الفرق بين إثبات الواقعه المحظور في قانون الاثبات وبين إثبات الحالة التي أعدّها القانون من المسائل المستعجلة في القانون اليمني


الفرق بين إثبات الواقعه المحظور في قانون الاثبات وبين إثبات الحالة التي أعدّها القانون من المسائل المستعجلة
قررت المادة (8) مكرر من قانون الاثبات الشرعي عدم جواز نظر المحاكم لطلب اثبات الواقعه إذ نصت في شطرها الأخير على أنه: (.... ويحظر على المحاكم حظرا باتا النظر في طلب ما يسمى بإثبات الواقعه واصدار أي قرار بشأنه).
ويبقى السؤال الأهم: ما لفرق بين إثبات الواقعه المحظور في النص القانوني سالف الذكر وبين إثبات الحالة التي أعدّها القانون من المسائل المستعجلة بصريح نص المادة(240) الفقرة 3 من قانون المرافعات التي قضت بأنه: (وتعتبر من المسائل المستعجلة في الحالة التي يخشى عليها من فوات الوقت ما يأتي:
.......3) طلب اثبات الحالة...(.
فهل يوجد تعارض بين النصين القانونيين؟ أم ان طلب إثبات الواقعه يختلف في دلالته ومعناه عن طلب اثبات الحالة. ذلك ما نأمل بحثه ومناقشته من الجميع.
فإن الحظر المقرر بنص المادة (8) مكرر من قانون الإثبات الشرعي محصور في طلب إثبات الواقعة فقط أما طلب إثبات الحالة فقد جاء حق الإدعاء به أمام المحاكم مقرراً للخصوم بنص قانوني خاص هو نص المادة (240/3) من قانون المرافعات وذلك لا يتعارض مع نص م(8) مكرر من قانون الإثبات لإختلاف طلب إثبات الواقعة عن طلب إثبات الحالة من حيث المفهوم والدلالة: -
وبالنسبة للواقعه:
فقد تصدى المشرع اليمني لتعريفها والتمثيل لها بنص قانوني جامع مانع حيث نصت المادة(129) من القانون المدني على أنه:
((الواقعة هي أمر حاصل بالفعل سواء أراده الانسان أم لم يرده ولكن القانون يرتب عليه حقوقاً للإنسان أو عليه كميلاد الانسان وموته ونسَبِه وشيوع الملك والجوار فيه وكون الانسان موظفاً في الحكومة أو عاملاً لدى آخر وغير ذلك من العلاقات العامة او الخاصة)).
وفيما يخص إثبات الحالة :-
فقد استقر تعريفها في أوساط الفقه والقضاء القانوني بأنها: وصف لحالة راهنة وتأكيد لوضع قائم بأوصاف معينة أو تأكيد معالم قائمة يمكن ان تتغير بمرور الزمن فتضيع منها كل أو بعض الآثار الكائنة فتضيع منها كل أو بعض الآثار الكائنة فيها قبل عرض النزاع على قضاء الموضوع.
وفي ذات السياق يؤكد القاضي د/عبدالملك عبدالله الجنداري في كتابه: القضاء المستعجل طبعة 2017م صـ(395) ما لفظه حرفياً
((وتأكيدا ً لهذا القصد فقد جاء تقرير لجنة العدل والأوقاف بمجلس النواب ليبرر نص الفقرة (3) من المادة (240) من قانون المرافعات بقوله: [دعوى اثبات الحالة إثبات حالة طريق او تلف البضائع او اغراض الأرض حتى لا تضيع معالم الواقعة التي تصبح محلاً لدعوى في المستقبل] )).
وبذلك فإن اثبات الحالة يَرِدُ على أثار ومعالم الأشياء وليس على الشيء ذاته وذلك ما يجعل طلب إثبات الحالة مختلف جذرياً عن طلب "إثبات الواقعة" وبالتالي فليس هناك أي تعارض بين نص المادة (240) مرافعات ونص المادة (8) مكرر من قانون الاثبات.
                           المحامي عبدالعزيز المعلمي


من هفوات التشريع اليمني القضاﺀ بمالم يطلبه الخصوم أوبأكثر مماطلبوه وتناقض المنطوق مع بعضه

من هفوات التشريع اليمني). 
القضاﺀ بمالم يطلبه الخصوم أوبأكثر مماطلبوه وتناقض المنطوق مع بعضه أحد العيوب الاجرائيه المبطله للحكم القضائي ، وقد أعَدّهما المشرع من حالات الطعن في الأحكام بطريق الالتماس المنصوص عليها بالماده(304) من قانون المرافعات.
ومايؤخذ على المشرع اليمني أنه حدد نقطة بداية إحتساب ميعاد الطعن بالالتماس من التاريخ الذي يتبين لقاضي التنفيذ ظهور هاتين الحالتين وذلك مانصت عليه الماده(306) الفقره(د) من قانون المرافعات بقولها: 
((في الحالتين(7،8) يبدأ الميعاد من اليوم الذي يظهر فيه لقاضي التنفيذ أن الحكم قد قضى بشئ لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه أو بأن منطوقه مناقض لبعضه البعض.))
ويعتبر هذا النص القانوني مشوباً بعيب عدم الدستوريه حال كونه قدجعل إستعمال حق الطعن بالالتماس -المتفرع من حق التقاضي - مرهونا بإرادة شخص آخر غير الطاعن وهو قاضي التنفيذ ويعتبر ذلك قيدا قانونيا يعيق استعمال حق التقاضي وفي هذا المعنى يقول الاستاذ الدكتور/ الأنصاري حسن النيداني في كتابه: النظام القانوني للحقوق الدستوريه للخصم طبعة 2009م صفحة(61) مالفظه حرفياً: 
[[ فحق التقاضي من الحقوق العامه أو الإراديه أو المطلقه للمتقاضي فيجب التعويل على إرادة هذا الشخص وحده بحيث لايجوز لأي سلطة في الدوله أن تشترط حصول هذا الشخص على موافقة شخص آخر أو أشخاص آخرين أو أن يعلق حقه في التقاضي على تدخل إرادات أخرى مع إرادته الفرديه لأن هذا التدخل إهدار لإرادته الفرديه ومن ثم تقويضاً لحقه في التقاضي]].
                                    المحامي عبدالعزيز المعلمي

هل يسقط الحجز التحفظي لعدم الاعلان خلال الاجازة القضائية

هل يسقط الحجز التحفظي لعدم الاعلان خلال الاجازة القضائية
دفع المحجوز عليه بسقوط أمر الحجز التحفظي لعدم اعلانه بالأمرخلال المده القانونيه مؤسسا دفعه بأن
 أمر الحجزصدر في 30 شعبان ولم يعلن اليه الا في 5 شوال مع أن القانون يوجب إعلان المحجوز عليه بامر الحجز خلال ثلاثه ايام من تاريخ صدوره والا سقط الحجز طبقا لصريح نص الماده(385) من قانون المرافعات.
وفي معرض رده على الدفع تمسك المحجوز له بان امر الحجز صدر في اخر ايام الدوام الرسمي للمحكمه وفي اليوم التالى بدأت العطله القضائيه للمحاكم(شهر رمضان) يليها الاجازة الرسميه لعيد الفطر المبارك وانه قام باعلان المحجوز عليه في أول يوم في الدوام الرسمي مما يجعل الاعلان منفذا خلال ميعاد الثلاثه ايام لان المدة التي تخللت الميعاد اجازه قضائيه وعطله رسميه وتعتبر موقفه للميعاد طبقا لماقررته القاعده العامه للمواعيد القضائيه عموما المنصوص عليها بالماده(111) من قانون المرافعات.
والمطلوب الفصل في الدفع بالسقوط بقرار مسبب وفقا للقانون 
فإن الدفع بسقوط الحجز التحفظي لعدم إعلان المحجوز عليه بأمر الحجز خلال ثلاثة أيام من تاريخ صدوره موافق لصحيح القانون من حيث أن الإعلان خلال تلك المدة يعتبر واجب إجرائي مفروض بقوة القانون مقروناًً بجزاء سقوط الحجز كأثر مترتب على الإخلال بهذا الواجب او تجاوز الميعاد المقرر له وذلك ما نصت عليه المادة (385) من قانون المرافعات بقولها: ((... ويجب إعلان المدين بأمر الحجز خلال ثلاثة أيام من تاريخ صدوره وإلا سقط الحجز)).
ولما كان الحال كذلك وكان الثابت إعلان المحجوز عليه بأمر الحجز بعد إنقضاء الميعاد المقرر قانوناً فإن تقرير سقوط الحجز – كجزاء إجرائي – أمر حتمي طالما وقد تحققت المقومات القانونية لجزاء السقوط.
وحيث أن المدفوع ضده في معرض رده على الدفع بسقوط الحجز قد تمسك بحصول الإعلان بأمر الحجز خلال المدة المحددة قانوناً بثلاثة أيام على سندٍ من القول:  أن الأمر صادر في آخر أيام الدوام الرسمي وتم إعلان المحجوز عليه بأمر الحجز في أول أيام الدوام الرسمي وأن المدة التي تخللت الميعاد (بداية ونهاية) كانت عطلة قضائيه واجازه رسمية فهي بذلك موقفة لميعاد الإعلان تطبيقاً للقاعدة العامة المنصوص عليها بالمادة (111) من قانون المرافعات.
وقد تمسك المدفوع ضده بسريان نص المادة سالفة الذكر على ميعاد الإعلان بأمر الحجز لورود لفظ "المواعيد" فيها بصيغة العموم الذي يشمل جميع المواعيد القضائية المنصوص عليها في القانون.
وهذا الدفاع وإن كان فيه شيء من الحقيقة إلا أنه لا يمثل الحقيقة كلها بإعتبار أن لفظ "المواعيد" وإن كان وارداً في نص المادة (111) مرافعات بصيغة الجمع المعَّرف "بأل" الاستغراقية الدالّة على العموم لِيَشمل كافة المواعيد القضائية المنصوص عليها في قانون المرافعات إلا أن الأخذ بعمومها موقوفاً بعدم وجود نص قانوني آخر يصرفها عن الخصوص ومتى وجد النص المخصص صار العمل به واجباً تطبيقاً للقاعدة الأصولية التي تقضي بتقديم الخاص على العام عند التعارض وذلك ما تحقق في الميعاد بأمر الحجز الذي لا يخضع للقاعدة العامة  المنصوص عليها بالمادة (111) مرافعات لوجود النص القانوني المخصص له:
 فاعلان المحجوزعليه بأمر الحجز يعتبر إجراءً من إجراءات الحجز الوارد تعدادها بالمادة (378) من قانون المرافعات وقدجاﺀ نصها مقروناً بواجب إتخاذ تلك الإجراء في أيام متتابعة ولو كان ذلك في أيام العطلات الرسمية والقضائية حيث نصت على ذلك بقولها: ((يتم الحجز بتحرير محضره ويلزم إعلان قراره إلى المحجوز عليه... ويجب إجراء الحجز على المال في أيام متتابعة حتى ولو كانت أيام إجازة أسبوعية أو عطلة رسمية او قضائية)).
فالنص القانوني سالف الذكر واضح الدلالة ليس في تحديد الإجراءات التي يتم بها إيقاع الحجز ومن ضمنها الإجراء المتعلق بإعلان أمر الحجز وحسب بل وفي لزوم إتخاذ تلك الاجراﺀات في أيام متتابعة ولو في أيام العطلة الرسمية او القضائية. 
وبذلك فقد جاﺀ نص المادة (378) مخصص لنص المادة (111) من قانون المرافعات فيما يتعلق بميعاد الاعلان بامر الحجز مع بقاﺀ العموم شاملا لبقية المواعيد القضائيه الأمر الذي يجعل الدفع بسقوط الحجز لإعلانه للمحجوز عليه بعد فوات ميعاده القانوني مقبولاً.
                           المحامي عبدالعزيز المعلمي

إمتناع المحكم عن إيداع حكم التحكيم وأثره على دعوى البطلان وفقا للقانون اليمني

(إمتناع المحكم عن إيداع حكم التحكيم وأثره على دعوى البطلان)

إيداع النسخة الأصلية لحكم التحكيم أمام المحكمة المختصة أحد الواجبات الإجرائية المقررة بنص المادة (50) من قانون التحكيم التي قضت بأنه
[على لجنة التحكيم إيداع أصل الحكم والقرارات التي يصدرها في موضوع النزاع مع اتفاق التحكيم قلم كتاب المحكمة المختصة خلال الثلاثين يوماً...].
ومع أن الملزم قانوناً بالإيداع هو المحكم باعتباره مُصْدِر الحكم إلا أن المحكمين ليسوا على درجة واحدة من الالتزام بهذا الواجب الإجرائي فهناك العديد من المحكمين يرفضون إيداع النسخة الأصلية لحكم التحكيم على الرغم من إعلانهم رسمياً بالإيداع من محاكم الاستئناف ولأكثر من مرة، فكيف يتم التعامل مع امتناع المحكم عن الإيداع في الواقع العملي؟ وما هي الإجراءات المقررة قانوناً لمواجهة هذا الامتناع؟ وذلك ما أتشرف بعرضه ومناقشته في هذه الأسطر القليلة من جانبين:-
الجانب الأول/ الإجراءات المتعلقة في الواقع العملي:
فمن خلال مزاولة مهنة المحاماة تمكنت من رصد بعض الإجراءات التي تتبعها بعض محاكم الاستئناف لمواجهة حالات الامتناع عن إيداع النسخة الأصلية لحكم التحكيم حينما يكون ذلك الإجراء متزامناً مع دعوى بطلان الحكم مقدمة من المحكوم عليه بناءً على صورة الحكم التي سُلمت إليه من المحكم فور صدوره وقبل أن يتم إيداع نسخته الأصلية أمام محكمة الاستئناف.
وأبرز الإجراءات التي وقفت عليها ما يلي:-
1) الإجراءات المتبعة عند رفع دعوى البطلان وتقديم عريضتها أمام محكمة الاستئناف.
والفرضية هنا أن الطرف المحكوم عليه قد استلم صورة من حكم التحكيم قبل ان يقوم المحكم بإيداع النسخة الأصلية لدى محكمة الاستئناف، ففي هذه الحالة يحتسب الميعاد المقرر قانوناً لتقديم دعوى البطلان من تاريخ استلام صورة الحكم وتحاشياً لفوات المدة يبادر المحكوم عليه الى تقديم دعوى البطلان أمام المحكمة بموجب الصورة التي استلمها غير أن محكمة الاستئناف وبدلاً من استكمال إجراءات إيداع دعوى البطلان بالقيد والترسيم والإعلان وفقاً للقانون تقوم بمخاطبة المحكمة وإعلانه بإيداع النسخة الأصلية لحكم التحكيم وتوقف إجراءات تقديم الدعوى إلى حين إيداع النسخة الأصلية لحكم التحكيم ومتى قام المحكم بالإيداع قبل انقضاء ميعاد تقديم دعوى البطلان فلا توجد هناك أي إشكالية، إنما المشكلة الحقيقية في امتناع المحكم عن الإيداع أو قيامه بالإيداع بعد فوات ميعاد تقديم دعوى البطلان وفي هذه الحالة سيكون حق المدعي في تقديمها معرضاً لجزاء السقوط ولن تجد محكمة الاستئناف ما يبرر عدولها عن ايقاع هذا الجزاء باعتبار أن القانون وان كان قد أوجب على المحكم إيداع النسخة الأصلية لتحكيم إلا أنه لم يجعل الإيداع شرطاً مسبقاً لتقديم دعوى البطلان ولا أحد الإجراءات الموقفة لميعاد تقديمها وبالتالي ستكون الإجراءات المتخذة مخالفة لإرادة المشرع وتجاوزاً لحدود الإجراءات الشكلية التي رسمها القانون مقرونة بمواعيد محددة منه سلفاً بنصوص قانونية آمره لا يملك القاضي مخالفتها أو الاجتهاد بما يخالفها وإلا عُد ذلك تجاوزاً لحدود الولاية القضائية المقيدة ولايته بالقوانين النافذة ولزوم تطبيق أحكامها طبقاً للمبدأ المنصوص عليه بالمادة (8) من قانون المرافعات.
وبناءً عليه فليس للقاضي أن يحدد أشكالاً للأعمال الاجرائية او يعطي مواعيد أو يعدى منها الا إذا كان القانون قد أعطاه صراحة هذه السلطة ، فالأعمال الإجرائية في تصميمها وتنظيم سيرها وترتيب آثارها هي من خلق المشرع وحده وعمله هذا عمل استئثاري وانفرادي قاصر عليه ويستقل به دون أن يشرك معه غيره او يترك تحديد الإجراءات وسيرها لإرادة القاضي أو الخصوم.
أ,د/أيمن أحمد رمضان: الجزاء الإجرائي في قانون المرافعات، ط2005م صـ(145).
2) الإجراءات المتبعة أثناء نظر دعوى البطلان وعند الفصل فيها:-
والفرضية هنا أن دعوى البطلان قد رفعت أمام محكمة الاستئناف وتم استكمال اجراءات قيدها وسداد رسومها وكذا إعلانها للمدعى عليه وتم ذلك بموجب صورة من حكم التحكيم وقبل ان يودع للمحكمة النسخة الأصلية للحكم فتبقى هذه الإشكالية قائمة وتنعكس آثارها سلباً على دعوى البطلان وعلى نتيجة الحكم الفاصل فيها ويكفي الإشارة الى حكمين قضائيين صادرين من محكمتي استئناف مختلفتين فصلت كل منهما في دعوى البطلان المنظورة أمامها بحكمين مختلفين قضى منطوق الأول بعدم قبول دعوى البطلان شكلاً لعدم إيداع النسخة الأصلية لحكم التحكيم فيما قضى منطوق الحكم الاستئنافي الآخر برفض دعوى البطلان لعدم وجود المحل وهو أصل حكم التحكيم والإشارة إلى القضاء المقرر في الحكمين السابقين لبيان الاجتهادات القضائية في مسألة الإجراء المتعلق بالإيداع أما تقييم تلك الاجتهادات وبيان أوجه مخالفتها للقانون فلا يتسع المقام لعرضها جميعاً مع التأكيد على حقيقة أن الإيداع ما هو إلا واجب إجرائي مفروض قانوناً على عاتق المحكم فإن امتنع عن القيام بهذا الواجب القانوني لزم معاقبته هو بالجزاء المقرر قانوناً لا أن يؤاخذ غيره، فالقاعدة الشرعية تقضي بأن لا يؤخذ المرء بجريرة أخيه والتقرير بعدم قبول دعوى البطلان او رفضها يعتبر جزاء إجرائي تم ايقاعه في حق مدعي البطلان بسبب إخلال غيره وهو المحكم بواجب إيداع النسخة الأصلية لحكم التحكيم مع أن الجزاء الإجرائي ما شرع إلا لمعاقبة الشخص الذي ارتكب المخالفة أو المخل بواجب إجرائي مفروض عليه وفي هذا المعنى يقول الأستاذ الدكتور/ أحمد أبو الوفاء في كتابه: نظرية الدفوع في قانون المرافعات ط2007م صـ(75) بما لفظه حرفياً:
[من القواعد العامة في الجزاء: أن يتم إيقاع الجزاء على ذات الخصم الذي تسبب في المخالفة وهذه القاعدة يوجبها البداهة وتقتضيها العدالة لأن المفروض أن خصماً قد أخطأ فيما رسمه له المشرع من قواعد وأنه لهذا يوقع عليه الجزاء ].
                      ــــ وبذلك ـــ
فإن الاجتهادات القضائية المستخلصة من الواقع العملي في الإجراء المتعلق بإيداع حكم التحكيم تتعارض مع الأحكام والقواعد القانونية المنظمة للجزاء.
الجانب الثاني/ الإجراءات المقررة قانوناً لمواجهة امتناع المحكم عن القيام بواجب الإيداع:
لما كان الإيداع أحد الواجبات الإجرائية المفروضة قانوناً على عاتق المحكم وكان قانون التحكيم قد نص على وجوب إيداع نسخة حكم التحكيم والقي بهذا الواجب على عاتق المحكم بصريح نص المادة (50) من قانون التحكيم فإنه في المقابل لم يحدد الإجراءات المتبعة لمواجهة امتناع المحكم عن الإيداع ولا الآثار القانونية المترتبة على الامتناع ولئن كان السكوت عن تنظيم تلك المسائل وعدم التعرض لها عيباً تشريعياً في قانون التحكيم كما قد يتبادر إلى ذهن البعض فالاحتمال الأقرب للحقيقة أن قانون التحكيم لم يسكت عن تنظيم تلك المسائل إلا لوجود قواعد عامة منصوص عليها في قوانين أخرى  مكتفياً بتطبيقها دون حاجة إلى إعادة تكرارها بنصوص قانونية تتناول ذات الإجراءات والآثار المقررة في تلك القواعد العامة وبإعمال تلك القواعد العامة وتطبيقه على واقعة امتناع المحكم عن إيداع النسخة الأصلية لحكم التحكيم تكون الإجراءات والحلول القانونية، والتي يتعين على محاكم الاستئناف اتباعها لمواجهة هذه الاشكالية محددة في نقطتين رئيسيتين :-
النقطة الأولى: عدم الاعتداد بالنسخة الأصلية لحكم التحكيم عند نظر دعوى البطلان:
فحينما يتقدم المحكوم عليه بدعوى بطلان حكم التحكيم بناءً على صورة الحكم التي استلمها فإن على محكمة الاستئناف مباشرة الاجراءات المقررة قانوناً لتقديم الدعوى وأن لا تجعل استكمال الإجراءات موقوفاً على الإجراءات المتعلقة بإيداع النسخة الأصلية لحكم التحكيم للإعتبارات القانونية التالية :
الإعتبار الأول/ التعامل مع صورة حكم التحكيم وفقاً لقاعدة الأصل الظاهر :
فالقانون لم يوجب على المحكم إيداع النسخة الأصلية لحكم التحكيم إلا أنه قد إكتفى قبل ذلك بإبلاغ وتسليم أطراف التحكيم صورة من الحكم وفقاً لما قررته المادة (48) من قانون التحكيم بصيغتها المعدلة بالقانون رقم (22) لسنة 1997م الجاري نصها بالآتي:
[... وعلى لجنة التحكيم أن تقوم بارسال صورة من الحكم موقعة من المحكمين الى أطراف التحكيم].
ولما كانت الكتابة شرطاً أساسياً لإثبات حكم التحكيم فإن الأصل خضوع صورة الحكم لذات المبادئ القانونية المقررة للإثبات بالكتابة وفي مقدمتها المبدأ القانوني الذي يقرر أن الأصل في صورة المحرر مطابقتها للنسخة الأصلية ما لم ينازع الخصم في ذلك وحينما تقدم صورة المحرر من أحد طرفي الخصومة فليس للقاضي أن يأمر – من تلقاء نفسه – بإحضار أصل المحرر للمطابقة إلا إذا نازع الخصم الآخر في هذه المسألة وتمسك بإحضار أصل المحرر لمطابقته على الصورة المقدمة من خصمه وذلك المبدأ مقرراً بالمادة (101) من قانون الإثبات الشرعي الجاري نصها بالآتي:
[...وتعتبر الصورة الرسمية مطابقة للأصل ما لم ينازع في ذلك أحد الطرفين وفي هذه الحالة تراجع الصورة على الأصل...].
وذلك المبدأ واجب التطبيق على حكم التحكيم باعتبار محرر كتابياً يخضع لذات الأحكام والقواعد المنظمة للأدلة الكتابية وحينما يعلن المحكوم عليه بصورة من حكم التحكيم ويبادر إلى استعمال حقه في دعوى البطلان برفعها أمام محكمة الاستئناف فان على هذه المحكمة استلام الدعوى وإستكمال إجراءات تقديمها وفقاً للقانون دون الاعتداد بما إذا كانت النسخة الأصلية لحكم التحكيم مودعه من قبل المحكمة أم لم تودع، فالإجراء المتعلق بالإيداع كواجب إجرائي ليس مقرراً على عاتق المدعي حتى يجبر مسبقاً على تقديم الأصل بل مفروضاً على عاتق شخص آخر هو المحكم.
كما أن القانون لم يوجب على المدعي تقديم النسخة الأصلية لحكم التحكيم كشرط للإدعاء ببطلانه وليس من العدالة ولا مقتضيات حسن سيرها أن نجعل حق المدعي في استعمال حق الدعوى موقوفاً على إرادة شخص آخر غير المدعي إذ يُعد ذلك التعليق أمراً محظوراً على المشرع وتقييداً لسلطته في سن التشريعات والقوانين وهو أمر محظور على المحاكم من باب أولى باعتبارها معنية بتطبيق القوانين ومقيدة بأحكامها وليس لها أن تجعل استعمال حق التقاضي مقيداً بإرادة شخص آخر.
الاعتبار الثاني: أن إمتناع المحكم عن الإيداع يعتبر عيباً في الإجراءات وسبباً لإبطال حكم التحكيم.
فالأصل المقرر قانوناً أن البطلان الذي يلحق بإجراءات التحكيم أحد الأسباب القانونية الموجبة لرفع دعوى بطلان أحكام التحكيم طبقاً لما نصت عليه المادة (53/ج) من قانون التحكيم.
ولما كان الإيداع المقرر بنص المادة (50) تحكيم أحد الإجراءات المتعلقة بصدور حكم التحكيم فإن القانون قد أعتبر الإيداع من إجراءات التحكيم بدليل أن قانون التحكيم بعد أن قرر واجب الإيداع في المادة (50) قد نص في المادة التي تليها على امتداد إجراءات التحكيم لتشمل الإجراءات المتعلقة بصدور الحكم حيث نصت المادة (51) من قانون التحكيم على أنه:
[تنتهي اجراءات التحكيم بعد صدور حكم التحكيم....].
وبالتالي فإن امتناع المحكم عن الإيداع يُعتبر عيب في إجراءات التحكيم يصلح الإستناد إليه كأحد الأسباب القانونية لدعوى البطلان وذلك ما يستوجب على محكمة الاستئناف إستكمال الإجراءات المقررة قانوناً لرفع دعوى البطلان ولها أن تقضي ببطلان حكم التحكيم لبطلان الإجراءات المتعلقة بعدم إيداع النسخة الأصلية لحكم التحكيم متى تم التمسك بهذا السبب من قبل مدعي البطلان ضمن أسباب دعواه، فذلك هو الجزاء المقرر قانوناً على عدم الإيداع والذي يفترض على محكمة الاستئناف التقيد به عند تحقق شروطه أما الإمتناع عن إستلام دعوى البطلان بحجة عدم إيداع النسخة الأصلية لحكم التحكيم فليس من القانون في شيء.
النقطة الثانية: إدخال المحكم أثناء السير في دعوى البطلان لتقديم محرر تحت يده:
فإمتناع المحكم عن إيداع النسخة الأصلية لحكم التحكيم ليس مبرراً لإعاقة دعوى البطلان وتعطيل الحق في إستعمالها إبتداءً بل يتعين على محكمة الاستئناف إتباع الإجراءات والقواعد المقررة قانوناً لإجبار الخصم أو الغير بتقديم محرر تحت يده بأن تأمر بإدخال المحكم أثناء السير في نظر دعوى البطلان لإلزامه بتقديم النسخة الأصلية لحكم التحكيم وفقاً لوسائل الإجبار المقررة في قانون الإثبات الشرعي وهي السلطة الممنوحة للمحكمة عامة ولمحكمة الاستئناف على وجه الخصوص بصريح نص المادة (119) من قانون الإثبات الشرعي التي تقضي بأنه:
[يجوز للمحكمة أثناء سير الدعوى ولو أمام محكمة الاستئناف أن تأذن في إدخال الغير لإلزامه بتقديم محرر تحت يده مع مراعاة الأحوال الأحكام والأوضاع المنصوص عليها في المواد السابقة].
وذلك ما يسري على المحكم في حال امتناعه عن إيداع النسخة الأصلية لحكم التحكيم إذ يتعين على محكمة الاستئناف إدخال المحكمة وإجباره على تقديم أصل الحكم وسلطتها في ذلك ليست مطلقة بل مقيده بما حدده القانوني سالفاً الذكر من شروط وضوابط قانونية أبرزها :-
1- أن يصدر الإذن بالإدخال أثناء نظر دعوى البطلان:
فمحكمة الاستئناف لا تملك مباشرة الإجراءات الجبرية لاستحضار النسخة الأصلية إبتداءً وبمجرد تقديم دعوى البطلان وإنما يتعين عليها مباشرة تلك الإجراءات أثناء نظرها لدعوى البطلان وعند السير في تحقيقها لأن القانون قيد سلطة المحكمة في مباشرة تلك الإجراءات بالتوقيت الزمني المعبر عنه في النص القانوني بلفظ ((أثناء سير الدعوى)) وذلك يقتضي وجود دعوى بطلان مرفوعة ومقدمة أمام محكمة الاستئناف بعد أن تم إستكمال إجراءات تقديمها وانعقاد الخصومة فيها باعلانها للمدعى عليه وبموعد الجلسة المحددة لنظر الدعوى وأثناء سير الدعوى تستطيع المحكمة مباشرة الإجراءات الجبرية لإستحضار أصل حكم التحكيم بإدخال المحكمة والزامه بذلك.
2- أن يكون الإذن بالإدخال مسبوقاً بطلب مقدم من الخصم صاحب المصلحة:
فالقانون لم يعتبر وجود النسخة الأصلية لحكم التحكيم شرطاً لقبول دعوى البطلان ولا من إجراءات رفع الدعوى وتقديمها أمام المحكمة كما أنه لم ينص على إدراج هذه المسألة ضمن المسائل المتعلقة  بالنظام العام وبالتالي فإن إدخال المحكمة لإلزامه بتقديم أصل الحكم مقرراً لمصلحة الخصوم وليس للمصلحة العامة فلا تمتلك المحكمة إدخال المحكم في الخصومة والتصدي لهذه المسألة من تلقاء نفسها، فسلطة المحكمة مقصورة على الإذن بالإدخال متى كان الطرف المحكوم له قد تقدم أمامها بطلب الإدخال وليس أدل على ذلك من أن النص القانوني للمادة (119) سالفة الذكر قد أوجب على المحكمة عند الإذن بإدخال الغير لإلزامه بتقديم محرر تحت يده مراعاة الأحوال والأحكام والأوضاع المنصوص عليها في المواد التي تسبق نص المادة (119) من قانون الإثبات ومراعاة تلك النصوص القانونية يحتم على محكمة الاستئناف التعامل مع المحكم لإلزامه بتقديم أصل حكم التحكيم بذات الكيفية المقررة قانوناً لإلزام الخصم بتقديم محرر تحت يده وعلى وجه الخصوص ما يلي :
أولاً: أن يقدم الخصم التمسك بالحكم طلباً بإلزام المحكمة تقديم أصل الحكم وأن يكون الطلب مشمولاً بالبيانات التي أوجبها القانون صراحة بالمادتين (112، 113) من قانون الإثبات الشرعي فإن لم يقدم ذلك الطلب من حيث الأصل فلا تملك المحكمة التصدي بإدخال المحكم من تلقاء نفسها وان كان الطلب مقدماً من الخصم دون ان يتوافر فيه الشروط والضوابط المنصوص عليها بالمادتين سالفتي الذكر كان على المحكمة أن تقضي بعدم قبول الطلب طبقاً للجزاء المقرر بالمادة (114) من قانون الاثبات ونصها :
[لا يقبل الطلب إذا لم تراع فيه أحكام المادتين].
ثانياً: التعامل مع المحكم في حال ادخاله بذات الكيفية المقررة قانوناً لإلزام الخصم بتقديم محرر تحت يده.
فالإجراءات المقررة قانوناً لإلزام الخصم بتقديم محرر تحت يده بينتها المادة (117) من قانون الإثبات بصيغتها المعدلة بالقانون رقم (20) لسنة 1996م الجاري نصها بالآتي:
[إذا لم يقم الخصم بتقديم المحرر في الموعد الذي حددته المحكمة او امتنع عن حلف اليمين المذكورة اعتبرت صورة المحرر التي قدمها خصمه صحيحة مطابقة لأصلها فان لم يكن قد قدم صورة من المحرر فيحبس المدعى عليه حتى يسلم المستند أو يحلف اليمين].
ولما كانت تلك الإجراءات واجبة التطبيق على المحكم باعتباره من الإجراءات القانونية لحسم النزاع مع المحكم ومواجهة امتناعه عن الإيداع لا تخرج عن فرضين :
الفرض الأول: أن يمتنع المحكم عن الإيداع مع وجود صورة من حكم التحكيم مقدمة للمحكمة من أحد الخصوم وفي هذه الحالة تقرر المحكمة اعتبار صورة الحكم مطابقة لأصلها وتسير في دعوى البطلان على أساس ذلك.
الفرض الثاني: أن يكون امتناع المحكم عن تقديم أصل حكم التحكيم وعن حلف اليمين المطلوبة مقروناً بعدم وجود صورة من حكم التحكيم مقدمة للمحكمة من أحد الخصوم ففي هذه الحالة تأمر المحكمة بحبس المحكم حتى يسلم أصل الحكم أو يحلف اليمين الشرعية المقررة قانوناً.
                      ــــ وبذلك ـــ
تكون الوسيلة القانونية لمواجهة امتناع المحكم عن إيداع النسخة الأصلية لحكم التحكيم محددة بوسيلة إدخاله في خصومة دعوى البطلان لإلزامه بتقديم مستند تحت يده وفقاً لذات الإجراءات والقواعد المقررة لإلزام الخصم بتقديم مستند تحت يده المنصوص عليها في قانون الإثبات الشرعي.
               والله من رواء القصد،،،
                           @المحامي/عبدالعزيز المعلمي

أسباب وقف الدعوى وانقطاعها وفقا للقانون اليمني والمصري


(أسباب وقف الدعوى وانقطاعها)
سنتناول هذا البحث لبيان أسباب انقطاع ووقف سير الخصومة :
اولا اسباب وقف الخصومة وانقطاعها في القانون اليمني
وقف الخصومة
مادة (204) : يجوز وقف الخصومة بناءً على اتفاق الخصوم على عدم السير فيها مــدةً لا تزيد على ستة أشهر من تاريخ إقرار المحكمة لاتفاقهم ولا يكون لهذا الوقف أثر في أي ميعاد يكون القانون قد حدده لإجراءٍ ما ، وإذا لم يعجل السير في الخصومة في الثمانية الأيام التالية لنهاية الأجل أُعتبر المدعي تاركـاً دعواه والمستأنف تاركاً استئنافه.
مادة (205) : في غير الأحوال التي ينص فيها القانون على وقف الخصومة وجوباً أو جوازاً يجب على المحكمة أن تأمر بوقفها كلما رأت تعليق حكمها في موضوعها على الفصـل في مسألةٍ أخرى يتوقف عليها الحكم في الخصومة .
مادة (206) : يستأنف السير في الخصومة من النقطة التي وقفت عندهـا بمجرد زوال سبب الوقف .
فنجد ان القانون اليمني قد نص على وقف السير في الخصومة بإرادة الاطراف وبإقرار من المحكمة لإيقافها لمدة ستة اشهر كما حددها قانون المرافعات اليمني بنص المادة (204) وفي حالة تأخر اطراف الدعوى او الخصومة عن تحريك دعواهم او خصومتهم لمدة ثمانية ايام من تاريخ الاجل المحدد اعتبر المدعي تارك لدعواه واذا كانت في الاستئناف اعتبر المستأنف تارك لاستئنافه .
كما نجد ان للمحكمة الحق في ايقاف الدعوى للفصل في موضوع فرعي لازم للسير في الخصومة وهذاما نصت عليه المادة 205 من قانون المرافعات .
والسير في اجراءات الدعوى بعد انتهاء مدة الايقاف من اخر اجاء تم اتخاذه قبل ايقاف الدعوى.
انقطاع الخصومة
مادة (207) : إذا توفي أحد الخصوم أو فقد أهلية التقاضي أو زالت صفته في مباشرته إجراءات التقاضي قبل قفل باب المرافعة في الخصومة انقطع سير الخصومة وامتنع على المحكمة نظرها ، أما إذا توفي الوكيل في الدعوى أو انقضت وكالته فلا ينقطع سيرها وإنما يكون للموكل تعيين وكيل آخر وللمحكمة إذا قبلت عذر الخصم أن تمنحه أجلاً لذلك .
مادة (208) : يترتب على انقطاع سير الخصومة وقف جميع المواعيد والإجراءات وبطلان ما يحصل منها أثناء الانقطاع .
اما بالنسبة لانقطاع الخصومة في القانون اليمني تكون لعدة اسباب كما بينها قانون المرافعات اليمني بنص المواد 207ـ 208 حيث بين ان وفاة احد الخصوم  وفقدان الاهلية والصفة  لاحدهم من اسباب انقطاع الخصومة .

كما ان القانون اليمني قد نص على ان لذي المصلحة الاستطاعة بتحريك الدعوى المنقطعة بنص المادة 209من قانون المرافعات اليمني
مادة (209) : تستأنف الخصومة سيرها إذا حضر الجلسة التي كانت محدده لنظرها وارث المتوفي أو من يقوم مقام من فقد أهلية التقاضي أومن قام مقام من زالت عنه الصفة وباشر السير فيها أو بإعلانهما بالطرق المقررة وفقاً لهذا القانون.
ثانيا اسباب وقف الخصومة وانقطاعها في القانون المصري
وقف الخصومة
مادة ١٢٨ -يجوز وقف الدعوى بناء على اتفاق الخصوم على عـدم الـسير فيها مدة لا تزيد على ثلاثة اشهر من تاريخ إقرار المحكمة لاتفاقهم ولكـن لا يكون لهذا الوقف اثر في أي ميعاد حتى يكون القانون قد حدده لإجراء ما . وإذا لم تعجل الدعوى في ثمانية الأيام التالية لنهاية الأجل اعتبر المدعى تاركا دعواه والمستأنف تاركا استئنافه .
مادة ١٢٩ -في غير الأحوال التي نص فيها القانون علـى وقـف الـدعوى وجوبا أو جوازا يكون للمحكمة أن تأمر بوقفها كلما رأت تعليق حكمهـا في موضوعها على الفصل في مسألة أخرى يتوقف عليها الحكم . بمجـرد زوال سبب الوقف يكون للخصم تعجيل الدعوى
اما القانون المصري فقد بين ان وقف الخصومة يكون بناء على اتفاق الخصوم شانه شان القانون اليمني الا ان المدة المتاحة في القانون المصري تختلف عنها في القانون اليمني فحيث نجد سابقا ان القانون اليمني حددها بمده سته اشهر نجد القانون المصري يحددها بثلاثة اشهر وهذا ما نجده في نص المادة 128من قانون المرافعات المصري الا انهم اتفقا على ان التعجيل والسير في الدعوى بعد انقضاء المدة المتفق عليها بثمانية ايام والى اعتبر المدعي تاركا لدعواه والمستأنف تارك لاستئنافه .
كما بين ايضا القانون ذاته بنص المادة 129 ان للمحكمة ان تامر بوقف الدعوى كلما رات تعليق حكمها متوقف على موضوع اخر او الفصل في مسالة اخر وهو ايضا ما سار عليه القانون اليمني .
انقطاع الخصومة
المادة 130 ينقطع سير الخصومة بحكم القانون بوفاة أحد الخـصوم ، أو بفقده أهلية الخصومة ، أو بزوال صفة من كان يباشر الخصومة عنـه مـن النائبين ، إلا إذا كانت الدعوى قد تهيأت للحكم في موضوعها
 . ومع ذلك إذا طلب أحد الخصوم أجلا لإعلان من يقوم مقام الخصم الذى تحقق في شأنه سبب الانقطاع ، وجب على المحكمة – قبل أن تقضى بانقطاع سير الخصومة – أن تكلفه بالإعلان خلال أجل تحدده له ، فإذا لم يقم به خلال هذا الأجل دون عذر ، قضت المحكمة بانقطاع سير الخصومة منذ تحقق سببه .
 ولا تنقطع الخصومة بوفاة وكيل الدعوى ولا بزوال وكالته بـالتنحي أو بالعزل وللمحكمة أن تمنح أجلاً مناسباً للخصم الذى توفى وكيلـه أو انقـضت وكالته إذا كان قد بادر فعين له وكيلاً جديداً خلال الخمسة عشر يوماً التاليـة لانقضاء الوكالة الأولى .
مادة ١٣١ – تعتبر الدعوى مهيأة للحكم في موضوعها متى كان الخصوم قـد أبدوا أقوالهم وطلباتهم الختامية في جلسة المرافعة قبل الوفاة ، أو فقد أهليـة الخصومة ، أو زوال الصفة .
فنجد اسباب الانقطاع كما بينتها المواد السابقة من قانون المرافعات المصري بانها اما الوفاه لاحد الخصوم او فقد الأهلية او الصفة لمن يباشر الخصومة ويستثني من ذلك حالة ما اذا كانت الدعوى مهيأة للحكم وهذا ما نصت عليه المادة 130 من قانون المرافعات
ونجد ايضا بان الدعوى تكون مهيأة للحكم اذا كان الخصوم قد ابدو اقوالهم وطلباتهم الختامية وهذا ما نصت عليه المادة 131 من قانون المرافعات .

مادة ١٣٢ – يترتب على انقطاع الخصومة وقف جميع مواعيد المرافعات التي كانت جارية في حق الخصوم وبطلان جميع الإجراءات التي تحـصل أثنـاء الانقطاع.
فيترتب اثر على انقطاع الخصومة يتمثل بوقف جميع مواعيد المرافعات التي كانت جارية فيحق الخصوم وبطلان أي اجراء قد يتخذ خلال مده الانقطاع .
 . مادة ١٣٣ – تستأنف الدعوى سيرها بصحيفة تعلن إلى من يقوم مقام الخصم الذى توفى أو فقد أهليته للخصومة أو زالت صفته ، بناء على طلب الطـرف الأخر ، أو بصحيفة تعلن إلى هذا الطرف بناء على طلب أولئك . وكذلك تستأنف الدعوى سيرها إذا حضر الجلسة التـي كانـت محـددة لنظرها وارث المتوفى ، أو من يقوم مقام من فقد أهلية الخصومة ، أو مقـام من زالت عنه الصفة وباشر السير فيها .
وكما نجد نص المادة السابقة مبين متى يتم استئناف الدعوى المنقطعة ب 1/صحيفة الى من يقوم مقام الخصم المتوفي او فقد اهليته او زالت صفته في الخصومة.
2/حضور وارث المتوفي الى جلسات المحكمة او من يقوم مقام من فقد اهليته او زالت صفته مع مباشرة السير فيها .

مما سبق نجد ان لا توجد أي  خلافات جوهرية بين القانون اليمني والمصري في كلا من اسباب التوقف في الخصومة وانقطاع الخصومة وهذا ما كتن واضح جليا من خلال مواد قانون المرافعات اليمني 204من المادة  وحتى المادة 209 وكذلك قانون المرافعات المصري من المادة 128 وحتى المادة 133 في بيان اسباب التوقف والانقطاع في الدعوى او الخصومة واستئنافهم وما يترتب على التوقف او الانقطاع من اثار .


والله الموفق


إعداد وجمع الباحث/ عبده ناجي الحيظاني
اشراف الاستاذ المحامي/ امين حفظ الله الربيعي


جريمة الاعتداء على ملك الغير وفقا للقانون اليمني



عنوان البحث ((جريمة الاعتداء على ملك الغير))
                                                                  تعريف الاعتداء
الاعتداء لغة: من العدو ، بمعنى الظلم ومجاوزة الحد و الحق ، يقال: اعتدى عليه إذا ظلمه. واعتدى على حقه، أي جاوز إليه بغير حقّ.

الاعتداء في الاصطلاح
لا يخرج معناه الاصطلاحي عن معناه اللغوي، حيث يستعمله الفقهاء بمعنى مجاوزة الحد المأذون فيه شرعاً، كمجاوز الحلال إلى الحرام، أو مجاوزة مقتضى العقد مثل عقد الاجازة او الاستعارة أو غيرهما
معنى ملك الغير
هي ما يمتلكه الأشخاص الاخرين باي نوع من أنواع الملك او الحيازة.
معنى التعدي على ملك الغير
هو قيام شخص(المتهم) بالاعتداء او الاستيلاء على ممتلكات الاخرين حتى وان كان بدون استخدام القوة .
الاعتداء على ملك الغير في القانون اليمني
 النصوص القانونية
نصت المادة (1103) بان " الثبوت ( الحيازة ) هو استيلاء الشخص على الشيء ووضع يده عليه منقولاً كان أو عقاراً وهو نوعان:
 فالأول: حيازة ملك ثبوت يتصرف بها الحائز في الشيء الذي يحوزه بأي نوعٍ من أنواع التصرفات ظاهراً عليه بمظهر المالك وأن لم يبين سبب ملكيته له فتكون يده مهما أستمرت حيازة ملك ثبوت على الشيء........."
وحيث نصت المادة (1111) مدني "على أنه من كان حائزاً لشيء أو حق اعتبر مالكاً له ما لم يقم الدليل على غير ذلك".
وكذا نصت المادة (1117) مدني على "ليس لمدعي الملك أن ينزع يد الثابت على الشيء بدون رضاه إلا بحكم قضائي وللمدعي أن يلجأ إلى القضاء ...".
وهذه المادة تقابل م (1284) مدني قديم التي جاء في المذكرة الإيضاحية لها ما يلي "تنص على قاعدة عامة هي أنه ليس لمدعي الملك أن ينزع يد الثابت عما هو ثابت عليه بغير رضاه, أي بالإكراه أو بالحيلة دون لجوء إلى القضاء في ذلك بل يتعين عليه أن يلجأ للقضاء ويطلب منه الحكم به بما يدعيه ويقيم الدليل الشرعي على صحة دعواه " وكذا نصت مادة (1) إثبات على "الدعوى هي طرق المدعي إلى القضاء للحصول على الحق الذي يدعيه قبل المدعى عليه والإثبات: إقامة الدليل بالطرق القانونية لإثبات الحق المتنازع عليه أو نفيه". وكذا المادة (3) إثبات نصت على: "المدعي هو من معه أخفى الأمرين، وهو من يدعي خلاف الظاهر والمدعى عليه هومن معه أظهر الأمرين".
فيحمي القانون الحيازة في ذاتها ولو كان الحائز غير مالك ويرجع ذلك إلى سببين :
السبب الأول : أن الحائز هو الذي يسيطر على سيطرة فعلية على المال الذي يقع في حيازته، فيجب الاعتبارات تتعلق بالأمن العام أن تبقى له هذه السيطرة فلا يتعدى احد عليها ولو كان هو المالك للمال . وعلى المالك أن يلجأ إلى الطرق التي رسمها له القانون لاسترداد ماله من الحائز، فالقانون يحمي الحيازة كما يحمي الملكية وقد جعل لحماية كلاً من الحيازة والملكية طرقها الخاصة بنفسه ولا يجوز للمالك أن ينتزع ماله من الحائز عنوة وقهراً، فينتصف لنفسه بنفسه ويعكر صفو السلام والأمن العام، بل يجب عليه إذا لم يرد الحائز إليه ماله طوعاً، أن يسترده عن طريق القضاء وفقاً للإجراءات التي رسمها القانون وهو ما قررته المادة (1117) مدني يمني .
السبب الثاني :أن الحائز للمال في الكثرة الغالبة من الأحوال يكون هو المالك له وأول مزايا الملك أن يحوز المالك المال الذي يملكه وقل أن يوجد مالك لا يجوز بنفسه أو بوساطة غيره، لذلك يفرض القانون مبدئياً أن الحائز هو المالك فيحمي الملكية عن طريق حماية الحيازة، ومن أجل ذلك كانت الحيازة قرينه على الملكية ولكنها قرينة قابلة لإثبات العكس وهو ما قررته ( م 111) يمني، ففي الأحوال القليلة التي لا يحوز فيها المالك ماله بنفسه أو بوساطة غيره، وتكون الملكية في يد والحيازة في يد أخرى، وأباح القانون للمالك، بعد أن يقيم الدليل على ملكيته، أن ينتزع ماله من يد الحائز بالطرق المرسومة لذلك، فحماية الحيازة في ذاتها إنما هي حماية للملكية، ولكنها حماية مؤقتة إلا أن يقوم الدليل على أن الحائز لا يملك المال الذي في حيازته، فعندئذ يرد المال إلى مالكه
و نص قانون الإجراءات الجزائية بنص المادة (27)ﻻ ﻴﺠﻭﺯ ﻟﻠﻨﻴﺎﺒﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﺭﻓﻊ ﺍﻟﺩﻋﻭﻯ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﻴﺔ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤـﺔ ﺇﻻ ﺒﻨـﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺸﻜﻭﻯ ﺍﻟﻤﺠﻨﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻭ ﻤﻥ ﻴﻘﻭﻡ ﻤﻘﺎﻤﻪ ﻗﺎﻨﻭﻨﹰﺎ ﻓﻲ ﺍﻷﺤﻭﺍل
الفقره 4 - ﻓﻲ ﺠﺭﺍﺌﻡ ﺍﻟﺘﺨﺭﻴﺏ ﻭﺍﻟﺘﻌﻴﻴﺏ ﻭﺇﺘﻼﻑ ﺍﻷﻤﻭﺍل ﺍﻟﺨﺎﺼﺔ ﻭﻗﺘل ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻨﺎﺕ ﺒﺩﻭﻥ ﻤﻘﺘﻀﻰ ﺃﻭ ﺍﻟﺤﺭﻴﻕ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﻌﻤـﺩﻱ ﻭﺍﻨﺘﻬـﺎﻙ ﺤﺭﻤﺔ ﻤﺎﻟﻙ ﺍﻟﻐﻴﺭ ﻭﻜﺫﻟﻙ ﻓﻲ ﺍﻷﺤﻭﺍل ﺍﻷﺨﺭﻯ ﺍﻟﺘـﻲ ﻴـﻨﺹ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ.


وجاء قانون العقوبات اليمني بالنص بالمواد التالية بالآتي:  
المــادة(321): يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة او بالغرامة من هدم او خرب او اعدم او اتلف عقارا او منقولا او نباتا غير مملوك له او جعله غير صالح للاستعمال او اضر به او عطله بأية كيفيه وتكون العقوبة الحبس مدة لا تتجاوز خمس سنوات اذا اقترفت الجريمة بالقوة او التهديد او ارتكبها عدد من الاشخاص او وقعت في وقت هياج او فتنه او كارثه او نشا عنها تعطيل مرفق عام او اعمال مصلحة ذات منفعة عامة او ترتب عليه جعل حياة الناس او امنهم او صحته عرضه للخطر واذا ترتب على الجريمة موت شخص تكون العقوبة الاعدام حدا ولا يخل ذلك بحق ولي الدم في الدية او الارش بحسب الاحوال .
المــادة(322): يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة او الغرامة البائع اذا اعاد بيع عقار سبق له بيع عقار سبق له بيعه او باع اكثر من الحصة او القدر المملوك له وينطبق ذلك على الولي او الوصي او النائب او الوكيل ويجوز رفع العقوبة الى الحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات اذا تسبب الفاعل بعمله في احداث جريمة جسيمة بين المتنازعين على العقار .
ويعاقب بذات العقوبة الراهن اذا تصرف في العقار المرهون باي تصرف من شانه الاضرار بحقوق المرتهن .
المــادة(323): يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة او بالغرامة من اتلف او نقل او ازال اي محيط او علامة معدة لضبط المساحات او لتسوية الاراضي او لتعيين الحدود او للفصل بين الاملاك وتكون العقوبة الحبس مدة لا تتجاوز سنتين اذا ارتكبت الجريمة باستعمال العنف على الاشخاص او بقصد اغتصاب ارض مملوكة للغير او كانت العلامات موضوعة من قبل المصلحة المختصة .

حيث تناولت التشريعات اللاتينية جرائم الأموال على اعتبار أنها اعتداء على الحقوق المالية سواء كانت عينية أو شخصية أو معنوية، وتحظى الحقوق العينية وبوجه خاص حق الملكية في الجانب الأكبر من حماية المشرع الجنائي، فكان السائد في التشريعات ذات المصدر التاريخي للقانون اليمني هو استخدام عنوان ( جرائم الاعتداء على الملكية ) وقد جاء في المذكرة التفسيرية لتقنين قانون العقوبات الإيطالي ( أن كلمة "الملكية " يجب أن تفهم على أساس معناها الواسع بحيث تتضمن كلاً من حق الملكية وكذلك حيازة كل حق عيني أو شخصي )، ثم اتجهت التشريعات إلى استخدام اصطلاح(جرائم الاعتداء على الذمة المالية)
وتشترك جرائم الاعتداء على الأموال في أمرين الأول : أن يكون محل الاعتداء عليه ثابتاً لغير المدعى عليه والثاني : عدم رضا صاحب الحق . (
لذلك فإن تسمية جريمة اغتصاب العقار باصطلاح جريمة الاعتداء على الملكية في الواقع العملي اليمني يعد خلافاً لما هو سائد في الفقه الجنائي، فجرائم الاعتداء على الملكية تدخل ضمنها عدة جرائم منها السرقة والاحتيال وخيانة الأمانة واغتصاب العقار والإضرار بالمال وغيرها .
كما إن اصطلاح الأشياء المملوكة للغير والتي تستخدم كثيراً في التشريعات والتي تعطي فكرة سلبية قوامها الشك في أنه يجب على صاحب الشيء أن يقدم الدليل على أنه صاحبه أو مالكه، بينما ترمي هذه التشريعات عادة إلى التعبير عن أن الجاني لم يكن مالكاً لمحل الجريمة، لذلك نجد بعض الفقهاء يتطلب استخدام صياغة ( الشيء الذي لم يملكه الجاني)
ويلاحظ أن المشرع اليمني قد استخدم هذه الصياغة في عدد من الجرائم منها السرقة، وخيانة الأمانة وانتهاك حرمة ملك الغير والإضرار بالمال .
كما أن تقسيم جرائم الأموال يختلف بحسب المعيار المتبع، فتقسم جرائم الأموال إلى جرائم استيلاء وجرائم إتلاف ذلك أن هذه الجرائم تختلف باختلاف الغاية التي حركت حوافز العدوان لدى الجاني فهي إما أن تقع بدافع الطمع والانتقام، وتضم جرائم الاستيلاء السرقة والنصب وخيانة الأمانة وغيرها، أما جرائم الإتلاف فهي الحريق وتسميم المواشي والتخريب والتعييب .
كما تقسم جرائم الأموال إلى جرائم لا تقع إلا على منقول كالسرقة والنصب وخيانة الأمانة وجرائم لا تقع إلا على عقار مثل جرائم منع الحيازة بالقوة وإزالة الحدود أو نقلها، وجرائم قد تقع على عقار أو على منقول مثل : الحريق والتخريب والتعييب والإتلاف.(
وهناك تقسيم آخر شائع لجرائم الاعتداء على الأموال باعتبارها اعتداء على الملكية فيرى أستاذ القانون الجنائي د. محمود نجيب حسني بأن التأصيل العلمي لجرائم الاعتداء على الملكية هو ما يستند إلى التمييز بين جرائم الإثراء وجرائم الإضرار، وضابط هذا التقسيم ذو شقين :- شق مادي متعلق بتأثير الفعل الجرمي على ذِمَتَيْ المجرم والمجني عليه وما إذا كان ينطوي على إثراء المجرم أم يقتصر فحسب على الإضرار بالمجني عليه والشق المعنوي لهذا الضابط متعلق بنية المجرم وقت اقترافه جريمته وما إذا كانت قد اتجهت إلى إثرائه أي اتجهت إلى (تملك) مال يملكه غيره أم اتجهت فحسب إلى الأضرار بالمجني عليه بحرمانه من ماله أو إنقاص قيمته دون أن يقابل ذلك ازدياد في الأموال التي يحوزها المجرم، فالفعل الجرمي يختلف فيها إذ يحرص المجرم في جرائم الإثراء على المحافظة على كيان الشيء وقيمته كي يتحقق له بذلك الإثراء الذي يريده ومن ثم يتميز الفعل بخصائص معينة تكفل له أن يكون غير مضر بالشيء وخصائص أخرى هل تكفل له أن يكون من شأنه ضم ذلك الشيء إلى حيازة المجرم فيدخل فيها جرائم السرقة والنصب وخيانة الأمانة وغيرها .... وعلى الخلاف من ذلك فان الفعل الجرمي في جرائم الإضرار هو بطبيعته إتلاف أو تشويه للشيء أو إنقاص من قيمته فيدخل فيها جرائم الهدم والتخريب والتعدي على المزروعات. كما انه يشترط في جرائم الإثراء (نية التملك) من بين عناصرها المعنوية في حين انه لا يشترط في جرائم الإضرار .فجرائم اغتصاب العقار هي جرائم إثراء وفعل المدعي عليه (المتهم) لا يتضمن هدماً ولا تخريباً ولا تحركه إلى فعله نية الإضرار بالمجني عليه إنما يسعى إلى أن يحوز العقار المملوك لغيره ليباشر عليه سلطات المالك وهي من هذه الوجهة تقترب من جريمة السرقة فركنها المادي هو انتزاع الحيازة وركنها المعنوي جوهره نية تملك العقار لكن تفترق عنها في ان موضوعها عقار بينما موضوع السرقة منقول (
لذلك نجد أن الفقه الجنائي عند شرحه لمفهوم أركان جريمة السرقة واشتراط أن يكون موضوعها مالاً منقولاً يقرر أن السرقة – حسب كيانها القانوني – هي اعتداء على ملكية المنقولات دون العقارات ويفسر ذلك ما قدره الشارع من أن حائزاً منقولاً هو الذي تتعرض حيازته وملكيته للمخاطر العديدة وتقضيان الحماية المغلظة، وبالإضافة إلى ذلك فإن فعل " الأخذ " – وهو قوام الركن المادي للسرقة – يعني في صورة الغالبة تغيير موضع الشيء باعتبار ذلك الوسيلة إلى إخراجه من حيازة المجني وتحقق الاعتداء على الحيازة الذي تفترضه السرقة، ولا يتصور ذلك إلا بالنسبة للمنقول فمن طرد حائز أرض أو مبنى وحل محله فيه، فهو ليس بسارق ولكنه مرتكب جريمة اغتصاب العقار
القانون المصري
نصوص قانون العقوبات المصري بشان جريمة الاعتداء على ملك الغير
المادة 369
كل من دخل عقارا في حيازة أخر بقصد منه حيازته بالقوة أ وبقصد ارتكاب جريمة فيه أو كان قد دخله قانوني وبقي فيه بقصد ارتكاب شيء مما ذكر يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة أ وبغرامة لا تجاوز ثلاثمائة جنيه مصري. وإذا وقعت هذه الجريمة من شخصين أو أكثر وكان أحدهم على الأقل حاملا سلاحاً أو من عشرة أشخاص على الأقل ولم يكن معهم سلاح تكون العقوبة الحبس مدة لا تجاوز سنتين أو غرامة لا تجاوز خمسمائة جنيه مصري.
المادة 170
كل من دخل بيتا مسكونا أو معد للسكن أو في أحد ملحقاته أو سفينة مسكونة أو في محل معد لحفظ المال وكانت هذه الأشياء في حيازة أخر قاصدا من ذلك منع حيازته بالقوة أو ارتكاب جريمة فيها أو كان قد دخلها بوجه قانوني وبقي فيها بقصد ارتكاب شيء مما ذكر، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين أو بغرامة لا تجاوز ثلاثمائة جنيه مصري.
المادة 171
كل من وجد في إحدى المحلات المنصوص عليها في المادة السابقة مختفيا عن أعين من لهم الحق فى إخراجه يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر أو بغرامة لا تتجاوز مائتي جنيه.
المادة 172
وإذا ارتكب الجرائم المنصوص عليها في المادتين السابقتين ليلا تكون العقوبة الحبس مدة لا تتجاوز سنتين.
المادة 172 مكرر
كل من تعدي على أرض زراعية أو ارض فضاء أو مبان مملوكة للدولة أو لأحد الأشخاص الاعتبارية العامة أو لوقف خيري أو لإحدى القطاع العام أو لأية جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة وذلك بزراعتها أو غرسها أو إقامة إنشاءات عليها أ وشغلها أو الانتفاع بها بأية صورة يعاقب بالحبس وبغرامة لا تجاوز ألفين من الجنيهات أو بإحدى هاتين العقوبتين ويحكم على الجاني برد العقار المغتصب بما يكون عليه من مباني أو غراس أ وبرده مع إزالة ما عليه من تلك الأشياء على نفقته فضلا عن دفع قيمة ما عاد من منفعة .  
فإذا وقعت الجريمة بالتحايل أو نتيجة تقديم إقرارات أو الإدلاء بيانات غير صحيحة مع العلم بذلك تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنين وغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.
وتضاعف العقوبة المنصوص عليها في الفقرتين السابقتين في حالة العود.
المادة 173
كل من دخل أرضا زراعية أو فضاء أو مباني أو بيتا مسكونا أو معد للسكن أ وفى أحد ملحقاته أو سفينة مسكونة أو في محل معد لحفظ المال ولم يخرج منه بناء على تكليفه ممن لهم الحق فى ذلك يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز ستة أشهر أو بغرامة لا تجاوز مائتي جنيه.
تختلف الحيازة التي يحميها المشرع الجنائي ( في نصوص الباب الرابع عشر من الكتاب الثالث بقانون العقوبات، المواد من (369 إلى 373) عن تلك الحيازة التي أشرنا إليها في الفقرة السابقة هذا من جهة ومن جهة ثانية فإنها تختلف عن الحيازة التي يحميها المشرع الجنائي في جرائم الأموال، مثل السرقة، والنصب، وخيانة الأمانة ذلك لإن فكرة الحيازة في جرائم الأموال والتي تقوم على نظرية في تحديد ماهية الاختلاس لا تختلف في جوهرها عن الحيازة في القانون المدني، وقد اجتمع على ذلك الفقه الحديث في فرنسا ومصر وعليها استقر القضاء الجنائي في البلدين.
ويكاد يجمع الفقه والقضاء الجنائي المصري على أن المشرع إنما أراد حماية نوع آخر من الحيازة العقارية في جرائم العدوان على الحيازة وهي حيازة مختلفة عن الحيازة في فقه القانون المدني كما هي حيازة مختلفة أيضاً في فقه القانون الجنائي حين يعرض لها كعنصر في الاختلاس كعنصر في جرائم الأموال التي تقع عدواناً على ملكية المنقول كما في جرائم السرقة والنصب وخيانة الأمانة والشيك (
فالمشرع في جرائم العدوان على الحيازة العقارية، يحمي الحيازة الفعلية، وهي نوع مختلف عن الحيازة القانونية فلا يشترط أن تتوافر فيها العنصر المعنوي في الحيازة وهو نية التملك ولا يشترط أن تكون حيازة عرضية مستندة إلى سند فهو يحمي الحائز الفعلي ولو كان حائزاً عرضياً فقد الصفة القانونية لحيازته العرضية كما لو كان مستأجراً قضى بفسخ عقد الإيجار الذي يستند عليه في وضع يده ولا يشترط المشرع أن تستمر حيازته مدة السنة المنصوص عليها في القانون المدني المصري حتى يكتسب صفته كحائز جدير بالحماية المدنية، إذ يكفي أن تتحقق له السيطرة على العقار مدة من الزمن طالت أو قصرت فلا سبيل إلى رفع يده عن العقار بغير حكم قضائي وإن حيازته على ذلك النحو معتبرة قانوناً وواجب احترامها وإنه إذا دخل الحائز القانوني( المالك ) في العقار بغير رضاء الحائز الفعلي، فإنه يعاقب على جريمة انتهاك حرمة الحيازة (
من قضاء النقض المصري في جريمة انتهاك حرمة ملك الغير
1: قانون العقوبات يحمي الحائز الفعلي ولو كان لا يستند بشأنها إلى حق :
"
إن قانون العقوبات إذ نص في المادة 369 على معاقبة كل من دخل عقاراً في حيازة آخر بقصد منع حيازته بالقوة، إنما قصد أن يحمي حائز العقار من اعتداء الغير على هذه الحيازة ولو كانت لا تستند إلى حق ما دامت معتبرة قانوناً، ولفظ الحياز إذا كان يدل على وجوب كون وضع اليد فعلياً، فإن محضر التسليم واجب احترامه بوصف كونه عملاً رسمياً خاصاً بتنفيذ الأحكام والتسليم الذي يحصل بمقتضاه لا يصح وصفه بأنه لم ينقل الحيازة بالفعل إذ القول بذلك يتعارض مع مقتضى التسليم وما يدل عليه من معنى التسليم والتسلم من نقل الحيازة في المال الذي حصل تسلمه نقلاً فعلياً ولو حصل التسليم بناء على حكم صدر في غير مواجهة مدعي الحيازة . ومن ثم لا يكون الحكم المطعون فيه – وقد أثبت أن المطعون ضدهم قد تسلموا العين بموجب محضر تسليم على يد محضر تنفيذاً لحكم قضائي قائم – قد خالف القانون في شيء إذا انتهى إلى انتفاء جريمتي اغتصاب الحيازة والسرقة في حق المطعون ضدهم"
2:يحمي قانون العقوبات الحائز الفعلي وان كان الآخر هو الأحق بالحيازة :-
"
يعاقب القانون في المادة 369 عقوبات على التعدي على الحيازة الفعلية بغض النظر عن أحقية المتهم في أن يكون هو الحائز، وذلك على أساس أن الحائز الفعلي له الحق في أن تحمي حيازته حتى تنزع منه بالطريق القانوني، ولا يشترط في صدد هذه الجريمة استعمال القوة بالفعل بل يكفي أن يكون المتهم قد بدا منه ما يفيد أن نيته استعمالها إذا اقتضت الحال ذلك") .
3:الحيازة مهما كانت مدتها لا تنتزع بالقوة بل بحكم قضائي :-
"
إذا دخل شخص عقاراً وبقى فيه مدة من الزمن طالت أو قصرت بحيث يصح في القانون عده أنه حائز العقار فإن حيازته تكون واجباً احترامها، ولا سبيل إلى رفع يده بغير حكم قضائي، وامتناع مثل هذا الحائز عن الخروج من العقار ولا يصح في القانون اعتباره تعدياً على حيازة الغير، بل هو منه عدم تفريط في الحيازة التي اكتسبها"
إن الشارع إنما أراد بالمادة (369) عقوبات العقاب على التعرض للحيازة الفعلية بغض النظر عن الحق في وضع اليد، فما دامت هذه الحيازة ثابتة لزيد فإن بكراً يكون عليه احترامها مهما كان حقه في وضع اليد . أما أن يدخل الأرض مع علمه بأنها بالفعل في حيازة زيد قاصداً منع هذه الحيازة بالقوة، فهذا يقع تحت طائلة العقاب
" إنه وإن كان صحيحاً أنه لا محل لحماية الحيازة الفعلية إذا كانت قائمة على الغصب أو القوة، وإن من يتسلم عقاراً على يد محضر تنفيذاً لحكم قضائي تكون له حيازة فعلية في حق خصمه المحكوم عليه، إلا أن هذا محله أن لا يكون متسلم العقار قد تخلى عن حيازته وتركها لخصمه".
 إعداد وجمع الباحث/عبده ناجي الحيظاني

إشراف الأستاذ المحامي/ امين حفظ الله الربيعي