الصفحات

الاثنين، 28 أكتوبر 2013

بحث حول الغبن

بحث حول الغبن

الاستغلال والغبن
الغبن هو المظهر المادي للاستغلال ويمكن تعريف الغبن بأنه عدم التعادل بين ما يعطيه العاقد وما يأخذه.(1)
وأن الغبن يقدر وقت تمام العقد فينظر إلى التعادل في هذا الوقت ولا عبرة بتغير القيم بعد ذلك
* وأن الغبن يصعب الاحتراز منه فلابد من التسامح في الغبن اليسير والوقوف عند الغبن الفاحش- وبهذا التميز العملي يقول الفقه الإسلامي.
القانون المصري
إذا كانت التزامات أحد المتعاقدين لا تتعادل البتة مع ما حصل عليه هذا المتعاقد من فائدة بموجب العقد أو مع التزامات المتعاقد الأخر.
ويتبين أن المتعاقد المغبون لم يبرم العقد إلا أن المتعاقد الأخر قد استغل فيه طيشاً بيناً أو هوى جامحاً جاز للقاضي بناء على طلب المتعاقد المغبون أن يبطل العقد أو أن ينقص التزامات هذا المتعاقد.
ويجب أن تدفع الدعوى بذلك خلال سنة من تاريخ العقد وإلا كانت غير مقبولة.
عناصر الاستغلال
1_ العنصر الموضوعي وهو ما جاء في القانون المدني
إذا كانت التزامات أحد المتعاقدين لا تتعادل البتة مع ما حصل عليه هذا المتعاقد من فائدة بموجب العقد أو مع التزامات المتعاقد الأخر.
ففي عقد البيع: إذا اختل التعادل اختلالاً فادحاً بين قيمة المبيع الذي التزم به البائع والثمن الذي التزم به المشتري فإن العنصر الموضوعي للاستغلال قد تحقق.
2_ العنصر النفسي_ كما جاء في القانون المدني
ويتبين أن المتعاقد  المغبون لم يبرم العقد إلا لان المتعاقد الأخر قد اسّتغل فيه طيشاً أو هوى جامحاً أو جاجته أو عدم تميزه أو ضعف إدراكه أي أن الرضاء لم يصدر عن اختيار كافي- أي إرادة المستغل غير مشروعة وإرادة المغبون معيبة.
علاقة الاستغلال بعيوب الرضاء
كما تقدم أن إرادة المستغل إرادة غير مشروعة
إرادة المغبون إرادة معيبة – ولقد أخذ القانون الألماني بهذا الاعتبار وجعل عقد المستغل بطلاناً مطلقاً لما فاته للآداب
أما التقنيات المقارنة ومنها المصري جعلت العقد قابلاً للإبطال أو للإنقاص لعيب في إرادة المتعاقد المغبون.
الجزاء الذي يترتب على الاستغلال
دعويان
إذا توافرت شروط الاستغلال السالفة الذكر
جاز للقاضي بناء على طلب المتعاقد المغبون أن يبطل العقد وأن ينقص التزامات هذا المتعاقد- أي أن القانون المدني قد رتب دعويين
1)    دعوى إبطال.
2)    دعوى إنقاص، ولكن لابد أن يرفع دعواه خلال سنة من تاريخ العقد وإلا كانت غير مقبولة.

