‏إظهار الرسائل ذات التسميات تنفيذ. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات تنفيذ. إظهار كافة الرسائل

ماهية الكفالة وأركانها وكيفية اثباتها وأحقية الكفيل بالرجوع عنها.

 

بحث حول ماهية الكفالة وأركانها وكيفية اثباتها وأحقية الكفيل بالرجوع عنها.

أولا:-تعريف عقد الكفالة :-

في القانون المدني

تنص المادة (1026)بأن:-  الكفالة ضم ذمة هي ذمة الكفيل إلى ذمة هي ذمة المكفول عليه للاستيثاق فيما كفل به وتتم بلفظها  ولا تتوقف على رضاء المكفول عليه.

في القانون التجاري

تنص المادة (230)بأن:-الكفالة ضم ذمة الى ذمة في المطالبة بتنفيذ التزام وتنعقد بايجاب وقبول من الكفيل والدائن ونحوه ولا تتوقف على رضاء المكفول عليه.

أما من ناحية نوع عقد الكفالة فقد أشار المشرع اليمني بأن الكفالة من عقود التبرع كما نصت المادة(1035 من القانون المدني اليمني) بأن الأصل في الكفالة التبرع ويصح ان تكون بأجر.

ويؤخذ من هذه التعريف(أن الكفالة هي عقد بين الكفيل والدائن . أما المدين الأصلي فليس طرفاً في عقد الكفالة، بل أن كفالة المدين تجوز بغير علم المدين ، وتجوز أيضاً رغم معارضته. والذي يهم في الكفالة هو التزام هذا المدين ، إذ أن هذا الالتزام هو الذي يضمنه الكفيل ، فيجب أن يكون مذكوراً في توضيح ودقة في عقد الكفالة . وهذا الالتزام المكفول أكثر ما يكون مبلغ من النقود ، وقد يكون إعطاء شيء غير النقود ، كما قد يكون عملا أو امتناعاً عن عمل . فإذا لم يكن الالتزام المكفول مبلغاً من النقود ، ضمن الكفيل ما عسى أن يحكم على المدين الأصلي من تعويض من جراء إخلاله بالالتزام بإعطاء شيء غير النقود ، أو من جراء إخلاله بالالتزام بعمل أو بالامتناع عن عمل.

كتاب الوسيط في شرح القانون المدني الجزء العاشر  السنهوري ص 14

خصائص عقد الكفالة: أهم خصائص عقد الكفالة ما يأتي :

1– عقد الكفالة عقد رضائي، ينعقد بمجرد التراضي ما بين الكفيل والدائن، وتنعقد الكفالة بلفظها فلا حاجة في انعقادها إلى شكل خاص.

2- وعقد الكفالة عقد ملزم لجانب واحد ، هو جانب الكفيل . فالكفيل وحده هو الذي يلتزم بعقد الكفالة بوفاء الدين للدائن أن لم يف به المدين الأصلي، أما الدائن فلا يلتزم عادة بشيء نحو الكفيل( [1] ) . وهذا هو الأصل . ولكن ذلك لا يمنع من أن تكون الكفالة عقداً ملزماً للجانبين إذا التزم الدائن نحو الكفيل بدمع مقابل في نظير كفالته للدين ، فيصبح كل من الكفيل ، والدائن ملتزماً نحو الآخر ، ويكون عقد الكفالة في هذه الحالة ملزماً للجانبين .

وإذا كان الأصل أن الكفالة عقد ملزم لجانب واحد . فليس ذلك معناه أن الكفالة إرادة منفردة تصدر من جانب واحد . بل الكفالة عقد لا يتم إلا بتبادل إرادتين متطابقتين من الكفالة والدائن، ولا يتم بإرادة الكفيل وحده ولو أن الكفالة لمصلحة الدائن . فإذا أوجب الكفيل الكفالة، وكان الإيجاب غير ملزم، كان للكفيل أن يرجع في إيجابه قبل صدور القبول من الدائن.

3- والكفالة في العادة عقد تبرعي بالنسبة إلى الكفيل، فالكفيل يتبرع عادة بكفالته للدين( [2] ) . أما بالنسبة إلى الدائن المكفول فالكفالة عقد معاوضة، لأن الدائن حصل على كفالة في مقابل إعطاء الدين وإذا كان الدائن قد أعطي الدين للمدين لا للكفيل والمدين ليس طرفاً في عقد الكفالة ، فإنه ليس من الضروري في عقود المعاوضة أن يكون العوض قد أعطي لأحد المتعاقدين ، بل يكفي إعطاؤه للغير وهو هنا المدين . والعقد الواحد قد يكون معاوضة بالنسبة إلى أحد المتعاقدين وتبرعاً بالنسبة إلى المتعاقد الآخر

كتاب الوسيط في شرح القانون المدني الجزء العاشر  السنهوري ص 16-19

أركان الكفالة

16- ركنان : يمكن القول أن للكفالة ركنين : ( 1 ) التزاماً أصلياً مكفولاً ، هو التزام المدين الأصلي يضمنه الكفيل . وبدون هذا الالتزام لا تكون كفالة ، لأن التزام الكفيل هو كما قدمنا التزام تابع ، فهو يتبع الالتزام الأصلي المكفول على الوجه الذي بسطناه فيما تقدم(   ) . ( 2 ) اتفاقاً بين الكفيل والدائن لكفالة التزام المدين الأصلي ، وهذا الاتفاق هو عقد الكفالة ذاته ، فلا بد إذن من رضاء الكفيل بالكفالة ، ورضاء الدائن بأن يضمن الكفيل حقه(   ) .

كتاب الوسيط في شرح القانون المدني الجزء العاشر  السنهوري ص

التراضي بين الكفيل والدائن: ولما كانت الكفالة عقداً بين الكفيل والدائن كما قدمنا، فإنها تقتضي التراضي بين الكفيل والدائن فيتفق الاثنان على أن الكفيل يكفل المدين الأصلي . ولا يكفي رضاء الكفيل وحده ، بل يجب أيضاً حتى يتم العقد من رضاء الدائن بالكفالة ولو رضاء ضمنياً( [3] ) . وذلك حتى لو كان الكفيل متبرعاً بكفالته كما هو الغالب، وذلك عقد الهبة لا بد فيه من رضاء الموهوب له .

أما رضاء الكفيل فجوهري، لأن الكفيل هو الذي يلتزم بعقد الكفالة. ولا بد أن يرضي الكفيل بالكفالة، ويعبر عن هذا الرضاء تعبيراً واضحاً. فمجرد توصية شخص للدائن بأن يثق بمدينه لأن هذا المدين ملئ ولأنه يبادر إلى تنفيذ التزامه، حتى لو كانت هذه التوصية قد أتت بعد سؤال الدائن هذا الشخص عن حالة المدين، لا يعد رضاء من هذا الشخص بكفالة المدين إذ لا بد من أن يرضى هذا الشخص بكفالة المدين رضاء واضحاً، وأن يعقد التراضي بين الكفل والدائن : ولما كانت الكفالة عقداً بين الكفيل والدائن كما قدمنا ، فإنها تقتضي التراضي بين الكفيل والدائن فيتفق الاثنان على أن الكفيل يكفل المدين الأصلي . ولا يكفي رضاء الكفيل وحده ، بل يجب أيضاً حتى يتم العقد من رضاء الدائن بالكفالة ولو رضاء ضمنياً( [4] ) . وذلك حتى لو كان الكفيل متبرعاً بكفالته كما هو الغالب ، وذلك عقد الهبة لا بد فيه من رضاء الموهوب له .

أما رضاء الكفيل فجوهري ، لأن الكفيل هو الذي يلتزم بعقد الكفالة . ولا بد أن يرضي الكفيل بالكفالة، ويعبر عن هذا الرضاء تعبيراً واضحاً . فمجرد توصية شخص للدائن بأن يثق بمدينه لأن هذا المدين ملئ ولأنه يبادر إلى تنفيذ التزامه ، حتى لو كانت هذه التوصية قد أتت بعد سؤال الدائن هذا الشخص عن حالة المدين ، لا يعد رضاء من هذا الشخص بكفالة المدين إذ لا بد من أن يرضى هذا الشخص بكفالة المدين رضاء واضحاً

وقبل أن ينشأ الدين ، فإنه يجوز الاشتراط لمصلحة شخص غير معلوم وغير معين.

30- شكل الكفالة : الكفالة من عقود التراضي لا يشترط في انعقادها شكل خاص( [5] )  بل كل تعبير عن الإرادة يفيد الرضاء من جانب الكفيل ومن جانب الدائن يكفي لانعقادها ،وقد تقدم بيان ذلك .

غير أن هناك فرقاً بين رضاء الكفيل ورضاء الدائن ، فالكفيل عادة متبرع ، فيجب أن يكون رضاؤه واضحاً كما سبق القول ، وكثيراً ما يتورط الكفيل في التزامه بالكفالة ، ويخيل إليه عند الإقدام عليها أن المدين الذي كفله سيقوم بتنفيذ التزامه ، ثم ما يلبث أن يتبين أن المدين غير قادر على الوفاء بالتزامه ، إما من الوقت الذي أصبح فيه مديناً أو بعد ذلك لظروف جدت ، فيرجع الدائن على الكفيل ليقوم عن المدين بوفاء الالتزام . وقد يعرض الكفيل نفسه لخسارة كبيرة ، بل قد يعسر أو يفلس كنتيجة مباشرة $76 لكفالته مديناً معسراً ، لذلك تعبر الناس عن هذه الحقيقة التي تقع كثيراً في العمل بقولهم "التضامن غارم"، من أجل ذلك اشترط التقنين المدني الفرنسي أن يكون رضاء الكفيل بالكفالة رضاء صريحاً ، فلا يصح أن يستخلص رضاؤه ضمناً من الظروف فنصت المادة 2015 من هذا التقنين_ القانون المصري_ على أن "الكفالة لا تفترض بل يجب أن تكون صريحة ، ولا يجوز التوسع فيها إلى أبعد من الحدود التي عقدت الكفالة في نطاقها" ، والمقصود بالكفالة في النص هو دون شك رضاء الكفيل لا رضاء الدائن، فالكفيل هو الذي يتعرض لمخاطر الكفالة في حين أن الدائن يجني فائدتها ، لذلك اشترط التقنين المدني الفرنسي أن يكون رضاء الكفيل بالكفالة وتعريض نفسه لمخاطرها رضاء صريحاً ، ولا يكفي الرضاء الضمني ، ولم يرد في التقنين المدني المصري نص يقابل نص المادة 2015 فرنسي ، لكن لا شك في أن رضاء الكفيل بالكفالة في القانون المصري يجب أن يكون واضحاً وضوحاً كافياً كما سبق القول ، فإذا غم الأمر وجب التسليم بأن رضاء الكفيل لا يعتد به لأنه غير واضح( [6] ) .

وهذا بخلاف رضاء الدائن ، فإن الكفالة تكون عادة لمصلحته ، لذلك لا يشترط في رضائه أن يكون صريحاً، بل ولا أن يكون واضحاً، فيكفي استخلاص هذا الرضاء من الظروف والقرائن، ولذلك جاز أن يكون قبول الدائن بالكفالة قبولا ضمنياً، وقد قضي بأنه يعتبر رضاء ضمنياً من الدائن بالكفالة احتفاظه بسندها، وتنفيذ هذا السند على الكفيل( [7] ).

إثبات الكفالة – نص قانوني : تنص المادة 773 مدني على ما يأتي :

"لا تثبت الكفالة إلا بالكتابة،_ وهذا في القانون المصري أما القانون اليمني فإنها تثبت بأي من  طرق الاثبات_ ولو كان من الجائز إثبات الالتزام الأصلي بالبينة

كما يجوز الإثبات بالبينة إذا وجد مانع يحول دون الحصول على دليل كتابي أو إذا فقد الدائن سنده الكتابي لسبب أجنبي لا يد له فيه . كذلك يجوز إثبات الكفالة بالإقرار واليمين ، وهذان طريقان للإثبات جائزان حيث يجب الإثبات بالكتابة( [8] ) .

كتاب الوسيط في شرح القانون المدني الجزء العاشر  السنهوري

في أحقية الكفيل بالرجوع عنها:

وإذا كان الأصل أن الكفالة عقد ملزم لجانب واحد. فليس ذلك معناه أن الكفالة إرادة منفردة تصدر من جانب واحد . بل الكفالة عقد لا يتم إلا بتبادل إرادتين متطابقتين من الكفالة والدائن، ولا يتم بإرادة الكفيل وحده ولو أن الكفالة لمصلحة الدائن . فإذا أوجب الكفيل الكفالة، وكان الإيجاب غير ملزم، كان للكفيل أن يرجع في إيجابه قبل صدور القبول من الدائن.

كتاب الوسيط في شرح القانون المدني الجزء العاشر  السنهوري

في خيار المجلس:

نصت المادة 228 من القانون المدني بقولها:

"يثبت خيار المجلس في كل عقد معاوضة محضة واقعة على عين لازمة من العاقدين ليس فيها تملك قهري..."

فإذا كان خيار المجلس ثابت في كل عقود المعاوضة  فإنه ومن باب اولى  يكون ثابتا ً في عقود التبرع (عقد الكفالة)  خيار المجلس وعليه فإنه للكفيل التمسك بخيار المجلس كون العقد الذي إبرامه يعتبر من جهته عقد تبرعي فله حق التراجع عنه . 

هذا ما رأينا والله تعالى أعلم

 

إعداد/أيمن الشايمي.                      تحت إشراف المحامي/فهمي عقيل



تذييل الاحكام بالصيغة التنفيذية.


لما كان السند التنفيذي عملاً مؤكداً لحق موضوعي، إلا أنه مستند يجب أن تتوافر فيه شروطا شكلية، أهمها الصورة التنفيذية، والتي تحمل ضمن مضمونها الصيغة التنفيذية، وهذه الصيغة تختلف من قانون لآخر، إلا أن مؤداها جميعاً الأمر للجهة المختصة بالتنفيذ، تنفيذ السند التنفيذي جبراً.

ويعد تذييل الأحكام بالصيغة التنفيذية أمام المحاكم بمختلف درجاتها، من أبرز المسائل التي يستوجب البحث فيها، كون الواقع العملي بحاجة ماسة لمعرفة التفاصيل المتعلقة في هذا الجانب، لتلافي القصور الحاصل ومعالجة المشكلات التي ظهرت في الواقع العملي وفقاً لما سيتم تفصيله.

لذلك وعلى نحو ما تقدم كان لزاماً علينا البحث في إطار أحكام الفقه والقانون لبيان أحكام الصيغة التنفيذية وماهيتها، ومعرفة الغاية من وضعها على السند التنفيذي وما يترتب على وضعها من إضفاء قوة تنفيذية للسند التنفيذي من جهة، ومن جهة أخرى معرفة المحكمة المختصة وما هي المعايير المتبعة في هذا الجانب، وتفصيل ذلك على النحو الآتي:

أولاً: التعريف بالصيغة التنفيذية

الصيغة التنفيذية هي عبارة عن ألفاظ معينة، تختلف من قانون لآخر، تتضمن جميعها الأمر أو الطلب من الجهة القائمة بالتنفيذ إجرائه، ولو اقتضي الأمر استعمال القوة الجبرية، وذلك في حالة مثلاً الامتناع عن الوفاء.

وهذه الصيغة توضع في ذيل السند التنفيذي الرسمي، يستلمه صاحب الحق.(

لم يعرف القانون اليمني الصيغة التنفيذية الا انه جاء بمضمونها ونصها في المادة (327) قانون المرافعات والتنفيذ المدني بقوله:

[تكون الصيغة التنفيذية على النحو التالي: (بقوة الشرع والقانون: فإن السلطة القضائية تقرر فرض تنفيذ هذا السند التنفيذي جبراً وعلى السلطة العامة أن تعين على اجرائه ولو باستعمال القوة المسلحة متى طلب قاضي التنفيذ منها ذلك]

ثانياً/ الطبيعة القانونية للصيغة التنفيذية

تباينت اتجاهات الفقه القانوني حول الطبيعة القانونية للصيغة التنفيذية إلى أكثر من اتجاه، فمنهم من يرى أنها شكل إجرائي تاريخي لا معنى له، أو أنه مجرد شكل تاريخي لم نتخلص منه، أو أنها عبارات تشبه الطقوس، وكثير من أنصار هذا الرأي لا يأخذون بنظام الصيغة التنفيذية كالقانون اللبناني والسوداني وغيرها.

ومنهم من يرى أن الصيغة التنفيذية شكل إجرائي غير عادي، فهي ذات طبيعة تشريعية، فهي تمثل التشريع نفسه ويذهبون إلى أفضلية نظام الصيغة التنفيذية عن غيرها من النظم الأخرى باعتبار أنها الشكل الحديث الأصلي لقوة السند التنفيذي، ويأخذ بهذا الاتجاه عدد من القوانين كالقانون الفرنسي والإيطالي والألماني وبعض القوانين في الدول العربية.     

إلا أن الرأي الغالب أن الصيغة التنفيذية ذات طبيعة تشريعية، وبالتالي: فهي لا تخضع لقواعد الشكل الإجرائي العامة، بل تخضع لنظام خاص بها يتفق مع طبيعتها التشريعية، وبناءً عليه فإنه يجب أن تكتب حرفياً على صورة أصلية للسند ليصير سنداً تنفيذياً، ولذا فإن الخطأ في الصيغة التنفيذية ليس مجرد خطأ شكلي عادي بل تحريف في عبارات التشريع ويكون الجزاء هو عدم جواز التنفيذ الجبري بموجبها.

