بحث عقد البناء والتشغيل ونقل الملكية(B.O.T).


مقدمة:
ساهم تنامي وازدياد حاجة المواطنين الى المرافق العامة كنتيجة لضعف إمكانات الدولة المالية في اكتساب عقد البناء والتشغيل ونقل الملكية ((B.O.T أهمية كبيرة فقد اكتسبت هذه العقود أهميتها الخاصة من أنها تكفل للدولة تقديم الخدمات العامة وفقاً لخططها التنموية دون التقيد بقدرتها المالية وموازنتها العامة خاصة في ظل عجز ميزانيات الدول وبخاصة النامية منها عن تحمل كافة كلفة المشروعات التي تنجزها عقود البوت حيث يتولى القطاع الخاص مسؤولية توفير التمويل اللازم لتصميم وبناء وتشغيل وصيانة المرافق العامة التي تحتاج الى تمويل ضخم ونفقات مرتفعة مما يساعد الدول على فتح افاق جديدة تتناسب مع خططها التنموية، فقد شهد عقد البوت انتشاراً في كثير من الدول وأصبحت تطبيقاته بديلاً عن التمويل عن طريق الموازنة العامة او من خلال القروض الخارجية او المعونات او التمويل المجمع عن طريق البنوك وذلك لدوره الحيوي في إيجاد مرافق عامة ذات كفاءة عالية تعجز عنها ميزانيات الدول وبخاصة الفقيرة منها وبالتالي فإن هذا العقد يعد نافذة للدخول الى الحياة المدنية بكافة متطلباتها العصرية وفي هذا البحث سنتناول مفهوم عقد البوت و.....
أولاً: مفهوم عقد البوت:
هناك عدة تعريفات نستعرضها على النحو الاتي:
-تلك المشروعات التي تعهد بها الحكومة الى احدى الشركات -وطنية كانت ام اجنبية- سواء كانت شركة من شركات القطاع العام أو القطاع الخاص وتسمى شركة المشروع وذلك لإنشاء مرفق عام وتشغيله لحسابها مدة من الزمن ثم تنتقل ملكيته الى الدولة.
-نظام من نظم تمويل مشروعات البنية الأساسية حيث تعهد الدولة الى شخص من أِشخاص القانون الخاص يطلق عليه في العمل شركة المشروع بموجب اتفاق بينهما (يسمى اتفاق الترخيص) تلتزم شركة المشروع بمقتضاه بتصميم وبناء مرفق من مرافق البنية الأساسية ذات الطابع الاقتصادي ويرخص لشركة المشروع بتملك أًصول هذا المشروع وتشغيله بنفسها أو عن طريق الغير ويكون عائد تشغيل المرفق خالصاً لها على نحو يمكنها من استراد تكلفة المشروع وتحقيق هامش الربح.
-وقد ورد تعريف لعقد البوت من قبل بعض المنظمات الصناعية واللجان التابعة للأمم المتحدة حيث عرفته منظمة الأمم المتحدة للتنمية الاقتصادية على أنه
 " اتفاق تعاقدي تتولى بموجبه هيئة خاصة انشاء إحدى المرافق العامة الأساسية في الدولة بما في ذلك عملية التصميم والتمويل والقيام بأعمال التشغيل والصيانة وتتولى الهيئة الخاصة إدارة وتشغيل المرفق خلال فترة زمنية محددة يسمح لها فيها بفرض رسوم مناسبة على المستفيدين من خدمات المرفق وأية رسوم أخرى شرط ألا تتجاوز ما هو منصوص عليه في دفتر شروط التلزيم أو العقد المبرم وذلك لتمكين هذه الهيئة من استرجاع الأموال التي استثمرتها ومصاريف التشغيل والصيانة بالإضافة الى عائد مناسب على الاستثمار وفي نهاية العقد تقوم الهيئة الخاصة بإعادة المشروع الى الدولة او الى هيئة خاصة جديدة بالاستناد الى تلزيم جديد.
ثانياً: أبرز مزايا هذا العقد:
1-خلق مصادر جديدة للتمويل، حيث اصبح مورداً جديدا للحكومات سواءلجهة ما تحصله هذه الحكومات من ضرائب على شركة المشروع او لجهة العائدات الأخرى المتمثلة بإضافة جديدة الى البنية التحتية لللبا=لاد او لجهة الابتكار وتجنب الهدر وتخفيض التكاليف وزيادة الكفاءة في التشغيل فضلاًُ عن الحصول على مشروع جاهز في نهاية مدة الامتياز من دون تحميل الموازنة العامة أية أعباء.
2-اشراك القطاع الخاص في عمليات التنمية
3-التخفيف من كاهل ميزانية الدولة
4-الحصول على التقنية الحديثة
5-جذب الاستثمارات الأجنبية
6-التصرف من حيث الزمن
7-تحقيق شراكة بين الشركات المحلية والأجنبية المعروفة على الصعيد الدولي.
ثالثاً: التزامات شركة المشروع:
أ-الالتزامات المتعلقة بالمشروع ذاته:
الالتزام الاول: الالتزام بإنشاء المشروع بالمواصفات المتفق عليها خلال المدة المحددة:
يرتب عقد البوت على شركة المشروع واجب القيام بإنشاء المشروع محل العقد حسبما تم الاتفاق عليه من الشروط مع الإدارة وهو التزام بتحقيق نتيجة والا فإن شركة المشروع تتحمل المسؤولية اذا لم تحقق هذه النتيجة ولا يكفي للشركة أن تثبت انه قامت ببذل العناية اللازمة، و كذلك يتوجب على شركة المشروع ان تعمل على انهاء العمل بالمشروع من حيث انشاء المشروع واقامته خلال المدة الزمنية المنصوص عليها في العقد وفي حالة لم يتضمن العقد مدة محددة فإن ذلك لا يعني ان للشركة الحرية بشأن الوقت الذي تنهي العمل به في انجاز المشروع بل يتوجب عليها في هذه الحالة أن تلتزم بأن تنجز العمل في المشروع خلال مدة معقولة تسمح بإنجازه بحسب طبيعة هذا المشروع ومقدار ما يتطلبه من الدقة وبالأخذ بالنظر قدرة الشركة وامكانياتها وذا ما تأخرت الشركة في التنفيذ على الموعد المحدد في العقد فإنها تلتزم بسداد غرامات التأخير والتعويضات الاتفاقية.
الالتزام الثاني: الالتزام بتشغيل وصيانة المشروع:
من خلال عملية التشغيل تستطيع الشركة استرداد ما انفقته من أموال ومبالغ في بناء المشروع وتزيدوه بالمعدات والأجهزة وتحقيق الربح، ذلك أن الخدمة الناتجة عن التشغيل هي الهدف الذي تتوخاه الإدارة من العقد، وكذلك يتوجب على شركة المشروع الالتزام بصيانة المشروع وتتجلى أهمية هذا الالتزام بأن على الشركة في نهاية العقد أن تنقل ملكية المشروع الى الإدارة وهو في حالة جيدة تجعله صالحاً للتشغيل وهو أمر يحتم على شركة المشروع الالتزام بإجراء الصيانة الدورية اللازمة حتى يظل المشروع بحالة جيدة.
ب-الالتزامات المتعلقة بالإدارة:
الالتزام الأول: الالتزام بإعادة وتسليم المشروع الى الدولة المتعاقدة:
ان نقل ملكية المشروع او المرفق الى الدولة عند نهاية مدة العقد يعتبر التزاما رئيسا في عقود البوت ويجب أن يتم هذا الالتزام بدون مقابل وأن يكون المشروع بحالة جيدة تسمح باستغلاله من قبل الدولة التي ربما تجد ان من مصلحتها استمرار شركة المشروع في ادارته فتجدد لها العقد مرة أخرى.
الالتزام الثاني: الالتزام بتقديم ضمانات حسن التنفيذ والتعويضات الاتفاقية:
يتضمن الاتفاق بين الشركة والإدارة عادة نصاً يلزم الشركة بتقديم خطابات ضمان غير مشروطة بهدف ضمان تنفيذ الشركة لالتزاماتها المتعلقة بتصميم وانشاء المشروع من جهة والتزامها بنقل أًصول المشروع الى الدولة عند نهاية مدة العقد بحسب ما تم الاتفاق عليه من شروط من جهة أخرى، كما وينص عقد البوت في اغلب الأحيان على التزام الشركة بسداد التعويضات الاتفاقية للدولة المتعاقدة وهدف هذه التعويضات تأمين التعويض للدولة المتعاقدة في حالة اخلال الشركة في عملية إتمام أعمال المشروع وتجهيزه للتشغيل التجاري في الميعاد المتفق عليه.
