الأثر المترتب على الأحكام الجزائية المتضمنة لجوانب
مدنية, أو ولاية المحكمة الجزائية للجانب المدني, وفق القانون اليمني
تعريف الأحكام الجزائية:
عرف قانون الإجراءات الجزائية اليمني مجموعة القواعد القانونية التي تحكم
وتنظم الدعوى الجزائية في مراحلها المختلفة من حيث إجراءات مباشرتها منذ لحظة وقوع
الجريمة حتى الحكم البات فيها.
أهمية قانون الإجراءات الجزائية:
تكمن أهمية قانون الإجراءات الجزائية في أنه يعد الوسيلة الوحيدة لوضع
قانون العقوبات المنشئة لحق الدولة في العقاب مواضع التنفيذ إذ أن نصوص قانون
العقوبات المقررة للأوامر والنواهي الجزائية تعد عديمة الفائدة والأهمية إذا لم
تعرف طريقها إلى التنفيذ كما أن الجزاء بوصفه وسيلة زجر وردع وإصلاح يستحيل عليه
إحداث أثره بدون وجود قواعد تنظم البحث عن الجناة والكشف عنهم والتحقيق معهم
ومحاكمتهم وتنفيذ الجزاء عليهم وتبرز أهمية قانون الإجراءات الجزائية في حماية
وكفالة مصالح المجتمع الذي قرر المشرع حمايتها بصور التجريم والجزاء وحماية مصالح
المجتمع ليست الغاية الوحيدة من القواعد الإجرائية بل هناك غاية أخرى تستهدف تلك
القواعد وهي حماية الفرد وضمان حقوقه وكفالة حريته وأن الأصل هو أن المتهم بريء
حتى تثبت إدانته. المرجع
قانون الإجراءات الجزائية د/علي حسن الشرفي.
أثر الحكم الجزائي البات على الدعوى المدنية أمام القضاء
المدني:
نصت المادة (392) من قانون الإجراءات الجزائية على حجية الحكم الجزائي أمام
القضاء المدني بقولها: [لا يكون للحكم الجزائي البات الصادر في المواد الجزائية في
موضوع الدعوى بالبراءة أو بالإدانة قوة الشيء المحكوم به في المواد المدنية
بالدعاوى التي لم يكن قد فصل فيها نهائياً إلاّ في الوقائع التي فصل فيها ذلك
الحكم وكان فصله فيها ضرورياً].
مبررات حجية الحكم الجزائي أمام القضاء المدني:
إن الحكم الذي يتسم بالقوة أو السيطرة يفترض وحدة الدعويين الدعوى الجزائية
التي صدر فيها الحكم والدعوى المدنية التي يحتج في مواجهتها بقوة الحكم في الأطراف
والسبب والموضوع بينما الدعويين الجزائية والمدنية التبعية تتحدان في المنشأ فقط
وتختلف في الأطراف والموضوع ويذهب الفقه في تبرير حجية الحكم الجزائي على الدعوى
المدنية برجحان أهمية الدعوى الجزائية على أهمية الدعوى المدنية كونها تتصل
بالنظام العام وتتساوى بالحماية في الحق بالحياة والحق بالحرية والحق في المال وأن
تطبيق قاعدة حجية الحكم الجزائي أمام القضاء المدني يفترض أن يكون هناك حكم جزائي
قد صدر وأصبح باتاً ودعوى مدنية لم يفصل فيها بحكم بات.
شروط حجية الحكم الجزائي على الدعوى المدنية المنظورة
أمام القضاء المدني:
1-وحدة الدعويين في المنشأ: اتحاد الدعوى بين الجزائية والمدنية في المنشأ
أو المصدر يعد أمراً ضرورياً ولازماً في جميع الأحوال.
2-أن يكون الحكم الجزائي البات قد صدر قبل الفصل النهائي في الدعوى المدنية:
يقصد بالفصل النهائي في الدعوى المدنية صدور حكم فاصل في موضوعها إذ أنه إذا صدر
حكم بات بالدعوى الجزائية قبل أن يصدر بالدعوى المدنية حكم بات وجب تقيد القاضي
المدني به.
3-صدور حكم جزائي بات يشترط أن يكون حكماً فاصلاً في موضوع الدعوى الجزائية
بالبراءة أو الإدانة.
4-أن يكون الحكم الجزائي قد فصل في وقائع لازمة للحكم في الدعوى الجزائية.
كذلك ليس للقاضي المدني أن يناقش أي نتيجة كانت تحت بصر القاضي الجزائي قبل
الحكم بالدعوى الجزائية ولكن للقاضي المدني أن يأخذ في تقديره للتعويض أي مضاعفات
ناشئة عن الجريمة بعد صدور الحكم الجزائي والتي لم يكن يستطيع القاضي الجزائي الاطلاع
عليها وأخذها في اعتباره نظراً لحدوثها بعد الحكم.
أثر الحكم المدني على الدعوى الجزائية:
القاعدة العامة هي عدم حجية الحكم المدني أمام القضاء الجزائي فيما يتعلق
بوقوع الجريمة وصحة نسبتها إلى فاعلها إلاّ أن المشرع أورد استثناء على القاعدة
العامة في نص المادة (394) من قانون الإجراءات الجزائية بمقتضاه يكون الحكم باتاً
في الأحوال الشخصية فإن هذا الحكم يحوز الحجية أمام القضاء الجزائي.
حجية الحكم المدني الصادر في الأحوال الشخصية أمام
القضاء الجزائي وطبيعة الدفع به:
نصت المادة (394) من قانون الإجراءات الجزائية على:[يكون للحكم الصادر
في مواد الأحوال الشخصية من المحكمة في حدود اختصاصها قوة الشيء المحكوم به في
المواد الجزائية في المسائل التي يتوقف عليها الفصل في الدعوى الجزائية].
وقضت المادة (395): بأن الدفع بقوة إذ تنص على أنه [الدفع بانقضاء الدعوى
الجزائية لصدور حكم نهائي فيها والدفع بقوة الحكم الصادر في الأحوال الشخصية في
المواد الجزائية.
إذا رفعت الدعوى الجزائية أمام القضاء الجزائي ثم عرضت عليه مسألة مدنية
تتعلق بالأحوال الشخصية يتوقف عليها الفصل في الدعوى الجزائية وكان قد صدر في
المسألة حكم مدني بأن كان للحكم حجية على الدعوى الجزائية ويتعين على القضاء
الجزائي أن يتقيد بما قرره الحكم المدني.
القاعدة العامة اختصاص القضاء الجزائي بالفصل في جميع المسائل العارضة التي
يتوقف عليها الفصل في الدعوى الجزائية المرفوعة أمامه ويتعين عليه عدم إيقاف الفصل
في الدعوى الجزائية حتى يفصل في المسألة العارضة بل يفصل فيها دون إيقاف الدعوى
الجزائية إلاّ أن المشرع اليمني خرج عن هذه القاعدة استثناء في المادة (255) من
قانون الإجراءات الجزائية التي تنص في الفقرة الثانية منها على أنه :[وإذا عرضت
للمحكمة مسألة غير جزائية يتوقف عليها الفصل في الدعوى الجزائية وجب عليها وقف
الفصل في الدعوى الجزائية حتى يتم الفصل في المسألة غير الجزائية].
ولا يجوز أن يترتب على تدخل المدعي بالحقوق المدنية تأخير الفصل في الدعوى
الجنائية وإلاّ حكمت بعدم قبول دخوله.
القانون المصري:
مادة (220): [يجوز رفع الدعوى المدنية مهما بلغت قيمتها بتعويض الضرر
الناشئ عن الجريمة أمام المحاكم الجنائية لنظرها مع الدعوى الجنائية].
المادة (251): [لمن لحقه ضرر من الجريمة أن يقيم نفسه مدعياً بحقوق مدنية
أمام المحاكم المنظورة أمامها الدعوى الجنائية في أية حالة كانت عليها الدعوى حتى
صدور القرار بإقفال باب المرافعة].
المادة (254): [للمسئول عن الحقوق المدنية أن يدخل من تلقاء نفسه في الدعوى
الجنائية في أي حالة كانت عليها].
المادة (258): [يجوز رفع الدعوى المدنية قبل المؤمن لديه لتعويض الضرر
الناشئ عن الجريمة أمام المحكمة التي تنظر الدعوى الجنائية].
المادة (264): [إذا رفع من ناله ضرر من الجريمة دعواه بطلب التعويض إلى
المحاكم المدنية فرفضت الدعوى الجنائية جاز له إذا ترك دعواه أمام المحكمة المدنية
أن يرفعها إلى المحكمة الجنائية مع الدعوى الجنائية].
القانون اليمني:
المادة (43): [يجوز لكل من لحقه ضرر من الجريمة رفع الدعوى المدنية مهما
بلغت قيمتها بتعويض الضرر عن الجريمة أمام المحاكم الجزائية لنظرها مع الدعوى
الجزائية]
المادة (44): [يجوز مباشرة الدعوى المدنية بصفة مستقلة عن الدعوى الجزائية
ويجب وقف الفصل فيها حتى بحكم نهائي في الدعوى الجزائية....]
المادة (45): [إذا رأت المحكمة أن تدخل المدعي بالحقوق المدنية يؤخر الفصل
في الدعوى الجزائية جاز لها أن تقرر تأجيل نظر الدعوى المدنية إلى ما بعد الفصل في
الدعوى الجزائية أو النظر فيها على حده].
المادة (54): ورد فيها ذات النص الوارد في المادة (258) من القانون المصري.
المادة (57): [لا يترتب على ترك الدعوى المدنية تعطيل الدعوى الجزائية أو
وقف سيرها إلاّ في الأحوال المنصوص عليها قانوناً].
المادة (61): [إذا رفع من لحقه ضرر من الجريمة دعواه بطلب التعويض إلى
المحكمة ثم رفعت الدعوى الجزائية بعد ذلك جاز له إذا ترك دعواه الأولى ....].
المادة (62): [يتبع في الفصل في الدعوى المدنية التي تنظر تبعاً للدعوى
الجزائية الإجراءات المقررة في هذا القانون].
تم بحمد الله
إعداد الباحث / محمد نجيب الثلايا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اكتب ماتريد قوله للمحامي أمين الربيعي