وبالتالي فإن تذييل السند بالصيغة التنفيذية، ليصير بعد التذييل سنداً تنفيذياً، له قوة تنفيذية، وبدونها لا يكون سنداً تنفيذياً، بل مجرد سند رسمي ليس له قوة تنفيذية، لذلك فإن وضع الصيغة التنفيذية أسفل السند يؤدي إلى مزج السند بقوة القانون التنفيذية، وإن كان تذييل السند بالصيغة التنفيذية ذات طبيعة إجرائية إلا أن ذلك ليس عملاً اجرائياً بحت وإنما مزيج مركب ليصير السند ذات قوة تنفيذية، من قوة القانون بل هي القانون ذاته، ويكتسب السند خصائص التشريع ذاته، ويصير معها السند الرسمي سنداً تنفيذياً له قوة تنفيذية، ويسمى بالصورة التنفيذية.

ثالثاً: وظيفة الصيغة التنفيذية

وظيفة الصيغة التنفيذية، في الفقه القانوني محل جدل واسع، إلا أن أبرزها تتمثل في اتجاهين:

الاتجاه الأول: ينكر وجود أي وظيفة للصيغة التنفيذية.

الاتجاه الثاني: يقر هذه الوظيفة مع نسبتها للسند التنفيذي أو الصورة التنفيذية، ولكنها ليست مستقلة، بل تنسب إلى الصورة التنفيذية أو السند التنفيذي.

والظاهر من تلك الاتجاهات أن مناط ومعيار وظيفة الصيغة التنفيذية أنها ليست مجرد طابع شكلي بحت وليست مستقلة، بحيث أننا لا يمكن أن نفهم وظيفتها بعيداً عن الصورة التنفيذية، إذ يجب وضعها على أصل السند أو على صورة أصلية، ولا تسلم الصورة التنفيذية إلا لصاحب الشأن، وإن وضعت الصيغة التنفيذية على صورة عادية من السند فلا تكتسب تلك الصورة قوة تنفيذية، وهذا هو المعيار الذي أخذ به القانون اليمني.

رابعاً: شروط وضع الصيغة التنفيذية

الشرط الأول: أن يكون السند المطلوب تذييله بالصيغة التنفيذية من السندات التنفيذية المحددة في القانون على سبيل الحصر في نص المادة(328) مرافعات: (تتحدد السندات التنفيذية فيما يأتي:

1-    الأحكام الصادرة من المحاكم اليمنية.

2-     أوامر الأداء والأوامر على العرائض الصادرة من القاضي المختص وفقاً لهذا القانون.

3-    أحكام المحكمين القابلة للتنفيذ.

4-    اتفاقات الصلح المصدق عليها من المحاكم.

5-    القرارات النهائية للجان الإدارية المنوط بها فض المنازعات في الأحوال المنصوص عليها في القانون.

6-    مسودات أراضي وعقارات الأوقاف القديمة والتي هي بخط كاتب مشهور.)

الشرط الثاني: أن يكون الحق الموضوعي الثابت في السند التنفيذي والمراد استيفائه جبراً، متوفراً فيه ثلاثة شروط:1- أن يكون محقق الوجود أي أن يكون الحق مؤكداً غير متنازع فيه.

2-أن يكون حال الأداء، أي حل وقت استحقاقه غير مؤجل الدفع ولا يجبر مدين على أداء دين لم يحل ميعاد استحقاقه.

3- أن يكون معين المقدار، لان عدم تعيين المقدار يكون مانعاً لتنفيذ السند جبراً، ولا يستطيع المدين الوفاء بدين غير معلوم مقداره.

وهذه الشروط الثلاثة يجب أن يكون السند دليلا عليها.

الشرط الثالث: أن يكون السند المطلوب تذييله من الأحكام القابلة للتذييل وهي الأحكام الصادرة بالإلزام وفقاً لما سيتم تفصيله في الشرط الرابع تباعاً.

الشرط الرابع: أن يكون السند التنفيذي باتاً غير قابل للطعن، ويستثنى من هذا الشرط الأحكام التي يتم تنفيذها معجلاً بنص القانون أو اشتمال منطوق السند بشموليته بالنفاذ المعجل.

الشرط الخامس: أن يكون التذييل على أصل السند.

الشرط السادس: أن يكون طالب التذييل صاحب صفة ومصلحة.

الشرط السابع: ألا يكون السند صادراً من قاضي التنفيذ.

الشرط الثامن: ألا يكون السند المطلوب تذييله قد سبق تذييل نسخة منه، باستثناء الحالات التي نصت عليها المادة (332) من قانون المرافعات.

خامساً: الأحكام القابلة للتذييل بالصيغة التنفيذية

    الأحكام القضائية إما أن تكون أحكام إلزام وإما أحكام مقررة للحقوق، وإما أن تكون منشأة للحق، أو معدلة له، أو مؤدية إلى نهاية حق كان قائماً.

فأحكام الإلزام: هي التي تتضمن أداء يلزم المدين أن يقوم به لصالح الدائن، ويحتاج أن يقوم الدائن بعمل لطلب تنفيذه، وفي حالة امتناع المدين عن القيام به فإن المدين يستطيع إجباره، فلابد له من اللجوء إلى السلطة العامة المختصة بالتنفيذ.

وهذه الأحكام هي القابلة للتذييل بالصيغة التنفيذية متى توفرت الشروط الأخرى للتذييل والمبينة سلفاً،وبموجب تذييلها تصبح سندات تنفيذية لها قوة تنفيذية.

وأما الأحكام المقررة للحقوق: كإثبات الملكية، أو المنشئة للحقوق، كإثبات الشراكة أو المؤدية إلى نهاية حق كان قائماً، كفسخ العقد أو إبطاله، فهذه الأحكام تؤدي إلى تحقيق مصالح الخصم وإشباع رغباته بمجرد صدورها، فهو ليس في حاجة لتنفيذ هذه الأحكام تنفيذاً جبرياً فيقوم الدائن بالاحتفاظ بها، فإذا حدث نزاع فيقوم صاحب الحق بإبراز هذا السند كدليل على حقه.

والأحكام القضائية هي أول أشكال السند التنفيذي، ولكن السند التنفيذي حتى يمكن اعتباره سنداً تنفيذياً لابد أن يتكون من ركنين: أولهما: أن يكون مضمونه تأكيداً لحق موضوعياً، وثانيهما: أن يظهر في شكل معين، وهي الصورة التنفيذية.

سادسا: الأحوال التي يجوز فيها التنفيذ بغير الصورة التنفيذية.    

الأصل أنه لا تنفيذ جبري بلا سند تنفيذي، ولا سند تنفيذي بدون صورة تنفيذية، إلا أن الأنظمة والقوانين أجازت التنفيذ بدون صورة تنفيذية في حالات نص عليها القانون، فقد أجاز للمحكمة في المواد المستعجلة أو في الأحوال التي يكون فيها التأخير ضاراً، أن تأمر المحكمة بتنفيذ الحكم بموجب مسودته بغير إعلانه.

  فيجوز التنفيذ بدون صورة تنفيذية في الأحكام المستعجلة، وكذلك في حالة كون تأخير التنفيذ – ضاراً- وذلك أنه إذا كان على المحكمة إيداع مسودة الحكم، فإنه يجب الانتظار إلى  أن يوقع رئيس الدائرة أو الجلسة ، والذي يجري غالباً تأخير إصدار نسخة الحكم الأصلية ، ومن ثم وضع الصيغة التنفيذية عليها ، ولما كانت الأحكام المستعجلة لا تتحمل كل هذا التأخير الذي يستغرق وقتاً طويلاً لحين إصدار نسخة الحكم الأصلية وإعلانها، فإن للمحكمة أن تأمر بتنفيذ الحكم بموجب مسودته، أي فور النطق به دون الحاجة لانتظار تحرير نسخة الحكم الأصلية، أو وضع الصيغة التنفيذية عليها، لأن الصيغة التنفيذية لا توضع على المسودة.

ويتضح مما سبق أنه يشترط للتنفيذ دون الصورة التنفيذية والاكتفاء بمسودة الحكم عدة شروط أبرزها:

١-أن يكون الحكم صادراً إما في مسألة مستعجلة ، وأما في مسألة يتضح أن تأخير التنفيذ فيها ضاراً بمصلحة المحكوم له، مثل: لو تقدمت امرأة بدعوى ضد طليقها الذي لا يستطيع الاستغناء عن والدته، فـ: للقاضي أن يأمر بتنفيذ مسودة الحكم فوراً نظراً لتضرر الطفل من ابتعاده عن والدته.

٢-أن يطلب صاحب الشأن التنفيذ المعجل بموجب مسودة الحكم، فإذا لم يطلب صاحب الشأن التنفيذ المعجل بموجب مسودة الحكم، فليس للمحكمة فعل ذلك.

٣ضافة إلى ذلك الأحكام الصادرة من المحكمة العليا بشأن المخاسير القضائية وفقاً لتعاميم المحكمة العليا وفقاً لما بيناه.

سابعاً: المحكمة المختصة بالتذييل (بوضع الصيغة التنفيذية):

نصت المادة(329) مرافعات بقولها: (على المحكمة التي أصدرت الحكم أو أمر الأداء أو التي صدقت على اتفاق الصلح أن تقوم بوضع الصيغة التنفيذية عليه مختومة بخاتمها بناءً على طلب ذي الشأن وإذا كان حكم المحكم قد صار نهائياً فعلى المحكمة المختصة بتنفيذه وضع الصيغة التنفيذية عليه على نحو ما ذكر ولا تسلم الصورة التنفيذية إلا لذي الشأن أو من حل محله شرعاً وقانوناً).

وباستقراء حكم المادة  المذكورة فقد حددت المحكمة المختصة بوضع الصيغة التنفيذية، إلا أن ذلك الحكم، في تحديد المحكمة المختصة في التذييل، جاء مجملاً في إلزام المحكمة مصدرة السند بتذييله، وما هو الجزاء في حالة المخالفة من جهة، ومن جهة أخرى جاء نص المادة مجملاً،  إلا أن ذلك الاختصاص لا يعني سلب الاختصاص من المحاكم الأخرى وإنما وفق معايير يقتضي العمل بها، في كل سند على حده وقد سبق لنا بيان السندات التنفيذية التي نص عليها القانون وحددها على سبيل الحصر، في نص المادة (328) مرافعات سالفة الذكر، وعليه فإن ذلك يقتضي بيان المحكمة المختصة في التذييل، لكل سند على حده على النحو التالي:

أ- الأحكام الصادرة من المحاكم اليمنية:

إن المحكمة المختصة بالتذييل هي المحكمة مصدرة الحكم، وفقاً لنص المادة سالفة الذكر، إلا أن ذلك الاختصاص يختلف حسب الحكم المراد تذييله إذا كان قابلاً للطعن فيه من عدمه، وبيان ذلك على النحو التالي:

أولاً/ الأحكام الغير قابلة للطعن بالطرق العادية والغير عادية:

وهذه الأحكام هي الأحكام الصادرة من المحكمة الإبتدائية والتي تكون غير قابلة للطعن فيها، لاستنفاد طرق الطعن فيها، تختص بوضع الصيغة التنفيذية عليها هي المحكمة الابتدائية كونها المحكمة التي أصدرت الحكم وفقاً لنص المادة سالفة الذكر.

ثانياً/الأحكام القابلة للطعن بالطرق العادية (الاستئناف):

وهذه الاحكام هي القابلة للطعن أمام محكمة الاستئناف، وقد يكون الحكم الاستئنافي مؤيداً أو معدلاً للحكم الابتدائي أو لجزء منه، وعلى ذلك فإن الحكم الصادر من الاستئناف هو المراد تذييله، ولا يخرج من ثلاث حالات نستعرضها على النحو التالي:

الحالة الأولى: أن يكون الحكم الاستئنافي مؤيداً للحكم الابتدائي.

وفقاً لهذه الحالة يكون الحكم الإبتدائي هو الحكم الذي يتم تنفيذه والمحكمة الابتدائية هي المختصة بتذييله كونها هي مصدرة الحكم.

الحالة الثانية: أن يكون الحكم الاستئنافي معدلاً للحكم الابتدائي.

وفقاً لهذه الحالة يكون الحكم الاستئنافي، هو الحكم الذي يتم تنفيذه، والمحكمة الاستئنافية هي المختصة بتذييله كونها هي مصدرة الحكم.

الحالة الثالثة: أن يكون الحكم الاستئنافي مؤيداً للحكم الإبتدائي بجزء ومعدلًا للجزء الآخر، وهذه الحالة تخضع للأمرين الآتيين:

الأمر الأول:  إذا كان الجزء المعدل على سبيل أجكام الإلزام، فتكون المحكمة الاستئنافية هي المختصة بالتذييل كونها مصدرة الحكم ويكون التذييل شاملًا للجزء المؤيد أيضاً؛ وذلك لتلافي تذييل الحكم مرتين.

الأمر الثاني: إذا كان الجزء المعدل على سبيل الاحكام التقريرية أو الإنشائية، فتكون المحكمة الإبتدائية هي المختصة بالتذييل للحكم الاستئنافي فيما يتعلق بالجزء المؤيد لحكمها، لأن التعديل تقريري وبشرط أن يكون الجزء المؤيد على سبيل أحكام الالزام.

ثالثاً/ الأحكام الباتة (الصادرة من المحكمة العليا):

وهذه الأحكام محكومة بالحالتين الآتيتين:

الحالة الأولى: أن يكون الحكم الصادر من المحكمة العليا مؤيداً للحكم المطعون فيه، فإن المحكمة مصدرة الحكم المؤيد هي محكمة التذييل وفقاً لما سبق بيانه في البندين الأول والثاني فيما يتعلق بالأحكام القابلة للطعن أمام الاستئناف.

