الصفحات

الأحد، 17 أبريل 2022

مدى جواز تقسيم أموال الوقف بين الذكور والإناث, وفق القانون اليمني

 

 

 

مدى جواز تقسيم أموال الوقف بين الذكور والإناث, وفق القانون اليمني

 

 

 تعريف الوقف شرعاً:

هو حبس العين عن تمليكها لأحد من العباد, والتصدق بالمنفعة على مصرف مباح.

 

 

تعريف الوقف في القانون:

نصت المادة (3) مدني على:

الوقف هو حبس مال والتصدق بمنفعته أو ثمرته على سبيل القربة تأبيداً.

 

أنواعه:

1-  وقف أهلي.

2-   وقف خيري.

مادة(49) مدني: الوقف الأهلي هو ما وقف على النفس أو الذرية، والوقف الخيري هو ما وقف على جهات البر العامة والخاصة.

 

تقسيم أموال الوقف في الفقه:

ذهب الفقهاء إلى أنه يتبع شرط الواقف في قسمة غلة الموقوف على الموقوف عليهم, من تسوية أو تفضيل بينهم أو تقديم أحد على أحد, وهكذا ...

 

أما إذا كان الموقوف دارا للسكنى مثلا, أو أرضا موقوفة للزراعة وكانت الدار أو الأرض لا تستوعب الموقوف عليهم, فقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أن:

 الحنفية والمالكية والشافعية:

قسمة أعيان الوقف بين المستحقين لا تجوز، لأن الموقوف عليه لا ملك له في العين الموقوفة عند هؤلاء الفقهاء، إنما حقه في منفعة الموقوف، فإذا جازت القسمة على الموقوف عليهم فإنما تجوز في المنافع.

 أما الحنابلة فالمشهور عندهم أن الملك في الموقوف يكون للموقوف عليه، وفيما يلي تفصيل أقوال الفقهاء في ذلك:

قال الحنفية:

 إذا قضى قاض بجواز وقف المشاع, ونفذ قضاؤه وصار متفقا عليه كسائر المختلفات، فإن طلب بعضهم القسمة لا يقسم, ولكن يتهايئون....

 قال الشافعية:

 قسمة الوقف بين أربابه ممتنعة مطلقا, لأن فيه تغييرا لشرط الواقف، ولا مانع من مهايأة رضوا بها كلهم، إذ لا تغيير فيها لعدم لزومها.

قال  الحنابلة:

 الملك في الموقوف إنما هو للموقوف عليه.

 لذلك أجازوا قسمة عين الموقوف على الموقوف عليهم, إلا أنهم اختلفوا في جواز ذلك إذا كان الوقف على جهة واحدة، فقد جاء في شرح منتهى الإرادات:

 يصح قسم موقوف ولو كان موقوفا على جهة واحدة واختاره صاحب الفروع.

 قال عن شيخه تقي الدين:

صرح الأصحاب بأن الوقف إنما تجوز قسمته إذا كان على جهتين، فأما الوقف على جهة واحدة فلا تقسم عينه قسمة لازمة اتفاقا لتعلق حق الطبقة الثانية والثالثة، لكن تجوز المهايأة بلا مناقلة.

 ثم قال:

 والظاهر أن ما ذكره شيخنا عن الأصحاب وجه، يعني كغيره من الوجوه المحكية، قال:

وظاهر كلام الأصحاب أنه لا فرق بين كون الوقف على جهة أو جهتين، وفي المنهج: لزومها إذا اقتسموا بأنفسهم، ومعلوم أن قسمة المهايأة التي يقول بها جمهور الفقهاء, إنما تكون إذا كانت على قوم أو جماعة معينين.

 

 

 قسمة أموال الوقف في القانون:

اولا: مدى جواز قسمة أموال الوقف بين ورثة المستأجر من الوقف:

لا يدخل الوقف ضمن تركة المستأجر من الوقف,  فلا تجوز قسمته بين الورثة إلا معايشة.

 نصت المادة (38) من لائحة تأجير الوقف على أنه:

 اذا مات المستأجر أو المنتفع فلا يجوز لورثته قسمة  الأوقاف المؤجرة له إلا معايشة (الحقوق والمنافع) ويجب عليهم قبل اجراء القسمة الرجوع إلى متولي الوقف المختص للإذن لهم بذلك رسميا, بعد التأكد مما يأتي:

1-  من حالة العين الموقوفة, وهل تقبل القسمة لمعايشة بدون ضرر على الوقف

2-  التأكد من توفر مصلحة للوقف ومراعاة شروط الواقفين

3-  التزام الورثة بتقديم ما يثبت انحصار وراثتهم والتزامهم بتجديد العقد, وتقديم الضمانات الكفيلة بالوفاء بالمحافظة على العين وتسديد مستحقات الوقف, كل عن حصته المحددة والتي يجب أن ينص عليها العقد.

 

ثانيا: الحكمة من منع قسمة الوقف :

 إن مجرد القسمة وتراضي الورثة على قسمة الشي, يعني أنهم قد تعاقدوا فيما بينهم على تقسيم تركة والدهم,  وإن كل قسم أو فرز قد آل إليهم, أي أن القسم أو النصيب قد صار من الحق الخاص بكل وارث  يتصرف به  كيفما يشاء وفي أي وقت يشاء.

كما أنه عندما تتم قسمة تركة الميت تجمع وتحصر أمواله كلها, وقفا  وحرا دقيقها وجليلها حيث تقسم بين الورثة, وعندئذ يختلط الحر بالوقف فيضيع الوقف, وبالفعل فقد ضاعت اوقاف كثيرة بسبب القسمة من جيل إلى جيل حتى ضاعت الأوقاف, وضاعت شهرتها بأنها من الوقف.

 

ثالثا: إجراءات قسمة منفعة الوقف:

سبق القول أن القانون قد اجاز على سبيل الاستثناء قسمة منفعة الوقف بضوابط وشروط معينة تضمنتها المادة (38) من لائحة تأجير الأوقاف السابق ذكرها, ويمكن تلخيص هذه الشروط والضوابط على النحو الاتي:

استخراج حكم انحصار ورثة المتوفي المستأجر من الأوقاف : قررت المادة (38) من اللائحة المشار اليها وجوب استخراج هذا الحكم ووثيقة انحصار الوراثة, من ضمن المستندات الواجب تقديمها إلى الأوقاف, للحصول على الاذن الرسمي بقسمة منفعة الوقف, والغرض من هذه الوثيقة أن تتأكد وزارة الأوقاف أن الوثيقة المشار إليها قد تضمنت كل ورثة المستأجر من الأوقاف, وأنه ليس هناك ورثة  اخرون قد يطالبوا الأوقاف بأية التزامات أو تبعات مترتبة على عقد الايجار.

 وحتى لا تكون قسمة منفعة الوقف  مثار الخلاف بين اقرباء المستأجرين, فيتعطل بسبب ذلك الانتفاع بالعين, أو تتعطل العين الموقوفة وبذلك يحصل الضرر للوقف .

 

اللاذن الرسمي بالقسمة من قبل وزارة الأوقاف:

 وهو اهم الشروط, بل إن الشروط الأخرى ماهي إلا متطلبات للحصول على هذا الاذن, فالأوقاف لا تصدر الاذن إلا إذا تحققت الشروط الاخرى . وقد اشترطت الاذن بأجراء قسمة منفعة الوقف المادة (38) من لائحة الأوقاف , واشترطت أن يكون هذا الاذن رسميا, وذلك يعني  أن يكون مكتوبا في ورقة رسمية وعليها توقيع الموظف المختص قانونا وختم الجهة المعنية بالأوقاف, لأن الاذن الرسمي يجب أن يكون صادرا من الموظف المختص قانونا وبالورقة الرسمية التي عليها شعار الدولة وختم الجهة المعنية , وبناء على ذلك فلا مجال لقبول الموافقة الشفوية ولو كانت ثابتة بالشهادة, وكذلك لا مجال لقبول الاذن الصادر من غير الأوقاف ولو كانت الجهة التي وافقت أو اذنت جهة رسمية كهيئة الاراضي, والغرض من الاذن هو أن تتأكد وزارة الأوقاف من توفر الشروط الاخرى للاذن .

 

أن تكون القسمة قسمة منفعة وأن تكون عين الوقف المطلوب قسمتها قابلة لقسمة الانتفاع من غير ضرر بالوقف :

وقد اشترط اللائحة ذلك حسبما ورد في المادة (38) السابق ذكرها حيث اشترطت صراحة أن تكون القسمة قسمة منفعة أو قسمة معايشة, أي أن يكون غرض المقاسم من القسمة هو انتفاعه بنفسه بجزء من العين, فلا يكون قصده من ذلك البيع للعين أو التنازل عنها أو التصرف فيها على نحو يخالف ما تم الاتفاق عليه فيما بين المورث والاوقاف, وفي هذا الشأن يشترط ايضا أن تكون العين المطلوب قسمة منفعتها قابل لقسمة منفعتها, كأن تكون ارض زراعية واسعة قابلة لانفصال الورثة في الانتفاع بها, كمستأجرين من الأوقاف كل القسم الذي صار له, أو تكون دار قائمة على ارض الوقف مكونة من شقق وطوابق تسمح لكل واحد من الورثة بأن يستأجر من الأوقاف طابق أو شقة وهكذا, كما يشترط أن لا يترتب على القسمة أن يلحق الضرر بالوقف , وذلك يعني أن لا يترتب على القسمة انقاص القيمة الإيجارية أو بقاء اجزاء غير قابلة للإيجار, أو يترتب عليها تجديد ايجار كان قد اوشك على الانتهاء, أو اثقال العين المراد قسمة منفعتها بالتزامات واعباء.

 

توفر مصلحة الوقف :

 وقد ورد هذا الشرط ضمن المادة (38) من اللائحة السابق ذكرها, وتتوفر المصلحة بإقرار الورثة بالمحافظة على العين وعلى الاجزاء القابلة للقسمة, والتي ستؤول اليهم بموجب قسمة المنافع, وكذا تتحقق منفعة الوقف ايضا بزيادة القيمة الإيجارية, كما تتحقق بقيام الورثة المقتسمين لمنفعة العين

بتحسينها, واضافة تحسينات واصلاحات فيها وغير ذلك .

مراعاة شروط الواقفين :

 فكل عين موقوفة ومؤجرة من قبل وزارة الأوقاف لها واقف حدد شروط العين الموقوفة, فقد يكون الواقف قد حدد وجه الانتفاع بالعين وطريقة دفع الغلول.....ولا شك أنه يجب مراعاة شروط الواقف عملا بقاعدة (شرط الواقف كشرط الشارع) .

 

التزام الورثة بتجديد عقد الإيجار :

 فتقسيم منفعة العين الموقوفة على الورثة يعني تعدد التزامات الورثة, فلم يعد المستأجر واحدا كما كان الحال في حياة المورث, ولذلك فقد صار كل وارث بمثابة مستأجر جديد من الأوقاف, لذلك يجب أن يتحقق فيه وصف المستأجر, ولا يتحقق هذا الوصف والصفة إلا بأن يقوم كل واحد من الورثة بإبرام عقد ايجار واحد فيما بين الورثة جميعا وبين  وزارة الأوقاف, حيث تتضمن ديباجة العقد أسماء الورثة وصفاتهم كطرف واحد والاوقاف طرف, وذلك إذا كانت العين الموقوفة كاملة ينتفع بها كل الورثة, وإذا كانت العين قابلة للقسمة والانفصال فيجب أن يقوم كل وارث بإبرام عقد ايجار بالجزء أو القسم الذي آل اليه بموجب قسمة المنافع, وابرام عقود ايجار جديدة فيما بين الورثة.

 والأوقاف له اهمية بالغة في إقرار الورثة بانهم مجرد مستأجرين وليسوا ملاك للعين, وذلك يحافظ على الوقف من العبث والضياع, وإذا كانت القسمة بفصل اجزاء العين إلى اقسام تسلم للورثة, فلا يتم ابرام العقد  إلا بعد تمام القسمة .

 

تقديم الورثة للضمانات المطلوبة, للمحافظة على العين وسداد الايجارات للأوقاف :

وزارة الأوقاف مؤتمنة على نظارة الأوقاف العامة والاشراف عليها ومتابعتها والمحافظة عليها حسبما قرر الحكم محل تعليقنا, وفي حالات كثيرة تضطر وزارة الأوقاف إلى تكليف المستأجرين للوقف بأن يقدموا لوزارة الأوقاف الضمانات الشخصية والمالية المناسبة للوفاء بالإيجارات والغلول المستحقة للأوقاف والمحافظة على العين الموقوفة, وتطلب الأوقاف هذه الضمانات عندما تتعاقد مع اشخاص غير معروفين أو مجهولين, والورثة المقتسمون للمنفعة هم حديثو عهد بالتعامل مع الأوقاف, لذلك من حق الأوقاف أن تطلب تقديم الضمانات المناسبة والكافية للمحافظة على العين, أو الاجزاء التي آلت إلى كل واحد منهم, وإن يسدد الايجارات أو الغلول في المواعيد المتفق عليها .

يجب أن يكون عنوان وثيقة القسمة هو (قسمة منافع العين الموقوفة المؤجرة لمورثنا) كما يجب أن تتضمن هذه الوثيقة التصريح بأن القسمة ماهي إلا لمنفعة العين الموقوفة التي استأجرها المورث من وزارة الأوقاف ناظرة الوقف العام, وأن الورثة مقرون ومعترفون بأن العين ملك لله سبحانه وتعالى وأن المتولي للعين الموقوفة المؤجرة هو وزارة الأوقاف, وكذا يجب أن تتضمن وثيقة القسمة التقرير بأنه لا يحق لأي من الورثة التصرف فيما آل إليه من العين الموقوفة المؤجرة لمورثهم, إلا بأذن وزارة الأوقاف.

 

كيفيه تقسيم أموال الوقف بين الذكور والإناث:

 استقر القضاء اليمني منذ1999م، على مبدأ عام وموجز هذا المبدأ حسبما استخلصته المحكمة العليا في أحد أحكامها هو أن:

(الوقف الذري الخاص, يكون استحقاق الذكر والأنثى فيه على السواء ).

هذا المبدأ الذي ارساه هذا الحكم يوافق المادة (23) من الدستور التي تنص على أن:

(حق الإرث مكفول طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية ويصدر به قانون)

وكذا المادة (31) من الدستور التي تنص على أن:

 (النساء شقائق الرجال ولهن من الحقوق وعليهن من الواجبات ما تكفله وتوجبه الشريعة وينص عليه القانون)

فضلاً عن أن المبدأ أو القاعدة المشار إليها التي ارساها هذا الحكم, توافق الاتفاقيات الدولية التي توجب المساواة بين الرجال والنساء.

 

المراجع:

-       المكتبة القانونية القضائية في المملكة العربية السعودية0

-       د. عبد المؤمن شجاع الدين   قسمة منفعة الوقف بحث منشور بمدونته الشخصية بتاريخ 1\6\2021

-        صفحة المستشار الٌقانوني علي المحمدي   face book

-       القانون اليمني

 

 

 

إعداد/ حمدان السامعي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اكتب ماتريد قوله للمحامي أمين الربيعي