مما لا شك فيه ان الخصومة ركن من اركان الحكم القضائي كما نصت المادة (٢١٧) مرافعات بقولها: [الحكم قرار مكتوب صادر في خصومة معينة من ذي ولاية قضائية شرعية وقانونية].
وتنشئ الخصومة على اطور ومراحل متسلسلة ومتتابعة تبدأ بالمطالبة وتنتهي بالحكم مادة (٢) من قانون المرافعات ما يعني وجود اجراءات تتوسط الطلب القضائي والحكم الصادر بشأنها، وقد تكفل المشرع بنفسه ببيان ماهية كل اجراء من اجراءات نشأة الخصومة وعناصرها وشكل كل اجراء على حدة وصفة القائم به في كل مرحلة وتلك الأطوار تتمثل بالآتي: -
الطور الأول الطلب القضائي: -
اوجب المشرع اليمني على المحكمة ان تفصل في كل طلب قدم اليها بشرط ان يكون الطلب مقدماً وفقا لأحكام القانون وذلك ما قضت به صراحة المادة (221) من ذات القانون بقوله: [يجب على المحكمة أن تحكم في كل طلب أو دفع قدم إليها وفقاً للقانون، ولا يجوز لها أن تحكم بما لم يطلبه الخصوم أو لمن لم يكن طرفاً في الخصومة أو عليه].
ولم يضع المشرع هذا الشرط إلا بعد أن نظم الطلبات القضائية من حيث أنواعها وشكلها واجراءات ارتباط المحكمة بها:
- فالطلبات الافتتاحية (الدعوى): خصص لها الباب الثالث من قانون المرافعات الموسم بـ (الدعاوى وسيرها) وعرف الدعوى في المادة (70) من قانون المرافعات بأنها الوسيلة الشرعية والقانونية لكل ذي ادعاء أو دفاع يرفعه إلى القاضي للفصل فيه وفقاً للقواعد الشرعية والقانونية، وأوجب لها شروط أبرزها :
ان تكون مكتوبا مادة (١٠٣) من قانون المرافعات، بنص المادة (١٠٤) من ذات القانون حدد الشكل والبيانات اللازمة توافرها في الدعوى (والطلبات القضائية على حد سواء).
-وطلبات عارضة: -فقد افترض المشرع اليمني رغبة الخصوم في اثارة طلبات جديدة اثناء انعقاد الخصومة سواء من جانب المدعي او من جانب المدعى عليه-لذلك نظمها المشرع، بصورة طلبات أسماها طلبات عارضة بين شروطها واركان قيامها ومنها ان تقدم بذات الطريقة التي تقدم بها صحيفة افتتاح الخصومة (الدعوى) وفقا لما نصت عليه المادة (197) من ذات القانون بقولها: -
[تقدم الطلبات العارضة من المدعي أو من المدعى عليه بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة بطلب مكتوب أو يقدم شفاهاً أو كتابةً في الجلسة في حضور الخصم ويثبت في محضر الجلسة].
ومنها (أن تكون مكتوبة ومتوفرة فيها البيانات الشكلية)، والحكمة التي ابتغاها المشرع من وجوب تقديم الطلبات العارضة بذات الشكل الذي تقدم به الطلبات الافتتاحية (الدعوى) تظهر بالعديد من الصور منها: -
- استقلال كل طلب قضائياً مقدم من قبل المدعي عن الطلب القضائي المقدم من المدعى عليه.
- تحديد المركز القانوني الصحيح للخصوم في الطلبات المقدمة من المدعى عليه، والطلبات المستجدة بعد الدعوى الافتتاحية، وتنبيه المطلع والمحاكم الاعلى درجة بعدم اقتصار الخصومة على الطلبات المقدمة في صحيفة الافتتاح.
- امكانية استمرار الخصومة في الطلب العارض في حال استبعاد الطلبات الاصلية، واستمرار نظر الطلب العارض بمواجهة منصب عن المدعى عليه فرعيا المدعي أصلياً. وهي الغاية التي قرره المشرع اليمني في استمرار نظر القضية في حال غياب المدعي أصلياً.
الطور الثاني/ ارتباط(اتصال)المحكمة بالطلب القضائي (اتصالها بالطلب القضائي): -
تتصل المحكمة بالخصومة بإيداع صحيفة الدعوى قلم الكتاب، وبهذا الإجراء تكون الدعوى قد رفعت إلى القضاء واتصلت بالمحكمة، ومقتضى ذلك أن الخصومة القضائية تنشأ بمجرد إيداع صحيفة الدعوى التي أطلق عليها القانون اليمني مصطلح (عريضة الدعوى) قلم كتاب المحكمة المختصة م (104/ج) مرافعات يمني.. (ومن ذلك الحين) ترتب الدعوى آثارها الإجرائية والموضوعية[1].
ولا يكون الطلب منشئا للخصوم الا إذا كان قضائيا ولا يكون الطلب قضائيا الا إذا اتصلت به المحكمة، وقيد في سجلاتها، فالخصومة تنشأ وتتولد عن المطالبة القضائية ليكونا معاً وحده قانونية لها نفس الطبيعة، فهي الأساس الذي يقوم عليه كافة إجراءات الخصومة القضائية التي لا توجد بدونها والتي يترتب على تخلفها انعدام كافة إجراءات الخصومة والحكم الصادر فيها لتخلف الإجراء الشكلي اللازم لوجودها[2].
فهذا الإيداع يعد ركناً شكلياً لازماً لوجود الخصومة قانوناً، بحيث يترتب على عدم وجوده من الناحية المادية أو القانونية انعدام الخصومة وكافة الإجراءات المكونة لها والحكم الصادر فيها[3].
وهذا لا يسري فقط على الطلب القضائي الأصلي (صحيفة الدعوى الافتتاحية)، وإنما يسري أيضاً على الطلب القضائي العارض الذي يقدم أثناء سير الخصومة، فما يسري على الخصومة عند نشأتها يسري على الخصومة التابعة المتعلقة بالطلب العارض، فالطلب القضائي العارض الذي يقدم في غياب الخصم أوجب القانون تقديمه بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى بإيداع صحيفة الدعوى قلم كتاب المحكمة وإعلانه لذوي الشأن م (202،197،189) مرافعات يمني، وهذا الإيداع يُعد ركناً شكلياً لوجود ذلك الطلب العارض المقدم في غياب الخصم، أما الطلب العارض الذي يقدم عن طريق إبدائه في الجلسة بحضور الخصم كتابة أو شفاهه فإن تقديمه في الجلسة يُعد ركناً شكلياً لوجوده قانوناً، ولذلك قد تنعقد الخصومة الأصلية صحيحة، غير أن الخصومة بشأن الطلبات العارضة التابعة قد يشوبها الانعدام *لعدم نشأتها واتصالها بالمحكمة وعدم انعقادها بين أطرافها*، ففي هذه الحالة يكون الحكم الصادر في الخصومة الأصلية صحيحاً، لكنه يكون منعدماً بالنسبة للخصومة التابعة المتعلقة بالطلبات العارضة، وهو ما يؤدي إلى الانعدام الجزئي للحكم. [4]
الطور الثالث/ الاعلان بالطلبات القضائية للخصوم فلا تنعقد الخصومة بدون اي اعلان صحيح على ما رسمه المشرع: ونحيل البحث بشأنه الى انعدام الخصومة.
الطور الرابع/ الرد على الطلب من قبل المدعى عليه فرعيا او ممثله او من تنصبه المحكمة وعلى نحو ما رسمه المشرع: نحيل البحث بشانه الى ما المدونة بحث انعدام الاجراء
[1] د/ سعيد الشرعبي - المرجع السابق - ص 468، د/ نجيب الجبلي - قانون المرافعات - مرجع سابق - ص 452.
[2] د/ وجدي راغب - مبادئ القضاء المدني - مرجع سابق - ص 295 وما بعدها، د/ نجيب الجبلي - قانون المرافعات ص 449، د/ سعيد الشرعبي - المرجع السابق ص 414، د/ رمضان إبراهيم علام المرجع السابق ص 163 د طلعت خاطر المرجع السابق ص 40، د/ سيد أحمد محمود - أصول التقاضي - مرجع سابق - ص 248.
[3] د/ أحمد عبد الحميد - الرسالة السابقة - ص 168، د/ طلعت يوسف خاطر - المرجع السابق - من 54، د/خيري عبد الفتاح - المرجع السابق - ف 22 ص 90.
[4] كتاب نظرية الانعدام الاجرائي في
قانون المرافعات اليمني -لـ د/هشام قائد عبد السلام الشميري- الطبعة الثانية
2023م-مكتبة ومركز الصادق- ص 381-382
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق