الصفحات

الاثنين، 28 أكتوبر 2013

بحث عن مدى حق المحامي المحكم أن يترافع في القضية التي كان محكماً فيها عن أحد أطراف الخصومة


بحث عن مدى حق المحامي المحكم أن يترافع في القضية
التي كان محكماً فيها عن أحد أطراف الخصومة

تعريف المحاماة:
المحاماة مهنة حرة تشارك السلطة القضائية في تحقيق العدالة, و تأكيد سيادة القانون وضمان الدفاع عن حقوق المواطنين وحرياتهم وأن المحامين يمارسون مهنتهم في استقلال ، ولا سلطان عليهم في ذلك الا لضمائرهم وحكم القانون.
 لذا فقد أوجب قانون المحاماة والنظام الأساسي لنقابة المحامين اليمنيين على المحامي أن يتحلى في سلوكه الشخصي والمهني بالقيم الإسلامية ومبادئ الشرف والأمانة وحفظ السر وقد نصت المادة(71) من قانون المحاماة على ذلك صراحة بقولها:
(على المحامي أن يتقيد في سلوكه الشخصي والمهني بالقيم الإسلامية ومبادئ الشرف والاستقامة والأمانة وحفظ السر والنزاهة وآداب المهنة سواءً تجاه القضاء أو تجاه زملائه أو موكليه، وعليه أن يتجنب كل إجراء أو قول يحول دون سير العـدالة....)
ونصت المادة(139) من النظام الأساسي لنقابة المحامين بما يلي :
( على المحامي أن يلتزم في سلوكه بمبادئ الشرف والاستقامة والنزاهة وأن يقوم بجميع الواجبات التي فرضها القانون...).

وانطلاقاً من تلك المبادئ والقيم الواجب على المحامي الالتزام بها فقد حظر عليه المشرع أن يمثل مصالح متعارضة لخصمين في آن واحد وذلك كأن يبدي مشورة قانونية لخصم موكله في ذات النزاع أو أن يكون وكيلاً لمن كان موكلا ضده  في نفس القضية وقد ورد النص على ذلك في المادة(74) بقولها:
(على المحامي الامتناع عن إبداء أية مساعدة أو مشورة في نفس الدعوى أو نزاع مرتبط بها لخصم موكله وبصفة عامة لا يجوز للمحامي أن يمثل مصالح متعارضة ويسري هذا على كل من يعمل لديه بأية صفة كانت).
ونصت المادة(143) من النظام الأساسي لنقابة المحامين على أنه:
(لا يجوز لأي محام مرخص أن يكون وكيلاً لمن كان موكلا ضده أمام أي جهة من الجهات الرسمية أو لجنة من لجان التحكيم  أو أمام محكمة أدنى في نفس القضية)
وقد جاء الفقه و القضاء القانوني مؤيداً لتلك المبادئ ومسانداً لها ومن ذلك ما جاء في كتاب الدكتور إبراهيم سيد أحمد مسئولية المحامي فقهاً وقضاءً طـ2004 صـ88 بما لفظه:
(على المحامي أن يمتنع عن إبداء أية مساعدة ولو من قبيل المشورة لخصم موكله في النزاع ذاته أو في نزاع مرتبط به إذا كان قد أبدى فيه رأيا للخصم أو سبقت له وكالة عنه فيه ثم تنحى عن وكالته وبصفة عامة لا يجوز للمحامي أن يمثل مصالح متعارضة ويسرى هذا الحظر على المحامي وشركائه وكل من يعمل لديه في نفس المكتب من المحامين بأية صفة كانت).
ومن أحكام محكمة النقض المصرية من نفس المرجع ما يلي:
"إذا كانت مصلحة المتهمين في الدفاع متعارضة وتقتضي أن يكون لأحدهما دفاع يلزم عنه عدم صحة دفاع الأخر بحيث يتعذر على محام واحد أن يترافع عنهما معاً فإنه يتعين أن يتولى الدفاع عن كل منهما محام خاص به".
مرجع سابق-  "نقض 22/1/1962 س31ع1 صـ68" صـ108
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هل تمثيل المحامي المحكم لأحد أطراف الخصومة أمام القضاء بعد فشل التحكيم يشكل إخلالاً بمبدأ الأمانة وحفظ السر أم يمثل مصالح متعارضة.
للإجابة على الشق الأول من السؤال نقول أن ذلك لا يشكل إخلالاً بمبدأ الأمانة وحفظ السر لأن ما يطرحه الخصم أمام المحكم سيطرحه حتماً أمام القضاء وسيطلع عليه بالتالي  محامي الخصم الأخر  ويرد عليه - انطلاقاًُ من مبدأ المواجه القضائية وكفالة حق الدفاع - وبالتالي فلا يمكن أن يقدم الخصم للمحكم أوراق ثم يستغني عن تقديمها أمام القضاء لأن كلاهما سيحكم بما ثبت لديه وقدمه الخصوم من أدلة وبالنسبة للمصالح المتعارضة فإن المشرع حضرها عند إبداء المحامي أية مشورة أو مساعدة قانونية لخصم موكله أو يكون وكيلا لمن كان موكلاً ضده أمام أي جهة من الجهات الرسمية أو لجنة من لجان التحكيم أو أمام محكمة أدنى في نفس القضية.
وبالتطبيق على المحامي المحكم فإنه إذا لم يستمر التحكيم ولجأ الأطراف إلى القضاء فإن المحامي يتولى القضية أمام المحكمة أو أي جهة عن الطرف الذي اختاره في لجنة التحكيم وبالتالي فإنه لا يمثل مصالح متعارضة في هذه الحالة وقد كان هذا ما ظهر لنا من خلال هذه النصوص القانونية.
أما بالنسبة لرأي الفقه والقضاء القانوني فإن الفقه قد أعتبر المحكم في حالات معينة وكيلا بالخصومة وذلك حين يكون لكل طرف تعيين حكمه ففي مثل هذه الاحوال يكون محكم الخصم بمثابة مدافع عنه وتكون هذه هي الصفة الغالبة له... ومع ذلك يظل له من الناحية القانونية وصفه كمحكم وليس كوكيل بالخصومة(1)
وبالتالي ففي هذه الحالة تتحد صفة المحكم والمحامي في الدفاع عن أطراف النزاع أما القضاء فقد رأت محكمة النقض المصرية أنه يجوز للقاضي الذي ترك عمله في القضاء أن يكون محاميا عن أحد أطراف الخصومة في نزاع سبق وأن نظره قاضيا وذلك لعدم وجود نص قانوني يمنع من ذلك.
وقد تمثل ذلك الرأي في المبدأ القضائي الآتي:
 ( لم يحظر المشرع بأي نص قانوني على من يعمل بالمحاماة من القضاة السابقين أن يكون وكيلاً عن أحد طرفي نزاع لمجرد أنه كان قبلا من القضاة الذي نظروا هذا النزاع) "جلسة17/1/1980م مجموعة المكتب الفني س31 صـ197"
"المحاماة في ضوء قضاء النقض والإدارية العليا والمحكمة الدستورية العليا/ المستشار. أسامة توفيق عبد الهادي صـ456، د/إبراهيم سيد أحمد مرجع سابق صـ1041"
وقياساً على ذلك فإن ذلك المبدأ ينطبق على المحكم من باب أولى.
رأينا:
نظر لعدم وجود نص قانوني يمنع المحامي المحكم أن يتولى الترافع عن أحد أطراف الخصوم أمام القضاء في نفس القضية التي كان محكم فيها ولما ذهب إليه الفقه والقضاء المصري السابق الإشارة إليه.
فإنه لا مانع من تولى المحامي المحكم الترافع أمام القضاء عن أحد أطراف التحكيم في النزاع الذي سبق وأن نظره محكماً.



(1)  التحكيم الاختياري والإجباري / د. أحمد أـبو الوفاء – صـ 31 :  ط 1987  ، التوكيل والتصالح في التشريعات المختلفة في ضوء الفقه والقضاء / د. عبدالحميد الشواربي – صـ 34   : ط 1996 –

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اكتب ماتريد قوله للمحامي أمين الربيعي