‏إظهار الرسائل ذات التسميات اثبات. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات اثبات. إظهار كافة الرسائل

خروج الخبير عن حدود مهمته يوجب الحكم ببطلان تقريره

 

تعرف الخبرة بأنها وسيلة من وسائل الإثبات يلجأ إليها القاضي في الدعوى التي تتطلب الإلمام بعلم لا يدخل في دائرة علم القاضي أو معرفته وثقافته كالطب أو الهندسة أو المحاسبة وغيرها من المسائل التي يتطلب بحثها دراية خاصة .

والخبرة من حيث اتصالها بالواقعة محل الإثبات هي نوع من المعاينة الفنية المباشرة التي تحتاج إلى شخص متخصص فيها.

د/عبد المؤمن شجاع الدين: بحث منشور في مجلة التحكيم العدد47 عام 2004م.

وقد منح المشرع محكمة الموضوع الحرية الكاملة في انتداب خبير أو أكثر متى ما رآت بأنها في حاجة للاستعانة برأى خبير فني متخصص ، غير أنه أوجب عليها في هذه الحالة أن تصدر قراراًَ بتعيين خبير مع تحديد ما يلزم به من أعمال بدقه وبيان النقاط الفنية الغامضة التي يطلب منه توضحيها.

وذلك ما قررته المادة(165) إثبات بقولها:

(على المحكمة في المسائل الفنية مسائل الطب والهندسة والحساب أو غيرها مما يدق فهمه أن تعين خبيراً فنياً أو أكثر من المؤهلين علمياً وفنياً .....، ويجب على المحكمة أن تذكر في قرارها بياناً دقيقاً لمأمورية الخبير تقريره فيه ويكلف الخبير والأجل المضروب لإيداع تقريره بما أدت إليه أبحاثه في الموعد المحدد....)

ويتعين على الخبير أن يلتزم بالمأمورية وحدودها المنصوص عليها في حكم الندب وسلطته تقتصر على إبداء الرأي الفني في هذه المأمورية ولا يجوز له القيام بأي عمل أخر.

ويحكم ببطلان التقرير إذا خرج الخبير عن المأمورية التي رسمتها له المحكمة في حكمها.

د/أحمد أبو الوفاء: التعليق على نصوص الإثبات صـ518

إثبات التعاملات بالريال الالكتروني.

 

 إثبات التعاملات بالريال الالكتروني.

أولاً/ مفهوم النقود الالكترونية:

لا يوجد تعريف موحد للنقود الإلكترونية إلا أن جميع التعاريف تجمع على أنها قيمة مخزنة في وسيلة إلكترونية وتستخدم كأداة دفع.

 وذات المفهوم ورد في المنشور الصادر عن البنك المركزي بصنعاء برقم (11) لسنة 2014م بشأن القواعد التنظيمية لخدمة النقود الا إلكترونية عبر الهاتف المحمول اذ عرفها بأنهاء:

{{النقود المخزنة الكترونياً لدى مقدم الخدمة ويتم تبادلها إلكترونياً وتتصف بما يلي:

1-   تم إصدارها مقابل استلام مبالغ بنفس قيمتها بالعملة المحلية.

2-   مقبولة كوسيلة دفع بين الاطراف المتعاملة بها.

3-   قيمتها قابلة للتحويل بين الاطراف المختلفة المتعاملة بها ويمكن إعادة تحويلها إلى نقد بنفس القيمة.}

ثانياً: وسائل إثبات المعاملات الالكترونية.

إن قانون انظمة الدفع والعمليات المالية والمصرفية الإلكترونية رقم (40) لسنة 2006م يعتبر أن أهم ما جاء به هو الاعتراف بالعمليات الالكترونية والبيانات الالكترونية وحجيتها كأدلة اثبات للعمليات المالية التي تتم بطريقة الالكترونية حيث أكدت المادة (9) الفقرة (1) أنه يجوز الاثبات في القضايا المصرفية بجميع طرق الاثبات بما في ذلك البيانات الالكترونية أو البيانات الصادرة عن أجهزة الحاسب الآلي أو مراسلات أجهزة التلكس أو الفاكس أو غير ذلك من الاجهزة المشابهة.

كما أن المادة (10) قد أكدت على أن المعاملات الا إلكترونية والتوقيع الالكتروني تترتب عليها نفس الاثارالتي تترتب على التوقيع والبيانات الخطية حيث نصت على:

’’يكون للسجل الالكتروني والعقد الالكتروني ورسالة البيانات والمعلومات الالكترونية والتوقيع الا لتكروني نفس الاثار القانونية المترتبة على الوثائق والسندات والتوقيعات الخطية من حيث الز امها لأطرافها وحجيتها في الاثبات.

كما أن قانون انظمة الدفع قد خول البنك المركزي الصلاحيات التنظيمية والرقابية للعمليات الالكترونية ومنح البنك المركزي صلاحية إصدار التعليمات المنظمة لأعمال التحويل الإلكتروني للأموال بما في ذلك اعتماد وسائل الدفع الإلكتروني حيث جاء في المادة (30): "يصدر البنك المركزي التعليمات اللازمة لتنظيم اعمال التحويل الالكتروني للأموال وفقاً لأحكام هذا القانون بما في ذلك اعتماد وسائل الدفع الالكتروني وتحديد موقف الاموال الناتجة عن تحويل غير مشروع وإجراءات تصحيح الاخطاء والافصاح عن المعلومات أو أي أمور أخرى تتعلق بالأعمال المصرفية الالكترونية بما في ذلك المعلومات التي تلتزم البنوك والمؤسسات المالية بتزويده بها". بموجب ذلك منح البنك المركزي صلاحيات التنظيم والرقابة للعمليات الإلكترونية حيث أصدر العديد من التعليمات والمنشورات الخاصة بالمعاملات الإلكترونية والتي تعد من مصادر إثبات التعاملات الإلكترونية إلى جانب ما ذكرناه آنفاً.

المصادر والمراجع.

-قانون أنظمة الدفع والعمليات المالية والمصرفية الإلكترونية رقم (40) لسنة 2006م

-المنشور رقم (11) لسنة 2014م الخاص بالقواعد التنظيمية لخدمة النقود الإلكترونية عبر الهاتف، الصادر عن البنك المركزي – صنعاء.

                                                                    

                                                                         إعدادأ./ نجيب محمد العسيلي

مقارنة بين الإقرار والاعتراف

 

مقارنة بين الإقرار والاعتراف

 

الإقرار

الاعتراف

اصطلاحا

الإقرار أصله مأخوذ في التقرير, ومن(قرر) و(أقر بالحق)

اعتراف المتهم على نفسه بارتكاب الوقائع المكونة للجريمة كلها, أو بعضها.

الفقه

عرف جمهور الفقهاء بأنه: إخبار الإنسان عن ثبوت الحق للغير على نفسه.

الاعتراف بما يستوجب مسؤولية المعترف, أو بما يشددها, وهو إقرار على النفس بما يضرها.

القانون

عرفته المــادة(78): الإقرار هو إخبار الإنسان شفاها, أو كتابة عن ثبوت حق لغيره, على نفسه..

الاعتراف هو الإقرار, ذلك أنه لم يرد ذكر الاعتراف في القانون.

صيغته

نصت المادة (88) إثبات:

يصح الإقرار من الأخرس, والمصمت, والمريض الذي لا يستطيع الكلام, ويكون بالإشارة المفهمة أو بالكتابة، ويستثنى من ذلك أحوال خمسة لا يصح الإقرار بها إلا نطقاً, هي الزنى، والقذف، واللعان، والظهار، والإيلاء.

.

يكون واضحاً, وصريحاً, في الوقت ذاته.

أنواعه

إقرار قضائي, وإقرارا غير قضائي.

الإقرار القضائي:

وهو اعتراف الخصم أو من ينوب عنه نيابة خاصة بوكالة, تحدد فيها الموافقة والسماح بالإقرار أمام القضاء, بواقعة قانونية مدعي بها عليه, وذلك أثناء السير في الدعوى المتعلقة بهذه الواقعة.

الإقرار غير القضائي:

الإقرار غير القضائي يصدر خارج القضاء أو أمامه, ولكن في غير إجراءات الدعوى التي رفعت بالواقعة المقر بها .

 

أولا: الاعتراف القضائي, والاعتراف غير القضائي:

الاعتراف القضائي:

 هو ما يصدر أمام قضاء الحكم أي في مرحلة المحاكمة وفي جلستها

الاعتراف غير القضائي:

 هو ما يرد ذكره في غير مجلس القضاء, كأن يصدر عن المتهم في مرحلة التحقيق الابتدائي أو مرحلة جمع الاستدلالات

ثانياً:- الاعتراف الكامل, والاعتراف الجزئي:

الاعتراف الكامل:

هو الذي يقر فيه المتهم بصحة إسناد التهمة إليه, صورتها ووصفتها سلطة التحقيق

الاعتراف الجزئي:

إذا أقتصر المتهم على الإقرار بارتكاب الجريمة في ركنها المادي مثلاً, نافياً مع ذلك مسئوليته عنها.

 

أركانه

نصت المــادة(79)على أن: أركان الإقرار أربعة هي:

1 – المقــر: المــادة(80): يشترط في المقر أن يكون مكلفا, أهلا لأداء الحق المقر به مختارا غير محجور عليه غير هازل إلا في الطلاق والنكاح، وان لا يعلم كذبه عقلا أو قانونا.

2- المقر له: المــادة(81): يشترط في المقر له أن يكون معلوما وقت الإقرار.

3- المقر بـه: المــادة(82): يشترط في المقر به ما يأتي:

1- أن لا يكون مستحيلا عقلا أو قانونا.

2- أن يكون مالا أو غيره مما يقضى فيه، متعلقا بالمقر ولو كان مجهولا، ويكلف المقر تفسيره في حياته فان مات فوارثه .

4- صيغة الإقرار: المــادة(83): يكون الإقرار صراحة باي عبارة تؤدي إلى الاعتراف بالحق كما يكون ضمنيا كالإقرار بفرع يترتب على ثبوته ثبوت اصله كمن يقر بالطلاق فذلك يتضمن إقراره بالزواج .

 

يقوم الاعتراف على أركان أربعة هي:

1- أن يصدر من المتهم نفسه.

2- أن يكون موضوعه واقعة محددة.

3- أن تكون الواقعة موضوع الاعتراف ذات أهمية في الدعوى.

4- أن يكون من شأن هذه الواقعة تقدير مسئولية المتهم أو تشديدها.

شروطه

نصت المــادة(84):

يشترط في الإقرار ما يلي:

1- أن يكون غير مشروط.

2- أن يكون مفيدا في ثبوت الحق المقر به, على سبيل الجزم واليقين.

3- أن يكون بالنطق اذا كان المقر به حدا من حدود الله تعالى.

مــادة(85): يجب الإشهاد على الإقرار الشفهي الذي يتم في غير مجلس القضاء.

 

1- أن يكون صادر من المتهم نفسه.

2- أن يكون عن إرادة مميزة.

3- أن يكون صادر عن إرادة حرة.

4- أن يكون صادر بناء على إجراء صحيح.

5- أن يتوافر فيه الشكل القانون, وفقاً للجهة التي يدلي أمامها المتهم اعترافه.

6- أن يكون صريحاً وواضحاً.

7- أن يكون مطابقاً للحقيقة والواقع.

ما يترتب عليه

نصت المــادة(87) على أن: الإقرار حجة قاطعة على المقر، ويجب الزامه بما اقر به, مع مراعاة الأحكام.

 

ليس بحجة في ذاته وإنما هو خاضع لتقدير المحكمة, فيحق للمتهم العدول عنه في أي وقت دون أن يكون ملزماً بأن يثبت عدم صحة الاعتراف الذي عدل عنه.

أوجه الاختلاف

- الإقرار حجة على المقر

- الإقرار المدني غير قابل للتجزئة, ويعتبر دليلا يجب على القاضي الأخذ به

-الإقرار المدني قد يكون صريحا, أو ضمني, فيعتبر الامتناع, أو السكوت إقراراً ضمنياً في بعض الأحوال.

- يشترط صدور الإقرار ممن اكتملت أهليته.

- إقرار المحامي على موكله يعتبر إقرار قضائيا, في الإقرار المدني

- في الإقرار المدني تتجه نية المقر إلى تحمل الالتزام, وترتيب أثاره القانونية.

- يعتبر الإقرار سيد الأدلة في المسائل المدنية, وهو حجة قاطعة على المقر

 

- الاعتراف ليس حجة في ذاته, إنما يخضع لتقدير المحكمة.

- الاعتراف الجنائي بخلاف الإقرار المدني, فهو قابل للتجزئة إذا ان الأمر متروك لسلطة القاضي وتقديره في الاقتناع به.

- الاعتراف يشترط أن يكون صريح.

- الاعتراف الجنائي لا يتقيد بسن الرشد

- اعتراف المتهم على موكله صحيح

نية المتهم في الاعتراف لا أهمية لها، فالقانون هو الذي يرتب الآثار القانونية على هذا الاعتراف.

- الاعتراف الجنائي ليس حجه في ذاته, وإنما يخضع دائماً لتقدير المحكمة.

- الاعتراف الجنائي فيشترط أن يكون صريحا دون أي لبس أو أي غموض.

 

بطلانه

نصت المــادة(89) على أنه:

لا يصح الإقرار من الوكيل بالخصومة, أو المرافعة فيما يضر موكله و لو مفوضا إلا بحضور الموكل, وعدم اعتراضه على وكيله بعد تنبيه المحكمة له.

المــادة(90): لا يصح الإقرار من الوصي, أو الولي, إلا فيما يتولى قبضه, أو التصرف فيه في حدود ولا يته.

المــادة(92): لا يصح إقرار السكران اذا ذهب إدراكه .

المــادة(96): لا يصح الرجوع في الإقرار إلا أن يكون في حق من حقوق الله, التي تسقط بالشبهة, أو في حق من حقوق العباد المالية بشرط قبول المقر له, ولا يصح الرجوع وان صادق المقر له في الطلاق البائن أو المكمل الثلاث, أو الرضاع .

يكون الاعتراف باطلا في هذه الأحوال:

- إذا كان نتيجة استجواب المحكمة للمتهم, دون قبوله الصريح.

- إذا كان وليد قبض أو تفتيش باطلين.

- إذا كان وليد تعرف المجني عليه على المتهم في عملية عرض باطلة.

-إذا كان ناتجاً عن تعرف الكلب البوليسي على المتهم في عرض باطل .

والعلة هنا هي عادة وليد حالة نفسية مصدرها هذا التعرف ، سواء أهجم الكلب عليه ومزق ملابسه وأحدث به إصابات أو لم يحدث من  ذلك كله شئياً .

 

رجوع الشاهد عن الشهادة وآثاره

 

 

 

رجوع الشاهد عن الشهادة وآثاره

 

أولا: تعريف الشهادة:

لغة: قد تكون بمعنى الخبر القاطع كما في قوله تعالى (وما شهدنا إلا بما علمنا)(يوسف ٨١) وقد تكون بمعنى الحضور كما في قوله تعالى (فمن شهد منكم الشهر فليصمه)(البقرة ١٨٥) وقد ترد على المعاينة كما في قوله تعالى (وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا أشهدوا خلقهم....)(الزخرف 19) وقد تأتي بمعنى المعاينة والإقرار.

أما في الاصطلاح الفقهي: الشهادة هي الإخبار بحق للغير على الغير في مجلس القضاء.

وفي الاصطلاح القانوني هي: الإخبار في مجلس القضاء بما تحصل لدى الشاهد العلم به بشأن الواقعة المتنازع عليها بين طرفي الخصومة.

(أ‌.           د/لاشين محمد يونس الغاياتي: دور الشهادة في الإثبات في الفقه الإسلامي والقانون المدني: أستاذ القانون المدني وعميد كلية الشريعة والقانون في طنطا 2005م ص٤).

ثانيا: تعريف الرجوع عن الشهادة:

الرجوع لغة: من رجع يرجع رجوعا وهو العود-يقال رجع من سفره ورجع عن الأمر إذا عاد واسترجع منه الشيء إذا أخذ ما دفعه إليه.

وفي الاصطلاح الفقهي :عرفه ابن عرفه بقوله الرجوع عن الشهادة هو انتقال الشاهد بعد أداء شهادته بأمر إلى عدم الجزم به دون نقيضه.

وشرعا: يعتبر الرجوع عن الشهادة توبة عن شهادة الزور, وكما لا تجوز الشهادة إلا في مجلس القضاء فلا يصح الرجوع إلا في مجلس القضاء أيضا, أي أمام القاضي سواء كان القاضي الذي سمع شهادة الشاهد نفسه أو كان قاضي غيره.

(حسين المؤمن المحامي: نظرية إثبات الشهادة مدنيا وجزائيا وشرعا وقانونا وموضوعا وعملا وعلما: الطبعة الثانية بغداد العراق ص٣٨٦).

أما قانون الإثبات اليمني فبين الرجوع في المادة 50 بقوله:

«يصح الرجوع في الشهادة قبل الحكم وبعده بأن يقول الشاهد رجعت عن شهادتي أو بأن يكذب نفسه ولا بد من أن يكون الرجوع أمام المحكمة التي سمعت الشهادة إذا كانت قد حكمت بشهادته لا قبل الحكم فيكفي لتوقفها عن الحكم بشهادته ثبوت رجوعه أو إكذابه نفسه ولو خارج المحكمة».

وحكم الرجوع عن الشهادة إن كانت غير صحيحة واجب ومرغوب فيه ديانة فيجب على الشاهد الذي شهد زورا سواء كان ذلك عمدا أو خطأ التوبة, ولا تكون التوبة إلا بالرجوع عنها في حضور القاضي, ولا يكون حياؤه من الناس وخوفه من لوم اللائمين مانعا من ذلك لأن الرجوع إلى الحق أولى من الدوام على الباطل والحياء من الله أولى من الحياء من المخلوقات.

(محمد بن عبدالله بن خالد البعيث: أثر الرجوع عن الشهادة على الأحكام الجنائية في ضوء الفقه الإسلامي وتطبيقاته من واقع القضايا بمحاكم الرياض 2003م ص44).

