من أنا

صورتي
صنعاء اليمن, شارع تعز 777175968, Yemen
المحامي أمين حفظ الله الربيعي محامي ومستشار قانوني وناشط حقوقي

البحوث القانونية

الأحد، 9 ديسمبر 2018

الفرق بين العطلة والاجازة مع دليل على عدم جواز نظر الدعاوى الجزائية في العطلة القضائية وفقا للقانون اليمني


الفرق بين العطلة والاجازة •
""(دليل آخر على عدم جواز نظر الدعاوى الجزائية في العطلة القضائية)""
نُشير هنا إلى دليل قانوني آخر يؤكد انتفاء ولاية المحاكم الجنائية عموماً وقاضي الأمور المستعجلة خاصة في نظر الدعاوى الجنائية أثناء العطلة القضائية ومنها شهر رمضان المبارك الذي يعتبر عطلة قضائية بقوة القانون ومؤدى ذلك: أن النهي قد ورد صريحاً بما قررته المادة (73) من قانون السلطة القضائية إذ نصت في شطرها الأخير على أنه (( ولا تنظر خلال العطلة القضائية إلا القضايا المستعجلة))
والمستفاد من النص القانوني أن مدة الشهرين في السنة لم تمنح للقضاة على أساس أنها إجازة قضائية وإنما باعتبارها ((عطلة قضائية)) واختيار المشرع لمصطلح "عطلة" لم يكن على سبيل المصادفة بل كان اختياره مدروساً وبعناية فائقة لاختلاف وتباين مصطلحي "العطلة القضائية" و "الإجازة القضائية" في المعنى وفي الدلالة فجاء اختيار مصطلح "العطلة" بدلاً عن "الإجازة" كاشفاً عن غاية المشرع ومعبراً عن ارادته في أن تكون المحاكم القضائية موقوفة عن ممارسة العمل القضائي لمدة شهرين في السنة، ويصبح القاضي خلال تلك الفترة ممنوعاً من نظر الخصومات والدعاوى الموضوعية المطروحة على المحاكم أياً كان نوع تلك الدعاوى جنائية أو مدنية أو تجارية.
ويعتبر هذا المنع مؤقتاً خلال مدة الشهرين اللذان أقرهما القانون عطلة قضائية لا "إجازة قضائية" لعدة اعتبارات أهمها: أن مصطلح "العطلة" مشتق من الفعل "عَطَّلَ" ويقال في اللغة: عطل القوس أي نزع الوتر عنها ويقال: عُطّلَت الحدود أو الثغور أي تُرِكت بلا حامية لها: وتعطيل الشيء تفريغه عن محتواه: ومن ثم فإن تعطيل مرافق الدولة في مناسبات معينة ومحدودة قانوناً يعني نزع موظفيها عنها أو تركها بلا موظفين بإيقافهما عن أداء ما وجدت لأدائه وعليه فالتعطيل في تلك المناسبات يكون للأجهزة وليس للعاملين بها، بمعنى أن الموظفين لا يستطيعون التواجد في مقار أعمالهم أثناء تلك المناسبات وأن استطاعوا التواجد فلا يجوز لهم ممارسة مهامهم المعتادة فإن فعلوا كان عملهم في حكم العدم.
وهذا ما ينطبق على القضاة الذين يحظر عليهم ممارسة العمل القضائي خلال العطلة القضائية، وفي هذا المعنى يقول القاضي الدكتور/ عبدالملك الجنداري في بحث منشور له في مجلة المحاماة العدد الرابع يونيو – يوليو 2004م صـ(15) تحت عنوان "الفرق بين العطلة والإجازة" إذ يؤكد ما لفظه حرفياً:
[وما أسلفناه ينطبق على العطلة القضائية، يؤكد هذا ما جاء في النص من أنه (لا تنظر خلال العطلة القضائية إلا القضايا المستعجلة)، فالنهي هنا يفيد عدم جواز نظر غير ما استثناه القانون وهي الأمور المستعجلة، ويترتب على مخالفة هذا النهي انعدام أي إجراء قضائي اتخذ في مسألة غير مستعجلة، أي في قضية عاديه. وعلة ذلك تقييد الولاية من حيث الزمان وهو زمن العطلة القضائية، لهذا نص المقنن في المادة (8) مرافعات بأن (يتقيد القاضي في قضائه بالقوانين النافذة ويجب عليه تنفيذ أحكامها) ومادام القانون قد منع القضاء أثناء العطلة القضائية، فإن ولاية القضاة تكون مقيدة طوال تلك الفترة، ولأن الشريعة الإسلامية مصدر جميع القوانين – بما فيها قانون السلطة القضائية – فإن الأساس الشرعي للنص الذي نحن بصدده هو حديث الرسول صلى الله عليه وعلى آلة وسلم: (لا يقضي القاضي بين أثنين إلا وهو شبعان ريان). وقوله: (لا يقضي القاضي وهو غضبان) ولما كان والجوع والعطش قريني الصيام، ولأن لجاجة ولدد الخصوم في ظل الجوع والعطش قد يورث غضب القاضي من جهة وغضب بعضهم على بعض مما قد يؤدي إلى فتن ونحوها، لكل ذلك كان من الطبيعي ألا يقضي القاضي في رمضان، فإن فعل فقد خالف نهي النبي صلى الله عليه وعلى آلة وسلم، أما المسائل المستعجلة فيجوز له نظرها لأنها ليست قضاء وإنما أمور تقتضي طبيعتها المستعجلة اتخاذ إجراءات وقتية لا تمس أصل الحق. نخلص من كل ما سبق إلى أن العطلة – سواءً كانت قضائية أو رسمية – هي وقف وجوبي عن العمل خلال فترة زمنية يحددها القانون إما لأسباب دينية أو وطنية، بخلاف الإجازة فهي توقف اختياري في الوقت الذي يحدده الموظف، بمعنى آخر أن العطلة واجب أما الإجازة  فحق وبذلك تكون القضايا الجنائية موقوفة بقوة القانون طوال مدة الإجازة القضائية باعتبارها قضايا موضوعية تحتاج إلى تحقيق قضائي لا يمكن أن يتم إلا من خلال جلسات محاكمة مستمرة ومتتابعة حتى يتم الفصل فيها بحكم قضائي إما بالإدانة أو البراءة، وذلك يختلف تماماً عن القضايا المستعجلة اختلافاً جذرياً في موضوعها وفي إجراءات نظرها إذ يقتصر موضوع الدعوى المستعجلة ومحلها على تدبير وقتي وتحفظي يأمر به قاضي الأمور المستعجلة بمجرد الاطلاع على ظاهر الأوراق دون الحاجة إلى إجراء تحقيق قضائي موضوعي ويصدر الحكم في الدعوى المستعجلة خلال (24) ساعة وتلك المعايير والمعطيات لا يمكن إعمالها وتطبيقها في مجال الدعاوى الجنائية لمجرد أن قانون الإجراءات الجزائية يوجب على المحكمة أن تنظر الدعوى بإجراءات المحاكمة المستعجلة لأن غاية المشرع من ذلك حث المحكمة على سرعة الفصل في القضية الجنائية وذلك لا يعني بالضرورة إعتبار الدعوى الجزائية ضمن الدعاوى المستعجلة ، فنظر الدعوى بإجراءات المحاكمة المستعجلة شيء واعتبارها دعوى مستعجلة شيء آخر.
((القاعدة التي حددتها المحكمة العليا لاحتساب المواعيد))
من اجتهادات المحكمة العليا في تفسير القانون
كغيره من التشريعات كان قانون المرافعات السابق رقم (28) لسنة 1992م يأخذ بقاعدة امتداد الميعاد إلى أول يوم عمل اذا صادف آخر يوم في الميعاد عطلة رسمية أو إجازة قضائية ، أما قانون المرافعات النافذ رقم (40) لسنة 2002م فقد انفرد بوضع قاعدة جديدة لاحتساب الميعاد مؤداها : ان العطلات الرسمية والقضائية التي تخللت الميعاد تؤدي الى ايقافه طبقا لما نصت عليه المادة (111) من قانون المرافعات بقولها [العطلات الرسمية والقضائية توقف المواعيد] ومع أن هذه القاعدة واجبة التطبيق على كافة المواعيد سواء كانت المواعيد مقررة للطعن بالأحكام أو مواعيد سقوط الخصومة طالما وان لفظ (المواعيد) ورد في المادة (111) سالفة الذكر بصيغة الجمع والعموم الذي يشمل كافة المواعيد المنصوص عليها في قانون المرافعات دون استثناء أو تخصيص ميعاد بعينه لأن ذلك لا يتقرر الا بنص قانوني آخر طبقا للقاعدة الاصولية التي تقضي ببقاء العام على عمومه ما لم يتقرر تخصيصه بنص قانوني أو قرينة قاطعة تصرفه عن العموم ولهذا تبقى قاعدة الايقاف المنصوص عليها بالمادة (111) مرافعات سارية على كافة المواعيد القضائية المنصوص عليها في قانون المرافعات ولعل ورود نص المادة سالفة الذكر ضمن الاحكام المنظمة للحضور والغياب في قانون المرافعات قد اثار اللبس لدى البعض في فهم وتحديد المواعيد المقصودة في النص القانوني بين من يرى أن مواعيد الحضور والغياب هي المقصودة في النص القانوني دون مواعيد الطعن بالأحكام وبين من يرى تطبيق النص القانوني على كافة المواعيد الاخرى بما فيها ميعاد الطعن في الاحكام وما بين هذين الاتجاهين برز التباين والتعارض في الاحكام الصادرة عن المحكمة العليا بشأن تطبيق نص المادة (111) سالفة الذكر الى ان تم حسم ذلك التباين والاختلاف بالقرار الصادر عن الجمعية العمومية بالمحكمة العليا برقم (2) وتاريخ 9/3/2010م والذي قضى باعتبار نص المادة (111) من قانون المرافعات واجبة التطبيق على كافة المواعيد المنصوص عليها في قانون المرافعات مع مراعاة أن قرار الجمعية العمومية للمحكمة العليا سالفة الذكر يعتبر في مرتبة التشريع الملزم للمحاكم طبقا لما نصت عليه المادة (302) من قانون المرافعات والمادة(452) من قانون الاجراءات الجزائية التي نصت في شطرها الاخير على انه [ كما لا يجوز لمحاكم الموضوع في جميع الاحوال ان تحكم بغير المبادئ التي قررتها الجمعية العمومية للمحكمة العليا].
ولهذا فقد حرصت على نشر الحكم المفسر لنص المادة (111) مرافعات تحقيقا للفائدة المرجوة في اوساط رجال القانون ونأمل من المحكمة العليا القيام بواجبها في نشر كافة الاحكام القضائية الصادرة عن الدائرة العمومية بالمحكمة العليا من تلقاء نفسها نظرا لأهميتها ودورها الالزامي في التشريع.

ليست هناك تعليقات: