بحث حول الأوامر على عرائض ونظامها القانوني في قانون المرافعات




بحث حول الأوامر على عرائض ونظامها القانوني في قانون المرافعات

تعريف نظام الأوامر على عرائض:
عرف شراح القانون الاوامر على عرائض وذلك كما جاء في كتاب الدكتور نبيل اسماعيل عمر أصول المرافعات بقوله :
( الأوامر على عرائض هي صورة من صور ممارسة الشخص لحقه في الالتجاء الى القضاء وهذه الأوامر هي الصورة العادية التي تصدر فيها الأعمال الولائية التي تقوم بها المحاكم لمعالجة قصور الإرادة الفردية عن انشاء مراكز قانونية معينة.
كما عرفها الدكتور سعيد خالد في كتابه اصول المرافعات بقوله:
" هي قرارات يصدرها القاضي المختص ولائيا دون مواجهة او تسبيب بناء على عريضة يقدمها صاحب الشأن في الاحوال التي يجوز فيها ذلك متضمنة أمراً بإجراء وقتي او اذنا بالقيام بعمل قانوني أو أجراء تحفظي أو مصادقة على تصرف أو تعييناً ورقابة في المسائل التي يوجب القانوني اخضاعها لرقابة القضاء.
وهذا التعريف جاء بما نصت عليه المادة (246) من قانون المرافعات والتنفيذ المدني :
( الأوامر على العرائض هي عبارة عن قرارات وقتية أو تحفظية تصدر في غير خصومة وفي غياب من صدر الأمر ضده بمقتضى السلطة الولائية لرئيس المحكمة أو القاضي المختص لا تمس موضوع الحق وقد تتعلق به أو بتنفيذه وتتضمن إذناً أو تكليفاً أو إجازةً للإجراء أو تنظيمه ).
واتفق جمهور الشراح على أن القضاء هو المختص بإصدار الأوامر القضائية التي تسمح للأفراد باتخاذ التدابير الوقتية الملائمة وسلطة القاضي في اصدار الأوامر لا تستند على سلطته القضائية لان القضاء وهو حسم للمنازعة وهنا لا توجد منازعة ولا حسم وبناء على ذلك فإن هذه السلطة هي السلطة الولائية.

  بالنسبة للألتجاء إلى القضاء

وسيلة الالتجاء إلى القضاء حددها القانون هي ليست متروكة لمطلق أختيار الافراد وهذه الوسائل تم تصميمها لخدمة مراكز واقعية وقانونية محددة وبالنسبة لكل مركز حدد القانون ما يلائمه من وسائل وسلطات قضائية ، وتقتصر سلطات الافراد على استعمال أو عدم استعمال هذه الوسائل فإذا ما تم استعمال وسيلة معينة قام القاضي باستعمال مالديه من سلطات قضائية أو ولائيه بما يتلائم مع المركز القانوني الذي أعدت للأنتفاع به هذه الوسائل والقاضي هو الذي يراقب الوسيلة الأجرائية المستعملة لأن وسائل التداعي هي مسألة متعلقة بالنظام العام .

*مضمون الأمر على عريضة :-
نقصد بمضمون الامر على عريضة محتواه أو عناصر القرار القضائي الكامن فيه
وهذا الذي يقوم به القاضي يتفق مع الغاية العامة لنظام الاوامر علي عرائض تلك الغاية التي ترمي إلى أجابت الطالب إلى طلبه بالحصول على أمر قضائي باتخاذ إجراء وقتي أو تحفظي بناء على اعتبارات معينه تقدم للقاضي .
ومع ذلك فقد توجد نصوص خاصة تحدد للأوامر على عرائض أهداف أخرى غير ذلك مثال أوامر تقدير أتعاب الخبراء ، أو تقدير رسوم الشهر العقاري أو نفقة وقتية .
فنظام الاوامر على عرائض بناء على ذلك هو منهج حدده القانون لإعداد القرار الولائي وأصداره .
والقاضي حين يصدر أمره يقوم بعمليه تقدير قضائي للوقائع التي يقدمها طالب الأمر ويستند اليه من مستندات ليرى كفاية ذلك في اجابة الطالب إلى طلبه أو رفضه وقيام القاضي بهذا التقدير القضائي ينبني أساساً على الوقائع المقدمة أليه من طالب الأمر .
فالقاضي لا يبحث عن انطباق قاعدة قانونية على نزاع بهدف حسمه لأن النزاع منتفي .
والقاضي لا يقوم بعملية تكييف قانوني للوقائع بهدف تحديد الوصف القانوني الذي يقبل الالتصاق بها وبالتالي يهبئ الفرصة لإعمال قاعدة قانونية معينة .
وانما يقوم القاضي بهذا التقدير بهدف تحديد مدى ملائمة اصدار الأمر بانخاذ الأجراء المطلوب أو عدم الملائمة .
هدف الأمر على عريضة :-
هدف الأمر على عريضة في ذاته أي عمل أجرائي شكلي لا يوجد فيها نزاع يراد حسمه ولكنه أجراء وقتي
هدف الأمر على عريضة عام غير شخصي وغير ذاتي يهم الصالح العام ككل وهي المصالح التي يحميها المشرع ولا يدعها للأفراد للعبث فيها مثل الحجوز التحفظية .
هدف الأمر على عريضة ذاتي أو شخصي يهم طالب أستصدار الأمر وهو ما يهدفه الطالب بالحصول على قرار قضائي مثل الدائن الذي ليس بيده سند تنفيذي ويرى مدينه يتصرف في أمواله بشكل يؤدي ألى أضعاف الضمان العام يطلب الدائن الحجز التنفيذي .

