الصفحات

الخميس، 18 يوليو 2024

 

 جهالة المبيع وأثره على عقد البيع

المقدمة:

إن من شروط صحة عقد البيع تعيين المبيع وهو شرط في ركن المحل وعند تأملنا في هذا الشرط نجد أنه هو العلاج القانوني لمسألة جهالة المبيع وما تثيره هذه المشكلة من مثالب وبالتالي سنتطرق في هذا البحث بداية الى معرفة معاني المصطلحات المختلفة في هذا العنوان ثم نأتي لموضوعنا وهو الجهالة والتي سندرسها تحت عنوان آخر هو تعيين المبيع وهو عكس الجهالة وسوف نحاول من خلال هذا البحث الوصول الى النتيجة القانونية المترتبة على جهالة المبيع أو عدم تعيين المبيع هل سيكون البيع صحيحا أم قابل للإبطال أم أنه سيكون باطلا بطلانا مطلقا وللتوصل الى هذه النتيجة سنتطرق لبعض التفريعات فيما يخص مسألة تعيين المبيع مبتدأين بتعيين المبيع المعين بالذات والمبيع المعين بالنوع أي المثليات ثم نتطرق لموضوع البيع بالتقدير والبيع جزافا ونمر لموضوع العلم الكافي بالمبيع عند عقد البيع وسوف يكون حديثنا على هذا المنوال في هذا البحث.

مصطلحات البحث:

: المقصود بالجهالة:

الجهل لغة نقيض العلم  وفي اصطلاح الفقهاء هو اعتقاد الشيء على خلاف ما هو عليه وهو عيب يعتري أحد شروط الصحة في عقود المعاوضات وهو العلم بالمعقود عليه ثمنا ومثمنا.

                  (د/خالد علي الجبري: الجهل بصفة  المبيع وأثرة على عقد البيع أستاذ  الفقه المساعد بكلية التربية والآداب والعلوم خولان صنعاء -مجلة القلم (علمية-دورية-محكمة) السنة السادسة العدد 13 شهر يونيو 2019م صفحة 184)

تعريف العقد:

يقصد بالعقد أو التعاقد في اللغة العربية الجمع بين أطراف الشيء وتقويتها يقال عقد طرفي الحبل اذا وصل أحدهما بالآخر بعقدة تمسكها فأحكم وصلها ويطلق على الضمان والعهد. أما في الاصطلاح: فهو عند فقهاء القانون: يتمثل عندهم في توافق إرادتين أو أكثر على إنشاء رابطة قانونية أو تعديلها أو إنهائها.

              (د/محمد السيد فارس: الوجيز في عقد البيع. أستاذ القانون المدني المساعد بكلية الحقوق. جامعة القاهرة. دكتوراه في القانون الخاص من جامعة مونبيلية (١) بفرنسا 2022-2023م صفحة 4)

 تعريف البيع:

 البيع لغة: مبادلة المال بالمال وهو من الاضداد كالشراء اما في الاصطلاح فقد عرفه الفقهاء بتعريفات عده ومن تعريفاته عند الحنفية انه مبادله شيء مرغوب بشيء مرغوب ومن تعريفات المالكية عرفه ابن عرفه انه عقد معاوضة على غير منافع ولا متعه لذة ومن تعريفات الشافعية ما جاء في المجموع ونصه انه مقابلة المال بالمال ونحوه تمليكا. ومن تعريفات الحنابلة انه مبادلة عين مالية أو منفعة مباحة مطلقا بأحدهما بأحدهما أو بمال في الذمة للتملك على التأبيد غير ربا  وقرض.

                (حسين بن حسن بن عطيه الاحمدي الزهراني الموانع واثرها في عقد البيع جمعا ودراسة مشروع رساله علميه لنيل درجه الماجستير الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة كلية الشريعة قسم الفقه 1432- 1433 هجري صفحة 36)

وعرفه القانون المدني المصري في المادة 418 بأنه« البيع عقد يلتزم به البائع ان ينقل للمشتري ملكيه شيء او حقا ماليا اخر في مقابل ثمن نقدي» وفي القانون المدني العراقي عرفته المادة  506 بأنه مبادلة مال بمال.

            (منتظر محمد: ملزمة العقود المسماة عقد للبيع الجامعة المستنصرية كليه القانون شبكه قانونيين صفحه ٢)

أما المادة(451) من القانون المدني اليمني فقد عرفته بأنه « البيع تمليك مال بعوض على وجه التراضي بين العاقدين..»

أما المقصود بالمبيع فهو:

فهو المحل (الحق المالي) الذي تنتقل ملكيته من البائع الى المشتري بمقتضى عقد البيع فالمبيع اذا ليس هو الشيء الذي تنتقل ملكيته من البائع الى المشتري وان كانت العادة قد جرت بخلاف ذلك وإنما هو ملكية هذا الشيء أو أي حق مالي آخر-مثل حق الانتفاع أو الحكر ينتقل من البائع الى المشتري بموجب عقد البيع ومن ثم يعتبر المبيع ركنا أساسيا في العقد بل هو الغاية المقصودة منه.             (د/محمد السيد فارس: مرجع سابق صفحة 82)

وبالتالي فالمبيع هو الحق المالي الذي يرد عليه البيع أيا كانت طبيعته أي سواء كان حقا عينيا كحق الملكية وهو الغالب أم كان حقا شخصيا أو ذهنيا فمحل التزام البائع هو الحق المالي الذي يراد نقله وهو التزام بالقيام بعمل وأن الشيء محل الحق هو المبيع.

                   (د/عبدالله مبروك النجار: مبادئ عقد البيع. أستاذ القانون المدني بجامعة الأزهر والمحامي بالنقض. الطبعة الثانية ١٤١٧ه-١٩٩٧م الناشر دار النهضة العربية القاهرة صفحة 121)

ويوافق علماء القانون رأي الجمهور في كون عقد البيع له محلان المبيع والثمن لأن المحل عندهم هو ركن في الالتزام لا في العقد فبما أن البيع عقد ملزم لجانبين فإنه ينشئ التزامات متقابلة على كل من البائع والمشتري فيكون محل التزام البائع هو المبيع ومحل التزام المشتري هو الثمن.

                (إياد عبدالحميد نمر: التغيرات الحادثة على محل عقد البيع وأثرها على الالتزام. دراسة تأصيلية تطبيقية. قدمت هذه الأطروحة استكمالا لمتطلبات الحصول على درجة الدكتوراه في الفقه وأصوله بكلية الدراسات العليا الجامعة الأردنية أيلول 2008م صفحة 34)

وقد اشترطت أغلب القوانين في المبيع أن يكون معينا تعيينا نافيا للجهالة:

ويختلف التعيين فيما اذا كان المبيع معينا بذاته أو معينا بنوعه وكذلك فيما اذا كان البيع بالتقدير أم جزافا وتطرقت معظم التشريعات لشرط علم المشتري بالمبيع علما كافيا وسوف نتحدث عن هذه النقاط تباعا كما يلي:

كيفية تعيين المبيع:

يقصد بتعيين المبيع أن يكون الشيء الوارد عليه البيع معينا في عقد البيع تعيينا نافيا للجهالة بالنسبة الى المشتري أو على الأقل أن يكون قابلا للتعيين في المستقبل بعد إبرام البيع والا وقع العقد باطلا لعدم تعيين محله ويجب أن يلاحظ أن شرط التعيين هنا لا يرد على محل عقد البيع وهو حق الملكية أو الحق المالي الذي ينتقل من البائع الى المشتري وإنما يرد على الشيء الوارد عليه هذا الحق أو ذلك وإنما نقول مجازا تعيين المبيع لنعني الشيء الوارد عليه حق الملكية أو الحق المالي.

                 (د/محمد السيد فارس: مرجع سابق صفحة ٨٦)

وقد نصت المادة 106 من القانون المدني البحريني على:«أ-يلزم ان يكون محل الالتزام معينا تعيينا نافيا للجهالة الفاحشة والا وقع العقد باطلا  ب-واذا تعلق الالتزام بشيء وجب ان يكون هذا الشيء محددا بذاته أو بنوعه ومقداره ودرجة جودته على أن عدم تحديد درجة الجودة لا يؤدي الى بطلان العقد فإذا لم يمكن استخلاص ذلك من العرف أو من اي ظرف آخر التزم المدين حينئذ بأن يقدم شيئا من صنف متوسط.

             (د/هشام طه محمود سليم: العقود المسماة بالتطبيق على عقد البيع وعقد الايجار في ضوء كل من القانون المدني البحريني والمصري 2014م صفحة 102)

وقد نصت مادة(471) من القانون المدني اليمني يشترط في المبيع ما يأتي :-......

3-ان يكون معلوما للعاقدين علما نافيا للجهالة.

ونصت مادة 473 من ذات القانون على وجوب تعيين المبيع في العقد اذ نصت على: «يلزم تعيين المبيع حال العقد بذاته او بذكر جنسه ووصفه او بالإشارة اليه مع بيان مكانه.

ويشترط في المبيع شروط يجب توافرها في محل الالتزام بوجه عام وهي1- ان يكون المبيع موجودا 2- ان يكون معينا او قابله للتعيين 3- ان يكون صالحا للتعامل فيه 4 -ان يكون مملوكا للبائع.

ولمعرفة كيفية تعيين المبيع سنتطرق الى تعيين المبيع اذا كان من الأشياء المعينة بالذات وكذلك اذا كان من الأشياء المعينة بالنوع (المثليات) ونتطرق أيضا للبيع بالتقدير والبيع جزافا كما يلي:

أولاً: اذا كان المبيع من الأشياء المعينة بالذات (الأشياء القيمية)

الشيء المعين بالذات هو الشيء القيمي الذي يتحدد بصفاته الخاصة التي تميزه عن غيره من جنسه أو مما يمكن أن يتشابه به أو بتعبير أدق هو الشيء الذي تتفاوت آحاده تفاوتا يعتد به ولا يقوم بعضه مقام بعض في الوفاء وذلك كالعقارات والنظارات والأجهزة الالكترونية والكهربائية.... الخ.

                  (د/محمد السيد فارس: مرجع سابق صفحة 86)

فإذا وقع البيع على شيء معين بالذات  وجب ان يوصف الشيء وصفا مانعا من الجهالة الفاحشة فاذا باع شخص دارا وجب ان يبين موقعها واوصافها الأساسية التي تميزها عن الدور الاخرى واذا باع ارضا وجب تحديد موقعها وبيان مساحتها وتعيين حدودها واذا باع آلة ميكانيكية وجب ان يعين نوعها واوصافها المميزة بل ويجب ان يكون المشتري عالما بالمبيع علما كافيا ويعتبر العلم كافيا اذا اشتمل العقد على بيان المبيع واوصافه الأساسية.

                      (عبد الرزاق السنهوري: مرجع سابق صفحه 226)

فإذا لم يحدد الطرفان أوصاف المبيع الأساسية التي تحقق تعيينه تعيينا نافيا للجهالة فيكفي حتى يصح العقد أن يتضمن الأسس التي يمكن تعيين المبيع على ضوئها في المستقبل كأن يتفق المتعاقدان على أن يتم التعيين بواسطة شخص أجنبي عن العقد يرتضيانه أو كأن يتفقان على أن تكون السيارة محل العقد من ماركة معينة تسع عشرة أشخاص دون تحديدها بالذات.

               (د/هشام طه محمود سليم: مرجع سابق صفحة 104)

ويستفاد من نص المادة 419 من القانون المدني المصري بأنه اذا كان محل الالتزام حق عيني على شيء وجب أن يكون هذا الشيء معينا أو قابل للتعيين فاذا وقع العقد على شيء معين بالذات وجب ان تكون ذاتية الشيء معروفة لطرفيه سواء بوصفه في العقد وصفا مانعا من الجهالة الفاحشة أو بإمكان استخلاص العناصر الناقصة لتعيين المبيع من النية المشتركة للمتعاقدين وقت إبرام العقد ومن الكيفية التي تم بها تنفيذهما له والعبرة في تعيين المبيع تكون بما انصرفت إليه إرادة المتعاقدين وما انعقد اتفاقهما عليه في خصوص تعيين المبيع مما تستقل به محكمة الموضوع متى كان استخلاصها سائغا فالتراضي على المبيع يقتضي تحديد ذاتيته وهذا لا يتأتى الا اذا كان المبيع معينا أو قابلا للتعيين.

(أ‌.     د/ثروت عبدالحميد: العقود المدنية المسماة الكتاب الأول في عقد البيع. أستاذ القانون المدني بكلية الحقوق جامعة المنصورة والمحامي بالنقض-مراجع قانونية كلية الحقوق جامعة الفيوم  صفحة 59)

ثانيا: اذا كان المبيع من المثليات أو الأشياء المعينة بالنوع:

والشيء المعين بالنوع هو الشيء المثلي الذي تتطابق آحاده تطابقا تاما بحيث يقوم بعضه مقام بعض في الوفاء أو هو الشيء الذي يوجد مثله في الأسواق دون تفاوت يعتد به وتتمثل المثليات في كل الأشياء التي تعد او تقاس أو تكال أو توزن ويتم تعيين المثليات بجنسها ونوعها ومقدارها وعادة ما يتم تعيين المبيع اذا كان مثليا من خلال فرزه وتجنيبه عما يختلط به من جنسه إما بالكيل أو الوزن أو القياس او العدد بحسب طبيعة المبيع.

               (د/محمد السيد فارس: مرجع سابق صفحة 87)

ومعنى ان يكون المبيع قابل للتعيين عندما يكون المبيع معينا بالنوع وهو المثليات التي يقوم بعضها مقام بعض في الوفاء فاذا لم يبين مقداره بالكيل أو الوزن أو المقاس أو العدد وجب ان يتضمن العقد ما يمكن من تعيينه مستقبلا بمعنى ان يكون قابل للتعيين واذا لم يحدد المقدار فيما سيوجد مستقبلا فيجب أن يتضمن العقد الأسس التي يتحدد بمقتضاها ويجب كذلك أن تحدد درجة الجودة فاذا لم يمكن استخلاص ذلك من العرف أو من ظرف آخر اعتبر المبيع من الصنف المتوسط وذلك وفقا لما تقضي المادة 133/٢ من القانون المدني المصري

                    (د/عبدالله النجار: مرجع سابق صفحة 126)

والمبيع هو جزء من محل العقد حيث يعتبر هو المعقود عليه من جهة البائع والثمن من جهة المشتري وتنحصر الشروط التي وضعها الفقهاء المعقود عليه فيما يلي 1- كون المعقود عليه مالا متقوما في نظر الشرع 2-..... موجودا حال البيع 3- طاهر 4- مقدورا على تسليمه 5- مملوك للبائع 6-ان يكون مما يباح الانتفاع به شرعا 7- كون الثمن معلوم  حال البيع 8- كون المعقود عليه معلوما للمتعاقدين. حتى تنتفي الجهالة.

                     (دكتور حمدون الشيخ: عقد البيع عبر الانترنت دراسة تأصيلية في الشريعة الإسلامية. دار الضحى للنشر والإشهار-الجلفة-الجزائر الطبعة الأولى 2017م صفحة 53)

ثالثا: البيع بالتقدير والبيع والجزاف:

 والبيع بالتقدير هو البيع الذي ينصب على المثليات بعد تقديرها بحسب طبيعة المبيع إما بالوزن أو بالكيل أو بالقياس او بالعدد ومثاله ان يباع المحصول الزراعي بعد حصاده ووزنه بالطن او بالكيلو جرام او يباع القماش بعد قياسه بالمتر.... وهكذا ويجب ان يتم التقدير في حضور البائع والمشتري مالم يتفق على غير ذلك.

               (د/محمد السيد فارس: مرجع سابق صفحة 88)

 فاذا كان المبيع من المثليات فيعين المبيع بالوزن كالسكر او الكيل كالقمح او المقاس كالقماش بالذراع او بالعدد ك500 بيضة وبالتالي اذا احتاج المبيع  في تعيينه الى وزن او كيل او مقاس او عدد كان البيع بالتقدير لان المبيع لا يتعين الا بعد ان يقدر وزنه كيلا أو مقاسا او عددا ويتم التقدير في المكان والزمان المتفق عليهما وإلا اتبع العرف وإلا ففي مكان تسليم المبيع وفي الوقت الذي يجب فيه التسليم ويجب ان يكون تقدير المبيع واقعا من البائع او نائبه بمحضر من المشتري او نائبه.

               (الدكتور عبد الرزاق السنوري: مرجع صابر صفحه 227)

وبالرغم من أن الملكية لا تنتقل الا بالإفراز في البيع بالتقدير إلا أن العقد يكون ملزما بمجرّد انعقاده ولذلك اذا لم يقم البائع بالوزن أو الكيل أو المقاس أو العد فإن المشتري يستطيع أن يطالبه بالتعويض.

              (د/نبيل إبراهيم سعد: العقود المسماة الجزء الأول البيع. أستاذ القانون المدني بكلية الحقوق جامعة الإسكندرية. دار النهضة العربية للطباعة صفحة 141)

أما بيع الجزاف فهو:

الجزاف في اللغة هو الجهالة  في القدر واصطلاحا عرفه الفقهاء تعريفات متقاربه لا تخرج عن معناه اللغوي بأنه  «بيع ما لم يعلم قدره على التفصيل اي  خرصا وتخمينا بلا كيل او وزن او ذرع او عدد وحكم بيع الجزاف الجواز في الاصل لدى الفقهاء المسلمين ومن أدلة جوازه ما رواه جابر رضي الله عنه قال«« نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الصبرة من التمر لا تعلم مكيلها بالكيل المسمى من التمر»» ووجه الدلالة بأنه يفهم منه جواز بيع  التمر مجازفة اذا كان الثمن جنسا آخر غير التمر.

              (حسين الزهراني: مرجع سابق صفحه 279)

 فالبيع الجزاف هو البيع الذي ينصب على المثليات  لكن دون تقديرها بالوزن أو بالكيل أو بالقياس او بالعدد ومثاله ان يتفق البائع مع المشتري على أن يبيعه ما في مخزنه من القمح بمبلغ خمسين ألف جنيه فإن البيع في هذه الحالة ليس بيعا بالتقدير لأنه لم يتم تقدير ما في المخزن.

                   (د/محمد السيد فارس: مرجع سابق صفحة 88)

فاذا كان الشيء مما يوزن او يكال او يقاس او يعد ولكن المبيع لا يحتاج في تعيينه الى تقدير بل هو معين بالذات فالبيع جزاف كما لو باع شخص لآخر جميع كمية القمح او السكر او البيض الذي بمخزنه وعين المخزن تعيينا كافيا فان البيع في هذه الحالة لا يكون بالتقدير بل يكون جزافا وهو كذلك حتى لو باع نصف او ربع الكميه الموجودة بالمخزن او اي جزء شائع فيها فيكون للمشتري هذا الجزء الشائع من الكمية الموجودة  بالمخزن.

              ( عبد الرزاق السنهوري: مرجع سابق صفحه 228)

وقد اختلف العلماء رحمهم الله في أثر علم أحد المتعاقدين بمقدار المبيع جزافا دون الآخر على ثلاثة أقوال:

١-أن البيع باطل وهو قول المالكية 2-أن البيع صحيح لازم وهو ظاهر كلام أحمد 3-أن البيع صحيح وللجاهل منهما الخيار في الفسخ بعد علمه بعلم صاحبه وبه قال القاضي وأصحابه من الحنابلة ويبدو هذا القول هو الراجح لأنه يتضمن غشا وغررا فالعالم بمقدار المبيع يكون غاشا بكتمان ذلك واقدام الآخر مع علم المتعاقد الآخر يكون في حقه غرر.

                (حسين الزهراني: مرجع سابق صفحة 284)

وتظهر اهميه التمييز بين بيع التقدير وبيع الجزاف من حيث انتقال الملكية ففي بيع الجزاف تنتقل ملكية المبيع  للمشتري بمجرد انعقاد البيع كما في سائر البيوع اما في بيع التقدير فلا تنتقل الملكية للمشتري الا بعد الافراز كيلا أو وزنا  او عددا فالإفراز هو الذي ينقل الملكية وليس البيع لأنه لا يتصور انتقالها الا في شيء معين بالذات ولا يتعين المبيع بالذات في بيع التقدير الا بالإفراز.

                  ( عبد الرزاق السنهوري: مرجع سابق صفحة 230)

جهالة جنس المبيع:

يشترط في المعقود عليه أن يكون معلوما للطرفين جنسا وقدرا وصفة ففي السلعة يجب العلم بجنسها هل قمح أو سيارة او عقار وكذا قدرها ونوع الماركة وكذا الأرض تحدد حدودها ومساحتها ومعالمها بحيث لا يدع بها جهلا يؤثر تأثيرا جوهريا على ما يقصده المشتري من السلعة ولا مانع من اعتبار ما يضعه اهل الخبرة لذلك من قيود وهذا هو المطلوب بصفة عامة في المعقود عليه ولما كان تحديد المعقود عليه بهذه الدقة أمرا تحرص عليه الشريعة الغراء فقد نهى النبي عن كثير من صور البيع التي كانت موجوده في العصر الأول لما يحيط بها من الجهالة والغموض والضرر ومن هذه الصور المجمع على تحريمها-بيع الملامسة والمنابذة وبيع الحصاة وبيع الحمل وما في معناه.

             (د/الشافعي عبدالرحمن السيد: دراسة مقارنة حول عقد البيع. الطبعة الأولى 1402ه-١٩٨٢م-دار الطباعة المحمدية 3 درب الأتراك بالأزهر صفحة 95)

وتكون جهالة جنس المبيع ببيع سلعة دون تسميتها كأن يقول بعتك شيئا بعشرة، أو بعتك ما في كمي وهذه الجهالة من أفحش أنواع الجهالات؛ لأنها تتضمن جهالة الذات، والنوع، والصفة، والمقدار لهذا ذهب فقهاء الحنفية والمالكية والشافعية، والحنابلة إلى عدم صحة بيع مجهول الجنس. مستدلين على ذلك بأن الجهل بالجنس من الغرر الكبير وأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر فيكون مجهول الجنس من بيع الغرر الممنوع.

       وذهب المالكية في قول إلى جواز بيع مجهول الجنس إذا كان البيع على وجه المكارمة والمواصلة، ويكون البيع على وجه المكارمة والمواصلة بأن يكون بيع تولية مثل أن يوليه ما اشترى من يومه فيصح البيع ويثبت للمشتري الخيار هذا إذا كان بلفظ التولية أما إذا كان بلفظ البيع أو بغير الثمن الذي اشترى به فلا يصح بيع مجهول الجنس إلا أن يشترط الخيار للمشتري

والدليل على هذا أن ثبوت الخيار أو اشتراطه للمشتري يرفع الغرر الذي ينجم عن الجهالة؛ لأن البائع عالم بالمبيع والمشتري لا غرر عليه ولا ضرر؛ لأنه يقدر على رد المبيع إذا رآه فلم يوافقه.

      (د. عماد عبد الحفيظ الزيادات، ود. محمد عواد عايد السكر: ­جهالة المبيع في الفقه الإسلامي والقانون المدني الأردني والتطبيقات المعاصرة والقانونية لرفعها كلية الشريعة، الجامعة الأردنية من موقع دار الإفتاء الأردني دراسات وبحوث)

وقد اختلف الفقهاء أيضا في حكم المبيع اذا كان المبيع غائبا غير موصوف الى قولين 1-ايصح بيع العين الغائبة مطلقا اذا ذكر جنسها ونوعها وان لم يرها المشتري ولم توصف له ويترتب عليها جميع آثار البيع وللمشتري الخيار إذا رآها. ٢-لا يصح بيع العين الغائبة من غير رؤية او وصف ولا يترتب عليها أي أثر من آثار عقد البيع.

                    (د/خالد علي الجبري: مرجع سابق صفحة 200)

 جهالة نوع المبيع: للعلماء قولين:

القول الأول: ذهب الحنفية والمالكية في قول والشافعية في قول مرجوح إلى صحة بيع مجهول النوع ويثبت للمشتري الخيار.

القول الثاني: ذهب المالكية في الصحيح والشافعية في الراجح إلى عدم صحة بيع مجهول النوع، ووافقهم الإمام أحمد بن حنبل في رواية حكاها عنه ابن تيمية وهي الراجحة فقد جاء في مطالب أولي النهى "ولا يصح إن قال: بعتك هذا البغل، فبان فرسا...، للجهل بالمبيع

القول الراجح:

إن جهالة نوع المبيع كقوله بعتك حيوانا أو سيارة من قبيل الجهالة الفاحشة المؤثرة في العقد، وإن ثبت الخيار للمشتري؛ لأن الخيار وإن كان يرفع الغرر عن المشتري فإنه يثبته في جانب البائع؛ لأن احتمال رد المشتري للمبيع كبير، فقد يكون المشتري بحاجة إلى فرس للركوب فيظهر المبيع شاة، وهذا بخلاف قوله بعتك فرساً فإن احتمال الرد يقل فيقل تبعا لذلك الغرر الناجم عن الجهالة

       (د. عماد عبد الحفيظ الزيادات، ود. محمد عواد عايد السكر: مرجع سابق)

 جهالة صفة المبيع:

ان من ضوابط الجهل بصفة المبيع أن يكون الجهل بصفة المبيع مؤثرا تأثيرا كبيرا بحيث لا يمكن معه إكمال الصفقة وهو ما غلب على العقد حتى أصبح العقد يوصف به ومن شأنه أن يؤدي الى النزاع وهذا يتأثر باختلاف البيئات والعصور ومرجعه الى العرف مثل بيع التمر قبل ظهوره والإجارة الى أجل مجهول والسلم فيما لا يغلب وجوده عند حلول أجله وهذا يؤثر في العقد فيفسده.

                 (د/خالد علي الجبري: مرجع سابق صفحة 196)

وقد اختلف الفقهاء في بيع مجهول الصفة على قولين هما:

القول الأول: ذهب الحنفية والمالكية في قول ضعيف والشافعية في قول ضعيف والإمام أحمد في رواية إلى أن البيع صحيح ويثبت للمشتري خيار الرؤية، إلا أن المالكية يفارقون هذا القول في أن الخيار يثبت للمشتري بالاشتراط وإلا كان البيع باطلا.

القول الثاني: بيع مجهول الصفة باطل وإلى هذا ذهب المالكية والشافعية والحنابلة في الأظهر

الرأي الراجح:

من خلال استعراض ادلة الفريقين ومآخذ الفقهاء في أقوالهم، فإنّه يظهر للباحث أن جهالة الصفة تعتبر مؤثرة، ومفضية إلى بطلان العقد أو فساده؛ وذلك لأن أغلب الصفات تكون معتبرة ومرادة للعاقد؛ حيث إنّ العاقد يهمه أن يكون المبيع بالصفة التي يُرد، وأن تفاوت الصفات في الأهمية لا يلغي أهمية العلم بها وبخاصة إذا علمنا أن بعض الصفات تكون مرغوبة بحيث أن فقدانها ينقص قيمة المبيع نقصاً بيناً.

            (د.عماد عبد الحفيظ الزيادات، ود.محمد عواد عايد السكر: مرجع سابق)

جهالة قدر المبيع

ذهب الفقهاء إلى عدم صحة بيع مجهول القدر وخالف في ذلك الشرنبلالي من الحنفية إذ يرى أن العلم بالجنس يغني عن العلم بالقدر والصفة

والراجح في المسألة:

إن العلم بالجنس لا يغني عن العلم بمقدار المبيع؛ لأن جهالة المبيع هنا من الجهالة الفاحشة التي تؤدي إلى المنازعة وإن علم الجنس كقوله بعتك دابة أو ثوباً، ويدل على ذلك نهيه صلى الله عليه وسلم عن بيع الحصاة

             (د.عماد عبد الحفيظ الزيادات، ود.محمد عواد عايد السكر: المرجع السابق)

 وبالتالي اذا اختلف المتبايعان في قدر المبيع فقال البائع بعتك سيارة وقال المشتري بل سيارتين فلا يخلو حال المبيع من حالتين لدى فقهاء المسلمين

الحالة الأولى: أن يكون المبيع قائم غير تالف أو مستهلك فللفقهاء قولين: ١-أنهما يتحالفان ثم يفسخ البيع اذا لم يرض أحدهما بقول الآخر وهذا مذهب  الحنفية والمالكية والشافعية ورواية عن الإمام أحمد. ٢-أن القول قول البائع وه  مذهب الحنابلة لأنه مدعى عليه فيؤخذ بقوله مع يمينه وهذا ما رجحه المؤلف.

الحالة الثانية: أن يكون المبيع المختلف في قدره تالفا فللعلماء ثلاثة أقوال: ١-أنهما يتحالفان فاذا تحالفا رجع الى قيمة المثل وهذا قول الشافعية ومحمد بن الحسن من الحنفية ٢-أن القول قول من يشبه قوله مع يمينه وهذا قول المالكية ٣-القول قول المشتري وبه قال أبو حنيفة وأبو يوسف وهو المذهب عند الحنابلة وقد رجح المؤلف الرأي الثاني.

               (حسين الزهراني: مرجع سابق صفحة 465)

شرط العلم الكافي بالمبيع:

يقوم عقد البيع على أساس تبادل العوضين فلا بد لكل طرف أن يكون على بينة وعلم مما يأخذ ويعطي علما نافيا للجهالة المفضية الى النزاع غالبا وليتحقق الرضا الكامل الذي هو أساس التعاقد وليحل لكل طرف الانتفاع بمال الآخر وعليه لا يجوز أن يبيع العاقد للمشتري شاة من قطيع ولا ثوبا من من مجموعة ثياب ولا سيارة من معرض دون تعيينها وعلم الطرفين بها علما حقيقيا بعيدا عن الجهالة التي تفضي الى المنازعة وتمنع من تسلم المبيع ولا يتحقق معها المقصود من العقد.

            (د/إياد نمر: مرجع سابق صفحة 38)

وقد نصت المادة(474) من القانون المدني اليمني على أن « يكون المشتري عالما بالمبيع علما كافيا نافيا للجهالة اذا اشتمل العقد على بيان المبيع واوصافه الاساسية بيانا يمكنه من التعرف عليه.»

كما نصت المادة(475) من ذات القانون على أنه «اذا ذكر في عقد البيع ان المشتري عالم بالمبيع سقط حقه في التمسك بدعوى عدم علمه به الا اذا اثبت غش البائع.»

وهو نفس  نص المادة 419 من القانون المدني المصري وقد ورد في المذكرة الإيضاحية للقانون المدني المصري على أن هذا النص يوفق بين  خيار الرؤية المعروف في الشريعة الإسلامية وبين المبادئ العامة للقانون المدني وهذه لا تشترط رؤية المبيع بل تقتصر على اشتراط أن يكون معينا تعيينا كافيا.

         (د/عبدالله مبروك النجار: مبادئ عقد البيع. أستاذ القانون المدني بجامعة الأزهر والمحامي بالنقض. الطبعة الثانية ١٤١٧ه-١٩٩٧م الناشر دار النهضة العربية القاهرة صفحة 76)

وقد عالج القانون المدني الأردني([184]) موضوع العلم بالمبيع وانتفاء الجهالة في موضعين:

الموضع الأول: عند الحديث عن النظرية العامة للعقد، فقد نصت المادة (161) على أنه:

1.    "يشترط في عقود المعاوضات المالية أن يكون المحل معيناً تعيناً نافياً للجهالة الفاحشة، بالإشارة إليه، أو إلى مكانه الخاص إن كان موجوداً وقت العقد، أو ببيان الأوصاف المميزة له مع ذكر مقداره إن كان من المقدرات، أو نحو ذلك مما تنتفي به الجهالة الفاحشة".

2.    "وإذا كان المحل معلوماً للمتعاقدين فلا حاجة إلى وصفه وتعريفه بوجه آخر".

3.    "فإذا لم يعين المحل على النحو المتقدم كان العقد باطلاً".

الموضع الثاني: عند الحديث عن عقد البيع في المادتين (466) و(467).

فقد نصت المادة (466) على ما يأتي:

1-"يشترط أن يكون المبيع معلوماً عند المشتري علماً نافياً للجهالة الفاحشة".

2- "يكون المبيع معلوماً عند المشتري ببيان أحواله وأوصافه المميزة له، وإذا كان حاضراً تكفي الإشارة إليه".

أما المادة (467) فقد نصت على أنه: "إذا ذكر في عقد البيع أن المشتري عالم بالمبيع علماً كافياً فلا حق له في طلب إبطال العقد لعدم العلم إلا إذا أثبت تدليس البائع".

وفي اشتراط القانون المدني الأردني انتفاء الجهالة عن المبيع لصحة العقد انسجاماً تماماً مع ما ذهبت إليه مجلة الأحكام العدلية، فالمجلة تعد مصدراً أساسياً من مصادر القانون المدني الأردني. فقد نصت المادة (200) من المجلة على أنه: "يلزم أن يكون المبيع معلوماً عند المشتري".

           (د.عماد عبد الحفيظ الزيادات، ود.محمد عواد عايد السكر: مرجع سابق)

أثر جهالة المبيع على عقد البيع.

لبيان أثر جهالة المبيع على عقد البيع لا بد من الوقوف على أنواعها، وجهالة المبيع تتنوع إلى ثلاثة أنواع هي:

1.    الجهالة الفاحشة: وهي التي تفضي إلى المنازعة مثـل بيـع حبل الحبلـة وبيـع الملامسـة والحصاة وهذه من البيوع المنهي عنها التي تؤدي إلى منع صحة العقد. ومن الممكن أن نعرف الجهالة الفاحشة للمبيع بأنها: انتفاء العلم بالمبيع على الوجه الذي لا يمكن معه أن يخصص عن أنظاره.

2.    الجهالة اليسيرة : وهي التي لا تؤدي إلى المنازعة كالجهل بأساس الدار وحشوة الجبنة وهي جائزة عند الفقهاء.

3.    الجهالة المتوسطة: وهي ما كانت دون الفاحشة وفوق اليسيرة وفي إلحاقها بالمرتبة الأولى أو الثانية خلاف بين الفقهاء سببه هل لارتفاعها عن اليسيرة تلحق بالكثيرة، أم لانحطاطها عن الكثيرة تلحق باليسيرة؟

                 (د.عماد عبد الحفيظ الزيادات، ود.محمد عواد عايد السكر: مرجع سابق)

وبالتالي يجب أن يكون المبيع معينا حتى يرد عليه الاتفاق لأنه اذا كان مجهولا غير معين استحال ورود الاتفاق عليه الا اذا كان قابلا للتعيين فإنه يعتبر في حكم المعين.

               (د/سليمان مرقس: عقد البيع صفحة 146)

يتبين مما سبق أن الجهالة الفاحشة والجهالة المتوسطة على رأي من ألحقها بالفاحشة تفضيان إلى المنازعة عند التسليم والتسلم؛ لأن البائع يصر على تسليم هذا المبيع دون غيره أو هذا المبيع بهذا القدر أو بهذه الصفة والمشتري يرفض تسلمه على ما هو عليه، مما يترتب على هذه المنازعة امتناع التسليم، وتسليم محل العقد من موجبات العقد فأدت الجهالة إلى منافاة مقتضى العقد، ومن ثمَّ تكون مؤثرة في حكم العقد. يقول الكاساني: "ومنها أن يكون المبيع معلوما وثمنه معلوما علما يمنع من المنازعة.فإن كان أحدهما مجهولا جهالة مفضية إلى المنازعة فسد البيع، وإن كان مجهولا جهالة لا تفضي إلى المنازعة لا يفسد؛ لأن الجهالة إذا كانت مفضية إلى المنازعة كانت مانعة من التسليم والتسلم فلا يحصل مقصود البيع، وإذا لم تكن مفضية إلى المنازعة لا تمنع من ذلك ؛ فيحصل المقصود"  وبناء عليه فإن جهالة المبيع جهالة فاحشة تؤدي إلى بطلان العقد عند جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة.

                (د.عماد عبد الحفيظ الزيادات، ود.محمد عواد عايد السكر: المرجع سابق)  

ويختلف العلم الكافي بالمبيع عن تعيين المبيع في الأثر المترتب على كل منهما فعدم تعيين المبيع يترتب عليه بطلان العقد بطلانا مطلقا أما عدم العلم بالمبيع علما كافيا فإنه يترتب عليه قابلية العقد للبطلان فيكون منتجا لآثاره حتى يقضى ببطلانه.

         ( د/عبدالله النجار: مرجع سابق صفحة 81  )               

ويكون البيع باطل بطلان مطلق اذا تخلف شرط التعيين أو القابلية للتعيين في القانون المدني الجزائري حسب نص المادة 94 وكذا يكون البيع قابل للبطلان لمصلحة المشتري اذا تخلف شرط العلم الكافي بالمبيع حسب المادة 353.

           (مكتبة المجلة القانونية العامة: المحل في عقد البيع)

واذا كان من المقرر فقها ان يكون المبيع معلوما علما كافيا للمشتري لكنه ليس كذلك بالنسبة للبائع فلا يشترط أن يكون ما يبيعه معلوما له ويعلل العلامة علي حيدر ذلك بأن عدم معرفة البائع  لما يبيع لا تضره أما عدم معرفة المشتري فتضره لأنه يهمه معرفة ما يدخل في ملكيته ويلتزم بعوضه واشتراط علم المشتري بالمبيع دون علم البائع هو مما اتفق فيه النظر الفقهي الشرعي والنظر القانوني في القوانين المدنية الوضعية.

              (د/مصطفى أحمد الزرقا: العقود المسماة في الفقه الإسلامي. عقد البيع. دار القلم دمشق الطبعة الثانية 1433ه-2012م صفحة 49)

 الخاتمة:

تطرقنا في هذا البحث بداية الى مفهوم مصطلحات العنوان وانتهينا أن المبيع هو المحل وهو المعقود عليه في عقد البيع الى جانب الثمن وأنه يمثل التزام البائع وعرفنا أن الشريعة الإسلامية وكذا القوانين الوضعية قد اشترطت أن يتم تعيين المبيع في العقد تعيينا نافيا للجهالة والا كان العقد باطلا وانتهينا أن جهالة المبيع قد تكون فاحشة أو متوسطة وهذه تفسد العقد وتبطله فيكون العقد باطلا أما اذا كانت الجهالة يسيرة كان العقد صحيحا ولا تأثير عليه بها وعرفنا أن تعيين المبيع هو الوسيلة الشرعية لتفادي الجهالة وانتهينا أن تعيين المبيع يختلف بحسب ما اذا كان الشيء المعقود عليه معين بالذات أم بالنوع وكذا تختلف الطريقة فيما اذا كان البيع بالتقدير ام جزافا وعرفنا أن الشريعة الإسلامية وكذا القوانين الوضعية قد اشترطت أن يكون المشتري عالما بالمبيع علما كافيا وهذا الشرط مرتبط بشرط التعيين ولا يفرق بينهما الا الأثر المترتب على تخلفهما حيث يترتب على جهالة المبيع أن يكون العقد باطلا بطلانا مطلقا أما عدم العلم بالمبيع فيترتب عليه أن يكون العقد قابلا للإبطال لمصلحة المشتري بمعنى أنه عقد صحيح منتج لآثاره الى أن يقضى ببطلانه وخلصنا الى أن القانون اليمني لم ينص صراحة على بطلان العقد كبقية القوانين المدنية ولكن نصوصه كانت صريحة في اشتراط أن يكون المبيع معلوما علما نافيا للجهالة وكذا في وجوب تعيين المبيع في  العقد  ومن خلال مفهوم المخالفة لتلك النصوص نجد أن عقد البيع الذي لم يتم تعيين المبيع فيه ولم يكن المبيع معلوما علما نافيا للجهالة فإنه باطل بطلانا مطلقا من خلال مفهوم نصوص القانون المدني اليمني.

شركة الربيعي وشركاؤه

اعداد الأستاذ جهد الدين الصلاحي      

اشراف المحامي/سليمان نبيل الحميري      

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اكتب ماتريد قوله للمحامي أمين الربيعي