دعوى الإبطال
إذا اختار المغبون دعوى الإبطال جاز للقاضي أن يجيبه إلى طلبه فيبطل العقد إذا رأى أن الاستغلال عاب رضاء المتعاقد المغبون إلى حدان أفسد هذا الرضاء
وأن المتعاقد المغبون لم يكن يبرم العقد أصلاً لولا هذا الاستغلال
أما إذا رأى القاضي أن الاستغلال لم يفسد الرضاء إلى هذا الحد.
وان المتعاقد المغبون كان دون هذا الاستغلال يبرم العقد لو أن التزاماته لم تكن باهضة رفض القاضي إبطال العقد واقتصر على إنقاص الالتزامات الباهضة والخيار هنا للقاضي ويسترشد من ملابسات القضية وظروفها.
فإذا كان العقد مبيع وطلب البائع المغبون إبطاله للاستغلال جاز للمشترى أن يعرض الزيادة في الثمن تدفع الغبن عن البائع فإذا رأى القاضي أن الزيادة التي عرضها المشترى تكفي لرفع الغبن اكتفى بها وامتنع عن إبطال عقد ومقدار الزيادة ترجع إلى تقدير القاضي ولا يشترط أن تكون الزيادة بحيث تجعل الثمن معادلاً لقيمة الشيء بل أزلت الغبن الفاحش.
أما دعوى الإنقاص
إذا اختار المغبون هذه الطريق أو رفع دعوى إبطال ولكن القاضي رأى الاقتصار على إنقاص التزاماته قضي بإنقاص هذه الالتزامات إلى حد لا يجعلها باهضة وهو موكول لتقدير القاضي كما هو الشأن في الزيادة التي يعرضها الطرف المستغل لرفع الغبن ففي البيع إذا رفع البائع المغبون دعوى الإنقاص أو الإبطال ولكن رؤى على الإنقاص جاز للقاضي أن ينقص من المبيع القدر الذي يداه كافياً لرفع الغبن الفاحش عن البائع.
ولا يجوز وقت النظر في إنقاص التزامات البائع الباهضة أن يعدل القاضي عن إنقاص التزامات البائع إلى الزيادة في التزامات المشترى بأن يزيد في مقدار الثمن بدلاً من أن ينقص في قدر المبيع.(1)  
تحول العقد
العقد الموقوف:
ووصف العقد الموقوف بمقتضى قواعد الفقه الإسلامي بأنه العقد الذي احتواه عيب من عيوب الإرادة كالإكراه – والغلط – والتغرير مع الغبن.(2)
إذا كانت إرادة أحد المتعاقدين مشوبة بعيب من عيوب الإرادة التي تجعل العقد موقوفاً وهي الإكراه الغلط والتغرير مع الغبن – من نصوص القانون المدني العراقي أما الاستغلال فإنه لا يمنع من نفاذ العقد وإنما يجيز للمتعاقد المغبون أن يطالب خلال سنة من تاريخ العقد بدفع الغبن إلى الحد المعقول إذا كان العقد معاوضة أو الإنقاص إذا كان العقد تبرعاً.

دور القاضي في تعديل العقد
دور القاضي في تعديل العقد لشأنيه الغبن ولشائبة الغبن والتغرير(3)
الفقه الإسلامي لم يتعرض للغبن اليسير وما تغابن عليه الناس حسب العادة ولكن هناك اتجاهات فقهية يرى تخفيف التزامات الطرف المغبون بإنقاص الثمن على، نحو يزيل هذا الغبن  ومن هنا يظهر دور القاضي في تقرير ما لحق بالمغبون من غبن وتقرير الجزء فمن الثمن الذي يسقط عن المشترى ويعادل هذا الغبن أو زيادة الثمن بالنسبة للبائع إلى ثمن المثل.
ولقد حدده فقهاء الإسلام
فمنهم قدره بالعشر أو الثلث ومنهم من وصفه بأنه ما لا يدخل تحت تقويم المتقومين وترك تقرير ذلك لأهل الخبرة ثم نجدهم من حيث الأثر يجعلون للمغبون خيار الرد أو الإساء سواء كان الغبن نتيجة تغرير أو دون تغرير ومنهم من أشترط أن يصاحبه تغرير.
الصور المختلفة للتغرير في العقود في الفقه الإسلامي
1)  بيع النجش- هو الزيادة في ثمن السلعة المعروضة لا يشتريها بل ليغر بذلك غيره وهي وسيلة محرمة نها عنها الشارع.
2)    بيع التعرية: وهي محرمة شرعاً لثبوت النهى عن الرسول صلي الله عليه وآله وسلم.
3)    تدليس العيب.
أحكام الغبن في الفقه الاسلامي:
تنبثق احكام الغبن في الفقه الاسلامي عن أصول شرعية منها قوله تعالى ( إلا أن تكون تجارة عن تراض ) النساء .
والمراد بالتراضي أن لا يكون هناك غبن بين الاداءات ومنها قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ( غبن المسترسل سحت ).والسحت حرام لأنه من باب أكل أموال الناس بالباطل والغبن في حد ذاته تصرف ضار بالغير والضرر منهي عنه لقول الرسول الأعظم( لا ضر ولا ضرار ).
وأجمع الفقهاء على أن الغبن الفاحش المجرد إذا وقع على مال اليتيم أو الوقف أو مال بيت المال فإنه يوجب الفسخ مطلقاً وايضا اجمع الفقهاء على فسخ العقد حتى ولو كان الغبن يسير في الأحوال الآتية :
1-  المريض مرض الموت إذا باع أو أشترى ، للورثة الحق في المطالبة في الفسخ بعد الموت إلا إذا رضى العاقد الآخر رفع الغبن .
2-      المدين المحجور عليه كان للدائن حق الفسخ إلا إذا رضى المتعاقد الآخر رفع الغبن .
3-      الوصي إذا باع شئ من أموال اليتيم لم لا تجوز شهادته له كأبنه وزوجته فإن العقد يفسخ والعلة دفع التهمة .
الاتجاهات الفقهية في أثر الغبن على العقود
يقول العلامة عبد الرزاق السنهوري أن الفقه الإسلامي في أكثر مذاهبة لا يعتد بالغبن ولو كان فادحاً إلا إذا صاحبه تغريد أو تدليس.
الغبن في القانون المصري
عرض المشرع في القانون المدني لفكرة الغبن بوصفها من الحالات التي أناط بقاضي الموضوع سلطة إعادة التوازن في الالتزامات المتقابلة في العقود التي شابها نوع من الغبن الذي هو عدم التعادل بين الالتزامات التي يوجبها العقد على احد الطرفين والتزامات الطرف الأخر.
الغبن في بيع عقار عديم وناقص الأهلية
إذا بيع عقار مملوك شخص لا تتوافر فيه الأهلية وكان في البيع غبن يزيد على الخمس فللبائع أن يطلب تكمله الثمن إلى أربعة أخماس ثمن المثل.
ويجب لتقرير ما إذا كان الغبن يزيد على الخمس أن يقوم العقار بحسب قيمته وقت البيع الغبن الفادح باستغلال المتعاقد.
اختلال التعادل الفادح يكون التزامات المتعاقد الأخر والعنصر الثاني نفسي وهو أن يستغل المتعاقد الأخر في للمغبون طيشاً بيناً أو هوى جامحاً وعند نظر القاضي للقضية أن ينظر ملابسها وظروفها.




الإختيار الذي أخذ به القانون اليمني :
رأى القانون اليمني المدني في الإختيار الذي أخذ به مبدأ استقرار التعامل من جهة وحماية المتعاقد المغبون غبناً فاحشاً من جهة أخرى كما قرر حق الفسخ المطلق بالغبن في العقود المتعلقة بأموال اليتيم والقاصر والوقف ومن في حكمه كالمجنون والسفيه ومن يبيع مال غيره كالوكيل أو الفضولي أو الأموال العامة .
قد نصت المادة ( 183) مدني يمني على هذا الاختيار بقولها( الغبن هو أن يكون أحد العوضين غير متعادل مع العوض الآخر ولا تأثير للغبن على صحة العقد من البائع العاقل إلا إذا كان فاحشا وفيه غرر ويتأثر العقد بالغبن دائماً إذا وقع على مال وقف أو صغير أو من في حكمه أو على المتصرف عن غيره بالوكالة أو الفضالة ويعتبر الغبن فاحشاً إذا بلغ عشر قيمة المعقود عليه وقت التصرف ، وعلى الحاكم أن يستجيب لطلب المغبون بإبطال العقد أو ازالة الغبن ويجوز في عقود المعارضة أن يتوقى الطرف الآخر دعوى الابطال بأن يعرض ازالة الغبن إذا قبل المغبون ، ولا تسمع دعوى المغبون إذا وقعت بعد ثلاث سنوات من تاريخ العقد مع عدم المانع ).


والله الموفق،،



(1) الوسيط  م1 صـ335- 374ـــ.
(1)  نفس المرجع الأول صـ374ــ.
(2)  د/الفتلاوي – الطبعة الأولى سنة1997م صـ43ــ.
(3) د/فؤاد معوض طبعة سنة1999م صـ266ــ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اكتب ماتريد قوله للمحامي أمين الربيعي