الكيدية في التقاضي

 الكيدية في التقاضي:


من المعلوم أن إجراءات التقاضي وحق الدفاع مكفول شرعًا وقانونًا، وإن من المقرر فقهاً وقضاءً وقانونًا ، أن الأصل أنه لا جناح على من يستعمل حقه استعمالًا مشروعًا ، فلا يكون مسؤولًا عما ينشأ عن ذلك من ضرر بغيره، على نحو ما نصت عليه المادة (17) من القانون المدني. وما أوردته المادة من قيد على هذا الأصل جاء إعمالًا لنظرية إساءة استعمال الحق ، ويتمثل في أحد معايير ثلاثة يشترك فيها ضابط عام، كما قضت بذلك محكمة النقض المصرية، وهو نية الإضرار بالغير ، سواء في صورة تعمد الإساءة إلى الغير دون نفع يعود على صاحب الحق ، أو في صورة الاستهانة بالضرر الجسيم الواقع على الغير مقابل نفع يسير يمكن لصاحب الحق الاستغناء عنه ، أو إذا كانت المصلحة التي يهدف إليها غير مشروعة .


ومن القواعد الفقهية الثابتة: “الجواز الشرعي ينافي الضمان ، _أي أن الإنسان لا يؤاخذ بفعل ما يملك أن يفعله شرعًا ، فإذا وقع ضرر على الآخرين بسبب الفعل المأذون فيه ، فإن الشارع يمنع المؤاخذة ويدفع الضمان.


ومن هنا يُستخلص المبدأ القضائي والفقهي لتحديد الكيدية وتمييزها عن الاستعمال المشروع للحق ، وهو أن الشخص الذي يمارس حقه المشروع وفق القانون لا يلتزم بالتعويض عن الأضرار الناتجة عن هذا الاستعمال ،مادام أن الممارسة ضمن حدود القانون ولا تتضمن قصد الإضرار أو إساءة الاستعمال.


أما إذا خرج استعمال الحق عن حد المشروع ، سواء بالنية المضرّة أو بتحقيق مصلحة غير مشروعة أو بإحداث ضرر جسيم مقابل نفع يسير ، فحينئذٍ يتحول الجواز المشروع إلى مسؤولية عن الضرر ويُطبق عليه قيد إساءة استعمال الحق .


ويستخلص من ذلك أن الضابط العام لمفهوم الكيدية في التقاضي ، هو التفرقة بين الحق المشروع وبين الاستعمال المشوب بالإضرار بالغير ، وهو ما يحدد مسؤولية صاحب الحق أو إعفائه منها ، ويستلزم على المحكمة ، عند الفصل في المسألة المتعلقة بالكيدية ، أن توضح في أسباب حكمها تحقق أركان الكيدية وعناصرها في كل حالة على حدة، مما يعني أن سوء النية والكيدية في التقاضي لا تُعد مفترضة، بل يلزم إثباتها بالأدلة.


هذا ما نراه في المسألة المعروضة ، والله أعلم.@


ص .التعكري.. منشور  في مجموعة على تطبيق الواتس اب في المنتدى القانوني  بتاريخ 21/9/2025م تمام الساعة 7:11 

ليست هناك تعليقات: