الركن الشكلي للحكم القضائي كسند تنفيذي
يعرف الشكل في العمل الإجرائي بانه هو شكل قانوني ذلك ان الأعمال الإجرائية تخضع لأحكام قانون المرافعات الذي يهتم في المقام الأول بالشكل ، فالمشرع هو الذي يحدد وسيله القيام بالأمر، والشكل الذي يجب ان يتم فيه ، لذا فإن الأعمال الإجرائية من الأعمال الشكلية، والشكل هو الوسيلة التي يجب ان يتم فيه الأجراء حتى تترتب عليه أثاره القانونية.
"المرجع: د/ محمد الصاوي: الشكل في الخصومة المدنية في التشريعين المصري والفرنسي رسالة دكتورة، ص67- 68.
محمد جمال عطية عبدالمقصود، الشكلية القانونية ، دراسة مقارنة بين النظم القانونية الوضعية والشريعة الإسلامية ، رسالة دكتوراه، جامعة الزقازيق، سنة 1993، ص212."
الركن الشكلي للحكم القضائي كسند تنفيذي بينته الفقرة (2) من المادة (326) مرافعات من انه يتكون من عنصرين هما صورة تنفيذية وصيغة تنفيذية بقولها:
[2 - لا يجوز التنفيذ إلاَّ بموجب صورة تنفيذية تتمثل في السند التنفيذي مذيلاً بالصيغة التنفيذية مالم ينص القانون على غير ذلك.]
معلوم ان الركن الشكلي للحكم القضائي كسند تنفيذي هي الصورة التنفيذية –وهي الشكل الخارجي الذي يتخذه العمل القانوني القابل للتنفيذ حتى يستطيع ان يرتب أثاره .
"المرجع: هيكل احمد عثمان، مرجع سابق، ص277."
ولكي يكون الحكم القضائي سنداً تنفيذياً ، يجب ان يتوافر فيه _فضلاً عن الأركان والشروط الموضوعية_ شكل محدد، فالوثيقة التي تتضمن الحكم القضائي ينبغي أن تكون في صورة معينة تعرف بالصورة أو النسخة التنفيذية.
"المرجع السابق، ص278."
فلان السند التنفيذي هو عمل قانوني إجرائي وكانت الصورة التنفيذية هي شكل خارجي للسند التنفيذي فإنها بذلك تعد الركن الشكلي للسند التنفيذي ، وما يؤكد ذلك ان المبدأ في قانون المرافعات هو قانونية الشكل بالنسبة للأعمال الإجرائية، وحقيقة ان العمل الإجرائي يعتبر عملاً قانونياً شكلياً لا ينتج أثاره القانونية إلا اذا تم بالشكل الذي قرره القانون.
"المرجع: د/ محمد الصاوي : الشكل في الخصومة المدنية، مرجع سابق، ص56."
والشكل بهذا المعنى يعتبر عنصر من عناصر العمل الإجرائي يلزم توافره مع العناصر الموضوعية لكي ينتج الأجراء اثره، لذلك فالقاعدة هي ان الشكل يعد ركنا من أركان العمل الإجرائي.
"المرجع: احمد محمد حشيشي، التنفيذ في قانون المرافعات ، مطبعة جامعة طنطا الكتاب الجامعي، 1998م ص132."
أو هو مجموعة من العناصر التي تعطي للأجراء تعبيره الخارجي الذي يظهر به إلى الوجود وانه لا يعتد بالعمل القانوني ولا ينتج أثاره القانونية إلا اذا تم بالشكل الذي قرره القانون .
"المرجع: د/ احمد ماهر زعلول: أصول التنفيذ وفقاً لمجموعة المرافعات المدنية والتجارية ط(2) مكتبة سيد عبدالله وهبه، القاهرة، ص1986م، ص25."
"المرجع: د/ أسامة الفيومي احمد المليجي، الإجراءات المدنية للتنفيذ الجبري، دار النهضة العربية القاهرة 2006م، ص250."
والصورة التنفيذية ليست الركن الشكلي للسند التنفيذي وركن لا يستقيم أمره من دونها وحسب، وإنما هي عبارة عن ورقة رسمية من المحرر المثبت للعمل القانوني المؤكد لحق يوقعها موظف مختص ثابت بها مضمون السند مذيله بالصيغة التنفيذية .
"المرجع: د/ احمد صدقي محمود: إجراءات التنفيذ الجبري في قانون المرافعات ط(2) لسنة 2002م مطبعة الأسراء، ص57."
أو هي صورة طبق الأصل من السند التنفيذي تذيل بالصيغة التنفيذية ولا يجوز التنفيذ في غير الحالات المستثناة إلا بموجب صورة من السند التنفيذي عليها صيغة التنفيذ فالأمر لا يتعلق بأصل السند اياً كان نوعه، وإنما بصوره تؤخذ منه وتوضع عليه الصيغة التنفيذية.
"المرجع: د/ أسامة شوقي احمد المليجي، الإجراءات المدنية للتنفيذ الجبري ، مرجع سابق، ص55."
هيكل احمد عثمان ، نظرية الحكم القضائي كسند تنفيذي، مرجع سابق، ص279."
والسند التنفيذي لا يعد موجوداً قانوناً، إلا عندما ترتدي الإرادة الجزائية المعترف بها قانونا شكل الصورة التنفيذية لذلك لا يرتب الحكم اثره التنفيذي إلا بعد استخراج صورته التنفيذية ولذلك أفراد كل من المشرعين المصري واليمني نظاما إجرائيا في المواد (329- 332) مرافعات يمني والمواد (280 -285) مرافعات مصري والذي بين فيه ماهية الصورة التنفيذية، ولمن تسلم ونظام تسليمها
"المرجع: إبراهيم محمد الشرفي: الوجيز في شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية طبعة (بدون) ص226.
ق.د/ هيكل عثمان، المرجع السابق، ص4"
ولأن القاعدة ان الشكل ركن في العمل الإجرائي، وليس شكلاً للإثبات ، فهذا يعني ان الصورة التنفيذية ركن في السند التنفيذي، وليس مجرد دليل لإثباته فهي ليست صورة لأثبات السند التنفيذي بالمعنى الفني لصورة المحررات الرسمية في قانون الإثبات م(101) ولذا لا يغني عنها لإجراء التنفيذ أي مستند ولو كانت صورة رسمية للسند مثل صورة بسيطة للحكم (228 مرافعات) أو صورة فوتوغرافية (102 إثبات) معتمدة للصورة التنفيذية.
ولكل ما سبق فإن الصورة التنفيذية تعد مفترض ضروري للتنفيذ لا يجوز لمعاون التنفيذ _أو لقاضي التنفيذ_ ان يقوم به، إلا اذا سلمه طالب التنفيذ هذه الصورة ."
د/ هيكل عثمان المرجع السابق، ص280.
وهذا ما أكدته المادة (226) من قانون المرافعات بقولها:[2 - لا يجوز التنفيذ إلاَّ بموجب صورة تنفيذية تتمثل في السند التنفيذي مذيلاً بالصيغة التنفيذية مالم ينص القانون على غير ذلك. ]والصورة التنفيذية لا تعد مفترضاً ضرورياً للتنفيذ وحسب، وإنما هي الجسم المادي للسند التنفيذي، وتعد ورقة من أوراق قانون المرافعات.
وينبغي عدم الخلط بين الصورة التنفيذية والسند التنفيذي، فالسند التنفيذي عمل قانون أما الصورة التنفيذية فليست إلا شكلا خارجياً لهذا العمل واذا شرع في إجراءات التنفيذ بغير الصورة التنفيذية كان التنفيذ باطلاً ولا يصححه الحصول على الصورة التنفيذية في وقت لاحق ، وإنما يلزم إعادة كل الإجراءات من جديد اذا حصل طالب التنفيذ على الصورة التنفيذية .
"المستشار أنور طلبه، التنفيذ الجبري ومنازعاته الوقتية والموضوعية ط1996م ص19.
د/ نبيل إسماعيل عمر: الوسيط في التنفيذ الجبري للأحكام، ط2000م ص12.
ولما كانت صورة السند لا تعد صورة تنفيذية إلا اذا كانت ثابته عليها صيغة معينة ، فإن القانون يكون قد تطلب شكلاً معيناً للحكم القضائي الذي يجوز التنفيذ بمقتضاه يتمثل في الصورة التنفيذية مذيلاً بها الصيغة التنفيذية ، واشترط المشرع لضرورة ان يتخذ العمل شكلاً معيناً لكي يعترف له بالصفة التنفيذية لم يأت عبثاً أو لمجرد إحياء للأشكال المقدسة القديمة للإجراءات وإنما هو وسيلة لجأ اليها المشرع لمحاولة أحكام الرقابة على إجراءات التنفيذ بحيث تحقق مصلحة الدائن دون ان يجور على مصلحة المدين.
"المرجع: د/ ماهر زعلول، أصول التنفيذ، مرجع سابق، ص31- 32,"
وبناء على ذلك فإذا شرع في التنفيذ بغير الصورة التنفيذية كان التنفيذ باطلاً.
كما ان الصورة التنفيذية لا تعد ضرورة لبدء إجراءات التنفيذ ووسيلة قررها المشرع لضبط وأحكام الرقابة على إجراءات التنفيذ وحسب وإنما وجودها يحقق العديد من الوظائف المهمة التي تحقق مصلحة الدائن والمدين على السواء
"المرجع: د/ احمد أبو الوفاء، إجراءات التنفيذ ومنشاة المعارف الإسكندرية ، ط(2000)م بند 104،ص238."
د/ ماهر زغلول أول التنفيذ مرجع سابق ، بند 41، ص84."
ومن اهم تلك الوظائف ما يلي:
1- ان الصورة التنفيذية تسهل مهمة المحكمة التنفيذية في التحقق من حق طالب التنفيذ دون ان يترك لها مجالاً للتقدير حول وجود السند التنفيذي لأنها علامة ظاهرة على حق حائزها في التنفيذ ودليل على انه لم يستوف حقه بعد، بتنفيذ سابق، ويحول دون تكرار التنفيذ على المدين اقتضاء لحق واحد.
"المرجع: د/ احمد مليجي ، التعليق على قانون المرافعات المكتب الفني للإصدارات القانونية –القاهرة ص110."
احمد ماهر زغلول، المرجع السابق، ص48."
2- ان وجود الصورة التنفيذية يكشف عن ان حائزها هو صاحب الحق في التنفيذ وان حيازته لها تعد حيازة مشروعة، أي انه هو الشخص الذي أعطيت له الصورة أو خلفه أو وكيل أي منهما إلا انه قد يحدث في بعض الأحوال ان يكون حائز هذه الصورة ليس هو الشخص المبين اسمه فيها كما لو أعطيت للسلف وانتقلت للخلف، ففي هذه الحالة يجب على عامل التنفيذ ان يطلب من حائزها ان يبين مشروعية حيازته لهذه الصورة قبل أجراء التنفيذ.
- د/ عبدالعزيز جليل بريوي ، قواعد إجراءات التنفيذ الجبري ، التحفظ في قانون المرافعات، ط(3) العالمية، القاهرة ض180.
- د/ فتحي والي التنفيذي الجبري القضائي والإداري، دار النهضة العربية القاهرة 1980م، بند 66 ص30.
- د/ القاضي هيكل احمد عثمان ، نظرية الحكم القضائي كسند تنفيذي ، مرجع سابق، 286."
والصيغة التنفيذية بوصفها جزءً من الصورة التنفيذية وتتضمن امر تنفيذه إلى أطرافه والى السطلة العامة أن تبادر بالمساعدة على ذلك ولو باستعمال القوة الجبرية.
"د/ احمد أبو الوفاء ، إجراءات التنفيذ، مرجع سابق، بند 104 ص236."
وهي عبارة بألفاظ معينة توضع على صورة السند التنفيذي، مستكمل بها عناصره وينشا لصاحب السند حق الحصول على العدالة ويتأكد من خلالها ان طالب التنفيذ هو صاحب الحق الثابت بالحكم وانه لم يستوف هذا الحق من قبل بتنفيذ سابق.
"المرجع: الحكم الصادر من محكمة النقض المصرية في الطعن رقم (590) بند 34ق جلسة 28/1/1969م س(20)ع (1) ص175 نقلاً عن المستشار سعيد احمد شعلة قضاء النقض والتنفيذ والحجز مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض خلال (65) عام 1931 -1995م منشاة المعارف الإسكندرية ط(1997) ص82.
وهي عبارة بألفاظ معينة حددتها المادة (327) من قانون المرافعات بقولها:
[بقوة الشرع والقانون : فان السلطة القضائية تقرر فرض تنفيذ هذا السند التنفيذي جبراً وعلى السلطة العامة أن تعين على إجرائه ولو باستعمال القوة المسلحة متى طلب قاضي التنفيذ منها ذلك]
والمبدأ المقرر انه لا سبيل لتنفيذ الحكم القضائي ذي القوة التنفيذية إلا متى كان مذيلاً بالصيغة التنفيذية
د/ فتحي والي ، التنفيذ الجبري، مرجع سابق، ص113، 114.
د/ وجدي راغب، نظرية التنفيذ، مرجع سابق، ص59،60
د/ محمد عبدالخالق عمر، مبادئ ص83
د.ق/ هيكل احمد عثمان ، المرجع السابق، ص290.
والصيغة التنفيذية شكل إجرائي غير عادي أو خاص، وشكل تشريعي، وعبارتها هي عبارات التشريع ذاته ولذا اذا سار التنفيذ بدون وجود الصيغة كان التنفيذ باطلاً بطلان متعلق بالنظام العام.
د/ احمد محمد حشيش نظرية القوة التنفيذية لحكم التحكيم دار الفكر الجامعي الإسكندرية ط(1) ص143 وما بعدها.
فالمشرع وإن تخلى عن نظام الألفاظ المقدسة التي تستخدم كشكل للأعمال الإجرائية إلا انه لم يتخل قط عن هذا النظام بالنسبة للصيغة التنفيذية بل جعل الصيغة التنفيذية وحدها شكلاً مقدساً لقوة السند الإجرائي التنفيذي، فالصيغة التنفيذية هي عبارات المشرع ذاته وبالتالي/ فهي عبارات تشبه الطقوس ، إذ المسلم به انه لا احد كائناً من كان ان يحل عبارته محل عبارات التشريع بل يجب ان تكتب هذه الصيغة حرفيا على صورة السند ليصير سنداً تنفيذياً. والا فلا يصير سنداً تنفيذياً بل يبقى مجرد سند.
وبناء على ذلك فان عدم وجود الصيغة التنفيذية سواء من حيث المعنى القانوني فإن الأثر القانوني الذي يترتب نتيجة لذلك هو ان السند لا يصير سنداً تنفيذياً بل يبقى مجرد سند.... ولأنها شكل تشريعي وعبارتها هي عبارات التشريع ذاته فانه اذا سار التنفيذ بدون وجود الصيغة كان التنفيذ باطلاً بطلاناً متعلقاً بالنظام العام ."المرجع: د/ احمد محمد حشيش، نظرية القوة التنفيذية، المرجع السابق، ص149.
الاستاذ المحامي/ فهمي عقيل ناجي
تعليقات