الأثار الأجرائية التي تترتب على استعمال نظام الأوامر على عرائض
لا يترتب علي تقديم عريضة الأمر توليد خصومة قضائية
تحدد العناصر الواقعية أي مجموع الوقائع  الأساسية التي يؤسس الطالب  عليها طلبه نطاق الأمر على عريضة ويتحدد بذلك ولاية القاضي في أصدار الامر .
نظام أعلان الأوراق القضائية لا يعرفه الأوامر على عرائض فالمشرع أستبعد مبدأ المواجهة لأن الهدف من هذا النظام هو مفاجأة الصادر عليه الأمر .
لا مجال لقواعد الحضور والغياب الذي تعرفه الخصومة المدنية .
لا يترتب على تقديم العريضة أن يكتسب الطالب صفة المدعي ولا أن يكتسب المطلوب أصدار الأمر ضده صفة المدعي عليه بما تتضمنه هذه المراكز من سلطات وأعباء مختلفة .
يترتب على تقديم صحيفة الأمر على عريضة تحريك سلطة القاضي الولائية وإلزامه بالفصل فيها وليس معنا ذلك ألزام القاضي باجابة الطالب إلى طلبه حتماً وإنما ألزام القاضي بنظر صحيفة الأمر والفصل فيها إيجاباً أو سلباً وفقاً لما يقدره في هذا الشان .
أن أختصاص القاضي بالأوامر على عرائض هو أختصاص نوعي متعلق بالنظام العام من تلقاء نفسه يحكم بعدم الإختصاص .
الأثار الموضوعية المترتبة على صدور الأمر على عريضة :-
الخلاصة في هذا الشان هي أن القاعدة العامة في الآثار الموضوعية للأمر على عريضة هي أنه لا يولد أية أثار تمس الحقوق الموضوعية أو المراكز القانونية الموضوعية .
الشروط الواجب توافرها لقبول الأمر على عريضة :-
ولكي يصدر هذا الأذن من القاضي لابد من وجود شروط تؤدي إلى أصداره وإلا رفض القاضي أجابة الطالب إلى طلبه وهذه الشروط هي :-
احتمال وجود حق أو مركز قانوني يتعلق به الأمر المطلوب أستصداره
قيام خوف أو خطر وقوع ضرر على الحق أو المركز القانوني وبفرض وجوده إذا لم يصدر الأمر .
أن يكون المطلوب هو  تدبير تحفظي او اجراء وقتي .
ان يقتضي تحقيق الهدف من الاجراء المطلوب صدوره عدم قيام أي مواجهة.
ومن المبادئ العامة في قانون المرافعات اعتبار قواعد الاختصاص الوظيفي والنوعي والقيمي متعلقة بالنظام العام واي اتفاق على مخالفة هذه الاختصاصات يعتبر باطلا.
كما نص القانون على ان الدعاوى المتضمنة طلب اتخاذ اجراء وقتي يكون الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرها موطن المدعى عليه او المطلوب حصول الاجراء في دائرتها وعليه فإن الاختصاص المحلي لقاضي العرائض يتعلق بالنظام العام وبالتالي لا يجوز طرح العريضة على قاضي آخر غير القاضي المختص محليا وعليه فإن المحكمة المختصة بالأوامر على العرائض هو قاضي الامور الوقتية بالمحكمة المختصة ينظر النزاع المتعلق به الامر.
فاذا صدر الامر بالمخالفة لقواعد الاختصاص كان باطلا بطلان متعلق بالنظام العام.
4- ويتولى القاضي بحث هذه الشروط من تلقاء نفسه فإن وجدها متوافر تطرق الى نظر المطلوب منه اما اذا لم تتوافر هذه الشروط حتمية اصدار الامر.
الاختصاص بالاوامر على عرائض دون ان يكون هناك نزاعا موضوعيا مرفوعا امام القضاء.
جعل المشرع الاختصاص لقاضي الامور الوقتية بالمحكمة المختصة وحدد القانون المصري من هو القاضي المختص باصدار الامر على عريضة التي لا توجد فيها دعوى مرفوعة امام القضاء وهو رئيس المحكمة الابتدائية او من يقوم مقامه او من يندب ... قضائها والمحكمة الجزائية هو قاضيها.
حيث نصت المادة (98) مرافعات في الدعوى بطلب إتخاذ إجراء وقتي يكون الاختصاص لمحكمة المدعى عليه التي يتم في دائرتها اتخاذ الاجراء الوقتي.
المحامي/ عبدالرحمن الصديق


بحث حول إجراءات أحكام التحكيم الحكومي في قانون قضايا الدولة مدى دستورية تحصين أحكام المحكمين من الطعن فيها



بحث حول إجراءات
 أحكام التحكيم الحكومي في قانون قضايا الدولة

التحكيم في قانون قضايا الدولة نوعان : تحكيم حكومي ، وتحكيم إختياري .
التحكيم الحكومي: يكون بين الجهات المعنية والمشمولة بأحكام قانون قضايا الدولة وفقا لتعريفها الوارد في المادة (2) من القانون التي قضت بأنه : (يقصد بالالفاظ والعبارات التالية اينما وردت في هذا القانون المعاني المبينة قرين كل منها مالم يقتض سياق النص معنى آخر: 
الجهة المعنية: اجهزة الدولة المختلفة بما فيها الهيئات والمؤسسات والشركات العامة واي وحدة اقتصادية تابعة للدولة طبقاً للقوانين النافذة ).
وكذا الغير إذا طلبه أو وافق عليه وفقا لنص المادة (37/2) .
التحكيم الإختياري : يشمل الأشخاص الطبيعيين أو الإعتباريين يمنيين أو أجانب إذا رغبوا في التحكيم لدى الوزارة .
سيتم التطرق إلى إجراءات التحكيم الحكومي بالإضافة إلى إجراءات الطعن نظراً لأهمية الموضوع:
طلبات التحكيم:
ترفع طلبات التحكيم إلى الوزارة ويجب أن تشتمل على البيانات التالية:
1-   اسم مقدم الطلب وصفته ولقبه وعنوانه.
2-   عرض موجز للنزاع وتاريخ نشؤه وقيمة الدعوى.
3-   اسم المحكم المختار من قبله وعنوانه.
4-   اسم وعنوان المحامي المكلف بالترافع عنه أمام لجنة التحكيم.
5-   اسم وعنوان وصفة الخصم " المدعى عليه".
6-  أن يرفق بالطلب مبلغ لا يزيد عن (1%) من قيمة الدعوى لمواجهة مصاريف ونفقات الإجراءات الأولية المتعلقة بالتحكيم.
وذلك ما نصت عليه المادة (38/أ) من اللائحة .

إعلان أوراق التحكيم:
يكون إعلان جميع الأوراق والإخطارات المتعلقة بالتحكيم التي توجه للأطراف من قبل الوزارة ولجان التحكيم بالطرق الرسمية المعمول بها في أجهزة الدولة أو عن طريق أمين سر لجنة التحكيم أو بالبريد المسجل مع علم الوصول م (28/ج) من اللائحة .
إجراءات التحكيم الحكومي:
تبدأ لجنة التحكيم اجراء التحكيم في مدة لا تتجاوز اسبوع من تاريخ صدور قرار التحكيم وتنظر النزاع وتفصل فيه على وجه السرعة دون التقيد بقواعد قانون المرافعات والقوانين التجارية سوى ما يتعلق بالضمانات والمبادئ الأساسية  في التقاضي م (29/2 ،5) من اللائحة .
- يسلم المدعى دعواه مشتملة على كافة الوثائق والمستندات في أول جلسة للجنة التحكيم وتسلم اللجنة صورة الدعوى ومرفقاتها للمدعى عليه للرد عليها في نفس الجلسة وله أن يرد عليها في ذات الجلسة أو خلال مدة لا تتجاوز عشرة أيام من تاريخ استلامه لها.
- تكون جلسات اللجنة سرية ولا يجوز حضور أحد ممن ليس له علاقة بالمنازعة.
- أنهاء التحكيم الحكومي بالطرق المنصوص عليها في قانون التحكيم النافذ.
حكم لجنة التحكيم والطعن فيه:
تصدر لجنة التحكيم حكمها في مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد على تسعة أشهر من تاريخ صدور قرار تشكيلها ولا يجوز تمديد الفترة إلا بقرار من الوزير.
-    يجب أن يكون حكم لجنة التحكيم مسبباً وتسبيباً كافياً وأن يبين فيه منطوقه ومكان وتاريخ صدوره وتوقيع رئيس وأعضاء اللجنة وأمين السر.
-        تكون أحكام هيئة التحكيم  نهائية ونافذة وغير قابلة للطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن.
-    وتسلم صورة الحكم من الإدارة العامة للتحكيم الحكومي لمن صدر الحكم لصالحه مذيلاً بالصيغة التنفيذية .
منازعات التنفيذ:
ترفع جميع المنازعات المتعلقة بتنفيذ الحكم إلى اللجنة التي أصدرته خلال مدة لا تتجاوز ثلاثون يوماً من تاريخ صدور الحكم.





التحكيم الإختياري:
طلبات التحكيم:
أن التحكيم الإختياري جوازي للأشخاص الطبيعيين والإعتباريين يمنيين أو أجانب وبالتالي يقدموا طلبات التحكيم إلى لجان التحكيم الحكومي موقعا عليها من أطرافها مادة (41/1) من اللائحة.
نظر النزاع:
يجب على الوزارة ولجان التحكيم أن تنظر وتفصل في هذه المنازعات وفقا لأحكام قانون التحكيم وقانون المرافعات والقوانين التجارية النافذة والتقيد بالشروط والإجراءات المنصوص عليها في العقود والاتفاقيات التي تحدد كيفية فض المنازعات كقانون العقد وقانون النزاع والتحكيم والاستئناس بالاتفاقيات الدولية الخاصة بالتحكيم.
- يجوز بموافقة أطراف النزاع تطبيق الإجراءات الخاصة بالتحكيم الحكومي كلها أو بعضها.

 

الاستيفاء:
مدى دستورية تحصين أحكام المحكمين من الطعن فيها:

يعد النص القانوني الوارد في قانون قضايا الدولة ولائحته التنفيذية والذي قضى بأن:
(تكون أحكام هيئة التحكيم نهائية ونافذة وغير قابلة للطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن)
نص غير دستوري وذلك ما ذهبت إليه المحكمة الدستورية في مصر ونبين ذلك على النحو الآتي:
دعوى بطلان أحكام تحكيم القطاع العام:
وفقا لنص المادة(566) من قانون 97 لسنة1983م "تكون أحكام هيئات التحكيم نهائية ونافذة وغير قابلة للطعن فيها بأي وجه من وجوه الطعن" فحكم تحكيم القطاع العام شأنه شأن التحكيم الاختياري لا يقبل الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن التي ينص عليها قانون المرافعات ولكن القانون 97 لسنة1983م لم يتضمن أي نص يجيز رفع دعوى أصلية ببطلان حكم التحكيم الصادر في منازعة قطاع عام وفقا له ، ويثور التساؤل حول تطبيق نصوص دعوى بطلان أحكام المحكمين الواردة في قانون التحكيم بالنسبة لأحكام المحكمين الصادرة في تحكيم منازعات القطاع العام.
ذهبت محكمة النقض في حكم لها إلى أنه لا يجوز رفع دعوى مبتدأه امام القضاء العادي ببطلان أحكام هيئات التحكيم الإجباري (نقض 23مايو 1985م في الطعن 161 لسنة 510ق) وذلك استنادا إلى أن القانون 97 لسنة1983م قد" أسند إلى تلك الهيئات جميع المنازعات المتعلقة بتنفيذ أحكامها" فهيئة التحكيم تكون هي المختصة بدعوى بطلان.
- ولكننا رأينا على العكس، أن نصوص دعوى البطلان التي ينص عليها قانون التحكيم 27لسنة1994م بالنسبة للتحكيم الاختياري تنطبق بالنسبة لاحكام هيئات تحكيم القطاع العام سواء بالنسبة للمحكمة المختصة بها أو ميعادها أو إجراءاتها أو حالاتها فيما عدا تلك الحالات التي تعود على المصدر الاتفاقي للتحكيم الاختياري وبالنسبة لأثار الحكم بالبطلان والطعن فيه وهذا هو ما انتهى إليه قضاء محكمة استئناف القاهرة في حكم حديث لها وفي هذا تقول المحكمة "المقرر قانونا أن قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية هو الشريعة العامة في التحكيم في مصر، ويجب تطبيق أحكامه فيما لم يرد بشأنه نص في التحكيم الإجباري وبما لا يتعارض مع طبيعته الخاصة، ومن ثم يجوز رفع دعوى بطلان حكم التحكيم الإجباري وفقا لأحكام المادتين(52، 53) من قانون التحكيم سالف الذكر.
وتختص بنظرها هذه المحكمة عملا بنص المادتين 9، 54/2 من ذات القانون".
وقد حسمت المحكمة الدستورية العليا هذه المسألة بحكمها الصادر بجلسة11/5/2003م في الدعوى رقم(95) لسنة300 ق دستورية والذي قضت فيه بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة(66) من قانون هيئات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون رقم(97) لسنة1983م فيما نصت عليه من عدم قابلية أحكام التحكيم للطعن فيها بأي وجه من وجوه الطعن وقد استندت المحكمة في قضائها هذا إلى أن أحكام هيئات التحكيم المذكورة تحوز حجية الأمر المقضي وتقبل التنفيذ " مثل أحكام هيئات التحكيم التي تصدر في منازعات التحكيم المبني على اتفاق الخصوم ، فكلاهما يعد عملا قضائيا يفصل في خصومة مما مؤداه وجوب تقييدهما معا بالمبادئ الأساسية لضمانات التقاضي ومنها جواز الطعن عليها بالبطلان اعتبار بأن دعوى البطلان هي أداته في تحقيق التوازن بين ما تقرر لأحكام المحكمين من حجية ونفاذ وبين مواجهة حالة أن يعور على المحكمين عوار يصيب أحكامهم في مقوماتها الأساسية بما يدفع بها إلى دائرة البطلان بمدارجة المختلفة، وأنه إذا كانت أحكام المحكمين التي تصدر طبقا لقانون التحكيم وأن لم تكن قابلة للطعن عليها بطرق الطعن العادية وغير العادية إلا أنها تشارك أحكام المحاكم الاخرى في جواز الطعن عليها بدعوى البطلان التي نظمها القانون الأخير ، وأنه لما كان النص الطعين وقد مايز بين سائر الأحكام القضائية والتحكيمية وبين الاحكام الصادرة من هيئة التحكيم التي تشكل وفقا لاحكام القانون رقم(97) لسنة1983م واختص الأخيرة بمعاملة تحول دون الطعن عليها بدعوى البطلان أو بأي طريق أخر من طرق الطعن، فإنه يكون قد خالف مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون وخضوع الدولة لأحكام بما يوقعه في حمأة مخالفة المادتين(40، 60) من الدستور وإعمالاً لحكم المحكمة الدستورية العليا "قضت محكمة استئناف القاهرة ببطلان حكم تحكيم صدر من هيئة تحكيم قطاع عام لخلو الحكم من أية أسباب ولاخلاله بحق الدفاع.
استئناف القاهرة (91تجاري) 28/1/2004م في القضية23لسنة120ق تحكيم
مرجع سابق صـ547، 548،  549"
وقد قضت محكمة استئناف القاهرة الدائرة 91تجاري جلسة27/7/2003م في الدعوى رقم(9) لسنة120ق (بقبول الدعوى شكلا وفي الموضوع ببطلان حكم التحكيم رقم101/2000 مكتب تحكيم وزارة العدل بسبب عدم انعقاد خصومة التحكيم لبدئها ضد شركة انقضت شخصيتها القانونية بأندماجها في أخرى ولقصور الحكم في التسبيب لعدم الرد على دفاع جوهري من شأنه لو صح لتغير به وجه الرأي في الدعوى)
 وينظر حكم استئناف القاهرة -91تجاري- 28/4/2004م في الدعوى رقم(88) لسنة120ق وقضى ببطلان حكم هيئة تحكيم قطاع عام "بعدم قبول دعوى تختص بها وجوبا على أساس أن هذا يعتبر  في الحقيقة قضاء بعدم اختصاص ولائي وينطوي على إنكار للعدالة إذ الدعوى لا تدخل في اختصاص أي جهة أخرى".
"مرجع سابق -صـ548"

بحث في حالة كون العقد يلزم العامل إعطاء مهلة لرب العمل قبل الاستقالة هل يترتب على عدم القيام بذلك جزاء على العامل بحرمانه من مستحقاته




غني عن البيان أن آثار علاقة العمل التعاقدية تتبلور فيما ينشئه عقد العمل على عاتق أحد طرفيه من التزامات هي حقوق للطرف الأخر
فعقد العمل هو السبب القانوني المنشئ لالتزامات صاحب العمل والتزامات العامل المتبادلة باعتباره عقد معاوضه ملزم للجانبين .
كذلك أن المبادئ العامة في القانون المدني تقضي بان العقد شريعة المتعاقدين ولا يجوز نقضه أو تعديله إلا باتفاق المتعاقدين أو للأسباب التي يحددها القانون .
وبناء على ما سبق فأنه إذا نص في عقد  العمل أنه يجب على العامل إذا رغب في تقديم استقالته ان يعطي رب العمل مهله قبل تقديم الاستقالة وجب عليه التقيد بهذه المهلة وإلا تحمل تعويض رب العمل نتيجة لمخالفة نص العقد وقانون العمل والمبادئ العامة في القانون المدني.
 اعتبر الفقه الاستقالة احد أسباب انقضاء عقد العمل وطبقاً للقواعد العامة في قانون العمل لم يشترط أن تكون استقالة العامل مكتوبة بل المسلم به أنه يكفي ان تكون استقالة العامل المنهية لعقد العمل بينه وبين صاحب العمل بالقطاع الخاص معبراً عنها بالقول لا بالكتابة وهي إرادة صادرة من العامل كعمل قانوني من جانب واحد , تصرف إلى إنهاء عقد العمل , دون أن تستلزم إذا قبولاً من صاحب العمل غاية ما هنالك أنه يتعين على العامل في خصوصها ألا يجحد حق صاحب العمل في أن يمهله مدة معينة هي مدة الإخطار الفعلية وهي ثلاثون يوماً بالنسبة للعمال المعينين بأجر شهري .
مرجع د/ عصام أنور سليم – قانون العمل ط2002صـ665


وهكذا فإذا ترك العامل العمل فجأة , التزم بتعويض صاحب العمل عن هذه المهلة او المدة الباقية منها تعويضاً يحتسب على أساس أنه يشمل فوق الأجر الذي كان يستحقه خلال هذه المدة جميع ملحقات الأجر التي تكون ثابتة ومعينه .
                                                                                                مرجع سابق ـ صـ666

جزاء مخالفة قواعد الأخطار :-
نصت المادة (38) من قانون العمل على أنه :- ( إذا أنهى العقد من قبل أحد الطرفين المتعاقدين وفقاً للمادة (36) فعلى الطرف الذي سينهي العقد من جانبه أن يشعر الطرف الأخر قبل إنهاء العقد بمدة مساوي للمدة المقررة لدفع الأجر أو دفع أجر تلك الفترة كاملاً بدلاً من الإشعار )
ونصت المادة (796) من القانون المدني على أنه (...وإذا لم يراع الطرف الذي فسخ العقد إخطار الطرف الأخر في الميعاد او فسخ العقد قبل انتهاء المهلة لزمه أن يعوض الطرف الأخر بمقدار أجر المهلة او المدة البقية منها شاملاً جميع الملحقات التي تعتبر جزء من الأجر .....)
يتضح من هذين النصين أن الجزاء على مخالفة قواعد الإخطار ليس بطلان إنهاء العقد فالعقد ينتهي ولكن يلتزم من أنهى العقد بتعويض الطرف الأخر عن مدة الإخطار
وقد قدر المشرع هذا التعويض تقديراً جزافياً وقصد من ذلك تفادي وجه النزاع التي قد تثار في العمل والتي يكون من شأنها تأخير الحكم بالتعويض وحدده بالأجر المستحق للعامل عن مدة الإنذار أو الجزء الباقي منها .
ويلتزم المتعاقد الذي لم يراع الالتزام بالأخطار السابق على الإنهاء بالتعويض ولو ثبت أن المتعاقد الأخر لم يصبه إي ضرر من جراء هذا الإخلال كما لو كان العامل الذي أنهى رب العمل عقده دون إنذار سابق  قد وفق إلى عمل أخر فور الإنهاء المفاجئ للعقد مما يدل على أن هذا التعويض يتضمن معنى العقوبة وقد ترتب على هذا التقدير الجزافي للتعويض أن جرى العمل على أن ينهي رب  العمل عقد عمل العامل دون إنذار سابق في مقابل دفع أجرة عن مدة الإنذار وذلك لتجنب إهمال العامل وتكاسله بل وتعمده أحياناً الإضرار برب العمل عندما يخطره بإنهاء عقده ويتركه يعمل خلال مدة هذا الإخطار .
ويقر الفقه والقضاء هذا الإجراء وهو ما تضمنته نص المادة (38/1) من قانون العمل صراحة
           مرجع أد/ محمد عبد القادر الحاج – قانون        العمل اليمني الجديد ط 2005م – 2006م صـ63-64

أثر مخالفة قواعد الإخطار على المستحقات :-
ونبين ذلك بالأثرين الآتيين :-
الأثر الأول :- أثر مخالفة قواعد الإخطار على حق العامل في التعويض عن الفصل بغير مبرر :
حق العامل في مقابلة مهلة الإخطار في حالة فسخ العقد غير المحدد المدة يختلف عن حقه في التعويض عن الفصل بغير مبرر وأن اتحدا في مصدرهما وهو العقد .
نقض مصري جلسة 1/6/1974 – طعن رقم (73) لسنة 38 نقلاً من كتاب قضاء النقض في منازعات العمل والتأمينات الاجتماعية المحامي عصمت الهوادي ج1صـ299
حيث أن أساس التعويض عن مهلة الإنذار المقررة قانوناً في حالة فسخ العقد غير المحدد المدة هو إخلال الطرف المنهي للعقد بإلزامه باحترام هذه المهلة وعدم إعلانه الطرف الأخر في المواعيد المقررة بعزمه على إنهاء العقد ، وأساس التعويض عن الفصل غير المبرر هو ما يشوب تصرف رب العمل من تعسف في استعماله حقه بفسخ العقد وبذلك يتضح أن الطلبين وأن اتحدا في مصدرهما وهو العقد إلا أن أساس كل منهما يختلف عن أساس الأخر .
مرجع سابق صـ300
أثر مخالفة قواعد الإخطار على حق العامل في مكافأة نهاية الخدمة :-
ونبين ذلك عند المقارنة في اختلاف التعويض عن الفصل التعسفي وحق العامل في المكافأة على نهاية الخدمة حيث أن مصدر التعويض عن مهلة الإخطار والتعويض عن الفصل التعسفي يتفقان في المصدر وهو العقد أما المكافأة فمصدرها المباشر هو القانون ونبين ذلك بالأتي
اختلاف التعويض عن المكافأة
المبدأ (377) حق العامل في المكافأة يختلف عن حقه في التعويض وذلك في أساس كل منهما وطبيعتهما
-   مكافأة نهاية الخدمة التزام مصدره المباشر القانون وسببه ما أداه العامل من خدمات لرب العمل نتيجة للعقد أما التعويض فهو مقابل الضرر يدور معها وجوداً أو عدماً.
ولما كان حق المكافأة وحق التعويض حقين مختلفين في أساسهما وطبيعتهما فمكافأة العامل عن مدة خدمته التزام مصدره المباشر القانون وسببه ما أداه العامل من خدمات لرب العمل نتيجة للعقد الذي تم بينهما فهي بهذا تعتبر نوعاً من الأجر الإضافي أوجب القانون دفعه عند انتهاء العقد بغير خطأ أو تقصير من جانبه فلا يجوز حرمانه من هذه المكافأة إلا في الأحوال المقررة قانوناً – أما التعويض فهو مقابل الضرر الذي يصيب العامل جزاء فصله بغير مبرر فمناطه سوء استعمال الحق وترتب الضرر يدور معها وجوداً وعدماً .
" الطعن رقم 210لسنة 24ق – جلسه 16/10/1958
مرجع سابق صـ317-318

- هل يتوقف أثر تقديم الاستقالة على موافقة رب العمل وهل يعتبر سكوته عن مهلة الإخطار عند تقديم الاستقالة تنازلاً عنها:
استقر الفقه على عدم اعتبار موافقة رب العمل على الاستقالة التي يقدمها العامل لرب العمل وقد ورد النص على ذلك في كتاب: قضايا النقض في منازعات العمل والتأمينات الاجتماعية للمحامي عصمت الهواري حيث جاء فيه ما يلي:
-   الاستقالة هي إنهاء للعقد بالإرادة المنفردة ويلحق بها أثرها بمجرد تقديمها دون تعليق على قبول صاحب العمل لها.
-   لكل من طرفي عقد العمل غير المحدد المدة أن يضع بإرادته المنفردة حداً لعلاقته مع المتعاقد الأخر دون ما قيد سوى شرط مراعاة مهلة الإخطار.
-   إن الاستقالة وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة تكون إنهاء للعقد بالإرادة المنفردة دون تعليق على قبول صاحب العمل لها.
"الطعن رقم480 لسنة38 ق جلسة28/12/1974"
أنظر قضايا النقض في منازعات العمل والتأمينات الاجتماعية الجزء الاول صـ256 المحامي عصمت الهواري"
تجيز قواعد القانون المدني لكل من طرفي عقد العمل غير المحدد المدة أن يضع حداً لعلاقته مع المتعاقد الأخر بإرادته المنفردة وهو حق لا يقيده سوى سبق الإخطار في الميعاد الذي حدده القانون او التعويض عنه إذا لم يتم.
مرجع سابق صـ260
الاستقالة :
استقالة العامل في العقد المحدد المدة تعتبر إنهاء  مبتسرا له ، وهي في العقد غير المحدد المدة أنهاء بالإرادة المنفردة ، والاستقالة وأن كانت في حالة العقد المحدد المدة تعتبر أنهاء غير مشروع لعقد العمل- وانهاء العقد من أحد طرفيه يقضي الرابطة العقدية ولو اتسم بالتعسف غاية الأمر أنه يعطي للعامل الذي اصابه ضرر الحق في التعويض- الا أنها جائزة في العقد غير المحدد المدة وفقا للمادة (694/2) من القانون المدني التي تجيز لكل من الطرفين في عقد العمل غير المحدد انهاء العقد بالارادة المنفردة في أي وقت بشرط الإخطار.
وعله تقرير حق الاستقالة للعامل ترجع إلى منع تأييد عقود العمل .
وتقضي استقالة العامل انهاء علاقة العمل بمجرد تقديمها دون تعليق ذلك على قبول صاحب العمل لها.
وكان قانون العمل السابق م(77) يجيز للعامل ترك العمل قبل نهاية العقد أو بدون سبق اعلان في حالات معينة تتمثل في إخلال صاحب العمل بالتزاماته أو ادخاله الغش على العامل أو ارتكابه أو من ينوب عنه أمرا مخلا بالآداب نحو العامل أو أحد افراد عائلته أو وقوع اعتداء من ايهما على العامل أو بسبب عدم اتخاذ صاحب العمل التدابير اللازمة لإبعاد الخطر الجسيم الذي يتهدد سلامة العامل  أو صحته وأغفل القانون الجديد النص على حق العامل في فسخ عقد العمل مكتفياً بتقرير انقضاء علاقة العمل بالاستقالة ويقتضي ذلك الرجوع إلى القواعد العامة في القانون المدني وهي تقرر للعامل الحق في فسخ عقد العمل قبل انقضاء مدته إذ كان محدد المدة ودون أخطار سابق أو مهلة بالنسبة للعقد غير محدد المدة إذا ارتكب صاحب العمل خطأ في حقه يتعذر معه على العامل الاستمرار في العمل أو أخل صاحب العمل بالتزاماته الناشئة عن عقد العمل.
                                                            الوسيط في التشريعات الاجتماعية – قانون العمل / المستشار أحمد شوقي المليجي – ط1984- صـ 289-290.
حالات خاصة في القبول:
الحالة الأولى : مجرد السكوت قد يكون قبولاً:
المبدأ العام : لا محل للكلام في السكوت بإعتباره معبراً عن الايجاب فإنه لا يتصور أن يكون مجرد السكوت ايجابا ولكن هل يجوز أن يكون قبولاً؟ صـ220
يمكن القول بوجه عام إن السكوت في ذاته مجرداً عن أي ظرف ملابس له لا يكون تعبيراً عن الإرادة ولو قبولاً لأن الإرادة عمل ايجابي والسكوت شئ سلبي ويقول فقهاء الشريعة الاسلامية ( لا ينسب لساكت قول ) وليس السكوت إرادة ضمنية ، فإن الإرادة الضمنية تستخلص من ظروف ايجابية تدل عليها أما السكوت فهو العدم ، واولى بالعدم أن تكون دلالته الرفض لا القبول وهذا هو المبدأ العام يقول به الفقه والقضاء في مصر وفي غيرها من البلاد
مرجع سابق صـ 221.
الإستثناء : على أن هذا المبدأ العام يقيد منه استثناءات اقرها القضاء المصري في ظل القانون القديم واكدها القانون الجديد في نص صريح فقضت المادة (98) بما يأتي:
( 1- إذا كانت طبيعة المعاملة أو العرف التجاري أو غير ذلك من الظروف تدل على أن الموجب لم يكن لينتظر تصريحاً بالقبول فإن العقد يعتبر قد تم إذا لم يرفض الايجاب في وقت مناسب .
2- ويعتبر السكوت عن الرد قبولاً إذا كان هناك تعامل سابق بين المتعاقدين واتصل الايجاب بهذا التعامل أو إذا تمخض الايجاب لمنفعة من وجه اليه).
فالاسئتثناء إذن هو أن يعتبر السكوت قبولا إذا أحاطت به ظروف ملابس من شأنها أن تجعله يدل على الرضا.
ويجوز أن يكون السكوت بمنزله القبول لا بالنسبة إلى اتمام العقد فحسب بل وكذلك بالنسبة إلى الغائه أو الاقالة منه.

                                                الوسيط في القانون المدني الجديد : نظرية الالتزام بوجه عام
                                                 مصادر الالتزام الجزء الاول /د: عبدالرزاق السنهوري –صـ 222.
هذه الظروف الملابسة ضرب لها القانون الجديد الامثلة الاتية:
(1)            إذا كان العرف التجاري الذي جرى عليه العمل يقضي بأن السكوت يدل على الرضا كما إذا ارسل المصرف بياناً لعميله عن حسابه في المصرف وذكر أن عدم الاعتراض على هذا البيان يعد اقراراً له ، أو كانت طبيعة المعاملة تقضي بذلك.
(2)            إذا كان هناك تعامل سابق بين المتعاقدين كما إذا اعتاد عميل استيراد البضائع التي يريدها من تاجر بالكتابة اليه فيرسل له التاجر ما يريد دون أن يؤذنه بالقبول فإذا طلب العميل شيئا وظل التاجر ساكتاً كعادته كان للعميل أن يعتبر هذا السكوت رضاء وأن التاجر سيرسل له ما طلب كما عوده وقد يكون هناك عقد سابق بين الطرفين فيستخلص السكوت قبولاً إذا كان العقد الجديد من مكملات تنفيذ العقد السابق أو معدلاً له أو فاسخاً.                                                                                   مرجع سابق صـ 223.
(3)            إذا تمخض الايجاب لمنفعة من وجه اليه وسكت هذا فيعتبر سكوته رضاء كالهبة التي لا تشترط فيها الرسمية تعرض على الموهوب له فيسكت وكعاريه الاستعمال تعرض على المستعير فيلزم الصمت.
وليس فيما تقدم إلا أمثلة لم ترد على سبيل الحصر فكل سكوت تلازمه ملابسات تدل على الرضا فهو "سكوت ملابس" ويعتبر قبولاً ، كما إذا علم الموكل بمجاوزة الوكيل حدود الوكالة فإن سكوته اجاره كالمالك الحقيقي في بيع ملك الغير إذا علم بالبيع وسكت دون عذر كان سكوته اقرارا للبيع في كل هذا لو كان الساكت اراد أن يعترض لتكلم ، ولكنه سكت في معرض الحاجة إلى الكلام ويقول فقهاء الشريعة الإسلامية هنا ايضا "السكوت في معرض الحاجة بيان" .                  
                                                                              مرجع سابق صـ224.
الحالة الثانية: تنفيذ العقد قد يقوم مقام القبول:
يعتبر القضاء المصري : أن التنفيذ الاختياري للإيجاب يقوم مقام القبول فيتم العقد له ، ويعتبر قبولا ضمنيا.
الحالة الثالثة: القبول في عقود المزاد.
الحالة الرابعة: القبول في عقود الاذعان.
التعبير الضمني عن الارادة:
التعبير الصريح عن الايجاب لا يكون الا من الموجب ويقابله التعبير الضمني وهذا التعبير لا يكون الا من القابل وهو استخلاص الرضا بالعقد من خلال تصرف القابل أو سكوته وذلك على النحو الآتي:
أولا: دلالة التصرف على القبول : لاشك أن التعبير  الضمني عن الإرادة انما يستخلص بصورة عير مباشرة من خلال ما يقوم به القابل من التصرفات ومثال ذلك قيام الوكيل بتنفيذ الوكالة وكذا بقاء المستأجر في العين المؤجرة بعد نهاية الايجار دون اعتراض المؤجر في كل هذه الصور وامثالها يستطيع القاضي أن يستدل على الرضا بتنفيذ العقد او الاستمرار فيه من خلال التصرف الايجابي الذي قام به القابل ولا يستثني من ذلك الا الحالات التي ينص فيها القانون أو الاتفاق على ضرورة التعبير الصريح وقد اجازت المادة (148) من القانون المدني استخلاص هذا التعبير الضمني عن الارادة بقولها ( ويجوز أن يكون التعبير عن الارادة ضمنياً إذا لم ينص القانون الشرعي أو يتفق الطرفان مسبقا على أن يكون صريحاً).
                                                      النظرية العامة للالتزامات في القانون المدني اليمني
                                                       / د: محمد بن حسين الشامي – ط2005م صـ 75 .                                                                        الجزء الأول مصادر الالتزام.
ثانيا: دلالة السكوت على القبول:
السكوت عمل سلبي فلا يجوز أن يكون ايجابا أما دلالته على القبول فلا يخلو أما أن يكون سكوتاً مجرداً واما أن يكون سكوتاً ملابسا وذلك على النحو الآتي:
1- السكوت المجرد: هو السكوت الخالي عن كل قرينة تدل على الرضا أو وجود تعامل سابق فهو والعدم سواء وقد اشارت المادة (7) من القانون المدني اليمني إلى هذا المعنى بقولها:
(لا ينسب لساكت قول إلا ما أستثني بنص شرعي).
وسبب ذلك أن السكوت المجرد لا يعتبر ارادة ضمنية حيث الارادة الضمنية لا تستخلص الا من موقف ايجابي لا يدع الحال  شكاً  في دلالته على المقصود أما السكوت المجرد فهو موقف سلبي لا يعول عليه .
وقد أورد ابن بخيم صوراً من التطبيقات العملية لهذا النوع من السكوت بقوله : لو رأى اجنبيا يبيع ماله فسكت ولم ينهه لم يكن وكيلا بسكوته وكذا سكوت امرأة العنين ليس برضا ولو أقامت معه سنين ، الإعارة لا تثبت بالسكوت ومن ثم فلا يفسر عدم الاعتداء بالسكوت في مثل هذا الحالات : إلا أن يقال بأن السكوت عدم ولا ينشأ عن العدم وجود وذلك لعدم وجود اية قرينة تدل على الرضا.
وعدم الاعتداء بالسكوت المجرد مبدأ عام أخذ به فقه القانون المدني في مصروفي غيرها من البلاد وهو مبدأ يستخرج من ( الاستصحاب ) أحد الادلة في اصول الفقه كما هو معروف.
2- السكوت الملابس هو السكوت المقترن بقرينة تدل على الرضا من القابل وقد عبرت مجلة الأحكام العدلية عن هذا المعنى بقولها في المادة (17/2)  " ولكن السكوت في معرض الحاجة بيان".
كما اورد ابن بخيم مسائل كثيرة يكون السكون فيها كالنطق منها سكوت البكر وسكوت المتصرف عليه ، وسكوت الوكيل قبول ويرتد برده وسكوت المفوض اليه قبول التفويض وله رده.
وقد عالج القانون المدني اليمني احوال السكوت الملابس حيث نصت عليه المادة (159) بقولها :
( إذا كانت عادة المعاملة أو العرف التجاري أو ما يدل على أن الموجب لم يكن ينتظر تصريحا بالقبول ، فإن العقد يعتبر قد تم إذا لم يرفض الايجاب في المدة المعقولة لعودة الرد الى الموجب ، ويعتبر السكوت عن الرد قبولا إذا كان هناك تعامل سابق بين المتعاقدين واتصل الايجاب بهذا التعامل ، أو كان الايجاب لمنفعة من وجه اليه محضا ). وهو نفس المعنى الثابت في المادة (98) من القانون المدني المصري .
مرجع سابق صـ 78.
خلاصة :
ويظهر مما تقدم في الفقهين المدني والاسلامي أن للقاضي أن يستخلص وجود التراضي في كل ما يصلح أن يكون دليلاً شرعياً على قصد المتعاقدين ايا كان التعبير صريحاً أو ضمنياً وهو النهج الذي نصت عليه المادة (138) مدني يمني بقولها :
( ويجوز أن يكون التعبير عن الارادة ضمنيا إذا لم ينص القانون أو يتفق الطرفان مسبقا على أن يكون صريحاً ) .
وهو نفس المعنى الوارد في نص المادة (90) من القانون المدني المصري .
مرجع سابق صـ 79.