أحكام الخطبة في الفقه, والقانون اليمني
الخطبة
اصطلاحا:
الخطبة
بكسر الخاء، وتعني في اللغة من يخطب المرأة، ويقال خطب المرأة إلى القوم إذا طلب أن
يتزوج منهم، والمذكر خاطب 000 والمصدر خطبة ومؤنثه مخطوبة والمذكر خاطب والجمع
خاطبون, وجمع المؤنث خاطبات ويجوز مخطوبات.
الخطبة
في الفقه:
هي طلب الزواج أو الوعد به من امرأة معينة, وعرض
هذه الرغبة عليها أو على اهلها.
الخطبة في القانون:
عرفت المادة (1) من قانون الأحوال الشخصية اليمني الخطبة بأنها:
(التقدم
من الراغب اومن يقوم عنه إلى ولي المرآه لطلب التزوج بها وتحرم خطبة المسلم على أخيه
المسلم الا ان يأذن له أو يترك كما تحرم في حال العدة الا عدة البائن تعريضا)
أركان
الخطبة:
1-الاطراف
(الخاطب-المخطوبة)
2-المحل
–الخطبة أو الوعد بالزواج
3-الصيغه
وتكون بأي لفظ يدل على الخطبة 0
شروط
الخطبة:
الحقيقة
أن قانون الأحوال الشخصية اليمني لم يتطرق لشروط الخطبة، وعليه سوف نرجع إلى مصادر
الشريعة الإسلامية، وبالتتبع في المراجع الشرعية وجدنا أنها ركزت على شرط الكفاءة
والذي تتفرع عنه الشروط التالية:
اشترط
جمهور الفقهاء الكفاءة, وذكروا أن الكفاءة تطلب للنساء لا للرجال، أي أنها تعد في
الرجال للنساء، فالكفاءة حق لصالح النساء، يشترط أن يكون الرجل أكثر كفاءة من المرأة
أو على الأقل مساوى لها ...الخ وذلك في أمور أو خصال وهي كالتالي.
1-الديانة
أو العفة أو التقوى، ماعدا غير المسلمة فتعود مصلحة الكفاءة للرجل لكونه يستطيع شرعا
الزواج من الكتابية، بعكس المرأة المسلمة لا تستطيع الزواج بغير المسلم..
2-
الحرية
3- النسب وهذا شرط عرفي أكثر منه شرعي، واسماه
الحنابلة بالمنصب.
4- المال (اليسار)
5- المهنة أو الحرفة أو الصناعة
6- السلامة من العيوب المثبتة للخيار في النكاح,
كالجنون والجذام والبرص.
شروط
يجب توافرها في المخطوبة:
1-
أن لا تكون مخطوبة على الغير
2-
أن لا تكون معتدة
3-أن لا تكون ذات محرم
2- أن لا تنصدم بمانع من
موانع الخطبة الأخرى والتي سنوضحها لاحقا.
الوكالة
في الخطبة:
اشارت المادة (1)
احوال شخصيه إلى جواز الإنابة أو الوكالة في الخطبة
حيث نصت (..... الراغب أو من يقوم عنه ...)
وعليه فالراغب في الزواج له أن يتقدم لمن يريد الزواج بها بنفسه, وله توكيل غيره
ليخطب المرآه التي يرغب بالزواج بها نيابة عنه.
حكم
الخطبة على الخطبة:
نظم الشرع هذه الحالة حيث جاء في الحديث، قال رسول الله (ص)
(لا يخطب احدكم على خطبة أخيه حتى يترك الخاطب قبله أو يأذن له) صحيح البخاري.
ونصت المادة (.... تحرم خطبة
المسلم على أخيه المسلم الا ان يأذن له أو يترك ...) وبناء عليه يحرم خطبة المرأة
المخطوبة من قبل شخص سابق، والتحريم وارد شرعا وقانونا, بصيغة التحريم والنهي القاطع.
مشروعية
الخطبة وحكمها:
تعتبر
الخطبة من مقدمات الزواج المشروعة والتي وردت ادلة مشروعيتها في الكتاب والسنة
ومنها قوله تعالى: (ولا جناح عليكم
فيما عرضتم به من خطبة النساء أو اكننتم في أنفسكم ....)
وقوله
تعالى: (وامرأة مؤمنة ان وهبت نفسها
للنبي ان أراد النبي ان يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين)
وكذلك
وردت أحاديث كثيرة تؤكد مشروعيتها، ومن تلك الأحاديث ما يتعلق بالنظر إلى المخطوبة
ومنها ما يتعلق بالاختيار في الخطبة ومنها ما يتعلق بالخطبة على الخطبة وكذا خطبة
المحرم والولي في الخطبة ...الخ وكل هذه الأحاديث تؤكد مشروعية الخطبة.