الالتزام الثالث: الالتزام بنقل التكنولوجيا: -
يشكل عقد البوت وسيلة هامة لنقل التكنولوجيا من الدول المتقدمة الى الدول النامية لاستخدام هذه التكنولوجيا في عملية انشاء المرافق العامة وادارتها اذ ان استخدام التكنولوجيا الحديثة التزام يقع على عاتق شركة المشروع التي تتعاقد مع الإدارة لإقامة المرفق موضوع العقد من أجل الحصول على مستوى الأداء والجودة العالية في تقديم الخدمة للجمهور المنتفع بما يقدمه المرفق من خدمات بالإضافة الى ان نقل التكنولوجيا الحديثة يعتبر مصلحة للشركة المشروع اذ يكفل لها حسن الإدارة وتحقيق اكبر قدر ممكن من الأرباح اذ ان دخول التكنولوجيا الحديثة يقلل من الاعتماد على الايدي العاملة وفي ذات الوقت تقديم الخدمة الجيدة، كما أن الدولة المتعاقدة لها أيضاً مصلحتها في الحصول على تكنولوجيا متقدمة تساعدها على تحقيق التنمية الاقتصادية.
ويعتبر الالتزام بنقل التكنولوجيا من أبرز الالتزامات الناشئة عن عقود البوت وذلك بسبب ضخامة المشروعات محل هذه العقود مما يستوجب الاستعانة بالتكنولوجيا المتطورة وهنا يحق للدولة المضيفة للمشروع ان تطلب استخدام التكنولوجيا التي تتفق وخططها التنموية.
رابعاً: تمييز عقد البوت عن غيره من العقود المثيلة: -
1-عقد البناء والتأجير ونقل الملكية BLT
ويطلق عليه البعض عقود البناء والتأجير ثم التحويل، وفي هذا النوع من العقود تسمح الدولة للمستثمر ببناء المشروع وغالبا ما يكون أحد المباني الحكومية كمدرسة مثلا ثم بعد الانتهاء من بنائه تقوم الجهة الإدارية باستئجاره من شركة المشروع طوال فترة الامتياز.
2-عقود التصميم والبناء والتمويل والتشغيل DBFO
وفي هذا النوع من القعود يتم الاتفاق على تصميم المشروع منذ البداية خاصة عندما يحتاج المشروع إلى تصميم معين كالمطارات ثم بعد ذلك يتم بناء المشروع وتوفير التمويل اللازم وبخاصة عندما يحتاج المشروع إلى تمويل مستمر وكاف لحسن إدارته ثم تأتي عملية التشغيل ليحصل المستثمر على ما أنفقه وأرباحه خلال فترة التشغيل وبعد ذلك تؤول الملكية إلى الدولة.
3-عقود البناء والتملك والتشغيل BOO
وفي هذا النوع من العقود تتفق الدولة مع المستثمر أو شركة المشروع بإقامة المشروع وتملكه وتشغيله وبهذا تمتلك شركة المشروع والمستثمر المشروع كاملا وفي النهاية يكون لها الحق في التصرف في المشروع دون التزام بإعادته للدولة.
ویری جانب من الفقهاء إلى أن هذا النوع من العقود لا يعتبر من أنواع عقود البوت بل هو مجرد شكل من أشكال الخصخصة ولكن بأسلوب البوت.
4-عقود التحديث والتملك والتشغيل والتمويل M.O.OT
وفي هذا النوع من العقود تنفق الدولة مع المستثمر على تطوير المرفق أو مشروع البنية الأساسية الموجود أصلا وبهذا لا يقوم المستثمر بإنشاء المشروع وإنما يقتصر مهمته على تطويره وتحديثه في مقابل حيازته لفترة من الزمن يتم الاتفاق عليها في العقد وفي خلال هذه الفترة الزمنية يحصل المستثمر على إيرادات المشروع والرسوم المفروضة من تشغيله.
وهذا العقد في حقيقته لا يتم تمليك المستثمر المشروع بعد تحديثه إذ أنه فقط يقوم بحيازة المشروع واستغلاله، كما أنه يحوز الآلات والمعدات التي قام بشرائها حيازة تمكنه من تحقيق أغراض المشروع إذ يمكنه من استبدال الآلات والمعدات وتغيرها بحيث لا تصبح هذه الحيازة سندا للمستثمر في أن يقوم بالتصرف في المعدات والآلات قبل أن يترك المشروع وفي هذا النوع من المشروع يتم استبدال البناء بالحديث أي أن العقد ينصب على التحديث.
5-عقود البناء والتشغيل وتجديد الامتياز BOR
وفي هذا النوع من العقود يتم التعاقد وبناء المشروع ثم تشغيله للفترة الزمنية المتفق عليها، وغالبا ما يترتب على ذلك استمرار المنافع من المشروع وزيادة عدد المتعاملين مع المشروع وزيادة الرسوم المفروضة وقد يؤدي ذلك إلى دخول الجهة في مفاوضات جديدة مع المستثمر لحصوله على فترة زمنية أخرى من أجل تجديد الامتياز.
6-عقود الإيجار والتجديد والتشغيل وتحويل الملكية L.R.O.T
وفي هذا النوع من العقود يقوم المستثمر باستئجار مشروع ما من الدولة لمدة زمنية محدودة ثم يقوم بتجديد وتحديث وتشغيل واستغلال المشروع وبعد انتهاء المدة المحددة للإيجار يقوم بإعادته للجهة المالكة بحالة جيدة وبدون مقابل.
وفي هذا العقد لا تمتلك الشركة الشروع في أي مرحلة من مراحله بل تظل ملكية للجهة الإدارية التي تقوم بإيجاره إلى شركة المشروع.
ويذهب جانب من الفقه إلى أن هذا العقد من العقود لا يعد من عقود البوت على الإطلاق فهو مجرد عقد إيجار عادي مع التزام المستأجر بتجديد المشروع حتى يتمكن من استغلاله الاستغلال الأمثل.
7-عقود البناء والتمويل والتحويل B.F.T
وفي هذا النوع من العقود يقوم المستثمر أو شركة بتمويل أحد المشروعات الأساسية على أن تقوم الدولة بسداد تكلفة هذا التمويل إلى المستثمر أو شركة المشروع على أقساط.
8-عقود التأجير والتدريب والتحويل L.T.T
وفي هذا النوع من العقود يقوم المستثمر أو شركة المشروع بعملية تمويل أحد المشروعات الأساسية كما يقوم بتدريب العاملين بها ثم يقوم بالأجير المشروع إلى الحكومة التي تقوم بتشغيله خلال فترة زمنية تعود بعدها ملكية المشروع للقطاع الخاص.
9- عقود البناء والتمويل B.T
وفي هذا الشكل من العقود يتم الاتفاق بين شركة المشروع والحكومة على قيام شركة المشروع ببناء وتشييد المشروع ثم تقوم بعد ذلك بنقل ملكية المشروع مباشرة إلى الدولة.
ويختلف هذا النوع من العقود عن عقود البوت لأن شركة المشروع لا تقوم باستغلال المشروع أو تشغيله وتحصل شركة المشروع على نما قامت بإنفاقه من الدولة على فترات زمنية يتم الاتفاق عليها بحيث يغطي التكاليف التي انفقتها شركة المشروع وقدر معقول من الأرباح.
الخاتمة:
في هذا البحث تعرفنا على عقد البوت فقد تناولنا بيان مفهوم عقد البوت وأهم مزاياه وبيان التزامات شركة المشروع ثم التفريق بين عقد البوت والعقود المشابهه له.
المراجع: -
-رسالة ماجستير بعنوان التزامات المتعاقد مع الإدارة في عقود البوت لوليد مصطفى الطروانة جامعة الشرق الأوسط 2014م.
-بحث بعنوان عقد البوت بين القانون الخاص والقانون العام وأثره على استقطاب الاستثمارات للدكتور ناصر خليل جلال.
-كتاب عقد الـ BOT للدكتور الياس ناصيف-لبنان 2006م.
-ورقة عمل عقود البوت للأستاذ إسماعيل الصيدلاني 1436هـ.
 
اعداد/ سمر عبد السلام العريقي  

تعليقات