والرجوع عن الشهادة في الفقه الإسلامي إما أن يكون رجوع كلي أو جزئي

١-اذا كان رجوع كلي: بأن رجع جميع الشهود سواء بوقت واحد أو بالترتيب, فالغرم  يوزع بينهم بالسوية عند اتحاد نوعهم أي(عندما يكونوا جميعا رجال أو جميعا نساء) أما لو اختلفوا فيتحمل الرجل ضعف المرأة وهو الراجح.

(عبدالرحمن بن عثمان الجلعود:  الرجوع عن الشهادة وأحكامه في الفقه الإسلامي: أستاذ مساعد قسم الدراسات الإسلامية كلية التربية جامعة الملك سعود (موقع جامع الكتب الإسلامية)

٢- أما الرجوع الجزئي عن الشهادة فهو على قسمين:

أ-رجوع بعض الشهود وكان عددهم على قدر البينة مثل: أن يشهد اثنان على شخص بأن هذا الشيء ليس له ثم يرجع أحدهم فقد اتفق الفقهاء على تغريم من رجع بقسطه

ب-اما لوكان عدد الشهود زائد على البينة مثل: شهادة ستة على شخص بالزنا فإذا رجع أحدهم فقد اختلف العلماء فيمن رجع على قولين الأول أن من رجع يغرم بقسطه فعليه القصاص أو سدس الدية  أما القول الثاني فيرى أنه لا يلزمه شيء طالما بقي من يفي بالشهادة والراجح الأول.

(عبدالرحمن بن عثمان الجلعود: المرجع السابق)

وقد يكون الرجوع صريحا كالإقرار بشهادة الزور- وادعاء الخطأ في الشهادة- والشهادة بما ينافي الشهادة الأولى- والاستدراك على الشهادة

٢-وقد يكون الرجوع غير صريح كامتناع الشهود عن البدء بالرجم في حد الزنا- وادعاء الشهود ما يبطل شهادتهم- وانكار الشهود لشهادتهم.

(محمد بن عبدالله البعيث: مرجع سابق ص 50).

ويشترط في الرجوع عن الشهادة ثلاثة شروط:

1-أن يكون الرجوع عن الشهادة في مجلس القضاء

٢-أن يحكم القاضي بالرجوع عن الشهادة

٣-أن لا تقوم بينة أو قرينة تدل على كذبهم في الرجوع.

(د/محمد بداح ناصر العازمي: الرجوع عن الشهادة وأثره على الحكم القضائي في الفقه الإسلامي: كلية الشريعة والدراسات الشرعية جامعة الكويت ص 258).

آثار الرجوع عن الشهادة:

 

أولا: أثر الرجوع عن الشهادة قبل الحكم أو القضاء:

إن الرجوع عن الشهادة قبل القضاء يرتب أمرين الأول: سقوط الشهادة  والثاني:  التعزير وهو التأديب الشرعي فيما دون الحد.

(حسين المؤمن المحامي: مرجع سابق ص387)

وقد ذهب الجمهور من الفقهاء إلى أن الرجوع عن الشهادة قبل إصدار الحكم بموجبها في الأموال والعقوبات وغير ذلك يقبل من الشاهد ويترتب عليه نقض شهادته وعدم صدور الحكم بمقتضاها.

(محمد البعيث: مرجع سابق ص٦٨).

واحتج الفقهاء أن الحق إنما يبطل بالقضاء ورجوع الشهود عن شهادتهم تناقض والقاضي لا يقضي بكلام متناقض لأن الشاهد لما أكذب نفسه بالرجوع تناقض كلامه والقضاء بالكلام المتناقض لا يجوز.

(تأليف /عبدالله صليبي عباس الكبيسي: الرجوع عن الشهادة وأحكامه في الفقه الإسلامي: رفعه عبدالرحمن النجدي دار الكتب العلمية لبنان بيروت الطبعة الأولى 2007م ص٥٩).

والمادة 52 من قانون الإثبات اليمني نصت بسقوط الشهادة وبطلان الحكم الصادر بموجبها بعد الرجوع وعدم الحكم بها إذ تنص المادة في فقرتها أ على ما يلي:

) أ-إذا كان الرجوع قبل الحكم فلا يحكم بالشهادة ويكون الحكم بها بعد الرجوع باطلا ويحاكم القاضي اذا كان الرجوع في مجلسه)

 

ثانيا: أثر الرجوع بعد الحكم وقبل التنفيذ:

إذا رجع الشاهد بعد القضاء فإن رجوعه وإن كان لا ينقض معه الحكم إلا أنه يترتب عليه أمران:

١-التضمين:(أي يضمن الشاهد للمشهود عليه)

٢-التعزير: وهو التشهير بالشاهد والتحذير منه أما الرجوع عن الشهادة بالزنا فيوجب إقامة حد القذف على الشاهد الذي رجع.

(حسين المؤمن المحامي: مرجع سابق ص٣٨٧).

والرجوع بعد الحكم وقبل التنفيذ لا يخلو من أمرين:

١-إما أن يكون المشهود به مالا: فقد اختلف الفقهاء على قولين:  القول الأول: للجمهور من الشافعية والمالكية والحنابلة والحنفية يرو أن الحكم لا ينقض

أما القول الثاني: يرون أن الحكم ينقض وهو قول سعيد بن المسيب والأوزاعي والزيدية وبعض الشافعية, والراجح رأي الجمهور والله أعلم

٢- أما لو كان المشهود به حدا أو قصاصا ففيه قولان: الأول للجمهور يرون أن الحكم ينقض ولا ينفذ     والقول الثاني يرون عدم فسخ الحكم والراجح قول الجمهور والله أعلم.

(محمد بن عبدالله البعيث: مرجع سابق ص٧٣).

واحتجوا أنه إن كان الرجوع في حد أو قصاص لم يجز الاستيفاء والتنفيذ, لأن هذه الحقوق تسقّط بالشبهة والرجوع شبهة ظاهرة فلم يجز الاستيفاء لقيام الشبهة.

أما لو كانت الشهادة في الأموال فاحتجوا لقولهم باستيفاء المال أن القضاء قد تم وليس هذا مما يسقط بالشبهة حتى يتأثر بالرجوع فلا ينتقض الحكم وعلى الشهود ضمان ما أتلفوه بشهادتهم لإقرارهم على أنفسهم بسبب الضمان ولا يرجعون على المحكوم له.

(عبدالله الكبيسي: مرجع سابق  ص٦١).

أما لو رجع شهود القتل بعد الحكم بشهادتهم وقبل أن يستوفي الحاكم العقوبة من المشهود عليه فيترتب على الشهود الأحكام الآتية:

١-لاتستوفى العقوبة من الشهود الراجعين بعد الحكم وقبل الاستيفاء للشبهة في كلامهم الذي يحتمل الصدق والكذب, وهو رأي الحنفية وأحد قولي المالكية والمعمول به من ثلاثة آراء للشافعية

٢-عدم فسخ وإن رجع الشهود في شهادتهم لاحتمال كذبهم في الرجوع

٣-لاضمان على شهود القتل إن قبل الاستيفاء بسبب عدم إتلافهم شيئا على المشهود عليه ٤-تعزير شهود القتل الراجعين قبل الاستفاء وبعد الحكم.

والراجح قول الجمهور بمنع الاستيفاء والفسخ والضمان ولابد من إثبات التعمد قبل القول بالتعزير.

(عماد محمود راجح نوفل: الآثار المترتبة على الرجوع في الشهادة على جرائم الحدود والقصاص. قدمت هذه الرسالة لنيل درجة الماجستير في الفقه والتشريع جامعة النجاح الوطنية كلية الدراسات العليا قسم الشريعة  نابلس فلسطين 2002م ص148).

أما قانون الجرائم والعقوبات اليمني فقد اعتبر الرجوع في الشهادة على الزنا من مسقطات حد الزنا أذ نصت عليه المادة 266 بقولها:

«يسقط حد الزنا وما في حكمه اذا ثبت أمام المحكمة توفر حالة من الحالات الآتية: 4-اختلال الشهادة أو تخلف شرط  من شروطها أو الرجوع فيها قبل التنفيذ»

أما المادة 52 من قانون الإثبات اليمني فقد نصت في فقرتها:

(ب: إذا كان الرجوع بعد الحكم جاز للمشهود عليه طلب إعادة النظر في الحكم، وإذا ألغى القاضي الحكم فيضمن الراجع ما نفذ وتعذر إرجاعه ، ويعاقب بعقوبة شاهد الزور.

ثالثا: أثر الرجوع عن الشهادة بعد الحكم وبعد الاستيفاء أو التنفيذ:

أي أن يشهد الشاهد في مجلس الحكم على أمر معين وتظهر المحكمة اقتناعها بالشهادة وتصدر الحكم بمقتضاها ويتم تنفيذه ثم يأتي الشاهدان أو أحدهما ويرجع عن شهادته بأي صيغة تظهر ذلك.

(د/محمد العازمي: مرجع سابق ص257)

اذا رجع الشهود في شهادتهم بعد حكم القاضي بها وتنفيذ القضاء باستيفاء الحق فلا أثر لهذا الرجوع على الحكم القضائي فلا يبطل ولا ينقض لأن الحكم قد تم والحق المشهود به قد وصل إلى مستحقه, ولأن كذب الشهود في الرجوع محتمل وكذبهم في الشهادة مستبعد حيث استمروا على شهادتهم الى حين الحكم فترجح جانب الصدق فيها وتأكد باقتران القضاء بها فكان اعتبار الشهادة أولى من اعتبار الرجوع, وهذا باتفاق الفقهاء ولا يلزم المشهود له رد ما أخذه للعلة المتقدمة وإنما يرجع على الشهود وتكون المسئولية عليهم.

(محمد بن عبدالله البعيث مرجع سابق ص٨١).

واختلف الفقهاء فيما لو كان المشهود به يوجب القتل أو الحد أو القصاص فلا يخلو الحال من أمرين:

١-إما أن يقروا تعمدهم الشهادة لأجل يقتل المشهود عليه ففيه قولان: الأول أنه يجب القود على الشهود وهو الراجح وهو قول ابن أبي ليلى والأوزاعي وابن شبرمة وإليه ذهب الشافعي والحنابلة وبعض المالكية واحتجوا( بما صح عن الشعبي أن رجلين شهدا عند علي رضي الله عنه على آخر بأنه سرق فقطعه ثم أتياه برجل آخر فقالا أخطأنا بالأول وهذا السارق فأبطل شهادتهما على الآخر وضمنهما دية يد الأول وقال لو أعلم أنكما تعمدتما لقطعتكما).

(عبدالله الكبيسي: مرجع سابق ص 65).

واذا كان رجوع الشهود عن شهادتهم بالقتل بعد الحكم والاستيفاء من المشهود عليه فالمترتب عليهم من الآثار ما يلي:

١-أن رجوع الشهود في القتل بعد موت المشهود عليه يوجب أحد أمرين إما الدية عليهم سواء كانوا متعمدين أو مخطئين أو القول الثاني وهو على قسمين الأول يوجب القصاص اذا كانوا متعمدين وقالو تعمدنا الشهادة عليه زورا أو الدية المغلظة اذا قالو تعمدنا الشهادة عليه ولم نعلم أنه يقتل    والثاني الدية المخففة ان قالوا أخطأنا بالشهادة عليه.

(عماد محمود راجح نوفل: مرجع سابق ص149).

أما قانون الإثبات اليمني فنصت المادة 52 منه في فقرتها ج  على ما يلي:

(ج: إذا كان المنفذ به حد أم قصاصا وألغى الحكم ضمن الراجع أرش الحد أو القصاص إلا أن يقر بأنه تعمد الحد أو القتل بشهادته فيحد أو يقتص منه.)

 

وقد صدر حكم من الدائرة المدنية في المحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 30/3/2011 في الطعن المدني رقم ( 41404)لسنه ١٤٣١ هجري وتتلخص وقائع القضية التي تناولها هذا الحكم ان المحكوم له تقدم أمام المحكمة  الابتدائية بطلب تنفيذ الحكم الابتدائي الصادر منها والمؤيد من محكمة الاستئناف والمقر من قبل المحكمة العليا الذي قضى برفع يد المدعى عليه عن الموضع الزراعي الذي تحت يده وتنفيذا للحكم المشار اليه فقام المنفذ ضده بتقديم استشكال مفاده عدم جواز مباشره اجراءات تنفيذ الحكم المشار إليه سند التنفيذ لرجوع الشاهدين اللذين استند الحكم سند التنفيذ على شهادتيهما

وقد اصدرت المحكمة الابتدائية قرار برفض الاستشكال والسير في اجراءات التنفيذ الجبري للحكم وقد تضمنت اسباب  القرار الصادر عن المحكمة الابتدائية ( ان المحكمة سبق لها ان قررت وقف اجراءات التنفيذ مده شهر حتى يتمكن المطلوب التنفيذ ضده من تقديم التماس اعاده النظر في الحكم سند التنفيذ وتقديم ما يفيد الالتماس بشان واقعه رجوع الشهود ولما كان الرجوع عن الشهادة بعد الحكم بها يعتبر سبب من اسباب الطعن بالتماس اعاده النظر وفق المادة 52 اثبات والمادة 304 مرافعات وحيث ان الاستشكال المتعلق برجوع الشهود وان هذه المسألة متعلقة بأصل الحق الذي قرره الحكم سند التنفيذ وبناء على ذلك فانه لا يجوز المنازعة في تنفيذ الحكم سند التنفيذ على اساس رجوع الشهود عن شهادتهم التي بني عليها ذلك الحكم لان هذا يعني استخدام التنفيذ وسيله للطعن في الحكم وهذا غير جائز

فلم يقبل المطلوب التنفيذ ضده بقرار المحكمة الابتدائية فقام باستئنافه الا ان محكمه الاستئناف رفضت الاستئناف وقضت بتأييد القرار التنفيذي الصادر عن المحكمة الابتدائية وقد ورد ضمن اسباب ذلك الحكم الاستئنافي (ان المطلوب التنفيذ ضده قد جانب الصواب حينما بنى استشكاله على رجوع الشهود في الحكم سند التنفيذ وذلك غير جائز حيث يجب عليه اولا اثبات رجوع الشهود امام المحكمة التي استمعت الى شهاداتهم وحكمت بموجب تلك الشهادة على تزوير تلك الشهادات, ثم يتقدم المشهود عليه الى المحكمة العليا بطلب التماس اعاده النظر لأن الحكم سند التنفيذ قد اصبح باتا بعد اقرار المحكمة العليا له وفقا لقانون المرافعات)

فلم يقبل طالب التنفيذ بالحكم الاستئنافي فقام بالطعن فيه بالنقض وقد قبلت الدائرة المدنية الطعن ونقضت الحكم الاستئنافي وقد ورد ضمن اسباب حكم المحكمة العليا (ان القانون هو الذي يحدد اختصاص المحاكم وعليه فان المحكمة المختصة بنظر الرجوع عن الشهادة هي المحكمة التي سمعت الشهادة واصدرت الحكم السند التنفيذي استنادا الى تلك الشهادات فاذا كان الرجوع عن الشهادة قد تمت اثارته امام محكمه التنفيذ وكانت هي التي سمعت الشهادة واصدرت الحكم السند التنفيذي فإنها المحكمة المختصة بنظر الاستشكال اما اذا كانت المحكمة التي تباشر اجراءات التنفيذ هي محكمه غير المحكمة التي سمعت الشهادة واصدرت الحكم فإنها لا تكون مختصه بنظر الاستشكال برجوع شهود الحكم السند التنفيذي فالمحكمة المختصة هي التي سمعت الشهادة عملا بالمادة 50 اثبات وليست محكمه التنفيذ وهذا استثناء من حكم المادة 318 مرافعات وبذلك ظهر عدم صحه ما قررته محكمه التنفيذ بعدم اختصاصها وايدتها فيه محكمه الاستئناف.

وبالتالي فإن رجوع الشهود عن الشهادة في الحكم سند التنفيذ يجيز للمشهود عليه طلب إعادة النظر في الحكم حسب المادة 52 إثبات التي نصت على (ب: إذا كان الرجوع بعد الحكم جاز للمشهود عليه طلب إعادة النظر في الحكم، وإذا ألغى القاضي الحكم فيضمن الراجع ما نفذ وتعذر إرجاعه ، ويعاقب بعقوبة شاهد الزور.)

وهو حالة من الحالات التي يجوز فيها طلب التماس إعادة النظر حسب المادة 304 من قانون المرافعات اليمني اذ نصت على(التماس اعادة النظر في الاحكام طريق استثنائي للطعن فيها لا يجوز للخصوم اتباعه الا عند تحقق احدى الحالات الآتية-

3- اذا كان الحكم قد بني على شهادة او يمين قضي بعد صدوره بان الشهادة زور او بان اليمين كاذبة .

(أ‌.  د عبد المؤمن شجاع الدين: رجوع الشهود عند تنفيذ الحكم: الأستاذ في كلية الشريعة والقانون جامعة صنعاء)

و من خلال مطالعه النصين القانونيين السابق ذكرهما نجد ان رجوع الشهود حاله من حالات التماس اعاده النظر في الحكم سند التنفيذ شريطه ان يتم الرجوع امام المحكمة التي سبق لها ان استمعت الى شهادات الشهود واصدرت حكمها استنادا الى تلك الشهادات وشريطه ان تقوم هذه المحكمة بإصدار حكم اخر بزورية الشهادات لرجوع الشهود عن شهاداتهم السابقة وان تحكم بان تلك الشهادات التي تم التراجع عنها شهادات زور حيث يكون ذلك الحكم مستندا لطلب التماس اعاده النظر في الحكم سند التنفيذ فلا يقبل طلب الالتماس الا اذا ارفق به الحكم بزوريه الشهادات وتراجع الشهود عنها ويظل الحكم سند التنفيذ موجودا وقائما حتى يتم الغائه بالحكم بقبول التماس اعاده النظر ولكن غالبا يتم تقديم طلب وقف التنفيذ لمحكمه التنفيذ وهي تستجيب لهذا الطلب اذا كان قد ظهر لها وجاهة الطلب وثبوت التراجع حتى قبل ان تصدر حكمها.

(أ‌.  د عبد المؤمن شجاع الدين:  المرجع السابق ص3)

 

إعداد/ جهاد الدين الصلاحي

إشراف الأستاذ المحامي/ سليمان الحميري