الحكمة
من تشريع الخطبة:
1-لما
كان عقد الزواج من أهم العقود على الاطلاق، بل اكثرها أثرا كونه عقدا تأبيدي وليس
من عقود الزمن، لذلك أحاطت الشريعة الإسلامية هذا العقد بالضمانات ومنها الخطبة،
والتي تعتبر كفرصة للتعارف بين طرفيها .... الخ
2-وجود ضمانات قبل
العقد تؤكد مدى أهمية هذا العقد وكذا مدى خطورته، وكذا تميزه عن غيره من العقود،
وهذا الحاصل في عقد الزواج الذي ضمنه الشرع ببعض الضمانات والتي منها الخطبة,
وعليه فالحكمة من الخطبة هي ضمان لنجاح واستمرارية عقد الزواج.
حكم النظر إلى المخطوبة:
بالعودة
إلى مصادر الشريعة الإسلامية يتضح لنا مشروعية
النظر إلى المخطوبة بالأدلة الصريحة, من الكتاب والسنة والاجماع , فمن الكتاب قوله
تعالى: (ولا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من ازواج ولو اعجبك حسنهن) الأحزاب
(52)
ومن
السنة قوله (ص) وبرواية ابي هريرة قال: كنت عند رسول الله (ص) فأتاه رجل فاخبره أنه
تزوج امرأة من الأنصار ,فقال له : الرسول (ص) انظرت إليها , قال لا, فقال له (فاذهب
وانظر إليها ,فان في اعين الأنصار شيئا ) صحيح
مسلم.
وكذلك ما رواه جابر بن عبدلله قال: قال رسول الله
(ص) ( إذا خطب احدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل ) فخطبت
جارية فكنت اتخبئ لها ,حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها فتزوجتها .رواه أبو دأود
في سننه .
وقد
نقل الاجماع على جواز النظر إلى المخطوبة المغني لابن قدامة وغيره.
ما يجوز النظر إليه من المخطوبة:
هناك
سته اقوال للفقهاء والخلاصة أنه يجوز النظر إلى المخطوبة وهي في الحالة التي تكون عليها
في بيتها, أي على حالتها الطبيعية من غير أي زينة خصوصا في الوقت المعاصر الذي كثرت
فيه أدوات التجميل التي تخفي قدرا لا باس به من مظهر جمالها الطبيعي علما بان النظر
إلى المخطوبة يقع على (الوجه والكفين وشعر الراس والرقبة فقط , لأن الوجه والكفين يستدل
بهما على جمال المرأة ونعومتها , وبالنسبة لشعرها ورقبتها فيعضد جمالها ويعتبر من الأعضاء
التي يمكن أن تظهر من المرأة في بيتها دون أي حرج, ولا بأس أن راها أهل بيتها على تلك
الحالة, وهو المقصود من الاحاديث المتعلقة بالنظر إلى المخطوبة.
وقت النظر إلى المخطوبة:
الراجح
من أقوال الفقهاء أن النظر يكون قبل الخطبة, أي أول خطوة تكون النظرة الشرعية حتى لا
تتحسس المخطوبة إذا ما تركها الخاطب لكونه لم يرض بخلقتها أو جمالها بعد الخطبة.
و يجوز
تكرار النظر إذا لم يقتنع الخاطب أو المخطوبة بالنظرة الأولى, ليحصل الاقتناع والاطمئنان.
حكم النظر إلى المخطوبة بالوكالة:
إذا لم يتيسر للخاطب النظر إلى المخطوبة فلا باس
في أن يوكل غيره ممن يثق فيه أو من اقاربه, في أن ينوبه في النظر إلى المخطوبة مع الإشارة
إلى أن الوكيل في مثل هذه الحالة يجب أن يكون انثى, من اقاربه أو من أقارب المخطوبة.
التكييف
القانوني للخطبة:
أنها
وعد بالزواج ولذلك لا يلزم وجود عقد, ويترتب على ذلك جواز الرجوع عن الخطبة, وعليه
فلا يترتب على الخطبة الاثار المترتبة على الزواج للاختلاف البين بينهما, حتى ولو
كانا قد اتفقا على المهر وحدداه وتم دفعه فكل, ذلك لا يمنع من الرجوع عن الخطبة,
وفقا لنص المادة (4/1) احوال شخصية حيث نصت على:
(لكل من الخاطبين العدول عن الخطبة).
أنواع
الخطبة:
الخطبة
نوعان:
1-
الخطبة بالتصريح: أي باي لفظ يدل عليها
صراحة.
2- الخطبة بالتعريض: وهي باي
لفظ يفهم منه رغبة الخاطب فيمن يعرض عليها, ومن صيغ التعريض أن يقول الرجل لمن
يرغب فيها (أنك على خلق عظيم، أو يقول انت ابنت ناس، أو تبدين جميلة، أو يقول أفكر
في الزواج، أو امل ان ييسر لي الله امرأة صالحة اتزوجها، أو يقدم هدية إلى الفتاه.
موانع الخطبة:
تنص المادة (3) احوال
شخصية أنه:
(تمنع خطبة المرأة المحرمة حرمة مؤبده أو مؤقته)
والمحرمة
حرمة مؤبده أو مؤقته بينتها المواد (24-29):
1-
ألا تكون من المحرمات من النسب
2-
ألا تكون من المحرمات من المصاهرة
3-
ألا تكون من المحرمات من الرضاعة
4-
ألا تكون من المحرمات من غير الأقارب
5-
ألا تكون اختا لزوجته التي في عصمته
6-
ألا تكون مشركة
خطبة
المعتدة:
فبالنسبة
للمعتدة من طلاق رجعي فلا يجوز خطبتها
اطلاقا قبل انتهاء العدة لا تصريحا ولا تعريضا, وهذا ما صار عليه الشرع الاسلامي وبالإجماع
كما نقل ذلك الامام القرطبي قائلا (ولا يجوز التعريض لخطبة الرجعيين اجماعا لأنها كالزوجة)
وكذلك التصريح من باب أولى وكل قول غير ذلك فلا يعتد به شرعا.
واما
البائن بينونة صغرى فقد اتفق الفقهاء على
تحريم التصريح بخطبتها اثناء العدة إذا كان الخاطب اجنبيا عنها, أما إذا كان
الخاطب هو المعتدة منه فيجوز إذا كان خلع, أما إذا كانت موطوءة بشبهه فلا يحل له
لأنها تعتبر اجنبية, وذلك لأن التصريح بالخطبة قد يدفع المعتدة إلى الكذب في
اخبارها بانتهاء العدة وربما تكون آثار الزواج السابق مازالت باقية كنفقة المعتدة
والحمل .... والخ
أما
التعريض فقد اختلف الفقهاء بشأن التعريض بخطبة المعتدة من طلاق بائن بينونة صغرى,
فالجمهور اجازوا التعريض ودليلهم قوله تعالى:
(ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء)
وكذلك عرض الرسول صلى الله عليه وسلم بخطبة
فاطمة بنت قيس لأسامة بن زيد وكانت مطلقة طلاقا بائنا بينونة صغرى بقوله لها (إذا
حللتي فأذنيني) وفي رواية (لا تسبقيني بنفسك) وذلك لأن المطلقة بائنا بينونة صغرى
لا يستطيع مطلقها مراجعتها في العدة, وإن كان له أن يتزوجها زواجا جديدا وبمهر جديد.
هناك
بعض الفقهاء قالوا بعدم جواز خطبة البائن بينونة صغرى لهذه الأسباب:
1- أن بعض الآثار مازالت قائمة
2- أن الخطبة قد توجب العداوة والبغضاء
بين الزوج السابق والمتقدم للخطبة
3- أن في اجازة الخطبة على هذه الكيفية قد
يؤدي إلى مفسدة لا يمكن تلافيها أو حلها
اما
البائن بينونة كبرى فقد اجاز الجمهور خطبتها تعريضا, واستدلوا بالحديث السابق حديث
فاطمة بنت قيس.
في
القانون:
حرم
القانون الزواج بالمعتدة إلا ممن تعتد منه في طلاق رجعي, والبائن بينونة صغرى في
خلع بعد عقد كما نص في المادة (26/6) حيث نصت:
(يحرم على الرجل الزواج من:
6-المعتدة الا ممن تعتد منه في طلاق رجعي, أو
بينونة صغرى في خلع بعد عقد) وكذلك الخطبة.
وكذلك
لا يجوز خطبة المعتدة من بينونة كبرى من مطلقها قبل انتهاء العدة وقبل الزواج بآخر
والعدة منه.
كما نصت الفقرة الخامسة من نفس المادة (26/5) :
(المطلقة
منه ثلاثا قبل ان تدخل بزوج اخر وتعتد منه)
وبالنسبة
للمعتدة من خلع بعد عقد فيحرم خطبتها ‘لا ممن تعتد منه كما جاء في نص المادة
(26/6) أحوال.
أما
حكم خطبة المعتدة من فسخ أو من نكاح فاسد أو باطل أو لعان أو المستبراة من زنا أو
الموطوءة بشبهة أو رضاع أو تفريق لعيب أو غيره مما هو شائك, فقد اتفق الفقهاء على
تحريم التصريح بخطبتهم, واما التعريض بخطبتهم فهم على مذهبين، أجاز الجمهور
التعريض فيما عدا من لا تحل لزوجها ابدا كالمفسوخة لرضاع أو لعان وما اليه 0
اما
الحنفية فذهبوا إلى التحريم.
حكم
المعتدة من وفاة:
يجوز
التعريض بخطبتها اثناء العدة، إلا ما كان يتعلق بقوله تعالى: (ولا تنسوا الفضل
بينكم) وحرم التصريح بخطبتها احتراما للعلاقة الزوجية السابقة واحتراما لفترة
الحداد أي فترة الحزن وكذا احتراما لشعور اهل الزوج، واعتبار لمكانة المرأة
وادميتها.
وخلاصة الآراء
أن التصريح حرام لجميع المعتدات، والتعريض مباح للبائن والمعتدة من وفاة،
وحرام في المعتدة من طلاق رجعي.
حكم
خطبة ذات محرم:
لا
يجوز خطبة ذات محرم, فإن كان التحريم مؤبد مثل الأخت والعمة ...الخ كان التحريم مؤبدا
لقوله تعالى:
(حرمت عليكم امهاتكم وبناتكم واخواتكم وعماتكم
...) 23 سورة النساء وقوله تعالى:
(ولا تنكحوا ما نكح اباؤكم ...) 22 النساء.
أما
إذا كان التحريم مؤقت فيزول بزوال المانع، مثل زوجة الغير لا يجوز خطبتها فإذا طلقها
الغير واعتدت منه جاز خطبتها 0 وهكذا بقيت الحالات.
وعليه
فالاختيار حق لطرفي الخطبة.
حكم
الخلوة بالمخطوبة:
من
المعلوم ان المخطوبة تعتبر اجنبية عن الخاطب , واجيز النظر إليها لحكمة شرعية سبق
بيانها , ولما كان الأمر كذلك فإنه لا يجوز الخلوة بالمخطوبة , عن ابن عباس رضي
الله عنه قال , قال رسول الله (ص) (لا يخلون رجل بامرأة الا مع ذي محرم )
وعليه
فحكم الاختلاء بالمخطوبة محرم شرعا إلا مع محرم, كأن يكون ولي المخطوبة حاضر اثناء
النظر اليها أو أحد محارمها كالأخ أو الجد أو العم.
التعويض
عن فسخ الخطبة:
نصت
الفقرة الثانية من المادة (4) من قانون الأحوال الشخصية على:
(إذا
كان العدول من جانب المخطوبة وجب عليها رد الهدايا بعينها إذا كانت قائمة والا فمثلها
أو قيمتها يوم القبض وإذا كان العدول من جانب الخاطب فلا يجب عليها اعادة الهدايا اليه).
وتنص
المادة (5) أحوال /ش على أنه:
(إذا ترتب على العدول عن الخطبة ضرر يتحمل
المتسبب ما ترى المحكمة لزومه ومقداره من التعويض أن ترافعا) فهذه القاعدة تنظم إثر
العدول عن الخطبة إذا ترتب عليه ضرر سواء كان هذا الضرر ناتج عن عدول الخاطب أو
المخطوبة فالمتسبب يلزمه التعويض على أساس (المسؤولية المدنية وللقاضي السلطة
التقديرية في تقدير التعويض عند الترافع أمامه إن طلب منه ذلك.
ويكون
ذلك على أساس المسؤولية التقصيرية لأنه لا يحق لكل طرف العدول عن الخطبة, وعليه
فلا وجود للمسؤولية العقدية، لان الخطبة وعد بالزواج وليست عقد بين أطرافها، أما
عن كيفية تقدير التعويض فيكون بناء على تقدير عدلين.
المراجع:
قانون الأحوال الشخصية اليمني رقم (20) لسنة 1992م وتعديلاته
أحكام الخطبة – دراسة
فقهية مقارنة – اعداد الطالبة / سعيدي كريمة
الوجيز في التعليق على تشريعات الأحوال الشخصية
اليمني ا، د/ محمد عبد الملك المحبشي
أحكام الاسرة – ا0د
/علي احمد القليصي (رحمه الله)
إعداد المحامي / أحمد محمد محمد المطرقي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اكتب ماتريد قوله للمحامي أمين الربيعي