الصفحات

الاثنين، 17 يناير 2022

جريمة تبييض الأموال

 

جريمة تبييض الأموال

 

 

تعتبر ظاهرة تبييض الأموال أخطـر ظواهـر عصر الاقتصاد الرقمي, باعتبار أنها التحدي الحقيقي أمام مؤسسات المـال والأعمـال, وبالنظر لكونها ترتبط بأنشطة غير مشروعة وعمليات مشبوهة, يتحقق منها دخول طائلة تؤثر سلبا على الاقتصاد المحلي والعالمي.

أولا: تعريف جريمة تبييض الأموال:

هناك تعريفان بحسب وجهة نظر الفقهاء لجريمـة تبييض الأموال تعريف واسع وتعريف ضيق

أ) التعريف الضيق: يقتصر التعريف الضيق للتبييض على الأموال غير المشروعة الناتجة عن تجارة المخدرات ومن بيـن المنظمات والدول التي أخذت بهـذا التعريف اتفاقية فيينا عام 1988 – قانـون المخدرات والمؤثرات العقلـية اللبناني– التوصـية الصادرة عن مجلس المجموعة الأوروبية عام 1991   ب) التعريف الواسع: فيشمـل جميع الأموال القذرة الناتجة عن جمـيع الجرائـم والأعمال غير المشروعة ليس فقط تلك الناتجة عن تجارة المخدرات. ومن التشريعات التي اعتمدت هذا التعريف القانون الأمريكي لعـام 1986 وإعـلان المبادئ الخاص لمنع استعمال القطاع المصرفي لتبييض الأموال ولجنة بازل.

ونلاحظ ان المشرع اليمني أخذ بالتعريف الواسع الذي يرجحه الفقه والقضاء حيث نص في المادة 3 من قانون مكافحة غسل الأموال على الاتي:

غسل الأموال جريمة يعاقب عليها بموجب أحكام هذا القانون ويعد مرتكبا لجريمة غسل الأموال كل من قام أو اشترك أو ساعد أو حرض أو تستر على ارتكاب:

‌أ-  أي من الجرائم الواقعة على كافــة الأموال الناتجة عن ارتكاب إحدى الجرائم الآتية:

  1-الجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة جرائم الاختطاف والتقطع                                      

2-السرقة أو إختلاس الأموال العامة أو الاستيلاء عليها بوسائل احتيالية أو الرشوة وخيانة الأمانة              3-تزوير وتزييف الأختام الرسمية والعملات والأسناد العام                                                      

4-الاستيلاء على أموال خاصة معاقب عليها في قانون الجرائم والعقوبات                                                   5-التهريب الجمركي                                                                                                

6-الاستيراد والإتجار غير المشروع للأسلحة                                                                      

7-زراعة المخدرات أو تصنيعها أو الاتجار بها وكذا صناعة الخمور أو الاتجار بها وغيرها من الأنشطة المحرمة شرعا

‌ب-  أي فعل من الأفعــال التالية والناجـمة عن أي من الجرائم الواردة في الفقرة (أ)

1-إخفاء المصدر الحقيقي للأموال غير المشروعة أو إعطاء تبرير كاذب عن هذا المصدر

  2-تحويل الأموال أو استبدالها مع العلم بأنها غير مشروعة لغرض إخفاء أو تمويه مصدرها أو مساعدة شخص على الإفلات من العقاب أو المسئولية

3-تملك الأموال غير المشروعة أو حيازتها أو استخدامها أو توظيفها لشراء أموال منقولة أو غير منقولة

ثانيا: الركن المادي لجريمة تبييض الأموال:

تتكون عناصر الركن المادي في جريمة تبييض الأموال من : فعل الإخفاء (أولا) أو فعل التمويه ( ثانيا) أو محل الإخفاء أو التمويه (ثالثا) والمصدر غير المشروع للأموال المبيضة ( رابعا)

أولا : فعل الإخفاء

يعتبر تعتيم الأموال ، أو إخفاء مصدرها غير المشروع العنصر الأول والأساسي في جريمة تبييض الأموال والإخفاء هو كل تصرف من شأنه منع كشف حقيقة المصدر غير المشروع وبأي شكل كان ، وبأية وسيلة سواء كان هذا الإخفاء مستورا أو علنيا.

ثانيا : فعل التمويه

يقصد به اصطناع مصدر مشروع وحقيقي للأموال غير المشروعة، وإدخالها في صلب الأرباح الناتجة عن إحدى الأعمال القانونية ومن أمثلة التمويه ما يعهد إليه غاسلوا الأموال وبالذات في العمليات الدولية المنظمة من إنشاء شركات أجنبية يطلق عليها بعض الأحيان الشركات الصورية، أو شركات الواجهة، وهذه الشركات لا تنهض بالأغراض المنصوص عليها في عقود تأسيسها، بل تقوم بالوساطة في عمليات تبييض الأموال وعادة ما يصعب تعقب النشاط غير المشروع لهذه الشركات خاصة إذا كانت تقوم في ذات الوقت بجانب من العمليات المشروعة كنوع من التمويه لإخفاء عملياتها غير المشروعة الأخرى، وغالبا ما تلبس هذه الشركات ثوب شركات السياحة أو شركات الاستيراد والتصدير أو شركات التأمين.

