من أنا

صورتي
صنعاء اليمن, شارع تعز 777175968, Yemen
المحامي أمين حفظ الله الربيعي محامي ومستشار قانوني وناشط حقوقي

البحوث القانونية

الاثنين، 17 يناير 2022

حق الدفاع الشرعي في قانون العقوبات اليمني

 

حق الدفاع الشرعي في قانون العقوبات اليمني

 

يعتبر الدفاع الشرعي أبرز صور الإباحة وأقدمها نشؤا وهو سبب تنص عليه كافة التشريعات نظرا لأهميته في الحفاظ على حياة الناس وسلامة أجسامهم وأعراضهم وأموالهم.

وقد ورد النص على إباحة الدفاع الشرعي في المادة27 من قانون الجرائم والعقوبات تحت عنوان (اسباب الاباحة) ونصها "تقوم حالة الدفاع الشرعي إذا واجه المدافع خطرا حالا من جريمة على نفسه ات عرضه او ماله او نفس الغير او عرضه او ماله وكان من المتعذر عليه الالتجاء الى السلطات العامة لاتقاء هذا الخطر في الوقت المناسب ويجوز للمدافع عندئذ أن يدفع الخطر بما يلزم لرده وبالوسيلة المناسبة".

اولا تعريف الدفاع الشرعي:

عُرف الدفاع الشرعي بعدة تعريفات نذكر منها تعريفا واحد في الفقه الاسلامي واخر في القانون.   أ) الدفاع الشرعي الخاص في الشريعة هو واجب الانسان في حماية نفسه او نفس غيره وحقه في حماية ماله او مال غيره من كل اعتداء حالّ غير مشروع بالقوة اللازمة لدفع هذا الاعتداء. ويسمى الدفاع الشرعي الخاص في الفقه الاسلامي "بدفع الصائل" وهو يختلف عن الدفاع الشرعي العام الذي يصطلح على تسميته بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.                                          ب) عرّفه بعض شراح القانون (ان يحرس الانسان نفسه او غيره حين لا تتأتى حراسة البوليس)

ثانيا: تمييز الدفاع الشرعي عن حالة الضرورة:

1- الدفاع الشرعي يكون لاتقاء عدوان صادر عن انسان بينما الضرورة تكون لاتقاء فعل يمس الحق مصدره غير انسان مثل هجوم الكلب العقور او قوة من قوى الطبيعة فإنه في مثل هذه الحالات يجوز دفع الخطر عن النفس استنادا الى فكرة الضرورة وليس الدفاع الشرعي

2-لا يشترط لقيام حالة الدفاع كون الخطر الذي يتعرض له الدافع جسيما بخلاف حالة الضرورة

3- الدفاع الشرعي سبب من اسباب التبرير وهذا يعني وصف فعل المدافع بأنه مشروع بخلاف الضرورة فهي مانع من موانع المسؤولية ومقتضى ذلك وصف فعل من يوجد في حالة الضرورة بأنه غير مشروع وإن امتنعت مسؤوليته

4- ان الضرورة الملجئة لا تعفي من الضمان وان اعفت من العقاب بخلاف الدفاع المشروع فإنه يعفي من الضمان

5- الدفاع الشرعي حق يمنح لكل من يتعرض لخطر غير محق أما الضرورة فهي حالة استثنائية ترتكب فيها الجريمة ضد شخص بريء ولذا يجب ان تنحصر في أضيق حدود.

ثالثا: تمييز الدفاع عن الإكراه                                                                1- ان الدفاع الشرعي سبب من اسباب الاباحة بينما الاكراه من موانع المسؤولية وهذا يترتب عليه انتفاء الركن القانوني للجريمة بالنسبة للدفاع الشرعي وتوافره في الاكراه                          2- ان اثر الدفاع الشرعي يمتد الى كل من ساهم في الجريمة بخلاف الاكراه                            3- لا يشترط لقيام حالة الدفاع الشرعي كون الخطر جسيما بخلاف الإكراه.

رابعا: شروط الدفاع الشرعي                                                               حالة الدفاع الشرعي حسب نص المادة27 السابق ذكرها لا تتوافر حتى يظهر خطر في مواجهة الشخص يستدعي رداً من قبله وأنه لا بد ان تتوافر في الخطر شروط وفي الرد الموجه ضده شروط وذلك على النحو الآتي:                                                                      أ) شروط الخطر المبرر للدفاع الشرعي: وصف نص المادة 27 الخطر المبرر لقيام حالة الدفاع الشرعي بأنه حال وأنه غير مشروع

1- حلول الخطر: الحلول المقصود هنا هو وضع وسط بين الاستقبال والتحقق اي بين كون الخطر سيقع في المستقبل وبين كونه قد وقع فعلا، فهو وضع ينذر بخطر وشيك يكاد ان يقع بحيث لا يكون بينه وبين الوقوع الا وقت قصير جدا لا يسع الشخص ان يبحث عن مخرج منه غير الدفاع وهذا يعني ان الخطر يكون حالا اذا تحقق له شرطان الاول: ان لا يكون قد وقع فعلا والثاني: ان لا يكون متعلقا بالمستقبل. والعلة في وضع شرط حلول الخطر هي ان المعتدي عليه يكون معه عاجزا عن اللجوء الى السلطة العامة او نحوها لتدفع الخطر عنه فأذن له الشارع بالرد ولم يلزمه بالانتظار تغليبا لمصلحته على مصلحة المعتدي الآثم.

2-عدم مشروعية الخطر: يجب ان يكون الخطر الحال ناجما عن فعل غير مشروع اي تقوم به جريمة وهذا هو الفعل الذي يوصف بأنه عدوان. وتستند صفة العدوان الى مبدأ المشروعية فيكون الخطر عدوانا اذا كان غير مشروع وهو لا يكون كذلك الا اذا كان ناجما عن فعل خاضع لنص تجريم وغير خاضع لسبب اباحة وهذا يعني انه لا بد ان يتوافر في هذا العنصر امران هما: كون الفعل الذي هو مصدر الخطر هو من الافعال المحظورة اي انه خاضع لنص وارد في القانون يحرمه. وكون ذلك الفعل المحظور لم يشمله نص اخر يعيده الى دائرة الإباحة.

ب) شروط فعل الدفاع: يشترط في رد الفعل المعتدى عليه شرطان:

الشرط الاول: اللزوم                                                                            مقتضى هذا الشرط ان الشارع لا يبيح فعل الدفاع الا اذا كان هو الوسيلة الوحيدة الممكنة لصد العدوان قبل ان يقع فإذا أدرك الشخص عدوانا يكاد ان يقع عليه ثم وجد نفسه مخيرا بين عدة وسائل صالحة لاتقائه كالالتجاء الى السلطة العامة او اتخاذ احتياطات وقائية تجعله بعيدا عن خطر العدوان فإنه لا تباح له عندئذ استخدام القوة لدفعه إذ ان تلك القوة لم تكن الوسيلة الوحيدة الممكنة اي لم تكن لازمة على وجه الحقيقة وهذا هو مقتضى نص المادة27 من قانون الجرائم العقوبات إذ جاء فيها ((…وكان من المتعذر عليه الالتجاء الى السلطات العامة لاتقاء هذا الخطر في الوقت المناسب)).

الشرط الثاني: شرط التناسب                                                               ومقتضى هذا الشرط ان فعل الدفاع يجب ان يكون متناسبا مع الخطر اي ان يكون بالقدر الضروري لصده وهذه ما يفيد نص المادة27 إذ جاء فيها((.. ويجوز للمدافع عندئذ ان يدفع الخطر بما يلزم لرده وبالوسيلة المناسبة))

فشرط التناسب يشير الى مقدار فعل الدفاع والوسيلة التي يتم بها                                   -ففي شأن المقدار يجب ان يكون بما يكفي فقط لدرء الخطر فإذا كان فعل الدفاع أشد مما يقتضيه دفع الخطر فإن المدافع يكون متجاوزا حدود الدفاع الشرعي وخارجا عن حدود الاباحة.             -وفي شأن الوسيلة يجب ان تكون مناسبة لدرء الخطر فإن كان بين يدي الشخص عدة وسائل وجب عليه استخدام المناسب منها فإن استخدام غيرها مما هو أشد فتكا فهو متجاوز حدود الدفاع الشرعي ايضا.                                                                                    ولكن التناسب في الوسيلة لا يعني المماثلة بين وسيلة العدوان ووسيلة الدفاع وإنما يعني التأكيد على استخدام الوسيلة التي تكفي دون زيادة لصد العدوان مع مراعاة ظروف الحال بكل ملابساته

خامسا: الحالات التي يجوز فيها القتل العمد دفاعا شرعيا

لقد جاءت المادة28 من قانون الجرائم والعقوبات لتضع حكما يبين الحالات التي اذا توافرت إحداها فإنها تبيح القتل العمد دفاعا شرعيا ثم جاءت المادة 29 لتضيف حالات اخرى يجوز فيها القتل ايضا دفاعا عن المال وهذي الحالات هي:

1- القتل: سواء كان سيقع على المدافع نفسه او على غيره من الناس مطلقا                                  2- الجراح البالغة: اذا كانت ستقع على المدافع نفسه او على احد أقاربه فقط وهذا يعني عدم تحقق الشرط اذا كان الفعل المهدد بالجراح البالغة لا يمس الا شخصا او اشخاصا اخرين ليسوا من اقارب الفاعل                                                                                    3- الشروع في جريمة الزنا او اللواط بالقوة: بشرط ان يكون ذلك واقعا على المدافع نفسه او زوجه او اي محرم له فاذا كان واقعا على غير هؤلاء فإنه يخضع للقاعدة العامة وهي جواز الدفاع بالوسيلة المناسبة دون ان يصل ذلك الى حد القتل.                                               4- الشروع في الاختطاف بالقوة: إذا كان واقعا على المدافع او زوجه او ولده او احد محارمه وقد اشترط فيه ان يكون باستخدام القوة او التهديد بالسلاح فإذا كان الاختطاف واقعا على غير هؤلاء او كان واقعا بطريق الاحتيال او المخادعة او الاستدراج او نحو ذلك فلا يتوافر الشرط المبيح للقتل في هذه الحالة.                                                                                    5-جرائم الحريق العمد: فإذا كان خطأ فلا يتوافر الشرط المبيح                                 6-جرائم السرقات الجسيمة                                                                         7-الدخول ليلا في منزل مسكون او احد ملحقاته: فلا بد ان يكون الدخول واقعا في الليل اي بين غروب الشمس وطلوعها وان يكون المنزل المدخول مسكونا وليس خرابا مهجورا ويكون لملحقات المنزل حكم المنزل .                                                                       وواضح ان هذه الحالات السبع هي اشد حالات الجرائم التي يمكن في شأنها استخدام القوة لدفعها ولذا فقد أجاز القانون ان يصل فيها الدفاع الى حد قتل المعتدي. فإذا لم تتوافر حالة من هذه الحالات فلا يعني ان الدفاع الشرعي ممنوع وانما يعني انه لا يجوز ان يصل الى حد القتل فإن وصل فهو تجاوز                                                                                  سادسا: حكم التجاوز في الدفاع الشرعي:                                                   ورد النص في المادة 30 من قانون الجرائم والعقوبات على حكم التجاوز إذ جاء فيها(( اذا تجاوز الشخص بإهمال حدود الإباحة او الضرورة او الدفاع الشرعي يعاقب على هذا التجاوز اذا كان القانون يجرمه بوصفه جريمة غير عمدية)) وهذا النص يرتب عددا من الاحكام هي:                 1- ان الفعل الصادر من المدافع المتجاوز حدود الدفاع الشرعي لا يكون مباحا بل هو جريمة وهذا يعني ان يستحق العقاب كما يعني ان من حق الشخص الموجه اليه ذلك الفعل ان يدافع عن نفسه رغم انه هو البادئ بالعدوان وذلك لأن القاعدة العامة في الاباحة تقضي بأن الدفاع الشرعي جائز ضد كل خطر غير مشروع.                                                                              2- ان مسؤولية المتجاوز هي بحسب النص مسؤولية غير عمدية مادام التجاوز قد وقع بإهمال وهذا يعني ان التجاوز يصح ان يكون على احد اوجه ثلاثة هي: أ) ان يكون التجاوز عمدا ب) ان يكون التجاوز بإهمال وبغير عمد وهذا الوجه مذكور في النص السابق ج)ان يكون التجاوز دون عمد ودون خطأ او اهمال. إن التأمل في نص المادة 30 يكشف عن انه وان كان لا يشمل صراحة حكم الوجهين الاول والثالث الا انه يتناولهما ضمنا فاذا كان يعاقب على التجاوز بإهمال باعتباره جريمة غير عمدية فإنه يعني ان التجاوز بعمد يعتبر جريمة عمدية وان التجاوز بغير عمد وبغير اهمال لا يكون عمدا ولا خطأ. 

                                          عمل: سمرعبدالسلام العريقي

ليست هناك تعليقات: