مدى حجية تقارير المحاسبين القانونيين لدى المحكم
مدى
حجية تقارير المحاسبين القانونيين لدى المحكمة
إعداد
المحامية / كوثر علي الجعد
تحت
إشراف المحامي/
حميد محمد ناجي النمير
المقدمة
مع تعقيد المنازعات
ذات الطبيعة المالية والاقتصادية، باتت الحاجة إلى خبرات فنية مساندة للقضاة أمراً
لا غنى عنه. ومن بين أبرز تلك الخبرات تأتي تقارير المحاسبين القانونيين، التي
تلعب دوراً حاسماً في توضيح الجوانب المحاسبية للمنازعات، خاصة في القضايا
التجارية والضريبية وقضايا الإفلاس والاحتيال المالي.
غير أن تساؤلاً
قانونياً مهماً يظل قائماً: هل تقارير المحاسبين القانونيين ملزمة للمحكمة؟ أم
أنها مجرد رأي استشاري؟ وهل تختلف حجيتها إذا ما كانت صادرة عن محاسب مُعين من
المحكمة أو من أحد الخصوم؟
هذا البحث يتناول هذه
الإشكالية، محللاً النصوص القانونية، والفقه القانوني، وأحكام المحاكم، بهدف
الوصول إلى موقف علمي وعملي من مسألة حجية هذه التقارير.
حيث نظم المشرع اليمني مهنة تدقيق ومراجعة
الحسابات بالقانون رقم (26) لسنة 1999م، والذي حددت المادة (3) منه هدف المهنة
بقولها:
تهدف مهنة تدقيق
ومراجعة الحسابات إلى إعطاء رأى فني موضوعي محايد عن مدى عدالة القوائم المالية
بما يؤدي إلى إمكانية الاعتماد عليها من قبل مستخدميها ...... وتوفير الشفافية
وفقاً للأصول العلمية والعملية والمعايير التي يتم اعتمادها من السلطات المختصة..
وفى سبيل هذا الهدف
نظمت احكام هذا القانون حقوق وواجبات المحاسب القانوني ومن أبرز الواجبات التي
القاها المشرع على عاتق المحاسب القانوني هي الالتزام بأصول المهنة وبذل العناية
الكافية في تأدية مهامه بصريح نص المادة (43) من قانون المهنة
بقولها:
يجب على المحاسب
القانوني عند القيام بمباشرة أعمال المراجعة وتدقيق الحسابات أن يلتزم بالأصول المهنية
وأن يبذل العناية الكافية في تأدية مهامه وأن يبدي رأيه في القوا يم المالية كوحدة
واحدة وأن يشير بوضوح إلى مدى كفاية وملاءمة الافصاح...
فيما القت المادة
(44) من ذات القانون على عاتق المحاسب القانوني واجب الالتزام بالقوانين النافذة
بقولها:
يجب على المحاسب
القانوني أن يراعي الالتزام بالقوانين النافذة وان يتأكد من تطبيقها بصفة مستمرة
من قبل عملائه.
فيما رتبت المادة
(60) من ذات القانون المسئولية الكاملة على عاتق المحاسب القانوني عن اخلاله بأياً
من التزاماته وواجباته سالفة الذكر بقولها:
المحاسب القانوني مسئول
مسئولية كاملة عن تطبيق وتنفيذ كل ما تضمنته القوانين النافذة من حقوق ووجبات
والتزامات ومسئوليات ومهام وأعمال تتعلق بالمحاسب القانوني وتتخذ في مواجهته كافة
الإجراءات المقررة في تلك القوانين بما فيها العزل أو التعويض أو التقاضي..
وتلك الواجبات
والالتزامات لم يتقيد أو يلتزم بها المحاسب المنتدب، بل أخل بها اخلالاً جسيما
يستوجب مسائلته عنها، وبرز ذلك الاخلال من قبل المحاسب المنتدب في صور شتى ومتعددة
نستعرض أبرزها في الصور التالية: -
ويقضى المبدأ
القانوني ايضاً أن الخبرة الفنية التي تجريها المحكمة لا تفيدها في شيء وبالتالي
لها أن تهملها كلية ...
ويقضى كذلك أن الخبرة
الفنية رأى استشارى لا يقيد المحكمة لأن القاضي يبقى الخبير الأول وله الرأي
الأخير في حسم النزاع وبالتالي فله أن يأخذ برأي الخبير كله أو بعضه وفقاً لما
يقتنع به لان ذلك يدخل في سلطته الموضوعية الا أن تلك السلطة مرتبطة بوجود الاسباب
التي حملت القاضي على الأخذ بجزء من تقرير الخبرة واهمال الجزء الآخر.
تعرف الخبرة بانها
وسيلة من وسائل الإثبات الشرعي يلجأ إليها القاضي في الدعوى التي تتطلب الإلمام
بعلم لا يدخل في دائرة علم القاضي أو معرفته وثقافته كالطب أو الهندسة أو المحاسبة
وغيرها من المسائل التي يتطلب بحثها دراية خاصة.
والخبرة من حيث
اتصالها بالواقعة محل الإثبات هي نوع من المعاينة الفنية المباشرة التي تحتاج إلى
شخص متخصص فيها.
د/ عبد المؤمن شجاع
الدين بحث منشور في مجلة التحكيم .العدد 47 عام 2004م
منقول من دراسة
قانونية لمؤسسة الربيعي وشركاه صـ 78 بتاريخ 16/7/2025م.
وتعرف الخبرة الفنية
القضائية بمعناها القانوني بأنها تدبير تحقيقي يهدف الى الحصول على معلومات ضرورية
بواسطة اصحاب الخبرة أو من اجل البت في مسائل فنية ذات طبيعة محددة تكون محل نزاع
ولا تلجا المحكمة اليها الا عند عدم ادراكها للمسائل المعروضة بنفسها أو عندما
تكون الأدلة المعروضة في الدعوى غير كافية لتوضيحها
وقد منح المشرع محكمة
الموضوع الحرية الكاملة في انتداب خبير أو أكثر متى ما رأت بأنها في حاجة
للاستعانة برأي خبير فني متخصص، غير أنه أوجب عليها في هذه
من الاهمية بمكان
تقييم التقريرين المحاسبيين المقدمين من المحاسب المنتدب ، للوقوف على مدى
سلامتهما وصحتهما من الناحية القانونية من عدمه لتحديد مدى حجيتهما القانونية في
الاثبات وسلطة المحكمة في الأخذ بالنتائج التي انتهى اليها المحاسب المنتدب في
تقريريه المحاسبيين من عدمه سيما وان للمحكمة سلطة تقديرية في الاخذ بتقارير
الخبرة او تهملها كلياً او تأخذ بجزء منه تعرض عن جزء فالمقرر أن راي الخبير لا
يقيد المحكمة ويذهب راي الفقه الى القول أن المحكمة ليست ملزمة برأي الخبير بعينه
ولها مطلق التقدير في ذلك بل لها أن تأخذ برأي مخالف تماما لرأيه اذا تبين لها
وجاهة ذلك الراي أو أن استنتاجات الخبير غير صحيحة أو غير مطابقة للواقع أو كان
رأي الخبير يناقض المستندات المبرزة في الدعوى وان المحكمة غير ملزمة ببيان
الاسباب التي دعتها الى عدم الاخذ به ويكفي أن تشير في اسباب حكمها انها لم تأخذ
به لتعارضه مع حقيقة ما وصلت اليه الحالة أن تصدر قراراً بتعيين خبير مع تحديد ما
يلزم به من أعمال بدقه وبيان النقاط الفنية الغامضة التي يطلب منه توضحيها وذلك ما
قررته المادة (165) إثبات بقولها:
على المحكمة في
المسائل الفنية مسائل الطب والهندسة والحساب أو غيرها مما يدق فهمه أن تعين خبيراً
فنياً أو أكثر من المؤهلين علمياً وفنياً .... ويجب على المحكمة أن تذكر في قرارها
بياناً دقيقاً لمأمورية الخبير تقريره فيه ويكلف الخبير والأجل المضروب لإيداع
تقريره بما أدت إليه أبحاثه في الموعد المحدد....)
ويتعين على الخبير أن
يلتزم بالمأمورية وحدودها المنصوص عليها في حكم الندب وسلطته تقتصر على إبداء
الرأي الفني في هذه المأمورية ولا يجوز له القيام بأي عمل أخر.
كمها. يحكم ببطلان
التقرير إذا خرج الخبير عن المأمورية التي رسمتها له المحكمة في حمها.
د/ احمد ابو الوفاء :
التعليق على نصوص الاثبات صـ 518 منقول من دراسة قانونية لمؤسسة الربيعي وشركاه صـ
79 تاريخ 16/7/2025م .
وفى سبيل هذا الهدف
نظمت احكام هذا القانون حقوق وواجبات المحاسب القانوني ومن أبرز الواجبات التي
القاها المشرع على عاتق المحاسب القانوني هي الالتزام بأصول المهنة وبذل العناية
الكافية في تأدية مهامه بصريح نص المادة (43) من قانون المهنة
بقولها:
يجب على المحاسب
القانوني عند القيام بمباشرة أعمال المراجعة وتدقيق الحسابات أن يلتزم بالأصول
المهنية وأن يبذل العناية الكافية في تأدية مهامه وأن يبدي رأيه في القوا يم
المالية كوحدة واحدة وأن يشير بوضوح إلى مدى كفاية وملاءمة الافصاح ...فيها
فيما القت المادة
(44) من ذات القانون على عاتق المحاسب القانوني واجب الالتزام بالقوانين النافذة
بقولها:
يجب على المحاسب
القانوني أن يراعي الالتزام بالقوانين النافذة وان يتأكد من تطبيقها بصفة مستمرة
من قبل عملائه.
فيما رتبت المادة
(60) من ذات القانون المسئولية الكاملة على عاتق المحاسب القانوني عن اخلاله بأياً
من التزاماته وواجباته سالفة الذكر بقولها:
المحاسب القانوني
مسئول مسئولية كاملة عن تطبيق وتنفيذ كل ما تضمنته القوانين النافذة من حقوق
ووجبات والتزامات ومسئوليات ومهام وأعمال تتعلق بالمحاسب القانوني وتتخذ في
مواجهته كافة الإجراءات المقررة في تلك القوانين بما فيها العزل أو التعويض أو
التقاضي..
وتلك الواجبات
والالتزامات لم يتقيد أو يلتزم بها المحاسب المنتدب، بل أخل بها اخلالاً جسيما
يستوجب مسائلته عنها، وبرز ذلك الاخلال من قبل المحاسب المنتدب في صور شتى ومتعددة
نستعرض أبرزها في الصور التالية: -
ما يدل على أهمية وحجية التقارير للمحاسبين القانونين :ـ
وقد اشترط المشرع في
الخبير المنتدب نفس الشروط المفترضة في القاضي مما يدل على أهمية قرار المحاسب
القانوني على حكم المحكمة حيث يقوم ما قام القاضي يشترط أن يكون محايد نزيهاً لذلك
جاز ـ رده لذات الاسباب التي يدر بها القاضي ـ وذلك ما نصت عليه المادة (166) من الاثبات
شرعي وقانون المرافعات بقولها (128) فقرة (7) (يكون القاضي أو عضو النيابة
مممنوعاً من نظر دعوى (الخصومة) ويجب عليه التنحي عن نظرها عن تلقاء نفسه ولو لم
يطلب الخصوم ذلك في الاحوال الاتية (إذا كان قد أفتى في الدعوى أو ترافع فيها عن
أحد الخصوم أو كتب فيها ولو كان قبل أنتقاله بالقضاء أو كان قد سبق له نظرها
قاضياً وحكم فيها في درجة أدنى أو نظرها خبيراً أو محكماً وأبدى رأيه فيها أو أدى
شهادة فيها قبل عمله بالقضاء أو كان لديه علم خاص بها) .
المراجع : القاضي
محمد واصل : القاضي حسين بن علي العلالي الخبرة الفنية أمام القضاء مسقط 2004 صـ
261
منقول من دراسة
قانونية لمؤسسة الربيعي وشركاه صـ 93 بتاريخ 16/7/2025م .
وتعبر قرينة قضائية
قوية إلا إذا اثبت احمد الخصوم بطلانها وحق الاعتراض بطعن على التقرير خلال 10
أيام بنص المادة (114) إثبات مما يؤكد على أهمية التقارير للمحامين وحجيتها
القانونية من حيث المواد القانونية الملزمة ومن حيث مواد الطعن في التقارير
ومواعيده واستقلالية الخبير المهنة .
الخلاصة :
تقارير المحاسبين
المعينة من المحكمة لها حجية قوية وتشكل اهمية كبيرة في حكم القاضي وتوضيح دقيق
للحسابات المعقدة أو المغلوطة أو المتلاعب بها من قبل اصحاب الشأن الخصوم ) وصدق
لا نزهة التقارير تعتمد على شرعية الاجراءات وقوة المنهجية ووضوحها وتطابقها
وفعالية مناقشة الاطراف لها والموافقة على اغلبها وتشكل دليلاً رئيسياً هام جداً في
المنازعات المالية .
* وهذا ما نصت عليه
مواد قانون الاثبات الشرعي (102 , 121) حيث تمثل هذه التقارير عنصراً محورياً في
الاثبات القضائي ولها حجية قانونية تختلف هذه الحجية باختلاف الانظمة القضائية
والضوابط المنظمة والمشروطة لعمل الخبراء وحيث تعتبر تقارير المحاسبين أدوات فنية
هامة توضيحية متخصصة تقدم دعماً قضائياً حاسماً قد يبنى ويأسس عليه القاضي حكم
النازع المالي أو التجاري المعقد .
إلا أن هذه الحجية
لها حدود وفقاً للمادة (7) من قانون الاثبات (التقارير الخبراء المحاسبين لا تلزم
القاضي والقاضي حر في تقدير وزن التقرير ) .
الخاتمة
يتبين من خلال هذا
البحث أن تقارير المحاسبين القانونيين تحظى بأهمية كبيرة في مجال الإثبات القضائي،
لكنها لا ترتقي إلى مستوى الدليل القطعي الملزم للمحكمة.
يبقى للقاضي السلطة
التقديرية في تقييم محتوى التقرير من حيث الحياد والدقة والمنهجية.
لذلك، فإن تعزيز
كفاءة المحاسبين واستقلاليتهم، إلى جانب وضع أطر قانونية دقيقة، سيُسهم في زيادة
فاعلية هذه التقارير أمام القضاء وضمان تحقيق العدالة.
المراجع
1.
القانون اليمني رقم (26) لسنة 1999 بشأن مهنة المحاسبة
والمراجعة.
2.
د. عبد القادر التميمي، المحاسبة القضائية وأثرها في
الإثبات المالي، دار الفكر الجامعي، 2022.
3.
3 د. أحمد السقا، القضاء والتقارير المحاسبية، مجلة
القانون والاقتصاد، العدد 45، 2021.
4.
د/ عبدالرزاق السنهوري الوسيط في شرح القانون المدني ـ
نظرية الاثبات ـ مرجع عام عن قواعد الاثبات وتأثير الخبرات الفنية.
5.
قانون الاثبات اليمني رقم 21 لسنة 1992م المواد المتعلقة
بالخبرة الفنية والاستعانة بالخبراء أمام المحكمة.
6.
قانون المرافعات والتنفيذ المدني اليمني رقم (40) لسنة
2002م يوضح اجراءات ندب الخبراء والتعامل مع تقاريرهم.
7.
د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
8.
دراسة قانونية.
تعليقات