ما الفرق بين الاكراه وحالة الضرورة
أولاً: -الاكراه:
هو حمل القادر غيره
على ما لا يرضا قولاً أو فعلاً بحيث لو خلي ونفسه لما باشره ويكون بالتهديد بإتلاف
نفس أو عضو أو بعض عضو أو بإيذاء جسيم أو بالتهديد بما يمس العرض أو الشرف أو بإتلاف
المال.
كما حدد النص أن
الاكراه كما يقع على التصرفات القولية من بيع ونحو ذلك يقع على الأفعال الحسية
كالتهديد بالقتل أو إتلاف الأعضاء ونحو ذلك.
والإكراه من حيث كونه
باطلاً، أو جريمة هو إلغاء للوجود الإرادي للغير، بما يترتب على ذلك من تدمير ظاهر
أو ضمني لحقوقه، أو إهدار أحد مصالحة المحروسة بالقانون أو الشريعة أو العرف
الملزم.
وقد يكون الإكراه
بفعل مادي يطال جسم المكره، ويرغمه على مباشرة مالا يرضا، كما قد يتخذ شكل التهديد
بإتلاف نفس أو عضو المكره، أو إيذاء جسدياً، أو توعده بما يؤذي عرضه أو يخدش شرفه أو
ما شأنه الإضرار بماله.
والاكراه المادي
والمعنوي يقضي كليا، أو جزئيا، على الوجود الفعلي للحرية الفردية أو العامة، ذلك
أن الخضوع لمصير مفروض يعني عدم حرية الانسان إزاءه.
ثانياً: الضرورة:
المباح هو ما دل
الدليل الشرعي على التخيير فيه، أو حكم به الحاكم العادل في حدود قواعد الشرع
وبحسب تقديره للمصلحة العامة للناس (مبدا الشرعية) فأن كان المباح مباحا إباحة
طارئة في القانون فهو يشبه في الشريعة كل ما ارتفع عنه الحظر أو المنع في حالات
خاصة كإباحة (دم)، وإباحة الممنوع شرعا تعاطيه عند عدم وجود الضرورة، مثل أكل الميتة،
وتناول الدم، وشرب الخمر للمضطر.
والراجح ان الأصل
فيما لم يرد نص بشأنه هو الإباحة، ولا يحرم شيء أو يحظر فعل أو ترك أو امتناع إلا
بنص صريح صحيح واضح الدلالة.
وتعرف الضرورة
قانونيا: هي الحالة التي يتحتم على الإنسان فيها سلوك سبيل المحظور دفعا للضرر أو
خطر جسيم محيط أو محدق به.
ويمكن تعريف الضرورة
كذلك بانه خطر حال أو ضرر محتمل، أو مؤكد، لا سبيل الى تفاديهما، أو دفع أي منهما،
إلا بإتيان سلوك محظور قانونيا أو شرعيا.
المرجع: المادة (175) من القانون رقم (14) لسنة (2002) م بالقانون
اليمني- الوسيط في شرح قانون الجرائم والعقوبات اليمني، الدكتور حسن علي مجلي.
ثالثا:
حالات الضرورة.
وعندما نحتج بالترجيح
بين المصالح فإننا نعني بذلك تغليب المصالح الأكثر أهمية ومشروعية.
والمقصود بحالة
الضرورة
هي إحدى صور الإكراه
المعنوي التي تؤثر على إرادة الجاني فتدفعه إلى ارتكاب فعل لم يكن ليرتكبه لولا
أنه وضع في تلك الظروف التي أحاطت به، وذلك كمن يضطر إلى إتلاف منقولات الغير
لينجو بنفسه بعدما حاصرته النيران، أو كطبيب اضطر إلى إجهاض الأم لينقذ حياتها
نظراً لما في استمرار حملها من خطر يكاد أن يودي بحياتها.
ولما كانت حالة
الضرورة هي تفادي خطر حال، جسيم محدق ومحقق، عن طريق التضحية بإحدى المصالح أو
الحقوق أو الأموال الخاصة أو العامة والمتمتعة بالحماية القانونية، فإنه يمكن
تصورها في الحالات التالية.
الحالة الأولى: الإضرار
بحق الغير أو بشي مملوك له، أو تدمير كلية، إذا كان هو مصدر الخطر أو الضرر
(الضرورة الدفاعية)
الحالة الثانية:
الإضرار بمصالح أو حقوق الغير أو الأشياء المملوكة له، ولو لم تكن هي مصدر الخطر
(الضرورة العدوانية).
وتتوفر حالة الضرورة
في القانون اليمني، إذا كانت عدة مصالح أو حقوق قانونية في وضع تعارض بحيث لا
يتأتى الابقاء على بعضها، أو حماية إلا بالتضحية في الأخرى وترجيح غيرها، أو إذا
كان إتيان أحد الواجبات الملقاة على عاتق الواقع، قانونا في إسارها والمحاط،
فعليا، بها لا يتسنى إلا بترك واجب آخر
ويتضح مما سلف أن
حالة الضرورة تتسم بالطابع الوقائي، إذ بواسطتها يتم إنقاذ مصالح وحقوق فردية أو
عامة على حساب أخرى، أقل أهمية من ضرر محيق تهددها بالإفناء أو التدمير الكلي أو
الجزئي.
ومؤدى ذلك هو أنه لا
مجال للقول بتوافر حالة الضرورة إذا تعلق الأمر بزيادة ثروة وأخيرا فإننا تم الشخص
بصورة شرعية، إذ لا نزاع، هنا، بين مصالح وحقوق متعارضة من حيث أهميتها، حتى لو
كانت الزيادة لا تتم إلا على حساب الآخرين.
وقد أكد القانون
المدني اليمني عدم اعتبار حالة الضرورة سبب إباحة بنصه على: أن من سبب ضررا للغير
ليتفادى ضررا أكبر محدقا به أو بغيره، لا يكون ملزما إلا بالتعويض الذي يراه
القاضي مناسبا.
ومقتضى عدم اعتبار
الضرورة سبب إباحة هو أنه يمكن مساءلة الشخص مدنيا في حالة الدفع بها.
وأخيرا يرجح البعض،
اعتبار الضرورة مانع عقاب وحسب، وذلك لأن حكمها مصدره انتفاء خطورة الاجتماعية
لسلوك المضطر المتحرر منها، لأنه يجرد ظاهرة عرضية زائلة، تولده ظروف شاذة، تستلزم
عذر صاحبه عنه بها، إذا لا تكون، والحال هكذا أجدى من إنزال العقاب به
وأخيرا فإننا نعتقد
بأن المشرع اليمني لو شاء اعتبار حالة الضرورة سبب إباحة لكان الصبح في ذلك في
النص بقوله (لا) جريمة) بما يؤكد الإباحة، ولا تكفي عبارة ((لا مسئولية)) الواردة
بالمادة (٣٦) من قانون العقوبات لتحويل (الضرورة)) من مانع للعقاب إلى سبب إباحة
عام.
والصواب في اعتقادنا
هو أن المشرع اليمني قد حدد طبيعة الضرورة باعتبارها، كقاعدة عامة، مانع مسئولية
يخضع لضوابط شرعية عديدة.
المرجع: الوسيط في شرح قانون الجرائم والعقوبات اليمني، القسم العام،
للدكتور حسن علي مجلي ص573، المادة
(309) من القانون المدني اليمني.
رابعا: الفرق
بين الاكراه وحالات الضرورة
يراد
بالإكراه: قوة إنسانية تتجه
إلى الضغط على معنويات الإنسان وقدرته على حرية الاختيار دون أن تقبض على جسمه
فتحمل هذه النفسية كرها على ارتكاب الجريمة.
وتتفق حالة الضرورة
مع الإكراه في أن الجريمة الناشئة عن كل منها تصيب إنسانا برينا وأن ركنها المعنوي
قائم بجانب ركنها المادي حيث إن الفاعل في الحالتين يستطيع التخلي عن ارتكاب
الجريمة تاركا الخطر المحدق يبلغ نهايته إلا أن
هناك اختلافات جذرية
بين الإكراه وحالة الضرورة.
قد تنشأ حالة الضرورة
بفعل الطبيعة دون أن تطغى على حرية الاختيار بينما الإكراه المعنوي لا ينشأ إلا
بفعل الإنسان.
جريمة المكره تهدف
إلى ردع ضرر يهدد المكره شخصيا أما الجريمة الناشئة
عن حالة الضرورة فقد
يسعى بها فاعلها إلى درء ضرر لا يهدده شخصيا وإنما يهدد الغير.
في حالة الضرورة
يشترط التناسب بين الخطر الذي يهدد الفاعل والضرر الذي يحدثه مدفوعا بذلك الخطر
بينما لا يشترط ذلك التناسب في الإكراه المعنوي نظرا لأن المكره يفرض عليه الحل
الذي سيخرج به من المأزق الذي وقع فيه وهذا يؤدى إلى إتمام السلوك الإجرامي الذي
طلب إليه إتمامه تحت ضغط الإكراه.
بينما في حالة
الضرورة لا يفرض على الفاعل إلا الموقف فقط ولكنه هو الذي يتبنى الحل اللازم بناء
على الموازنة الموضوعية بين الأضرار وقد تتعدد الحلول فيختار منها ما يقدر أنه
أنسبها
المرجع: نطاق الضرورة واختلاف اثارها على
المسئولية الدولية والوطنية (محمد ناصر)، ص92
إعداد/ سوزان طعموس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اكتب ماتريد قوله للمحامي أمين الربيعي