من أنا

صورتي
صنعاء اليمن, شارع تعز 777175968, Yemen
المحامي أمين حفظ الله الربيعي محامي ومستشار قانوني وناشط حقوقي

البحوث القانونية

السبت، 26 فبراير 2022

الفرق بين الفسخ والإبطال, في القانون اليمني

 

 

 

الفرق بين الفسخ والإبطال, في القانون اليمني

 

البطلان في اللغة:

 هو سقوط الشيء لفساده، فيقال: بطل دم القتيل إذا ذهب هدراً بلا ثأر ولا دية، ومنه قيل للشجاع: بطل لأنه يعرض دمه أو دم غيره للبطلان، والباطل ما لا ثبات له عند التثبت منه، ومنه قيل لخلاف الحق باطل


البطلان عند الفقهاء:

 عدم صحة العمل ذي الأثر الشرعي في نظر الشارع، بحيث يعد وجوده كعدمه لمخالفته ناحية يوجب الشارع مراعاتها فيه، فلا يترتب عليه أثره الشرعي الخاص من نشوء حق أو سقوط تكليف.

ويجري ذلك في العبادات الدينية, والأعمال والمعاملات المدنية على السواء.

 فبطلان الصلاة والصيام مثلاً هو عدم اعتبارهما شرعاً، فلا يبرئان ذمة المكلف بهما من الواجب بل يبقى مكلفاً بإعادتهما.

 وبطلان التصرف الشرعي من بيع وشراء وزواج وطلاق, وإقرار وإبراء وأخذ وعطاء وسائر المعاملات, هو عدم حصول الآثار المقررة لها شرعاً بين الناس من امتلاك وانتفاع واستباحة واستمتاع, وسائر الحقوق والثمرات والمصالح التي جعل ذلك التصرف سبيلاً إليها وسبباً منشئاً لها.

وهذا هو البطلان المطلق ذاته عند القانونيين, وعلى ذلك يمكن تعريف البطلان في الاصطلاح الفقهي بأنه (تجرد التصرف الشرعي عن اعتباره وآثاره في نظر الشارع).

أما الإبطال فهو عد الشيء باطلاً، وكما أن العقد ينقض بالفسخ فأنه ينقض بالإبطال، ولكن الإبطال غير الفسخ.

 فالإبطال معناه اعتبار العقد باطلاً من أساسه، والعقد الباطل هو العقد (الذي ليس مشروعاً بأصله ) أي له وجود حسي فقط دون أن يكتسب وجوداً اعتبارياً ما في نظر الشارع.

فالعقد في حالة البطلان غير منعقد أصلاً, كمولود يولد ميتاً.

 أما الفسخ فهو حل لعقد كان قد انعقد واعتبر منتجاً لآثاره في نظر الشارع ولو بالجملة, وعلى هذا الأساس فلا يكون فسخ العقد إلا بعد سبق الانعقاد، على خلاف الإبطال، فأنه لا يرد إلا تقريراً لانعدام عقد ظن الناس أنه منتج لآثاره.

فالفسخ هو الحالة التي نواجه فيها عقداً منعقداً منتجاً لآثاره بين طرفيه, ولكن رافقه أو طرأ عليه طارئ ما سبب العمل على حله, فهو كشخص حي تطرأ عليه الوفاة. أما الإبطال فهو الحالة التي نواجه فيها عقد منعدماً في نظر الشارع, فهو كشخص ميت منذ ولادته.

والفسخ إما أن يكون إرادياً كما في الفسخ بسبب العيب القديم في أحد الزوجين, فإن للزوج السليم أن يفسخ وأن لا يفسخ.

وإما أن يكون غير إرادي كما في حالة ردة أحد الزوجين, حيث أن الفسخ هنا يقع بحكم الشرع ولا خيار للزوجين أو أحدهما في المضي في هذا الزواج أو عدم المضي فيه، فإن كان الفسخ إرادياً سمي فسخاً، وإن كان غير إرادي سمي انفساخا.