ثالثا : محل الإخفاء أو التمويه

إن المحل الذي يرد عليه السلوك المجرم في هذه الجريمة، هو العائدات أو المتحصلات الإجرامية، أي الأموال غير المشروعة المتأتية بطريق مباشر أو غير مباشر من إحدى الجرائم.

رابعا : المصدر غير المشروع للأموال المبيضة

تعتبر جريمة غسل الأموال جريمة تابعة تفترض ابتذاء وجود جريمة سابقة هي مصدر الأموال موضوع الغسل أو التبييض وبما أنها من الجرائم الاقتصادية فهي ترتبط في الغالب بالجريمة المنظمة كجرائم المخدرات والإرهاب وتهريب السلاح

الركن المعنوي لجريمة تبييض الأموال: ثالثا:

لا يكفي لقيام جريمة غسل الأموال، أن يقوم الفاعل بإحدى صور السلوك المجرم التي يتحقق بها الركن المادي، وإنما يلزم توافر الركن المعنوي، الذي يتخذ في هذه الجريمة صورة القصد الجنائي أو العمد فجريمة غسل الأموال هي جريمة عمدية قوامها إرادة السلوك أو النشاط المكون لركنها المادي، والعلم بكافة العناصر الجوهرية التي تعطي لهذه الجريمة خصوصيتها القانونية، إذ لا يكفي لقيامها مجرد الإهمال أو الخطأ غير المقصود. وقد أفصحت اتفاقية فيينا عن الطبيعة العمدية في المادة الثالثة مما يعني استبعاد تصور وقوع هذه الجريمة بطريق الخطأ غير العمدي أو الإهمال

وينبغي لمساءلة الفاعل جنائيا أن يتوافر لديه القصد العام والقصد الخاص.                                          

القصد العام في جريمة تبييض الأموال هو:

أولا: العلم بالمصدر غير المشروع

ينبغي إن يتوافر لدى متييض الأموال العلم بحقيقة المصدر غير المشروع للأموال أي العلم الواقعي بكون هذه الأموال متحصلة من إحدى الجرائم، ولا يكفي فقط الاعتقاد الخاطئ بالمصدر غير المشروع للأموال

ثانيا: إرادة سلوك تبييض الأموال

الإرادة الواعية الحرة هي أساس الركن المعنوي اللازم توافره لقيام الجريمة قانونا ، إذ ينتفي هذا الركن في جريمة غسل الأموال أو في غيرها من الجرائم بانتفاء إرادة النشاط المكون للركن المادي في الجريمة، وسواء تمثل ذلك النشاط في فعل إيجابي ، أو في مجرد الامتناع

ويؤكد جانب من الفقه صعوبة استخلاص” النية الإجرامية” في بعض صور جريمة غسل الأموال من ناحية  فضلا عن صعوبة إثارة بعض الأسباب التقليدية ، لانتقاء أو تعيب الإرادة ، بصدد هذه الجريمة من ناحية أخرى.

القصد الخاص: هو انصراف إرادة الجاني إلى غرض أو باعث معين                                             ويتحقق القصد الخاص في جريمة هذه الجريمة إذا كان الغاسل قد قصد من نشاطه إخفاء المال أو تمويه طبيعته أو مصدره أو مكانه أو صاحبه ، أو صاحب الحق فيه ، أو تغيير حقيقته أو الحيلولة دون اكتشاف ذلك أو عرقلة التوصل إلى شخص من ارتكب الجريمة الأولية.

رابعا: مراحل عملية غسل الأموال:

  1-مرحلة الإيداع:                                                                                               

 وهي من أصعب المراحل وأخطرها فيكون فيها كمية كبيرة من المال إضافة إلى سهولة معرفة الشخص، يتم فيها التخلص من الأموال غير المشروعة بعدة طرق منها إيداعها في البنك أو شراء عقارات وسيارات مرتفعة الثمن أو تحويلها إلى عملات أخرى.                                                                   

 2-مرحلة التمويه:                                                                                                 

 ويتم في هذه المرحلة اتباع عمليات مصرفية صعبة ومعقدة لتوزيع الأموال غير الشرعية بهدف تمويه مصدر هذه الأموال، وتتم هذه المرحلة عادة بتحويل الأموال من بنك إلى بنك آخر واستخدام التحويل الإلكتروني أو إيداع الأموال في بنوك تتبنى قواعد صارمة في معلومات المودعين في بلاد أخرى.             

3-مرحلة الدمج:                                                                                                           

 وهي المرحلة الأخيرة التي يتم فيها منح الأموال غير الشرعية الصفة الشرعية ويصعب بعد هذه المرحلة معرفة الأموال المشروعة من الأموال غير المشروعة إلا عن طريق التجسس على عصابات غسل الأموال بطريقة سرية.

خامسا: عقوبة جريمة تبييض الأموال

نصت المادة 21 من قانون مكافحة غسل الأموال اليمني على أنه  يعاقب كل من ارتكب جريمة غسل الأموال بالسجن مدة لا تزيد عن 5 سنوات وأيضا تصادر لمصلحة الخزينة العامة للدولة كافة الأموال والعوائد المتحصلة من الجرائم المتعلقة والمرتبطة بغسل الأموال.

إعداد: سمر عبدالسلام العريقي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اكتب ماتريد قوله للمحامي أمين الربيعي