنص علي: ((كل من كان من الأطباء أو الجراحين أو الصيادلة أو القوابل أو غيرهم مودعا إليه بمقتضي صناعته أو وظيفته سر خصوصي أو أؤتمن عليه فأفشاه في غير الأحوال التي يلزمه بها بتبليغ ذلك يعاقب بالحبس مدة لا تزيد علي ستة أشهر أو بغرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه)).
    (2) لا يجوز للطبيب أن يمتنع عن تحرير شهادة طبية أو تقرير طبي لأي مريض أو مصاب بناء علي طلب النيابة. في هذه الحالة لا يسأل الطبيب عن سرية المهنة حيث إن هذه البيانات قد أعطيت بناء علي طلب النيابة. إذا أساء المصاب أو المريض استخدامها يكون هو الذي أذاع سره وليس الطبيب.
    (3) يجب أن تحتوي الشهادة الطبية علي الحقائق والمعلومات الصادقة عن حالة المريض المرضية والإصابية. هذه المعلومات يجب أن تقتصر علي حالة المريض التي يراها الطبيب أمامه ولا يتأثر الطبيب بأي معلومة يحاول المريض أو المصاحبين له إملاءها عليه حتى لا يعتبر شريكا في الخداع أو الغش.
    (4) التأكد من شخصية طالب التقرير الطبي أو الشهادة الطبية: كل طبيب عليه التأكد من شخصية المريض أو المصاب الذي يحرر له الشهادة حتي لا يقع فريسة للغش أو الخداع بانتحال المريض أو المصاب شخصية آخر للحصول علي تقرير عن نفسه ويضع عليه اسم شخص آخر. التأكد من شخصية المريض أو المصاب تتم من خلال البطاقة الشخصية أو جواز السفر فقط ، ولا يجب اعتبار كارنيه الكلية أو النادي أو ما شابه ذلك مستند رسمي في الاستعراف. إذا كان المريض أو المصاب لا يحمل بطاقة شخصية أو جواز سفر تؤخذ بصمة أصبع الإبهام الأيسر أو الأيمن ويكتب تحت البصمة (بصمة اصبع الإبهام الأيسر مثلا) ، ويفضل الحصول علي صورة شخصية من المريض أو المصاب إذا كان يحمل صورة معه. إن التأكد من شخصية المصاب أو المريض تبعد عن الطبيب فكرة المشاركة في الخداع أو الغش.
    (5) الحذر كل الحذر من إعطاء شهادة طبية أو تقرير طبي عن مريض أو مصاب دون أن يراه مجاملة لقريب أو زميل أو صديق. لو ثبت للمحكمة أن الطبيب أصدر تقريرا طبيا عن حالة شخص دون أن يراه فتعتبره المحكمة أهمل في أداء واجبه ويستوجب العقاب لإصداره تقريرا غير صحيح.
تزوير الشهادات الطبية:-

(1) شهادات الإعفاء من خدمة عامة
    تنص المادة 222 من قانون العقوبات المصري رقم 58 لسنة 1937م علي: ((كل طبيب أو جراح أو قابلة أعطي بطريق المجاملة شهادة أو بيانا مزورا بشأن حمل أو مرض أو عاهة أو وفاة مع علمه بتزوير ذلك يعاقب بالحبس أو بغرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه مصري ، فإذا طلب لنفسه أو لغيره أو أخذ وعدا أو عطية للقيام بشيء من ذلك أو وقع الفعل نتيجة لرجاء أو توصية أو وساطة يعاقب بالعقوبات المقررة في باب الرشوة. ويعاقب الراشي والوسيط بالعقوبة المقررة للمرتشي أيضا)).               
أركان تزوير هذه الشهادة الطبية ثلاثة وتشمل:ـ
      (أ) أن تكون الشهادة صادرة عن طبيب أو جراح أو قابلة مرخص له (أو لها) بمزاولة مهنة الطب.
      (ب) أن تنص الشهادة كذبا علي إثبات أو نفي واقعة حمل أو مرض أو عاهة أو وفاة علي خلاف الحقيقة.
      (ج) توافر القصد الجنائي وهو أن يكون الجاني عالما بأنه يثبت في الشهادة ما يخالف الحقيقة. فإذا كان الطبيب قد أصدر البيانات الواردة بالشهادة الطبية عن طريق جهله العلمي أو إهماله في تحري الحقيقة فلا تقع عليه تهمة تزوير شهادة طبية.
نص القانون السابق يوضح أن هناك فارقا بين ما إذا كانت الشهادة أعطيت لصاحبها عن طريق المجاملة فإن العقوبة تكون الحبس أو الغرامة بمبلغ لا يزيد عن 500 جنيه ، وبين أن تكون أعطيت تحت تأثير الوعد له بشيء أو إعطائه هدية أو عطية وفي هذه الحالة الأخيرة يحكم بعقوبة الرشوة وهي الأشغال الشاقة المؤبدة وغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد علي ما أعطي أو وعد به.
(2) الشهادات المقدمة للمحاكم
    أحيانا يطلب متهم من الطبيب أن يعطيه شهادة طبية مزورة تفيد مرضه وقت ارتكاب المتهم فيها أمام المحكمة ، أو يطلب شاهد من الطبيب منحه شهادة مرضية مزورة ليمتنع بعذر عن الذهاب للمحكمة أو بقصد التخلص من غرامة حكم بها عليه لتخلفه عن الحضور للشهادة بالمحكمة. إذا ثبت للمحكمة تزوير الشهادة الطبية فإن الطبيب يحاسب ويعاقب بالتزوير وذلك طبقا للمادة 223 من قانون العقوبات التي تنص علي ((العقوبات المبينة بالمادتين السابقتين (أي المادتين 221 ، 222) يحكم بها أيضا إذا كانت تلك الشهادة معدة لان تقدم إلي المحاكم)). لم تحدد محكمة النقض نوع مرض معين يكتبه الطبيب بل يكفي أن تكون المعلومات الواردة بالشهادة الطبية غير صحيحة. أوردت محكمة النقض في أحد أحكامها ما يلي ((يكفي أن تكون الشهادة معدة لأن تقدم لإحدى المحاكم ولو لتعزيز طلب التأجيل حتى يحق العقاب علي تزويرها لأن تأجيل القضايا لسبب ظاهره شرعي وباطنه تدليسي فيه إضرار بمصلحة المتقاضين وبالمصلحة العامة التي تقتضيها سرعة إجراء العدل بين الناس وعدم التمهل فيه إلا لأسباب شرعية ظاهرا وباطنا)).
(3) الشهادات الخاصة بالأمراض العقلية
    ينص القانون علي عقاب أي طبيب أثبت عمدا في شهادته ما يخالف الحالة العقلية لشخص ما. علي الطبيب أن يتروى لخطورة هذه الشهادات التي تحد من حرية الشخص وقدرته علي التصرف. وعلي الطبيب أن يدرك أن أهل المريض طالبي الشهادة قد يتوافر لديهم سوء النية بالنسبة للمريض , وفي هذه الحالة يعاقب الطبيب إذا أعطي الشهادة بناء علي أقوالهم دون فحص كاف.
ضوابط إعداد التقارير الطبية
    صدر قرار وزير الصحة رقم 187 لسنة 2001م بشأن ضوابط إعداد التقارير الطبية وهو ينص علي:ـ
مادة 1
يراعي في إعداد التقارير الطبية ما يلي:
أولا – التقارير الطبية التي تصدر في الحالات الجنائية
تخضع هذه التقارير للقواعد والإجراءات التالية:
1ـ بالنسبة للتقارير الطبية الابتدائية:
(أ) يتم توقيع الكشف الطبي علي المصاب بناء علي خطاب إحالة صادر من الشرطة ويتضمن كافة البيانات الخاصة به.
(ب) يتم عرض المصاب – بعد التأكد من شخصيته – علي الأخصائي أو مساعد الأخصائي لإثبات ما به من إصابات , وتحديد المدة اللازمة لعلاجها , علي أن يوقع التقرير من الأخصائي أو مساعد الأخصائي ومدير الاستقبال.
(ج) يكون تحديد مدة العلاج بأقل من 21 يوماً في الحالات التي لا تحدث فيها مضاعفات , أما إذا تخلف عن الإصابة عاهة: فتحدد مدة العلاج ونسبة العجز الناجم عنها وفقا لما يتضمنه التقرير الطبي النهائي.
(2) بالنسبة للتقارير الطبية النهائية
(أ) تصدر هذه التقارير بعد أن يتقرر خروج المصاب نهائياً من المستشفي , ومن واقع البيانات المدونة بتذكرة علاجه.
(ب) يوقع التقرير النهائي من لجنة مكونة من الإخصائي أو مساعد الإخصائي ورئيس القسم ومدير المستشفي بعد الإطلاع علي تذكرة المريض وسجل التقارير الطبية وتوقيع الكشف النهائي باستخدام كافة وسائل التشخيص.
(ج) يكتب التقرير النهائي بخط واضح , ويتضمن بيان الإصابات والتشخيص النهائي ومدة العلاج وتخلف عاهة من عدمه والتوصية الطبية اللازمة , علي أن يكون الحكم النهائي للطبيب الشرعي , ويرسل التقرير إلي النيابة العامة بناء علي طلبها بعد أن يقدم المندوب المفوض باستلام التقرير خطاباً رسميا بذلك.
ثانيا: التقارير الطبية التي تعد في الحالات المرضية
(1) لا تصدر هذه التقارير إلا بناء علي خطاب رسمي من جهة ذات صفة أو بناء علي طلب من صاحب الشأن بخطاب موقع منه وموجه لمدير المستشفي.
(2) يحرر التقارير بواسطة لجنة تشكل من الإخصائي أو مساعد الإخصائي ورئيس القسم ومدير المستشفي , ويتضمن: تاريخ الدخول والخروج , والتشخيص , والتوصية الطبية وذلك من واقع تذكرة المريض , وبعد استخدام الفحص الإكلينيكي ووسائل التشخيص المختلفة.
ثالثا: تسجيل التقارير وتسليمها لأصحاب الشأن
    ينشأ بكل مستشفي ومنشأة صحية سجل خاص للتقارير الطبية الابتدائية والنهائية , وتوضع به جميع البيانات ويكون عهدة موظف مختص , ويناظر هذا السجل ويعتمد يومياً من مدير المستشفي.
    ولا يتم التعامل في الأحوال الخاصة بالجنح والجنايات مع المحامين أو ذوي الشأن إلا بناء علي أمر من النيابة المختصة , وفي كل الأحوال يتم التوقيع بالاستلام بعد أخذ بيانات المستلم وبصمته.
مادة 2
    تشكل بكل مديرية من مديريات الشئون الصحية لجنة طبية عليا للنظر في التظلمات المقدمة بشأن التقارير الطبية , ولا يعد التقرير نهائياً إلا بعد البت في التظلم , وإذا لم تستطع اللجنة المذكورة البت في التظلم فيحال إلي لجنة عليا تشكل بديوان عام وزارة الصحة والسكان للبت النهائي.
مادة 3
    في حالة صدور تقارير طبية مخالفة للحقيقة يتم إبلاغ النيابة العامة بذلك ويحرم الطبيب الذي صدر عنه التقرير أو شارك فيه من حق إصدار التقارير أو الشهادات الطبية , وذلك مع عدم الإخلال بمسئوليته الجنائية.
مادة 4
   ينشر هذا القرار في الوقائع المصرية ويعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره..

تقدير القاضي الجنائي للدليل الفني :-
تقرير الخبير هو مجرد رآي في شأن دليل إثبات و بعباره أخرى فان التقرير يتضمن بيان هذا الدليل وتفصيل عناصره ثم اقتراحاً من وجهه نظر فنيه لما يمكن أن يكون له من قيمه في الإثبات وتطبيقً لمبداء الاقتناع القضائي فإنه يتعين أن تكون للقاضي السلطه في تقدير قيمه هذاالتقرير فمن ناحيه هو مجرد دليل . فتقدير قيمتهه من شأن قاضي الموضوع تطبيقاً للقواعد العامه . ومن ناحيه ثانيه فإن ما يقترحه الخبير من إثبات الواقعه على نحو معين هو قول من وجهه نظر فنيه بحته .وفي غياب وجهه النظر القانونيه التي لاإختصاص للخبير بها ومن ثم كانت مهمه القاضي الرقابه القانونيه للراي الفني .( وكان القاضي هو الخبير الأعلى في الدعوى )
وتطبيفاً لذلك فإن للقاضي أن يأخذ بكل ما جاء في تقرير الخبيرو له ان يطرحه كله وله أن يأخذ بعناصره التي  يطمئن إليها ويطرح ما لا يطمئن إليه منها وان تعددوا كان للقاضي أن يأخذ برأى بعضهم دون البعض.ومع ذلك فمهما اتسعت سلطه القاضي االتقديريه في رقابه تقرير الخبير واقتناعاته منه فأن لهذه السلطه حدود :فالقاضي لايستعمل هذه السلطه تحكماً وإنما يتحرى ويتبع القاضي في ذلك أساليب الاستدلال المنطقي التي يقرها العلم ويجري بها العمل القضائي .وثمه ضوابط تعين القاضي على صواب استعمال القيمه الحقيقيه لتقرير الخبير .ومن أهم هذه الضوابط  انه إذا كان له في الدعوى أدله إثبات أخرى  كشهاده او إعتراف فان على القاضي أن يستعين بها لتقدير قيمه التقرير ويقدر ما يكون بينهما وبين التقرير من اتساق بقدر ما يدعم ذلك الثقه في التقرير.

حجيه الدليل الفني أمام القضاء الجنائي:-
يقال في الفقه إن سلطه القاضي الجنائي في تقدير الادله محكومه بمبداء حريه القاضي الجنائي في الاقتناع وإن هذا المبداء يؤدي بطريقه مباشره أو غير مباشره إلى نتيجيتين الأولى هي حريه القاضي الجنائي في قبول الدليل على نحو تكون فيه جميع طرق الإثبات مقبوله من حيث المبداء –في المواد الجنائيه أما الثانيه فهي إن الدليل الجنائي يخضع لمطلق تقدير القاضي .صفوه القول إن القاضي الجنائي يستطيع أن يبني اقتناعه الذاتي وان يؤسس حكمه على أي عنصر من عناصر الإثبات فإذا كانت في معنى البراءه اصدر حكمه بها واذا كان اقتناعه بالعكس قد تأسس في معنى الإدانه اصدر حكماً بها .لكن هناك بين هذين المعنيين المتناقضين وضع وسط هو الشك الذي يحول بين القاضي وبين تأسيس اقتناعه ويفرض المنطق البحت على القاضي في هذا الوضع أن يصدرحكمه بالبراءه ,لان وجود هذا الشك معناه انه يقتنع بالإدانه .وهذا الاقتناع شرط لصحه صدورها . وهو أمر قد يوحي بأن مبداء الشك يفسر لصالح المتهم هو نتيجه من نتائج مبداءحريه القاضي الجنائي في الاقتناع ,فإذا كان القاضي مقتنعاً تماماًبثبوت المسؤليه على المتهم دون أن تكون الإدله المقامه ضده فإن حكمه ببرءه المتهم يكون راجعاً إلى مبداء ان الشك يفسر لصالح المتهم لاإلى مبداء حريه القاضي الجنائي في الإقتناع.وهنا تظهر أهميه قرينه البراءه باعتبارها ضمانه للفرد ضد صدور حكم الإدانه دون دليل جازم برغم اقتناع القضاه.
-وهذا معناه أن سلطه القاضي في تقدير الدليل لاتخضع فقط لمبداء حريه القاضي الجنائي في الاقتناع وانما تخضع كذلك لمبداء إن الشك يفسر لصالح المتهم باعتبارهما معاً العنصران اللذان يتحكمان في سلطه القاضي في تقدير الدليل.

تقديم الوثائق على التقرير الفني :-
من المقرر إن أدله الدعوى تخضع في كل الأحوال لتقدير القاضي و لو كانت أوراق رسميه مادام هذا الدليل غيرمقطوع بصحته ويصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقه التي استخلصها القاضي من باقي الادله . ولقد اصبحت الكتابه تحتل المرتبه الأولى بين أدله الإثبات فعن طريق الكتابه يتحدد مركز الشخص تحديداً واضحاً والأوراق او المحررات المكتوبه والتي تستخدم كاداه للإثبات تنقسم إلى قسمين  محررات رسميه وهي التي يقوم بتحريرها موظف عام مختص وفقا للأوضاع  المقرره ومحررات عرفيه وهي التي يقوم الأفراد بتحريرها فيما بينهم وتختلف المحررات الرسميه عن العرفيه من ناحيه الشكل والحجيه و قوه كل منهما في التنفيذ
من حيث الشكل :-يلزم المحرر الرسمي أن يقوم بتحريره موظف عام مختص وفقاً لأوضاع مقرره . أما المحررات العرفيه فالشرط الوحيد لصحتها هو توقيع المدين أذا كانت معده للإثبات  أما إذا لم تكن معده للإثبات فلا ضروره للتوقيع.
من حيث الحجيه "-يعتبر كل محرر حجه على الكافه من حيث صدوره من موقعه ولاتسقط حجيه المحررات الرسميه إلاعن طريق الطعن بالتزوير بالنسبه لما قام به الموظف أو وقع من ذي الشأن في حضوره أما المحرر العرفي فيمكن إثبات عكس ما  جاء فيه.
 من حيث القوه :- المحررات الرسميه يمكن التنفيذ عليها مباشره بعكس المحررات العرفيه.
   في المسائل الجنائيه :
لم يعين القانون للمحاكم الجنائيه طرق مخصوصه للاستدلال لابد منها بل جعل للقاضي مطلق الحريه في أن يقرر بنفسه الحقيقه التي يقتنع بها  استمداد من الإدله المقدمه في الدعوى مادام لقضائه وجه محتمل ومأخذ صحيح فمن المقرر أن القاضي في حل من الأخذ بالدليل المستمد من أيه ورقه رسميه ما دام هذا الدليل غير مقطوع بصحته ويصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقه التي استخلصها القاضي من باقي الإدله.نخلص من كل ما تقدم أن ما جاء في القانون من حجيه الأوراق الرسميه والآحكام المقرره للطعن فيها محتمله الإجراءات المدنية والتجاريه حيث عنيت الادله ووضعت قواعدها التي يلتزم القاضي بأن يجري في قضائه على مقتضاها.
اذاً فكل كتابه تصح ان تكون مبداء ثبوت بالكتابه اياً كان شكلها واياً كان الغرض منها ما دام من شأنها أن تجعل الأمر المراد إثباته قريب الاحتمال وتقدير الورقه المراد اعتبارها مبداء ثبوت الكتابه هو ما يستقل به قاضي الموضوع .فالبطاقه الشخصيه تعتبر دليلاً على صحه البيانات الوارده فيها طبقاً للقانون المصري...

الفروق الجوهرية بين الشنق والخنق والانتحار وتوصيف الجريمة

الفروق الجوهرية بين الشنق والخنق والانتحار وتوصيف الجريمة
الواقع يؤكد أنه خلال عام 2018 حدثت العديد من وقائع الشنق والخنق قتلاَ والانتحار، حيث أنه كان يتم الاختلاف وتتباين الأراء والتنبؤات حول هذه الجرائم ومن ثم يتم الإعلان من قبل المختصين بأن توصيف الحالة شنق انتحاري وليس جنائي، الأمر الذى بدوره كان يؤدى إلى حالة من اللغط ولما كان هذا الموضوع من المواضيع الهامه والتى يجب ان يلم بها الكل مع رجال القانون من المحامين ورجال الشرطه واعضاء النيابة العامه لما له من اهمية بالغه فى كشف كثير من الواقع المتصله به جنائية كانت او غير جنائية .
وفى المبحث التالى  نرصد البديهيات والأدلة التي يمكننا استنتاجها من الواقعة أو الصورة أو الفيديو  على أن الحادثة هذه هي انتحار وما هي الأدلة التي تتشابه وتحتمل أن تكون جنائية، والفرق بين الشنق والخنق والانتحار –
أولاَ: الشنق وتعليق الجسم من نقطة ثابتة بواسطة رباط «حبل» حول العنق لمدة كافية تؤدى للوفاة.
التعليق بجسم كله أو لجزء من الجسم وقد يكون التعليق مستند أو تعليق حر، لذالك فإن الشنق إما أن يكون نموذجى «شنق تام»، وفيه يكون الجسم معلق بنقطة ثابتة دون أن يكون مستند على أى سطح تحته «تعليق حر» وهذا ما يحدث عادة فى حالات الشنق القضائي أو حالات الانتحار –
وقد يكون غير نموذجى «شنق غير تام»، وفيه يكون الجسم ملامسا فى أحد اجزائه لسطح ما «تعليق مستند» أى قد يكون التعليق بوضعية الجلوس أو الوقوف أو النوم الاضطجاع وهذا ما يشاهد فى حالات الشنق الجنائي، وعادة يتم الشنق بمعرفة الجهات المختصة وهي الشرطة .
نتناول معاً بإيجاز آلية عملية الشنق بنسبة لحبل الشنق إما أن يكون قاسى أو لين
وتختلف طريقة الشنق بوضع الحبل فأما أن يلف الحبل حول العنق ثم يتم التعليق أو قد يكون الحبل لة عروة مشكلا حلقة يوضع فيها العنق ثم يتم التعليق وقد يكون الحبل على العنق مباشرة ويشد من الطرفين وعادة ما يسبب ذلك سحجات بالعنق ويكون الآثر عميق وله حافتين واضحتين ومتوافق مع وجود آثار لكدمات وسحجات وقد يحدث استخدام المنشفة بدلا من الحبل أو حزام فى حالات الشنق الجنائي، وهنا يكون الشنق على شكل ارجوحة يتعلق فيها المجنى عليه –
أما إذا كان الحبل غير قاسى لين أو طرى فإن الآثر الناتج بالعنق يكون ضعيف وغير واضح وكذا السحجات والكدمات تكون ضعيفة و ينتج عن الشنق عادة وجود بعض الدماء على الثياب واسترخاء فى حوض المثانة فى حالات الشنق الانتحارى وعادة ما تكون قدما المنتحر ملامسة للأرض وتكون هناك علامات حيوية تشير إلى أن الحبل قاسى منها أن الكدمات تبدو واضحة على حواف الآثر مشكلة نسيج خلوى تحت الجلد وعلى العضلات وتهتك وتمزق للشرايين المضغوطة، مما تشير إلى أن التعليق حدث أثناء الحياة ولا توجد تلك العلامات فى حالات التعليق بعد الوفاة، أما إذا كان الحبل المستخدم في الشنق لين أو طرى فإنه يندر وجود انسكابات دموية بالعضلات وتكون الكدمات فقط إلى جانب حدوث تمزق في الشرايين في كلتا الحالتين سواء الحبل قاسى أو طرى، ويلاحظ إذا كان الحبل قاسى فان الآثر بعد الوفاة على العنق يكون عميق ويشكل قشرة بموضع السحجة أو الكدمة تتحول إلى اللون البنى –
فى حالات الشنق القضائي تكون المدة اللازمة لحدوث الوفاة من 4:10 دقائق وفى معظم الحالات تكون الوفاة ما بين 5:7 دقيقة عدا حدوث انهيار عصبي يؤدى للوفاة أسرع، وعموماً فإن شكل اثر الحبل المستخدم فى الشنق يكون حرف v مقلوب.
اعراض الشنق والخنق
اعراض الشنق لا تختلف كثيرآ عن اعراض الخنق من الناحية الطبية والتشريحية وتتمثل فى بعض المظاهر الموضوعية الناتجة عن الشنق أو الخنق وتختلف بإختلاف مدة التعليق وشدته ووزن الشخص المعلق ونوع الحبل ويبقى هذا المظهر مدة 2:4 أسابيع تقريباً ويتمثل في قطع الأحبال الصوتية وعسر الهضم وعسر التنفس واحتقان في الوجه وجحوظ في العينين وشحوب نتيجة نقص الأكسجين وعدم وصوله للرئتين والدماغ.
مظاهر عامة للشنق
هناك مظاهر عامة للشنق تتمثل في فقدان للوعى وسلس فى البول وشلل وزرقة رمية فى الاجزاء سفلية بالجسم فى الفخدين والساقين والاقدام نتيجة انضغاط الشرايين والاوردة وانسداد القصبة الهوائية وانطباق قاعدة اللسان وجدار البلعوم وضغط على الآوعية والمجارى النفسية ويكون الوجه شاحب وهادئ مع بروز خفيف للعينين واللسان والشفتين تكونا محتقنتين ومزرقة، وإذا استمر التعليق فترة يتحول اللون الشاحب إلى الزرقة وبعد 12 ساعة تتحول الزرقة إلى اللون البنفسجى تقريبآ.
الشنق والأسلوب الشائع
الشنق والاسلوب الشائع للانتحار، لابد من ملاحظة أنه نادراً ما يحدث القتل شنقاً حيث يتطلب ذلك تثبيت للضحية والتمكن منها وربطها وتعليقها وهو ما يصعب حدوثه إلا فى حالات شنق الأطفال أو فاقدى الوعى أو المسنين والعجزة.
الشنق النموذجى والغير نموذجى
تختلف العلامات الدالة على الشنق بين الشنق النموذجى «العقدة فى الخلف» أو الغير النموذجى «العقدة فى أحد الجانبين» يكون الضغط على الاوردة ويؤدى احتقان فوق مكان الضغط ونرى زرقة في شكل الملتحمة العينين ونزيف نتيجة نقص الأكسجين وشحوب الوجه ويحدث نتيجة الضغط على الشرايين. 
أما فى حالات الشنق الغير نموذجى «عقدة الرباط الجانبية» فإن الضغط يكون أكثر على الاوردة وينتج عنه احتقان فى الوجة وزرقة وجحوظ فى العينين وبروز اللسان وتكون بقع وكدمات على الجزء العلوي للصدر والعنق بينما تكون الأظافر مزرقة.
علامات مشتركة بين انواع الشنق
وهناك علامات مشتركة بين أنواع الشنق المختلفة سواء الانتحاري أو جنائي أو قضائي أو الجنسي تتمثل في التيبس وانتعاظ القطيب مع دفق منوى عند الرجال وتورم واحتقان الغشاء المهبل عند النساء وحدوث نزيف دموي في المناطق التناسلية وظهور زبد رغوي حول الشفتين وفتحتي الأنف وسيلان للعاب ويكون بمقدمة العنق خطوط متوازية نتيجة الضغط على الغدد اللعابية .
أثناء الشنق يحدث الضغط لأعلى وللخلف فينزاح الجلد ثم يعود لمكانة بعد إنزال الجثة، لذلك فان مستوى الحبل أسفل مكان الاصابة الداخلية فى العنق واعلى الغضروف والحنجرة ويمتد للأمام للخلف ولأعلى «من الفك حتى القفا»، ونادرآ ما يحدث اى كسر نتيجة الشنق فى عظام الرقبة ويقتصر حدوث نزيف والكدمات حيث أن القوة المستخدمة فى الشنق هى قوة ثقل رأس وجسم الشخص المشنوق.
 وهنا يمكن التمييز جنائياً بين التعليق بعد الموت والشنق حيث أن التعليق بعد الموت يقوم فيه المجرم بلف الحبل حول عنق الضحية ثم رفع الحبل لتعليق الضحية، وهنا تكون قوة الشد متجها الى أعلى «لأعلى تحدث تعليق بعد وفاة-----لأسفل شنق»، ويمكن ملاحظة ذلك مجهريا وقد يتخلف بعض الياف من الحبل . 
ثانيا: الخنق وهو الضغط على العنق بحبل يلف حوله أو باليد أو بالذراع لمدة كافية لحدوث الوفاة، وهو لا يختلف عن الشنق فيما عدا كونه فى الخنق تكون القوة الضاغطة عمودية على محور العنق بينما فى الشنق تكون القوة موازية لمحور العنق، وعموما فإن القوة الضاغطة فى الشنق أكبر حيث تمثل ثقل الرأس والجسم بينما فى الخنق اقل .
وغالبا ما يكون الخنق جنائي بينما الشنق يكون انتحاري ويمر المخنوق قبل وفاته بنفس مراحل المشنوق ومظاهرها تماما من أعراض ذكرناها موضوعية أو عامة وعادة ما تحدث الوفاة بالخنق من4 إلى5 دقيقة. 
الخنق اليدوى أو بحبل
وأما يكون الخنق يدوى أو بحبل ويمكن التمييز بينهما حيث نلاحظ أن الخنق باليد غالبا ما يكون جنائى ويحدث نتيجة ضغط اليدين أو الاصابع أو الذراع على الرقبة للضحية وبدافع وعادة ما يحدث فى الأطفال أو النساء وتظهر العلامات الموضوعية والعامة متمثلة فى كدمات دائرية الشكل فى حالة الضغط بالاصابع، وتكون أوسع حال استخدام اليدين وأكثر اتساعا حال استخدام الذراع باكملة ويستفاد منها فى تحديد الجانى وكيفية قيامة بالجريمة مع وجود سحجات ظفرية وتلالية أو خطية وتظل بعد جفافها وقد تتخلف على جسم الجانى وأظافر اصابعه وقد يتخلف عنها انسجة متخلفة من أظافر وشعر يد الجانى على عنق المجنى عليه.
ثالثا: الانتحار
وهو إصابة الانسان لنفسه بقصد افنائها والنحر هو يكون بأعلى الصدر وبالعنق ويكون للإنسان والحيوان، أما الانتحار نفسه فيختص به البشر الآدمى اى الإنسان وقد يكون للشخص بنفسه وليس لغيره والانتحار يعنى كل حالات الموت التي تنتج بصورة مباشرة أو غير مباشرة عن قتل إيجابي أو سلبي يقوم به الضحية بنفسه ويعلم أنها ستؤدى لوفاته.
وقد عرف القانونيين الانتحار بأنه اعتداء الشخص على نفسه اعتداء يؤدى إلى الوفاء، وقد حرم الاسلام الانتحار تحريم مطلقآ غالبآ فى حالات الانتحار المنتحر مستخدم حبل لين وطرى، وهنا لا تترك العروة أي آثر بالإضافة إلى أن مكان الشنق الانتحاري يكون مرئي فيكون آثر الحبل على العنق متوافق مع مستوى الإصابة الداخلية للعنق عند التشريح بعكس الخنق الذي يكون بأثر فيه مخالف لمكان الاصابة الداخلية إلا إذا حاول الشخص انقاذ نفسه، وهنا نجد عدم ترتيب للآثر بمكانة ووجود بعض الجروح على الجسم ناتجة من الشخص ذاته.
التفريق بين الشنق الانتحارى أو الجنائي
 ويمكن التفريق بين الشنق الانتحارى أو الجنائي عن طريق دراسة ظروف وملابسات الحادث والتى تتمثل فيما يتخلف عنه من وجود رسائل موضحة سبب الانتحار أو غلق الغرفة على المنتحر أو ترتيب الآثاث عدا الكرسى المستخدم بصعود والذى غالبآ ما يركله بقدمه لاتمام الانتحار، بينما فى حالات «الخنق الجنائي» تكون هناك أسباب أخرى ووجود بقع دماء انحدارية واضحة عند نهايات الاطراف الاربعة وعلى الاعضاء التناسلية كما هو فى حالات الشنق الانتحارى، أما فى الجنائي يكون موضعها حسب موضع الجثة بعد الوفاة، وعادة تستخدم المراوح أو النوافذ المرتفعة فى حالات الشنق و الخنق الانتحارى كنقطة للتعليق .
- نستطيع أن نجمل بحثنا بالقول أن كل من الخنق أو الشنق أو الانتحار يعد أسلوب تعذيب للنفس ولا يتوقف على استخدام الحبل فقط فقد ينتج نتيجة استخدام سائل مثل الاغراق وكتم النفس أو استخدام المواد الكيماوية السامة وتتفاوت مظاهر التعذيب حسب شدة الاعتداء وتواترة ومدته وقدرة الشخص على التحمل وحماية نفسه وحالته البدنية

مسائل هامة جداً في منازعات الحيازة (بحيازة ملك ثبوت) في الفقه والقانون اليمني


أولاً: أهمية إطلاق القانون اليمني بتسمية الحيازة (بحيازة ملك ثبوت)

نصت المادة(11039) على الحيازة بأنها نوعان: الأول (حيازة ملك ثبوت) ويلاحظ أن الكثير يتجاهل أهمية اللفظ (ملك ثبوت) لتوضيح ذلك يجب أن نحدد أولاً أركان وشروط قيام الحيازة في القانون اليمني ثم نوضح أهمية تسمية هذه الحيازة بحيازة ملك ثبوت ثم نبين هل يشترط مرور مدة قصيرة على الحيازة غير المدة المطلوبة لمنع سماع دعوى الملك المنصوص عليها في المادة(1118) لتكون فائدتها الحكم بالملك للحائز بدلاً من تقرير يده .



أركان وشروط الحيازة في القانون اليمني هي:

أولاً: الحيازة المادية وهي التصرف، تصرف الملاك في ملكه في حضور المحوز عليه وعلمه ومشاهدته للحائز له دون منازعة أو معارضة بلا عذر يمنعه من ذلك.

ثانياً: الركن المعنوي وهو ادعاء الحائز الملك للشيء المحوز ونسبته إلى نفسه ، أما التمسك بالحوز فقط فلا يكفي عند فقهاء الشريعة  الإسلامية والقانون اليمني (أما القوانين الوضعية فيكفي النية  ا لمستخلصة من قرائن الحال)

ثالثاً: ركن المشروعية : وهو أن تكون الحيازة مشروعة وهي ما يطلق عليها فقهاء الشريعة باليد المحقة التي تكون مجهولة في سبب دخولها على الحائز أما إذا عرف بالبينة أن أصل مدخل حيازة المدعى عليه  هي الغصب والحيلة أو الإجارة والعارية ونحوها فهي لا تنفع الحائز للتمسك بها فهي إما حيازة مبطلة إذا كانت بسبب الغصب أو حيازة عرضية إذا كان أصل مدخلها هي الإجارة أو العارية فهذه الحيازة تظل حيازة غير مشروعة أو حيازة عرضية مهما مضى عليها من زمن إلا إذا تحولت حيازة المدعى عليه من خلال المجاهرة ومنازعة الحائز لمالكها بادعائه الملك لنفسه  وإنكاره الملك له أمام القضاء عند رفع الدعوى عليه فيزول عيب المشروعية  أو عيب العرضية من ذلك التاريخ  وتحسب مدة  الحيازة من تاريخ زوال العيب.

رابعاً: خلوها من عيب الغموض واللبس والإكراه والتشويش بالمنازعة والخفاء وعدم الاستمرار فإذا كانت الحيازة المادية غامضة في دلالتها على ملك الحائز مثل حيازة الأقارب والورثة لأموال التركة وحيازة الشريك للمال المشترك وحيازة الوصي لمال القاصر أو المحجوز عليه وحيازة الوكيل للمال الموكل فيه وحيازة الخدم لمال المخدوم بعد موته ونحو ذلك

أو كانت قائمة  على إكراه أو تهديد أو من المتغلبة والمعروفين بالغصب وأصحاب الغلبة والنفوذ وفي ظروف تسود فيها الفوضى  أو كانت مشوشة بالمنازعة والمعارضة من المالك أو كانت خفية تمت في غياب المدعي أو بدون علمه أو كانت  غير مستمرة المدة  الكافية ليغلب على الظن دلالتها على الملك فإذا توافرت هذه الشروط في الحيازة أطلق عليها حيازة ملك ثبوت ويضيف البعض شرطاً آخر وهو الشهادة بالملك لصاحبها استناداً إليها و نسبة الملك للمشهود له من إضافة إلى مرور ثلاث سنين عند الزيدية  والاباضية وعشرة أشهر عند المالكية في العقارات أو مرور المدة الطويلة الكافية لتكوين غلبة ظن الشهود بأنها عند المشهود ملك للحائز ، فإذا توافرت هذه الشروط في الحيازة وجزم الشهود بالشهادة بالملك للحائز استناداً إليها  جاز أن يحكم القاضي على أساسها بالملك للمدعى عليه عند عجز المدعي عن إثبات ملكه المضاف إلى سبب أو عند اقتصار بينته على الحيازة السابقة لأن دعوى ملك كان غير جائزة في القانون المدني طبقاً لنص المادة (14) من قانون الإثبات فإذا لم تتوافر هذه الشروط كاملة في حيازة المدعى عليه وعجز المدعي عن إثبات ملكه للمدعى به فإن القاضي لا يحكم بالملك  للمدعى عليه لانعدام بينة المدعي وإنما يحكم بتقرير يد المدعى عليه  بحكم تقريري فقط.

هل للمدة أهمية بخصوص هذه الوظيفة؟

قد يتساءل البعض أن ما دام الأمر كذلك فلا بد من مرور مدة على الحيازة لكي تكتسب صفة حيازة ملك ثبوت ليسهل التفرقة بينها وبين حيازة الثبوت فقط.

الحقيقة أن فقهاء المالكية والزيدية والاباضية قد اشترطوا مرور مدة على الحيازة التي يجوز الحكم  على أساسها بالملك  كما سبق أن أوضحنا أما بقية الفقهاء فاكتفوا باشتراط مدة طويلة وتركوا مسألة تقدير المدة لتقدير الشهود لأنه لا يجوز لهم الشهادة بالملك للحائز استناداً إلى الحيازة إلا عند غلبة الظن بأنها ملك الحائز كما أن من شروط الشهادة على حيازة ملك ثبوت عند البعض الشهادة على  نسبة الناس الملك للحائز  استناداً إلى اليد ولن يصل الأمر إلى ذلك إلا بمرور مدة كافية لخلق تلك القناعة والقانون اليمني رغم أن أقرب المصادر التاريخية لنصوص الحيازة فيه هو الفقه الزيدي وهذا الأخير قد حدد مدة لحيازة ملك ثبوت هو ثلاث سنوات في العقار إلا أن نصوص الحيازة خلت من نص مشابه لذلك ، لذلك  نرى أن بالإمكان تطبيق نص المادة (5) من قانون الإثبات التي حددت مدة خمس سنوات لمنع سماع الدعاوى المتعلقة بالحقوق المنقولة والفقه القانوني والقضاء العربي مُجمع على أن دعاوى الحيازة العقارية هي من الدعاوى المنقولة لأن دعوى استرداد الحيازة المقصود منها حماية الحيازة في ذاتها وبالتالي فيكون  اشتراط مرور خمس سنوات على الحيازة المستوفية الشروط  الأخرى  لتكون من قبيل حيازة ملك ثبوت لغرض الاعتماد عليها في الحكم بالملك للمدعى عليه عند عجز المدعي عن  إثبات ملكه بدلاً من الحكم بإقرار يده على الشيء المحاز وكذلك تكون كافية لمنع سماع دعوى الملك السابق فهذه الدعوى الأخيرة هي من قبيل دعاوى حيازة ملك ثبوت في الزمن  الماضي المنصوص عليها في المادة (14) من قانون الإثبات لأن القول بمنع سماع دعوى ملك كان استناداً إلى الحيازة السابقة المستوفية شروط حيازة ملك ثبوت أياً كانت ا لمدة الفارقة بين فقد الحيازة السابقة وبين اكتسابها سيمثل خللاً تشريعياً والمشرع منزه من النقص وبالتالي فيكون شروط دعوى  استرداد الحيازة السابقة (الملك السابق) هي مرور مدة خمس سنوات على الحيازة للمدعي وعدم مرور خمس سنوات من تاريخ فقدها وهي المدة اللازمة لاكتساب الحائز الجديد صفة الحائز (حيازة ملك ثبوت) كل ذلك مع مراعاة جهل سبب دخول الحيازة على الحائز وجهل أصل الملك لمن يكون وعدم الاعتماد عليها كوسيلة لمنع سماع الدعوى وإنما لغرض الحكم للحائز بالملك استناداً إلى حيازته ولو لم يثبت سبب ملكه .

ولهذا نصت المادة (1114) من القانون المدني على أنه تسمع دعوى الملك على ذي اليد الثابتة  مطلقاً ويحكم للمدعي في دعوى الملك إذا أقر له ذو اليد الثابتة أو بناء على مستندات كتابية خالية من شبهة التزوير مستوفية للشروط  الشرعية أو بشهادة عدول ـ فإذا لم توجد مستندات مستوفية للشروط أو شهادة عدول عمل بالقرائن وتعتبر قرينة اليد الثابتة إذا لم تعارض بقرينة أقوى منها مع يمين ذي اليد دليلاً كافياً) فاشتراط النص ويمين الحائز مع قرينة الحيازة يدل على أن المقصود بقوله : دليلاً كاملاً أي دليلاً للحكم للمدعى عليه بالملك وليس بتقرير اليد ، أما ما ورد في المادة (1112) فهذه المادة تعالج مسألة أخرى متعلقة بحيازة حقوق الارتفاق حسب ما أوضحنا آنفاً في السطور السابقة من هذه المقالة.

ثانياً: الخلط بين المقصود من حيازة الانتفاع المشار إليها في الفقرة ثانياً من المادة (1103) في القانون المدني بقولها......الثاني حيازة انتفاع بإجارة ونحوها.....)) وبين حيازة الحقوق المنصوص عليها في المادة (12) من قانون الإثبات وكذلك الوهم أن هذه الأخيرة تتعارض مع القاعدة الشرعية: ((لا يمنع المعتاد وإن أضر))

يعتقد البعض أن المقصود بحيازة الانتفاع الواردة في ذلك النص أنها حيازة حقوق الارتفاق وحيازة حق الانتفاع مع أن النص واضح أن المقصود بتلك الحيازة هي الحيازة العرضية بشروطها المعروفة في الفقه القانوني وذلك واضح من مضمون النص

أما حيازة حقوق الارتفاق وحق الانتفاع فقد نصت عليها المادة (12) بقولها: ((لا يثبت حق بيد في ملك الغير ولا في حقه ولا في حق عام إلا ببينة قانونية وتكون البينة على إقرار الخصم بالحق أو على النذر أو الوصية أو استثناء الحق المدعى به أو تقدم الأخبار في المباح أو وجود الآثار القديمة في السواقي))

والقانون اليمني ذهب إلى ما ذهب إليه القانون الفرنسي وبعض القوانين وبعض فقهاء الشريعة الذين لا يعتبرون حيازة حقوق الارتفاق دليلاً على الحق فيما عدا حقوق الارتفاق القديمة نصوا عليها كاستثناء مثل (السواقي القديمة الدالة على سبق الأحياء) وما عدا ذلك فالأصل أن من يستخدم ملك غيره بالمرور أو السقي أو الشرب ونحو ذلك أنه يستخدمه على وجه التسامح يستطيع أن يرجع فيه المالك في أي وقت والعلة كما يقولون هي حتى لا تؤثر على علاقات الجوار لأن الأصل في علاقات المتجاورين مبني على التسامح فلو جعلنا حيازة حقوق الارتفاق دليلاً على الحق لأحجم الجيران عن التسامح وبالتالي فكل من يقر بالملك للمدعي ثم يدعي حقاً عليه مستدلاً بحيازته للحق لا ينفعه ذلك بل يكون القول قول المالك بانتفاء الحق وعلى مدعي الحوز أن يثبت هو سبباً صالحاً لاكتساب الحق وقد حددت المادة(12) من قانون الإثبات أسباب محدودة لإثبات  الحق هي سبق الإحياء في المباح والوصية ,والإقرار أو استثناء الحق أو وجود الآثار القديمة في السواقي لذلك فالسبب الأخير هو السبب الوحيد الذي مصدره دلالة  اليد ولهذا يقول فقهاء الزيدية أن الحيلة في تجنب هذا المأزق أن يدعي صاحب الحق الملك للطريق أو المسقى ......الخ   وهو ما أشارت إليه المادة(1112) من القانون المدني اليمني.

والغريب أن هذه الحيلة استخدمها فقهاء القانون الفرنسي وبنفس الصورة التي تكلم عنها فقهاء الزيدية في القول الراجح عندهم ويدخل في مفهوم الحق حقوق الارتفاق وحق الانتفاع وحق الرهن فالمرتهن إذا أقر للمدعي بالملك وادعاء حق الرهن عليه لزمه

الإثبات ولا  يغنيه  أن يثبت الحوز والقبض والحيلة كما يذهب فقهاء الشافعية أن يدعي الملك على الشيء المرهون مثلاً حتى لا يكلف بإثبات الرهن لأنه إن أقر بالملك وأدعى الرهن لزمه الإثبات وإلا فقد دينه ويلاحظ أن الحائز لحق من الحقوق كحق المجرى والمسيل والطريق أو المسقى ونحوه أصبح ذا يد ولكن لا يطلق على حيازته بحيازة ملك ثبوت لكي يستفيد من الحكم له بالملك مع اليمين إذا عجز المدعي (وهو المالك للأرض المدعى بحيازة الطريق أو المجرى فيها) أن يثبت عدم الملك المدعي حيازة الحق  وإن وضع يده عليها كان من قبل التسامح بل يحكم بتقرير يد الحائز لوجود شبهة في ملك الحائز وعملاً بقاعدة: "لا يجوز التوسع في الاستثناء ولا القياس عليه" ويلاحظ أخيراً  بوجود خلط بين هذه القاعدة والقاعدة الشرعية المشهورة عند القضاة والمأخوذة من شرح الأزهار (ج 3) القائلة: (لا يمنع المعتاد وإن أضر) حيث يفهم منها عكس ما ذكر وهذا خطأ في فهم أعمال تلك القاعدة بأن المقصود بالمعتاد ما ثبت أولاً بأخذ تلك الأسباب الواردة في المادة (12) وهذا واضح من المصدر الأصلي الذي نقلت منه تلك القاعدة فهو يتضمن الإشارة إلى اشتراط ثبوت الحق بالبينة الشرعية للقول بثبوت المعتاد وهي نفسها الأسباب الواردة في المادة (12) مع إضافة سبب سادس بديهي وهو ثبوت العادة بالضرورة ويقصد به القيود الشرعية الواردة على الملكية.

ثالثاً:  يوهم البعض  العمل بالقاعدة المنصوص عليها في المادة (83) والتي يطلق عليها بفرع الثبوت ويطلق العمل بها دون مراعاة الاستثناءات مع أن نص المادة (95) من قانون الإثبات قد قيدت العمل بهذه القاعدة وهي حصر العمل بها في حدود الإقرار الذي يقبل التجزئة مثل الإقرار بالوديعة ثم يدعي الإبراء أو الإسقاط أو المقاصة ونحو ذلك ففي هذه الحالة يتم العمل بقاعدة فرع الثبوت حيث يصبح من يدفع دعوى الوديعة  بسقوطها بالمقاصة  أو الإبراء إقرار بالوديعة ويلزمه الإثبات على دعواه الإبراء  لأن هذا الإقرار قابل للتجزئة باعتبار أن الإبراء أو الإسقاط  ليس  من مستلزمات الوديعة أما لو ادعى الرد وادعى النقد لمن يطالبه دفع الثمن  المؤجل فهذا من قبيل الإقرار الذي لا يقبل التجزئة لأن الادعاء بالرد أو بالنقد هي من مستلزمات الوديعة أو الشراء بل يعتبر ذلك من  الأصل وهكذا.

هل للقاضي أن يطلب من مدعي الحيازة بيان سبب ملكيته للشيء الذي يحوزه؟

رابعاً:  نص المادة (1115/3) من القانون المدني يفهم منها من حيث الظاهر أن من حق القاضي أن يطلب من مدعي الحوز أن يثبت سبب ملكه لما هو ثابت اليد عليه وهذا غير صحيح لأن القول بغير ذلك يفقد الحيازة أهميتها في الحد الأدنى من حيث كونها دليلاً على الملك عند جميع فقهاء الشريعة الإسلامية وفقهاء القانون فلم يرد في كتب الفقه  الإسلامي ما يخالف ذلك

لذلك فالفهم الصحيح لتلك المادة  أن القاضي وبعد أن يستمع إلى دليل ملكية المدعي للشيء المحاز فإن كان الدليل كافياً للحكم بالملك له استناداً إليه فيلزم قبل أن يقضي بذلك أن يطلب من المدعى عليه أن يبين سبب ملكه لعله يكون قد حصل عليه بسبب ناقل من المدعى فترجح دعواه أو من غير المدعى فيحصل التعارض بين الدليلين فيتم إعمال قواعد الترجيح ما أمكن فإن انعدمت وحصل تعارض طبق القاضي القاعدة المنصوص عليها في المادة (1113) من القانون المدني التي تنص على تقديم بينة الخارج على بينة الداخل عند التعارض وإلى هذا ذهب جميع فقهاء الشريعة الإسلامية فهم  يصرحون أن حجة المدعى عليه هي اليمين وحجة المدعي هي البينة  ولا تسمع بينة الحائز إلا بعد بينة المدعي فترجح عند الشافعية والمالكية أو ترجح بينة الخارج عند الآخرين

خامساً: يجهل  البعض المقصود من اليد التي تعتبر شرطاً  لدعاوى الملك والرد المنصوص عليها في المادة (6) من قانون الإثبات الفقرة  (1) حيث يشترطون اليد الحسية للمدعى عليه كشرط لرفع دعوى الملك أو الرد عليه حيث يجهلون المقصود باليد الحكمية مع أن اليد  الثابتة حقيقةً يطلق عليها اليد الحسية وهي معلومة سواء كانت يداً دالة على الملك مستوفية  شروط الحيازة  وتسمى في القانون اليمني والفقه الإسلامي بحيازة ملك ثبوت  أم  يداً تفيد قرينة الملك فائدتها تكون في اعتبار صاحبها مدعى عليه في دعاوى الحيازة وتسمى بحيازة ثبوت أما اليد الحكمية فهي التي يدعي المدعى عليه بالملك المضاف إلى فعل من المدعى عليه يوجب التسليم كالبيع والغصب والإجارة من المدعى عليه فيعتبر يده  يداً حكمية ولو لم تكن اليد الحسية له لأن سبب الدعوى عليه هو الفعل الذي يوجب الرد وليس اليد الحسية فقط.

سادساً: يجهل البعض التعامل مع نص المادة (1117) من القانون المدني والمادة (240) من قانون المرافعات اللتين تجيزان العمل بدعوى استرداد الحيازة مع ذلك نجد بعض الأحكام  لا يعمل بها كثيراً بل يقع الخلط بين دعوى الملك المضاف إلى سبب الغصب ضد ا لمدعى عليه وبين دعوى الملك المطلق من الإضافة اعتقادا منهم أن فقهاء الشريعة الإسلامية لا يعرفون دعاوى استرداد الحيازة (حماية الحيازة المغصوبة في ذاتها ) بل يجب الفصل في موضوع الملك بحكم نهائي منهٍ للخصومة  مع أن العكس هو الصحيح فجميع فقهاء الشريعة بلا استثناء يشيرون أنه ((إذا ادعى المدعي أن فلاناً غصب الشيء عليه أو أخذه منه أنه يجب على القاضي أن يحكم بالرد إليه إلى أن يبين المدعى عليه سبباً صالحاً لانتقال الملك إليه بحكم مؤقت لا يمس أصل الملك  وكذلك الحكم عند إقرار المدعى عليه باليد أو الملك السابق للمدعي حيث يستصحب الحال  وفقاً لنص المادة  ( 14)  ويحكم بالرد لأن المقر حكم على نفسه وكذلك معاينة القاضي عند من يقول بجواز أن يحكم القاضي بعلمه ففي هذه الحالات يجيز فقهاء الشريعة حماية الحيازة في ذاتها بالحكم بالرد لا بالملك ولو لم يمض على حيازة مدعي الاسترداد سوى يوم واحد ما دام إن سبب حيازة المدعى عليه قائمة على الغصب ونحوها لأن اليد الغاصبة يد مبطلة مهما مضى عليها من زمن والحكمة من ذلك هو عين ما ذهب إليه فقهاء القانون أن الهدف من حماية الحيازة بدعوى الاسترداد ((هو حماية المراكز المستقرة والمحافظة على نظام المجتمع واستقراره بعدم السماح للأفراد أن يقتصوا لأنفسهم بأنفسهم ولا ضرر في ذلك  على حقوق المدعى عليه الغاصب لحيازة المدعي فقد رسم القانون طريقاً لاقتضاء حقه  يجب اتباعها.مسائل في منازعات الحيازة لا يعذر القاضي بجهلها
الأستاذ الدكتور/ إسماعيل محمد المحاقري
أستاذ القانون المدني المشارك (جامعة صنعاء – كلية الشرطة – كلية الشريعة والقانون – جامعة الأحقاف )

أولاً: أهمية إطلاق القانون اليمني بتسمية الحيازة (بحيازة ملك ثبوت)

نصت المادة(11039) على الحيازة بأنها نوعان: الأول (حيازة ملك ثبوت) ويلاحظ أن الكثير يتجاهل أهمية اللفظ (ملك ثبوت) لتوضيح ذلك يجب أن نحدد أولاً أركان وشروط قيام الحيازة في القانون اليمني ثم نوضح أهمية تسمية هذه الحيازة بحيازة ملك ثبوت ثم نبين هل يشترط مرور مدة قصيرة على الحيازة غير المدة المطلوبة لمنع سماع دعوى الملك المنصوص عليها في المادة(1118) لتكون فائدتها الحكم بالملك للحائز بدلاً من تقرير يده .

أركان وشروط الحيازة في القانون اليمني هي:

أولاً: الحيازة المادية وهي التصرف، تصرف الملاك في ملكه في حضور المحوز عليه وعلمه ومشاهدته للحائز له دون منازعة أو معارضة بلا عذر يمنعه من ذلك.

ثانياً: الركن المعنوي وهو ادعاء الحائز الملك للشيء المحوز ونسبته إلى نفسه ، أما التمسك بالحوز فقط فلا يكفي عند فقهاء الشريعة  الإسلامية والقانون اليمني (أما القوانين الوضعية فيكفي النية  ا لمستخلصة من قرائن الحال)

ثالثاً: ركن المشروعية : وهو أن تكون الحيازة مشروعة وهي ما يطلق عليها فقهاء الشريعة باليد المحقة التي تكون مجهولة في سبب دخولها على الحائز أما إذا عرف بالبينة أن أصل مدخل حيازة المدعى عليه  هي الغصب والحيلة أو الإجارة والعارية ونحوها فهي لا تنفع الحائز للتمسك بها فهي إما حيازة مبطلة إذا كانت بسبب الغصب أو حيازة عرضية إذا كان أصل مدخلها هي الإجارة أو العارية فهذه الحيازة تظل حيازة غير مشروعة أو حيازة عرضية مهما مضى عليها من زمن إلا إذا تحولت حيازة المدعى عليه من خلال المجاهرة ومنازعة الحائز لمالكها بادعائه الملك لنفسه  وإنكاره الملك له أمام القضاء عند رفع الدعوى عليه فيزول عيب المشروعية  أو عيب العرضية من ذلك التاريخ  وتحسب مدة  الحيازة من تاريخ زوال العيب.

رابعاً: خلوها من عيب الغموض واللبس والإكراه والتشويش بالمنازعة والخفاء وعدم الاستمرار فإذا كانت الحيازة المادية غامضة في دلالتها على ملك الحائز مثل حيازة الأقارب والورثة لأموال التركة وحيازة الشريك للمال المشترك وحيازة الوصي لمال القاصر أو المحجوز عليه وحيازة الوكيل للمال الموكل فيه وحيازة الخدم لمال المخدوم بعد موته ونحو ذلك

أو كانت قائمة  على إكراه أو تهديد أو من المتغلبة والمعروفين بالغصب وأصحاب الغلبة والنفوذ وفي ظروف تسود فيها الفوضى  أو كانت مشوشة بالمنازعة والمعارضة من المالك أو كانت خفية تمت في غياب المدعي أو بدون علمه أو كانت  غير مستمرة المدة  الكافية ليغلب على الظن دلالتها على الملك فإذا توافرت هذه الشروط في الحيازة أطلق عليها حيازة ملك ثبوت ويضيف البعض شرطاً آخر وهو الشهادة بالملك لصاحبها استناداً إليها و نسبة الملك للمشهود له من إضافة إلى مرور ثلاث سنين عند الزيدية  والاباضية وعشرة أشهر عند المالكية في العقارات أو مرور المدة الطويلة الكافية لتكوين غلبة ظن الشهود بأنها عند المشهود ملك للحائز ، فإذا توافرت هذه الشروط في الحيازة وجزم الشهود بالشهادة بالملك للحائز استناداً إليها  جاز أن يحكم القاضي على أساسها بالملك للمدعى عليه عند عجز المدعي عن إثبات ملكه المضاف إلى سبب أو عند اقتصار بينته على الحيازة السابقة لأن دعوى ملك كان غير جائزة في القانون المدني طبقاً لنص المادة (14) من قانون الإثبات فإذا لم تتوافر هذه الشروط كاملة في حيازة المدعى عليه وعجز المدعي عن إثبات ملكه للمدعى به فإن القاضي لا يحكم بالملك  للمدعى عليه لانعدام بينة المدعي وإنما يحكم بتقرير يد المدعى عليه  بحكم تقريري فقط.

هل للمدة أهمية بخصوص هذه الوظيفة؟

قد يتساءل البعض أن ما دام الأمر كذلك فلا بد من مرور مدة على الحيازة لكي تكتسب صفة حيازة ملك ثبوت ليسهل التفرقة بينها وبين حيازة الثبوت فقط.

الحقيقة أن فقهاء المالكية والزيدية والاباضية قد اشترطوا مرور مدة على الحيازة التي يجوز الحكم  على أساسها بالملك  كما سبق أن أوضحنا أما بقية الفقهاء فاكتفوا باشتراط مدة طويلة وتركوا مسألة تقدير المدة لتقدير الشهود لأنه لا يجوز لهم الشهادة بالملك للحائز استناداً إلى الحيازة إلا عند غلبة الظن بأنها ملك الحائز كما أن من شروط الشهادة على حيازة ملك ثبوت عند البعض الشهادة على  نسبة الناس الملك للحائز  استناداً إلى اليد ولن يصل الأمر إلى ذلك إلا بمرور مدة كافية لخلق تلك القناعة والقانون اليمني رغم أن أقرب المصادر التاريخية لنصوص الحيازة فيه هو الفقه الزيدي وهذا الأخير قد حدد مدة لحيازة ملك ثبوت هو ثلاث سنوات في العقار إلا أن نصوص الحيازة خلت من نص مشابه لذلك ، لذلك  نرى أن بالإمكان تطبيق نص المادة (5) من قانون الإثبات التي حددت مدة خمس سنوات لمنع سماع الدعاوى المتعلقة بالحقوق المنقولة والفقه القانوني والقضاء العربي مُجمع على أن دعاوى الحيازة العقارية هي من الدعاوى المنقولة لأن دعوى استرداد الحيازة المقصود منها حماية الحيازة في ذاتها وبالتالي فيكون  اشتراط مرور خمس سنوات على الحيازة المستوفية الشروط  الأخرى  لتكون من قبيل حيازة ملك ثبوت لغرض الاعتماد عليها في الحكم بالملك للمدعى عليه عند عجز المدعي عن  إثبات ملكه بدلاً من الحكم بإقرار يده على الشيء المحاز وكذلك تكون كافية لمنع سماع دعوى الملك السابق فهذه الدعوى الأخيرة هي من قبيل دعاوى حيازة ملك ثبوت في الزمن  الماضي المنصوص عليها في المادة (14) من قانون الإثبات لأن القول بمنع سماع دعوى ملك كان استناداً إلى الحيازة السابقة المستوفية شروط حيازة ملك ثبوت أياً كانت ا لمدة الفارقة بين فقد الحيازة السابقة وبين اكتسابها سيمثل خللاً تشريعياً والمشرع منزه من النقص وبالتالي فيكون شروط دعوى  استرداد الحيازة السابقة (الملك السابق) هي مرور مدة خمس سنوات على الحيازة للمدعي وعدم مرور خمس سنوات من تاريخ فقدها وهي المدة اللازمة لاكتساب الحائز الجديد صفة الحائز (حيازة ملك ثبوت) كل ذلك مع مراعاة جهل سبب دخول الحيازة على الحائز وجهل أصل الملك لمن يكون وعدم الاعتماد عليها كوسيلة لمنع سماع الدعوى وإنما لغرض الحكم للحائز بالملك استناداً إلى حيازته ولو لم يثبت سبب ملكه .

ولهذا نصت المادة (1114) من القانون المدني على أنه تسمع دعوى الملك على ذي اليد الثابتة  مطلقاً ويحكم للمدعي في دعوى الملك إذا أقر له ذو اليد الثابتة أو بناء على مستندات كتابية خالية من شبهة التزوير مستوفية للشروط  الشرعية أو بشهادة عدول ـ فإذا لم توجد مستندات مستوفية للشروط أو شهادة عدول عمل بالقرائن وتعتبر قرينة اليد الثابتة إذا لم تعارض بقرينة أقوى منها مع يمين ذي اليد دليلاً كافياً) فاشتراط النص ويمين الحائز مع قرينة الحيازة يدل على أن المقصود بقوله : دليلاً كاملاً أي دليلاً للحكم للمدعى عليه بالملك وليس بتقرير اليد ، أما ما ورد في المادة (1112) فهذه المادة تعالج مسألة أخرى متعلقة بحيازة حقوق الارتفاق حسب ما أوضحنا آنفاً في السطور السابقة من هذه المقالة.

ثانياً: الخلط بين المقصود من حيازة الانتفاع المشار إليها في الفقرة ثانياً من المادة (1103) في القانون المدني بقولها......الثاني حيازة انتفاع بإجارة ونحوها.....)) وبين حيازة الحقوق المنصوص عليها في المادة (12) من قانون الإثبات وكذلك الوهم أن هذه الأخيرة تتعارض مع القاعدة الشرعية: ((لا يمنع المعتاد وإن أضر))

يعتقد البعض أن المقصود بحيازة الانتفاع الواردة في ذلك النص أنها حيازة حقوق الارتفاق وحيازة حق الانتفاع مع أن النص واضح أن المقصود بتلك الحيازة هي الحيازة العرضية بشروطها المعروفة في الفقه القانوني وذلك واضح من مضمون النص

أما حيازة حقوق الارتفاق وحق الانتفاع فقد نصت عليها المادة (12) بقولها: ((لا يثبت حق بيد في ملك الغير ولا في حقه ولا في حق عام إلا ببينة قانونية وتكون البينة على إقرار الخصم بالحق أو على النذر أو الوصية أو استثناء الحق المدعى به أو تقدم الأخبار في المباح أو وجود الآثار القديمة في السواقي))

والقانون اليمني ذهب إلى ما ذهب إليه القانون الفرنسي وبعض القوانين وبعض فقهاء الشريعة الذين لا يعتبرون حيازة حقوق الارتفاق دليلاً على الحق فيما عدا حقوق الارتفاق القديمة نصوا عليها كاستثناء مثل (السواقي القديمة الدالة على سبق الأحياء) وما عدا ذلك فالأصل أن من يستخدم ملك غيره بالمرور أو السقي أو الشرب ونحو ذلك أنه يستخدمه على وجه التسامح يستطيع أن يرجع فيه المالك في أي وقت والعلة كما يقولون هي حتى لا تؤثر على علاقات الجوار لأن الأصل في علاقات المتجاورين مبني على التسامح فلو جعلنا حيازة حقوق الارتفاق دليلاً على الحق لأحجم الجيران عن التسامح وبالتالي فكل من يقر بالملك للمدعي ثم يدعي حقاً عليه مستدلاً بحيازته للحق لا ينفعه ذلك بل يكون القول قول المالك بانتفاء الحق وعلى مدعي الحوز أن يثبت هو سبباً صالحاً لاكتساب الحق وقد حددت المادة(12) من قانون الإثبات أسباب محدودة لإثبات  الحق هي سبق الإحياء في المباح والوصية ,والإقرار أو استثناء الحق أو وجود الآثار القديمة في السواقي لذلك فالسبب الأخير هو السبب الوحيد الذي مصدره دلالة  اليد ولهذا يقول فقهاء الزيدية أن الحيلة في تجنب هذا المأزق أن يدعي صاحب الحق الملك للطريق أو المسقى ......الخ   وهو ما أشارت إليه المادة(1112) من القانون المدني اليمني.

والغريب أن هذه الحيلة استخدمها فقهاء القانون الفرنسي وبنفس الصورة التي تكلم عنها فقهاء الزيدية في القول الراجح عندهم ويدخل في مفهوم الحق حقوق الارتفاق وحق الانتفاع وحق الرهن فالمرتهن إذا أقر للمدعي بالملك وادعاء حق الرهن عليه لزمه

الإثبات ولا  يغنيه  أن يثبت الحوز والقبض والحيلة كما يذهب فقهاء الشافعية أن يدعي الملك على الشيء المرهون مثلاً حتى لا يكلف بإثبات الرهن لأنه إن أقر بالملك وأدعى الرهن لزمه الإثبات وإلا فقد دينه ويلاحظ أن الحائز لحق من الحقوق كحق المجرى والمسيل والطريق أو المسقى ونحوه أصبح ذا يد ولكن لا يطلق على حيازته بحيازة ملك ثبوت لكي يستفيد من الحكم له بالملك مع اليمين إذا عجز المدعي (وهو المالك للأرض المدعى بحيازة الطريق أو المجرى فيها) أن يثبت عدم الملك المدعي حيازة الحق  وإن وضع يده عليها كان من قبل التسامح بل يحكم بتقرير يد الحائز لوجود شبهة في ملك الحائز وعملاً بقاعدة: "لا يجوز التوسع في الاستثناء ولا القياس عليه" ويلاحظ أخيراً  بوجود خلط بين هذه القاعدة والقاعدة الشرعية المشهورة عند القضاة والمأخوذة من شرح الأزهار (ج 3) القائلة: (لا يمنع المعتاد وإن أضر) حيث يفهم منها عكس ما ذكر وهذا خطأ في فهم أعمال تلك القاعدة بأن المقصود بالمعتاد ما ثبت أولاً بأخذ تلك الأسباب الواردة في المادة (12) وهذا واضح من المصدر الأصلي الذي نقلت منه تلك القاعدة فهو يتضمن الإشارة إلى اشتراط ثبوت الحق بالبينة الشرعية للقول بثبوت المعتاد وهي نفسها الأسباب الواردة في المادة (12) مع إضافة سبب سادس بديهي وهو ثبوت العادة بالضرورة ويقصد به القيود الشرعية الواردة على الملكية.

ثالثاً:  يوهم البعض  العمل بالقاعدة المنصوص عليها في المادة (83) والتي يطلق عليها بفرع الثبوت ويطلق العمل بها دون مراعاة الاستثناءات مع أن نص المادة (95) من قانون الإثبات قد قيدت العمل بهذه القاعدة وهي حصر العمل بها في حدود الإقرار الذي يقبل التجزئة مثل الإقرار بالوديعة ثم يدعي الإبراء أو الإسقاط أو المقاصة ونحو ذلك ففي هذه الحالة يتم العمل بقاعدة فرع الثبوت حيث يصبح من يدفع دعوى الوديعة  بسقوطها بالمقاصة  أو الإبراء إقرار بالوديعة ويلزمه الإثبات على دعواه الإبراء  لأن هذا الإقرار قابل للتجزئة باعتبار أن الإبراء أو الإسقاط  ليس  من مستلزمات الوديعة أما لو ادعى الرد وادعى النقد لمن يطالبه دفع الثمن  المؤجل فهذا من قبيل الإقرار الذي لا يقبل التجزئة لأن الادعاء بالرد أو بالنقد هي من مستلزمات الوديعة أو الشراء بل يعتبر ذلك من  الأصل وهكذا.

هل للقاضي أن يطلب من مدعي الحيازة بيان سبب ملكيته للشيء الذي يحوزه؟

رابعاً:  نص المادة (1115/3) من القانون المدني يفهم منها من حيث الظاهر أن من حق القاضي أن يطلب من مدعي الحوز أن يثبت سبب ملكه لما هو ثابت اليد عليه وهذا غير صحيح لأن القول بغير ذلك يفقد الحيازة أهميتها في الحد الأدنى من حيث كونها دليلاً على الملك عند جميع فقهاء الشريعة الإسلامية وفقهاء القانون فلم يرد في كتب الفقه  الإسلامي ما يخالف ذلك

لذلك فالفهم الصحيح لتلك المادة  أن القاضي وبعد أن يستمع إلى دليل ملكية المدعي للشيء المحاز فإن كان الدليل كافياً للحكم بالملك له استناداً إليه فيلزم قبل أن يقضي بذلك أن يطلب من المدعى عليه أن يبين سبب ملكه لعله يكون قد حصل عليه بسبب ناقل من المدعى فترجح دعواه أو من غير المدعى فيحصل التعارض بين الدليلين فيتم إعمال قواعد الترجيح ما أمكن فإن انعدمت وحصل تعارض طبق القاضي القاعدة المنصوص عليها في المادة (1113) من القانون المدني التي تنص على تقديم بينة الخارج على بينة الداخل عند التعارض وإلى هذا ذهب جميع فقهاء الشريعة الإسلامية فهم  يصرحون أن حجة المدعى عليه هي اليمين وحجة المدعي هي البينة  ولا تسمع بينة الحائز إلا بعد بينة المدعي فترجح عند الشافعية والمالكية أو ترجح بينة الخارج عند الآخرين

خامساً: يجهل  البعض المقصود من اليد التي تعتبر شرطاً  لدعاوى الملك والرد المنصوص عليها في المادة (6) من قانون الإثبات الفقرة  (1) حيث يشترطون اليد الحسية للمدعى عليه كشرط لرفع دعوى الملك أو الرد عليه حيث يجهلون المقصود باليد الحكمية مع أن اليد  الثابتة حقيقةً يطلق عليها اليد الحسية وهي معلومة سواء كانت يداً دالة على الملك مستوفية  شروط الحيازة  وتسمى في القانون اليمني والفقه الإسلامي بحيازة ملك ثبوت  أم  يداً تفيد قرينة الملك فائدتها تكون في اعتبار صاحبها مدعى عليه في دعاوى الحيازة وتسمى بحيازة ثبوت أما اليد الحكمية فهي التي يدعي المدعى عليه بالملك المضاف إلى فعل من المدعى عليه يوجب التسليم كالبيع والغصب والإجارة من المدعى عليه فيعتبر يده  يداً حكمية ولو لم تكن اليد الحسية له لأن سبب الدعوى عليه هو الفعل الذي يوجب الرد وليس اليد الحسية فقط.

سادساً: يجهل البعض التعامل مع نص المادة (1117) من القانون المدني والمادة (240) من قانون المرافعات اللتين تجيزان العمل بدعوى استرداد الحيازة مع ذلك نجد بعض الأحكام  لا يعمل بها كثيراً بل يقع الخلط بين دعوى الملك المضاف إلى سبب الغصب ضد ا لمدعى عليه وبين دعوى الملك المطلق من الإضافة اعتقادا منهم أن فقهاء الشريعة الإسلامية لا يعرفون دعاوى استرداد الحيازة (حماية الحيازة المغصوبة في ذاتها ) بل يجب الفصل في موضوع الملك بحكم نهائي منهٍ للخصومة  مع أن العكس هو الصحيح فجميع فقهاء الشريعة بلا استثناء يشيرون أنه ((إذا ادعى المدعي أن فلاناً غصب الشيء عليه أو أخذه منه أنه يجب على القاضي أن يحكم بالرد إليه إلى أن يبين المدعى عليه سبباً صالحاً لانتقال الملك إليه بحكم مؤقت لا يمس أصل الملك  وكذلك الحكم عند إقرار المدعى عليه باليد أو الملك السابق للمدعي حيث يستصحب الحال  وفقاً لنص المادة  ( 14)  ويحكم بالرد لأن المقر حكم على نفسه وكذلك معاينة القاضي عند من يقول بجواز أن يحكم القاضي بعلمه ففي هذه الحالات يجيز فقهاء الشريعة حماية الحيازة في ذاتها بالحكم بالرد لا بالملك ولو لم يمض على حيازة مدعي الاسترداد سوى يوم واحد ما دام إن سبب حيازة المدعى عليه قائمة على الغصب ونحوها لأن اليد الغاصبة يد مبطلة مهما مضى عليها من زمن والحكمة من ذلك هو عين ما ذهب إليه فقهاء القانون أن الهدف من حماية الحيازة بدعوى الاسترداد ((هو حماية المراكز المستقرة والمحافظة على نظام المجتمع واستقراره بعدم السماح للأفراد أن يقتصوا لأنفسهم بأنفسهم ولا ضرر في ذلك  على حقوق المدعى عليه الغاصب لحيازة المدعي فقد رسم القانون طريقاً لاقتضاء حقه  يجب اتباعها.
 الأستاذ الدكتور/ إسماعيل محمد المحاقري

أستاذ القانون المدني المشارك (جامعة صنعاء – كلية الشرطة – كلية الشريعة والقانون – جامعة الأحقاف )