 

الفرق بين الانفساخ والإبطال, في نظر الفقهاء:

قد يعبر بعض الفقهاء عن الانفساخ بالبطلان نظراً لتشابههما من حيث الأثر، لكن واقع الأمر يدل على أن بين البطلان والانفساخ فرقاً بيناً، وذلك من الوجوه الآتية:

- فبطلان العقد يكون عن مخالفة لنظامه التشريعي في أركان العقد، فالعقد يكون في أصله باطلاً أي معدوماً اعتباراً، أما الانفساخ فإنما يكون بعد تمام الانعقاد لسبب طارئ يمتنع معه بقاء العقد بعد وجوده، كردة أحد الزوجين.

- البطلان يكون العقد معه معدوماً من أصله أبداً، أما الانفساخ فقد يرفع العقد من أصله فيكون رجعياً، كما لو كان بين الزوجين سبباً من أسباب التحريم عند عقد الزواج، وقد يكون أثره فورياً فيزول به العقد اعتباراً من وقت الانفساخ فقط، كالفسخ لغيبة الزوج.

 

الفرق بين الانفساخ والإبطال, في نظر القانونيين:

لعلماء القانون تفصيل آخر يخالف ما عليه فقهاء المسلمين، ذلك أنهم يميزون في تسمية زوال العقد بين حالتين:

- حالة أحد عيوب الرضا عند تكوين العقد، وهنا يسمون إزالة العقد بإرادة من عيب رضاه (إبطالاً نسبياً ) ويصفون العقد في هذه الحالة بأنه (قابل للإبطال)

- حالة وجود سبب طارئ يتعلق بتنفيذ العقد لا بتكوينه، وهنا يسمون الإزالة (فسخاً) أو (انفساخا) بحسب الأحوال.

-  ويعرفون الفسخ بأنه (انتهاء العقد بأثر رجعي نتيجة سبب غير البطلان المقارن لانعقاده)

وبذلك يتضح أن فقهاء المسلمين يفرقون بين الإبطال والفسخ على أساس أن الإبطال تقرير لانعدام العقد مُنذ نشوئه انعداماً تاماً، وكأنه لم يكن في نظر الشارع، وأن الفسخ حل لعقد كان قد وجد ثم اقتضت نقضه وإزالته أمور كثيرة, سواءً كانت مرافقة له أو طارئة عليه.

 فالفسخ عندهم إزالة, والإبطال تقرير لزوال, وكذلك فإن العقد الذي طرأ عليه القضاء بالإبطال لا يمكن أن يعتبر له أي أثر, بخلاف الفسخ إذ قد تبقى له بعض الآثار كما سنرى لاحقاً.

أما علماء القانون فيفرقون بين الفسخ والإبطال على أساس أن الإبطال لا يرد إلا على عقد كان معتلاً في أساسه, ومستوجباً للنقض أو قابلاً له منذ نشوئه، وأن الفسخ نقض لعقد كان قد تم مستوفياً لجميع شرائطه وأركانه، ثم تعذر أو تعسر تنفيذه فاستحق الفسخ أو الحل.

فالفسخ عند فقهاء المسلمين يرد على العقد الصحيح وعلى العقد الفاسد، أما علماء القانون فالفسخ عندهم لا يرد إلا على العقد الصحيح فقط، أما العقد الفاسد فلا يرد عليه عندهم إلا الإبطال، لأن الفسخ قاصر عندهم على حالة التعذّّر أو الامتناع عن تنفيذ العقد الصحيح.

ولا يخفي ما في نظرة فقهاء الإسلام من دقة متناهية، إذ أن العقد الفاسد هو عقد قائم من الناحية المادية, وقائم من وجهة نظر الشارع بالجملة، وذلك لاستكماله جميع أركانه وشروط انعقاده، وأن كان وجوده غير تام لانعدام أحد شروط الصحة فيه، أو اقترانه بشرط غير صحيح أو ما شابه ذلك، وبذلك يصح إيراد الفسخ عليه دون الإبطال، فهو عقد قائم بالجملة رغم اعتلاله، والإبطال لا يرد إلا على عقد منعدم تماماً في نظر الشارع وهو الباطل، أما الفاسد فليس كذلك.

ليست هناك تعليقات: