الصفحات

الخميس، 18 يوليو 2024

 

مسئولية المتبوع عن عمل التابع

مقدمة:

تعد مسئولية المتبوع عن عمل التابع إحدى صور المسئولية عن الغير والتي بدورها تعتبر صورة من صور المسئولية التقصيرية المتفرعة عن المسئولية المدنية وما يهمنا في هذا البحث أن نتطرق لمسئولية المتبوع عن عمل تابعه هل سيكون مسئولا قانونا أم أن المسئولية لا تزال في إطارها العام كمسئولية شخصية كما في المسئولية الجنائية وبالتالي سيكون لزاما علينا أن نتطرق لبعض القوانين المقارنة لمعرفة موقفها من هذا الموضوع وعلى أي أساس أقامتها فهل على أساس الخطأ أم على أساس تحمل التبعة أم على أساس الضمان أم على أساس المسئولية عن الغير كل ذلك سنتطرق إليه في هذا البحث ونقارنه بموقف المشرع اليمني ثم نتطرق لبعض حالات المسئولية كما في القانون البحري والجوي أو قانون العمل كنماذج لمسئولية المتبوع عن عمل تابعه ثم ننظر بلمحة قصيرة عن آثار هذه المسئولية.

إن مسئولية المتبوع عن فعل (خطأ) تابعه هي صورة من صور المسئولية عن فعل الغير والمسئولية عن فعل الغير هي حالة من حالات المسئولية التقصيرية والمسئولية التقصيرية الى جانب العقدية تمثلان المسئولية المدنية التي بدورها جزء من المسئولية القانونية وكل هذه الأنواع تدخل في باب المسئولية بوجه عام.

         (ربيع ناجح راجح أبو أحسن: مسئولية المتبوع عن فعل تابعه في مشروع القانون المدني الفلسطيني دراسة مقارنة. قدمت الاطروحة استكمالا لمتطلبات الحصول على درجة الماجستير في القانون الخاص بكلية الدراسات العليا في جامعة النجاح الوطنية في نابلس فلسطين. صفحة ط)

تنقسم المسئولية المدنية إلى قسمين هما المسئولية العقدية والمسئولية التقصيرية

المسئولية العقدية هي الجزاء على الإخلال بالتزام عقدي أما المسئولية التقصيرية فهي الجزاء على الإخلال بالالتزام القانوني العام بعدم الإضرار بالغير.

         (/محمد يحيى المطري: محاضرات في القانون المدني اليمني النظرية العامة للالتزام جامعة صنعاء كلية الشريعة والقانون صفحة 266)

ولعل (مسؤولية المتبوع عن فعل التابع) هي أهم صور المسؤولية التقصيرية عن فعل الغير، إن لم تكن الصورة الحقيقية الوحيدة لها نظرا لشموليتها و عموميتها؛ إذ يمكن أن تترتب في شتى مجالات الحياة، فالدولة تكون مسؤولة عن فعل الموظف باعتباره تابعا لها، ورب العمل يسأل عن خطأ العامل، والطبيب عن خطأ ممرضته وغيرها من الصور العملية المتعددة.

    (موقع eB2A   salahgardafi   +موقع SCRIBD: مسئولية المتبوع عن أعمال التابع في ضوء التشريع والاجتهاد القضائي)

والمسئولية التقصيرية قد تكون عن الأعمال الشخصية أو عن الغير أو الأشياء وبالتالي في النوع الأول الخطأ واجب الإثبات يثبته المدعي ولكن هناك حالات خاصة في المسئولية التقصيرية يجمعها أنها تقوم على خطأ مفترض وقد توخى المشرع في هذه الحالات التيسير على المضرور في الحصول على التعويض عما أصابه من الضرر فأزاح عن عاتقه عبء إثبات الخطأ في جانب المسئول وقد قسم التقنين المدني اليمني هذه الحالات الى قسمين وقد بين في القسم الأول أحكام المسئولية عن الغير وفي القسم الثاني أحكام المسئولية عن الأشياء الحية منها وغير الحية.

          (د/محمد يحيى المطري: المرجع السابق صفحة 321)

وقد نصت المادة 193 من القانون المدني الفلسطيني على «١-يكون المتبوع مسئولا عن الضرر الذي يحدثه تابعه بفعله الضار متى كان واقعا منه في حال تأدية الوظيفة او بسببها ٢-تقوم رابطة التبعية ولو لم بكن المتبوع حرا في اختيار تابعيه متى كانت له سلطة فعلية في رقابته وفي توجيهه.

ونصت المادة 194 من ذات القانون على ان: «للمسئول عن فعل الغير سواء كان متولي الرقابة أو متبوعا حق الرجوع عليه في الحدود التي يكون فيها هذا الغير مسئولا عن تعويض الضرر».

يتبين من نص المادتين ان المشرع الفلسطيني خرج عن القاعدة العامة القاضية بأن المسئولية شخصية وذلك بإيجاد حالات توجب المساءلة عن فعل الغير بصورتيها مسئولية متولي الرقابة ومسؤولية المتبوع. 

         (ربيع أبو أحسن: مرجع سابق صفحة 61)

والقانون المغربي  أخذ بفكرة الخطأ المفترض غير قابل لإثبات العكس كأساس لمسؤولية المتبوع عن أعمال التابع. وهي فكرة تبدو من حيث الجوهر أنها تهدف إلى ذات الغاية التي يهدف إليها أنصار النظريات الموضوعية الأخرى، إذ إنه سواء تم تأسيس هذه المسؤولية على فكرة الخطأ المفترض أو على فكرة تحمل التبعة أو على أساس المسؤولية عن الغير، فإن الهدف يبقى واحدا هو حماية حقوق المتضرر باعتباره الأولى بهذه الحماية من غيره.

          (موقع EB2A   SALAHGARDAFI +موقع SCRIBD  : مسئولية المتبوع عن أعمال التابع في ضوء التشريع والاجتهاد القضائي)

وتستند مسئولية المتبوع الى مسئولية التابع استناد التبع الى الأصل وينبني على ذلك أن المضرور يكون بالخيار إما أن يرجع على التابع وإما أن يرجع على المتبوع وإما أن يرجع عليهما معا والاثنان متضامنان أمامه فإذا رجع المضرور على التابع دون المتبوع وقف الأمر عند هذا أما اذا رجع على المتبوع دون التابع فللمتبوع أن يرجع بما دفع للمضرور على تابعه لأنه مسئول عنه لا مسئول معه والغالب أن يرجع المضرور على المتبوع دون التابع لأنه يكون عادة مليا وفي هذه الحالة للمتبوع أن يدخل التابع ضامنا في الدعوى ليحكم عليه بما عسى أن يحكم به على المتبوع بل إن للمتبوع أن يرفع على التابع دعوى ضمان فرعية ليحكم له على التابع بما يحكم عليه للمضرور

          (د/محمد يحيى المطري مرجع سابق صفحة 334)

 إن مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة هي مسئولية تبعية مقررة بحكم القانون لمصلحة المضرور، وتقوم على فكرة الضمان القانوني فيعتبر المتبوع في حكم الكفيل المتضامن كفالة مصدرها القانون وليس العقد  وللمتبوع الرجوع على التابع بما أوفاه من تعويض للمضرور. سبيله دعوى الحلول. المادتان 326، 799 مدني مصري. أو الدعوى الشخصية. م 324 مدني. رجوع المتبوع على التابع بدعوى الكفيل قبل المدين. المادة 800 مدني مصري

            (صابر ابو علي المحامي /  مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه منشور على صفحته في الفيسبوك محامي مصري. دمياط)   

أما القانون المدني اليمني فقد نصت المواد  312و313و314 منه  على ما يلي:

مادة(312) كل قائم بعمل مسئول عن اختيار العامل الذي اوكل اليه القيام بهذا العمل ومسئول عن الاشراف عليه ورقابته وتوجيهه في تنفيذ هذا العمل، ويعتبر العامل تابعا له في ذلك وتقوم رابطة التبعية بين القائم بالعمل والعامل ولو لم يكن المتبوع حرا في اختيار تابعه متى كانت له عليه سلطة فعلية في مراقبته وتوجيهه.

مادة(313) يكون المتبوع مسئولا عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع امره به فان عمل التابع عملا غير مشروع اضر بالغير ولم يامره المتبوع كانت المسئولية على التابع وعلى المتبوع ان يحضر العامل لتعويض الضرر الذي احدثه.

مادة(314) للمسئول عن عمل الغير حق الرجوع عليه في الحدود التي يكون فيها الغير مسئولا عن تعويض الضرر.

ويشترط لتحقق مسئولية المتبوع عن عمل التابع شرطين هما ١-وجود علاقة التبعية بين المتبوع والتابع وتقوم علاقة التبعية متى كانت للمتبوع على التابع سلطة فعلية في مراقبته وتوجيهه وليس من الضروري ان يكون للمتبوع حق اختيار تابعه أو يملك أمر فصله ولا يشترط أن تكون السلطة الفعلية قانونية فقد يكون المتبوع أستمدها من عقد باطل أو غير مشروع او اغتصبها دون عقد أصلا ولكنه ما دام له هذه السلطة سواء استعملها أم لم يستعملها فهذا كاف لوجود علاقة التبعية ٢-الشرط الثاني: أن يكون التابع قد أخطأ في حالة تأدية وظيفته أو بسببها: وهذا الشرط لم ينص عليه القانون اليمني وإنما نص عليه القانون المدني المصري في مادته 173.

        (د/محمد يحيى المطري: مرجع سابق صفحة 329)

وهو نفس موقف القانون المدني الأردني إذ نص في المادة 288 منه على ما يلي: 

١-لا يسأل أحد عن  فعل غيره ومع ذلك فللمحكمة بناء على طلب المضرور إذا رأت مبررا أن تلزم بأداء الضمان المحكوم به على من أوقع الضرر:  أ-......   ب- من كانت له على من وقع الاضرار منه سلطة فعلية في رقابته وتوجيهه ولو لم يكن حرا في اختياره اذا كان الفعل الضار قد صدر من التابع في حال تأدية وظيفته أو بسببها 2- ولمن أدى الضمان أن يرجع بما دفع على المحكوم عليه به.

          (ربيع أبو أحسن: مرجع سابق صفحة 64)

أما القانون المدني اليمني فلم يجعل المتبوع مسئولا عن عمل التابع الا اذا كان قد أمر التابع به وكان العمل غير مشروع وبالتالي فإن القانون المدني اليمني قد أفرغ مسئولية المتبوع عن عمل التابع من مضمونها وألغى الغاية المقصودة منها وهي التيسير على المضرور في الحصول على التعويض من المتبوع مباشرة ولاشك أن هذا الموقف من المشرع اليمني غريب وغير مبرر خصوصا وأنه في نص المادة 317 من القانون المدني الملغي رقم 19 لسنة 1992 م كان يقرر مسئولية المتبوع عن عمل التابع وهذه المسئولية كانت تقوم على خطأ مفروض فرضا لا يقبل إثبات العكس مثله في ذلك مثل النص المصري المقابل.

     (د/محمد يحيى المطري مرجع سابق صفحة 337)

يتضح مما سبق أن القوانين المقارنة المصري والفلسطيني والأردني قد نصت على جعل مسئوليّة المتبوع عن فعل تابعه او خطأه جعلتها مسئوليّة قائمة على خطأ مفترض ولكن القانون المدني اليمني قد شذ عن ذلك فلم يجعل المتبوع مسئولا عن تابعه الا اذا ارتكب فعل غير مشروع أمره به المتبوع وهذا مسلك غير سليم من القانون اليمني حيث المفترض أن يحذو حذو القوانين المقارنة للتسهيل على المضرور الحصول على التعويض من المتبوع كونه أكثر يسارا وملاءه من التابع.

أساس مسئولية المتبوع عن عمل التابع:

اختلفت آراء الفقهاء حول نوع التبعية وتنازعت فكرة التبعية بين التابع والمتبوع اتجاهات مختلفة اتجاه يرى أن تبعية التابع للمتبوع هي رابطة قانونية مصدرها العقد واتجاه يرى أن تبعية التابع للمتبوع لا تنبثق من مركزه القانوني المستمد من العقد بل تنبثق من العمل الذي يؤديه التابع لمصلحة المتبوع فالتبعية اقتصادية بين التابع والمتبوع.

           (ربيع أبو أحسن: مرجع سابق صفحة 73)

هناك عدة آراء في تحديد مسئولية المتبوع عن عمل التابع وهي ١-الرأي الأول يؤسسها على الخطأ المفترض في جانب المتبوع فرضا لا يقبل اثبات العكس وهذا اخذ به القانون المصري ٢-والرأي الثاني يؤسسها على تحمل التبعة فالمتبوع ينتفع بنشاط التابع فعليه ان يتحمل تبعة هذا النشاط ٣-الرأي الثالث: يؤسسها على أساس الضمان فالمتبوع يكفل التابع فيما يرتكبه من خطأ يصيب الغير بالضرر مادام للمتبوع حق الرقابة والتوجيه ومادام الخطأ قد وقع في تأدية الوظيفة او بسببها٤-الرأي الرابع يؤسسها على أساس النيابة فالتابع قد حل محل المتبوع وأصبح الاثنان شخصا واحدا فاذا ارتكب التابع خطأ في الحدود المعروفة فكأنما المتبوع هو الذي ارتكبه لأنه يعتبر امتدادا لشخصية المتبوع.

            (د/محمد يحيى المطري مرجع سابق صفحة 332)

ولكن بالنسبة لمسؤولية المتبوع عن أخطاء تابعه  فقد اشترط القانون المدني اليمني لقيام مسئولية المتبوع بأن يكون التابع قد ارتكب خطأ متمثلا في كونه هو الآمر للتابع بإتيان العمل غير المشروع وفي ذلك تنص المادة 313 من القانون المدني اليمني على أن:« يكون المتبوع مسؤولا عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمل غير مشروع أمره به فإن عمل التابع عملا غير مشروع أضر بالغير ولم يأمره المتبوع كانت المسؤولية على التابع وعلى المتبوع أن يحضر العامل لتعويض الضرر الذي أحدثه.

              (أ.د / اسماعيل محمد المحاقري: تحديد الخطأ وضبط معياره في الفقه القانوني مقارنا بالفقه الاسلامي. استاذ القانون المدني المشارك  عميد كلية الشريعة والقانون جامعة صنعاء ورئيس جامعة الحديدة سابقا  2005 صفحة 98)

وفي قانون التجارة البحري

فقد نصت المادة 241 /١ من قانون التجارة البحري المصري وتقابلها مادة 257 من القانون البحري اليمني الذين يقضيان بأنه:

«1- لا يجوز للناقل التمسك بتحديد مسؤوليته عن هلاك البضائع أو تلفها أو تأخير تسليمها اذا ثبت أن الضرر نشأ عن فعل أو امتناع صدر منه أو من نائبه أو من احد تابعيه بقصد احداث الضرر أو بعدم اكتراث مصحوب بادراك ان ضررا يمكن أن يحدث.....الخ»

 يتضح من هذه المادة ان قانون التجارة البحري المصري والقانون البحري اليمني يعتبران اكثر وضوحا في تحديد مسؤوليه الناقل البحري سواء صدر السلوك مشوب بالخطأ الارادي عنه شخصيا او صدر عن احد تابعيه او من نائبه حيث تنعقد مسؤوليه الناقل البحري كامله ويلتزم بكامل التعويض في حاله صدور الخطأ الارادي سواء منه شخصيا او من نائبه او تابعي وهذا رجوعا للأصل الذي يقضي بان يكون التعويض عن الضرر كاملا ولا يصح التوسع فيما ورد على خلاف الأصل. بينما نجد في اتفاقيه هامبورج انها وان كانت قد جعلت المسؤولية غير محدودة بالنسبة لتابع الناقل عندما يقترن نفس النوع من الخطأ الا انها لم تجعل الناقل مسؤولا عن افعال تابعيه مسؤوليه كامله بسبب صدور خطا ارادي عنهم وانما يكون له الحق في التمسك بتحديد مسؤوليته في حاله الخطأ الارادي الصادر عن تابعيه .

          (دكتور /عبد الله علي الخياري: اثر تدرج الخطأ على مدى التعويض في القانون المعاصر والفقه الاسلامي دراسة مقارنه استاذ القانون المدني ونائب العميد للدراسات العليا والبحث العلمي كليه الشريعة والقانون جامعة صنعاء والمعهد العالي للقضاء 1438 هجري 2017 ميلادي صفحة 121)

وبالتالي يتضح مما سبق أن هذه حالة من حالات مسئولية المتبوع عن تابعه.

وتتمثل آثار مسئولية المتبوع عن أعمال التابع:

يتمخض عن قيام مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه الضارة رجوع أطراف هذه العلاقة على بعضهم البعض، هذا الرجوع الذي ينتظم في علاقات ثلاث ترسم منحى المطالبة بالحقوق المدنية.

وهي أولا: رجوع المتضرر على المتبوع من جهة، ثم ثانيا: رجوع المتضرر على التابع من جهة أخرى، ثالثا: يتمثل في رجوع المتبوع على التابع.

       (2A   SALAHGARDAFI  +موقع SCRIBD : مسئولية المتبوع عن أعمال التابع في ضوء التشريع والاجتهاد القضائي)

كذلك من ضمن آثار مسئولية المتبوع عن التابع: دفع مسئولية المتبوع :

فليس له مثلا لدفع المسئولية اثبات عدم ارتكاب خطأ في الرقابة او التوجيه كما لا يجوز دفع المسئولية بإثبات ان سببا اجنبيا بالنسبة له كان سبب الضرر ومع ذلك يكون للمتبوع التخلص من عبء المسئولية وذلك بأن ينفى وجود رابطة التبعية اصلا او ينفى وقوع الضرر اثناء قيام التابع بتأدية وظيفته او بسببها كما يكون للمتبوع دفع المسئولية ينفى اركان مسئولية التابع ذاتها.

          (موقع محاماه نت: آثار مسئولية المتبوع عن عمل التابع-مصادر الالتزام وهو موقع عربي استشاري يقدم خدمات متنوعة للحقوقيين العرب تأريخ النشر 1/فبراير/2024م)

أما فيما يتعلق بمسئولية المتبوع عن تابعه فيما يخص النقل الجوي فقد نصت المادة 25 من اتفاقية وارسو لسنه 1929 والتعديلات اللاحقة لها بأنه:

أ‌-                   ليس للناقل ان يتمسك بأحكام هذه المعاهدة التي تعفي من المسؤولية أو تحد منها اذا كان الضرر قد تولد عن غشه او من خطأ يراه قانون المحكمة المعروض عليها النزاع معادلا للغش

ب‌-               -كذلك يحرم الناقل من هذا الحق إذا أحدث الضرر في نفس الظروف أحد تابعيه في أثناء تأديته لأعمال وظيفته.

         (دكتور عبد الله الخياري: المرجع السابق صفحه 131)

يتضح من نص المادة السابقة أن المتبوع لا يحق له التمسك بأحكام اتفاقية وارسو التي تعفي من المسئولية او تحد منها في حالة أحدث الفعل أحد تابعيه في نفس الظروف وهذا مما يؤكد مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه.

ويحق للمضرور اللجوء إلى التابع والمتبوع بدعوى المسؤولية عند حدوث ضرر جراء عملية تابعه. ويعتبر هذا الرجوع نتيجة لأساس العلاقة التبعية التي تقوم عليها، حيث يتحمَّل المتبوع مسؤولية التابع عند قيامه بعمل غير مشروع أو ضرر بطريق الخطأ. وتأسست مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه على القضاء المدني، حيث يتوجب عليه تعويض المضرور عن الأضرار التي تكبدتها جراء تصرفات التابع. وتعتبر محاكم النظام السعودي من أبرز الجهات التي تنظر في قضايا مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه بطريقة شفافة وعادلة. وبهذا فإنه يجب على المتبوع تحمل المسؤولية القانونية عن تصرفات تابعه وتعويض المضرور عن الضرر الذي أصابه نتيجة لعمله غير المشروع.

            (موقع /محامي الرياض: مسئولية المتبوع عن عمل تابعه.

وفيما يخص مسئولية رب العمل عن خطأ تابعيه فيرجح الدكتور عبد الله الخياري أنه لا يجوز لرب العمل التمسك بعدم مسؤوليته اذا ما نشأت اصابه العمل بالعامل بسبب ناتج عن خطا نائبه او حتى تابعه لأنه مسؤول عن أخطاء نائبه بوصفه أصيلا كما يكون مسؤولا عن أخطاء تابعيه بوصفه متبوعا في جميع الأحوال لأن القاعدة العامة الواردة في المادة 317 مدني يمني المقابلة للمادة 170 مدني مصري لا تسمح للمتبوع  (صاحب العمل) بنفي خطأه للافلات من مسؤوليته عن فعل تابعه لذلك فإن المسؤولية عن أعمال التابع هي مسئولية ليست قائمة على اساس الخطأ لان المتبوع يقوم بالعمل لحساب رب العمل وفائدته  او يعهد اليه بتنفيذ ما التزم به هو ولذلك فان التابع ليس من الغير بالنسبة لرب العمل كما انه ليس اداه في يد المتبوع بل هو يده نفسها فيصبح المتبوع وكأنه قد تصرف بنفسه على الاقل من الناحية القانونية تجاه المضرور كما أن الرجوع على صاحب العمل هو الفرض الغالب نظرا ليساره بالمقارنة مع ملاءة النائب او التابع اذ لو رجع العامل المصاب في المطالبة على التابع بكامل التعويض فلن يعود في أغلب الأحوال بشيء لعدم يسار هؤلاء ومن ثم يحرم العامل المصاب من التعويض الكامل بالنظر لعدم ملاءتهم اذا ما قيل بعدم مسؤوليه رب العمل عن التعويض الكامل.

     (د/عبدالله الخياري: مرجع سابق صفحة ١٥٥)

 وقد ذهب قضاء محكمة النقض المصري في هذا الشأن إلى جواز رجوع العامل المصاب بالتعويض على صاحب العمل في جميع الاحوال على اساس مسؤوليه المتبوع عن افعال تابعيه ذلك لأن هذه المسؤولية ليست مسئولية ذاتية إنما هي في حكم مسئولية الكفيل المتضامن وكفالته مصدرها القانون ولا جدوى من التحدي في هذه الحالة بالمادة 68 من قانون التأمين الاجتماعي المقابلة للمادة 48 تأمينات يمني لأن مجال تطبيقها هو بحث مسئولية رب العمل الذاتية.

      ( دكتور عبد الله الخياري: المرجع السابق صفحه ١٥٦)

خاتمة:

تطرقنا في هذا البحث إلى مسئولية المتبوع عن عمل تابعه وعرفنا أنها أحد حالات المسئولية عن الغير بل وأهمها التي تعتبر مسئولية تقصيرية كنوع من أنواع المسئولية المدنية وتوصلنا الى أن القانون اليمني جاء مغايرا لموقف التشريعات المقارنة حيث ضيق الدائرة حول هذه المسئولية ليجعلها فقط مشروطة بارتكاب فعل غير مشروع من التابع اذا أمره به المتبوع وهذا مسلك غير منطقي بل ومنتقد بل كان قانون 1992 أفضل من نص مادة 312 من القانون الحالي الصادر عام 2002 فقد كان موافقا لنهج التشريعات المقارنة حيث جعل مسئولية المتبوع عن عمل تابعه مسئولية قائمة على أساس الخطأ المفروض أو المفترض الذي لا يقبل اثبات العكس مما يسهل على المضرور الحصول على التعويض من المتبوع كونه أكثر ملاءة ويسارا وهذا لا يمنع رجوعه على التابع بما دفع عنه من تعويض أو غيره من تكاليف أو خسائر ترتبت عن فعله وانتهينا فيما يخص آثار مسئولية المتبوع عن عمل تابعه أنها تترتب على هذه المسئولية عدة أمور منها حق المضرور في الرجوع على المتبوع  أو التابع أو كلاهما معا وكذلك من الآثار رجوع المتبوع على التابع وأن المتبوع لا يستطيع أن يتملص من تلك المسئولية بإثبات عدم تقصيره أو خطأه في الإشراف أو الإدارة وهذا بخلاف مسلك المشرع اليمني الذي كما رأينا حصر تلك المسئولية في حالة اذا كان الفعل الذي قام به التابع غير مشروع وأمره به المتبوع وبالتالي وفقا للمشرع اليمني يمكن للمتبوع أن يتملص من المسئولية اذا اثبت عدم تقصيره أو أنه لم يأمر التابع بالعمل الذي قام به أو الخطأ الذي ارتكبه وهو كما قلنا مسلك ركيك ومخالف للقوانين المقارنة ويحتاج الى تصحيح.

أعداد أ/جهدالدين الصلاحي                    إشراف الأستاذ المحامي /سليمان نبيل الحميري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اكتب ماتريد قوله للمحامي أمين الربيعي