الحالة الثانية: أن يكون الحكم الصادر من المحكمة العليا معدلاً للحكم المطعون فيه للمرة الثانية وكان قضائها قائماً على توفر حالة من حالات التصدي للنزاع من حيث الموضوع:

فإن عدلت في الحكم المطعون فيه وأصدرت حكماً جديد، فتكون المحكمة العليا هي محكمة التذييل باعتبارها المحكمة مصدرة الحكم بالتصدي لموضوع النزاع.

إلا أن المحكمة العليا أصدرت مبدأً جديداً في تذييل الاحكام وذلك في العديد من الاحكام الصادرة منها وكذلك وفقا للتعاميم التي تصدرها من ذلك الاتي:

-الطعن الصادر من الدائرة المدنية الهيئة(أ)الصادر برقم(38851) لسنة 1430هـ وتاريخ2/6/2010م، والذي جاء في منطوقه حرفيا: (ثالثا: تكلف محكمة التنفيذ بوضع الصيغة التنفيذية على هذا ويتم التنفيذ بموجبه).

-التعميم الصادر من المحكمة العليا رقم (2) لسنة 1445هـ بشأن عدم لزوم تذييل احكام المحكمة العليا المتعلقة بمخاسير التقاضي.

وغير ذلك من الأحكام  والتعاميم الصادرة في هذا الجانب.

ومما سبق يتضح جلياً أن المحكمة العليا عالجت الإشكاليات التي كانت في الواقع العملي، في إرسائها مبدأً جديداً بجواز تكليف المحكمة المختصة بالتنفيذ بوضع الصيغة التنفيذية للحكم الصادر من محكمة أعلى درجة، وإنابة محكمة التنفيذ بوضع الصيغة التنفيذية ليس مخالفاً لما جاء في الفقرة الأولى من نص المادة(323) من قانون المرافعات التي نصت بقولها: (إذا عهد بالتنفيذ بطريق الإنابة إلى محكمة أخرى وجب على المحكمة المختصة بالتنفيذ أن ترسل إليها ما يلي: 1-صورة من السند التنفيذي المذيل بالصيغة التنفيذية...).

كون وضع الصيغة التنفيذية يُعد من الأعمال الإدارية وتعد من الأعمال الولائية، ولا تُعد من الأعمال القضائية.

ب-أحكام التحكيم:

تختص المحكمة الاستئنافية بتذييل حكم التحكيم الصادر من قبل هيئة التحكيم، كونها هي المحكمة المختصة بتنفيذه، وفقاً لقانون التحكيم، وإن كان لها أن تنيب محكمة أول درجة بتنفيذه إلا أنه يجب عليها وضع الصيغة التنفيذية على الحكم. 

ج- اتفاقات الصلح المصدق عليها من المحاكم:

تختص المحكمة التي صادقت على الصلح وهي عادة المحكمة الابتدائية، وعادة ما تكون المحكمة التي صادقت على الصلح هي محكمة الاستئناف وتكون هي المختصة بتذييله تبعاً لذلك، وفقاً لنص المادة.

د-القرارات النهائية للجان الإدارية المنوط بها فض المنازعات في الأحوال المنصوص عليها في القانون·     

هـ-مسودات أراضي وعقارات الأوقاف القديمة والتي هي بخط كاتب مشهور:

بالنسبة للسندات المحددة بالفقرة الخامسة والسادسة من نص المادة وهي قرارات اللجان الإدارية ومسودات أراضي وعقارات الأوقاف ، فلم تشملها المادة سالفة البيان، في تحديد المحكمة المختصة بتذييلها، وعليه فإننا سنخصص لها بحثاً مستقلاً على حده إن شاء الله.

مراجع البحث:

1- رسالة ماجستير بعنوان -السند التنفيذي مواصفاته وأشكاله -بحث تكميلي لنيل درجة الماجستير في القانون-إعداد الطالب عبد الله بن مسعود بن مرزوق الحربي المشرف على البحث أ.د عطية بن عبد الحليم صقر-الأستاذ بقسم القضاء والسياسة الشرعية –كلية الشريعة بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.

2 -قانون المرافعات اليمني النافذ وتعديلاته.

تم بحمد الله.

إعداد المحامي/ ماجد أمين اليوسفي           اشراف المدير المهني المحامي/ سليمان نبيل الحميري.